عمان جو - أ.د عبد الرزاق الدليمي
أستاذ الدعاية الإعلامية /كلية الإعلام جامعة البترا الأردنية
اخيرا وليس اخرا انتهى المؤتمر الموعود في مدينة وارسو عاصمة بولندا بمشاركة اكثر من 70 دولة من مختلف انحاء العالم ومن بينها عدد من الدول العربية الساعية الى لجم الثور الايراني الذي عاث في المنطقة ولايزال صراعات وحروب مفتعلة وقودها ابناء جلدة واحدة هم العرب الذين افترقوا تحت يافطات الطائفية والعرقية والمناطقية وتحاربوا وضحوا ولم يكن من بين ما تقاتلوا من اجله اي هدف يخدمهم سوى انهم اغتروا بشعارات طائفية جوفاء واهية رفعتها جهات هي ابعد ما تكون عن الاسلام وجوهره وتعاليمه وكان وقودها وفتيلها المشتعل هم الجهلة الذين غيبتهم روح الثأر من اعداء وخصوم لا وجود لهم الا في شعارات الحقد الفارسي على العرب المسلمين الذين قوضوا حضارتهم لتعود للعرب حضاراتهم التي جمعتها واحتضنتها بلاد الشام والعراق.
نعم انتهى المؤتمر واعلنت بعض قرارته القابلة للبوح وحجبت الاخرى وهي عادة ما تكون الاكثر اهمية ويبدو ان فحوى ما تم اعلانه يتعلق جله بتحجيم نشاطات النظام الايراني وتعويق جهوده للحصول على التكنلوجيا المتطورة التي يريد توظيفها عسكريا ضد دول المنطقة وتحديدا الاطراف العربية منها لاننا على قناعة تامة ان النظام الايراني لم يضع في اي من خططه المساس بالكيان الصهيوني (اللهم الا باللغو الدعائي الاجوف) وهذا امر يعلمه الامريكان و الصهاينة قبل غيرهم!!!!.
وهنا لابد من طرح سؤال بسيط ولكنه مهم جدا وهو من هي الجهه التي فتحت الابواب مشرعة لتمدد النظام الايراني في العراق وسوريا واليمن وباقي المناطق التي اصبحت مسرح للصراعات والحروب في اسيا وافريقيا وغيرهما؟ والجواب لا يحتاج عبقرية او ذكاء خارق.... انها الادارات الامريكية جمهورية كانت ام ديمقراطية...ولماذا فعلت ذلك ؟والجواب ان مصالحها تستوجب ذلك.
ولكي نفسر ونعلل الجواب لابد من التذكير ان الولايات المتحدة الامريكية دولة مؤسسات محكومة بكارتل كبير وعملاق من الشركات الامبراطورية ومصلحة هذه الشركات هي المحرك الاول لكل الادارات بل ان هذه الشركات هي التي تقرر مسبقا من يكون الحاكم القادم في البيت الابيض وهل سيمدد له لولاية اخرى ام انه فشل في تنفيذ ما طلب منه او ما وعد بتنفيذه خدمة لمصالح هذه الشركات بما فيها تدخلات الولايات المتحدة في هذا الجزء او ذاك من العالم وشن الحروب والتخطيط للانقلابات هنا او هناك ورئيس امريكا في حقيقة الامر ما هو سوى موظف لدى هذه الشركات يلتزم امامها بتنفيذ اجندات محددة سلفا وان حاول ان يجتهد فانه يجتهد في حدود التنفيذ بطريقة افضل ليس الا!
اتذكر جيدا اني كتبت مقال في بداية عام 2008 حيث كان التشابك الدعائي والحملات بين المرشحين للرئاسة الامريكيه على اشده ووضعت عنوانا مثيرا للمقال (الرئيس القادم للبيت الابيض اسود ليبيض وجه امريكا الاسود) لانني كنت مقتنع ان اوباما هو الخيار الاوفر حظا لمصلحة الشركات العملاقة وربما العنوان وما تضمنه المقال من رؤية مختلفة عن اغلب ما كان مطروحا جعل الكثيرين يعتقدون انني اغرد في عالم اخر.....وكانت قناة الجزيرة قد تعودت ان تستضيف المرحوم محمد حسنين هيكل في الليلة التي تسبق اعلان النتائج الانتخابية ويحاوره المذيع محمد كريشان وكان السؤال المهم الموجه لهيكل هل يمكن ان يفوز اوباما الاسود ؟ فاجاب بالنص من السابق لاوانه ان يعين رئيسا اسود للولايات المتحدة الامريكية لان الظروف لم تنضج بعد لتقبل هكذا حدث!!
