باي باي لندن بقلم الدكتور صبري ربيحات
عمان جو - د. صبري الربيحات
بالرغم من أني لا أجد شبها بين موضوع وأحداث المسرحية الكوميدية الكويتية 'باي باي لندن' وما جرى لبريطانيا خلال الأيام الماضية، إلا أن مشاهد المسرحية وعنوانها كانت قد تسللت إلى مخيلتي وأنا أتابع أخبار نتائج الاستفتاء الذي أقر بموجبه خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بعد أن كانت أحد أهم أركانه ودعائمه ومموليه.
في تحول مفاجئ صوّت البريطانيون على الانفصال عن الاتحاد الأوروبي منهين علاقة الحب والكراهية التي سبغت علاقة انجلترا بجيرانها الأوروبيين منذ انضمامها للنظام الأوروبي العام 1973. أوروبا التي لم تصح من الصدمة التي أحدثها القرار البريطاني بدت منقسمة بين ترحيب الأحزاب اليمينية ودعوات الأحزاب الحاكمة في ألمانيا وفرنسا إلى تكثيف التواصل مع الشعوب والأحزاب والمؤسسات المالية لاستيعاب الصدمة وتجاوز آثار القرار الذي أحدث سلسلة من الهزات السياسية والمالية والاقتصادية في أوروبا ومعظم دول وأسواق العالم.
قبل أيام وبالرغم من حضور فكرة الانفصال في السياسة البريطانية تحدث ديفيد كاميرون عن أهمية استمرار بلاده كعضو فاعل في الاتحاد الأوروبي وتمنى أن لا يصوّت البريطانيون على مقترح خروج بلادهم من أحد أهم التنظيمات التي ضمت 28 بلدا تشكل موطنا لما يزيد على نصف مليار نسمة ويشكل اعضاؤه قوة سياسية وصناعية واقتصادية يصعب مضاهاتها.
فبريطانيا التي عرف ساستها بعقلانيتهم وواقعيتهم أخضعوا ربع أراضي اليابسة لنفوذهم لتتحول الإمبراطورية إلى البلاد التي لا تغيب عنها الشمس، تاركين آثار نظامهم السياسي والعسكري والإداري والتنظيمي والثقافي والفني والأدبي على أنظمة وثقافة وطريقة حياة الشعوب التي خضعت لحكمهم.
في الزمن الذي كانت شعوب العالم ترزح تحت أعباء الجوع والمرض والجهل كانت أساطيل بريطانيا العظمى تجوب البحار؛ فقد كانت مستعمراتها وراء البحار وكانت موارد صناعتها وموادها الأولية تأتي من الهند والصين ومصر وافريقيا؛ فالذهب والماس والشاي والفحم والحديد والقطن والحرير والأرز والشوكلاته والكاكاو والتبغ والأخشاب وآلاف المواد والسلع كانت تجلبها الأساطيل الإنجليزية التي سيطرات على المنافذ والممرات المائية في شمال وشرق وجنوب وغرب الكرة الأرضية التي تقاسَم الإنجليز الهيمنة عليها مع بعض شركائهم الأوروبيين.
الإنجليز الذين خاضوا عشرات الحروب شرقا وغربا وكانوا طرفا في إيقاف تمدد النازية والفاشية وأهم اللاعبين في تقسيم وتشكيل العالم الذي نعرفه اليوم، سئموا من فكرة التخلي عن شيء من سيادتهم لصالح الاتحاد وقرروا ان يستعيدوا سلطة القرار في شؤونهم وشؤون العالم بعيدا عن التوافقات التي بدت وكأنها عقيمة فهي تقول كل شيء ولا شيء.
اختيار الانجليز مغادرة أوروبا التي كان لنظامها الاتحادي أثر بالغ في توفير الدليل الإرشادي للدول التي شهدت نظمها تحولا من الشمولية السياسية الاقتصادية إلى الديمقراطية واقتصاد السوق أمر يبعث على الدهشة.
فقد ظلت أوروبا وطوال العقود التي أعقبت اتفاقية تأسيس السوق المشتركة ومن بعده الاتحاد الأوروبي مضرب المثل لنجاح التعاون والتنسيق الدولي من أجل الحفاظ على الأمن وتحقيق الازدهار الاقتصادي وتجنب الصراعات التي اشتعلت في كل مكان عدا منطقة الاتحاد.
بريطانيا التي أسست أعرق الجامعات وقدمت للبشرية أول نظم الديمقراطية الحديثة وأشعل فلاسفتها الجدل حول حدود الحرية وضرورة النظام وأنتجت لنا إطارا فكريا ساعد على تقدم البشرية وتحفيز أممها وشعوبها، فكانوا أول من صنعوا الآلات البخارية قبل أن يعرف العالم الكهرباء والذرّة. وأتاح برودهم وعقلانيتهم الفرصة لتطور علوم الاقتصاد والسياسة والتاريخ والفيزياء والطب والرياضيات لتنطلق الثورات الأخلاقية والعلمية والصناعية والسياسية والاقتصادية التي مهدت لعالم جديد ساد فيه العلم والمعرفة واستفاد الإنسان من تبادل الخبرة وتطوير التكنولوجيا التي حققت للإنسان الكثير ورفعت من مكانته في الكون والحياة.
السؤال الذي يشغل المراقبين والمهتمين والنقاد يتعلق فيما إذا كان القرار البريطاني بداية لمرحلة التفتت والتجزئة والانقسام أم أنه مناسبة لإصلاح النظام ليكون أكثر ملاءمة وتكيفا وتحملا للهزات التي قد يواجهها مستقبلا. حتى اليوم لا يوجد في الأفق إجابات واضحة لكن الأيام ستكشف عن اتجاهات الشعوب وسلامة القرار ومستقبل الاتحاد.
