بدران: الجامعات تغرق بمديونية 190 مليون دينار
عمان جو - كشف رئيس المجلس الأعلى للمركز الوطني لتطوير المناهج الدكتور عدنان بدران عن خطة لدعم اللغة العربية في المناهج الدراسية سيجرى بموجبها تشكيل النصوص اللغوية في المناهج التعليمية كافة، واستحداث مختبرات خاصة لتعليم اللغة العربية بأساليب مبتكرة.
وقال بدران رئيس الوزراء الأسبق خلال ندوة عقدتها وكالة الأنباء الأردنية (بترا) بعنوان "التعليم العالي في الأردن"، ادارها مدير عام الوكالة الزميل الدكتور محمد العمري، إنه لا يمكن تعليم اللغة العربية بمعزل عن اتباع أساليب حصيفة ومبتكرة تكون سلوكا يتخذه الطلبة في حياتهم اليومية، ما حدا بالمجلس، لابتكار أساليب جديدة؛ تكون شبيهة بأساليب تعلم اللغات العالمية، وسهلة وجاذبة للطلبة، فيتخذون الحديث "بلسان الضاد" سجية لهم منذ الصغر.
وعبر بدران عن امتعاضه للحال الذي وصله واقع تعليم اللغة العربية وما وصفه بالتراخي في تطوير منهجية ناجعة لتعليمها منذ الطفولة المبكرة، وكذلك أساليب التعليم الحالية التي ما زالت تراوح مكانها بعيدا عن الابتكار والتطوير.
وقال "إن طلبتنا يقعون في أخطاء لغوية فادحة عند الكتابة والحديث بها بالرغم من أنهم ما برحوا يتعلمونها في كنف الأسرة والمؤسسات التعليمية منذ نعومة أظفارهم ما يؤكد وجود الخلل"، مؤكدا سعي المجلس لجعل الحديث باللغة العربية سلوكا مجتمعيا في حياة الأفراد والجماعات، "فاللغة القوية لا مجال للتشكيك بها، لذلك علينا تطوير اساليب تدريس لغتنا التي لم تتطور أساليبها لمستوى أساليب اللغة الإنجليزية وغيرها".
وأضاف ان المجلس يولي تعديل المناهج المدرسية أهمية كبرى، "وسنقوي لغة ابنائنا في العربية ونعلمها من خلال باقي المناهج الدراسية كالعلوم وغيرها"، مؤكدا ضرورة غرس مفاهيم اللغة العربية في مناهج العلوم المختلفة للخروج بمزيج استثنائي يمكن الطالب علميا ولغويا، "فاللغة الحصيفة قاعدة يستند اليها الطالب في أي مجال عملي مستقبلا".
ومع أن بدران يرى ضرورة لتطوير أساليب مثلى لتعليم اللغة العربية، إلا أنه أكد الحاجة الماسة لتعلم اللغة الإنجليزية كونها لغة العلم والتكنولوجيا، علاوة على أنها سلاح الخريجين الجدد نحو الوظيفة، مشيرا إلى أن تعلم الإنجليزية لا يعد تقليصا للغتنا الأم، ولا يؤثر سلبها عليها، إنما يقويها ويعززها "فترجمة مصطلحات انجليزية للعربية يُكسب الطلبة مفردات عربية جديدة".
ورأى أن قانون اللغة العربية يشكل جدارا حاميا للغة الام، ومجمع اللغة العربية الأردني داعم للمجلس في تطوير أساليب تعليم اللغة.
وانتقل بدران في حديثه ليشمل مختلف المناهج التعليمية المدرسية التي يقوم المجلس بتطويرها، انطلاقا من أنه لا يمكن الوصول إلى التعددية الفكرية والسياسية إلا من خلال التعليم الذي يعتبر أساسا للديمقراطية بظهوره في الأسرة التي تعد المدرسة الأولى.