والحقبقة الاولى اني توقعت فوز اوباما بناء على تصور علمي وبحكم اختصاصي الدعائي فقد لاحظت في السنوات التي رافقت ادارة بوش الابن لمدة ثمان سنوات قيام مؤسسة هوليوود الدعائية الخطيرة جدا بانتاج عدد من الافلام والمسلسلات المهمة ومنها حتى الكرتونية وبمشاركة اهم نجومها من الخط الاول تتناول فيه احداث تظهر ان الرئيس الامريكي اسود ومعروف ان ما تنتجه شركات هوليوود غير بعيد عن ما تخطط له مصادر صناعة القرار في امريكا.
اما الحقيقة الثانية فكان مصدرها مشاركتي في احد المؤتمرات عام 2006 في استنبول التي عقدتها احدى اهم مؤسسات تقديم المشورة للبيت الابيض ومن ابرز مفكري هذه المؤسسة هما (هال ساندرس وريتشارد مورفي) وهما الساعدان الايمن والايسر لثعلب السياسة الامريكية هنري كيسنجر وهما من وضع الخطوط العريضة لاتفاقية كامب ديفيد...حضرت المؤتمر ولم يكن في ذهني تصور عن المشاركين لان الصورة التي لازمتني اني دعيت كوني أكاديمي وعالم عراقي عربي ولم يكن وارد في ذهني اني ارى اغلب وجوه العملية السياسية التي فرضها الاحتلال على العراق ...في بداية المؤتمر وكما هو السياق يقدم ريتشارد موفي عرض واف عن طبيعة السياسة الامريكية للمرحلة القادمة وكانت نتائج الانتخابات النصفية لمجلس النواب حينها تشير الى تقدم واضح للديمقرطيين على حساب الجمهوريين وهو امر طبيعي نتيجة الصورة السوداء التي طبعت بها ادارة بوش الابن واحتلال كل من العراق وافغانستان وما تبعهما من تداعيات عالمية خطيرة (فقناعاتي الشخصية ان الديمقراطيين عادة يطفئون النيران التي يوقدوها الجمهوريون في السياسات الخارجية ) وهذا ما كان واضحا فيما حاول توضيحه مورفي في عرضه اما المؤتمر...ولاني اعلم جيدا ان المشاركين من حملة لواء الاحتلال واتباعه سيبدؤون كما دربوهم كلامهم بتحميل النظام الوطني قبل الاحتلال بتبعية كل الجرائم التي ارتكبت والتي لم ترتكب في العالم ولهذا طلبت من ادارة الجلسات ان تمنحني الفرصة للحديث في الجلسة الثانية حيث ينتهي مفعول الحماسة الفارغة والادعاءات الكاذبة لعملاء الاحتلالين الامريكي والايراني فقدمت تصور واضح لما حدث ويحدث في العراق مدعوما بارقام واحصائيات ووثائق (على مدى 45 دقيقة) ثم ختمت مداخلتي بقولي الى متى ستبقى الادارات الامريكية تخبئ راسها مثل النعامة في القش ولا ترى ماذا يحدث في العراق والمنطقة ...الخ وعندما انتهيت لم يفتح اي من العملاء فمه بكلمة واحدة الا ان الجميع فوجئ بطلب ريتشارد مورفي للحديث وهذه المرة الاولى التي يفعلها واذا به يعقب على ملاحظاتي وتحديدا ما يتعلق بانتقادي اللاذع للادارة الامريكية وقال المرحلة القادمة ستشهد تغير في السياسة الامريكية ولن تبقى الادارة تخبئ راسها في كومة القش!!
