إتصل بنا من نحن إجعلنا صفحتك الرئيسية

الإضراب لا يكفي .


عمان جو - 
فارس الحباشنة

الإضراب لا يكفي . الدولة تنسحب من أبوتها التقليدية ،و الناس يعيدون تنظيم أنفسهم عبر عالم أفتراضي خارج عن السيطرة " الى
حد ما ، و خارج التوزانات و الاصطفافات تحت راية "الاردن أولا والاردن الجديد وكلناالاردن والاردن غير " ، وفي صور مقابلة
تختصر الاردن في رسوم وجوه لخبراء السلطة و المجموعة
اللصيقة للكراسي .

الإضراب من أكثر المفردات الرومانسية و اللطيفة في معجم السياسة . و يبدو أن القوى التحتية عادت للتحرك و تملاء الفراغ العام المدوي و المعطوب .

القوى العلوية مهترئة و بائدة و شيخوختها شرسة، و أشرس تعبيراتها المضادة كانت على لسان رئيس حكومة سابق ورئيس مجلس ادارة بنك حاليا عبدالكريم الكباريتي، وهو واحد من شيوخها السريين ، و المعجزة كما هو ظاهر ستكون صنيعة القوى التحتية ، والمعجزات لا تحقق الأ من الأسفل .

الإضراب تعبير عن صحوة طبقية شعبية ووسطى من ضربات أقتصادية ، و من سياسات حكومية تقود البلاد الى نفق ملظم
وحالك و دامس الظلام ، و يبدو أن الاضراب سيكون بداية لعوارض سياسية أشد احتجاجا في التعبير عن مطالب الاردنيين الملطويين والملكومين و المظلومين والمقهوريين .

هي بداية يستعيد بها الأحتجاج الشعبي بريقه . حيث عادت هذين اليومين مفردات بقوة بعدما أختفت من القاموس السياسي العام . الإضراب أردنيا مفردة طازجة الى الإستهلاك السياسي العام " فريش "ورصيدها مازال قويما وطنيا وشعبيا .


الدولة فشلت في إعادة البناء ، و السلطة بسياساتها وخياراتها العامة أكثر ما هي منفتحة على ايديولوجيا الخلاص،و بالانفتاح الاقتصادي على طريقة روشتات الإقتراض ووصايا صندوق النقد الدولي .

و أكثر التصاقا وحميمة بالنموذج الليبرالي وصعوده كأمل للخروج من نفق مظلم بالاستبداد السياسي و الظلم الاقتصادي .

الإضراب ليس بالكافي . سياسيا أفلتت فرص تاريخية وطنية من بين أيدي الأردنيين .ولم تجنى موجات الأحتجاجات الشعبية غير مضاعفة المضايقة الأمنية و تضييق المجال العام سياسيا ، و إعادة 'دوكرة المعارضة وبيوتها'، ولم يجري أي إصلاح فعلي لحاكمية رشيدة
للدولة .

ولم تستطع القوى الشعبية الغاضبة مواجهة شراسة السلطة و توحشها و سيطرتها على مفاصل الدولة . وتحول الأصلاح من كلمة ثورية و حداثية الى مستهلكة وبائدة و أعتباطية ، وأما الان فيعود نجم
"الإضراب" ، ولكن دون مشروع سياسي ، لتواجه سلطة هي الاخرى من دون مشروع . وهو ما ينذر بحروب فراغات وغوغاء كما تسمى
في أدبيات التحليل السياسي والتاريخي .

الإضراب قطاعي ، ومشاعر الغضب و الشعور بالغبن والظلم المتسربة الى طبقات الفقيرة والوسطى أبعد من مطالب الداعين و القائمين على الاضراب .

أوجاع شرائح الاردنيين المضطهدين بتاريخهم التقليدي المعروف بالتهميش و الإقصاء و التعنيف الطبقي تحت رحمة الوطنية ومسميات مثالية و لطيفة تغازل أوجاع تجويع الاردنيين وقهرهم وسلب حقوقهم وتضمدها بأفيون الوطنية .

جيل من الاردنيون خرجوا من القمقم ، حاولوا أن يحولوا أن ينتلقوا الى مسرح الشأن العام ، نقلوا بخروجهم العشوائي من الحجرات الشخصية تعبيرات عن أشياء جديدة و طازجة تشغل الاردنيين .

وصحيح أن حراس الافكار التقليدية يطلقون صراخات التخويف والرعب ضد أي حرية . ولكن الرغبة الشباب تبدو أكثر جنوحا في التصدي والتحدي و تكسير القيود و طرح الاسئلة و تكسير القواعد التقليدية و بعفوية شديدة ، وبعيدا عن أي مرجعيات عقائدية حزبية تقليدية نائمة في الطوابق السلفى لمجتمع يلغي و يثور و يهيج بالإحتجاج .

مطالب شرائح أجتماعية مازالت لا تلقى أهتمام نخب السلطة الحاكمة . و لكن يبدو أن ثمة لحظات فريدة قد تجعل من الإضراب موضة الموسم السياسية .

موضة مناسبة من وجهة نظر البعض بقوة سلميتها و تكسيرها لإستبداد ملثم بالخوف و القهر و وتقويض نفوس الناس التي لم تعد قادرة على الهتاف في مبارة كرة قدم .




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لن ينشر أي تعليق يتضمن اسماء اية شخصية او يتناول اثارة للنعرات الطائفية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار وكالة عمان جو الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن راي اصحابها فقط.
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق :
تحديث الرمز
أكتب الرمز :