الأسعار في الأردن تقفز وسط معارضة شديدة في الشارع
عمان جو - بسام البدارين
لا تعرف غالبية نشطاء السياسة والشارع في الأردن الناشط المثير للجدل علي البريزات أحد المؤثرين في الحراك الشعبي الأردني في مناطق جنوب عمان العاصمة. لكن الرجل رغم ضعف تغطيته إعلاميا كان النجم الأبرز طوال الأسبوع الماضي في مجال التداول الكثيف والعنيف لشريط فيديو يتحدث فيه مع بعض المواطنين مباشرة عن ظاهرة الغلاء وملف الأسعار. الشريط تم تداوله عبر وسائط التواصل الاجتماعي بشكل عاصف وغير مسبوق حيث تبادله عشرات الآلاف من الأردنيين، وامتنعت السلطات الحكومية عن التعليق على مضمون الخطاب المثير جدا الذي تقدم به نجم المعارضة الجديد في الشارع الأردني والذي يعرفه الناشطون فقط في مجال الحراك منذ سنوات الربيع العربي.
سبب الرواج العنيف لخطبة في غاية الإثارة ألقاها البريزات في الشارع العام وتم تصويرها له علاقة بالسقف غير المسبوق الذي تحدث فيه وهو يناقش أزمة الأسعار.
في طبيعة الحال لا تسمح القوانين المعنية بالنشاط الإلكتروني أو المطبوعات بنشر سلسلة الألفاظ والاتهامات والعبارات التي تقدم بها هذا المعارض الشرس والجديد في لعبة الأضواء.
خطاب البريزات في سياق ملف الأسعار أصبح العنوان الأبرز عمليا لارتفاع سقف النقد على مستوى القيادات المحلية وفي الشارع وبشكل غير مسبوق خصوصا بعدما تجاوزت بعض الهتافات والمداخلات في أكثر من مدينة أردنية الخطاب الاعتيادي الداعي إلى إسقاط حكومة الرئيس هاني الملقي ومجلس النواب الحالي بعد موجة الأسعار المثيرة للجدل.
التعبيرات الخشنة والقاسية وغير المألوفة التي وردت في خطاب مصور لالبريزات ثقبت السقف المعتاد وأصبحت دليلا على عمق أزمة الأسعار وتأثيرها في بنية المجتمع، بالرغم من أن الجمهور لا يحتج بكثافة في الشارع ضد ارتفاع الأسعار وأن أقلية من الأردنيين في بعض مناطق الجنوب وفي مدينة السلط فقط تجاوزت في الاعتراض والاحتجاج الخطاب المألوف.
تبدو الحكومة بشكل عام مرتاحة لأن الجمهور يتفهم مسوغات الإصلاح الاقتصادي ولأن التعاطي الشعبي مع موجة الأسعار التي ارتفعت بصورة غير مسبوقة عبر بالحد الأدنى من الاعتراض والاحتجاج في الشارع.
لكن هذا الرأي يقابله ساسة وخبراء بالتحذير من الاحتقان ومن أن التداعيات المباشرة اليومية من ارتفاع الأسعار على المواطنين لم تظهر ملامحها أو نتائجها بعد، وعلى أساس أن الكبت والاحتقان هما الأخطر من الصراخ وارتفاع الصوت في الشارع.
في كل حال مضمون خطبة البريزات المثيرة عاد إلى كلاسيكيات الطرح القديم الذي يتحدث عن تحالف بين الماسونية وإسرائيل لتركيع الشعب الأردني مع اتهام مباشر للسلطات بالسعي إلى إذلال الأردنيين والمس بكرامتهم وبصورة مقصودة.
البريزات وفي خطبته نفسها ووفقا لما يسمح القانون بنشره طلب من الأردنيين عدم التحدث مع أو عن الحكومة والبرلمان بل مخاطبة مركز القرار في الدولة، كما وصف المسؤولين جميعا وبدون استثناء بأنهم عبارة عن «شراشف» ولا ينبغي التحدث معهم بل اتهم بعضهم بخيانة عشائرهم وعائلاتهم وأهلهم مقابل مكتسبات وامتيازات ذاتية بائسة.