وتأسيسا على هذا جائني في اليوم التالي شخص اسمه فريد وتبين انه مسؤول الحزب الاسلامي في بريطانيا ومعه د اسامه التكريتي الذي اصبح لاحقا المسؤول الاول عن الحزب الاسلامي ليبلغاني بان ريتشارد مورفي يريد ان يستشيرني بموضوع مهم ولم امانع وفعلا بعد لحظات جاء مورفي (وهو يجيد اللغة العربية واظنه تعلمها فترة وجوده سفير لبلاده في دمشق لمدة ثمان سنوات ولكنه لا يتكلمها الا نادرا) وقال لي (انتم) تعرفون جيدا طبيعة المنطقة وخصوصياتها ولدي سؤال احتاج منك ان تجيبني عليه بدقة فهل لديك مانع او مشكله في ذلك فقلت له لامانع لدي اذا كان الامر في حدود علمي ومعرفتي فقال بشكل مباشر(هل تنصحنا باستخدام القوة العسكرية ضد النظام في ايران؟) فقلت ليس من الفائدة استخدام القوة العسكرية ضد النظام الايراني لان ذلك سيقوي النظام ويجعل الناس يلتفون حوله حتى وان كانوا لايطيقونه ..فسالني ماهو البديل؟ فقلت له هناك دولتان في العالم من السهولة تفتيتهما فقال من هما فسكت ثم اجبته انهما ايران والولايات المتحدة الامريكية فانذهل وبعد لحظات استغراب ودهشة قلت دعنا نتحدث عن ايران فهذه دولة مصطنعة اسهم في قيامها خبث الانكليز لانها تتكون من ست مناطق سكانية عرقية جغرافية دينية طائفية لا علاقة تربط بين منطقة واخرى الا بطش النظام الطائفي العرقي الفارسي ولذا انصحكم ان تستفيدوا من خبرات حليفتكم بريطانيا في سياسات التفريق والتمزيق فبمجرد ان تتاح للشعوب الاذرية والتركمانية والعربية والبلوشية والاكراد فرصة للتحرك فانهم سينقضون على النظام وينهونه بساعات . ..ولم ينطق مورفي بكلمة واحدة كما لم يكرر الموضوع طيلة لقاءاتنا الاخرى ..صحيح ان الامريكيين اختبروا هذا الخيار ووجدوا فيه نجاح كبير الا انهم لم يستمروا في الاعتماد عليه وهذا ما يقودني الى الاستنتاج التالي وهو ان الادارات الامريكية لا تريد تقويض نظام الملالي لانه يخدمها بشكل كبير فهو الفزاعة التي تدفع دول الخليج العربي لفتح خزاناتها بالعملات الصعبة واحتياطياتها النفطية لشراء الأسلحة ولا استرضاء الولايات المتحدة الأمريكية والقبول بعنجهياتها الفارغة وبسبب هذا التوافق الامريكي مع نظام الملالي في ايران اصبحت الاجواء مهيئة لتحويل العلاقات بين بعض الاطراف العربية والكيان الصهيوني من السرية المحفوفة بالمخاطر الى التجرؤ لوضعها في العلن... وهذا ما ظهر واضحا في مجريات مؤتمر وارسو ولذلك لا اتوقع ان تذهب سياسات ترامب الى مديات المواجهه العسكرية مع النظام الايراني والموضوع لن يخرج عن محاولات لاعادة ترتيب الاوراق الامريكية في المنطقة واعادة انتاج المواقف سيما بعد ترتيب التوافقات بين الامريكان والروس في سوريا وتقسيم النفوذ بينهما في المنطقة مع الاخذ بعين الاعتبار مصالح الكيان الصهيوني باعتبارة المستفيد الاكبر من كل ما جرى ويجري في المنطقة والمتضرر الاكبر هم العرب وفي مقدمتهم الفلسطنيين ..اذن القضية لاتخرج عن اطار المواجهات الدعائية وشد الحبل بين الادارة الامريكية وبين نظام الملالي.
