ثوب بلا أزرار ..
أحمد حسن الزعبي
مثل طفل يتيم يحدّق بــ»فترينات» الملابس الجديدة ، ينظر الى الأطفال المبتهجين بهداياهم للتو ،يتبع بإصبعه حبال الزينة الممتدة من بين المحلات كخيط من ضياء ، يشتم رائحة العيد المنبعثة من المخابز... يرفع كيس أوجاعه على ظهره ويمضي دون ان يكترث به أحد..هي العواصم..
في العيد أشتاق إلى «دمشق العيد» ،دمشق الشوارع المزدحمة،دمشق المسالمة ، واجهات المحلات اللامعة ، التحيات الشامية اللطيفة والغارقة بالمجاملة ، الأسواق التي تشهد مفاصلات طويلة،البيوت ذات الشبابيك الضيقة المزيّنة بالورود، الأزقة التي لا تدخلها الا الدراجات الهوائية ، الأحياء ذات البلاط العتيق والأحجار السمراء المرصوفة ، الأزقة التي تبيت فيها «طرطيرات» الناس البسيطة، الى «الشراويل» العريضة والطواقي البيضاء الخارجة للتو من المسجد الأموي...ترى متى سترتدي دمشق ثوب العيد مثل شقيقاتها...فثوب «العمليات» لا يليق بالجميلة ربة الابتسامة الياسمينة وربة الجديلة..
في العيد أشتاق إلى «بغداد العيد»..إلى عباءة «أبي جعفر المنصور» المخيطة من النحاس، الى أهداب الورد الذي يغالبه النعاس ، الى النخل الشاهق كمرود كحل يزين عين المدينة ، إلى مواويل العشق الحزينة ، الى تناقضات الرشيد و»ابي النواس» ، الى قلب الأمهات الذي مرّ عليه ألف حرب وما انكسر..الى التاريخ الذي تيمم برمال العروبة.. اشتقت الى عبارة .. لا سنة ولا شيعة...فبين الرمش والرمش قد تمت البيعة.. فهذه الأهداب العربية فداء للعراق فقط .. ترى متى سترتدي بغداد ثوب العيد ...متى ستفك قُطب الحزن عن شفتيها وتطلق الابتسامة...منذ ثلاثة عشر عاماً وهي مرهونة للون العمامة..
أشتاق لفلسطين العيد..إلى «الراديوهات» المنصوبة فوق النوافذ الطينية ، إلى الخطابات الوطنية ،واللباس المقاوم الأخضر ، الى اليد التي كانت لا تصافح إلا البندقية ، إلى أهازيج الشهيد، إلى الأمهات الجالسات على أدراج البيت البعيد ، ينتظرن بفارغ الشوق دفعة للأسرى على العيد...أشتاق للتطريز الملوّن على ثياب الصابرات كسهول بيسان، الى الشال الأبيض الطويل كغيمة..أشتاق إلى الأمهات اللاتي كن يختصرن القضية والوطن بقطعة قماش ..ثيابهن أرض وشالاتهن سماء....ترى متى سترتدي فلسطين ثوب العيد..متى ستصنع لنا «خبزاً» من غير قيد...
أشتاق إلى صنعاء ، الى طرابلس الى القاهرة الى بيروت الى تونس ..أشتاق أن ترتدي العروبة ثوب العيد مرة .. لا طعناً في الخاصرة ، ولا نزفاً في العواصم الحاضرة ...أشتاق أن يحلق الوطن الكبير بثوب السلام مرة...أن يضحك الطفل في نواكشوط فأسمعه في عمّان...لا يقطع الضحكة صوت انفجار أو إطلاق نار...أشتاق أن نستثني الأحمر..وندلق ألوان الطيف لنرسم وجه الزمن.. أشتاق أن أرى الوطن الكبير كما يجب أن يكون عليه الوطن.. لا مجرد خارطة ملفوفة بكفن!!..
العيد من غير هذه العواصم...ثوب بلا أزرار...هو الفرح المؤجل إلى ألف إشعار ..العيد من غير هذه العواصم... قميص يوسف الملطّخ بكذب القرار...وهو الوطن المعروض دوماً على مشجب الدمار...
