الرزاز: مواجهة البطالة تتطلب تحقيق نمو اقتصادي 7%
قال رئيس الفريق الفني للاستراتيجية الوطنية للتشغيل د.عمر الرزاز في مقابلة خاصة مع "الغد" إن " التحديات التي يواجهها جيل الشباب في الأردن باتت استثنائية ولذلك يجب تجنب الحلول الجزئية والانتقال إلى الحلول المتكاملة القابلة لأن تخضع للمساءلة والمحاسبة بعد التنفيذ".
وأكد الرزاز الذي يشغل منصبي رئيس مجلس أمناء منتدى الاستراتيجيات الأردني ورئيس مجلس إدارة البنك الأهلي أن سوق التشغيل يعاني من ظاهرة اتكال شريحة واسعة من الأفراد على تشغيلهم في القطاع العام لكن الأخير يعاني من الترهل والفائض بينما في الجهة المقابلة لا يستطيع القطاع الخاص أن يحتضن مزيدا من العمالة بسبب تباطؤ الأداء الاقتصادي.
ويتزامن هذا الأمر بحسب الرزاز مع تخلف الغالبية العظمى من شركات القطاع الخاص المتوسطة والصغيرة عن تأمين العاملين لديها صحيا ما يعني فقدان حق أساسي يدفع الفرد للعودة للبحث عن فرصة عمل في القطاع العام الذي يوفر التأمين الصحي.
وبين الرزاز أن هذا كله يستمر في ظل تراجع نسبة المشتغلين إلى نسبة السكان في سن العمل في المملكة والتي تقدر حاليا بـ32 % ما يعني تزايد اتكال غير المشتغيلين في سن العمل على المشتغلين.
ويرى الرزاز أن هنالك خللا بات ظاهرا في شكل علاقة التشغيل بين الدولة وشريحة واسعة من الأفراد الداخلين حديثا لسوق العمل إذ ينتظر الطرف الأخير توفير فرصة عمل وهم من يعرفون بـ"جيل الانتظار" الذي يعتقد ان هنالك عقدا تشريعيا بينه وبين الدولة يتمثل بضمان الدولة فرصة عمله في القطاع العام.
ويشير الرزاز إلى أن هذه الصيغة قد خدمت الدولة والمواطن في مرحلة بناء الدولة، إلا أنها أصبحت الآن غير ممكنة في ضوء الترهل الإداري وحجم الانفاق العام الجاري غير المستدام.
وينادي الرزاز بأنه "أصبح لزاما "فطام" الشاب الأردني عن فكرة انه سيقضي حياته العملية في القطاع العام"،خصوصا في ظل شح فرص العمل المولدة في هذا القطاع.
لكنه يؤكد على أنّ حالة "الفطام" هذه لا يمكن ان تكتمل بدون بديل حقيقي، و"الا تحول الفطام إلى تجويع".
ويشرح الرزاز "أنّ عملية الفطام هذه ليست سهلة، فما زالت توقعات عدد كبير من شبابنا تدور حول ايجاد وظيفة مكتبية في القطاع العام، وهذا ليس ذنبهم ولكن ذنب النظام التعليمي التقليدي".
وأشار إلى أن المسؤولية مشتركة في تجاوز هذه الحالة من خلال إيجاد فرصة عمل في القطاع الخاص أو الاعتماد على الذات في المشاريع الريادية".
وقال "مؤشر البطالة في الأردن لا يعكس حجم المشكلة فهو يشير الى أنّ أرقام دائرة الاحصاءات العامة "دقيقة وتستخدم نفس تعريفات البطالة المستخدمة في منظمة العمل الدولية"، إلا أنّ المشكلة تكمن في تفسير الارقام الصادرة عن الاحصاءات والتي تشير الى أنّ معدل البطالة يتراوح بين 12-14 %.