وقال بهذا الخصوص، إن الأردن قطع مراحل كبيرة في التعليم، فالمدارس عممت في كل بقاع الوطن، ووصل عدد الجامعات اليوم إلى 30 بين رسمية وخاصة، و45 كلية مجتمعة، مشددا على أن من شأن إصلاح التعليم الدفع لاستغلال أكثر من مليوني طالب على مقاعد التعليم المدرسي ليكونوا محركات نمو، لا باحثين عن وظائف.
وأضاف ان النهوض بالتعليم يبدأ منذ الطفولة المبكرة، "ذلك أن التركيز على التعليم منذ الطفولة يمكننا من تعليم الإنسان بطريقة الاستيعاب بإرساء مبادئ التفكير النقدي والموضوعي المستند إلى التحليل والمنطق ما ينمي البحث العلمي لدى الطفل بعيدا عن التعليم المجرد".
وقال "علينا الابتعاد عن الاجترار والحفظ، فهما لا يؤديان إلى الفكر الناقد والشخصية المستقصية"، ما يؤكد حاجتنا لتنمية ملكتي التساؤل والاستقصاء في الطفولة المبكرة، فالحقائق والمعلومات تتجدد باستمرار ولا يمكن الاستسلام لأي منها، قائلا: "نريد جيلا يتمتع بمهارات التحليل والإنتاج لنسبق العالم".
وتلعب ما وصفها بدران "بقوى الشد العكسي للتعليم" دورا في إعاقة مسيرة التحديث والتطوير، بالرغم من أن الأردن يمتلك كل مقومات النجاح التي يجب أن تكون دافعا لاجتياز كل المعيقات ، داعيا إلى الانتقال نحو اقتصاد المعرفة الذي عملت دول بموجبه على تحويل الكتل البشرية إلى قوى هائلة اقتصاديا، فيما لا تزال دول أخرى تترنح مكانها طرديا بازدياد نسب البطالة في صفوف الخريجين ما ينعكس سلبا على مختلف القطاعات ونموها.
وأكد أن الأردن يمتلك قوى بشرية مؤهلة قادرة على جعله بلدا متطورا وأفضل من الدول النفطية، شريطة استخدام العقل البشري في التعليم وتطبيق بحوثنا العلمية في حياتنا، مشددا على أنه "آن الأوان للقفز بأبحاثنا من الموضوعية إلى التطبيق".
وأشار إلى أن الفروقات بيننا والعالم الخارجي إبداعية وابتكارية يمكن الحد منها باستخدام العقل نحو تحسين كل مخرجاتنا التنموية، فالحل بعيد المدى لكل مشاكلنا هو في التعليم، مبينا أن التعليم هو أساس الديمقراطيات والحريات والنبوغ، وهو رأس المال البشري الحقيقي الذي يكون رافعة حقيقية للأمة.
وأكد بدران ضرورة البحث مرارا عن ماهية تعزيز التنمية في الأردن من خلال رأس المال البشري المحرك للاقتصاد، مستعرضا التجربة الفنلندية الناجحة في النهوض برأس المال البشري، التي ظروفها تحاكي ظروف الأردن من حيث الموارد والجغرافيا والسكان.
وحول دور المجلس الأعلى للمركز الوطني لتطوير المناهج في إصلاح التعليم، قال إننا نسعى لتعزيز القيم والسلوكيات في المناهج التعليمية منذ الطفولة المبكرة لتكون عابرة للمواد، مثلما يجري إدخالها في مناهج جديدة تخضع للتقويم والتقييم والتغذية الراجعة، مبينا أن وظيفتنا هي بناء المناهج، وتأليف الكتب ومقرراتها، ورقمنة التعليم؛ ليتمكن الطلبة عبر أجهزتهم الذكية من متابعة مناهجهم وواجباتهم والمواد المساعدة بشكل يوسع مداركهم في مختلف المراحل الدراسية.
