عمان جو -
آهٍ ثُمَّ آهٍ كَمْ أثَّرَتْ فينَا الْمَصائب، وَكَمْ ثُمَّ كَمْ قَرَّعَتْنَا الْخُطوبُ وَالنَّوائب ! .
أبا يوسُف ... أَما وَقَدْ مَضى عَلى فَقْدِكَ عِشْرونَ عامًا، وَكُنْتَ لي في ما مَضى مِنْ سِني الْعُمْرِ نِعْمَ الْأخ ، حتّى إنَّني لَمْ أرَ مِثْلَكَ جَوادًا، وَما عَهِدْتُكَ غَيْرَ ذي خُلُقٍ جَمّ، فَقَدْ آلَيْتُ عَلى نَفْسي ألّا يَخْلُوَ مَقامي هذا مِنْ ذِكْرِك، الّذي لَسْتُ أنْعاكَ فيه، وَكَيْفَ لي أنْ أنْعاكَ وَما زالَتْ حَيَّةً بَيْنَ يَدَيَّ ذِكْراك ؟ .
أُخَيَّ نبيل الّذي لَهُ مِنَ اسْمِهِ نَصيب ... تَعودُ بِيَ السُّنونَ فَأراكَ مُتَدَثِّرًا بِالنُّبْل، وَلَمّا أراكَ أرى أسْفارًا مِنَ العَطاءِ وَالصَّفاءِ وَالنَّقاءِ وَالْوَفاءِ تَتْلو أسْفارا، وَإنَّني إذْ أراكَ أجِدُني أحْكي بَيْنَ يَدَيْكَ سِيَرًا وَذِكْرِياتٍ لَمّا تَمَّحي، وَأصِفُ في حُضورِكَ الْبَهِيِّ النَّقِيِّ لِقاءاتِنا الّتي مَا انْفَكَّتْ تَتَنَفَّسُ كَمَا الصُّبْح، ثُمَّ أُنْشِدُ قَصيدِي الّذي نَظَمْتُكَ فيهِ صُوَرًا وَأخْيِلَة .
وَبَعْدُ ،،، فَإنَّني إذْ آتي عَلى ذِكْرِ أُخَيَّ أبي يوسُف لَأقولُ إنَّ الْقَوْلَ لا يَتَّسِعُ لِلْحَديثِ عَنْه، وَإنَّ اللُّغَةَ وَإنْ رَحُبَتْ فَهِيَ لا تَفيهِ حَقَّه، وَإنَّهُ قَبْلَ هذا وَذاكَ مَنْ تَبَوَّأَ لَدَيَّ مَكانَةَ السُّوَيْداء، وَما زالَ ماثِلاً حَيًّا يَسْكُنَ فِيَّ، وَكَأنّي بِيَ الْآنَ أسْمَعُ وَقْعَ خَطْوِه، وَأشُمُّ ريحَهُ، وَالْمِسْكُ ريحُه .
وَفي هذَا السِّياق، وَعَلَى الرُّغْمِ مِنَ اخْتِلافِ الْمَقام، وَالْبُعْدِ بَيْنَ الْمَسافَتَيْنِ الزَّمانِيَّةِ وَالْمَكانِيَّة، فَيَحْسُنَ ههُنا إيرادُ غَيْرِ بَيْتٍ لِأبي الْبَقاءِ الرُّنْدِيِّ في رثاءِ الْأنْدَلُس؛ إذْ يَقول:
لِكُلِّ شَيْءٍ إذا ما تَــــمَّ نُقْصــــــانُ فَلا يُغَرَّ بِطيبِ الْعَيْشِ إنْسانُ
هيَ الْأُمورُ كَما شاهَدْتُها دُوَلٌ مَنْ سَرَّهُ زَمَـنٌ ســـــــــاءَتْهُ أزْمانُ
وَهذِهِ الـدّارُ لا تُبْقــي عَلى أحَدٍ وَلا يَدومُ عَلى حـــالٍ لَهــا شانُ
وَبَعْدَ البَعْدِ ،،، فاللهَ أسألُ أنْ تَتَنَزَّلَ الرّحمةُ عليكَ أبي يوسُفَ شآبيبَ، وأدعوهُ سبحانَهُ ضارِعًا أنْ يُنْسِئَ فِي الأولى ذِكْرَكَ وَيُعْلِيَ فِي الأُخرى قَدْرَك .
