رداً على مؤتمر الخيار الأردني : الأردن هو فلسطين صلابـة السياسـات الأردنيـة وتصادمهـا مـع تـل أبيـب
عمان جو - حمادة فراعنة
بعكس الغالبية الساحقة من الأردنيين، الذين أُستفزوا من عقد مؤتمر « الأردن هو فلسطين « فقد سعدت بذلك وفرحت، رغم ثقتي بقوة ومتانة موقف النواب والأحزاب والشخصيات الأردنية، وما عبروا عنه من إدانة واستخفاف للمؤتمر وللمشاركين فيه، ومع ذلك شعرت بالفرح الوطني والقومي والثوري إن جاز التعبير للمؤتمر ودعوته وموعده يوم 17/10/2017، في مركز « تراث مناحيم بيغن « في القدس المحتلة، وبدعوة من قبل « المركز الدولي اليهودي الإسلامي للحوار « .
وقبل أن أكشف عن سبب فرحي دعوني أضع الأسباب وراء عقد هذا المؤتمر ودوافع القائمين عليه:
أولاً : اتساع نفوذ اليمين الإسرائيلي الاستعماري المتطرف ممثلاً بالليكود وهو حزب رئيس الوزراء نتنياهو الذي يرفع شعاراً يصف فيه الضفة الشرقية لنهر الأردن مع الضفة الغربية أن « هذه لنا وهذه أيضاً «، تجسيداً لموقفه السياسي المعلن بهذا الخصوص، فهو يعتبر أن وعد بلفور يشمل فلسطين والأردن، وقد تم اجتزاء شرق الأردن من الوعد البريطاني، وتم إقامة الوطن القومي اليهودي على جزء من أرض فلسطين وبقي الجزء الأخر منتظراً الوعد الإلهي، إضافة إلى أحزاب الائتلاف الأخرى، حزب ليبرمان وحزب بينيت الأكثر تطرفاً، فالسياسة المركزية وأصحاب القرار لدى حكومة تل أبيب يؤمنون بهذا الشعار ويعملون لأجله بشكل تدريجي، فهم يتعاملون مع الضفة الفلسطينية بإعتبارها يهوداً والسامرة أي أرض إسرائيل، ويتطلعون إلى زوال أي عربي فلسطيني عن أرضه، وأي مظهر من مظاهر العروبة والإسلام والمسيحية عن القدس والضفة الفلسطينية، ولهذا يعملون على تسويق أن الأردن هو ما تبقى من فلسطين، وتحريرها من أهلها وشعبها لتكون للمستعمرين الأجانب القادمين من الخارج .
ثانياً : تقف مشكلة القدس والموقف الأردني والرعاية الهاشمية عائقاً قوياً أمام استكمال تهويد القدس وأسرلتها، خاصة وأن التفاهمات الأردنية الفلسطينية، والمكانة اللائقة التي يتمتع بها رأس الدولة الأردنية جلالة الملك أمام المجتمع الدولي بشكل عام، ولدى الأميركيين بشكل خاص، ولدى الجزء الليبرالي من الطائفة اليهودية الأميركية بشكل أخص إن لم يمنع من تنفيذ المخطط الإسرائيلي الصهيوني اليهودي من فرض التقاسم الزماني والمكاني على الحرم القدسي الشريف – المسجد الأقصى، فعلى الأقل يُعطله مما يدفع بقادة المجتمع الإسرائيلي من أحزاب اليمين المتطرف للعمل على تنفيذ ما يمكن تنفيذه رداً وتقويضاً ورفضاً لمجمل السياسات الأردنية نحو فلسطين ونحو القدس بشكل خاص .
ثالثاً : الموقف الرسمي الأردني من قتل الحارس الإسرائيلي لاثنين من المواطنين الأردنيين خارج السفارة، وأشدد خارج السفارة في منزل الحارس بالقرب من السفارة والقتل لصاحب البيت المؤجر للسفارة، وللعامل النجار الذي يعرف أين العمل ؟ لدى موظف بالسفارة، وهذا يعني أن كليهما لديه فحص أمني مسبق، ومع ذلك قام الحارس بقتلهما دون سبب سياسي أو وطني أو قومي فهما ليسا من السياسيين، بل من الذين تعودوا العمل مع طواقم السفارة، مما يدلل على حجم العنجهية والنظرة الدونية للتعامل الأمني الإسرائيلي مع الأردنيين، فالثقافة الأمنية لديهم أن كل من هو غير يهودي لا يستحق الشفقة، ولهذا يتصف الموقف الرسمي الأردني بالصلابة في التعامل مع تداعيات قتل الأردنيين ورفض عودة الطاقم الدبلوماسي إلا بعد محاكمة ومعاقبة القاتل إحقاقاً للحق ورداً على استفزازات نتنياهو الذي عامل القاتل باعتباره بطلاً نفذ عملاً بطولياً ضد مدنيين واستطاع تحريره من الأسر الأردني، وكأنه كان مبعوثاً لتنفيذ عمل خارق وعاد سالماً دون أن يمسه أحد بأذى !! .
