معايير اختيار رؤساء الجامعات
عمان جو -
بقلم الأستاذ الدكتور محمد سالم الطراونة
بعد صدور الإرادة الملكية السّامية بتعيين الدكتور هاني المُلقي رئيساً للوزراء خَلفاً للدكتور عبد الله النّسور، تم اختيار الفريق الوزاري في حكومة الدكتور المُلقي ولوحظ اختيار أربعة رؤساء جامعات أردنية حكومية مما أسهم في وجود شواغر؛ الأمر الذي يستدعي تعبئة هذه الشواغر، بَيْد أنّ السؤال المطروح كيف يمكن اختيار هؤلاء الرؤساء ليحلّوا محلّ الرؤساء السابقين؟
ومما يؤسف، ويسبب الإحباط والاكتئاب عند كثير من أساتذة الجامعات الأردنيّة أنّ مسألة الاختيار يحكمها معيار الشّخصية، والعلاقات الاجتماعية مع صاحب القرار. وهذا المعيار يشكّل خطورة واضحة العَيان، لأنه لا يسهم في اختيار الرجل المناسب في المكان المناسب، ويزيد من تفاقم المشكلات بمختلف أنواعها.
قد يسأل سائل: إذا نُحِي هذا المعيار الآنف الذكر، وضُرب عنه صفحاً فما هي المعايير والأسس التي تكفلُ اختيار رؤساء الجامعات بعيداً عن الجهويّةِ، والعلاقات الشخصية؟
إنّ تطبيق المعايير والأسس الناظمة لعملية اختيار رؤساء الجامعات تُجنّبنا كثيراً من الأخطاء والنّقد التي تُعرقل سير العمل في جامعاتنا الأردنية العتيدة، ولعلي اجتهد في تضاعيف هذه المقالة بهذه المعايير ومن بينها:
1. السجل الأكاديمي والإداري لعضو هيئة التدريس المختار لشغر وظيفة رئيس جامعة؛ بمعنى وجود تناغم منطقي بين الجانب الأكاديمي والإداري ، ضمن مضمار التسلسل المنطقي في المناصب الإدارية التي تولّاها، وحصوله على تقييم عالٍ في الأداء في الجانبين: الأكاديمي والإداري.
2. تمتع الرئيس المختار بالقيادة الإدارية التي تفسح المجال أمامه في قدرته على رسم السياسات والقدرة على اتخاذ القرارات الإدارية، وإدارته للأزمات المختلفة التي ربما تعرقل سير الجامعات الأردنية ومسيرتها.
3. قوة الشخصية التي تجعل منه شخصاً لا يخضع لجماعات الضغط، فالمصلحة العامة مقدمة على المصلحة الخاصة.
4. قدرته على الإقناع وَفْق منحى علمي سليم.
5. النّزاهة والشفافية وهي من المعايير الأخلاقية التي تجعله أميناً على الأمانة يقوم بواجبه خير قيام.
6. قدرته على متابعة مجريات العمل الأكاديمي والإداري؛ فهو رأس الهرم عليه أنْ لا يتخندق في مكتبه، فالمسؤولية تصب في منحى التكليف لا التّشريف .
7. قدرته على الضبط المالي بحيث يوازن قَدْر المستطاع بين الإيرادات والنفقات وتفكيره في مصادر مدرة للدخل تُسهم في رفد خزينة الجامعة بالأموال حتى تقوم بواجبها على أكمل وجه.
8. حصوله على الجوائز الدولية والمحلية التّقديرية التي تُمنح له بناءً على جدّه واجتهاده وتفكيره وإنتاج بحوث علمية تعود بالنّفع والفائدة على الوطن.
9. تمتعه بالشّفافية فالعمل يتطلب الوضوح والبُعد عن الكَوْلسة.
10. الانجازات التي تم تحقيقها خلال تولي مناصب أكاديمية و إدارية في جامعته أو المؤسسة التي ينتمي إليها.