وفيما يتعلق بامتحان الثانوية العامة (التوجيهي) بنسخته الحالية، اعتبره بدران "امتحانا مرعبا"، مشيرا الى أن المجلس يعيد النظر بهذا الامتحان بحيث يستند الامتحان المطور على اختيار الطالب لمواضيع ومواد مختلفة تؤهله للتقدم إليه، وهو شبيه بامتحان شهادة الثقافة العامة البريطانية (جي سي اي ).
ولا تقتصر عمليات التطوير والمراجعة للمناهج المدرسية على ما يتناوله الطلبة، بل تنطلق نحو المعلم وتطويره أدائه وكذلك ما يعرف بدليل المعلم، بحسب بدران، الذي أكد تكاملية العملية التعليمية وأن فقدان حلقة منها يعني فسادها برمتها، مشيرا بهذا الصدد إلى دور أكاديمية الملكة رانيا لتدريب المعلمين في تطوير معلمين قادرين على مواكبة العصر ورفدهم بالمهارات اللازمة تجاه النهوض بمخرجات العملية التعليمية كاملة.
ولم يخف بدران "امتعاضه" مما آل إليه واقع الجامعات الأردنية الذي يظهر أنها تغرق في مديونية بلغت هذا العام 190 مليون دينار"، لافتا إلى تقصير بعض الإدارات الجامعية في إيجاد حلول ناجعة لسدادها منذ عقد ونيف، مثلما تتحمل هذه المسؤولية حكومات متعاقبة، وقيادات تربوية تقليدية لم تأخذ بالحسبان هذه الأخطاء، في وقت كانت موازنات الجامعات سابقا مستقلة تماما.
واستهل بدران حديثه حول الأعباء المالية للجامعات، بما ذكره رئيس مجلس أمناء جامعة اليرموك الدكتور فايز الخصاونة عبر سلسلة مقالات تناولت اقتصاديات التعليم العالي في الأردن، مؤكدا أن كامل العبء التمويلي للعملية التعليمية في الجامعات الحكومية أصبح على كاهل الطلبة، وأن الخزينة أصبحت شريكة في إيرادات الجامعات نقديا وعينيا.
وأكد بدران، أن إنفاق الجامعات الرسمية على العملية التعليمية بلغ عام 462 مليون دينار عام 2016 ، فيما بلغت مساهمة الخزينة في كلفة العملية التعليمية ما مجموعه 54 مليون دينار،ووصلت عوائد الخزينة النقدية والعينية من قطاع التعليم العالي إلى 91 مليون دينار.
وأوضح أن عوائد الخزينة اشتملت على 13 مليون دينار كضرائب على الجامعات الخاصة، و أكثر من مليوني دينار مستردة من إيرادات هيئة اعتماد الجامعات الأردنية وضمان جودتها، و56 مليونا فجوة الرسوم على طلبة المكرمات والمنح الحكومية و20 مليونا إعفاءات بند المعلولية الجسيمة.
وقال، إن "الجامعات الرسمية لا تمتلك أموالا كافية لسداد مديونيتها "، مشيرا إلى عدة حلول للحد من هذه المديونية تدريجيا كإيقاف التوظيف،و اللجوء لتبرعات الخريجين على غرار كثير من الجامعات الأجنبية، وتقليل عدد الإداريين ليكونوا بنسبة واحد لواحد مع الأكاديميين، بينما تصل في بعض الجامعات 8 إلى واحد ما يفسر عمق أزمة المديونية واستمراريتها.
وبذات الصدد، قال بدران إن "حكومته أنهت عام 2005 مديونية الجامعات البالغة حينئذ 120 مليون دينار بتحويلها إلى مديونية على الخزينة، واقتطعت لاحقا من منحها السنوية"، لكنها سرعان ما تجددت هذه المديونية ووصلت اليوم إلى 190 مليون دينار.
وحول نفاد مدخرات العاملين بالجامعة الأردنية، قال بدران إن السبب الرئيس في ذلك يعود لتأسيس فرع الجامعة في العقبة التي بلغت كلفتها 17 مليون دينار واستندت إلى مدخراتهم بهدف الاستثمار، ما اضطر الجامعة إلى تأخير صرف مكافأة نهاية الخدمة وجعلها على مراحل حالما يتوفر المبلغ.
