عمان جو_لم تدم محاولة انقلاب الجيش التركي على رئيس البلاد، رجب طيب أردوغان، طويلاً. فقد استعادت الحكومة سيطرتها على الأوضاع في اليوم التالي، كما وأعلنت سريعاً حالة طوارئ من 3 أشهر، مع اعتقالها -ووضعها تحت التحقيق- أكثر من 60 ألف شخص منذ ذلك الحين. وليست هذه مشكلة تركيا وحدها. بحيث يقدم موقع الدولة المحوري في النقل النفط والغاز لها أهمية جغرافية سياسية ضخمة. وبوصفها تمتد بين أوروبا والشرق الأوسط، وتوفر طرق التصدير من آسيا الوسطى إلى بقية العالم، تعد تركيا محور نقل مهما ومتناميا. وبواقع الحال، تم إيقاف النقل البحري في مضيق البسفور -الممتد بين البحر الأسود والبحر الأبيض المتوسط- في أعقاب محاولة الانقلاب، وعزي ذلك إلى مخاوف أمنية، رغم أنه عاد سريعاً إلى مواصلة أعماله. وعلى الرغم من عدم تأثر تدفقات النفط والغاز بالانقلاب على نطاق واسع، تثير احتمالية عدم الاستقرار لفترة طويلة شبح مخاوف تعطل هذه التدفقات. ويمر اثنان من خطوط أنابيب النفط الرئيسية عبر تركيا إلى ميناء جيهان الواقع على ساحل البحر الأبيض المتوسط. يبدأ أحدهما في باكو، عاصمة أذربيجان الغنية بالنفط، قبل مروره عبر جورجيا. ويأتي الآخر بالنفط من كركوك في شمال العراق، وتبين أنه تأثر كثيراً بالمعارك القائمة مع تنظيم 'داعش' والمتمردين الأكراد، فضلاً عن المنازعات بين بغداد والحكومة الكردية. وعندما يعملان بطاقتهما الكاملة، يمتلك كلا الخطين معاً قدرة إنتاج تراوح الـ2.7 مليون برميل في اليوم، ما يتجاوز الإنتاج اليومي في المملكة المتحدة بثلاثة أضعاف المرة. ويعني الموقع الجغرافي لتركيا، عند مصب البحر الأسود، أنها تلعب دوراً متساوياً رئيسياً في تجارة النفط المنقولة بحرا. بحيث يمر حوالي 3 % من النفط ومنتجاته العالمية عبر مضيق البسفور من روسيا وأوكرانيا وآسيا الوسطى. وتعد تركيا أيضاً دولة عبور مهمة لواردات الغاز الطبيعي في الاتحاد الأوروبي. فقد حمل خط أنابيب 'بلو ستريم'، الذي يمتد تحت البحر الأسود من روسيا، 14.7 مليار متر مكعب من الغاز في العام 2013 -ما يعادل 9 % من إمدادات الغاز الروسي الإجمالية إلى أوروبا في ذلك العام. وتم بناء 'بلو ستريم' في بدايات الألفينات كاستجابة إلى تزايد انقطاع تدفق الغاز عبر أوكرانيا وروسيا البيضاء. ويُبرز الصراع الأخير في أوكرانيا كيف ازدادت أهمية تركيا في السنوات الأخيرة. ومع التقدم أكثر في المستقبل، سيشهد تطوير 'الممر الجنوبي للغاز' المخطط له تدفق الغاز من حقول أذربيجان عبر تركيا إلى الاتحاد الأوروبي بحلول 2018، في حين سوف ينعطف خط 'تيركش ستريم' عبر البحر الأسود عن أوكرانيا. ويعني موقع تركيا الرئيسي لإمدادات الطاقة، فضلاً عن الشؤون الإقليمية، أيضاً أن الاتحاد الأوروبي سيعتبرها دائماً شريكاً استراتيجياً. وقد تكون هذه الأهمية الاستراتيجية نفسها مفيدة حتى اليوم –حيث اقترح البعض أن استجابة أوروبا الخجولة لأردوغان وحملته الأمنية عقب محاولة الإنقلاب، تعود إلى دور تركيا الحاسم في تزويد الاتحاد الأوروبي بالطاقة. وعلى الرغم من أن رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، قال 'إن تركيا ليست في وضع يسمح لها بأن تصبح عضواً في الاتحاد الأوروبي' عقب