المومني : سقطة مهنية لـ رويترز
عمان جو - احتل العمل الأرهابي الذي تعرض له مكتب مخابرات البقعة وادى الى استشهاد خمسة من مرتباته يوم الاثنين الماضي مكانة بارزة في التغطيات الإعلامية المحلية والاقليمية والدولية.
وكانت مظاهر الخلل المهني الأبرز في التغطيات الإعلامية التي رافقت الهجوم الإرهابي، كانت هذه المرة من نصيب بعض وسائل الإعلام الاقليمية والدولية، التي توصف بعضها احيانا بانه يتمتع “بالمصداقية “.
تقرير وكالة رويترز
شكل تقرير نشرته وكالة “رويترز” بتوقيع مندوبها في عمان، مادة صادمة مهنيا وأخلاقيا، إذ يقول العنوان: “الحكومة الأردنية: مقتل 5 في هجوم على مخيم للاجئين الفلسطينيين في عمان“.
وينقل التقرير في متنه الداخلي، التصريحات الأولى لوزير الإعلام الناطق الرسمي محمد المومني، لكن الجملة الواردة في العنوان شكلت مادة “صادمة” تناقلتها وسائل إعلام على مستوى عالمي، كما تناقلها نشطاء التواصل الاجتماعي باعتبارها عائدة لوكالة أنباء دولية.
من الواضح حجم التضليل في العنوان “هجوم على مخيم للاجئين”، ثم تقديم ذلك العنوان كتصريح حكومي. وقد تطلب الأمر يوما كاملا كي تُجري الوكالة تغييرا جزئيا على عنوان التقرير بوضع عبارة: “هجوم على مركز أمني في المخيم” بدل “هجوم على المخيم“.
ولكن في هذه الأثناء كان تضليل الرأي العام داخليا وخارجيا قد تحقق، وكالعادة مع تقارير “رويترز” المماثلة، فقد تناقلت عشرات وسائل الإعلام حول العالم الخبر بعنوانه الأصلي، وللآن إذا وضعت العنوان المضلل على محرك البحث على الانترنت، فإنه سيقودك إلى العديد من وسائل الإعلام التي نقلت الخبر كما جاء بصيغته المضللة الأصلية. والملاحظ أن الوكالة الدولية لم تقدم اعتذارا أو توضيحا لعنوانها الأول واكتفت بتغييره بصمت.
المومني: سقطة مهنية
الناطق الرسمي باسم الحكومة محمد المومني قال في اتصال مع “أكيد” عند سؤاله عن ما ورد في “رويترز”: “لقد اطلعنا على الخطأ الذي وقعت به وكالة “رويترز”، وهو سقطة مهنية من مؤسسة إعلامية كبيرة، وحين تحدثنا مع مكتب الوكالة في عمان، قاموا بتعديل الخبر”.
وفي رده على محاولة بعض وسائل الإعلام الدولية تضخيم هذا الحادث اضاف المومني ” اننا نعتز بانجازنا وبتاريخنا الأمني وان دولا كبيرة شهدت عمليات ارهابية كبيرة ، وان الحادث يحصل في كثير من دول العالم التي تمتلك قدرات أمنية كبيرة مقارنة مع القدرات الأردنية”.
ولكن الخلل المهني في تقرير رويترز المشار إليه لا يتوقف هنا، فعند الانتقال إلى الخلفية التي وضعها محرر المادة للخبر، نجده ينقل تفاصيل تقود القارئ بالدرجة الأولى إلى المخيم وليس إلى الحادث، كما يدمج التقرير كلماته الخاصة مع جملة قالها الناطق الرسمي، وينسبها بالإجمال للناطق، حيث جاء في التقرير: “وقال المومني إن الهجوم استهدف مقر دائرة المخابرات بالمخيم الذي يؤوي أكثر من 70 ألف لاجئ وأودى بحياة حارس وموظف”. حيث من الواضح خلط الكلمات ببعضها. هذا فضلاً عن أخطاء أخرى في معلومات تطال عدد سكان الأردن وعدد سكان المخيم.
ويذكر بأنه سبق للوكالة ذاتها أن ارتكبت في تشرين ثاني 2015 ما وصف حينها أيضاً “سقطة مهنية” عندما نشرت خبرا مضللا بخصوص عدد ضحايا ومجريات ما عرف بـ”حادث الموقر”.
“العربية” و”إيلاف”
المثال الآخر جاء من قناة “العربية” التي بثت خبراً يقول: “القبض على اثنين من منفذي هجوم البقعة“، وهو الخبر الذي أشغل وسائل الإعلام المحلية لساعات قبل أن ينفيه ناطق رسمي. وبالطبع لم تقدم القناة أي إشارة أو اعتذار.