وفي ذات الصدد، شدد بدران على ضرورة قيام جامعات الأطراف بدورها التنموي كونها تنموية بالأساس والهدف منها تنمية المجتمعات المحلية.
وعن امتحان الكفاءة الجامعية، أكد بدران ضرورة عدم ربط نجاح الطالب بامتحان الكفاءة الجامعية بتخرجه، معتبرا هذه الخطوة مجازفة غير مسؤولة.
وبين إيجابيات اختبار تقييم الخريجين العالمي (جي آر إي) سابقا والذي كانت تدفع الجامعات رسومه مقابل خضوع كل خريج له دون اشتراط النجاح به لتخرجه، والمتمثلة في القياس العلمي الدقيق لمستويات الطلبة وحصولهم على وظائف عقب تخرجهم بفضل نتائجهم المتقدمة في هذا الاختبار.
وأكد بدران الاجة لإخضاع بعض القيادات التربوية سنويا لدورات تدريبية تنمي مهاراتهم وتجدد أساليبهم.
وبين أن الجامعات الأردنية تنفق ما نسبته 3 بالمئة من ميزانيتها على البحث العلمي و2 بالمئة على الإيفاد، في وقت ينفق فيه الأردن ما نسبته 45ر0 بالمئة من ميزانية الدولة على البحث العلمي والتطوير.
وحول أهمية وجود منهاج خاص للتربية الإعلامية في المدارس، قال بدران إن الإعلام يجب أن يدخل في مدارسنا وجامعاتنا بهدف التوعية والوصول إلى المعلومة الحقيقية، وإفراد مساحة وافية له في مناهج خاصة أو تضمينه للمناهج الاجتماعية للتفريق ما بين الإعلام الصادق والإعلام المغرض، فالإعلام اليوم أصبح حقلا واسعا وأداة تغيير في المجتمع.
عمان جو - كشف رئيس المجلس الأعلى للمركز الوطني لتطوير المناهج الدكتور عدنان بدران عن خطة لدعم اللغة العربية في المناهج الدراسية سيجرى بموجبها تشكيل النصوص اللغوية في المناهج التعليمية كافة، واستحداث مختبرات خاصة لتعليم اللغة العربية بأساليب مبتكرة.
وقال بدران رئيس الوزراء الأسبق خلال ندوة عقدتها وكالة الأنباء الأردنية (بترا) بعنوان "التعليم العالي في الأردن"، ادارها مدير عام الوكالة الزميل الدكتور محمد العمري، إنه لا يمكن تعليم اللغة العربية بمعزل عن اتباع أساليب حصيفة ومبتكرة تكون سلوكا يتخذه الطلبة في حياتهم اليومية، ما حدا بالمجلس، لابتكار أساليب جديدة؛ تكون شبيهة بأساليب تعلم اللغات العالمية، وسهلة وجاذبة للطلبة، فيتخذون الحديث "بلسان الضاد" سجية لهم منذ الصغر.
وعبر بدران عن امتعاضه للحال الذي وصله واقع تعليم اللغة العربية وما وصفه بالتراخي في تطوير منهجية ناجعة لتعليمها منذ الطفولة المبكرة، وكذلك أساليب التعليم الحالية التي ما زالت تراوح مكانها بعيدا عن الابتكار والتطوير.
وقال "إن طلبتنا يقعون في أخطاء لغوية فادحة عند الكتابة والحديث بها بالرغم من أنهم ما برحوا يتعلمونها في كنف الأسرة والمؤسسات التعليمية منذ نعومة أظفارهم ما يؤكد وجود الخلل"، مؤكدا سعي المجلس لجعل الحديث باللغة العربية سلوكا مجتمعيا في حياة الأفراد والجماعات، "فاللغة القوية لا مجال للتشكيك بها، لذلك علينا تطوير اساليب تدريس لغتنا التي لم تتطور أساليبها لمستوى أساليب اللغة الإنجليزية وغيرها".