الانقلاب، يعني استمرار أزمة المهاجرين والمخاوف المتعلقة بإمدادات الطاقة أنه سيكون من الصعب على الاتحاد الأوروبي أن يتخذ موقفا صارما للغاية تجاهها. وبينما يسعى الاتحاد الأوروبي ليصبح أقل اعتماداً على الغاز الروسي، سوف يحتاج إلى تحصيل الإمدادات من آسيا الوسطى عن طريق ممر تركيا الجنوبي، وذلك مع زيادته إمداداته من أسواق الغاز الطبيعي المسال العالمية في الوقت نفسه. وسوف تواصل روسيا، في الوقت ذاته، إعادة توجيها صادراتها من الغاز بعيداً عن أوكرانيا، بدلاً من زيادة التدفقات عبر تركيا وعبر خط أنابيب 'نوردستريم' في ألمانيا. وتبعاً لهذه المعطيات، فإنه لمن المستبعد جداً أن تتغير الطبيعة الاستراتيجية لعلاقات الاتحاد الأوروبي بتركيا في المستقبل المنظور، حتى ولو فرضت حكومة أردوغان المزيد من القيود على مجتمعها. ولكن، نظراً لأن زيادة الاضطرابات الأهلية أو الإرهاب يمكن أن تزيد من عدم الاستقرار السياسي ومن تهديد قطاع الطاقة التركي، لأوروبا كامل الحق في شعورها بالقلق.
عمان جو_لم تدم محاولة انقلاب الجيش التركي على رئيس البلاد، رجب طيب أردوغان، طويلاً. فقد استعادت الحكومة سيطرتها على الأوضاع في اليوم التالي، كما وأعلنت سريعاً حالة طوارئ من 3 أشهر، مع اعتقالها -ووضعها تحت التحقيق- أكثر من 60 ألف شخص منذ ذلك الحين. وليست هذه مشكلة تركيا وحدها. بحيث يقدم موقع الدولة المحوري في النقل النفط والغاز لها أهمية جغرافية سياسية ضخمة. وبوصفها تمتد بين أوروبا والشرق الأوسط، وتوفر طرق التصدير من آسيا الوسطى إلى بقية العالم، تعد تركيا محور نقل مهما ومتناميا. وبواقع الحال، تم إيقاف النقل البحري في مضيق البسفور -الممتد بين البحر الأسود والبحر الأبيض المتوسط- في أعقاب محاولة الانقلاب، وعزي ذلك إلى مخاوف أمنية، رغم أنه عاد سريعاً إلى مواصلة أعماله. وعلى الرغم من عدم تأثر تدفقات النفط والغاز بالانقلاب على نطاق واسع، تثير احتمالية عدم الاستقرار لفترة طويلة شبح مخاوف تعطل هذه التدفقات. ويمر اثنان من خطوط أنابيب النفط الرئيسية عبر تركيا إلى ميناء جيهان الواقع على ساحل البحر الأبيض المتوسط. يبدأ أحدهما في باكو، عاصمة أذربيجان الغنية بالنفط، قبل مروره عبر جورجيا. ويأتي الآخر بالنفط من كركوك في شمال العراق، وتبين أنه تأثر كثيراً بالمعارك القائمة مع تنظيم 'داعش' والمتمردين الأكراد، فضلاً عن المنازعات بين بغداد والحكومة الكردية. وعندما يعملان بطاقتهما الكاملة، يمتلك كلا الخطين معاً قدرة إنتاج تراوح الـ2.7 مليون برميل في اليوم، ما يتجاوز الإنتاج اليومي في المملكة المتحدة بثلاثة أضعاف المرة. ويعني الموقع الجغرافي لتركيا، عند مصب البحر الأسود، أنها تلعب دوراً متساوياً رئيسياً في تجارة النفط المنقولة بحرا. بحيث يمر حوالي 3 % من النفط ومنتجاته العالمية عبر مضيق البسفور من روسيا وأوكرانيا وآسيا الوسطى. وتعد تركيا أيضاً دولة عبور مهمة لواردات الغاز الطبيعي في الاتحاد الأوروبي. فقد حمل خط أنابيب 'بلو ستريم'، الذي يمتد تحت البحر الأسود من روسيا، 14.7 مليار متر مكعب من الغاز في العام 2013 -ما يعادل 9 % من إمدادات الغاز الروسي الإجمالية إلى أوروبا في ذلك العام. وتم