الزميل عدنان نصار يكتب ل"عمان جو : "اعلام "كاذب" .. هل تنتهي الجعجعة ونبدأ بالطحن .؟
عمان جو - عدنان نصار
"الأعلام الكاذب " تماما مثل "الأدب الكاذب" ، ففي الحالتين ثمة صفة مشتركة بنهما :"الكذب" والترويج لفكرة ما عبر ثقافة موبوئة ، ناقصة في المعنى ، خاوية من المعلومة ، غير مكتملة النص .
لم تكّف أبواق اعلامية في فضائيات عربية عن العربدة ، في جنح الليل ، ووضوح النهار ، وسعيها المحموم لارتكاب موبقات اعلامية مكشوفة ، ومفضوحة نازعة عن عقل المتلقي اي صفة للفهم أو قراءة ما بين السطور ، مفترضة في هذا الصدد ان الذكاء ملك لهم لوحدهم ، وان المتلقي ليس أكثر من مشاهد فاغرا فمه امام شاشاتهم الموقرة .!
الماكنة الاعلامية ؛ التي نقصدها ، هي ذات الماكنة التي تختبيء خلف مسميات "الكوكتيل "، دون الاستناد الى المهنية الاعلامية ، أو شرف الموقف المهني ، أو الاحترافية في تقديم الخبر ، وصياغته..
وظلت هذه الماكنات الاعلامية "تجعجع" عبر اكثر من 15 سنة فائتة ،عبر مسيرتها المتعثرة ، وعزوف المشاهدين عن متابعة مثل هذه الفضائيات ،تمشيا مع قناعات المشاهدين بان ما يجري ليس اكثر من خواء مهني ،وهراء فكري ، وبالتالي اعلان حالة "خصام " وانفكاك في الروابط ، بين مشاهدين انحازوا الى ذائقتهم الفكرية والثقافية الراقية والمتسعة ، وفضائيات متسكعة تروج لخبر ما بسماجة وتفاهة .
ارتكبت فضائيات مدعومة بعباءة السلطان ، وهي معروفة جيدا للمشاهد العربي ، فضاعات اعلامية وصلت حد الردة عن الفكر الراقي الذي يليق بالمشاهد ، مستخدمة مؤثرات "الردح" لينجح اعلامها بما يتفق مع ذائقة لم يعد لها وجود ، ذائقة هابطة في المحتوى الاعلامي والترويج له.
كصحفيون ؛ نعرف جيدا آليات العمل في كيفية صناعة نشرات الأخبار داخل القنوات التلفزيونية المحلية، وما يترتب على ذلك من جهد بروح الفريق الواحد ، يتخلله عقد اجتماعات وتوزيع مهمات على المراسلين، وصولاً إلى الجاهزية ، ونضوج المواد لاخراجها على الهواء بما يتفق مع الحدث ، وصدقيته ، وحياديته .غير أنّ المدقّق في بعض أوضاع محطات فضائية نجد انها تخلو تماما من هذه الاشتراطات المهنية ،اما عن قصد وجهالة ، أو نتيجة غياب الحرفية العالية ، وفي كلا الحالتين نحن أمام :"جعجعة " ، تدل على خواء ومعرفة واهتراء مهني.
لقد خرجت فضائيات عربية سجلت نجاحات متقدمة عربيا وعالميا ، ويقتضي الواجب الاخلاقي والمهني والانساني ان نقول (شكرا) لاي فضائية تحترم ذائقة وذكاء المشاهدين ، وخروجها من فئة الجهوية والحزبية، وثبيت رؤيتها الاعلامية نحو القضايا التي تتصل بالناس وتمسّ حياتهم وتفاصيلها اليومية .
أنفقت ؛ وما تزال فضائيات عربية ملايين الدولارات على متلازمة الخبر التقليدي الممّل "استقبل ..وودع ، وجرى له استقبالا حافلا " ، هذه المتلازمة في التقليد الاعلامي الذي نظن انه ولّى الى غير رجعه ،لم يعد له حضور ، ولم نعهده في اعلام حر يسلط الضوء على الحدث والخبر .
يعّد تحديد مستوى المصداقية ، والمعايير اللازمة لذلك ، من أبسط شروط الاعلام الصادق ،بعيدا عن التهويل ، والمبالغة..لكن ؛ في الاعلام "الكاذب" ، تنتفي هذه الصفات البديهية ، سواء كان في الخبر ، او في اجراء مقابلات ، ويميل المطبخ التحريري في فضائيات الى رغبات الوالي والسلطان ، في كيفية صياغة الخبر ، وصناعة الكذب ، ووضع الجواب على طرف لسان ضيوف جيء بهم تحت مسميات "محللين سياسين" ليخطفوا منهم اجابات رديئة لتحليل أردى .
كنا نعتقد ؛ان الاعلام الكاذب "المجعجع" ، قد خجل على نفسه ، أمام حالة اتساع الفهم الادراكي ، والمعرفي الطبيعي للمشاهد العربي في كل الجغرافيا العربية ، وكنا نعتقد ايضا ، ان "زملاء" المهنة الصحفية في فضائيات يدركون الحس التوعوي للشعوب ، ويعرفون ان الخبر له وقعه من زوايا مختلفة ، لكنها تصب في نهاية الامر في المصداقية والحرفية ، فان غابت هذه الصفات والمواصفات عن فضائيات الكذب ، ربما تجد في سوق الابداع الاعلامي زاوية لها ،وبدون ذلك يبقى الأمر مجرد :"جعحعة بدون طحن" .!
adnandyab@yahoo.com
عمان جو - عدنان نصار
"الأعلام الكاذب " تماما مثل "الأدب الكاذب" ، ففي الحالتين ثمة صفة مشتركة بنهما :"الكذب" والترويج لفكرة ما عبر ثقافة موبوئة ، ناقصة في المعنى ، خاوية من المعلومة ، غير مكتملة النص .