وأضاف ان المجلس يولي تعديل المناهج المدرسية أهمية كبرى، "وسنقوي لغة ابنائنا في العربية ونعلمها من خلال باقي المناهج الدراسية كالعلوم وغيرها"، مؤكدا ضرورة غرس مفاهيم اللغة العربية في مناهج العلوم المختلفة للخروج بمزيج استثنائي يمكن الطالب علميا ولغويا، "فاللغة الحصيفة قاعدة يستند اليها الطالب في أي مجال عملي مستقبلا".
ومع أن بدران يرى ضرورة لتطوير أساليب مثلى لتعليم اللغة العربية، إلا أنه أكد الحاجة الماسة لتعلم اللغة الإنجليزية كونها لغة العلم والتكنولوجيا، علاوة على أنها سلاح الخريجين الجدد نحو الوظيفة، مشيرا إلى أن تعلم الإنجليزية لا يعد تقليصا للغتنا الأم، ولا يؤثر سلبها عليها، إنما يقويها ويعززها "فترجمة مصطلحات انجليزية للعربية يُكسب الطلبة مفردات عربية جديدة".
ورأى أن قانون اللغة العربية يشكل جدارا حاميا للغة الام، ومجمع اللغة العربية الأردني داعم للمجلس في تطوير أساليب تعليم اللغة.
وانتقل بدران في حديثه ليشمل مختلف المناهج التعليمية المدرسية التي يقوم المجلس بتطويرها، انطلاقا من أنه لا يمكن الوصول إلى التعددية الفكرية والسياسية إلا من خلال التعليم الذي يعتبر أساسا للديمقراطية بظهوره في الأسرة التي تعد المدرسة الأولى.
وقال بهذا الخصوص، إن الأردن قطع مراحل كبيرة في التعليم، فالمدارس عممت في كل بقاع الوطن، ووصل عدد الجامعات اليوم إلى 30 بين رسمية وخاصة، و45 كلية مجتمعة، مشددا على أن من شأن إصلاح التعليم الدفع لاستغلال أكثر من مليوني طالب على مقاعد التعليم المدرسي ليكونوا محركات نمو، لا باحثين عن وظائف.
وأضاف ان النهوض بالتعليم يبدأ منذ الطفولة المبكرة، "ذلك أن التركيز على التعليم منذ الطفولة يمكننا من تعليم الإنسان بطريقة الاستيعاب بإرساء مبادئ التفكير النقدي والموضوعي المستند إلى التحليل والمنطق ما ينمي البحث العلمي لدى الطفل بعيدا عن التعليم المجرد".
وقال "علينا الابتعاد عن الاجترار والحفظ، فهما لا يؤديان إلى الفكر الناقد والشخصية المستقصية"، ما يؤكد حاجتنا لتنمية ملكتي التساؤل والاستقصاء في الطفولة المبكرة، فالحقائق والمعلومات تتجدد باستمرار ولا يمكن الاستسلام لأي منها، قائلا: "نريد جيلا يتمتع بمهارات التحليل والإنتاج لنسبق العالم".
وتلعب ما وصفها بدران "بقوى الشد العكسي للتعليم" دورا في إعاقة مسيرة التحديث والتطوير، بالرغم من أن الأردن يمتلك كل مقومات النجاح التي يجب أن تكون دافعا لاجتياز كل المعيقات ، داعيا إلى الانتقال نحو اقتصاد المعرفة الذي عملت دول بموجبه على تحويل الكتل البشرية إلى قوى هائلة اقتصاديا، فيما لا تزال دول أخرى تترنح مكانها طرديا بازدياد نسب البطالة في صفوف الخريجين ما ينعكس سلبا على مختلف القطاعات ونموها.