عمان جو - أ.د عبد الرزاق الدليمي
أستاذ الدعاية الإعلامية /كلية الإعلام جامعة البترا الأردنية
اخيرا وليس اخرا انتهى المؤتمر الموعود في مدينة وارسو عاصمة بولندا بمشاركة اكثر من 70 دولة من مختلف انحاء العالم ومن بينها عدد من الدول العربية الساعية الى لجم الثور الايراني الذي عاث في المنطقة ولايزال صراعات وحروب مفتعلة وقودها ابناء جلدة واحدة هم العرب الذين افترقوا تحت يافطات الطائفية والعرقية والمناطقية وتحاربوا وضحوا ولم يكن من بين ما تقاتلوا من اجله اي هدف يخدمهم سوى انهم اغتروا بشعارات طائفية جوفاء واهية رفعتها جهات هي ابعد ما تكون عن الاسلام وجوهره وتعاليمه وكان وقودها وفتيلها المشتعل هم الجهلة الذين غيبتهم روح الثأر من اعداء وخصوم لا وجود لهم الا في شعارات الحقد الفارسي على العرب المسلمين الذين قوضوا حضارتهم لتعود للعرب حضاراتهم التي جمعتها واحتضنتها بلاد الشام والعراق.
نعم انتهى المؤتمر واعلنت بعض قرارته القابلة للبوح وحجبت الاخرى وهي عادة ما تكون الاكثر اهمية ويبدو ان فحوى ما تم اعلانه يتعلق جله بتحجيم نشاطات النظام الايراني وتعويق جهوده للحصول على التكنلوجيا المتطورة التي يريد توظيفها عسكريا ضد دول المنطقة وتحديدا الاطراف العربية منها لاننا على قناعة تامة ان النظام الايراني لم يضع في اي من خططه المساس بالكيان الصهيوني (اللهم الا باللغو الدعائي الاجوف) وهذا امر يعلمه الامريكان و الصهاينة قبل غيرهم!!!!.
وهنا لابد من طرح سؤال بسيط ولكنه مهم جدا وهو من هي الجهه التي فتحت الابواب مشرعة لتمدد النظام الايراني في العراق وسوريا واليمن وباقي المناطق التي اصبحت مسرح للصراعات والحروب في اسيا وافريقيا وغيرهما؟ والجواب لا يحتاج عبقرية او ذكاء خارق.... انها الادارات الامريكية جمهورية كانت ام ديمقراطية...ولماذا فعلت ذلك ؟والجواب ان مصالحها تستوجب ذلك.
ولكي نفسر ونعلل الجواب لابد من التذكير ان الولايات المتحدة الامريكية دولة مؤسسات محكومة بكارتل كبير وعملاق من الشركات الامبراطورية ومصلحة هذه الشركات هي المحرك الاول لكل الادارات بل ان هذه الشركات هي التي تقرر مسبقا من يكون الحاكم القادم في البيت الابيض وهل سيمدد له لولاية اخرى ام انه فشل في تنفيذ ما طلب منه او ما وعد بتنفيذه خدمة لمصالح هذه الشركات بما فيها تدخلات الولايات المتحدة في هذا الجزء او ذاك من العالم وشن الحروب والتخطيط للانقلابات هنا او هناك ورئيس امريكا في حقيقة الامر ما هو سوى موظف لدى هذه الشركات يلتزم امامها بتنفيذ اجندات محددة سلفا وان حاول ان يجتهد فانه يجتهد في حدود التنفيذ بطريقة افضل ليس الا!
اتذكر جيدا اني كتبت مقال في بداية عام 2008 حيث كان التشابك الدعائي والحملات بين المرشحين للرئاسة الامريكيه على اشده ووضعت عنوانا مثيرا للمقال (الرئيس القادم للبيت الابيض اسود ليبيض وجه امريكا الاسود) لانني كنت مقتنع ان اوباما هو الخيار الاوفر حظا لمصلحة الشركات العملاقة وربما العنوان وما تضمنه المقال من رؤية مختلفة عن اغلب ما كان مطروحا جعل الكثيرين يعتقدون انني اغرد في عالم اخر.....وكانت قناة الجزيرة قد تعودت ان تستضيف المرحوم محمد حسنين هيكل في الليلة التي تسبق اعلان النتائج الانتخابية ويحاوره المذيع محمد كريشان وكان السؤال المهم الموجه لهيكل هل يمكن ان يفوز اوباما الاسود ؟ فاجاب بالنص من السابق لاوانه ان يعين رئيسا اسود للولايات المتحدة الامريكية لان الظروف لم تنضج بعد لتقبل هكذا حدث!!