قبل ذلك وفي مدينة السلط تحديدا برزت مؤشرات على اختلاف مضمون الاحتجاج حيث بيانات تعيد التذكير أن الأزمة الأساسية هي في آلية اختيار رئيس الوزراء والحكومة وليس فقط في ارتفاع الأسعار وحيث إطارات أحرقت ولأول مرة في الشارع.
وقبل ذلك أيضا انتشرت تلك التعابير المؤلمة لأردنيين بعيدا عن العاصمة عمان يصورون أشرطة فيديو ويخاطبون فيها مؤسسة القصر الملكي وليس الحكومة مشتكين من سوء الأحوال المعيشية ومطالبين بالتدخل لوقف نزف معاناة الأردنيين ومؤكدين عدم رغبة غالبية المواطنين في الصدام مع أجهزة الأمن وقوات الدرك في الشارع وهو حصريا المضمون الذي ورد في تسجيلين على الأقل لمواطنين عاديين بعيدا عن القوى والتأثيرات والمعطيات المعنية بالأحزاب والتيارات المنظمة.
يُثبت ذلك أن شرائح أساسية في المجتمع الأردني انقسمت إلى فريقين: الأول يناشد ويطالب بالتدخل الملكي ويتظلم ويسعى للإنصاف، والثاني يتجرأ على اقتراحات ومقاربات تتهم السلطة والدولة وتحاول توسيع نطاق استهدافات ملف الأسعار بعيدا عن سياقها المحلي فقط بل في اتجاه سياق أعمق وأبعد سياسيا له علاقة بتركيع الأردنيين قصدا وبصورة منهجية، الأمر الذي يفسر إعادة نشر وبث شريط البريزات وتوزيعه من قبل المعارض البارز ليث شبيلات مثلًا.
سقف النقد يرتفع ومسألة الأسعار في الأردن أصبحت تثار في سياق يتباين مع المبررات الاقتصادية ويقترب أكثر من تنشيط أزمة صامتة بين شرائح عريضة في المجتمع وآلية القرار في مستوى الدولة وليس الحكومة فقط. والأخطر والأعمق والأكثر حساسية هو» تسييس» بعض رموز الشارع لمسألة الأسعار باعتبارها لا تخص الجانب المحلي المعيشي والخدماتي، بل مرتبطة باعتبارات إقليمية ودولية وسياسية أبعد تحت عنوان إضعاف الأردنيين بالتحالف مع نخبهم وقياداتهم وفي إطار عنوان أعرض يتعلق بإجبارهم لاحقًا على مسارات سياسية تضر بهُويتهم ومصالحهم.
كثيرون بدأوا ينظرون لمسألة الأسعار في مثل هذا السيناريو حصريا خصوصا وأن الخطاب الحكومي أخفق عمليا في إضفاء مصداقية على مبررات الرفع الكلي والتنميط الضريبي الجديد لأسعار غالبية ساحقة من السلع والخدمات.
بالتوازي يحصل ذلك مع بروز نمط من التضليل في خطاب المسؤولين والوزراء عند التفاصيل بحيث ظهرت مؤشرات خلل وأخطاء وعثرات داخلية عند التطبيق، الأمر الذي يعزز الشعور السياسي العام بأن للمسألة أبعادا سياسية أعمق وأنها لا تتعلق فقط بالأرقام والحيثيات المالية ووضع الميزانية مما سمح بالنتيجة لملف الأسعار بالمساهمة في ولادة رموز معارضة خشنة وغليظة في التعبير في الشارع، من بينهم كان البريزات وقبله النائبة السابقة هند الفايز ومعهما معارض حراكي من وزن سعد العبادي، وكثيرون يتحملون اليوم في المشهد الدائري عبء المايكروفون المعارض.