مثل طفل يتيم يحدّق بــ»فترينات» الملابس الجديدة ، ينظر الى الأطفال المبتهجين بهداياهم للتو ،يتبع بإصبعه حبال الزينة الممتدة من بين المحلات كخيط من ضياء ، يشتم رائحة العيد المنبعثة من المخابز... يرفع كيس أوجاعه على ظهره ويمضي دون ان يكترث به أحد..هي العواصم..
في العيد أشتاق إلى «دمشق العيد» ،دمشق الشوارع المزدحمة،دمشق المسالمة ، واجهات المحلات اللامعة ، التحيات الشامية اللطيفة والغارقة بالمجاملة ، الأسواق التي تشهد مفاصلات طويلة،البيوت ذات الشبابيك الضيقة المزيّنة بالورود، الأزقة التي لا تدخلها الا الدراجات الهوائية ، الأحياء ذات البلاط العتيق والأحجار السمراء المرصوفة ، الأزقة التي تبيت فيها «طرطيرات» الناس البسيطة، الى «الشراويل» العريضة والطواقي البيضاء الخارجة للتو من المسجد الأموي...ترى متى سترتدي دمشق ثوب العيد مثل شقيقاتها...فثوب «العمليات» لا يليق بالجميلة ربة الابتسامة الياسمينة وربة الجديلة..
في العيد أشتاق إلى «بغداد العيد»..إلى عباءة «أبي جعفر المنصور» المخيطة من النحاس، الى أهداب الورد الذي يغالبه النعاس ، الى النخل الشاهق كمرود كحل يزين عين المدينة ، إلى مواويل العشق الحزينة ، الى تناقضات الرشيد و»ابي النواس» ، الى قلب الأمهات الذي مرّ عليه ألف حرب وما انكسر..الى التاريخ الذي تيمم برمال العروبة.. اشتقت الى عبارة .. لا سنة ولا شيعة...فبين الرمش والرمش قد تمت البيعة.. فهذه الأهداب العربية فداء للعراق فقط .. ترى متى سترتدي بغداد ثوب العيد ...متى ستفك قُطب الحزن عن شفتيها وتطلق الابتسامة...منذ ثلاثة عشر عاماً وهي مرهونة للون العمامة..
أشتاق لفلسطين العيد..إلى «الراديوهات» المنصوبة فوق النوافذ الطينية ، إلى الخطابات الوطنية ،واللباس المقاوم الأخضر ، الى اليد التي كانت لا تصافح إلا البندقية ، إلى أهازيج الشهيد، إلى الأمهات الجالسات على أدراج البيت البعيد ، ينتظرن بفارغ الشوق دفعة للأسرى على العيد...أشتاق للتطريز الملوّن على ثياب الصابرات كسهول بيسان، الى الشال الأبيض الطويل كغيمة..أشتاق إلى الأمهات اللاتي كن يختصرن القضية والوطن بقطعة قماش ..ثيابهن أرض وشالاتهن سماء....ترى متى سترتدي فلسطين ثوب العيد..متى ستصنع لنا «خبزاً» من غير قيد...
أشتاق إلى صنعاء ، الى طرابلس الى القاهرة الى بيروت الى تونس ..أشتاق أن ترتدي العروبة ثوب العيد مرة .. لا طعناً في الخاصرة ، ولا نزفاً في العواصم الحاضرة ...أشتاق أن يحلق الوطن الكبير بثوب السلام مرة...أن يضحك الطفل في نواكشوط فأسمعه في عمّان...لا يقطع الضحكة صوت انفجار أو إطلاق نار...أشتاق أن نستثني الأحمر..وندلق ألوان الطيف لنرسم وجه الزمن.. أشتاق أن أرى الوطن الكبير كما يجب أن يكون عليه الوطن.. لا مجرد خارطة ملفوفة بكفن!!..
العيد من غير هذه العواصم...ثوب بلا أزرار...هو الفرح المؤجل إلى ألف إشعار ..العيد من غير هذه العواصم... قميص يوسف الملطّخ بكذب القرار...وهو الوطن المعروض دوماً على مشجب الدمار...
تعليقات القراء
لا يوجد تعليقات