اليوم .. الذكرى 68 لـ"النكبة"
يحيي الفلسطينيون، اليوم، الذكرى الثامنة والستين "لنكبة" العام 1948، بينما ما يزال زهاء 6 ملايين لاجئ فلسطيني، منهم أكثر من مليونين في الأردن، ينتظرون "حق" عودتهم إلى أراضيهم وديارهم التي هجّرهم منها العدوان الإسرائيلي.
وتحت شعار "عائدون"؛ تعمّ الأنشطة والفعاليات المتنوعة في مختلف المدن والبلدات والمخيمات الفلسطينية، للتأكيد على "حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وأراضيهم التي تهجّروا منها بفعل العدوان الصهيوني في العام 1948"، وفق اللجنة الوطنية لإحياء ذكرى النكبة.
وتنطلق مسيرات شبابيّة حاشدة من مخيمات اللجوء في الضفة الغربية المحتلة، باتجاه "الخط المحّتل" الفاصل عن الأراضي المحتلة العام 1948، متسلحين "بمفاتيح" العودة و"كواشيّن" بيوتات وأراضي أجدادهم وآبائهم وأعلام فلسطين، في رمزية دّالة على "حق لا يموت بالتقادم"، كما زيّنته عناوين مسيّراتهم.
بينما تستحضّر ساحات رام الله مشهد "النكبّة"، بتسيّير حافلات تاريخية قديمة من عمّر الذكرى الثامنة والستين، عقب إعادة تأهيلها وتشغيلها لتحميل لاجئين اختبرّوا اللجوء، حينما أقلتهّم نفس الحافلات، التي انخفض عددها إلى العشرة، من بلداتهم وأراضيهم في العام 1948، إلى مدن الضفة الغربية.
في حين يصّدح طلبة مدارس فلسطين المحتلة، خلال حصصهم الدراسية الأولى، بعبارات وأناشيد وطنية تؤكد حق العودة، تزامناً مع "إطلاق صافرة الحداد، اليوم، لمدة 68 ثانية من سماعات المساجد، وقرع أجراس الكنائس ظهراً"، بحسب اللجنة.
كما يشهد قطاع غزة المحاصر تنظيم الأنشطة والفعاليات المتنوعة، أبرزها مهرجان "عائدون" الضخمّ، لتأكيد عدم التنازل عن "حق العودة" والمطالبة بالتحرك الدولي تجاه تسريع عملية إعادة إعمار القطاع.
وقال الناشط أحمد أبو رحمة إن "فلسطين المحتلة تشهد برنامجا حافلا لإحياء ذكرى "النكبّة" على مدى أيام، من أجل تأكيد التمسك الفلسطيني بحق العودة، باعتباره حقاً مقدسا لا يسقط بالتقادم".
وأضاف، لـ"الغد" من فلسطين المحتلة، إن "الأنشطة والفعاليات متنوعة، بترتيب من اللجنة الوطنية لإحياء ذكرى النكبة، وبالتنسيق مع القوى والفصائل ومؤسسات المجتمع المدني، حيث يشهد اليوم انطلاق مسيرة مركزية في رام الله، عبر حافلات "العودة" التي ستجوب شوارع وساحات المدينة".
ونوه إلى "انتشار المسيرات والمهرجانات الخطابية في مختلف المدن والمخيمات والبلدات الفلسطينية، بينما سيصار إلى تنظيم مهرجان مركزيّ ضخمّ على مستوى فلسطين المحتلة، يوم بعد غد، سينطلق من ميدان الرئيس الفلسطيني (الشهيد) ياسر عرفات، للتأكيد على حق العودة".
وقد عززّت قوات الاحتلال من تواجدها الأمني والعسكري المضادّ عند الحواجز والمعابر ونقاط الاحتكاك في الأراضي المحتلة العام 1967، مقابل تصعيد لغة التهديد والوعيد لفلسطينيي 1948 حيال أي نشاط يحمل "روح النكبة"، تحت طائلة العقوبة، وفق مسؤولين إسرائيليين.