ويرى أنّ القطاع الخاص، لم يتمكن من رأب الفجوة في جانب استحداث فرص العمل، وخصوصا في ضوء تباطؤ النمو الاقتصادي والاستثمار، فيما أنّ الشباب بات يكتشف، ولو بشكل متأخر، ان مؤهلاته ليست مناسبة لما يطلبه سوق العمل في القطاع الخاص.
ومن جانب آخر ؛ فإنّ الغالبية العظمى من شركات القطاع الخاص المتوسطة والصغيرة لا تغطي التأمين الصحي بحسب الرزاز ؛ وهو موضوع مؤرق ومهم لاسرة الشاب أو الشابة، ما يعني العودة للبحث عن واسطة أو معجزة تمنحهم فرصة عمل في القطاع العام.
ويضيف في حال لم يتحقق لهم ذلك فإن هؤلاء ينضمون إلى جيوش الباحثين عن عمل والمصنفين كعاطلين عن عمل، ومن ثم مرحلة الاحباط واليأس الكلي، والخروج من المصنفين كـ"عاطلين عن العمل" الى تصنيف "غير النشيطين اقتصاديا"، أي لا يعملون ولا يبحثون عن عمل.
ويشير الرزاز الى أنّ هذه النسبة في الأردن من أعلى النسب في العالم، وهي في ازدياد مستمر، بينما نسبة المشتغلين إلى مجموع السكان في سن العمل في تراجع مستمر. وهذا تماما ما يشار له بـ"جيل الانتظار".
ويشرح الرزاز بأنّ "جيل الانتظار" هو الجيل المهمش المحبط والمتعطش للعب دور ما في الحياة، ويدفع البعض في حال لم يجد دورا بنّاء يعطيه معنى إيجابيا في حياته، للعب دورا هداما يعطي لحياته معنى مهم آخر، وإن كان سلبيا في حياته وحياة مجتمعه. ويقول " إنها حالة النقمة التي قد تتحول إلى حالة انتقام من النفس ومن الاخر".
وعن الحلول المقترحة للخروج من مشكلة البطالة يرى الرزاز أنّ موضوع البطالة احتل الصدارة في كتاب التكليف الملكي للحكومة الحالية وحكومات سابقة وقد بادرت حكومة رئيس الوزراء هاني الملقي بتشكيل لجنة عليا لتنفيذ الاستراتيجية الوطنية للتشغيل.
وقامت الحكومة بمجموعة من الاجراءات السريعة في مجال ايجاد مصادر تمويل لمشاريع شبابية وقام وزير العمل بتفعيل وحدة المتابعة الفنية للاستراتيجية الوطنية للتشغيل ورفع تقاريرها للجنة العليا.
ويؤكد الرزاز أنّ حجم التحدي كبير ولا يمكن حله بين ليلة وضحاها، فنحن بحاجة الى تطبيق البرنامج المتكامل على المدى القصير والمتوسط والطويل.
ويقترح الرزاز مجموعة من الحلول على المدى القصير والمتوسط إذ يشير الى أنّ الاستراتيجية الوطنية للتشغيل طرحت على المدى القصير برنامجا متكاملا تحت عنوان "ميثاق التشغيل الأردني" والذي يشكل اتفاقا بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني والجهات المانحة لدعم اربعة برامج متكاملة.
وأول هذه الحلول ؛ برنامج "الانتقال من الدراسة إلى العمل" وهو موجه الى طلبة الثانوية العامة من الذكور والاناث وفي العطل الصيفية ويركز على بناء مهارات أساسية (بناء ثقافة العمل، وروح الانضباط والمسؤولية والعمل في الفريق، وقيم التطوع والخدمة المجتمعية، ومهارات الريادة والعمل المهني والتقني والارشاد في اختيار المهنة والتخصص والتشغيل الذاتي).
ومن ثم منصة "فرص" الإلكترونية والتي يسجل فيها الطلبة (وبشكل الزامي) والباحثين عن العمل وأصحاب العمل وتوفر مجموعة خدمات تساعد في رأب فجوة المعلومات وفرص التدريب والتشغيل والتمويل المتاحة (وهذه المنصة تم اطلاقها مؤخرا من قبل صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية ولكنها ليست الزامية للطلبة مما يضعف من أثرها).
