الأردن معني برسالة «المحاور» والسعودية أولويتها إيران لا القدس
عمان جو- بسام البدارين
ليس سرًا أن عمان بذلت خلال الأيام القليلة الماضية جهداً معقداً وراء الكواليس لضمان تمثيل بمستوى لائق وحضور جميع الأطراف لاجتماع وزراء الخارجية العرب المصغر المقرر سابقًا بعد غد السبت على أمل التوصل إلى استنتاجات محددة بشأن الخطوة التالية في استراتيجية الدفاع عن القدس.
ست دول يفترض أن تحضر هذا الاجتماع والبند الرئيسي على جدول الأعمال هو آلية ووسائل التصرف بعدما حصل في الجمعية العمومية للأمم المتحدة وتقرير مصير القمة الطارئة على مستوى الزعماء العرب التي تقرر الشهر الماضي أن تعقد بعد أسابيع في الأردن. ولا توجد مؤشرات مقنعة توحي بأن انعقاد القمة العربية سريع وفعال او ممكن من دون خلافات لأن بيع المواقف على المستوى العربي تحت لافتة القدس هو اللغة المسيطرة اليوم على خطاب وزراء الخارجية العرب أكثر من البحث في التقنيات والوسائل وفقاً لما سربه لـ «القدس العربي» مصدر سياسي فلسطيني مشتبك مع التفاصيل.
عمّان في المستوى الدبلوماسي تتحمس لهذا اللقاء ليس لإكمال مشوارها فحسب، في مجال مواجهة تداعيات ما بعد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بنقل السفارة، ولكن أيضاً لأنها مهتمة بصفة خاصة بأن يحضر الطرفان الأساسيان بهذا الاجتماع على مستوى وزير الخارجية وليس السفراء ضمن محور أبو ظبي – الرياض – تحديداً وبهدف إعادة انتاج الانطباع بأن الأردن لا يزال في محوره القديم عربيًا، ويؤمن بالتنسيق ولا يخطط لمغادرة هذا المحور كما يوحي العديد من التقارير الإعلامية والسياسية.
الأردن أيضاً مهتم بأن يحضر وزراء خارجية اللجنة الرباعية حيث مصر والأردن نفسه مع السعودية والإمارات إضافة إلى الممثل الفلسطيني للقضية بطبيعة الحال ووزير الخارجية المغربي بصفته رئيساً للجنة القدس في الجامعة العربية.
يفترض أن يحضر أيضاً أحمد أبو الغيط الأمين العام للجامعة العربية على أمل انتاج تواقيت موثقة واقحام الجامعة ومؤسساتها بتفاصيل المواجهة المطلوبة في ملف القدس ضمن كلاسيكيات الرباعية العربية نفسها ومعسكر الاعتدال العربي حيث هجمة جديدة دبلوماسياً تحاول الاستثمار في الاتجاه الأوروبي وحيث المبادرة العربية والهتاف مجدداً لخيار الدولتين، الأمر الذي يبرر عملياً حرص الأردنيين على إحياء اللجنة الرباعية العربية.
يحب الأردن أن يحضر وزيرا خارجية الإمارات والسعودية شخصيًا لكن لا يوجد ضمانات أكيدة لحضورهما قبل 48 ساعة من انعقاد الاجتماع. كما يحب وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي أيضاً تطوير آليات لمواجهة تداعيات ملف القدس تتجاوز من دون تجاهل الكلاسيكيات والتراثيات المشار إليها وثمة اقتراح سيبحثه الاجتماع تحت عنوان إنجاز اختراقات جديدة من بينها رعاية أممية او متعددة الأطراف هذه المرة ومن دول محورية كبيرة مثل روسيا وتحت مظلة الاتحاد الأوروبي.
قد لا تحصل عمان على مرادها هنا، لأن التكتيكات المرتقبة للدول الست في اجتماع عمان قد تصطدم بالأجندات الثنائية والفردية حيث يبدو وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي مستعداً للحضور مع ورقة تطلب الدعم للسلطة في استثمار خيارات دُولية من طراز تقديم شكوى لمجلس الأمن ضد القرار الأمريكي. أو اللجوء للمحكمة الدُّولية او حتى إكمال المواجهة تحت لافتة البند السابع لوثيقة الأمم المتحدة التي تعتبر قرار الجمعية العمومية الأخير ملزماً، لأن الاجتماع الذي اتخذ القرار انعقد أصلاً تحت بند قانون يلزم الدول الأعضاء بالتصويت.
الأجندة الإسرائيلية المتسارعة ضغطت بدورها مسبقا على برنامج اجتماع عمان الوزاري الذي يسبق قمتها الطارئة حيث فرض قرار الكنيست الإسرائيلي الأخير بضم القدس إيقاعاً مختلفاً كما فرض قرار تصويت حزب الليكود على ضم القدس والضفة إيقاعاً استفزازياً يرهق المبادرات العربية ويقحمها في الكثير من التفاصيل. لذلك استبق الوزير الصفدي الاجتماع بتصريح مبكر أمس الأول شكك فيه بشرعية القرارات الإسرائيلية الأخيرة وعلى المنوال ذاته أعلنت السلطة الفلسطينية بعد التهديد الأمريكي بقطع المعونات عنها أن القدس ليست للبيع ولو بالمليارات كما قال الناطق باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة.