المثال الثالث للتضليل، قدمه موقع الكتروني معروف هو “إيلاف” الذي نشر تقريرا بعنوان “البقعة أحد أهم حواضن الجهاديين في الأردن” أرفقها بصورة لمسيرة لجماعة سلفية ملتقطة أمام الدوار الرابع، لكن شرح الصورة يزعم أنه “للجهاديين السلفيين في مخيم البقعة”، وقد أثارت تلك المادة طيفا من التعليقات والتعليقات المضادة، كما حصل مع تقرير وكالة “رويترز”.
كما برزت خلال الاربع والعشرين الساعة الاولى من الحادث تحليلات وتقارير حاولت تضخيم الحادث ووصفته بـ “بالاختراق الامني الكبير ” وتحليلات اخرى ربطته مباشرة بتنظيم داعش.
محلياً شغل الهجوم الأرهابي على مكتب مخابرات البقعة، والذي أسفر عن استشهاد خمسة من مرتبات المخابرات العامة جميع فئات الشعب الاردني، وأفردت وسائل الإعلام الأردنية جل صفحاتها وساعات بثها لتغطية هذا الهجوم وتطوراته، وابعاده، بالتحليل والتفسير.
وحتى بعد القبض على المتهم بتنفيذ الهجوم الإرهابي، فإن المتابعة الإعلامية لهذا الهجوم لم تتوقف، وهو امر متوقع نظرا لأهمية الحادث وتداعياته، فضلا عن أن الحدث لم يكتمل أمنيا وبالتالي إعلاميا، وهو لا يزال مفتوحا.
الملاحظ ان وسائل الإعلام المحلية “المسجلة” من صحف ومواقع الكترونية، باتت اكثر قدرة في مثل هذه الحالات على تمييز الحساسية المهنية للتغطيات ذات السمة الامنية وتتصرف على هذا الأساس، وفي هذه الأثناء هناك وسائل إعلام محدودة قد تقع في أخطاء مهنية كبيرة أو صغيرة، لحظية أو دائمة، وخاصة في سياق سعيها لتحقيق سبوقات صحفية.
تبرز خطورة الخلل الإعلامي عندما يكون مصدره وسيلة “دولية”، لأن الرأي العام سريع التأثر بالمواد المنشورة فيها، فهي راكمت مع الزمن قدرا من الحضور و”المصداقية”، كما تقوم وسائل إعلام محلية بنقل ما هو جذاب منها، ولكن من دون مسؤولية تجاه محتواها، كما لوحظ أن وسائل التواصل الاجتماعي كانت الأكثر تأثرا ومشاركة لتلك المواد، وقد قادت إلى استقطابات حادة على صفحات الفيسبوك.
عمان جو - احتل العمل الأرهابي الذي تعرض له مكتب مخابرات البقعة وادى الى استشهاد خمسة من مرتباته يوم الاثنين الماضي مكانة بارزة في التغطيات الإعلامية المحلية والاقليمية والدولية.
وكانت مظاهر الخلل المهني الأبرز في التغطيات الإعلامية التي رافقت الهجوم الإرهابي، كانت هذه المرة من نصيب بعض وسائل الإعلام الاقليمية والدولية، التي توصف بعضها احيانا بانه يتمتع “بالمصداقية “.
تقرير وكالة رويترز
شكل تقرير نشرته وكالة “رويترز” بتوقيع مندوبها في عمان، مادة صادمة مهنيا وأخلاقيا، إذ يقول العنوان: “الحكومة الأردنية: مقتل 5 في هجوم على مخيم للاجئين الفلسطينيين في عمان“.
وينقل التقرير في متنه الداخلي، التصريحات الأولى لوزير الإعلام الناطق الرسمي محمد المومني، لكن الجملة الواردة في العنوان شكلت مادة “صادمة” تناقلتها وسائل إعلام على مستوى عالمي، كما تناقلها نشطاء التواصل الاجتماعي باعتبارها عائدة لوكالة أنباء دولية.
من الواضح حجم التضليل في العنوان “هجوم على مخيم للاجئين”، ثم تقديم ذلك العنوان كتصريح حكومي. وقد تطلب الأمر يوما كاملا كي تُجري الوكالة تغييرا جزئيا على عنوان التقرير بوضع عبارة: “هجوم على مركز أمني في المخيم” بدل “هجوم على المخيم“.
ولكن في هذه الأثناء كان تضليل الرأي العام داخليا وخارجيا قد تحقق، وكالعادة مع تقارير “رويترز” المماثلة، فقد تناقلت عشرات وسائل الإعلام حول العالم الخبر بعنوانه الأصلي، وللآن إذا وضعت العنوان المضلل على محرك البحث على الانترنت، فإنه سيقودك إلى العديد من وسائل الإعلام التي نقلت الخبر كما جاء بصيغته المضللة الأصلية. والملاحظ أن الوكالة الدولية لم تقدم اعتذارا أو توضيحا لعنوانها الأول واكتفت بتغييره بصمت.