وبعد ذلك برنامج التشغيل في مواقع العمل لكافة الشباب والشابات الذين مضى على تعطلهم سنة فأكثر في مشاريع تنموية وبالتعاقد مع القطاع الخاص والمؤسسات الأهلية في قطاعات الإنشاءات، الزراعة، البيئة، الطاقة، والرعاية الاجتماعية (الخدمة الصحية للمسنين في بيوتهم ودور الحضانة).
هذا البرنامج المتكامل لن يشكل ضمانة أبدية للتشغيل، ولكنه سيمكن الشاب والشابة من حيازة كل المهارات والقيم والخبرة التي تؤهلهم للإنخراط في الحياة العملية
ويتضمن برنامج التشغيل تدريبا متخصصا حسب مجال العمل ؛بحسب الرزاز.
ويأتي رابعا تمويل المشاريع الناشئة والريادية والصغيرة موجهة للشباب الذين اكتسبوا مهارات عملية من خلال البرامج الثلاثة الاولى والمتعطلين عن العمل بمن فيهم متعطلو الضمان الاجتماعي والمتقاعدون.
أما على المدى المتوسط فتطرح الاستراتيجية ضرورة توفير تأمين صحي شامل يستفيد منه العاملون لحسابهم الخاص والعاملون في المنشآت الصغرى والمتوسطة، وتأمين وسائل نقل عام تمكن العاملين من التنقل بين المحافظات وبشكل دوري وفي مواعيد محددة، وسياسة استثمارية موجهة نحو الاستثمارات المنتجة المؤدية الى استحداث فرص عمل وتعزيز التنافس والتصدير، وربما الأهم هو إصلاح التعليم والتعليم المهني والعالي لضمان رأب الفجوة المتنامية في نوعية التعليم بين المدارس لضمان المساواة في الفرص، وأيضا فجوة المواءمة بين العرض والطلب (مواءمة مخرجات النظام التعليمي الأكاديمي والمهني وحاجات سوق العمل).
أما على المدى البعيد فلا علاج لمشكلة البطالة الا من خلال تحقيق نمو اقتصادي يتجاوز نسب 2-3 % الحالية ليصل إلى أكثر من 7 %، وهذا بدوره يتأتى من الاستثمار في القطاعات المنتجة والمشغلة للعمالة الأردنية.
وهذا يعني ان موضوع تشجيع الاستثمار وتحسين بيئة العمل يجب ان يكون في صلب اولويات الحكومة وسياسات التشغيل.
وهذا ليس بسهل ولكنه ممكن في ضوء قدرة الأردن على تحويل التحديات الراهنة الى فرص.
ويذكر الرزاز هنا بأنّ "الكلفة" كانت أحد الأسباب الرئيسية التى أدّت إلى العزوف عن هكذا مشروع ولكن حساب الكلفة هذا سيبقى ناقصا إذا ما لم نحسب كلفة بقاء الأمور على حالها.
وبين أن الأرقام الأولية تشير الى أن الكلفة ممكن تغطيتها خصوصا إذا ما قورنت بكلفة الانتظار والاحباط لنسبة كبيرة من شباب وشابات الأردن.
ويقترح انه يمكن توجيه تمويل صندوق التدريب والتشغيل المهني بشكل أساسي الى هذه المشاريع بالاضافة الى مشاريع مبعثرة من الجهات المانحة تركز على التدريب والتشغيل تتجاوز 300 مليون دينار.
الاستراتيجية الوطنية للتشغيل
في إجابة الرزاز عن سؤال : إن كانت الحكومات فشلت في تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للتشغيل ؟ يرى أنّ المشكلة ليست مشكلة حكومة معينة أو استراتيجية بعينها، حيث أنّ التحدي في الأردن كان دائما التنفيذ وليس التخطيط، مشيرا إلى "تأخر تنفيذ الاستراتيجية بشكلها المتكامل".
