تجارب وزارية ناجحة جدا .. الزراعة نموذجا
عمان جو -احمد حمد الحسبان
في غمرة الحديث عن التغيير الوزاري، والنجاح الذي تحقق في تفاصيل المشهد المحلي، وتفاعلاته الداخلية والخارجية، يبدو ان التوقف ما يزال ضروريا عند بعض المفاصل المهمة. الدافع في ذلك ان ما ابداه الأردنيون من حرص على ان يبقى المشهد نقيا، والهدف وطنيا، يجب ان يبقى عنوانا دائما نتميز به عن غيرنا من بني البشر.
فجل التفاصيل التي حدثت كانت مشرفة، وأثارت اهتمام العالم كله الذي تحركت قياداته وشعوبه للتفاعل مع التجربة، والاشادة بها، الامر الذي يجعل من واجبنا نحن ان نتعمق في دراستها، وان نعظم ايجابياتها وننبذ سلبياتها. وان نربط بين ما نحن فيه وبين التجارب السابقة وصولا الى الأفضل.
ففي ارشيفنا السياسي، هناك تجارب قاتلة أسهمت في بعض ما نعاني منه حاليا. تلك التجارب تبدأ من كثرة التغييرات الحكومية وشمولها لوزارات يحتاج عملها الى برامج طويلة، والقائمين عليها الى ميزات خاصة من الكفاءة والوطنية والتفاني في العمل.
المشكلة في تلك التغييرات تتمثل بغياب المؤسسية، وطغيان العامل الشخصي، وبالتالي رغبة القادم الى كرسي الوزارة بطي صفحة من سبقه، والتنكر لكل ما قام به من خطط وانجازات وبرامج. دون النظر الى الخسارة الوطنية الناتجة عن رغبة البعض في محو أي اثر للوزير السابق.
هذا الواقع يدفعنا الى الخوف على منجزات كبيرة تحققت في بعض الوزارات، وهي منجزات بمسارين، بعضها قصير الاجل وكانت نتائجها إيجابية وملموسة للعيان، وبعضها الاخر طويل الأمد وقد وضعت بناء على دراسات معمقة.
هنا يمكن الإشارة الى قطاعات ثلاث، وهي الزراعة والسياحة والمياه، وما تحقق في هذه القطاعات من إنجازات نعتقد انها كانت كبيرة. فالانصاف يدفعنا الى التوقف عند بعض المحطات الانجازية الكبرى، وعند الخوف من ان ياتي التغيير بنتائج سلبية عليها.
لا اقلل من شان الوزراء في الحكومات السابقة، لكنني اتوقف أولا عند وزارة الزراعة التي تحولت الى ورشة عمل متواصلة على مدى العامين الأخيرين، وعند جهود وزيرها الشاب المهندس خالد الحنيفات الذي أزال كل التشوهات الإدارية التي انجبتها أخطاء سابقة، وأعاد ترتيب البيت ليكون اكثر رشاقة وفاعلية. وغطى الكثير من جوانب الخلل إداريا وتنظيميا.
لن اضيف جديدا اذا اشرت الى ان ما يميز حقبة الوزير حنيفات انها تنطلق من رؤية شمولية للقطاع تأخذ في الاعتبار كل التفاصيل والحيثيات، وتضع التصورات المناسبة لكل تفصيل مهما كان صغيرا. وهو بذلك يسجل سابقة تتمثل بانه صاحب مشروع" رد الاعتبار للملف الزراعي"، وهو الملف الذي أسهمت ممارسات متقاطعة الى تراجع أهميته على السلم الاقتصادي والاجتماعي الوطني. والذي بدأ من جديد يتنفس الهواء الطلق ويستعد للعودة الى ما كان عليه في زمن سابق، ومن خلال توظيف الإمكانات المتاحة توظيفا حسنا وتسخير الكفاءات ومنحها الثقة بالقدرة على العمل والأداء المتميز.