لهذه الأسباب الجوهرية، وليست الشكلية الإجرائية تزداد الفجوة اتساعاً بين السياسات الأردنية في مواجهة السياسات الإسرائيلية ولهذه الأسباب وغيرها وفي طليعتها أولاً قدرة جلالة الملك في التأثير على موقف الرئيس ترامب من قرار نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، والموقف الأميركي من التسوية ووضع فرامل أردنية لإدارة الرئيس ترامب في اندفاعها نحو الانحياز الأقوى لسياسات المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي فجلالة الملك لديه القدرة على مخاطبة الغرب بلغتهم وفهمه لمصالحهم، وثانياً قدرة الدبلوماسية الأردنية على حشد الأصدقاء والمؤيدين لصيغ القرارات الصادرة عن منظمة اليونسكو جعلت نتنياهو يخرج عن طوره، ويبحث عن أي عملاء وأدوات يستفزون الأردن والأردنيين، ولم يجدوا سوى هؤلاء يملكون وقاحة التجاوب مع خطة نتنياهو الذي يقف خلف القرار السياسي لعقد مثل هذه « التفليمة السخيفة « التي نفذها قادة من المستوطنين المتطرفين، وهم من المنبوذين حتى من التيارات المعتدلة لدى المجتمع الإسرائيلي .
لهذا أنا فرح ليس فقط للأسباب والدوافع التي جعلت نتنياهو يقوم بهذا الفعل الطبيعي من عدو لا يملك ذرة إحساس بالمسؤولية، أو رغبة بالتعايش المشترك، أو قدرة على التكيف مع قيم الندية والاحترام المتبادل، قلت ليس فقط للأسباب المذكورة وهي جوهرية تدلل على أن موقفنا صحيح ومنطقي وينسجم مع مصالحنا الوطنية والقومية كدولة وشعب لا يستطيع ولا يملك إلا أن يكون في الخندق المتصادم مع المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي، والمؤيد والداعم للمشروع الوطني الديمقراطي الفلسطيني .
وليس هذا وحسب بل أنا فرح لأسباب أخرى أولها أن قدرة المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي وتفوقه وقفت عند هؤلاء الثلاثة، وأخفقت في اصطياد أي شخص أردني له قيمة سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو اعتبارية وتوظيفه لمثل هذا الفعل السياسي المشين، وثانيهما أنهم فشلوا أيضاً في إحضار أي شخص فلسطيني من مناطق 48 أبناء الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة، أو مناطق 67 أبناء الضفة الفلسطينية والقدس والقطاع، للمشاركة في هذا المؤتمر تأييداً أو دعماً، رغم محاولاتهم الحثيثة نحو طرفي المكون الفلسطيني على أرض فلسطين، أبناء 48 وأبناء 67، ولكنهم سجلوا الفشل الذريع، وهنا يكتمل فرحي ونشوتي بعكس رفاقي وأصدقائي وإخواني النواب والحزبيين والكتاب، فقد فرحت لدوافع انعقاد المؤتمر لأنه يكشف السياسة الحقيقية الكامنة لدى قادة المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي نحو الأردن ككيان سياسي ودولة وشعب، وفرحت لأن الذين قاموا بالعمل هم من قادة الائتلاف السياسي الذي تتشكل منه حكومة نتنياهو حتى لا يقولوا أنهم أناس من الهامشيين ولا يمثلوا الليكود والأحزاب المؤتلفة الحاكمة لحكومة تل أبيب، وفرح لأن الذين تم اختيارهم لا يمثلون حالة أردنية تستحق التوقف والرهان .