وقد لا أكون مبالغاً إذا قلتُ بأنّ اختيار رؤساء الجامعات في الوقت الرّاهن أشبه بالمزادات العلنية التّي تُقام هنا وهناك، إذْ يتم ترشيح ثلاثة أعضاء هيئة تدريس أو أربعة، وكلّ واحد يقف وراءه رافد، فالمسألة لا تعدو كونها محاسيب، وصاحب الواسطة الأقوى هو الذي يحظى بالتعيين، فالمقابلات التي تُجرى أشبه ما تكون بالمحكمة الصورية فالقرار صادر في تعيين فلان، قبل هذه المقابلات ومما يزيد الطّين بلّة أنّ اختيار رؤساء الجامعات يتزامن مع إعلان اليوم الرّسمي لإجراء الانتخابات النيابية، إذْ تظهر شبكة العلاقات المعقدة في علاقة النائب المرشح بالوزير الفُلاني أو علاقة عضو هيئة التّدريس بالوزير الفلاني أو النائب الفلاني، حتى أن مجلس التّعليم العالي الذي مضى على اختيار أعضائه أربع سنوات يحكمه معيار الشخصنة وعلاقات أفراده الحميمية مع بعضهم بعضاً، وهذا الأمر لا يتوقف عند مجلس التّعليم العالي، بل ينسحب ليشمل اللجان الفرعية في مجلس التعليم العالي، إذ يُلاحظ المتبع لهذه اللجان وجود كثير من أعضائه في كثير من هذه اللجان، وهذا تخبط واضح ويحكمه معيار العلاقات الاجتماعية.
أمام هذا كله غاب عن هؤلاء المتمرسين في غيابه جُب العلاقات الاجتماعية كثير من أعضاء هيئة التدريس الذين يعملون بصمت، ولديهم القدرة على الابتكار والإخلاص في العمل، وإحقاق الحق.
نتمنى على أصحاب القرار ترتيب بيت مجلس التعليم العالي ولجانه الفرعية، واختيار فريق على قَدْر من النزاهة والحيادية، ونبذه للعلاقات الاجتماعية التي تجلب الضرر لجامعاتنا، التي للأسف الشديد نتيجة لتغوّل سلطة مجلس التعليم العالي، أصبحت لا تشكل ترتيباً تنافسياً على المستوى العربي والدولي.
وهذه الاختيارات التي تجري الآن لاختيار رؤساء الجامعات في الوقت الحالي تتسم بالاعتباطية والشخصنة، إلى متى ترقى جامعاتنا الأردنية إلى مستوى الجامعات الإقليمية والعالمية؟ سؤال نطرحه أمام المسؤولين. وسأختصر الإجابة بضرورة توخي العدالة والركون إلى معايير المفاضلة التي تجعلنا على درجة كبيرة من الصواب في اختيار الأكفأ.
وقد أصبح هذا الإحباط يعشعش في ذهنية كثير من أعضاء هيئة التدريس الذين يجدون في أنفسهم الكفاءة وتتجاهلهم وزارة التعليم العالي في ظل عطاءات ومزايدات ومقاولات رؤساء الجامعات.
فالأردن يحتاج إلى الأتقياء الأنقياء الذين يعملون من أجل رفعته وسموه وهذا هو دَيْدن جلالة الملك عبد الله بن الحسين المفدى الذي يضع مصلحة الأردن ومؤسساته في سلّم الأولويات.