ويقول الرزاز "الاستراتيجية الوطنية للتشغيل عانت ما عانته غيرها من الاستراتيجيات"، وهو يرى بأنّ هناك "ضعفا مؤسسيا في الآليات التي من خلالها تتحول الاستراتيجيات والسياسات الى برامج قابلة للتطبيق والمتابعة والتقييم".
وكان الرزاز قد أشار الى أنّ الاستراتيجية تضمنت خطة تنفيذية مفصلة تحتوي آلية للتنفيذ والمتابعة والتقييم من خلال تشكيل وحدة فنية في وزارة العمل ترفع تقارير شهرية للجنة تنفيذية مشتركة.
ويشيد الرزاز بقرار الحكومة الجديدة بتشكيل لجنة عليا لتنفيذ الاستراتيجية حيث يؤكد بأنّ هذا "يعطي الأمل بتفعيلها وتحديثها في ضوء التحديات والظروف المحيطة".
ويشير الى أنّ تطبيق أي استراتيجية يحتاج الى آليات تنفيذ ومتابعة وتقييم، يتبعها آليات مساءلة ومحاسبة على النتائج، لكن "للاسف هذه الآليات ضعيفة ان لم تكن غائبة في معظم الاحيان"، وتصبح الامور خاضعة لمزاجية القائمين على الموضوع.
ويضيف أنّ الاستراتيجيات تحتوي على برامج على المدى القصير والمتوسط والطويل، لكنّ "الحكومات المتعاقبة تبحث عن اجراءات لها نتائج سريعة وآنية ولا تأبه لبرامج تعالج المشكلة من جذورها ولكن نتائجها تظهر على المدى المتوسط والطويل".
ويقول أنّه في مراحل اعداد الاستراتيجية الوطنية للتشغيل، ادركنا مبكرا المخاطر المرتبطة بضعف التطبيق، وخصصت الاستراتيجية قسما خاصا لبحث هذه المخاطر.
ويؤكد الرزاز على ضرورة مأسسة مراقبة الاداء بشكل مستقل ليصبح مفصلا رئيسيا وقويا ويتبع مجلس الوزراء.
ويؤكد أنّ تقييم الاداء لهذه الاستراتيجية "بحاجة إلى قدر أكبر من الاستقلالية" حتى يخرج بنتائج موضوعية، مشيرا إلى اقتراح سابق بأن يتم ربط التقييم مع المركز الوطني لتنمية الموارد البشرية او بالمجلس الاقتصادي الاجتماعي كجهات مستقلة نسبيا.
ولدى سؤاله حول تحديث الاستراتيجية؛ أشار الرزاز إلى أنّ الاستراتيجية تتضمن آلية لتطوير وتحديث نفسها في ضوء المتغيرات ورفعها إلى المجلس الأعلى لتنمية الموارد البشرية لتحديثها، على أنّ هذا المجلس لم ير النور وبالتالي لم يتم التعامل مع المستجدات، مثل اللجوء السوري، والعمالة الوافدة وازدياد ارقام البطالة بشكل استراتيجي.
ويبين الرزاز أنّه كان للأزمة السورية تداعيات كبيرة جدا على سوق العمل، حيث أشار الى أنه اليوم لدينا ما يزيد على 200 ألف أردني عاطل عن العمل ، وعمالة سورية ناتجة عن هجرة قسرية وغالبيتها في القطاع غير المنظم ، وعمالة وافدة لاسباب اقتصادية من دول عربية وآسيوية وما يزال تدفقها السنوي كبيرا.
وهنا علينا ترتيب اولوياتنا بوضوح من خلال دعم تدريب وتشغيل الأردنيين اولا في كافة القطاعات الواعدة، وثانيا تنظيم عمل السوريين خصوصا في قطاعات الزراعة والانشاءات، وضبط استقدام العمالة الوافدة في حدودها الدنيا وبشكل مكمل وغير منافس للقوى العاملة المحلية، وهذا فعلا ما باشر به معالي وزير العمل مؤخرا.