وأكد أن الأردن يمتلك قوى بشرية مؤهلة قادرة على جعله بلدا متطورا وأفضل من الدول النفطية، شريطة استخدام العقل البشري في التعليم وتطبيق بحوثنا العلمية في حياتنا، مشددا على أنه "آن الأوان للقفز بأبحاثنا من الموضوعية إلى التطبيق".
وأشار إلى أن الفروقات بيننا والعالم الخارجي إبداعية وابتكارية يمكن الحد منها باستخدام العقل نحو تحسين كل مخرجاتنا التنموية، فالحل بعيد المدى لكل مشاكلنا هو في التعليم، مبينا أن التعليم هو أساس الديمقراطيات والحريات والنبوغ، وهو رأس المال البشري الحقيقي الذي يكون رافعة حقيقية للأمة.
وأكد بدران ضرورة البحث مرارا عن ماهية تعزيز التنمية في الأردن من خلال رأس المال البشري المحرك للاقتصاد، مستعرضا التجربة الفنلندية الناجحة في النهوض برأس المال البشري، التي ظروفها تحاكي ظروف الأردن من حيث الموارد والجغرافيا والسكان.
وحول دور المجلس الأعلى للمركز الوطني لتطوير المناهج في إصلاح التعليم، قال إننا نسعى لتعزيز القيم والسلوكيات في المناهج التعليمية منذ الطفولة المبكرة لتكون عابرة للمواد، مثلما يجري إدخالها في مناهج جديدة تخضع للتقويم والتقييم والتغذية الراجعة، مبينا أن وظيفتنا هي بناء المناهج، وتأليف الكتب ومقرراتها، ورقمنة التعليم؛ ليتمكن الطلبة عبر أجهزتهم الذكية من متابعة مناهجهم وواجباتهم والمواد المساعدة بشكل يوسع مداركهم في مختلف المراحل الدراسية.
وفيما يتعلق بامتحان الثانوية العامة (التوجيهي) بنسخته الحالية، اعتبره بدران "امتحانا مرعبا"، مشيرا الى أن المجلس يعيد النظر بهذا الامتحان بحيث يستند الامتحان المطور على اختيار الطالب لمواضيع ومواد مختلفة تؤهله للتقدم إليه، وهو شبيه بامتحان شهادة الثقافة العامة البريطانية (جي سي اي ).
ولا تقتصر عمليات التطوير والمراجعة للمناهج المدرسية على ما يتناوله الطلبة، بل تنطلق نحو المعلم وتطويره أدائه وكذلك ما يعرف بدليل المعلم، بحسب بدران، الذي أكد تكاملية العملية التعليمية وأن فقدان حلقة منها يعني فسادها برمتها، مشيرا بهذا الصدد إلى دور أكاديمية الملكة رانيا لتدريب المعلمين في تطوير معلمين قادرين على مواكبة العصر ورفدهم بالمهارات اللازمة تجاه النهوض بمخرجات العملية التعليمية كاملة.
ولم يخف بدران "امتعاضه" مما آل إليه واقع الجامعات الأردنية الذي يظهر أنها تغرق في مديونية بلغت هذا العام 190 مليون دينار"، لافتا إلى تقصير بعض الإدارات الجامعية في إيجاد حلول ناجعة لسدادها منذ عقد ونيف، مثلما تتحمل هذه المسؤولية حكومات متعاقبة، وقيادات تربوية تقليدية لم تأخذ بالحسبان هذه الأخطاء، في وقت كانت موازنات الجامعات سابقا مستقلة تماما.
واستهل بدران حديثه حول الأعباء المالية للجامعات، بما ذكره رئيس مجلس أمناء جامعة اليرموك الدكتور فايز الخصاونة عبر سلسلة مقالات تناولت اقتصاديات التعليم العالي في الأردن، مؤكدا أن كامل العبء التمويلي للعملية التعليمية في الجامعات الحكومية أصبح على كاهل الطلبة، وأن الخزينة أصبحت شريكة في إيرادات الجامعات نقديا وعينيا.
