خلود قاسم .. فلسطينية تحترف النجارة
عمان جو-منوعات
تحت سقف من الصفيح في قريتها دير بلوط قرب مدينة سلفيت شمال الضفة الغربية المحتلة، تدير خلود (37 عاما) وزوجها شادي مصنعا خاصا للنجارة، وتنتج متطلبات السوق من قطع الأثاث المختلفة على قاعدة الإتقان وسرعة الإنجاز.
"دفعني شح العمال وغلاء أجورهم لتعلم الصنعة ومساندة زوجي"، تقول خلود التي اقتطعت جزءا من وقتها المليء أصلا بأعباء أخرى لزيارة المصنع بعد مغادرة العمال وممارسة عملها.
تجاوز بأس السيدة وحزمها في التعاطي سريعا مع صنعتها، وأدركت مبكرا معرفتها بأنواع الآلات المستخدمة كالمنشار وآلات القص والتثبيت إلى أنواع الخشب من البلوط والزان والـ "أم دي أف"، كل حسب استخدامه وطلب الزبون.
في معمل ضخم كالذي تُشغَّله خلود وزوجها، حرصت على تعلم كل شيء منه لا سيما وأنهما يعيشان منافسة كبيرة مع عشرين منجرة أخرى في قريتهم وحدها والعشرات في القرى المجاورة.
كأم لستة أولاد توازن خلود وللسنة الثالثة بين عملها وبيتها، وتدير بحكمة تربية الأولاد ومتابعتهم دراسيا لتنصرف إلى أعمال أخرى تحبها وتمارسها كالزراعة وتربية بعض الدواجن بالمنزل.
ظهر ذلك في المصنع، فهو لم يخل من ألعاب أطفالها وأسرَّة نومهم المتنقلة، فآخر أطفالها بيسان (7 أشهر) وإبراهيم الأكبر قليلا يحتاجان لرعاية خاصة لم تغفل عنهما الأم في أحلك ظروفها وذروة العمل.
بدت خلود وهي تتحدث إلينا على عجلة من أمرها، إذ كان عليها العودة باكرا للمنزل وإعداد طعام الإفطار، وتقول "إن عملهم تحول خلال شهر رمضان إلى ما بعد الإفطار وحتى السحور لكونهم ملتزمون بتسليم الطلبات التي تذهب في معظمها إلى الداخل المحتل".
وفيما تبقى من أرض قرب المنجرة تزرع خلود القمح لهذا العام، لا سيما وأن الزراعة تشغل أكثر من 95% من نساء القرية.
وتقول خلود إنها تزرع القثاء (الفقوس) والبامياء سنويا لكنها اختارت القمح هذا العام "وأسعى لشراء قطيع من الأغنام"، مشيرة إلى أنها مارست العمل مبكرا قبل الزواج حيث نجحت في النهوض بنفسها بمجال الخياطة رغم أنها لم تكمل تعليمها.
كل هذا يدل على نشاط السيدة الفلسطينية وقدرتها على الموازنة بين أعمالها وسعيها لتقديم الأفضل بعملها في النجارة، آملة الحصول على دعم يمكنها من تطوير معملها وإضافة آلات جديدة.
تؤمن خلود بدور المرأة في العطاء وقدرتها على التغيير، لكنها تدعو مؤسسات المرأة لضرورة تحمل مسؤوليتها المجتمعية أكثر "فقد سمعت كثيرا عن مؤسسات حقوق المرأة لكنها لم تر منها أي دعم لها ولأمثالها".
ورغم الظروف الاجتماعية المحيطة التي لا تمتهن فيها المرأة مثل هذه الأعمال، يستمر شادي قاسم زوج خلود في دعمها، ويقول إنه لن يحطم حلم زوجته أو يقف عائقا أمام طموحها بهذا العمل أو غيره "فمنذ الزواج تسير حياتهما بتفاهم وانسجام".
لا يرى الرجل الذي احترف النجارة قبل ثلاثة عشر عاما أي اختلاف بين عمل زوجته والأخريات اللواتي يمتهنَّ أعمالا أخرى مثل التطريز والمشغولات اليدوية والخزف وغير ذلك كأعمال الزراعة الشاقة.
تدرك خلود أن حرفتها غير المسبوقة قد تكسبها "ذهبا" لكنها لا ترى فيها أكثر من "فن" عشقته وتجلت فيه مقومات الاحتراف لتسقط على ألواح خشبية صماء فتصير أشكالا وتصاميم تجمع بين الجمال والإبداع.
