خبراء: المناهج المدرسية لا تواكب العصر وتعتمد التلقين
عمان جو - فيما يجمع تربويون على أن المناهج المدرسية الحالية "لا تواكب" متطلبات العصر، ولا تأخذ باعتبارها العامل النمائي للطالب، تصف والدة الطالبة "مريم" الساعة الرابعة عصرا، بأنها "ساعة نكد"، لا لشيء إلا لأنها ساعة تدريس "مريم" التي ترى في هذه الساعة "كابوسا" بحسب وصف والدتها.
وتوضح والدة مريم ذلك بقولها، "مريم في الصف الرابع الأساسي لا تحب الدراسة لسبب واحد، كونها تقضي ساعات طويلة في حفظ ما تلقته في المدرسة"، ولذلك، كما تقول "أحاول ان ابتكر في كل مرة اسلوبا جديدا مسليا لابنتي لأشجعها على الدراسة خصوصا وأن هذه المرحلة تأسيسية".
وتشير هذه الأم إلى أن اغلب الكتب المدرسية المخصصة لهذه الفئة العمرية تعتمد على الحفظ والتلقين، "وهي بعيدة جدا عن الفهم والتفكير، ولا تراعي الخصائص النمائية لكل مرحلة بعينها".
وتوضح أن "مناهج الدول المتقدمة بعيدة عن التلقين"، لأن الطالب ينسى ما يحفظه إذا لم يستفد منه في حياته العملية، "ولكن مناهجنا للأسف تعتمد على الحفظ وحشو الدماغ بعيدا عن الحوار والمناقشة"، بحسب وصفها.
وأيدتها بالرأي طالبة "التوجيهي" آية أسامة التي لم تدل بملاحظات كثيرة تتعلق بهذه السنة الحاسمة من حياتها فحسب، وإنما بـ"منظومة تعليمية متكاملة نشأت عليها هي وأقرانها".
تقول أسامة، إنها اكتشفت في العامين الأخيرين من مسيرتها الدراسية أنها "لم تتعلم كيفية فهم المواد واستيعابها، وإنما كيفية حفظها لجلب أكبر قدر من العلامات"، وتؤكد، "أنها ليست الوحيدة التي تشعر بذلك، فكثير من زميلاتها واجهن صعوبة في كيفية التعامل مع المواد العلمية حين التحقن بالفرع العلمي ليكتشفن كثافة المواد وصعوبة استيعابها بالأساليب القديمة التي اعتدن عليها".
وتشير أسامة بهذا الخصوص الى أن عددا قليلا جدا من الطلبة "يستطيع الإجابة عن سؤال في امتحان الثانوية العامة (التوجيهي) يعتمد على التفكير والتحليل"، والسبب بحسبها "أننا قضينا 12 عاما في المدرسة نتعلم كيف نحفظ وليس كيف نفكر في استنباط الحل".
وبحسب احصاءات رسمية للعام 2015 فإن نسبة الرسوب في امتحان التوجيهي بلغت حوالي 60 % ومصير هؤلاء الراسبين واضح "بدون مسار تعليمي أو وظيفي واضح".
الخبير التربوي الدكتور عبدالكريم ابو جاموس يؤكد من جانبه "أن متطلبات العصر في تغير دائم ومستمر، وبالتالي فإن أي منهاج وضع قبل عامين او اربعة أعوام لن يكون ملائما لمتطلبات العصر"، وقال إن "المناهج المدرسية الحالية لا تواكب متطلبات العصر"، رغم إقراره بأن "فيها من الحسنات ما يفيد الطلبة".
ورأى أن المناهج الحالية "تلائم متطلبات العصر بنسبة تتراوح بين 40 - 50 %، وهو ما يدعو جميع المهتمين لتطويرها كي تواكب تماما متطلبات العصر"، معتقدا أن إعداد مناهج مناسبة لمعطيات العصر أو ما يسمى بـ"المنهاج المثالي"، "يتطلب جهدا كبيرا من القائمين عليها لمعرفة طبيعة الحياة التي نعيشها والإمكانات المادية والبشرية المتاحة".
وأضاف ابو جاموس الى ما سبق، "أن فلسفة المناهج على اختلاف تخصصاتها تتطلب جهدا ثقافيا وتخصصيا ورؤية واضحة للمؤلفين لماهية الكتاب المدرسي"، رائيا أن "فلسفة المناهج يجب ان تحترم عقلية المؤلف والمعلم".