ولم تتوان قوات الاحتلال عن قمع، أول من أمس، بالقوة العسكرية فعالية "ماراثون الدراجات الهوائية التي انطلقت من رام الله باتجاه جدار الفصل العنصري في قرية بلعين، حيث أطلقت قنابل الغاز والرصاص الحيّ ضدّ المشاركين الرياضيين"، بحسب الناشط أبو رحمة.
اللاجئون في الشتات
من جانبهم؛ يقارع اللاجئون الفلسطينييون في مخيمات الشتات سنوات نكبتهم الثامنة والستين "بمفاتيح" و"قواشين" تاريخية قديمة يحتفظون بها من عمر لجوئهم، تمسكا "بحق العودة" ورفض التوطين.
ويحرص اللاجئون، في المخيمات المتوزعة بأرجاء المملكة، على إحياء الذكرى السنويّة "للنكبّة"، تعبيراً عن "التمسك بحقهم غير القابل للتصرف أو الزوال بحكم التقادم"، وفق تأكيدهم.
وبالنسبة إليهم؛ فإن "حاضر نكبة اللجوء ما يزال ممتداً حتى اليوم، في ظل عدوان الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني، وانتظار زهاء ستة ملايين لاجئ عودتهم إلى ديارهم وأراضيهم، مقابل المشاريع الصهيونية الغربية لتصفية القضية الفلسطينية"، وفق رأي الحاجّ محمد إبراهيم (72 عاماً).
بيدّ أنهم أكدوا، ومنهم الشابّ حسن عودة (25 عاماً)، تمسكهم "بحق عودتهم إلى ديارهم وأراضيهم التي تهّجروا منها بفعل العدوان الصهيوني العام 1948، ورفضهم لأيّ حل أو تسوّية سلمية لا تتضمن تنفيذ القرار الدولي 194 القاضي "بحق العودة والتعويض".
واعتبر عبد اللطيف السويطيّ (33 عاماً) أن "مضيّ ثمانية وستين عاماً على عمّر اللجوء لم ينلّ من عزيمة اللاجئين أو إصرارهم على العودة إلى وطنهم، فما يزالون يحتفظون، عبر الأجيال، بمفاتيح بيوتاتهم وكواشين أراضيهم، بانتظار وقت عودتهم". وتجزمّ ضياء عبد المنعم (32 عاماً) "بيقين اللاجئين بأن مكان معيشتهم مؤقت، حيث يعملون باتجاه ممارسة حق العودة إلى ديارهم"، تماثلاً مع تأكيد نجيب برهم (38 عاماً) أنه "لو جرى سؤالهم عن موطنهم الأصلي لما ترددوا لحظة في الإجابة بفلسطين بالرغم من ولادة الكثيرين منهم خارجها وعدم رؤيتهم لها".
وكانت سلطات الاحتلال قامت خلال "النكبة" بتدمير 531 قرية ومدينة فلسطينية، وارتكاب أكثر من 70 مذبحة ومجزرة بحق الفلسطينيين، واستلاب 79 % من أرض فلسطين التاريخية، وتشريد زهاء 900 ألف لاجئ فلسطيني.
فيما قدر لاحقاً أعداد اللاجئين الفلسطينيين الذين قتلتهم بين أعوام 1948 و1956 بنحو خمسة آلاف لاجئ ممن حاولوا العودة إلى وطنهم.
إلا أن اللاجئين الفلسطينيين يدركون جيداً حراجة المشهد الإقليمي العربيّ المضطربّ، ويستبعدون "التوصل إلى حلّ سياسيّ للعملية السلميّة في الأفق القريب، على الأقل"، بحسب الناشط عبد الفتاح قاسم (38 عاماً).
ويرى قاسم أن "انشغالات دول المنطقة بقضاياها الداخلية، أدى إلى تراجع الاهتمام بالقضية الفلسطينية، بينما لا يشعر الاحتلال بثقل الضغط الوازن الذي يجبّره على تنفيذ الاتفاقيات المبّرمة مع الجانب الفلسطيني، في ظل ضعف الدعم العربي الإسلامي للقضية الفلسطينية، والانحياز الأميركي للاحتلال".