بناء 'بلو ستريم' في بدايات الألفينات كاستجابة إلى تزايد انقطاع تدفق الغاز عبر أوكرانيا وروسيا البيضاء. ويُبرز الصراع الأخير في أوكرانيا كيف ازدادت أهمية تركيا في السنوات الأخيرة. ومع التقدم أكثر في المستقبل، سيشهد تطوير 'الممر الجنوبي للغاز' المخطط له تدفق الغاز من حقول أذربيجان عبر تركيا إلى الاتحاد الأوروبي بحلول 2018، في حين سوف ينعطف خط 'تيركش ستريم' عبر البحر الأسود عن أوكرانيا. ويعني موقع تركيا الرئيسي لإمدادات الطاقة، فضلاً عن الشؤون الإقليمية، أيضاً أن الاتحاد الأوروبي سيعتبرها دائماً شريكاً استراتيجياً. وقد تكون هذه الأهمية الاستراتيجية نفسها مفيدة حتى اليوم –حيث اقترح البعض أن استجابة أوروبا الخجولة لأردوغان وحملته الأمنية عقب محاولة الإنقلاب، تعود إلى دور تركيا الحاسم في تزويد الاتحاد الأوروبي بالطاقة. وعلى الرغم من أن رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، قال 'إن تركيا ليست في وضع يسمح لها بأن تصبح عضواً في الاتحاد الأوروبي' عقب الانقلاب، يعني استمرار أزمة المهاجرين والمخاوف المتعلقة بإمدادات الطاقة أنه سيكون من الصعب على الاتحاد الأوروبي أن يتخذ موقفا صارما للغاية تجاهها. وبينما يسعى الاتحاد الأوروبي ليصبح أقل اعتماداً على الغاز الروسي، سوف يحتاج إلى تحصيل الإمدادات من آسيا الوسطى عن طريق ممر تركيا الجنوبي، وذلك مع زيادته إمداداته من أسواق الغاز الطبيعي المسال العالمية في الوقت نفسه. وسوف تواصل روسيا، في الوقت ذاته، إعادة توجيها صادراتها من الغاز بعيداً عن أوكرانيا، بدلاً من زيادة التدفقات عبر تركيا وعبر خط أنابيب 'نوردستريم' في ألمانيا. وتبعاً لهذه المعطيات، فإنه لمن المستبعد جداً أن تتغير الطبيعة الاستراتيجية لعلاقات الاتحاد الأوروبي بتركيا في المستقبل المنظور، حتى ولو فرضت حكومة أردوغان المزيد من القيود على مجتمعها. ولكن، نظراً لأن زيادة الاضطرابات الأهلية أو الإرهاب يمكن أن تزيد من عدم الاستقرار السياسي ومن تهديد قطاع الطاقة التركي، لأوروبا كامل الحق في شعورها بالقلق.
عمان جو_لم تدم محاولة انقلاب الجيش التركي على رئيس البلاد، رجب طيب أردوغان، طويلاً. فقد استعادت الحكومة سيطرتها على الأوضاع في اليوم التالي، كما وأعلنت سريعاً حالة طوارئ من 3 أشهر، مع اعتقالها -ووضعها تحت التحقيق- أكثر من 60 ألف شخص منذ ذلك الحين. وليست هذه مشكلة تركيا وحدها. بحيث يقدم موقع الدولة المحوري في النقل النفط والغاز لها أهمية جغرافية سياسية ضخمة. وبوصفها تمتد بين أوروبا والشرق الأوسط، وتوفر طرق التصدير من آسيا الوسطى إلى بقية العالم، تعد تركيا محور نقل مهما ومتناميا. وبواقع الحال، تم إيقاف النقل البحري في مضيق البسفور -الممتد بين البحر الأسود والبحر الأبيض المتوسط- في أعقاب محاولة الانقلاب، وعزي ذلك إلى مخاوف أمنية، رغم أنه عاد سريعاً إلى مواصلة أعماله. وعلى الرغم من عدم تأثر تدفقات النفط والغاز بالانقلاب على نطاق واسع، تثير احتمالية عدم الاستقرار لفترة طويلة شبح مخاوف تعطل هذه التدفقات. ويمر اثنان من خطوط أنابيب النفط الرئيسية عبر تركيا إلى ميناء جيهان الواقع على ساحل البحر الأبيض المتوسط. يبدأ أحدهما