واستبقت عمان ايضاً الاجتماع بالاتصال الهاتفي الودي بين الملك عبد الله الثاني وولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد وبصورة تسمح فيما يبدو بإحياء شكلي في الأقل للرباعية العربية في الوقت الذي لا يزال فيه الموقف السعودي غامضاً لأن الإشارات التي تلتقطها مجسّات الدبلوماسية الأردنية من الوزير عادل الجبير تؤشر مجدداً إلى رفض فكرة استهداف الراعي الأمريكي للمفاوضات.
وتؤشر بالوزن عينه تقريباً إلى أولويات سعودية قد لا يكون من بينها التصعيد ضد الإدارة الأمريكية في ملف القدس خصوصاً في اللحظة التي تضطرب فيها الأوضاع في إيران وتزداد سخونة في اليمن وهما بوصلتان ينقل مقربون أردنيون من الوزير الجبير قوله بأنهما الأهم في الأجندة السعودية.
يعقد اجتماع عمان أيضاً فيما يزداد شعور الأردنيين بتراجع كبير في مستوى التنسيق بينهم وبين السعودية، ويعقد أيضاً في ضوء محاولة إنعاش غير مضمونة النتائج للاتصالات مع أبو ظبي ووسط توجّه قوي في الدَّولة الأردنية بدأ يشعر بأن أجندة الرئيس الفلسطيني محمود عباس تعود إلى مربع الاحتفاظ بالمعلومات وعدم مشاركة الأردن بها.
وسط هذه التعقيدات يجلس ممثلو ست دول عربية في اجتماع لا يقل تعقيداً في العاصمة الأردنية يوم السبت على أمل إكمال برنامج أقر سابقًا على مستوى مجلس وزراء الخارجية العرب في الجامعة، وهو البرنامج نفسه الذي تاهت تفاصيله الإجرائية بسبب تباين المواقف والاتجاهات وتعاكس وأحياناً تقاطع الأجندات والأولويات.
بالنسبة للحلقة الأردنية في المشهد انعقاد الاجتماع بحد ذاته مكسب صغير وقد يفيد في مستويات لا علاقة لها بملف القدس.
القدس العربي
عمان جو- بسام البدارين
ليس سرًا أن عمان بذلت خلال الأيام القليلة الماضية جهداً معقداً وراء الكواليس لضمان تمثيل بمستوى لائق وحضور جميع الأطراف لاجتماع وزراء الخارجية العرب المصغر المقرر سابقًا بعد غد السبت على أمل التوصل إلى استنتاجات محددة بشأن الخطوة التالية في استراتيجية الدفاع عن القدس.
ست دول يفترض أن تحضر هذا الاجتماع والبند الرئيسي على جدول الأعمال هو آلية ووسائل التصرف بعدما حصل في الجمعية العمومية للأمم المتحدة وتقرير مصير القمة الطارئة على مستوى الزعماء العرب التي تقرر الشهر الماضي أن تعقد بعد أسابيع في الأردن. ولا توجد مؤشرات مقنعة توحي بأن انعقاد القمة العربية سريع وفعال او ممكن من دون خلافات لأن بيع المواقف على المستوى العربي تحت لافتة القدس هو اللغة المسيطرة اليوم على خطاب وزراء الخارجية العرب أكثر من البحث في التقنيات والوسائل وفقاً لما سربه لـ «القدس العربي» مصدر سياسي فلسطيني مشتبك مع التفاصيل.
عمّان في المستوى الدبلوماسي تتحمس لهذا اللقاء ليس لإكمال مشوارها فحسب، في مجال مواجهة تداعيات ما بعد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بنقل السفارة، ولكن أيضاً لأنها مهتمة بصفة خاصة بأن يحضر الطرفان الأساسيان بهذا الاجتماع على مستوى وزير الخارجية وليس السفراء ضمن محور أبو ظبي – الرياض – تحديداً وبهدف إعادة انتاج الانطباع بأن الأردن لا يزال في محوره القديم عربيًا، ويؤمن بالتنسيق ولا يخطط لمغادرة هذا المحور كما يوحي العديد من التقارير الإعلامية والسياسية.
الأردن أيضاً مهتم بأن يحضر وزراء خارجية اللجنة الرباعية حيث مصر والأردن نفسه مع السعودية والإمارات إضافة إلى الممثل الفلسطيني للقضية بطبيعة الحال ووزير الخارجية المغربي بصفته رئيساً للجنة القدس في الجامعة العربية.