وفي ظل تلك الأجواء؛ بحسب محيي الدين الشيخ (63 عاماً)، وهو أستاذ سابق في مدارس وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، فقد "أعطت الاحتلال الفرصة الكافية لفرضّ الوقائع المغايرة في الأراضي المحتلة".
وأشار الشيخ، كما الطالبة الجامعية ميّسر سليم (22 عاماً)، إلى "الهجمة الاستيطانية الإسرائيلية، والاعتداءات المتكررة من المستوطنين المتطرفين ضدّ المسجد الأقصى المبارك، وتهويد مدينة القدس المحتلة".
فيما نوه سلطان عوض (42 عاماً) إلى جهود المبادرة الفرنسية لتحريك العملية السياسية، في ظل الرفض الإسرائيلي لها، مقدّراً بأن "الاحتلال يريد العودة إلى طاولة المفاوضات فحسب لأجل كسّب المزيد من الوقت، من دون أن يكون معنياً بتحقيق تقدم في مسارها".
وطالب قاسم ذيب (28 عاماً) "بوقف المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية، التي لم يحقق مسارها الممتد منذ العام 1991 نتائج ملموسة"، داعياً إلى "إنجاز المصالحة وتحقيق الوحدة الوطنية، من أجل مجابهة عدوان الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني". ووفق الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني؛ تقدر نسبة اللاجئين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة نحو 43.1 % من مجمل المواطنين الفلسطينيين المقيمين في فلسطين نهاية العام الماضي. وبلغ عدد اللاجئين المسجلين لدى "الأونروا" حوالي 5.49 مليون لاجئ، يستضيف الأردن أكثر من مليوني لاجئ منهم، فيما يقيم 372 ألفاً و822 لاجئاً منهم في 13 مخيماً للاجئين، بينما تنتشر الغالبية الباقية خارج المخيمات.
في حين قدر عدد المواطنين الفلسطينيين الذين لم يغادروا وطنهم العام 1948 بحوالي 154 ألف فلسطيني، حيث يبلغ عددهم اليوم حوالي 1.5 مليون نسمة.
لا حل بدون العودة
من جانبه، اعتبر الناشط السياسي عرفات الخطيب أن "ذكرى "النكبة" تعدّ مؤلمة بالنسبة للشعب العربي الفلسطيني، إزاء تشريد الآلاف منهم خارج وطنهم، واستلاب الكيان الصهيوني لغالبية مساحة فلسطين التاريخية، التي لم يتبق منها سوى أقل من %22 ، مرشحة للقضمّ".
وقال الخطيب، لـ"الغد"، إن "الخسارة كانت كبيرة في العام 1948، إلا أن الإصرار الفلسطيني على إحياء الذكرى السنوية "للنكبّة" يشكل تأكيداً على ثبات التمسك الفلسطيني بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وأراضيهم".
وزاد قائلاً إنه "أيضاً، بمثابة رسالة مزدوجة إلى الكيان الصهيوني، لأجل تأكيد حق العودة الثابت والذي لا يموت بالتقادم، وإلى الأمة العربية الإسلامية، بدعوتها إلى توفير الدعم اللازم للشعب الفلسطيني، من أجل تثبيت صموده في أرضه ووطنه، ضدّ عدوان الاحتلال".
ودعا إلى "إنجاز المصالحة الفلسطينية، وتحقيق الوحدة الوطنية، من أجل المجابهة الموحدة والتصدّي للعدوان الصهيوني".
إلى ذلك، أكد المجلس الوطني الفلسطيني بأنه "لن يكون هناك سلام ولا استقرار ولا أمن في المنطقة إلا بعودة اللاجئين إلى ديارهم".
وشدد، في بيان أصدره بمناسبة ذكرى "النكبّة"، على "التمسّك الفلسطيني الثابت بحق العودة، باعتباره حقاً مقدساً وغير قابل للتصرف ولا يمكن لأحد أن يتنازل عنه أو يساوم عليه".