وأضاف، ان "الخطة المنهجية والكتاب المدرسي هما ما يعينان المعلم على الترجمة الحقيقية والفعلية لما يتضمنه المنهاج من رؤى وأهداف"، وهذا يتطلب أن يكون المعلم مدركا لدوره بالعملية التعليمية التعلمية، بحيث يقود الطلاب الى تبني اسلوب تعليم يشجعهم على التعلم الذاتي، وهو ما تطمح اليه وزارات التربية والتعليم بدول العالم كافة.
وأشار الى أن فلسفة المناهج يجب ان تركز على ربط المتعلم بنفسه والبيئة المحيطة به وبحاجاته كمتعلم ليصل اخيرا للحاجات الانسانية، أي أن يعمل المنهاج على "إيجاد انسان واع لخصائص الأمور انطلاقا من الذات وانتهاء بالمفهوم الإنساني".
وشدد ابو جاموس على أهمية تنمية القدرات الفكرية والمهنية، والتطور الثقافي للمعلم في مجال تخصصه بالتوازي مع التطور المستمر في الحياة، كي يصبح لدينا "متعلم متحرر ومنفتح وقّاد الذهن، يحاكم المعلومة ويعمل على تطويرها".
ولهذا، "على المعلم"، كما يرى ابو جاموس، "ان يحدد اهدافه واستراتيجياته بحيث ينطلق من امكانيات الطلاب والمجتمع، فكل هذه الأساسيات يجب أن تكون واضحة في مناهجنا لنتمكن من تحقيق مانصبو اليه جميعا".
ويقول أبو جاموس، صاحب التجربة بتأليف الكتب المدرسية والتدريس الجامعي، "ان المناهج الجديدة تفتقر الى تحديد المعطيات النمائية لتكون ضمن الرؤى الفلسفية للمناهج".
وأظهرت دراسة علمية اجريت العام 2014 أن 33 % من المعلمين يشجعون الحوار والمناقشة في الفصول الدراسية، فيما يستخدم 53 % منهم استراتيجيات التفكير الناقد.
من جانبه، قال الخبير التربوي الدكتور سليمان القادري إن الدول المتقدمة تقوم في أعقاب كل عملية تطوير أو تجديد للمناهج التربوية بـ "دراسات علمية تحليلية لمناهجها في ضوء الخطوط العريضة للنتائج يتم في ضوئها الحكم على جودة تلك المناهج".
وبين أن مثل هذه الدراسات عادة ما تقوم بها وزارة التربية، أو هيئات التدريس بكليات التربية في الجامعات، أو مراكز بحوث علمية متخصصة في مجال المناهج التربوية، تنتهي الى تقارير علمية موثقة بالحقائق والأرقام عن مستوى جودة المناهج وبيان نقاط القوة والضعف، ليتسنى للوزارة اتخاذ القرارات المناسبة في هذا المجال.
وأوضح القادري ان المناهج والكتب المدرسية التي جرى تطويرها خلال الفترة الماضية "لم تخضع لدراسات علمية معمقة حول مدى مواكبتها لمتطلبات العصر، ومراعاة الخصائص النمائية للطلبة، وإكساب الطلبة مهارات الحياة الضرورية".
الا انه استدرك بالقول "ان بعض الكتب المدرسية ما تزال في طور التأليف"، وبالتالي من المبكر الحكم على مستوى جودتها، لكن في ضوء الملاحظات الميدانية من خلال المشاركة في الإشراف على تطوير بعض الكتب، وملاحظات بعض الزملاء في مباحث متعددة، يمكن القول ان بعض المشرفين على التأليف يركزون على سرعة انجاز المناهج كهدف رئيس.
لكن القادري يشير ايضا الى "افتقار كثير من المؤلفين لرؤية ورسالة وأهداف المناهج والكتب المدرسية التي يجري تأليفها، كما يفتقر بعضهم لمهارات التأليف، وهو ما انعكس على مستوى التأليف، وجودة الكتب المدرسية"، مؤكدا أن المناهج المدرسية "بحاجة إلى تطوير مستمر ومتواصل مع التركيز على تنمية مهارات الحياة، وبما يتماشي مع الخصائص النمائية للطلبة، وتمكينهم من العيش في عالم يشهد ثورات معرفية وتكنولوجية هائلة".
ورأى أنه رغم الجهود الكبيرة التي تقوم بها وزارة التربية والتعليم في هذا المجال، إلا أن "المناهج لا تواكب متطلبات العصر بالمستوى المأمول، ولا تراعي الخصائص النمائية للطلبة"، واصفا قدرة الكتب المدرسية على إكساب الطلبة المهارات الحياتية الضرورية لهم في حياتهم العملية بأنها "متواضعة".