وأكد بدران، أن إنفاق الجامعات الرسمية على العملية التعليمية بلغ عام 462 مليون دينار عام 2016 ، فيما بلغت مساهمة الخزينة في كلفة العملية التعليمية ما مجموعه 54 مليون دينار،ووصلت عوائد الخزينة النقدية والعينية من قطاع التعليم العالي إلى 91 مليون دينار.
وأوضح أن عوائد الخزينة اشتملت على 13 مليون دينار كضرائب على الجامعات الخاصة، و أكثر من مليوني دينار مستردة من إيرادات هيئة اعتماد الجامعات الأردنية وضمان جودتها، و56 مليونا فجوة الرسوم على طلبة المكرمات والمنح الحكومية و20 مليونا إعفاءات بند المعلولية الجسيمة.
وقال، إن "الجامعات الرسمية لا تمتلك أموالا كافية لسداد مديونيتها "، مشيرا إلى عدة حلول للحد من هذه المديونية تدريجيا كإيقاف التوظيف،و اللجوء لتبرعات الخريجين على غرار كثير من الجامعات الأجنبية، وتقليل عدد الإداريين ليكونوا بنسبة واحد لواحد مع الأكاديميين، بينما تصل في بعض الجامعات 8 إلى واحد ما يفسر عمق أزمة المديونية واستمراريتها.
وبذات الصدد، قال بدران إن "حكومته أنهت عام 2005 مديونية الجامعات البالغة حينئذ 120 مليون دينار بتحويلها إلى مديونية على الخزينة، واقتطعت لاحقا من منحها السنوية"، لكنها سرعان ما تجددت هذه المديونية ووصلت اليوم إلى 190 مليون دينار.
وحول نفاد مدخرات العاملين بالجامعة الأردنية، قال بدران إن السبب الرئيس في ذلك يعود لتأسيس فرع الجامعة في العقبة التي بلغت كلفتها 17 مليون دينار واستندت إلى مدخراتهم بهدف الاستثمار، ما اضطر الجامعة إلى تأخير صرف مكافأة نهاية الخدمة وجعلها على مراحل حالما يتوفر المبلغ.
وفي ذات الصدد، شدد بدران على ضرورة قيام جامعات الأطراف بدورها التنموي كونها تنموية بالأساس والهدف منها تنمية المجتمعات المحلية.
وعن امتحان الكفاءة الجامعية، أكد بدران ضرورة عدم ربط نجاح الطالب بامتحان الكفاءة الجامعية بتخرجه، معتبرا هذه الخطوة مجازفة غير مسؤولة.
وبين إيجابيات اختبار تقييم الخريجين العالمي (جي آر إي) سابقا والذي كانت تدفع الجامعات رسومه مقابل خضوع كل خريج له دون اشتراط النجاح به لتخرجه، والمتمثلة في القياس العلمي الدقيق لمستويات الطلبة وحصولهم على وظائف عقب تخرجهم بفضل نتائجهم المتقدمة في هذا الاختبار.
وأكد بدران الاجة لإخضاع بعض القيادات التربوية سنويا لدورات تدريبية تنمي مهاراتهم وتجدد أساليبهم.
وبين أن الجامعات الأردنية تنفق ما نسبته 3 بالمئة من ميزانيتها على البحث العلمي و2 بالمئة على الإيفاد، في وقت ينفق فيه الأردن ما نسبته 45ر0 بالمئة من ميزانية الدولة على البحث العلمي والتطوير.
وحول أهمية وجود منهاج خاص للتربية الإعلامية في المدارس، قال بدران إن الإعلام يجب أن يدخل في مدارسنا وجامعاتنا بهدف التوعية والوصول إلى المعلومة الحقيقية، وإفراد مساحة وافية له في مناهج خاصة أو تضمينه للمناهج الاجتماعية للتفريق ما بين الإعلام الصادق والإعلام المغرض، فالإعلام اليوم أصبح حقلا واسعا وأداة تغيير في المجتمع.