وطالب "بتنفيذ القرار 194 وتمكين اللاجئين الفلسطينيين من العودة إلى ديارهم، ووضع حد لعنجهية الاحتلال وتحديه لإرادة المجتمع الدولي باستمرار عدوانه ضدّ الشعب الفلسطيني، والاعتداء على المقدسات الدينية، وتنفيذ الاعدامات الميدانية، وممارسته لكافة أشكال التعذيب والقهر بحق الأسرى".
وأشار إلى "استمرار الشعب الفلسطيني في نضاله ومقاومته للاحتلال، بكل الوسائل، حتى تحقيق كامل حقوقه وأهدافه في الحرية والاستقلال والعودة وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس".
ودعا "اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير إلى تنفيذ قرارات المجلس المركزي، حول إعادة تحديد العلاقات مع الاحتلال، وإنهاء الانقسام، وترتيب البيت الداخلي في إطار المنظمة، باعتبارها "الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني"، وتفعيل دورها لمواجهة سياسة الاحتلال العدوانية ضدّ الشعب الفلسطيني".
فيما حذر عضو المكتب السياسي لحركة حماس، محمود الزهار، الاحتلال من المساس بالمقدسات الإسلامية والمسيحية، قائلاً "لن تتغير عقيدتنا حتى يتحقق حلم العودة الكاملة لأرضنا المحتلة".
وقال، خلال مؤتمر الثوابت العاشر الذي حمل عنوان "الانتفاضة طريقنا" وعقد أمس في غزة لإحياء ذكرى "النكبّة"، إن "المؤتمر يتزامن مع انتفاضة القدس المتواصلة، تأكيداً على رفض التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى"، معتبراً أن "الثوابت الوطنية حق مقدس لا تنازل عنه". وجدد تأكيده على "حق العودة الكاملة لأراضينا المحتلة، حتى آخر شبر فيها، حيث لن نتنازل عن شبر واحد من فلسطين".
بدورها؛ دعت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين إلى "جعل ذكرى النكبّة يوماً للغضب الفلسطيني في الوطن والشتات ضد الإحتلال والإستيطان وتصعيد الإنتفاضة الشبابية".
وأكدت، في بيان أمس، "التمسك بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وممتلكاتهم التي هُجّروا منها منذ العام 1948، تطبيقاً لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، بخاصة القرار 194".
وطالبت "بطيّ اتفاق أوسلو وملحقاته، بعدما باتت آلياته تشكل غطاء لسياسة الإحتلال العدوانية ضد الشعب الفلسطيني"، كما طالبت "بإنهاء الانقسام وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية".
ودعت إلى "إستراتيجية وطنية موحدة بديلة للمفاوضات الثنائية العقيمة، وتنفيذ قرارات المجلس المركزي بوقف التنسيق الأمني مع الإحتلال، ومقاطعة الاقتصاد الإسرائيلي، وبناء أسس الاقتصاد الوطني، وتوفير عناصر الصمود لأبناء الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال".
وبينّت أهمية "تشكيل القيادة الوطنية الموحدة للانتفاضة، ودعمها وتطويرها، لتتحول إلى انتفاضة شعبية شاملة على طريق العصيان الوطني ضد الاحتلال".
وحثت على "التوجه نحو المجتمع الدولي، للمطالبة بمنح دولة فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، والدعوة لمؤتمر دولي تحت سقف قرارات الشرعية الدولية، وتوفير الحماية للشعب الفلسطيني وأرضه، وإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود العام 1967، وعاصمتها القدس".