عمان جو - فيما يجمع تربويون على أن المناهج المدرسية الحالية "لا تواكب" متطلبات العصر، ولا تأخذ باعتبارها العامل النمائي للطالب، تصف والدة الطالبة "مريم" الساعة الرابعة عصرا، بأنها "ساعة نكد"، لا لشيء إلا لأنها ساعة تدريس "مريم" التي ترى في هذه الساعة "كابوسا" بحسب وصف والدتها.
وتوضح والدة مريم ذلك بقولها، "مريم في الصف الرابع الأساسي لا تحب الدراسة لسبب واحد، كونها تقضي ساعات طويلة في حفظ ما تلقته في المدرسة"، ولذلك، كما تقول "أحاول ان ابتكر في كل مرة اسلوبا جديدا مسليا لابنتي لأشجعها على الدراسة خصوصا وأن هذه المرحلة تأسيسية".
وتشير هذه الأم إلى أن اغلب الكتب المدرسية المخصصة لهذه الفئة العمرية تعتمد على الحفظ والتلقين، "وهي بعيدة جدا عن الفهم والتفكير، ولا تراعي الخصائص النمائية لكل مرحلة بعينها".
وتوضح أن "مناهج الدول المتقدمة بعيدة عن التلقين"، لأن الطالب ينسى ما يحفظه إذا لم يستفد منه في حياته العملية، "ولكن مناهجنا للأسف تعتمد على الحفظ وحشو الدماغ بعيدا عن الحوار والمناقشة"، بحسب وصفها.
وأيدتها بالرأي طالبة "التوجيهي" آية أسامة التي لم تدل بملاحظات كثيرة تتعلق بهذه السنة الحاسمة من حياتها فحسب، وإنما بـ"منظومة تعليمية متكاملة نشأت عليها هي وأقرانها".
تقول أسامة، إنها اكتشفت في العامين الأخيرين من مسيرتها الدراسية أنها "لم تتعلم كيفية فهم المواد واستيعابها، وإنما كيفية حفظها لجلب أكبر قدر من العلامات"، وتؤكد، "أنها ليست الوحيدة التي تشعر بذلك، فكثير من زميلاتها واجهن صعوبة في كيفية التعامل مع المواد العلمية حين التحقن بالفرع العلمي ليكتشفن كثافة المواد وصعوبة استيعابها بالأساليب القديمة التي اعتدن عليها".
وتشير أسامة بهذا الخصوص الى أن عددا قليلا جدا من الطلبة "يستطيع الإجابة عن سؤال في امتحان الثانوية العامة (التوجيهي) يعتمد على التفكير والتحليل"، والسبب بحسبها "أننا قضينا 12 عاما في المدرسة نتعلم كيف نحفظ وليس كيف نفكر في استنباط الحل".
وبحسب احصاءات رسمية للعام 2015 فإن نسبة الرسوب في امتحان التوجيهي بلغت حوالي 60 % ومصير هؤلاء الراسبين واضح "بدون مسار تعليمي أو وظيفي واضح".
الخبير التربوي الدكتور عبدالكريم ابو جاموس يؤكد من جانبه "أن متطلبات العصر في تغير دائم ومستمر، وبالتالي فإن أي منهاج وضع قبل عامين او اربعة أعوام لن يكون ملائما لمتطلبات العصر"، وقال إن "المناهج المدرسية الحالية لا تواكب متطلبات العصر"، رغم إقراره بأن "فيها من الحسنات ما يفيد الطلبة".
ورأى أن المناهج الحالية "تلائم متطلبات العصر بنسبة تتراوح بين 40 - 50 %، وهو ما يدعو جميع المهتمين لتطويرها كي تواكب تماما متطلبات العصر"، معتقدا أن إعداد مناهج مناسبة لمعطيات العصر أو ما يسمى بـ"المنهاج المثالي"، "يتطلب جهدا كبيرا من القائمين عليها لمعرفة طبيعة الحياة التي نعيشها والإمكانات المادية والبشرية المتاحة".
وأضاف ابو جاموس الى ما سبق، "أن فلسفة المناهج على اختلاف تخصصاتها تتطلب جهدا ثقافيا وتخصصيا ورؤية واضحة للمؤلفين لماهية الكتاب المدرسي"، رائيا أن "فلسفة المناهج يجب ان تحترم عقلية المؤلف والمعلم".
