في علم الأميبا السياسية
عمان جو _ طارق مصاروة
يحذر الدبلوماسي العربي الاخضر الابراهيمي من «صوملة» سوريا وقبله حذر الكثيرون، ونحن منهم، من «بلقنة» المنطقة وحين انفجرت الحرب الاهلية اللبنانية، سمعنا من عراقي كبير التحذير من «لبننة» سوريا والعراق.. وكان التحذير بعيداً حتى عن تصوّر المهووسين بقصة «المؤامرة» الدولية... والغريب، ان كل هذه التحذيرات انتقلت بثقلها ودمويتها الى الواقع المعاش في عالمنا العربي: فأصبحنا صوماليين وبلقانيين، ولبنانيين معاً.كنا في بيروت وفي مطلع الواحد والسبعين نسمع من ميشال ابو جودة كلام عن «حرب قادمة» تنتهي بسلام قادم وكان التخريج انها ستكون «حرب تحريك» فاقناع هذه الشعوب بالسلام يستلزم «حرباً مرتبة» فالذي يحارب هو المؤهل لاقامة السلام.وحين كان كيسنجر «يمكمك» في المنطقة، كان يقول بصراحة: الاطراف المعنية ليست جاهزة للسلام.وان لا شيء يدفع واشنطن لوضع ثقلها في عملية سلام جدية. وكان يشير دون تردد الى فشل مشروع روجرز.لم يصل كيسنجر الى القول بكل صراحة: انا بحاجة الى حرب.. الى حالة تقلب الموازين لأتحرك. لكنه كان يؤشر لها. ووصلنا الى حرب تشرين حين كان السادات يخادع الاسد، وحين كان الاسد يخادع العرب، وحين كان كيسنجر وجولدامائير يرسمان حدود السلام والحرب.الان سوريا التي كنا نستبعد كليا انقسامها المذهبي كنا نقول انها لا يمكن أن «تتلبنن» لان الاقليات تشكل الاكثرية: فهناك سنة وشيعة واكراد وعلويين واسماعيليين، ودروز، ومسيحيون وشركس وآشوريون. لكن الدعوات القومية: العربية، والسورية، كانت تصطنع وحدة مظهرية قوية.فالكثيرون لم يعرفوا ان اللواء عبدالله عطفه، والزعيم حسني الزعيم، كانا كرديين، وأن عبدالكريم زهر الدين، وشوكت شقير كانا درزيين، وان صلاح جديد وحافظ الاسد كانا علويين وان الجيش كان يحكم منذ فجر الاستقلال.. الى مغيبه وفقده.في العراق، كان فيصل الاول قاسم مشترك: فهو من صلب علي بن ابي طالب، ومع ذلك فهو سني، ودعوته العربية معتدلة، فكان قريبا من الاكراد والمسيحيين وقبل وفاته رحمه الله كتب اثمن وصية يمكن ان يقرأها العراقيون الان ونتمنى على مؤرخيهم نشرها لكن العراق الان هو: صومال وسمعنا قبل ايام من احد اخواننا العراقيين ان هناك شيعة الحكم (العبادي) وشيعة المعارضة (الصدر والمالكي).. ثم الوكلاء للولي الفقيه (الحشد، وخراسان)، ثم الخليط الذي يتعامل مع الاميركان من السنة والشيعة والاكراد.ينقسم اصغر جزيء «الاميبا» انقساما مضاعفا الواحد يصبح اثنين والاثنين اربعة، والاربعة ستة عشر.. وهكذا في سوريا الان 85 جزيئاً مسلحاً.. كلهم معارضة، وكلهم لهم اسماء اسلامية.. وكلهم يقتلون بعضهم بعضا وهذه هي «الصوملة» التي حذّر منها: الاخضر الابراهيمي
عمان جو _ طارق مصاروة
يحذر الدبلوماسي العربي الاخضر الابراهيمي من «صوملة» سوريا وقبله حذر الكثيرون، ونحن منهم، من «بلقنة» المنطقة وحين انفجرت الحرب الاهلية اللبنانية، سمعنا من عراقي كبير التحذير من «لبننة» سوريا والعراق.. وكان التحذير بعيداً حتى عن تصوّر المهووسين بقصة «المؤامرة» الدولية... والغريب، ان كل هذه التحذيرات انتقلت بثقلها ودمويتها الى الواقع المعاش في عالمنا العربي: فأصبحنا صوماليين وبلقانيين، ولبنانيين معاً.كنا في بيروت وفي مطلع الواحد والسبعين نسمع من ميشال ابو جودة كلام عن «حرب قادمة» تنتهي بسلام قادم وكان التخريج انها ستكون «حرب تحريك» فاقناع هذه الشعوب بالسلام يستلزم «حرباً مرتبة» فالذي يحارب هو المؤهل لاقامة السلام.وحين كان كيسنجر «يمكمك» في المنطقة، كان يقول بصراحة: الاطراف المعنية ليست جاهزة للسلام.وان لا شيء يدفع واشنطن لوضع ثقلها في عملية سلام جدية. وكان يشير دون تردد الى فشل مشروع روجرز.لم يصل كيسنجر الى القول بكل صراحة: انا بحاجة الى حرب.. الى حالة تقلب الموازين لأتحرك. لكنه كان يؤشر لها. ووصلنا الى حرب تشرين حين كان السادات يخادع الاسد، وحين كان الاسد يخادع العرب، وحين كان كيسنجر وجولدامائير يرسمان حدود السلام والحرب.الان سوريا التي كنا نستبعد كليا انقسامها المذهبي كنا نقول انها لا يمكن أن «تتلبنن» لان الاقليات تشكل الاكثرية: فهناك سنة وشيعة واكراد وعلويين واسماعيليين، ودروز، ومسيحيون وشركس وآشوريون. لكن الدعوات القومية: العربية، والسورية، كانت تصطنع وحدة مظهرية قوية.فالكثيرون لم يعرفوا ان اللواء عبدالله عطفه، والزعيم حسني الزعيم، كانا كرديين، وأن عبدالكريم زهر الدين، وشوكت شقير كانا درزيين، وان صلاح جديد وحافظ الاسد كانا علويين وان الجيش كان يحكم منذ فجر الاستقلال.. الى مغيبه وفقده.في العراق، كان فيصل الاول قاسم مشترك: فهو من صلب علي بن ابي طالب، ومع ذلك فهو سني، ودعوته العربية معتدلة، فكان قريبا من الاكراد والمسيحيين وقبل وفاته رحمه الله كتب اثمن وصية يمكن ان يقرأها العراقيون الان ونتمنى على مؤرخيهم نشرها لكن العراق الان هو: صومال وسمعنا قبل ايام من احد اخواننا العراقيين ان هناك شيعة الحكم (العبادي) وشيعة المعارضة (الصدر والمالكي).. ثم الوكلاء للولي الفقيه (الحشد، وخراسان)، ثم الخليط الذي يتعامل مع الاميركان من السنة والشيعة والاكراد.ينقسم اصغر جزيء «الاميبا» انقساما مضاعفا الواحد يصبح اثنين والاثنين اربعة، والاربعة ستة عشر.. وهكذا في سوريا الان 85 جزيئاً مسلحاً.. كلهم معارضة، وكلهم لهم اسماء اسلامية.. وكلهم يقتلون بعضهم بعضا وهذه هي «الصوملة» التي حذّر منها: الاخضر الابراهيمي