وطالبت "بادخال إصلاحات ديمقراطية على أوضاع منظمة التحرير، وإجراء الانتخابات العامة وفق التمثيل النسبي الكامل، وتحقيق مبدأ الشراكة الوطنية، وإنهاء سياسة الإستفراد وتجاوز المؤسسات وإنتهاك قراراتها، وإصلاح أوضاع الصندوق القومي، وصندوق الاستثمار في السلطة الفلسطينية".الغد
وتحت شعار "عائدون"؛ تعمّ الأنشطة والفعاليات المتنوعة في مختلف المدن والبلدات والمخيمات الفلسطينية، للتأكيد على "حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وأراضيهم التي تهجّروا منها بفعل العدوان الصهيوني في العام 1948"، وفق اللجنة الوطنية لإحياء ذكرى النكبة.
وتنطلق مسيرات شبابيّة حاشدة من مخيمات اللجوء في الضفة الغربية المحتلة، باتجاه "الخط المحّتل" الفاصل عن الأراضي المحتلة العام 1948، متسلحين "بمفاتيح" العودة و"كواشيّن" بيوتات وأراضي أجدادهم وآبائهم وأعلام فلسطين، في رمزية دّالة على "حق لا يموت بالتقادم"، كما زيّنته عناوين مسيّراتهم.
بينما تستحضّر ساحات رام الله مشهد "النكبّة"، بتسيّير حافلات تاريخية قديمة من عمّر الذكرى الثامنة والستين، عقب إعادة تأهيلها وتشغيلها لتحميل لاجئين اختبرّوا اللجوء، حينما أقلتهّم نفس الحافلات، التي انخفض عددها إلى العشرة، من بلداتهم وأراضيهم في العام 1948، إلى مدن الضفة الغربية.
في حين يصّدح طلبة مدارس فلسطين المحتلة، خلال حصصهم الدراسية الأولى، بعبارات وأناشيد وطنية تؤكد حق العودة، تزامناً مع "إطلاق صافرة الحداد، اليوم، لمدة 68 ثانية من سماعات المساجد، وقرع أجراس الكنائس ظهراً"، بحسب اللجنة.
كما يشهد قطاع غزة المحاصر تنظيم الأنشطة والفعاليات المتنوعة، أبرزها مهرجان "عائدون" الضخمّ، لتأكيد عدم التنازل عن "حق العودة" والمطالبة بالتحرك الدولي تجاه تسريع عملية إعادة إعمار القطاع.
وقال الناشط أحمد أبو رحمة إن "فلسطين المحتلة تشهد برنامجا حافلا لإحياء ذكرى "النكبّة" على مدى أيام، من أجل تأكيد التمسك الفلسطيني بحق العودة، باعتباره حقاً مقدسا لا يسقط بالتقادم".
وأضاف، لـ"الغد" من فلسطين المحتلة، إن "الأنشطة والفعاليات متنوعة، بترتيب من اللجنة الوطنية لإحياء ذكرى النكبة، وبالتنسيق مع القوى والفصائل ومؤسسات المجتمع المدني، حيث يشهد اليوم انطلاق مسيرة مركزية في رام الله، عبر حافلات "العودة" التي ستجوب شوارع وساحات المدينة".
ونوه إلى "انتشار المسيرات والمهرجانات الخطابية في مختلف المدن والمخيمات والبلدات الفلسطينية، بينما سيصار إلى تنظيم مهرجان مركزيّ ضخمّ على مستوى فلسطين المحتلة، يوم بعد غد، سينطلق من ميدان الرئيس الفلسطيني (الشهيد) ياسر عرفات، للتأكيد على حق العودة".
وقد عززّت قوات الاحتلال من تواجدها الأمني والعسكري المضادّ عند الحواجز والمعابر ونقاط الاحتكاك في الأراضي المحتلة العام 1967، مقابل تصعيد لغة التهديد والوعيد لفلسطينيي 1948 حيال أي نشاط يحمل "روح النكبة"، تحت طائلة العقوبة، وفق مسؤولين إسرائيليين.
ولم تتوان قوات الاحتلال عن قمع، أول من أمس، بالقوة العسكرية فعالية "ماراثون الدراجات الهوائية التي انطلقت من رام الله باتجاه جدار الفصل العنصري في قرية بلعين، حيث أطلقت قنابل الغاز والرصاص الحيّ ضدّ المشاركين الرياضيين"، بحسب الناشط أبو رحمة.