ولكن لا يعني هذا عدم اليقظة والتقييم والمرور على هذا الفعل وكأنه لم يحدث، بل هذا الفعل وغيره العشرات يؤكد حقيقتين سياسيتين هما :
أولاً : يجب مواصلة العمل ضد المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي حماية للأمن الوطني الأردني، فالسياسات الإسرائيلية الهادفة نحو تهويد القدس، وأسرلة الغور، وتمزيق الضفة الفلسطينية بالمستعمرات والشوارع الالتفافية، وقطع الصلة بين القدس والضفة والقطاع تهدف لجعل الأرض الفلسطينية طاردة لشعبها وأهلها وسكانها ورحيلهم القسري إلى خارج فلسطين، وجعل الأردن موطناً وحاضنة للفلسطينيين، أي بالعمل على رمي المشكلة الفلسطينية على الأردن والأردنيين، وهذا مساس بالأمن الوطني الأردني، وتحميل الأردن ما لا يستطيع تحمله من أزمات وتعقيدات سياسية واقتصادية واجتماعية، وهذا ما يفرضه علينا هذا التحدي بالعمل على الحفاظ على أمننا الوطني في مواجهة سياسات العدو الوطني والقومي الإسرائيلي بجعل الأردن وطناً للفلسطينيين، ففلسطين هي وطن الفلسطينيين، كما هو الأردن وطن الأردنيين، ومصر للمصريين وسوريا للسوريين .
ثانياً : خدمة للهدف الأول وتحقيقاً له، وإمعاناً في الواجب الوطني والقومي والديني والإنساني الملقاة علينا وإلتزاماً به، يجب العمل على دعم وإسناد الشعب الفلسطيني، لبقاء صموده على أرضه، سواء في مناطق 48 لمواجهة التمييز والإقصاء، أو في مناطق 67 لمواجهة الاستيطان والمصادرة والحكم العسكري والاحتلال .
نضال الشعب الفلسطيني، من أجل استعادة حقوقه الكاملة غير المنقوصة في العودة والمساواة والاستقلال حماية للأردن وأمنه واستقراره وتقدمه، ولهذا علينا أن لا نتردد في العمل من أجل حماية الأردن واستقراره وأمنه، ومن أجل تحرير فلسطين، تلك هي المعادلة المختبرة والصائبة والواقعية لمواجهة المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي وهزيمته.
h.faraneh@yahoo.com
* كاتب سياسي مختص بالشؤون الفلسطينية والإسرائيلية.
عمان جو - حمادة فراعنة
بعكس الغالبية الساحقة من الأردنيين، الذين أُستفزوا من عقد مؤتمر « الأردن هو فلسطين « فقد سعدت بذلك وفرحت، رغم ثقتي بقوة ومتانة موقف النواب والأحزاب والشخصيات الأردنية، وما عبروا عنه من إدانة واستخفاف للمؤتمر وللمشاركين فيه، ومع ذلك شعرت بالفرح الوطني والقومي والثوري إن جاز التعبير للمؤتمر ودعوته وموعده يوم 17/10/2017، في مركز « تراث مناحيم بيغن « في القدس المحتلة، وبدعوة من قبل « المركز الدولي اليهودي الإسلامي للحوار « .
وقبل أن أكشف عن سبب فرحي دعوني أضع الأسباب وراء عقد هذا المؤتمر ودوافع القائمين عليه:
أولاً : اتساع نفوذ اليمين الإسرائيلي الاستعماري المتطرف ممثلاً بالليكود وهو حزب رئيس الوزراء نتنياهو الذي يرفع شعاراً يصف فيه الضفة الشرقية لنهر الأردن مع الضفة الغربية أن « هذه لنا وهذه أيضاً «، تجسيداً لموقفه السياسي المعلن بهذا الخصوص، فهو يعتبر أن وعد بلفور يشمل فلسطين والأردن، وقد تم اجتزاء شرق الأردن من الوعد البريطاني، وتم إقامة الوطن القومي اليهودي على جزء من أرض فلسطين وبقي الجزء الأخر منتظراً الوعد الإلهي، إضافة إلى أحزاب الائتلاف الأخرى، حزب ليبرمان وحزب بينيت الأكثر تطرفاً، فالسياسة المركزية وأصحاب القرار لدى حكومة تل أبيب يؤمنون بهذا الشعار ويعملون لأجله بشكل تدريجي، فهم يتعاملون مع الضفة الفلسطينية بإعتبارها يهوداً والسامرة أي أرض إسرائيل، ويتطلعون إلى زوال أي عربي فلسطيني عن أرضه، وأي مظهر من مظاهر العروبة والإسلام والمسيحية عن القدس والضفة الفلسطينية، ولهذا يعملون على تسويق أن الأردن هو ما تبقى من فلسطين، وتحريرها من أهلها وشعبها لتكون للمستعمرين الأجانب القادمين من الخارج .