يفترض أن يحضر أيضاً أحمد أبو الغيط الأمين العام للجامعة العربية على أمل انتاج تواقيت موثقة واقحام الجامعة ومؤسساتها بتفاصيل المواجهة المطلوبة في ملف القدس ضمن كلاسيكيات الرباعية العربية نفسها ومعسكر الاعتدال العربي حيث هجمة جديدة دبلوماسياً تحاول الاستثمار في الاتجاه الأوروبي وحيث المبادرة العربية والهتاف مجدداً لخيار الدولتين، الأمر الذي يبرر عملياً حرص الأردنيين على إحياء اللجنة الرباعية العربية.
يحب الأردن أن يحضر وزيرا خارجية الإمارات والسعودية شخصيًا لكن لا يوجد ضمانات أكيدة لحضورهما قبل 48 ساعة من انعقاد الاجتماع. كما يحب وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي أيضاً تطوير آليات لمواجهة تداعيات ملف القدس تتجاوز من دون تجاهل الكلاسيكيات والتراثيات المشار إليها وثمة اقتراح سيبحثه الاجتماع تحت عنوان إنجاز اختراقات جديدة من بينها رعاية أممية او متعددة الأطراف هذه المرة ومن دول محورية كبيرة مثل روسيا وتحت مظلة الاتحاد الأوروبي.
قد لا تحصل عمان على مرادها هنا، لأن التكتيكات المرتقبة للدول الست في اجتماع عمان قد تصطدم بالأجندات الثنائية والفردية حيث يبدو وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي مستعداً للحضور مع ورقة تطلب الدعم للسلطة في استثمار خيارات دُولية من طراز تقديم شكوى لمجلس الأمن ضد القرار الأمريكي. أو اللجوء للمحكمة الدُّولية او حتى إكمال المواجهة تحت لافتة البند السابع لوثيقة الأمم المتحدة التي تعتبر قرار الجمعية العمومية الأخير ملزماً، لأن الاجتماع الذي اتخذ القرار انعقد أصلاً تحت بند قانون يلزم الدول الأعضاء بالتصويت.
الأجندة الإسرائيلية المتسارعة ضغطت بدورها مسبقا على برنامج اجتماع عمان الوزاري الذي يسبق قمتها الطارئة حيث فرض قرار الكنيست الإسرائيلي الأخير بضم القدس إيقاعاً مختلفاً كما فرض قرار تصويت حزب الليكود على ضم القدس والضفة إيقاعاً استفزازياً يرهق المبادرات العربية ويقحمها في الكثير من التفاصيل. لذلك استبق الوزير الصفدي الاجتماع بتصريح مبكر أمس الأول شكك فيه بشرعية القرارات الإسرائيلية الأخيرة وعلى المنوال ذاته أعلنت السلطة الفلسطينية بعد التهديد الأمريكي بقطع المعونات عنها أن القدس ليست للبيع ولو بالمليارات كما قال الناطق باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة.
واستبقت عمان ايضاً الاجتماع بالاتصال الهاتفي الودي بين الملك عبد الله الثاني وولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد وبصورة تسمح فيما يبدو بإحياء شكلي في الأقل للرباعية العربية في الوقت الذي لا يزال فيه الموقف السعودي غامضاً لأن الإشارات التي تلتقطها مجسّات الدبلوماسية الأردنية من الوزير عادل الجبير تؤشر مجدداً إلى رفض فكرة استهداف الراعي الأمريكي للمفاوضات.
وتؤشر بالوزن عينه تقريباً إلى أولويات سعودية قد لا يكون من بينها التصعيد ضد الإدارة الأمريكية في ملف القدس خصوصاً في اللحظة التي تضطرب فيها الأوضاع في إيران وتزداد سخونة في اليمن وهما بوصلتان ينقل مقربون أردنيون من الوزير الجبير قوله بأنهما الأهم في الأجندة السعودية.
يعقد اجتماع عمان أيضاً فيما يزداد شعور الأردنيين بتراجع كبير في مستوى التنسيق بينهم وبين السعودية، ويعقد أيضاً في ضوء محاولة إنعاش غير مضمونة النتائج للاتصالات مع أبو ظبي ووسط توجّه قوي في الدَّولة الأردنية بدأ يشعر بأن أجندة الرئيس الفلسطيني محمود عباس تعود إلى مربع الاحتفاظ بالمعلومات وعدم مشاركة الأردن بها.
وسط هذه التعقيدات يجلس ممثلو ست دول عربية في اجتماع لا يقل تعقيداً في العاصمة الأردنية يوم السبت على أمل إكمال برنامج أقر سابقًا على مستوى مجلس وزراء الخارجية العرب في الجامعة، وهو البرنامج نفسه الذي تاهت تفاصيله الإجرائية بسبب تباين المواقف والاتجاهات وتعاكس وأحياناً تقاطع الأجندات والأولويات.
بالنسبة للحلقة الأردنية في المشهد انعقاد الاجتماع بحد ذاته مكسب صغير وقد يفيد في مستويات لا علاقة لها بملف القدس.
القدس العربي