إدارة الدَين بوصفة وطنية
عمان جو - جمانة غنيمات
وصلت بعثة صندوق النقد الدولي، مجدداً، إلى عمان. لكن الهدف هذه المرة، كما يُفترض، هو وضع التفاصيل النهائية لبرنامج التصحيح الاقتصادي الجديد، الممتد على طول الفترة 2017–2020، تمهيدا لإقراره من قبل الحكومة.
إلا أن فرص حصول هذا الإقرار من عدمه خلال الجولة الحالية من المفاوضات، تبدو متساوية. إذ ثمة معطيات تؤشر إلى إمكانية تأجيل ذلك، لاسيما مع تواتر الحديث عن رحيل حكومة د. عبدالله النسور التي طبقت البرنامج الأخير مع "الصندوق"؛ للفترة 2012-2015. وفي هذا السياق، تتسرب معلومات عن عدم رغبة الرئيس في توقيع الاتفاق، أو اتخاذ أي خطوات أخرى تحتاج قرارات حاسمة.
البعثة بدأت زيارتها يوم الخميس الماضي، ويتوقع أن تستمر حتى الثاني من حزيران (يونيو) المقبل. لكن المصادقة الحكومية تحتمل التأجيل، لاسيما أن التطبيق الفعلي للبرنامج سيبدأ العام المقبل، ويستمر لأربعة أعوام تالية.
المحور الأهم في برنامج التصحيح المقبل، محل التفاوض حالياً، يتعلق بمسألة على درجة كبيرة من الحساسية للأردنيين، وهي تلك المرتبطة بإدارة الدين العام الذي بلغ مستويات خطيرة؛ إذ يقدر حالياً بنسبة 92 % من الناتج المحلي الإجمالي، تنخفض إلى 83 % عند قياسها بصافي الدين. وليس المهم أبداً أي نسبة نُظهر وأيّها نخفي، إذ تظل الخطورة –التي يتوجب علينا الاعتراف بها- قائمة في الحالين كنسبة؛ تماماً كما كرقم مطلق. وقد طالب "الصندوق" بتخفيض نسبة الدين العام وصولا إلى 70 % من الناتج المحلي الإجمالي، مع نهاية فترة البرنامج الجديد؛ مطلع العام 2021.
الإدارة الحكومية للدين ما تزال سطحية، والتعامل مع مخاطرها بحدوده الدنيا. إذ لم تعلن حالة الطوارئ بخصوصه، بل ولم نسمع الكثير عن خطة الحكومة بهذا الشأن! الأمر الذي يزيد أيضاً من منسوب القلق والخوف من انعكاس هذا المؤشر سلباً على الاستقرار المالي والنقدي.
الحكمة تقتضي المسارعة إلى إطلاق جرس الإنذار، وإعلان حالة الطوارئ القصوى في متابعة هذا الملف، بحيث لا ننتظر "الصندوق" واشتراطاته بهذا الخصوص. مع الأخذ بعين الاعتبار عدداً من المعطيات، التي يُفترض أن تكون بدهية.
ابتداء، فإن ملف المديونية ليس مرتبطاً بوزارة المالية وحدها، بل جميع أعضاء الحكومة طرف في هذه القضية، كما السعي إلى حلها. إذ إن كل الأموال التي تقترضها "المالية" تنفق من قبل الجميع، وبما يلقي المسؤولية بدوره على الجميع أيضاً.
يرتبط بما سبق، ومن باب المسؤولية المشتركة والمساهمة في محاصرة المشكلة، أن على الجميع دراسة نفقاتهم، بحيث يتم تحديد النافع والمنتج ضمنها، مع العمل على تعظيم مردوده؛ في مقابل وضع اليد على "جرح" الإنفاق الضار، والسعي إلى تقليصه، لأن الهدر المالي الحاصل هو، أولا وأخيرا، جزء من الدين الخطير.
بعد الاقتناع بأن الجميع جزء من المشكلة والحل أيضاً، تتجه الأنظار للجنة إدارة الدين العام. إذ يلزم تفعيل هذه اللجنة، والتأكيد على عقد اجتماعاتها بشكل دوري، وبحيث تتمكن –مرة أخرى؛ بتعاون الجميع- من وضع استراتيجية لإدارة الدين العام، تلقى خطواتها قبولا شاملاً، على المستوى الرسمي أساساً، والذي لا بد أن يراعي الحساسيات على المستوى الشعبي.
انتظار وصفة صندوق النقد الدولي للبدء بمعالجة الداء، ليس مضيعة للوقت فحسب، بل سبب لتفاقم المرض أيضا، وهو ما سيدفع ثمنه الجميع محلياً، وليس "الصندوق" وأفراد بعثته الذين لا يدركون مخاوفنا وهواجسنا، أو أسوأ من ذلك أن لا يكترثوا بها إن أدركوها.
دعونا نبدأ بحل وطني يشخّص الداء، ويقدم وصفة علاج تراعي الأبعاد الداخلية، بدلاً من تلك التي يفرضها "الصندوق"، ويدرك وزير المالية مسبقا أن الناس سيستشعرون آثارها السلبية بقسوة.