تفصيلا، يمكن التوقف عند كم من الحالات والإجراءات التي تصب في هذا المفهوم. ففي تلك الحقبة، وبجهود متواصلة، نجح الوزير الشاب في رد الاعتبار لعملية الارشاد الزراعي، باعادته الى الوزارة، وتاكيد دوره الفاعل في مرافقة المزارع من البذرة حتى القطاف، كما نجح في تطوير وتحديث المركز الوطني وتفريغه لاعمال البحث العلمي والتجارب وتدعيم الارشاد برفع امكانياته وسوية منتسبيه.
ومن الانجازات التي تسجل له انه قام بوضع خارطة طريق تشمل وقف التشوه في الزراعات النمطية، ووضع حدا لفوضى استخدام المبيدات، وتحديد مايسمى ب" الاقتصاد والاستثمار" في الصناعات الزراعية وصولا الى شراكة تنخفض فيها معدلات الخلل لدى المزارع .
ورافق ذلك قرارات مهمة لتنظيم اليات الاستيراد واهمها البرنامج التكميلي للمستورد والذي يقوم على اساس التناغم بين الانتاج المحلي والمستورد، ضمن رزنامة الطلب في السوق حيث تم بالتدريج تخفيض الاستيراد على كثير من المحاصيل بما يلامس الاكتفاء الذاتي، ومنها البصل والثوم. وكذلك تخفيض المستورد من اللحوم المبردة والحية من مليون ونصف عام ٢٠١٧ الى نصف مليون عام ٢٠١٨ دون ان يؤثر ذلك على الاسعار، وبما يحمي الللحوم البلدية.
واطلق الحنيفات البرنامج الوطني لمتابعة متبقيات المبيدات تحت شعار الحفاظ على صحة المواطن والمستورد، وحماية سمعة المنتج الاردني. وهو برنامج متكامل ياخذ في الاعتبار كافة العناصر اللازمة، بدءا من توفير متطلبات الفحص، والتكامل في اجراءات المتابعة.
وفي هذا السياق، تم توقيع اتفاقيات مع مجموعه من المختبرات على رأسها الجمعية العلمية الملكية ومختبرات القطاع الخاص بالاضافة الى مختبرات وزارة الزراعة ودمج اقاليم المملكة ضمن ادارات مشتركة تتابع القطاف وتجري الفحص، وكانت المحصلة اجراء الفحوصات على 40 الف عينة، وانخفاض نسبة العينات المخالفة خلال عام ٢٠١٨ الى اقل من ٤%.
ورافق ذلك حملات تثقيفية للمزارعين، وحملة مجانية للفحص وصرف المبيدات المناسبة للبعد عن الاجتهاد من بعض المزارعين. وفي الوقت نفسه تم استخدام بعض وسائل الردع، من بينها اتلاف المنتج على نفقة المزارع وتحويل المخالفين المكررين الى الحاكم الاداري وعمل قائمة سوداء لمن يتكرر استخدامهم لمبيدات الممنوعة.
وربطا للعملية ببعديها العلمي والعالمي فقد اطلقت الوزارة نشرة شهرية للمبيدات والنسب المسموحة ضمن البرنامج . وبالتزامن، تم اتلاف مئات العبوات من المبيدات الممنوعة والمصنعة بطريقة مخالفة او تلك التي تم شطبها من اعوام.
وفي مسار مهم اتخذ الوزير الحنيفات سلسلة من الخطوات الجريئة المستندة الى توجيهات جلالة الملك ، حيث قام باطلاق المنتدى الزراعي الدولي في الاردن، وهو الاول من نوعه، وجاءت فكرته للتغلب على الحصار الذي يشهده الاردن من خلال اغلاق الحدود امام المنتج الاردني والبحث عن مساقات تسويقية جديدة. وجاءت المشاركة في اعماله بحجم الطموحات حيث شاركت في اعماله اكثر من ستين دولة. دون ان يكلف الخزينة قرشا واحدا.