والحقبقة الاولى اني توقعت فوز اوباما بناء على تصور علمي وبحكم اختصاصي الدعائي فقد لاحظت في السنوات التي رافقت ادارة بوش الابن لمدة ثمان سنوات قيام مؤسسة هوليوود الدعائية الخطيرة جدا بانتاج عدد من الافلام والمسلسلات المهمة ومنها حتى الكرتونية وبمشاركة اهم نجومها من الخط الاول تتناول فيه احداث تظهر ان الرئيس الامريكي اسود ومعروف ان ما تنتجه شركات هوليوود غير بعيد عن ما تخطط له مصادر صناعة القرار في امريكا.
اما الحقيقة الثانية فكان مصدرها مشاركتي في احد المؤتمرات عام 2006 في استنبول التي عقدتها احدى اهم مؤسسات تقديم المشورة للبيت الابيض ومن ابرز مفكري هذه المؤسسة هما (هال ساندرس وريتشارد مورفي) وهما الساعدان الايمن والايسر لثعلب السياسة الامريكية هنري كيسنجر وهما من وضع الخطوط العريضة لاتفاقية كامب ديفيد...حضرت المؤتمر ولم يكن في ذهني تصور عن المشاركين لان الصورة التي لازمتني اني دعيت كوني أكاديمي وعالم عراقي عربي ولم يكن وارد في ذهني اني ارى اغلب وجوه العملية السياسية التي فرضها الاحتلال على العراق ...في بداية المؤتمر وكما هو السياق يقدم ريتشارد موفي عرض واف عن طبيعة السياسة الامريكية للمرحلة القادمة وكانت نتائج الانتخابات النصفية لمجلس النواب حينها تشير الى تقدم واضح للديمقرطيين على حساب الجمهوريين وهو امر طبيعي نتيجة الصورة السوداء التي طبعت بها ادارة بوش الابن واحتلال كل من العراق وافغانستان وما تبعهما من تداعيات عالمية خطيرة (فقناعاتي الشخصية ان الديمقراطيين عادة يطفئون النيران التي يوقدوها الجمهوريون في السياسات الخارجية ) وهذا ما كان واضحا فيما حاول توضيحه مورفي في عرضه اما المؤتمر...ولاني اعلم جيدا ان المشاركين من حملة لواء الاحتلال واتباعه سيبدؤون كما دربوهم كلامهم بتحميل النظام الوطني قبل الاحتلال بتبعية كل الجرائم التي ارتكبت والتي لم ترتكب في العالم ولهذا طلبت من ادارة الجلسات ان تمنحني الفرصة للحديث في الجلسة الثانية حيث ينتهي مفعول الحماسة الفارغة والادعاءات الكاذبة لعملاء الاحتلالين الامريكي والايراني فقدمت تصور واضح لما حدث ويحدث في العراق مدعوما بارقام واحصائيات ووثائق (على مدى 45 دقيقة) ثم ختمت مداخلتي بقولي الى متى ستبقى الادارات الامريكية تخبئ راسها مثل النعامة في القش ولا ترى ماذا يحدث في العراق والمنطقة ...الخ وعندما انتهيت لم يفتح اي من العملاء فمه بكلمة واحدة الا ان الجميع فوجئ بطلب ريتشارد مورفي للحديث وهذه المرة الاولى التي يفعلها واذا به يعقب على ملاحظاتي وتحديدا ما يتعلق بانتقادي اللاذع للادارة الامريكية وقال المرحلة القادمة ستشهد تغير في السياسة الامريكية ولن تبقى الادارة تخبئ راسها في كومة القش!!