بالرغم من أني لا أجد شبها بين موضوع وأحداث المسرحية الكوميدية الكويتية 'باي باي لندن' وما جرى لبريطانيا خلال الأيام الماضية، إلا أن مشاهد المسرحية وعنوانها كانت قد تسللت إلى مخيلتي وأنا أتابع أخبار نتائج الاستفتاء الذي أقر بموجبه خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بعد أن كانت أحد أهم أركانه ودعائمه ومموليه.
في تحول مفاجئ صوّت البريطانيون على الانفصال عن الاتحاد الأوروبي منهين علاقة الحب والكراهية التي سبغت علاقة انجلترا بجيرانها الأوروبيين منذ انضمامها للنظام الأوروبي العام 1973. أوروبا التي لم تصح من الصدمة التي أحدثها القرار البريطاني بدت منقسمة بين ترحيب الأحزاب اليمينية ودعوات الأحزاب الحاكمة في ألمانيا وفرنسا إلى تكثيف التواصل مع الشعوب والأحزاب والمؤسسات المالية لاستيعاب الصدمة وتجاوز آثار القرار الذي أحدث سلسلة من الهزات السياسية والمالية والاقتصادية في أوروبا ومعظم دول وأسواق العالم.
قبل أيام وبالرغم من حضور فكرة الانفصال في السياسة البريطانية تحدث ديفيد كاميرون عن أهمية استمرار بلاده كعضو فاعل في الاتحاد الأوروبي وتمنى أن لا يصوّت البريطانيون على مقترح خروج بلادهم من أحد أهم التنظيمات التي ضمت 28 بلدا تشكل موطنا لما يزيد على نصف مليار نسمة ويشكل اعضاؤه قوة سياسية وصناعية واقتصادية يصعب مضاهاتها.
فبريطانيا التي عرف ساستها بعقلانيتهم وواقعيتهم أخضعوا ربع أراضي اليابسة لنفوذهم لتتحول الإمبراطورية إلى البلاد التي لا تغيب عنها الشمس، تاركين آثار نظامهم السياسي والعسكري والإداري والتنظيمي والثقافي والفني والأدبي على أنظمة وثقافة وطريقة حياة الشعوب التي خضعت لحكمهم.
في الزمن الذي كانت شعوب العالم ترزح تحت أعباء الجوع والمرض والجهل كانت أساطيل بريطانيا العظمى تجوب البحار؛ فقد كانت مستعمراتها وراء البحار وكانت موارد صناعتها وموادها الأولية تأتي من الهند والصين ومصر وافريقيا؛ فالذهب والماس والشاي والفحم والحديد والقطن والحرير والأرز والشوكلاته والكاكاو والتبغ والأخشاب وآلاف المواد والسلع كانت تجلبها الأساطيل الإنجليزية التي سيطرات على المنافذ والممرات المائية في شمال وشرق وجنوب وغرب الكرة الأرضية التي تقاسَم الإنجليز الهيمنة عليها مع بعض شركائهم الأوروبيين.
الإنجليز الذين خاضوا عشرات الحروب شرقا وغربا وكانوا طرفا في إيقاف تمدد النازية والفاشية وأهم اللاعبين في تقسيم وتشكيل العالم الذي نعرفه اليوم، سئموا من فكرة التخلي عن شيء من سيادتهم لصالح الاتحاد وقرروا ان يستعيدوا سلطة القرار في شؤونهم وشؤون العالم بعيدا عن التوافقات التي بدت وكأنها عقيمة فهي تقول كل شيء ولا شيء.
اختيار الانجليز مغادرة أوروبا التي كان لنظامها الاتحادي أثر بالغ في توفير الدليل الإرشادي للدول التي شهدت نظمها تحولا من الشمولية السياسية الاقتصادية إلى الديمقراطية واقتصاد السوق أمر يبعث على الدهشة.
فقد ظلت أوروبا وطوال العقود التي أعقبت اتفاقية تأسيس السوق المشتركة ومن بعده الاتحاد الأوروبي مضرب المثل لنجاح التعاون والتنسيق الدولي من أجل الحفاظ على الأمن وتحقيق الازدهار الاقتصادي وتجنب الصراعات التي اشتعلت في كل مكان عدا منطقة الاتحاد.
بريطانيا التي أسست أعرق الجامعات وقدمت للبشرية أول نظم الديمقراطية الحديثة وأشعل فلاسفتها الجدل حول حدود الحرية وضرورة النظام وأنتجت لنا إطارا فكريا ساعد على تقدم البشرية وتحفيز أممها وشعوبها، فكانوا أول من صنعوا الآلات البخارية قبل أن يعرف العالم الكهرباء والذرّة. وأتاح برودهم وعقلانيتهم الفرصة لتطور علوم الاقتصاد والسياسة والتاريخ والفيزياء والطب والرياضيات لتنطلق الثورات الأخلاقية والعلمية والصناعية والسياسية والاقتصادية التي مهدت لعالم جديد ساد فيه العلم والمعرفة واستفاد الإنسان من تبادل الخبرة وتطوير التكنولوجيا التي حققت للإنسان الكثير ورفعت من مكانته في الكون والحياة.
السؤال الذي يشغل المراقبين والمهتمين والنقاد يتعلق فيما إذا كان القرار البريطاني بداية لمرحلة التفتت والتجزئة والانقسام أم أنه مناسبة لإصلاح النظام ليكون أكثر ملاءمة وتكيفا وتحملا للهزات التي قد يواجهها مستقبلا. حتى اليوم لا يوجد في الأفق إجابات واضحة لكن الأيام ستكشف عن اتجاهات الشعوب وسلامة القرار ومستقبل الاتحاد.
تعليقات القراء
لا يوجد تعليقات