القدس العربي
عمان جو - بسام البدارين
لا تعرف غالبية نشطاء السياسة والشارع في الأردن الناشط المثير للجدل علي البريزات أحد المؤثرين في الحراك الشعبي الأردني في مناطق جنوب عمان العاصمة. لكن الرجل رغم ضعف تغطيته إعلاميا كان النجم الأبرز طوال الأسبوع الماضي في مجال التداول الكثيف والعنيف لشريط فيديو يتحدث فيه مع بعض المواطنين مباشرة عن ظاهرة الغلاء وملف الأسعار. الشريط تم تداوله عبر وسائط التواصل الاجتماعي بشكل عاصف وغير مسبوق حيث تبادله عشرات الآلاف من الأردنيين، وامتنعت السلطات الحكومية عن التعليق على مضمون الخطاب المثير جدا الذي تقدم به نجم المعارضة الجديد في الشارع الأردني والذي يعرفه الناشطون فقط في مجال الحراك منذ سنوات الربيع العربي.
سبب الرواج العنيف لخطبة في غاية الإثارة ألقاها البريزات في الشارع العام وتم تصويرها له علاقة بالسقف غير المسبوق الذي تحدث فيه وهو يناقش أزمة الأسعار.
في طبيعة الحال لا تسمح القوانين المعنية بالنشاط الإلكتروني أو المطبوعات بنشر سلسلة الألفاظ والاتهامات والعبارات التي تقدم بها هذا المعارض الشرس والجديد في لعبة الأضواء.
خطاب البريزات في سياق ملف الأسعار أصبح العنوان الأبرز عمليا لارتفاع سقف النقد على مستوى القيادات المحلية وفي الشارع وبشكل غير مسبوق خصوصا بعدما تجاوزت بعض الهتافات والمداخلات في أكثر من مدينة أردنية الخطاب الاعتيادي الداعي إلى إسقاط حكومة الرئيس هاني الملقي ومجلس النواب الحالي بعد موجة الأسعار المثيرة للجدل.
التعبيرات الخشنة والقاسية وغير المألوفة التي وردت في خطاب مصور لالبريزات ثقبت السقف المعتاد وأصبحت دليلا على عمق أزمة الأسعار وتأثيرها في بنية المجتمع، بالرغم من أن الجمهور لا يحتج بكثافة في الشارع ضد ارتفاع الأسعار وأن أقلية من الأردنيين في بعض مناطق الجنوب وفي مدينة السلط فقط تجاوزت في الاعتراض والاحتجاج الخطاب المألوف.
تبدو الحكومة بشكل عام مرتاحة لأن الجمهور يتفهم مسوغات الإصلاح الاقتصادي ولأن التعاطي الشعبي مع موجة الأسعار التي ارتفعت بصورة غير مسبوقة عبر بالحد الأدنى من الاعتراض والاحتجاج في الشارع.
لكن هذا الرأي يقابله ساسة وخبراء بالتحذير من الاحتقان ومن أن التداعيات المباشرة اليومية من ارتفاع الأسعار على المواطنين لم تظهر ملامحها أو نتائجها بعد، وعلى أساس أن الكبت والاحتقان هما الأخطر من الصراخ وارتفاع الصوت في الشارع.
في كل حال مضمون خطبة البريزات المثيرة عاد إلى كلاسيكيات الطرح القديم الذي يتحدث عن تحالف بين الماسونية وإسرائيل لتركيع الشعب الأردني مع اتهام مباشر للسلطات بالسعي إلى إذلال الأردنيين والمس بكرامتهم وبصورة مقصودة.
البريزات وفي خطبته نفسها ووفقا لما يسمح القانون بنشره طلب من الأردنيين عدم التحدث مع أو عن الحكومة والبرلمان بل مخاطبة مركز القرار في الدولة، كما وصف المسؤولين جميعا وبدون استثناء بأنهم عبارة عن «شراشف» ولا ينبغي التحدث معهم بل اتهم بعضهم بخيانة عشائرهم وعائلاتهم وأهلهم مقابل مكتسبات وامتيازات ذاتية بائسة.