ثانياً : تقف مشكلة القدس والموقف الأردني والرعاية الهاشمية عائقاً قوياً أمام استكمال تهويد القدس وأسرلتها، خاصة وأن التفاهمات الأردنية الفلسطينية، والمكانة اللائقة التي يتمتع بها رأس الدولة الأردنية جلالة الملك أمام المجتمع الدولي بشكل عام، ولدى الأميركيين بشكل خاص، ولدى الجزء الليبرالي من الطائفة اليهودية الأميركية بشكل أخص إن لم يمنع من تنفيذ المخطط الإسرائيلي الصهيوني اليهودي من فرض التقاسم الزماني والمكاني على الحرم القدسي الشريف – المسجد الأقصى، فعلى الأقل يُعطله مما يدفع بقادة المجتمع الإسرائيلي من أحزاب اليمين المتطرف للعمل على تنفيذ ما يمكن تنفيذه رداً وتقويضاً ورفضاً لمجمل السياسات الأردنية نحو فلسطين ونحو القدس بشكل خاص .
ثالثاً : الموقف الرسمي الأردني من قتل الحارس الإسرائيلي لاثنين من المواطنين الأردنيين خارج السفارة، وأشدد خارج السفارة في منزل الحارس بالقرب من السفارة والقتل لصاحب البيت المؤجر للسفارة، وللعامل النجار الذي يعرف أين العمل ؟ لدى موظف بالسفارة، وهذا يعني أن كليهما لديه فحص أمني مسبق، ومع ذلك قام الحارس بقتلهما دون سبب سياسي أو وطني أو قومي فهما ليسا من السياسيين، بل من الذين تعودوا العمل مع طواقم السفارة، مما يدلل على حجم العنجهية والنظرة الدونية للتعامل الأمني الإسرائيلي مع الأردنيين، فالثقافة الأمنية لديهم أن كل من هو غير يهودي لا يستحق الشفقة، ولهذا يتصف الموقف الرسمي الأردني بالصلابة في التعامل مع تداعيات قتل الأردنيين ورفض عودة الطاقم الدبلوماسي إلا بعد محاكمة ومعاقبة القاتل إحقاقاً للحق ورداً على استفزازات نتنياهو الذي عامل القاتل باعتباره بطلاً نفذ عملاً بطولياً ضد مدنيين واستطاع تحريره من الأسر الأردني، وكأنه كان مبعوثاً لتنفيذ عمل خارق وعاد سالماً دون أن يمسه أحد بأذى !! .
لهذه الأسباب الجوهرية، وليست الشكلية الإجرائية تزداد الفجوة اتساعاً بين السياسات الأردنية في مواجهة السياسات الإسرائيلية ولهذه الأسباب وغيرها وفي طليعتها أولاً قدرة جلالة الملك في التأثير على موقف الرئيس ترامب من قرار نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس، والموقف الأميركي من التسوية ووضع فرامل أردنية لإدارة الرئيس ترامب في اندفاعها نحو الانحياز الأقوى لسياسات المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي فجلالة الملك لديه القدرة على مخاطبة الغرب بلغتهم وفهمه لمصالحهم، وثانياً قدرة الدبلوماسية الأردنية على حشد الأصدقاء والمؤيدين لصيغ القرارات الصادرة عن منظمة اليونسكو جعلت نتنياهو يخرج عن طوره، ويبحث عن أي عملاء وأدوات يستفزون الأردن والأردنيين، ولم يجدوا سوى هؤلاء يملكون وقاحة التجاوب مع خطة نتنياهو الذي يقف خلف القرار السياسي لعقد مثل هذه « التفليمة السخيفة « التي نفذها قادة من المستوطنين المتطرفين، وهم من المنبوذين حتى من التيارات المعتدلة لدى المجتمع الإسرائيلي .
لهذا أنا فرح ليس فقط للأسباب والدوافع التي جعلت نتنياهو يقوم بهذا الفعل الطبيعي من عدو لا يملك ذرة إحساس بالمسؤولية، أو رغبة بالتعايش المشترك، أو قدرة على التكيف مع قيم الندية والاحترام المتبادل، قلت ليس فقط للأسباب المذكورة وهي جوهرية تدلل على أن موقفنا صحيح ومنطقي وينسجم مع مصالحنا الوطنية والقومية كدولة وشعب لا يستطيع ولا يملك إلا أن يكون في الخندق المتصادم مع المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي، والمؤيد والداعم للمشروع الوطني الديمقراطي الفلسطيني .