وفي ظل مزايدات اختيار رؤساء الجامعات الأردنية والصفح عن أصحاب الكفاءات في جامعاتنا الأردنية الحبيبة وهم كثر علينا أن نتذكر قصيدة الشاعر معروف الرصافي والتي بعنوان ' ياقوم لا تتكلموا'
يا قوم لا تتكلــموا إن الكلام محـــرم
ناموا ولا تستيقضوا ما فاز إلا النـــوم
وتأخروا عن كل ما يقضي بان تتقدمـوا
ودعوا التفهم جانبا فالخير إن لا تفهموا
وتثبتوا في جهلـكم فالشر أن تتعـلمـوا
لا يستحق كرامــة إلا الأصم والأبــكم
وإذا ظلمتم فاضحكوا طربا ولا تتظــلموا
بقلم الأستاذ الدكتور محمد سالم الطراونة
بعد صدور الإرادة الملكية السّامية بتعيين الدكتور هاني المُلقي رئيساً للوزراء خَلفاً للدكتور عبد الله النّسور، تم اختيار الفريق الوزاري في حكومة الدكتور المُلقي ولوحظ اختيار أربعة رؤساء جامعات أردنية حكومية مما أسهم في وجود شواغر؛ الأمر الذي يستدعي تعبئة هذه الشواغر، بَيْد أنّ السؤال المطروح كيف يمكن اختيار هؤلاء الرؤساء ليحلّوا محلّ الرؤساء السابقين؟
ومما يؤسف، ويسبب الإحباط والاكتئاب عند كثير من أساتذة الجامعات الأردنيّة أنّ مسألة الاختيار يحكمها معيار الشّخصية، والعلاقات الاجتماعية مع صاحب القرار. وهذا المعيار يشكّل خطورة واضحة العَيان، لأنه لا يسهم في اختيار الرجل المناسب في المكان المناسب، ويزيد من تفاقم المشكلات بمختلف أنواعها.
قد يسأل سائل: إذا نُحِي هذا المعيار الآنف الذكر، وضُرب عنه صفحاً فما هي المعايير والأسس التي تكفلُ اختيار رؤساء الجامعات بعيداً عن الجهويّةِ، والعلاقات الشخصية؟
إنّ تطبيق المعايير والأسس الناظمة لعملية اختيار رؤساء الجامعات تُجنّبنا كثيراً من الأخطاء والنّقد التي تُعرقل سير العمل في جامعاتنا الأردنية العتيدة، ولعلي اجتهد في تضاعيف هذه المقالة بهذه المعايير ومن بينها:
1. السجل الأكاديمي والإداري لعضو هيئة التدريس المختار لشغر وظيفة رئيس جامعة؛ بمعنى وجود تناغم منطقي بين الجانب الأكاديمي والإداري ، ضمن مضمار التسلسل المنطقي في المناصب الإدارية التي تولّاها، وحصوله على تقييم عالٍ في الأداء في الجانبين: الأكاديمي والإداري.
2. تمتع الرئيس المختار بالقيادة الإدارية التي تفسح المجال أمامه في قدرته على رسم السياسات والقدرة على اتخاذ القرارات الإدارية، وإدارته للأزمات المختلفة التي ربما تعرقل سير الجامعات الأردنية ومسيرتها.
3. قوة الشخصية التي تجعل منه شخصاً لا يخضع لجماعات الضغط، فالمصلحة العامة مقدمة على المصلحة الخاصة.
4. قدرته على الإقناع وَفْق منحى علمي سليم.
5. النّزاهة والشفافية وهي من المعايير الأخلاقية التي تجعله أميناً على الأمانة يقوم بواجبه خير قيام.
6. قدرته على متابعة مجريات العمل الأكاديمي والإداري؛ فهو رأس الهرم عليه أنْ لا يتخندق في مكتبه، فالمسؤولية تصب في منحى التكليف لا التّشريف .
7. قدرته على الضبط المالي بحيث يوازن قَدْر المستطاع بين الإيرادات والنفقات وتفكيره في مصادر مدرة للدخل تُسهم في رفد خزينة الجامعة بالأموال حتى تقوم بواجبها على أكمل وجه.
8. حصوله على الجوائز الدولية والمحلية التّقديرية التي تُمنح له بناءً على جدّه واجتهاده وتفكيره وإنتاج بحوث علمية تعود بالنّفع والفائدة على الوطن.
9. تمتعه بالشّفافية فالعمل يتطلب الوضوح والبُعد عن الكَوْلسة.
10. الانجازات التي تم تحقيقها خلال تولي مناصب أكاديمية و إدارية في جامعته أو المؤسسة التي ينتمي إليها.