وعلى هامش المنتدى اقيم معرض للمنتجات الزراعية، وتم على هامشه توقيع مجموعة من مذكرات التفاهم والاتفاقيات واهم
عمان جو -احمد حمد الحسبان
في غمرة الحديث عن التغيير الوزاري، والنجاح الذي تحقق في تفاصيل المشهد المحلي، وتفاعلاته الداخلية والخارجية، يبدو ان التوقف ما يزال ضروريا عند بعض المفاصل المهمة. الدافع في ذلك ان ما ابداه الأردنيون من حرص على ان يبقى المشهد نقيا، والهدف وطنيا، يجب ان يبقى عنوانا دائما نتميز به عن غيرنا من بني البشر.
فجل التفاصيل التي حدثت كانت مشرفة، وأثارت اهتمام العالم كله الذي تحركت قياداته وشعوبه للتفاعل مع التجربة، والاشادة بها، الامر الذي يجعل من واجبنا نحن ان نتعمق في دراستها، وان نعظم ايجابياتها وننبذ سلبياتها. وان نربط بين ما نحن فيه وبين التجارب السابقة وصولا الى الأفضل.
ففي ارشيفنا السياسي، هناك تجارب قاتلة أسهمت في بعض ما نعاني منه حاليا. تلك التجارب تبدأ من كثرة التغييرات الحكومية وشمولها لوزارات يحتاج عملها الى برامج طويلة، والقائمين عليها الى ميزات خاصة من الكفاءة والوطنية والتفاني في العمل.
المشكلة في تلك التغييرات تتمثل بغياب المؤسسية، وطغيان العامل الشخصي، وبالتالي رغبة القادم الى كرسي الوزارة بطي صفحة من سبقه، والتنكر لكل ما قام به من خطط وانجازات وبرامج. دون النظر الى الخسارة الوطنية الناتجة عن رغبة البعض في محو أي اثر للوزير السابق.
هذا الواقع يدفعنا الى الخوف على منجزات كبيرة تحققت في بعض الوزارات، وهي منجزات بمسارين، بعضها قصير الاجل وكانت نتائجها إيجابية وملموسة للعيان، وبعضها الاخر طويل الأمد وقد وضعت بناء على دراسات معمقة.
هنا يمكن الإشارة الى قطاعات ثلاث، وهي الزراعة والسياحة والمياه، وما تحقق في هذه القطاعات من إنجازات نعتقد انها كانت كبيرة. فالانصاف يدفعنا الى التوقف عند بعض المحطات الانجازية الكبرى، وعند الخوف من ان ياتي التغيير بنتائج سلبية عليها.
لا اقلل من شان الوزراء في الحكومات السابقة، لكنني اتوقف أولا عند وزارة الزراعة التي تحولت الى ورشة عمل متواصلة على مدى العامين الأخيرين، وعند جهود وزيرها الشاب المهندس خالد الحنيفات الذي أزال كل التشوهات الإدارية التي انجبتها أخطاء سابقة، وأعاد ترتيب البيت ليكون اكثر رشاقة وفاعلية. وغطى الكثير من جوانب الخلل إداريا وتنظيميا.
لن اضيف جديدا اذا اشرت الى ان ما يميز حقبة الوزير حنيفات انها تنطلق من رؤية شمولية للقطاع تأخذ في الاعتبار كل التفاصيل والحيثيات، وتضع التصورات المناسبة لكل تفصيل مهما كان صغيرا. وهو بذلك يسجل سابقة تتمثل بانه صاحب مشروع" رد الاعتبار للملف الزراعي"، وهو الملف الذي أسهمت ممارسات متقاطعة الى تراجع أهميته على السلم الاقتصادي والاجتماعي الوطني. والذي بدأ من جديد يتنفس الهواء الطلق ويستعد للعودة الى ما كان عليه في زمن سابق، ومن خلال توظيف الإمكانات المتاحة توظيفا حسنا وتسخير الكفاءات ومنحها الثقة بالقدرة على العمل والأداء المتميز.