لم تكّف أبواق اعلامية في فضائيات عربية عن العربدة ، في جنح الليل ، ووضوح النهار ، وسعيها المحموم لارتكاب موبقات اعلامية مكشوفة ، ومفضوحة نازعة عن عقل المتلقي اي صفة للفهم أو قراءة ما بين السطور ، مفترضة في هذا الصدد ان الذكاء ملك لهم لوحدهم ، وان المتلقي ليس أكثر من مشاهد فاغرا فمه امام شاشاتهم الموقرة .!
الماكنة الاعلامية ؛ التي نقصدها ، هي ذات الماكنة التي تختبيء خلف مسميات "الكوكتيل "، دون الاستناد الى المهنية الاعلامية ، أو شرف الموقف المهني ، أو الاحترافية في تقديم الخبر ، وصياغته..
وظلت هذه الماكنات الاعلامية "تجعجع" عبر اكثر من 15 سنة فائتة ،عبر مسيرتها المتعثرة ، وعزوف المشاهدين عن متابعة مثل هذه الفضائيات ،تمشيا مع قناعات المشاهدين بان ما يجري ليس اكثر من خواء مهني ،وهراء فكري ، وبالتالي اعلان حالة "خصام " وانفكاك في الروابط ، بين مشاهدين انحازوا الى ذائقتهم الفكرية والثقافية الراقية والمتسعة ، وفضائيات متسكعة تروج لخبر ما بسماجة وتفاهة .
ارتكبت فضائيات مدعومة بعباءة السلطان ، وهي معروفة جيدا للمشاهد العربي ، فضاعات اعلامية وصلت حد الردة عن الفكر الراقي الذي يليق بالمشاهد ، مستخدمة مؤثرات "الردح" لينجح اعلامها بما يتفق مع ذائقة لم يعد لها وجود ، ذائقة هابطة في المحتوى الاعلامي والترويج له.
كصحفيون ؛ نعرف جيدا آليات العمل في كيفية صناعة نشرات الأخبار داخل القنوات التلفزيونية المحلية، وما يترتب على ذلك من جهد بروح الفريق الواحد ، يتخلله عقد اجتماعات وتوزيع مهمات على المراسلين، وصولاً إلى الجاهزية ، ونضوج المواد لاخراجها على الهواء بما يتفق مع الحدث ، وصدقيته ، وحياديته .غير أنّ المدقّق في بعض أوضاع محطات فضائية نجد انها تخلو تماما من هذه الاشتراطات المهنية ،اما عن قصد وجهالة ، أو نتيجة غياب الحرفية العالية ، وفي كلا الحالتين نحن أمام :"جعجعة " ، تدل على خواء ومعرفة واهتراء مهني.
لقد خرجت فضائيات عربية سجلت نجاحات متقدمة عربيا وعالميا ، ويقتضي الواجب الاخلاقي والمهني والانساني ان نقول (شكرا) لاي فضائية تحترم ذائقة وذكاء المشاهدين ، وخروجها من فئة الجهوية والحزبية، وثبيت رؤيتها الاعلامية نحو القضايا التي تتصل بالناس وتمسّ حياتهم وتفاصيلها اليومية .
أنفقت ؛ وما تزال فضائيات عربية ملايين الدولارات على متلازمة الخبر التقليدي الممّل "استقبل ..وودع ، وجرى له استقبالا حافلا " ، هذه المتلازمة في التقليد الاعلامي الذي نظن انه ولّى الى غير رجعه ،لم يعد له حضور ، ولم نعهده في اعلام حر يسلط الضوء على الحدث والخبر .
يعّد تحديد مستوى المصداقية ، والمعايير اللازمة لذلك ، من أبسط شروط الاعلام الصادق ،بعيدا عن التهويل ، والمبالغة..لكن ؛ في الاعلام "الكاذب" ، تنتفي هذه الصفات البديهية ، سواء كان في الخبر ، او في اجراء مقابلات ، ويميل المطبخ التحريري في فضائيات الى رغبات الوالي والسلطان ، في كيفية صياغة الخبر ، وصناعة الكذب ، ووضع الجواب على طرف لسان ضيوف جيء بهم تحت مسميات "محللين سياسين" ليخطفوا منهم اجابات رديئة لتحليل أردى .
كنا نعتقد ؛ان الاعلام الكاذب "المجعجع" ، قد خجل على نفسه ، أمام حالة اتساع الفهم الادراكي ، والمعرفي الطبيعي للمشاهد العربي في كل الجغرافيا العربية ، وكنا نعتقد ايضا ، ان "زملاء" المهنة الصحفية في فضائيات يدركون الحس التوعوي للشعوب ، ويعرفون ان الخبر له وقعه من زوايا مختلفة ، لكنها تصب في نهاية الامر في المصداقية والحرفية ، فان غابت هذه الصفات والمواصفات عن فضائيات الكذب ، ربما تجد في سوق الابداع الاعلامي زاوية لها ،وبدون ذلك يبقى الأمر مجرد :"جعحعة بدون طحن" .!
adnandyab@yahoo.com