إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

 منحنيات حرجة في الأردن بسبب الأسعار: تكرار السطو على بنوك يقرع جرس الإنذار


ارتباك «بيروقراطي» وفوضى محتملة في السوق

 

عمان جو –بسام البدارين

 

بدأت الأمور في الحالة الداخلية الأردنية، وتحديدًا في المسألة الاقتصادية والمالية، تتخذ منحنيات حرجة أحيانًا واستدراكية وفوضوية احيانًا أخرى، بعد موجة كبيرة من رفع الأسعار والضرائب، جازفت بها الحكومة مقابل ثبات الرواتب والدخل بصورة تُعيد إنتاج القناعة بأن الخيار السياسي الإقليمي بدأ يضغط بشدة على الوضع الداخلي الأردني.

الجرس الأمني قرع بشدة مجددًا أمس الأربعاء، بعدما تكرر مشهد المحاولة الفردية للسطو على فرع أحد البنوك التي أصبحت فجأة خاصرة رخوة يمكن الاعتداء إجراميا عليها من دون حتى اعتراض من قبل الرأي العام. لا بل مع بعض التعاطف مع مثل هذه الحالات الفردية من الانحراف الجنائي. 

قبل ذلك سجلت الأجهزة الأمنية رسالة قوية في السيطرة والتحكم عندما قبضت على لص آخر في أقل من ساعة سرق بنكاً في ضاحية عبدون غربي العاصمة عمان ولإظهار الهيبة الأمنية نشرت صورة اللص الشاب أمام الرأي العام بعد أقل من ساعة على القبض عليه وبحوزته المسروقات.

هذه التداعيات يمكن اعتبارها نموذجاً مصغراً لما يمكن أن ينتج على الحالة الأمنية بسب موجة رفع الأسعار والضرائب البشعة، حيث تصر الحكومة على تصلبها، ودخل الجميع في حالة قلق عامة عبر عنها عضو البرلمان المخضرم خليل عطية، وهو يعلن تحت القبة في خطاب انفعالي أن على الحكومة التراجع فورًا لأن الشارع يغلي وقد ينفجر حتى قبل يوم الرفع الكبير المقرر في بداية الشهر.

حوادث السطو على بنكين في وقت قصير أعادت إنتاج المخاوف التي يحذر منها قادة العمل الشعبي والبرلماني خصوصًا أن الحكومة توسعت في فرض معادلة ضريبية رفعت أسعار السلع والخدمات بصورة غير مسبوقة، كما يؤكد عطية نفسه لـ»القدس العربي» وهو يحذر ليس فقط من الفوضى والارتباك في الأسواق والشارع، إنما أيضا من ضعف الواردات للخزينة في حالة الركود، بصورة تؤكد إخفاق الرهانات الرقمية لتوقعات الحكومة.

في المسألة الأمنية لا يقتصر الأمر على الجاهزية للتعاطي مع أي انحرافات إجرامية الطابع يمكن أن تنتج عن الارتفاع الكبير في الأسعار، سواء تعلق الأمر بسرقة بنوك على أساس اجتهاد فردي، او بسرقة محطات وقود او باقتحام صيدليات.

ذلك عبء كبير على المؤسسة الأمنية، وإحدى الهزات الارتدادية التي باتت متوقعة، خصوصًا بعد دعوة بعض نشطاء المعارضة إلى ما يشبه العصيان ومقاطعة السلع والبقاء في دائرة الاحتجاج على التسعير والتصعيد الضريبي الجديد.

مجلس النواب من جهته بدأ يتحرك فعقد جلسة للأسعار كان قد تهرب منها الأسبوع الماضي، و«القدس العربي» بدأت تستمع لقادة المجلس وهم يطرحون معادلة تتحدث عن ضرورة أن تفهم الحكومة الفارق بين إقرار الميزانية كقانون وتشريع، وعدم وجود تفويض لها بعد إقرار الميزانية على صعيد الرفع الجنوني للأسعار.

يتحدث عن هذا الأمر بلغة تشعر بقدر من الإحراج مع الشارع رئيس المجلس عاطف الطراونة ويحذر من التداعيات باللغة ذاتها اليوم نائبه خميس عطية.

والنواب عموما بدأوا يحاولون الحفاظ على هيبتهم عند الناس عبر الهجوم على وزير المالية عمر ملحس الذي اتهمه النائب محمود النعيمات علناً بأنه يتجاهل بغرور مجلس النواب.

في الأثناء رفع قطاع الصيادلة وإنتاج الدواء صوتهم بالاحتجاج الشديد، وبدا الارتباك يسري في المثلث البيروقراطي الذي يجمع لجان الضريبة بوزارتي المالية والصناعة والتجارة ورئاسة الوزراء، وهو مثلث بدأ يكتشف يوميا أخطاء ناتجة عن التسرع في قوائم السلع المرفوعة والخاضعة للضريبة الجديدة.

في الأثناء ارتبك أيضاً السوق وتحديداً القطاع التجاري، لأن اللجان البيروقراطية المعنية بالتسعير والتوثيق الضريبي تتلقى بسرعة أوامر سياسية مضطربة غير منسقة، تصدر عن وزيرين في الحكومة، فيما يحاول مكتب رئيس الوزراء ومعه الأجهزة الأمنية احتواء هذا المشهد المهم والمستجد وتداعياته على نظام القطعة.

لغة التحذير والاحتجاج، بدأت تتجاوز الحكومة، وتخاطب مؤسسة القصر الملِكِي وتدعوها للتدخل، وقد حصل ذلك أمس الأربعاء عندما أعلن رئيس الحكومة تراجعه بأمر ملكي مباشر عن رفع الضريبة الجديدة على الأدوية.

لا يخلو الأمر أيضاً من اعتراضات خشنة وتحضيرات لاعتراضات أخشن في قطاع المزارعين وضغوط تمارس على النقابات والنواب والأحزاب، وتساؤلات فوضوية حول ما سيجري الأسبوع المقبل في اليوم الأول من شهر شباط، حيث دعوات على الفيسبوك وعبر المجموعات التواصلية للاحتجاج في الشارع.

وتلك دعوات احتاجت فعلًا الأسبوع الماضي إلى جهد أمني جبّار تحت عنوان المتابعة والتدقيق والاختراق والتهدئة والتخدير، بعد صدمة الرفع الكبير للأسعار والضرائب، التي لم يعد من الممكن تجاهلها او حتى التراجع عن أسبابها، لأن الحكومة في النهاية قد تقدم بعض التنازلات، لكنها بكل حال ليست بصدد التراجع عن البرنامج نفسه، وقبل 24 ساعة فقط من الاستقبال الخامس لبعثة صندوق النقد الدُّولي التي يفترض ان تصل إلى عمان ظهر اليوم الخميس.

يعبر المختصون عن خوفهم من الانفلات في التسعير الضريبي ومن لجوء التجار إلى التهريب والرشوة بديلاً لتعويض الفوارق، ومن نشاط السوق السوداء على أساس معادلة اقتصادية معروفة مهنيا قوامها أن السوق قد يدخل في حـالة فوضـى، لكنه لا يقبل الفـراغ.القدس العربي




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :