السرب التائه
عمان جو - نغم سعدة
إهداء :
لمن غرق بخضم الحياة عبثاً
حِبْري طوق نجاة فاتكئ عليه
صرخةٌ تحيينا و أُخرى تميتنا و قد فنت البراءةُ بصدى تَوَجُّعٍ وضياع، كَبُرَ ذلك الفتى وشقّ سبيلَه بغابةٍ، كان يسير رويداً رويداً، يتأمّل شيئاً لم يره قط، فغامرَ بذلك الهلاك ليبصر ما تخفي الأشجار العملاقة من جمالٍ و أشواك، علوّها الشاهق كان يدفعُه للتسلق، لم يكن مدركاً أنه ينحدر للقاع، تعثرت قدمُه و تناثر شذاهُ و تلاشت براءتُه، تفحم فؤادُه و تاه عقلُه، فهُجرَت مبادئُه وانطوت بعينا أمِهِ كشقيٍ تحت جناحيها، ورحلت جوهرةٌ حصّنها أباه بآهاته .. بأفكار و معتقدات تصونه حتى الأزل .
لم تمكث النجوم لتلمعُ عيناك، ها هي الآن تبدو شاحبةً كدخانٍ ينفث من فيك أقبح الألفاظ، وسحابٍ عارم بذهنِكَ ملطخ بمذاق الخمر والحشيش، بكل شهيقٍ لكَ ترتوي ضلال، ومع كل زفير تستحيلُ الغراسُ التي نَمَقتها والدتك براحة كفها يباساً، ستخجل دموعُك أمام تجاعيدٍ حفرتها الأيام على يدها ظانةً أنها ستحضن فلذة كبِدِها بنقائه، يا حسرةً على رحمٍ ضمَ ملاك وخُذِلَ بالدجى، قد انطفئ نوره بصورتك، وخبا بصره لعتمتك، بينما ضميرك مستلقٍ لم يرَ الشمس بعد، مازلتَ مخدراً كقمرٍ خجول لم يُضِئ و لن، ما دام يجثم بين الضباب الرمادي القاتم الذي يدفعُه نحو مصيرٍ محتومٍ بالسديم، انزع العصبة َ من عينيك قليلاً، وامسح ما سلف بكفٍ ثائرة مقاومة لرغباتك .. بأنامل من ياسمين لا تغفل عن ليلٍ يحتويك، لكن أَمَلُك أنك لا تحتويه، لغتي حمامة سلام تنتشلك من بِئرِكَ الضحل، كم أشتهي أن أصفعَك لعلك تصحو من وساويس الشيطان، فلتستشعر مدى حماقتك وسذاجتك ولِتَرحم العبير المتبقي بفؤادك، لا تأذن له بالفرار مع دخان سجائرك .. المتكحلة والمتجملة أمام ضعفك، أريد أن أحميكَ من أهوائِكَ، حلِّق بعيداً عن سرب شهواتِكَ، حطم مرآتَك و زركش أُخرى بقزحية روحك، بزقزقةِ فيروز، و سحرُ جدائل سوداء تنجي وجدانك، لا تلتف حول عنقِكَ فتحتضر، ارتدع و لا تكن شبحاً مطعوناً ظالماً لنفسك بإرادتك ... بقرارة نفسك مدركٌ لبحرِ جرائمِكَ مع ذاتك وبكاملِ وعيكَ ما زلتَ تغوص، لكن عسى أحرفي أن تكونُ موجة تلتهم ماضيك، وبصرخةٍ تعيدُكَ لشاطئِ الحياة بتاجٍ من عرشِ النور .
عمان جو - نغم سعدة
إهداء :
لمن غرق بخضم الحياة عبثاً
حِبْري طوق نجاة فاتكئ عليه
صرخةٌ تحيينا و أُخرى تميتنا و قد فنت البراءةُ بصدى تَوَجُّعٍ وضياع، كَبُرَ ذلك الفتى وشقّ سبيلَه بغابةٍ، كان يسير رويداً رويداً، يتأمّل شيئاً لم يره قط، فغامرَ بذلك الهلاك ليبصر ما تخفي الأشجار العملاقة من جمالٍ و أشواك، علوّها الشاهق كان يدفعُه للتسلق، لم يكن مدركاً أنه ينحدر للقاع، تعثرت قدمُه و تناثر شذاهُ و تلاشت براءتُه، تفحم فؤادُه و تاه عقلُه، فهُجرَت مبادئُه وانطوت بعينا أمِهِ كشقيٍ تحت جناحيها، ورحلت جوهرةٌ حصّنها أباه بآهاته .. بأفكار و معتقدات تصونه حتى الأزل .
لم تمكث النجوم لتلمعُ عيناك، ها هي الآن تبدو شاحبةً كدخانٍ ينفث من فيك أقبح الألفاظ، وسحابٍ عارم بذهنِكَ ملطخ بمذاق الخمر والحشيش، بكل شهيقٍ لكَ ترتوي ضلال، ومع كل زفير تستحيلُ الغراسُ التي نَمَقتها والدتك براحة كفها يباساً، ستخجل دموعُك أمام تجاعيدٍ حفرتها الأيام على يدها ظانةً أنها ستحضن فلذة كبِدِها بنقائه، يا حسرةً على رحمٍ ضمَ ملاك وخُذِلَ بالدجى، قد انطفئ نوره بصورتك، وخبا بصره لعتمتك، بينما ضميرك مستلقٍ لم يرَ الشمس بعد، مازلتَ مخدراً كقمرٍ خجول لم يُضِئ و لن، ما دام يجثم بين الضباب الرمادي القاتم الذي يدفعُه نحو مصيرٍ محتومٍ بالسديم، انزع العصبة َ من عينيك قليلاً، وامسح ما سلف بكفٍ ثائرة مقاومة لرغباتك .. بأنامل من ياسمين لا تغفل عن ليلٍ يحتويك، لكن أَمَلُك أنك لا تحتويه، لغتي حمامة سلام تنتشلك من بِئرِكَ الضحل، كم أشتهي أن أصفعَك لعلك تصحو من وساويس الشيطان، فلتستشعر مدى حماقتك وسذاجتك ولِتَرحم العبير المتبقي بفؤادك، لا تأذن له بالفرار مع دخان سجائرك .. المتكحلة والمتجملة أمام ضعفك، أريد أن أحميكَ من أهوائِكَ، حلِّق بعيداً عن سرب شهواتِكَ، حطم مرآتَك و زركش أُخرى بقزحية روحك، بزقزقةِ فيروز، و سحرُ جدائل سوداء تنجي وجدانك، لا تلتف حول عنقِكَ فتحتضر، ارتدع و لا تكن شبحاً مطعوناً ظالماً لنفسك بإرادتك ... بقرارة نفسك مدركٌ لبحرِ جرائمِكَ مع ذاتك وبكاملِ وعيكَ ما زلتَ تغوص، لكن عسى أحرفي أن تكونُ موجة تلتهم ماضيك، وبصرخةٍ تعيدُكَ لشاطئِ الحياة بتاجٍ من عرشِ النور .