وأكد الرزاز الذي يشغل منصبي رئيس مجلس أمناء منتدى الاستراتيجيات الأردني ورئيس مجلس إدارة البنك الأهلي أن سوق التشغيل يعاني من ظاهرة اتكال شريحة واسعة من الأفراد على تشغيلهم في القطاع العام لكن الأخير يعاني من الترهل والفائض بينما في الجهة المقابلة لا يستطيع القطاع الخاص أن يحتضن مزيدا من العمالة بسبب تباطؤ الأداء الاقتصادي.
ويتزامن هذا الأمر بحسب الرزاز مع تخلف الغالبية العظمى من شركات القطاع الخاص المتوسطة والصغيرة عن تأمين العاملين لديها صحيا ما يعني فقدان حق أساسي يدفع الفرد للعودة للبحث عن فرصة عمل في القطاع العام الذي يوفر التأمين الصحي.
وبين الرزاز أن هذا كله يستمر في ظل تراجع نسبة المشتغلين إلى نسبة السكان في سن العمل في المملكة والتي تقدر حاليا بـ32 % ما يعني تزايد اتكال غير المشتغيلين في سن العمل على المشتغلين.
ويرى الرزاز أن هنالك خللا بات ظاهرا في شكل علاقة التشغيل بين الدولة وشريحة واسعة من الأفراد الداخلين حديثا لسوق العمل إذ ينتظر الطرف الأخير توفير فرصة عمل وهم من يعرفون بـ"جيل الانتظار" الذي يعتقد ان هنالك عقدا تشريعيا بينه وبين الدولة يتمثل بضمان الدولة فرصة عمله في القطاع العام.
ويشير الرزاز إلى أن هذه الصيغة قد خدمت الدولة والمواطن في مرحلة بناء الدولة، إلا أنها أصبحت الآن غير ممكنة في ضوء الترهل الإداري وحجم الانفاق العام الجاري غير المستدام.
وينادي الرزاز بأنه "أصبح لزاما "فطام" الشاب الأردني عن فكرة انه سيقضي حياته العملية في القطاع العام"،خصوصا في ظل شح فرص العمل المولدة في هذا القطاع.
لكنه يؤكد على أنّ حالة "الفطام" هذه لا يمكن ان تكتمل بدون بديل حقيقي، و"الا تحول الفطام إلى تجويع".
ويشرح الرزاز "أنّ عملية الفطام هذه ليست سهلة، فما زالت توقعات عدد كبير من شبابنا تدور حول ايجاد وظيفة مكتبية في القطاع العام، وهذا ليس ذنبهم ولكن ذنب النظام التعليمي التقليدي".
وأشار إلى أن المسؤولية مشتركة في تجاوز هذه الحالة من خلال إيجاد فرصة عمل في القطاع الخاص أو الاعتماد على الذات في المشاريع الريادية".
وقال "مؤشر البطالة في الأردن لا يعكس حجم المشكلة فهو يشير الى أنّ أرقام دائرة الاحصاءات العامة "دقيقة وتستخدم نفس تعريفات البطالة المستخدمة في منظمة العمل الدولية"، إلا أنّ المشكلة تكمن في تفسير الارقام الصادرة عن الاحصاءات والتي تشير الى أنّ معدل البطالة يتراوح بين 12-14 %.
ويرى أنّ القطاع الخاص، لم يتمكن من رأب الفجوة في جانب استحداث فرص العمل، وخصوصا في ضوء تباطؤ النمو الاقتصادي والاستثمار، فيما أنّ الشباب بات يكتشف، ولو بشكل متأخر، ان مؤهلاته ليست مناسبة لما يطلبه سوق العمل في القطاع الخاص.