المومني: سقطة مهنية
الناطق الرسمي باسم الحكومة محمد المومني قال في اتصال مع “أكيد” عند سؤاله عن ما ورد في “رويترز”: “لقد اطلعنا على الخطأ الذي وقعت به وكالة “رويترز”، وهو سقطة مهنية من مؤسسة إعلامية كبيرة، وحين تحدثنا مع مكتب الوكالة في عمان، قاموا بتعديل الخبر”.
وفي رده على محاولة بعض وسائل الإعلام الدولية تضخيم هذا الحادث اضاف المومني ” اننا نعتز بانجازنا وبتاريخنا الأمني وان دولا كبيرة شهدت عمليات ارهابية كبيرة ، وان الحادث يحصل في كثير من دول العالم التي تمتلك قدرات أمنية كبيرة مقارنة مع القدرات الأردنية”.
ولكن الخلل المهني في تقرير رويترز المشار إليه لا يتوقف هنا، فعند الانتقال إلى الخلفية التي وضعها محرر المادة للخبر، نجده ينقل تفاصيل تقود القارئ بالدرجة الأولى إلى المخيم وليس إلى الحادث، كما يدمج التقرير كلماته الخاصة مع جملة قالها الناطق الرسمي، وينسبها بالإجمال للناطق، حيث جاء في التقرير: “وقال المومني إن الهجوم استهدف مقر دائرة المخابرات بالمخيم الذي يؤوي أكثر من 70 ألف لاجئ وأودى بحياة حارس وموظف”. حيث من الواضح خلط الكلمات ببعضها. هذا فضلاً عن أخطاء أخرى في معلومات تطال عدد سكان الأردن وعدد سكان المخيم.
ويذكر بأنه سبق للوكالة ذاتها أن ارتكبت في تشرين ثاني 2015 ما وصف حينها أيضاً “سقطة مهنية” عندما نشرت خبرا مضللا بخصوص عدد ضحايا ومجريات ما عرف بـ”حادث الموقر”.
“العربية” و”إيلاف”
المثال الآخر جاء من قناة “العربية” التي بثت خبراً يقول: “القبض على اثنين من منفذي هجوم البقعة“، وهو الخبر الذي أشغل وسائل الإعلام المحلية لساعات قبل أن ينفيه ناطق رسمي. وبالطبع لم تقدم القناة أي إشارة أو اعتذار.
المثال الثالث للتضليل، قدمه موقع الكتروني معروف هو “إيلاف” الذي نشر تقريرا بعنوان “البقعة أحد أهم حواضن الجهاديين في الأردن” أرفقها بصورة لمسيرة لجماعة سلفية ملتقطة أمام الدوار الرابع، لكن شرح الصورة يزعم أنه “للجهاديين السلفيين في مخيم البقعة”، وقد أثارت تلك المادة طيفا من التعليقات والتعليقات المضادة، كما حصل مع تقرير وكالة “رويترز”.
كما برزت خلال الاربع والعشرين الساعة الاولى من الحادث تحليلات وتقارير حاولت تضخيم الحادث ووصفته بـ “بالاختراق الامني الكبير ” وتحليلات اخرى ربطته مباشرة بتنظيم داعش.
محلياً شغل الهجوم الأرهابي على مكتب مخابرات البقعة، والذي أسفر عن استشهاد خمسة من مرتبات المخابرات العامة جميع فئات الشعب الاردني، وأفردت وسائل الإعلام الأردنية جل صفحاتها وساعات بثها لتغطية هذا الهجوم وتطوراته، وابعاده، بالتحليل والتفسير.
وحتى بعد القبض على المتهم بتنفيذ الهجوم الإرهابي، فإن المتابعة الإعلامية لهذا الهجوم لم تتوقف، وهو امر متوقع نظرا لأهمية الحادث وتداعياته، فضلا عن أن الحدث لم يكتمل أمنيا وبالتالي إعلاميا، وهو لا يزال مفتوحا.
الملاحظ ان وسائل الإعلام المحلية “المسجلة” من صحف ومواقع الكترونية، باتت اكثر قدرة في مثل هذه الحالات على تمييز الحساسية المهنية للتغطيات ذات السمة الامنية وتتصرف على هذا الأساس، وفي هذه الأثناء هناك وسائل إعلام محدودة قد تقع في أخطاء مهنية كبيرة أو صغيرة، لحظية أو دائمة، وخاصة في سياق سعيها لتحقيق سبوقات صحفية.
تبرز خطورة الخلل الإعلامي عندما يكون مصدره وسيلة “دولية”، لأن الرأي العام سريع التأثر بالمواد المنشورة فيها، فهي راكمت مع الزمن قدرا من الحضور و”المصداقية”، كما تقوم وسائل إعلام محلية بنقل ما هو جذاب منها، ولكن من دون مسؤولية تجاه محتواها، كما لوحظ أن وسائل التواصل الاجتماعي كانت الأكثر تأثرا ومشاركة لتلك المواد، وقد قادت إلى استقطابات حادة على صفحات الفيسبوك.