وقد لا أكون مبالغاً إذا قلتُ بأنّ اختيار رؤساء الجامعات في الوقت الرّاهن أشبه بالمزادات العلنية التّي تُقام هنا وهناك، إذْ يتم ترشيح ثلاثة أعضاء هيئة تدريس أو أربعة، وكلّ واحد يقف وراءه رافد، فالمسألة لا تعدو كونها محاسيب، وصاحب الواسطة الأقوى هو الذي يحظى بالتعيين، فالمقابلات التي تُجرى أشبه ما تكون بالمحكمة الصورية فالقرار صادر في تعيين فلان، قبل هذه المقابلات ومما يزيد الطّين بلّة أنّ اختيار رؤساء الجامعات يتزامن مع إعلان اليوم الرّسمي لإجراء الانتخابات النيابية، إذْ تظهر شبكة العلاقات المعقدة في علاقة النائب المرشح بالوزير الفُلاني أو علاقة عضو هيئة التّدريس بالوزير الفلاني أو النائب الفلاني، حتى أن مجلس التّعليم العالي الذي مضى على اختيار أعضائه أربع سنوات يحكمه معيار الشخصنة وعلاقات أفراده الحميمية مع بعضهم بعضاً، وهذا الأمر لا يتوقف عند مجلس التّعليم العالي، بل ينسحب ليشمل اللجان الفرعية في مجلس التعليم العالي، إذ يُلاحظ المتبع لهذه اللجان وجود كثير من أعضائه في كثير من هذه اللجان، وهذا تخبط واضح ويحكمه معيار العلاقات الاجتماعية.
أمام هذا كله غاب عن هؤلاء المتمرسين في غيابه جُب العلاقات الاجتماعية كثير من أعضاء هيئة التدريس الذين يعملون بصمت، ولديهم القدرة على الابتكار والإخلاص في العمل، وإحقاق الحق.
نتمنى على أصحاب القرار ترتيب بيت مجلس التعليم العالي ولجانه الفرعية، واختيار فريق على قَدْر من النزاهة والحيادية، ونبذه للعلاقات الاجتماعية التي تجلب الضرر لجامعاتنا، التي للأسف الشديد نتيجة لتغوّل سلطة مجلس التعليم العالي، أصبحت لا تشكل ترتيباً تنافسياً على المستوى العربي والدولي.
وهذه الاختيارات التي تجري الآن لاختيار رؤساء الجامعات في الوقت الحالي تتسم بالاعتباطية والشخصنة، إلى متى ترقى جامعاتنا الأردنية إلى مستوى الجامعات الإقليمية والعالمية؟ سؤال نطرحه أمام المسؤولين. وسأختصر الإجابة بضرورة توخي العدالة والركون إلى معايير المفاضلة التي تجعلنا على درجة كبيرة من الصواب في اختيار الأكفأ.
وقد أصبح هذا الإحباط يعشعش في ذهنية كثير من أعضاء هيئة التدريس الذين يجدون في أنفسهم الكفاءة وتتجاهلهم وزارة التعليم العالي في ظل عطاءات ومزايدات ومقاولات رؤساء الجامعات.
فالأردن يحتاج إلى الأتقياء الأنقياء الذين يعملون من أجل رفعته وسموه وهذا هو دَيْدن جلالة الملك عبد الله بن الحسين المفدى الذي يضع مصلحة الأردن ومؤسساته في سلّم الأولويات.
وفي ظل مزايدات اختيار رؤساء الجامعات الأردنية والصفح عن أصحاب الكفاءات في جامعاتنا الأردنية الحبيبة وهم كثر علينا أن نتذكر قصيدة الشاعر معروف الرصافي والتي بعنوان ' ياقوم لا تتكلموا'
يا قوم لا تتكلــموا إن الكلام محـــرم
ناموا ولا تستيقضوا ما فاز إلا النـــوم
وتأخروا عن كل ما يقضي بان تتقدمـوا
ودعوا التفهم جانبا فالخير إن لا تفهموا
وتثبتوا في جهلـكم فالشر أن تتعـلمـوا
لا يستحق كرامــة إلا الأصم والأبــكم
وإذا ظلمتم فاضحكوا طربا ولا تتظــلموا
تعليقات القراء
لا يوجد تعليقات