ومن جانب آخر ؛ فإنّ الغالبية العظمى من شركات القطاع الخاص المتوسطة والصغيرة لا تغطي التأمين الصحي بحسب الرزاز ؛ وهو موضوع مؤرق ومهم لاسرة الشاب أو الشابة، ما يعني العودة للبحث عن واسطة أو معجزة تمنحهم فرصة عمل في القطاع العام.
ويضيف في حال لم يتحقق لهم ذلك فإن هؤلاء ينضمون إلى جيوش الباحثين عن عمل والمصنفين كعاطلين عن عمل، ومن ثم مرحلة الاحباط واليأس الكلي، والخروج من المصنفين كـ"عاطلين عن العمل" الى تصنيف "غير النشيطين اقتصاديا"، أي لا يعملون ولا يبحثون عن عمل.
ويشير الرزاز الى أنّ هذه النسبة في الأردن من أعلى النسب في العالم، وهي في ازدياد مستمر، بينما نسبة المشتغلين إلى مجموع السكان في سن العمل في تراجع مستمر. وهذا تماما ما يشار له بـ"جيل الانتظار".
ويشرح الرزاز بأنّ "جيل الانتظار" هو الجيل المهمش المحبط والمتعطش للعب دور ما في الحياة، ويدفع البعض في حال لم يجد دورا بنّاء يعطيه معنى إيجابيا في حياته، للعب دورا هداما يعطي لحياته معنى مهم آخر، وإن كان سلبيا في حياته وحياة مجتمعه. ويقول " إنها حالة النقمة التي قد تتحول إلى حالة انتقام من النفس ومن الاخر".
وعن الحلول المقترحة للخروج من مشكلة البطالة يرى الرزاز أنّ موضوع البطالة احتل الصدارة في كتاب التكليف الملكي للحكومة الحالية وحكومات سابقة وقد بادرت حكومة رئيس الوزراء هاني الملقي بتشكيل لجنة عليا لتنفيذ الاستراتيجية الوطنية للتشغيل.
وقامت الحكومة بمجموعة من الاجراءات السريعة في مجال ايجاد مصادر تمويل لمشاريع شبابية وقام وزير العمل بتفعيل وحدة المتابعة الفنية للاستراتيجية الوطنية للتشغيل ورفع تقاريرها للجنة العليا.
ويؤكد الرزاز أنّ حجم التحدي كبير ولا يمكن حله بين ليلة وضحاها، فنحن بحاجة الى تطبيق البرنامج المتكامل على المدى القصير والمتوسط والطويل.
ويقترح الرزاز مجموعة من الحلول على المدى القصير والمتوسط إذ يشير الى أنّ الاستراتيجية الوطنية للتشغيل طرحت على المدى القصير برنامجا متكاملا تحت عنوان "ميثاق التشغيل الأردني" والذي يشكل اتفاقا بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني والجهات المانحة لدعم اربعة برامج متكاملة.
وأول هذه الحلول ؛ برنامج "الانتقال من الدراسة إلى العمل" وهو موجه الى طلبة الثانوية العامة من الذكور والاناث وفي العطل الصيفية ويركز على بناء مهارات أساسية (بناء ثقافة العمل، وروح الانضباط والمسؤولية والعمل في الفريق، وقيم التطوع والخدمة المجتمعية، ومهارات الريادة والعمل المهني والتقني والارشاد في اختيار المهنة والتخصص والتشغيل الذاتي).
ومن ثم منصة "فرص" الإلكترونية والتي يسجل فيها الطلبة (وبشكل الزامي) والباحثين عن العمل وأصحاب العمل وتوفر مجموعة خدمات تساعد في رأب فجوة المعلومات وفرص التدريب والتشغيل والتمويل المتاحة (وهذه المنصة تم اطلاقها مؤخرا من قبل صندوق الملك عبدالله الثاني للتنمية ولكنها ليست الزامية للطلبة مما يضعف من أثرها).