وليس هذا وحسب بل أنا فرح لأسباب أخرى أولها أن قدرة المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي وتفوقه وقفت عند هؤلاء الثلاثة، وأخفقت في اصطياد أي شخص أردني له قيمة سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو اعتبارية وتوظيفه لمثل هذا الفعل السياسي المشين، وثانيهما أنهم فشلوا أيضاً في إحضار أي شخص فلسطيني من مناطق 48 أبناء الجليل والمثلث والنقب ومدن الساحل المختلطة، أو مناطق 67 أبناء الضفة الفلسطينية والقدس والقطاع، للمشاركة في هذا المؤتمر تأييداً أو دعماً، رغم محاولاتهم الحثيثة نحو طرفي المكون الفلسطيني على أرض فلسطين، أبناء 48 وأبناء 67، ولكنهم سجلوا الفشل الذريع، وهنا يكتمل فرحي ونشوتي بعكس رفاقي وأصدقائي وإخواني النواب والحزبيين والكتاب، فقد فرحت لدوافع انعقاد المؤتمر لأنه يكشف السياسة الحقيقية الكامنة لدى قادة المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي نحو الأردن ككيان سياسي ودولة وشعب، وفرحت لأن الذين قاموا بالعمل هم من قادة الائتلاف السياسي الذي تتشكل منه حكومة نتنياهو حتى لا يقولوا أنهم أناس من الهامشيين ولا يمثلوا الليكود والأحزاب المؤتلفة الحاكمة لحكومة تل أبيب، وفرح لأن الذين تم اختيارهم لا يمثلون حالة أردنية تستحق التوقف والرهان .
ولكن لا يعني هذا عدم اليقظة والتقييم والمرور على هذا الفعل وكأنه لم يحدث، بل هذا الفعل وغيره العشرات يؤكد حقيقتين سياسيتين هما :
أولاً : يجب مواصلة العمل ضد المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي حماية للأمن الوطني الأردني، فالسياسات الإسرائيلية الهادفة نحو تهويد القدس، وأسرلة الغور، وتمزيق الضفة الفلسطينية بالمستعمرات والشوارع الالتفافية، وقطع الصلة بين القدس والضفة والقطاع تهدف لجعل الأرض الفلسطينية طاردة لشعبها وأهلها وسكانها ورحيلهم القسري إلى خارج فلسطين، وجعل الأردن موطناً وحاضنة للفلسطينيين، أي بالعمل على رمي المشكلة الفلسطينية على الأردن والأردنيين، وهذا مساس بالأمن الوطني الأردني، وتحميل الأردن ما لا يستطيع تحمله من أزمات وتعقيدات سياسية واقتصادية واجتماعية، وهذا ما يفرضه علينا هذا التحدي بالعمل على الحفاظ على أمننا الوطني في مواجهة سياسات العدو الوطني والقومي الإسرائيلي بجعل الأردن وطناً للفلسطينيين، ففلسطين هي وطن الفلسطينيين، كما هو الأردن وطن الأردنيين، ومصر للمصريين وسوريا للسوريين .
ثانياً : خدمة للهدف الأول وتحقيقاً له، وإمعاناً في الواجب الوطني والقومي والديني والإنساني الملقاة علينا وإلتزاماً به، يجب العمل على دعم وإسناد الشعب الفلسطيني، لبقاء صموده على أرضه، سواء في مناطق 48 لمواجهة التمييز والإقصاء، أو في مناطق 67 لمواجهة الاستيطان والمصادرة والحكم العسكري والاحتلال .
نضال الشعب الفلسطيني، من أجل استعادة حقوقه الكاملة غير المنقوصة في العودة والمساواة والاستقلال حماية للأردن وأمنه واستقراره وتقدمه، ولهذا علينا أن لا نتردد في العمل من أجل حماية الأردن واستقراره وأمنه، ومن أجل تحرير فلسطين، تلك هي المعادلة المختبرة والصائبة والواقعية لمواجهة المشروع الاستعماري التوسعي الإسرائيلي وهزيمته.
h.faraneh@yahoo.com
* كاتب سياسي مختص بالشؤون الفلسطينية والإسرائيلية.