وتأسيسا على هذا جائني في اليوم التالي شخص اسمه فريد وتبين انه مسؤول الحزب الاسلامي في بريطانيا ومعه د اسامه التكريتي الذي اصبح لاحقا المسؤول الاول عن الحزب الاسلامي ليبلغاني بان ريتشارد مورفي يريد ان يستشيرني بموضوع مهم ولم امانع وفعلا بعد لحظات جاء مورفي (وهو يجيد اللغة العربية واظنه تعلمها فترة وجوده سفير لبلاده في دمشق لمدة ثمان سنوات ولكنه لا يتكلمها الا نادرا) وقال لي (انتم) تعرفون جيدا طبيعة المنطقة وخصوصياتها ولدي سؤال احتاج منك ان تجيبني عليه بدقة فهل لديك مانع او مشكله في ذلك فقلت له لامانع لدي اذا كان الامر في حدود علمي ومعرفتي فقال بشكل مباشر(هل تنصحنا باستخدام القوة العسكرية ضد النظام في ايران؟) فقلت ليس من الفائدة استخدام القوة العسكرية ضد النظام الايراني لان ذلك سيقوي النظام ويجعل الناس يلتفون حوله حتى وان كانوا لايطيقونه ..فسالني ماهو البديل؟ فقلت له هناك دولتان في العالم من السهولة تفتيتهما فقال من هما فسكت ثم اجبته انهما ايران والولايات المتحدة الامريكية فانذهل وبعد لحظات استغراب ودهشة قلت دعنا نتحدث عن ايران فهذه دولة مصطنعة اسهم في قيامها خبث الانكليز لانها تتكون من ست مناطق سكانية عرقية جغرافية دينية طائفية لا علاقة تربط بين منطقة واخرى الا بطش النظام الطائفي العرقي الفارسي ولذا انصحكم ان تستفيدوا من خبرات حليفتكم بريطانيا في سياسات التفريق والتمزيق فبمجرد ان تتاح للشعوب الاذرية والتركمانية والعربية والبلوشية والاكراد فرصة للتحرك فانهم سينقضون على النظام وينهونه بساعات . ..ولم ينطق مورفي بكلمة واحدة كما لم يكرر الموضوع طيلة لقاءاتنا الاخرى ..صحيح ان الامريكيين اختبروا هذا الخيار ووجدوا فيه نجاح كبير الا انهم لم يستمروا في الاعتماد عليه وهذا ما يقودني الى الاستنتاج التالي وهو ان الادارات الامريكية لا تريد تقويض نظام الملالي لانه يخدمها بشكل كبير فهو الفزاعة التي تدفع دول الخليج العربي لفتح خزاناتها بالعملات الصعبة واحتياطياتها النفطية لشراء الأسلحة ولا استرضاء الولايات المتحدة الأمريكية والقبول بعنجهياتها الفارغة وبسبب هذا التوافق الامريكي مع نظام الملالي في ايران اصبحت الاجواء مهيئة لتحويل العلاقات بين بعض الاطراف العربية والكيان الصهيوني من السرية المحفوفة بالمخاطر الى التجرؤ لوضعها في العلن... وهذا ما ظهر واضحا في مجريات مؤتمر وارسو ولذلك لا اتوقع ان تذهب سياسات ترامب الى مديات المواجهه العسكرية مع النظام الايراني والموضوع لن يخرج عن محاولات لاعادة ترتيب الاوراق الامريكية في المنطقة واعادة انتاج المواقف سيما بعد ترتيب التوافقات بين الامريكان والروس في سوريا وتقسيم النفوذ بينهما في المنطقة مع الاخذ بعين الاعتبار مصالح الكيان الصهيوني باعتبارة المستفيد الاكبر من كل ما جرى ويجري في المنطقة والمتضرر الاكبر هم العرب وفي مقدمتهم الفلسطنيين ..اذن القضية لاتخرج عن اطار المواجهات الدعائية وشد الحبل بين الادارة الامريكية وبين نظام الملالي.