قبل ذلك وفي مدينة السلط تحديدا برزت مؤشرات على اختلاف مضمون الاحتجاج حيث بيانات تعيد التذكير أن الأزمة الأساسية هي في آلية اختيار رئيس الوزراء والحكومة وليس فقط في ارتفاع الأسعار وحيث إطارات أحرقت ولأول مرة في الشارع.
وقبل ذلك أيضا انتشرت تلك التعابير المؤلمة لأردنيين بعيدا عن العاصمة عمان يصورون أشرطة فيديو ويخاطبون فيها مؤسسة القصر الملكي وليس الحكومة مشتكين من سوء الأحوال المعيشية ومطالبين بالتدخل لوقف نزف معاناة الأردنيين ومؤكدين عدم رغبة غالبية المواطنين في الصدام مع أجهزة الأمن وقوات الدرك في الشارع وهو حصريا المضمون الذي ورد في تسجيلين على الأقل لمواطنين عاديين بعيدا عن القوى والتأثيرات والمعطيات المعنية بالأحزاب والتيارات المنظمة.
يُثبت ذلك أن شرائح أساسية في المجتمع الأردني انقسمت إلى فريقين: الأول يناشد ويطالب بالتدخل الملكي ويتظلم ويسعى للإنصاف، والثاني يتجرأ على اقتراحات ومقاربات تتهم السلطة والدولة وتحاول توسيع نطاق استهدافات ملف الأسعار بعيدا عن سياقها المحلي فقط بل في اتجاه سياق أعمق وأبعد سياسيا له علاقة بتركيع الأردنيين قصدا وبصورة منهجية، الأمر الذي يفسر إعادة نشر وبث شريط البريزات وتوزيعه من قبل المعارض البارز ليث شبيلات مثلًا.
سقف النقد يرتفع ومسألة الأسعار في الأردن أصبحت تثار في سياق يتباين مع المبررات الاقتصادية ويقترب أكثر من تنشيط أزمة صامتة بين شرائح عريضة في المجتمع وآلية القرار في مستوى الدولة وليس الحكومة فقط. والأخطر والأعمق والأكثر حساسية هو» تسييس» بعض رموز الشارع لمسألة الأسعار باعتبارها لا تخص الجانب المحلي المعيشي والخدماتي، بل مرتبطة باعتبارات إقليمية ودولية وسياسية أبعد تحت عنوان إضعاف الأردنيين بالتحالف مع نخبهم وقياداتهم وفي إطار عنوان أعرض يتعلق بإجبارهم لاحقًا على مسارات سياسية تضر بهُويتهم ومصالحهم.
كثيرون بدأوا ينظرون لمسألة الأسعار في مثل هذا السيناريو حصريا خصوصا وأن الخطاب الحكومي أخفق عمليا في إضفاء مصداقية على مبررات الرفع الكلي والتنميط الضريبي الجديد لأسعار غالبية ساحقة من السلع والخدمات.
بالتوازي يحصل ذلك مع بروز نمط من التضليل في خطاب المسؤولين والوزراء عند التفاصيل بحيث ظهرت مؤشرات خلل وأخطاء وعثرات داخلية عند التطبيق، الأمر الذي يعزز الشعور السياسي العام بأن للمسألة أبعادا سياسية أعمق وأنها لا تتعلق فقط بالأرقام والحيثيات المالية ووضع الميزانية مما سمح بالنتيجة لملف الأسعار بالمساهمة في ولادة رموز معارضة خشنة وغليظة في التعبير في الشارع، من بينهم كان البريزات وقبله النائبة السابقة هند الفايز ومعهما معارض حراكي من وزن سعد العبادي، وكثيرون يتحملون اليوم في المشهد الدائري عبء المايكروفون المعارض.
القدس العربي