عبدالهادي راجي المجالي

لدينا حارس عماره , إسمه (نبوي) ...ونبوي يغيب كثيرا وأحيانا يكون هاتفه مغلقا ,وكلما سألته قال لي :- (أصلي كنت في الكراج ..الميه مش واصله السطح) ...وأنا أصدقه في كل مرة .
قبل أيام أقام نبوي وليمة لحراس العمارات المجاورة , وتطفلت عليهم واستفردت بواحد منهم يدعى (توحه) طلب مني تحويل تصريحه في وزارة العمل , وعلى الفور قلت له :- (إبشر يا توحه ..) ,واندلعت صداقة سريعة بيني وبين (توحه) ...فسألته عن نبوي ..فنشر الغسيل كاملا .
القصة بإختصار أن (نبوي) لا يعمل حارسا للعمارة فقط , هو يصحو في الصباح ولديه شارع , وما يقارب ال(30) سيارة يغسلها عدة مرات في الأسبوع ويتقاضى من الشارع حوالي (350) دينارا , هو أيضا كما إعترف لي (توحه) يساعد سيدة في الحارة المجاورة إسمها (إم إلهام) في عملية (شطف الدرج) ..وشراء الحاجيات , وأعمال صيانة العمارة ويتقاضى منها أيضا ما يقارب (200) دينار .
إضافة لذلك يتقاضى (نبوي) من عمارتنا , ما يقارب ال (250) دينارا ناهيك عن قيامه ببيعنا إسطوانات الغاز ...وثمة وظيفة إضافية يمارسها في الحارة وهي أنه يتولى كافة أعمال (المواسرجي) فكما علمت أن وظيفته الأصلية كانت (تمديدات صحية) ...ذاك الدخل أفصح عنه (توحه) ..وأنا بحسبة بسيطة , تبين لي أن دخل حارس العمارة لدينا (يتجاوز) الألف دينار ..بمعنى اخر راتب (نبوي) في بعض المرات يصل إلى رواتب الموظفين في الدرجة العليا ...ذاك أنه , يوميا يحمل صندوقه ويمارس أعمال (المواسرجي )في الحارة .
حسنا في بلادنا , يستطيع حارس عمارة وافد , أن يحصل على ما يزيد عن الألف دينار , بالمقابل موظف في القطاع العام , لا يتجاوز راتبه على أبعد تقدير (600) دينار ...
هذه الفئة , غفلت عنهم وزارة العمل , فهم يتلاعبون بالتصاريح ويمارسون أكثر من مهنة , ويتقاضون أضعاف ما يتقاضاه الأردني ...وهم لا يدفعون ضريبة ولا تأمينا , ولا فواتير كهرباء ولا حتى الماء ...وطعامهم يتم تأمينه من العمارة ...
وفي النهاية تطلق وزارة العمل كل يوم , تصريحا في الإعلام عن ضبط سوق العمل , وتسفير المخالفين ...
نبوي أمضى في الأردن (3) أعوام فقط , وما يتقاضاه يؤكد أنه حارس في الدرجة العليا ...فهذه المهنة , مهمة وخطيرة ...
كم أنت كبير يا نبوي