اللاجئون في الشتات
من جانبهم؛ يقارع اللاجئون الفلسطينييون في مخيمات الشتات سنوات نكبتهم الثامنة والستين "بمفاتيح" و"قواشين" تاريخية قديمة يحتفظون بها من عمر لجوئهم، تمسكا "بحق العودة" ورفض التوطين.
ويحرص اللاجئون، في المخيمات المتوزعة بأرجاء المملكة، على إحياء الذكرى السنويّة "للنكبّة"، تعبيراً عن "التمسك بحقهم غير القابل للتصرف أو الزوال بحكم التقادم"، وفق تأكيدهم.
وبالنسبة إليهم؛ فإن "حاضر نكبة اللجوء ما يزال ممتداً حتى اليوم، في ظل عدوان الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني، وانتظار زهاء ستة ملايين لاجئ عودتهم إلى ديارهم وأراضيهم، مقابل المشاريع الصهيونية الغربية لتصفية القضية الفلسطينية"، وفق رأي الحاجّ محمد إبراهيم (72 عاماً).
بيدّ أنهم أكدوا، ومنهم الشابّ حسن عودة (25 عاماً)، تمسكهم "بحق عودتهم إلى ديارهم وأراضيهم التي تهّجروا منها بفعل العدوان الصهيوني العام 1948، ورفضهم لأيّ حل أو تسوّية سلمية لا تتضمن تنفيذ القرار الدولي 194 القاضي "بحق العودة والتعويض".
واعتبر عبد اللطيف السويطيّ (33 عاماً) أن "مضيّ ثمانية وستين عاماً على عمّر اللجوء لم ينلّ من عزيمة اللاجئين أو إصرارهم على العودة إلى وطنهم، فما يزالون يحتفظون، عبر الأجيال، بمفاتيح بيوتاتهم وكواشين أراضيهم، بانتظار وقت عودتهم". وتجزمّ ضياء عبد المنعم (32 عاماً) "بيقين اللاجئين بأن مكان معيشتهم مؤقت، حيث يعملون باتجاه ممارسة حق العودة إلى ديارهم"، تماثلاً مع تأكيد نجيب برهم (38 عاماً) أنه "لو جرى سؤالهم عن موطنهم الأصلي لما ترددوا لحظة في الإجابة بفلسطين بالرغم من ولادة الكثيرين منهم خارجها وعدم رؤيتهم لها".
وكانت سلطات الاحتلال قامت خلال "النكبة" بتدمير 531 قرية ومدينة فلسطينية، وارتكاب أكثر من 70 مذبحة ومجزرة بحق الفلسطينيين، واستلاب 79 % من أرض فلسطين التاريخية، وتشريد زهاء 900 ألف لاجئ فلسطيني.
فيما قدر لاحقاً أعداد اللاجئين الفلسطينيين الذين قتلتهم بين أعوام 1948 و1956 بنحو خمسة آلاف لاجئ ممن حاولوا العودة إلى وطنهم.
إلا أن اللاجئين الفلسطينيين يدركون جيداً حراجة المشهد الإقليمي العربيّ المضطربّ، ويستبعدون "التوصل إلى حلّ سياسيّ للعملية السلميّة في الأفق القريب، على الأقل"، بحسب الناشط عبد الفتاح قاسم (38 عاماً).
ويرى قاسم أن "انشغالات دول المنطقة بقضاياها الداخلية، أدى إلى تراجع الاهتمام بالقضية الفلسطينية، بينما لا يشعر الاحتلال بثقل الضغط الوازن الذي يجبّره على تنفيذ الاتفاقيات المبّرمة مع الجانب الفلسطيني، في ظل ضعف الدعم العربي الإسلامي للقضية الفلسطينية، والانحياز الأميركي للاحتلال".