عمان جو-منوعات
تحت سقف من الصفيح في قريتها دير بلوط قرب مدينة سلفيت شمال الضفة الغربية المحتلة، تدير خلود (37 عاما) وزوجها شادي مصنعا خاصا للنجارة، وتنتج متطلبات السوق من قطع الأثاث المختلفة على قاعدة الإتقان وسرعة الإنجاز.
"دفعني شح العمال وغلاء أجورهم لتعلم الصنعة ومساندة زوجي"، تقول خلود التي اقتطعت جزءا من وقتها المليء أصلا بأعباء أخرى لزيارة المصنع بعد مغادرة العمال وممارسة عملها.
تجاوز بأس السيدة وحزمها في التعاطي سريعا مع صنعتها، وأدركت مبكرا معرفتها بأنواع الآلات المستخدمة كالمنشار وآلات القص والتثبيت إلى أنواع الخشب من البلوط والزان والـ "أم دي أف"، كل حسب استخدامه وطلب الزبون.
في معمل ضخم كالذي تُشغَّله خلود وزوجها، حرصت على تعلم كل شيء منه لا سيما وأنهما يعيشان منافسة كبيرة مع عشرين منجرة أخرى في قريتهم وحدها والعشرات في القرى المجاورة.
كأم لستة أولاد توازن خلود وللسنة الثالثة بين عملها وبيتها، وتدير بحكمة تربية الأولاد ومتابعتهم دراسيا لتنصرف إلى أعمال أخرى تحبها وتمارسها كالزراعة وتربية بعض الدواجن بالمنزل.
ظهر ذلك في المصنع، فهو لم يخل من ألعاب أطفالها وأسرَّة نومهم المتنقلة، فآخر أطفالها بيسان (7 أشهر) وإبراهيم الأكبر قليلا يحتاجان لرعاية خاصة لم تغفل عنهما الأم في أحلك ظروفها وذروة العمل.
بدت خلود وهي تتحدث إلينا على عجلة من أمرها، إذ كان عليها العودة باكرا للمنزل وإعداد طعام الإفطار، وتقول "إن عملهم تحول خلال شهر رمضان إلى ما بعد الإفطار وحتى السحور لكونهم ملتزمون بتسليم الطلبات التي تذهب في معظمها إلى الداخل المحتل".
وفيما تبقى من أرض قرب المنجرة تزرع خلود القمح لهذا العام، لا سيما وأن الزراعة تشغل أكثر من 95% من نساء القرية.
وتقول خلود إنها تزرع القثاء (الفقوس) والبامياء سنويا لكنها اختارت القمح هذا العام "وأسعى لشراء قطيع من الأغنام"، مشيرة إلى أنها مارست العمل مبكرا قبل الزواج حيث نجحت في النهوض بنفسها بمجال الخياطة رغم أنها لم تكمل تعليمها.
كل هذا يدل على نشاط السيدة الفلسطينية وقدرتها على الموازنة بين أعمالها وسعيها لتقديم الأفضل بعملها في النجارة، آملة الحصول على دعم يمكنها من تطوير معملها وإضافة آلات جديدة.
تؤمن خلود بدور المرأة في العطاء وقدرتها على التغيير، لكنها تدعو مؤسسات المرأة لضرورة تحمل مسؤوليتها المجتمعية أكثر "فقد سمعت كثيرا عن مؤسسات حقوق المرأة لكنها لم تر منها أي دعم لها ولأمثالها".
ورغم الظروف الاجتماعية المحيطة التي لا تمتهن فيها المرأة مثل هذه الأعمال، يستمر شادي قاسم زوج خلود في دعمها، ويقول إنه لن يحطم حلم زوجته أو يقف عائقا أمام طموحها بهذا العمل أو غيره "فمنذ الزواج تسير حياتهما بتفاهم وانسجام".
لا يرى الرجل الذي احترف النجارة قبل ثلاثة عشر عاما أي اختلاف بين عمل زوجته والأخريات اللواتي يمتهنَّ أعمالا أخرى مثل التطريز والمشغولات اليدوية والخزف وغير ذلك كأعمال الزراعة الشاقة.
تدرك خلود أن حرفتها غير المسبوقة قد تكسبها "ذهبا" لكنها لا ترى فيها أكثر من "فن" عشقته وتجلت فيه مقومات الاحتراف لتسقط على ألواح خشبية صماء فتصير أشكالا وتصاميم تجمع بين الجمال والإبداع.