تفصيلا، يمكن التوقف عند كم من الحالات والإجراءات التي تصب في هذا المفهوم. ففي تلك الحقبة، وبجهود متواصلة، نجح الوزير الشاب في رد الاعتبار لعملية الارشاد الزراعي، باعادته الى الوزارة، وتاكيد دوره الفاعل في مرافقة المزارع من البذرة حتى القطاف، كما نجح في تطوير وتحديث المركز الوطني وتفريغه لاعمال البحث العلمي والتجارب وتدعيم الارشاد برفع امكانياته وسوية منتسبيه.
ومن الانجازات التي تسجل له انه قام بوضع خارطة طريق تشمل وقف التشوه في الزراعات النمطية، ووضع حدا لفوضى استخدام المبيدات، وتحديد مايسمى ب" الاقتصاد والاستثمار" في الصناعات الزراعية وصولا الى شراكة تنخفض فيها معدلات الخلل لدى المزارع .
ورافق ذلك قرارات مهمة لتنظيم اليات الاستيراد واهمها البرنامج التكميلي للمستورد والذي يقوم على اساس التناغم بين الانتاج المحلي والمستورد، ضمن رزنامة الطلب في السوق حيث تم بالتدريج تخفيض الاستيراد على كثير من المحاصيل بما يلامس الاكتفاء الذاتي، ومنها البصل والثوم. وكذلك تخفيض المستورد من اللحوم المبردة والحية من مليون ونصف عام ٢٠١٧ الى نصف مليون عام ٢٠١٨ دون ان يؤثر ذلك على الاسعار، وبما يحمي الللحوم البلدية.
واطلق الحنيفات البرنامج الوطني لمتابعة متبقيات المبيدات تحت شعار الحفاظ على صحة المواطن والمستورد، وحماية سمعة المنتج الاردني. وهو برنامج متكامل ياخذ في الاعتبار كافة العناصر اللازمة، بدءا من توفير متطلبات الفحص، والتكامل في اجراءات المتابعة.
وفي هذا السياق، تم توقيع اتفاقيات مع مجموعه من المختبرات على رأسها الجمعية العلمية الملكية ومختبرات القطاع الخاص بالاضافة الى مختبرات وزارة الزراعة ودمج اقاليم المملكة ضمن ادارات مشتركة تتابع القطاف وتجري الفحص، وكانت المحصلة اجراء الفحوصات على 40 الف عينة، وانخفاض نسبة العينات المخالفة خلال عام ٢٠١٨ الى اقل من ٤%.
ورافق ذلك حملات تثقيفية للمزارعين، وحملة مجانية للفحص وصرف المبيدات المناسبة للبعد عن الاجتهاد من بعض المزارعين. وفي الوقت نفسه تم استخدام بعض وسائل الردع، من بينها اتلاف المنتج على نفقة المزارع وتحويل المخالفين المكررين الى الحاكم الاداري وعمل قائمة سوداء لمن يتكرر استخدامهم لمبيدات الممنوعة.
وربطا للعملية ببعديها العلمي والعالمي فقد اطلقت الوزارة نشرة شهرية للمبيدات والنسب المسموحة ضمن البرنامج . وبالتزامن، تم اتلاف مئات العبوات من المبيدات الممنوعة والمصنعة بطريقة مخالفة او تلك التي تم شطبها من اعوام.
وفي مسار مهم اتخذ الوزير الحنيفات سلسلة من الخطوات الجريئة المستندة الى توجيهات جلالة الملك ، حيث قام باطلاق المنتدى الزراعي الدولي في الاردن، وهو الاول من نوعه، وجاءت فكرته للتغلب على الحصار الذي يشهده الاردن من خلال اغلاق الحدود امام المنتج الاردني والبحث عن مساقات تسويقية جديدة. وجاءت المشاركة في اعماله بحجم الطموحات حيث شاركت في اعماله اكثر من ستين دولة. دون ان يكلف الخزينة قرشا واحدا.
وعلى هامش المنتدى اقيم معرض للمنتجات الزراعية، وتم على هامشه توقيع مجموعة من مذكرات التفاهم والاتفاقيات واهم