وصلت بعثة صندوق النقد الدولي، مجدداً، إلى عمان. لكن الهدف هذه المرة، كما يُفترض، هو وضع التفاصيل النهائية لبرنامج التصحيح الاقتصادي الجديد، الممتد على طول الفترة 2017–2020، تمهيدا لإقراره من قبل الحكومة.
إلا أن فرص حصول هذا الإقرار من عدمه خلال الجولة الحالية من المفاوضات، تبدو متساوية. إذ ثمة معطيات تؤشر إلى إمكانية تأجيل ذلك، لاسيما مع تواتر الحديث عن رحيل حكومة د. عبدالله النسور التي طبقت البرنامج الأخير مع "الصندوق"؛ للفترة 2012-2015. وفي هذا السياق، تتسرب معلومات عن عدم رغبة الرئيس في توقيع الاتفاق، أو اتخاذ أي خطوات أخرى تحتاج قرارات حاسمة.
البعثة بدأت زيارتها يوم الخميس الماضي، ويتوقع أن تستمر حتى الثاني من حزيران (يونيو) المقبل. لكن المصادقة الحكومية تحتمل التأجيل، لاسيما أن التطبيق الفعلي للبرنامج سيبدأ العام المقبل، ويستمر لأربعة أعوام تالية.
المحور الأهم في برنامج التصحيح المقبل، محل التفاوض حالياً، يتعلق بمسألة على درجة كبيرة من الحساسية للأردنيين، وهي تلك المرتبطة بإدارة الدين العام الذي بلغ مستويات خطيرة؛ إذ يقدر حالياً بنسبة 92 % من الناتج المحلي الإجمالي، تنخفض إلى 83 % عند قياسها بصافي الدين. وليس المهم أبداً أي نسبة نُظهر وأيّها نخفي، إذ تظل الخطورة –التي يتوجب علينا الاعتراف بها- قائمة في الحالين كنسبة؛ تماماً كما كرقم مطلق. وقد طالب "الصندوق" بتخفيض نسبة الدين العام وصولا إلى 70 % من الناتج المحلي الإجمالي، مع نهاية فترة البرنامج الجديد؛ مطلع العام 2021.
الإدارة الحكومية للدين ما تزال سطحية، والتعامل مع مخاطرها بحدوده الدنيا. إذ لم تعلن حالة الطوارئ بخصوصه، بل ولم نسمع الكثير عن خطة الحكومة بهذا الشأن! الأمر الذي يزيد أيضاً من منسوب القلق والخوف من انعكاس هذا المؤشر سلباً على الاستقرار المالي والنقدي.
الحكمة تقتضي المسارعة إلى إطلاق جرس الإنذار، وإعلان حالة الطوارئ القصوى في متابعة هذا الملف، بحيث لا ننتظر "الصندوق" واشتراطاته بهذا الخصوص. مع الأخذ بعين الاعتبار عدداً من المعطيات، التي يُفترض أن تكون بدهية.
ابتداء، فإن ملف المديونية ليس مرتبطاً بوزارة المالية وحدها، بل جميع أعضاء الحكومة طرف في هذه القضية، كما السعي إلى حلها. إذ إن كل الأموال التي تقترضها "المالية" تنفق من قبل الجميع، وبما يلقي المسؤولية بدوره على الجميع أيضاً.
يرتبط بما سبق، ومن باب المسؤولية المشتركة والمساهمة في محاصرة المشكلة، أن على الجميع دراسة نفقاتهم، بحيث يتم تحديد النافع والمنتج ضمنها، مع العمل على تعظيم مردوده؛ في مقابل وضع اليد على "جرح" الإنفاق الضار، والسعي إلى تقليصه، لأن الهدر المالي الحاصل هو، أولا وأخيرا، جزء من الدين الخطير.
بعد الاقتناع بأن الجميع جزء من المشكلة والحل أيضاً، تتجه الأنظار للجنة إدارة الدين العام. إذ يلزم تفعيل هذه اللجنة، والتأكيد على عقد اجتماعاتها بشكل دوري، وبحيث تتمكن –مرة أخرى؛ بتعاون الجميع- من وضع استراتيجية لإدارة الدين العام، تلقى خطواتها قبولا شاملاً، على المستوى الرسمي أساساً، والذي لا بد أن يراعي الحساسيات على المستوى الشعبي.
انتظار وصفة صندوق النقد الدولي للبدء بمعالجة الداء، ليس مضيعة للوقت فحسب، بل سبب لتفاقم المرض أيضا، وهو ما سيدفع ثمنه الجميع محلياً، وليس "الصندوق" وأفراد بعثته الذين لا يدركون مخاوفنا وهواجسنا، أو أسوأ من ذلك أن لا يكترثوا بها إن أدركوها.
دعونا نبدأ بحل وطني يشخّص الداء، ويقدم وصفة علاج تراعي الأبعاد الداخلية، بدلاً من تلك التي يفرضها "الصندوق"، ويدرك وزير المالية مسبقا أن الناس سيستشعرون آثارها السلبية بقسوة.
تعليقات القراء
لا يوجد تعليقات