وأضاف، ان "الخطة المنهجية والكتاب المدرسي هما ما يعينان المعلم على الترجمة الحقيقية والفعلية لما يتضمنه المنهاج من رؤى وأهداف"، وهذا يتطلب أن يكون المعلم مدركا لدوره بالعملية التعليمية التعلمية، بحيث يقود الطلاب الى تبني اسلوب تعليم يشجعهم على التعلم الذاتي، وهو ما تطمح اليه وزارات التربية والتعليم بدول العالم كافة.
وأشار الى أن فلسفة المناهج يجب ان تركز على ربط المتعلم بنفسه والبيئة المحيطة به وبحاجاته كمتعلم ليصل اخيرا للحاجات الانسانية، أي أن يعمل المنهاج على "إيجاد انسان واع لخصائص الأمور انطلاقا من الذات وانتهاء بالمفهوم الإنساني".
وشدد ابو جاموس على أهمية تنمية القدرات الفكرية والمهنية، والتطور الثقافي للمعلم في مجال تخصصه بالتوازي مع التطور المستمر في الحياة، كي يصبح لدينا "متعلم متحرر ومنفتح وقّاد الذهن، يحاكم المعلومة ويعمل على تطويرها".
ولهذا، "على المعلم"، كما يرى ابو جاموس، "ان يحدد اهدافه واستراتيجياته بحيث ينطلق من امكانيات الطلاب والمجتمع، فكل هذه الأساسيات يجب أن تكون واضحة في مناهجنا لنتمكن من تحقيق مانصبو اليه جميعا".
ويقول أبو جاموس، صاحب التجربة بتأليف الكتب المدرسية والتدريس الجامعي، "ان المناهج الجديدة تفتقر الى تحديد المعطيات النمائية لتكون ضمن الرؤى الفلسفية للمناهج".
وأظهرت دراسة علمية اجريت العام 2014 أن 33 % من المعلمين يشجعون الحوار والمناقشة في الفصول الدراسية، فيما يستخدم 53 % منهم استراتيجيات التفكير الناقد.
من جانبه، قال الخبير التربوي الدكتور سليمان القادري إن الدول المتقدمة تقوم في أعقاب كل عملية تطوير أو تجديد للمناهج التربوية بـ "دراسات علمية تحليلية لمناهجها في ضوء الخطوط العريضة للنتائج يتم في ضوئها الحكم على جودة تلك المناهج".
وبين أن مثل هذه الدراسات عادة ما تقوم بها وزارة التربية، أو هيئات التدريس بكليات التربية في الجامعات، أو مراكز بحوث علمية متخصصة في مجال المناهج التربوية، تنتهي الى تقارير علمية موثقة بالحقائق والأرقام عن مستوى جودة المناهج وبيان نقاط القوة والضعف، ليتسنى للوزارة اتخاذ القرارات المناسبة في هذا المجال.
وأوضح القادري ان المناهج والكتب المدرسية التي جرى تطويرها خلال الفترة الماضية "لم تخضع لدراسات علمية معمقة حول مدى مواكبتها لمتطلبات العصر، ومراعاة الخصائص النمائية للطلبة، وإكساب الطلبة مهارات الحياة الضرورية".
الا انه استدرك بالقول "ان بعض الكتب المدرسية ما تزال في طور التأليف"، وبالتالي من المبكر الحكم على مستوى جودتها، لكن في ضوء الملاحظات الميدانية من خلال المشاركة في الإشراف على تطوير بعض الكتب، وملاحظات بعض الزملاء في مباحث متعددة، يمكن القول ان بعض المشرفين على التأليف يركزون على سرعة انجاز المناهج كهدف رئيس.
لكن القادري يشير ايضا الى "افتقار كثير من المؤلفين لرؤية ورسالة وأهداف المناهج والكتب المدرسية التي يجري تأليفها، كما يفتقر بعضهم لمهارات التأليف، وهو ما انعكس على مستوى التأليف، وجودة الكتب المدرسية"، مؤكدا أن المناهج المدرسية "بحاجة إلى تطوير مستمر ومتواصل مع التركيز على تنمية مهارات الحياة، وبما يتماشي مع الخصائص النمائية للطلبة، وتمكينهم من العيش في عالم يشهد ثورات معرفية وتكنولوجية هائلة".
ورأى أنه رغم الجهود الكبيرة التي تقوم بها وزارة التربية والتعليم في هذا المجال، إلا أن "المناهج لا تواكب متطلبات العصر بالمستوى المأمول، ولا تراعي الخصائص النمائية للطلبة"، واصفا قدرة الكتب المدرسية على إكساب الطلبة المهارات الحياتية الضرورية لهم في حياتهم العملية بأنها "متواضعة".