وفي ظل تلك الأجواء؛ بحسب محيي الدين الشيخ (63 عاماً)، وهو أستاذ سابق في مدارس وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، فقد "أعطت الاحتلال الفرصة الكافية لفرضّ الوقائع المغايرة في الأراضي المحتلة".
وأشار الشيخ، كما الطالبة الجامعية ميّسر سليم (22 عاماً)، إلى "الهجمة الاستيطانية الإسرائيلية، والاعتداءات المتكررة من المستوطنين المتطرفين ضدّ المسجد الأقصى المبارك، وتهويد مدينة القدس المحتلة".
فيما نوه سلطان عوض (42 عاماً) إلى جهود المبادرة الفرنسية لتحريك العملية السياسية، في ظل الرفض الإسرائيلي لها، مقدّراً بأن "الاحتلال يريد العودة إلى طاولة المفاوضات فحسب لأجل كسّب المزيد من الوقت، من دون أن يكون معنياً بتحقيق تقدم في مسارها".
وطالب قاسم ذيب (28 عاماً) "بوقف المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية، التي لم يحقق مسارها الممتد منذ العام 1991 نتائج ملموسة"، داعياً إلى "إنجاز المصالحة وتحقيق الوحدة الوطنية، من أجل مجابهة عدوان الاحتلال ضد الشعب الفلسطيني". ووفق الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني؛ تقدر نسبة اللاجئين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة نحو 43.1 % من مجمل المواطنين الفلسطينيين المقيمين في فلسطين نهاية العام الماضي. وبلغ عدد اللاجئين المسجلين لدى "الأونروا" حوالي 5.49 مليون لاجئ، يستضيف الأردن أكثر من مليوني لاجئ منهم، فيما يقيم 372 ألفاً و822 لاجئاً منهم في 13 مخيماً للاجئين، بينما تنتشر الغالبية الباقية خارج المخيمات.
في حين قدر عدد المواطنين الفلسطينيين الذين لم يغادروا وطنهم العام 1948 بحوالي 154 ألف فلسطيني، حيث يبلغ عددهم اليوم حوالي 1.5 مليون نسمة.
لا حل بدون العودة
من جانبه، اعتبر الناشط السياسي عرفات الخطيب أن "ذكرى "النكبة" تعدّ مؤلمة بالنسبة للشعب العربي الفلسطيني، إزاء تشريد الآلاف منهم خارج وطنهم، واستلاب الكيان الصهيوني لغالبية مساحة فلسطين التاريخية، التي لم يتبق منها سوى أقل من %22 ، مرشحة للقضمّ".
وقال الخطيب، لـ"الغد"، إن "الخسارة كانت كبيرة في العام 1948، إلا أن الإصرار الفلسطيني على إحياء الذكرى السنوية "للنكبّة" يشكل تأكيداً على ثبات التمسك الفلسطيني بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وأراضيهم".
وزاد قائلاً إنه "أيضاً، بمثابة رسالة مزدوجة إلى الكيان الصهيوني، لأجل تأكيد حق العودة الثابت والذي لا يموت بالتقادم، وإلى الأمة العربية الإسلامية، بدعوتها إلى توفير الدعم اللازم للشعب الفلسطيني، من أجل تثبيت صموده في أرضه ووطنه، ضدّ عدوان الاحتلال".
ودعا إلى "إنجاز المصالحة الفلسطينية، وتحقيق الوحدة الوطنية، من أجل المجابهة الموحدة والتصدّي للعدوان الصهيوني".
إلى ذلك، أكد المجلس الوطني الفلسطيني بأنه "لن يكون هناك سلام ولا استقرار ولا أمن في المنطقة إلا بعودة اللاجئين إلى ديارهم".
وشدد، في بيان أصدره بمناسبة ذكرى "النكبّة"، على "التمسّك الفلسطيني الثابت بحق العودة، باعتباره حقاً مقدساً وغير قابل للتصرف ولا يمكن لأحد أن يتنازل عنه أو يساوم عليه".