في باكو، عاصمة أذربيجان الغنية بالنفط، قبل مروره عبر جورجيا. ويأتي الآخر بالنفط من كركوك في شمال العراق، وتبين أنه تأثر كثيراً بالمعارك القائمة مع تنظيم 'داعش' والمتمردين الأكراد، فضلاً عن المنازعات بين بغداد والحكومة الكردية. وعندما يعملان بطاقتهما الكاملة، يمتلك كلا الخطين معاً قدرة إنتاج تراوح الـ2.7 مليون برميل في اليوم، ما يتجاوز الإنتاج اليومي في المملكة المتحدة بثلاثة أضعاف المرة. ويعني الموقع الجغرافي لتركيا، عند مصب البحر الأسود، أنها تلعب دوراً متساوياً رئيسياً في تجارة النفط المنقولة بحرا. بحيث يمر حوالي 3 % من النفط ومنتجاته العالمية عبر مضيق البسفور من روسيا وأوكرانيا وآسيا الوسطى. وتعد تركيا أيضاً دولة عبور مهمة لواردات الغاز الطبيعي في الاتحاد الأوروبي. فقد حمل خط أنابيب 'بلو ستريم'، الذي يمتد تحت البحر الأسود من روسيا، 14.7 مليار متر مكعب من الغاز في العام 2013 -ما يعادل 9 % من إمدادات الغاز الروسي الإجمالية إلى أوروبا في ذلك العام. وتم بناء 'بلو ستريم' في بدايات الألفينات كاستجابة إلى تزايد انقطاع تدفق الغاز عبر أوكرانيا وروسيا البيضاء. ويُبرز الصراع الأخير في أوكرانيا كيف ازدادت أهمية تركيا في السنوات الأخيرة. ومع التقدم أكثر في المستقبل، سيشهد تطوير 'الممر الجنوبي للغاز' المخطط له تدفق الغاز من حقول أذربيجان عبر تركيا إلى الاتحاد الأوروبي بحلول 2018، في حين سوف ينعطف خط 'تيركش ستريم' عبر البحر الأسود عن أوكرانيا. ويعني موقع تركيا الرئيسي لإمدادات الطاقة، فضلاً عن الشؤون الإقليمية، أيضاً أن الاتحاد الأوروبي سيعتبرها دائماً شريكاً استراتيجياً. وقد تكون هذه الأهمية الاستراتيجية نفسها مفيدة حتى اليوم –حيث اقترح البعض أن استجابة أوروبا الخجولة لأردوغان وحملته الأمنية عقب محاولة الإنقلاب، تعود إلى دور تركيا الحاسم في تزويد الاتحاد الأوروبي بالطاقة. وعلى الرغم من أن رئيس المفوضية الأوروبية، جان كلود يونكر، قال 'إن تركيا ليست في وضع يسمح لها بأن تصبح عضواً في الاتحاد الأوروبي' عقب الانقلاب، يعني استمرار أزمة المهاجرين والمخاوف المتعلقة بإمدادات الطاقة أنه سيكون من الصعب على الاتحاد الأوروبي أن يتخذ موقفا صارما للغاية تجاهها. وبينما يسعى الاتحاد الأوروبي ليصبح أقل اعتماداً على الغاز الروسي، سوف يحتاج إلى تحصيل الإمدادات من آسيا الوسطى عن طريق ممر تركيا الجنوبي، وذلك مع زيادته إمداداته من أسواق الغاز الطبيعي المسال العالمية في الوقت نفسه. وسوف تواصل روسيا، في الوقت ذاته، إعادة توجيها صادراتها من الغاز بعيداً عن أوكرانيا، بدلاً من زيادة التدفقات عبر تركيا وعبر خط أنابيب 'نوردستريم' في ألمانيا. وتبعاً لهذه المعطيات، فإنه لمن المستبعد جداً أن تتغير الطبيعة الاستراتيجية لعلاقات الاتحاد الأوروبي بتركيا في المستقبل المنظور، حتى ولو فرضت حكومة أردوغان المزيد من القيود على مجتمعها. ولكن، نظراً لأن زيادة الاضطرابات الأهلية أو الإرهاب يمكن أن تزيد من عدم الاستقرار السياسي ومن تهديد قطاع الطاقة التركي، لأوروبا كامل الحق في شعورها بالقلق.
التعليقات
كيف يمكن لأزمة تركيا أن تؤثر على إمدادات النفط والغاز؟
التعليقات