اخاك الذي لن ينساك
هيثم القضاه
عمان جو -
آهٍ ثُمَّ آهٍ كَمْ أثَّرَتْ فينَا الْمَصائب، وَكَمْ ثُمَّ كَمْ قَرَّعَتْنَا الْخُطوبُ وَالنَّوائب ! .
أبا يوسُف ... أَما وَقَدْ مَضى عَلى فَقْدِكَ عِشْرونَ عامًا، وَكُنْتَ لي في ما مَضى مِنْ سِني الْعُمْرِ نِعْمَ الْأخ ، حتّى إنَّني لَمْ أرَ مِثْلَكَ جَوادًا، وَما عَهِدْتُكَ غَيْرَ ذي خُلُقٍ جَمّ، فَقَدْ آلَيْتُ عَلى نَفْسي ألّا يَخْلُوَ مَقامي هذا مِنْ ذِكْرِك، الّذي لَسْتُ أنْعاكَ فيه، وَكَيْفَ لي أنْ أنْعاكَ وَما زالَتْ حَيَّةً بَيْنَ يَدَيَّ ذِكْراك ؟ .
أُخَيَّ نبيل الّذي لَهُ مِنَ اسْمِهِ نَصيب ... تَعودُ بِيَ السُّنونَ فَأراكَ مُتَدَثِّرًا بِالنُّبْل، وَلَمّا أراكَ أرى أسْفارًا مِنَ العَطاءِ وَالصَّفاءِ وَالنَّقاءِ وَالْوَفاءِ تَتْلو أسْفارا، وَإنَّني إذْ أراكَ أجِدُني أحْكي بَيْنَ يَدَيْكَ سِيَرًا وَذِكْرِياتٍ لَمّا تَمَّحي، وَأصِفُ في حُضورِكَ الْبَهِيِّ النَّقِيِّ لِقاءاتِنا الّتي مَا انْفَكَّتْ تَتَنَفَّسُ كَمَا الصُّبْح، ثُمَّ أُنْشِدُ قَصيدِي الّذي نَظَمْتُكَ فيهِ صُوَرًا وَأخْيِلَة .
وَبَعْدُ ،،، فَإنَّني إذْ آتي عَلى ذِكْرِ أُخَيَّ أبي يوسُف لَأقولُ إنَّ الْقَوْلَ لا يَتَّسِعُ لِلْحَديثِ عَنْه، وَإنَّ اللُّغَةَ وَإنْ رَحُبَتْ فَهِيَ لا تَفيهِ حَقَّه، وَإنَّهُ قَبْلَ هذا وَذاكَ مَنْ تَبَوَّأَ لَدَيَّ مَكانَةَ السُّوَيْداء، وَما زالَ ماثِلاً حَيًّا يَسْكُنَ فِيَّ، وَكَأنّي بِيَ الْآنَ أسْمَعُ وَقْعَ خَطْوِه، وَأشُمُّ ريحَهُ، وَالْمِسْكُ ريحُه .
وَفي هذَا السِّياق، وَعَلَى الرُّغْمِ مِنَ اخْتِلافِ الْمَقام، وَالْبُعْدِ بَيْنَ الْمَسافَتَيْنِ الزَّمانِيَّةِ وَالْمَكانِيَّة، فَيَحْسُنَ ههُنا إيرادُ غَيْرِ بَيْتٍ لِأبي الْبَقاءِ الرُّنْدِيِّ في رثاءِ الْأنْدَلُس؛ إذْ يَقول:
لِكُلِّ شَيْءٍ إذا ما تَــــمَّ نُقْصــــــانُ فَلا يُغَرَّ بِطيبِ الْعَيْشِ إنْسانُ
هيَ الْأُمورُ كَما شاهَدْتُها دُوَلٌ مَنْ سَرَّهُ زَمَـنٌ ســـــــــاءَتْهُ أزْمانُ
وَهذِهِ الـدّارُ لا تُبْقــي عَلى أحَدٍ وَلا يَدومُ عَلى حـــالٍ لَهــا شانُ
وَبَعْدَ البَعْدِ ،،، فاللهَ أسألُ أنْ تَتَنَزَّلَ الرّحمةُ عليكَ أبي يوسُفَ شآبيبَ، وأدعوهُ سبحانَهُ ضارِعًا أنْ يُنْسِئَ فِي الأولى ذِكْرَكَ وَيُعْلِيَ فِي الأُخرى قَدْرَك .
اخاك الذي لن ينساك
هيثم القضاه
 
التعليقات