وطالب "بتنفيذ القرار 194 وتمكين اللاجئين الفلسطينيين من العودة إلى ديارهم، ووضع حد لعنجهية الاحتلال وتحديه لإرادة المجتمع الدولي باستمرار عدوانه ضدّ الشعب الفلسطيني، والاعتداء على المقدسات الدينية، وتنفيذ الاعدامات الميدانية، وممارسته لكافة أشكال التعذيب والقهر بحق الأسرى".
وأشار إلى "استمرار الشعب الفلسطيني في نضاله ومقاومته للاحتلال، بكل الوسائل، حتى تحقيق كامل حقوقه وأهدافه في الحرية والاستقلال والعودة وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس".
ودعا "اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير إلى تنفيذ قرارات المجلس المركزي، حول إعادة تحديد العلاقات مع الاحتلال، وإنهاء الانقسام، وترتيب البيت الداخلي في إطار المنظمة، باعتبارها "الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني"، وتفعيل دورها لمواجهة سياسة الاحتلال العدوانية ضدّ الشعب الفلسطيني".
فيما حذر عضو المكتب السياسي لحركة حماس، محمود الزهار، الاحتلال من المساس بالمقدسات الإسلامية والمسيحية، قائلاً "لن تتغير عقيدتنا حتى يتحقق حلم العودة الكاملة لأرضنا المحتلة".
وقال، خلال مؤتمر الثوابت العاشر الذي حمل عنوان "الانتفاضة طريقنا" وعقد أمس في غزة لإحياء ذكرى "النكبّة"، إن "المؤتمر يتزامن مع انتفاضة القدس المتواصلة، تأكيداً على رفض التقسيم الزماني والمكاني للمسجد الأقصى"، معتبراً أن "الثوابت الوطنية حق مقدس لا تنازل عنه". وجدد تأكيده على "حق العودة الكاملة لأراضينا المحتلة، حتى آخر شبر فيها، حيث لن نتنازل عن شبر واحد من فلسطين".
بدورها؛ دعت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين إلى "جعل ذكرى النكبّة يوماً للغضب الفلسطيني في الوطن والشتات ضد الإحتلال والإستيطان وتصعيد الإنتفاضة الشبابية".
وأكدت، في بيان أمس، "التمسك بحق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وممتلكاتهم التي هُجّروا منها منذ العام 1948، تطبيقاً لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، بخاصة القرار 194".
وطالبت "بطيّ اتفاق أوسلو وملحقاته، بعدما باتت آلياته تشكل غطاء لسياسة الإحتلال العدوانية ضد الشعب الفلسطيني"، كما طالبت "بإنهاء الانقسام وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية".
ودعت إلى "إستراتيجية وطنية موحدة بديلة للمفاوضات الثنائية العقيمة، وتنفيذ قرارات المجلس المركزي بوقف التنسيق الأمني مع الإحتلال، ومقاطعة الاقتصاد الإسرائيلي، وبناء أسس الاقتصاد الوطني، وتوفير عناصر الصمود لأبناء الشعب الفلسطيني في مقاومة الاحتلال".
وبينّت أهمية "تشكيل القيادة الوطنية الموحدة للانتفاضة، ودعمها وتطويرها، لتتحول إلى انتفاضة شعبية شاملة على طريق العصيان الوطني ضد الاحتلال".
وحثت على "التوجه نحو المجتمع الدولي، للمطالبة بمنح دولة فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، والدعوة لمؤتمر دولي تحت سقف قرارات الشرعية الدولية، وتوفير الحماية للشعب الفلسطيني وأرضه، وإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود العام 1967، وعاصمتها القدس".
وطالبت "بادخال إصلاحات ديمقراطية على أوضاع منظمة التحرير، وإجراء الانتخابات العامة وفق التمثيل النسبي الكامل، وتحقيق مبدأ الشراكة الوطنية، وإنهاء سياسة الإستفراد وتجاوز المؤسسات وإنتهاك قراراتها، وإصلاح أوضاع الصندوق القومي، وصندوق الاستثمار في السلطة الفلسطينية".الغد
تعليقات القراء
لا يوجد تعليقات