وبعد ذلك برنامج التشغيل في مواقع العمل لكافة الشباب والشابات الذين مضى على تعطلهم سنة فأكثر في مشاريع تنموية وبالتعاقد مع القطاع الخاص والمؤسسات الأهلية في قطاعات الإنشاءات، الزراعة، البيئة، الطاقة، والرعاية الاجتماعية (الخدمة الصحية للمسنين في بيوتهم ودور الحضانة).
هذا البرنامج المتكامل لن يشكل ضمانة أبدية للتشغيل، ولكنه سيمكن الشاب والشابة من حيازة كل المهارات والقيم والخبرة التي تؤهلهم للإنخراط في الحياة العملية
ويتضمن برنامج التشغيل تدريبا متخصصا حسب مجال العمل ؛بحسب الرزاز.
ويأتي رابعا تمويل المشاريع الناشئة والريادية والصغيرة موجهة للشباب الذين اكتسبوا مهارات عملية من خلال البرامج الثلاثة الاولى والمتعطلين عن العمل بمن فيهم متعطلو الضمان الاجتماعي والمتقاعدون.
أما على المدى المتوسط فتطرح الاستراتيجية ضرورة توفير تأمين صحي شامل يستفيد منه العاملون لحسابهم الخاص والعاملون في المنشآت الصغرى والمتوسطة، وتأمين وسائل نقل عام تمكن العاملين من التنقل بين المحافظات وبشكل دوري وفي مواعيد محددة، وسياسة استثمارية موجهة نحو الاستثمارات المنتجة المؤدية الى استحداث فرص عمل وتعزيز التنافس والتصدير، وربما الأهم هو إصلاح التعليم والتعليم المهني والعالي لضمان رأب الفجوة المتنامية في نوعية التعليم بين المدارس لضمان المساواة في الفرص، وأيضا فجوة المواءمة بين العرض والطلب (مواءمة مخرجات النظام التعليمي الأكاديمي والمهني وحاجات سوق العمل).
أما على المدى البعيد فلا علاج لمشكلة البطالة الا من خلال تحقيق نمو اقتصادي يتجاوز نسب 2-3 % الحالية ليصل إلى أكثر من 7 %، وهذا بدوره يتأتى من الاستثمار في القطاعات المنتجة والمشغلة للعمالة الأردنية.
وهذا يعني ان موضوع تشجيع الاستثمار وتحسين بيئة العمل يجب ان يكون في صلب اولويات الحكومة وسياسات التشغيل.
وهذا ليس بسهل ولكنه ممكن في ضوء قدرة الأردن على تحويل التحديات الراهنة الى فرص.
ويذكر الرزاز هنا بأنّ "الكلفة" كانت أحد الأسباب الرئيسية التى أدّت إلى العزوف عن هكذا مشروع ولكن حساب الكلفة هذا سيبقى ناقصا إذا ما لم نحسب كلفة بقاء الأمور على حالها.
وبين أن الأرقام الأولية تشير الى أن الكلفة ممكن تغطيتها خصوصا إذا ما قورنت بكلفة الانتظار والاحباط لنسبة كبيرة من شباب وشابات الأردن.
ويقترح انه يمكن توجيه تمويل صندوق التدريب والتشغيل المهني بشكل أساسي الى هذه المشاريع بالاضافة الى مشاريع مبعثرة من الجهات المانحة تركز على التدريب والتشغيل تتجاوز 300 مليون دينار.
الاستراتيجية الوطنية للتشغيل
في إجابة الرزاز عن سؤال : إن كانت الحكومات فشلت في تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للتشغيل ؟ يرى أنّ المشكلة ليست مشكلة حكومة معينة أو استراتيجية بعينها، حيث أنّ التحدي في الأردن كان دائما التنفيذ وليس التخطيط، مشيرا إلى "تأخر تنفيذ الاستراتيجية بشكلها المتكامل".
ويقول الرزاز "الاستراتيجية الوطنية للتشغيل عانت ما عانته غيرها من الاستراتيجيات"، وهو يرى بأنّ هناك "ضعفا مؤسسيا في الآليات التي من خلالها تتحول الاستراتيجيات والسياسات الى برامج قابلة للتطبيق والمتابعة والتقييم".
وكان الرزاز قد أشار الى أنّ الاستراتيجية تضمنت خطة تنفيذية مفصلة تحتوي آلية للتنفيذ والمتابعة والتقييم من خلال تشكيل وحدة فنية في وزارة العمل ترفع تقارير شهرية للجنة تنفيذية مشتركة.
ويشيد الرزاز بقرار الحكومة الجديدة بتشكيل لجنة عليا لتنفيذ الاستراتيجية حيث يؤكد بأنّ هذا "يعطي الأمل بتفعيلها وتحديثها في ضوء التحديات والظروف المحيطة".
ويشير الى أنّ تطبيق أي استراتيجية يحتاج الى آليات تنفيذ ومتابعة وتقييم، يتبعها آليات مساءلة ومحاسبة على النتائج، لكن "للاسف هذه الآليات ضعيفة ان لم تكن غائبة في معظم الاحيان"، وتصبح الامور خاضعة لمزاجية القائمين على الموضوع.
ويضيف أنّ الاستراتيجيات تحتوي على برامج على المدى القصير والمتوسط والطويل، لكنّ "الحكومات المتعاقبة تبحث عن اجراءات لها نتائج سريعة وآنية ولا تأبه لبرامج تعالج المشكلة من جذورها ولكن نتائجها تظهر على المدى المتوسط والطويل".
ويقول أنّه في مراحل اعداد الاستراتيجية الوطنية للتشغيل، ادركنا مبكرا المخاطر المرتبطة بضعف التطبيق، وخصصت الاستراتيجية قسما خاصا لبحث هذه المخاطر.
ويؤكد الرزاز على ضرورة مأسسة مراقبة الاداء بشكل مستقل ليصبح مفصلا رئيسيا وقويا ويتبع مجلس الوزراء.
ويؤكد أنّ تقييم الاداء لهذه الاستراتيجية "بحاجة إلى قدر أكبر من الاستقلالية" حتى يخرج بنتائج موضوعية، مشيرا إلى اقتراح سابق بأن يتم ربط التقييم مع المركز الوطني لتنمية الموارد البشرية او بالمجلس الاقتصادي الاجتماعي كجهات مستقلة نسبيا.
ولدى سؤاله حول تحديث الاستراتيجية؛ أشار الرزاز إلى أنّ الاستراتيجية تتضمن آلية لتطوير وتحديث نفسها في ضوء المتغيرات ورفعها إلى المجلس الأعلى لتنمية الموارد البشرية لتحديثها، على أنّ هذا المجلس لم ير النور وبالتالي لم يتم التعامل مع المستجدات، مثل اللجوء السوري، والعمالة الوافدة وازدياد ارقام البطالة بشكل استراتيجي.
ويبين الرزاز أنّه كان للأزمة السورية تداعيات كبيرة جدا على سوق العمل، حيث أشار الى أنه اليوم لدينا ما يزيد على 200 ألف أردني عاطل عن العمل ، وعمالة سورية ناتجة عن هجرة قسرية وغالبيتها في القطاع غير المنظم ، وعمالة وافدة لاسباب اقتصادية من دول عربية وآسيوية وما يزال تدفقها السنوي كبيرا.
وهنا علينا ترتيب اولوياتنا بوضوح من خلال دعم تدريب وتشغيل الأردنيين اولا في كافة القطاعات الواعدة، وثانيا تنظيم عمل السوريين خصوصا في قطاعات الزراعة والانشاءات، وضبط استقدام العمالة الوافدة في حدودها الدنيا وبشكل مكمل وغير منافس للقوى العاملة المحلية، وهذا فعلا ما باشر به معالي وزير العمل مؤخرا.
تعليقات القراء
لا يوجد تعليقات