عمان جو - أ.د عبد الرزاق الدليمي
أستاذ الدعاية الإعلامية /كلية الإعلام جامعة البترا الأردنية
اخيرا وليس اخرا انتهى المؤتمر الموعود في مدينة وارسو عاصمة بولندا بمشاركة اكثر من 70 دولة من مختلف انحاء العالم ومن بينها عدد من الدول العربية الساعية الى لجم الثور الايراني الذي عاث في المنطقة ولايزال صراعات وحروب مفتعلة وقودها ابناء جلدة واحدة هم العرب الذين افترقوا تحت يافطات الطائفية والعرقية والمناطقية وتحاربوا وضحوا ولم يكن من بين ما تقاتلوا من اجله اي هدف يخدمهم سوى انهم اغتروا بشعارات طائفية جوفاء واهية رفعتها جهات هي ابعد ما تكون عن الاسلام وجوهره وتعاليمه وكان وقودها وفتيلها المشتعل هم الجهلة الذين غيبتهم روح الثأر من اعداء وخصوم لا وجود لهم الا في شعارات الحقد الفارسي على العرب المسلمين الذين قوضوا حضارتهم لتعود للعرب حضاراتهم التي جمعتها واحتضنتها بلاد الشام والعراق.
نعم انتهى المؤتمر واعلنت بعض قرارته القابلة للبوح وحجبت الاخرى وهي عادة ما تكون الاكثر اهمية ويبدو ان فحوى ما تم اعلانه يتعلق جله بتحجيم نشاطات النظام الايراني وتعويق جهوده للحصول على التكنلوجيا المتطورة التي يريد توظيفها عسكريا ضد دول المنطقة وتحديدا الاطراف العربية منها لاننا على قناعة تامة ان النظام الايراني لم يضع في اي من خططه المساس بالكيان الصهيوني (اللهم الا باللغو الدعائي الاجوف) وهذا امر يعلمه الامريكان و الصهاينة قبل غيرهم!!!!.
وهنا لابد من طرح سؤال بسيط ولكنه مهم جدا وهو من هي الجهه التي فتحت الابواب مشرعة لتمدد النظام الايراني في العراق وسوريا واليمن وباقي المناطق التي اصبحت مسرح للصراعات والحروب في اسيا وافريقيا وغيرهما؟ والجواب لا يحتاج عبقرية او ذكاء خارق.... انها الادارات الامريكية جمهورية كانت ام ديمقراطية...ولماذا فعلت ذلك ؟والجواب ان مصالحها تستوجب ذلك.
ولكي نفسر ونعلل الجواب لابد من التذكير ان الولايات المتحدة الامريكية دولة مؤسسات محكومة بكارتل كبير وعملاق من الشركات الامبراطورية ومصلحة هذه الشركات هي المحرك الاول لكل الادارات بل ان هذه الشركات هي التي تقرر مسبقا من يكون الحاكم القادم في البيت الابيض وهل سيمدد له لولاية اخرى ام انه فشل في تنفيذ ما طلب منه او ما وعد بتنفيذه خدمة لمصالح هذه الشركات بما فيها تدخلات الولايات المتحدة في هذا الجزء او ذاك من العالم وشن الحروب والتخطيط للانقلابات هنا او هناك ورئيس امريكا في حقيقة الامر ما هو سوى موظف لدى هذه الشركات يلتزم امامها بتنفيذ اجندات محددة سلفا وان حاول ان يجتهد فانه يجتهد في حدود التنفيذ بطريقة افضل ليس الا!
اتذكر جيدا اني كتبت مقال في بداية عام 2008 حيث كان التشابك الدعائي والحملات بين المرشحين للرئاسة الامريكيه على اشده ووضعت عنوانا مثيرا للمقال (الرئيس القادم للبيت الابيض اسود ليبيض وجه امريكا الاسود) لانني كنت مقتنع ان اوباما هو الخيار الاوفر حظا لمصلحة الشركات العملاقة وربما العنوان وما تضمنه المقال من رؤية مختلفة عن اغلب ما كان مطروحا جعل الكثيرين يعتقدون انني اغرد في عالم اخر.....وكانت قناة الجزيرة قد تعودت ان تستضيف المرحوم محمد حسنين هيكل في الليلة التي تسبق اعلان النتائج الانتخابية ويحاوره المذيع محمد كريشان وكان السؤال المهم الموجه لهيكل هل يمكن ان يفوز اوباما الاسود ؟ فاجاب بالنص من السابق لاوانه ان يعين رئيسا اسود للولايات المتحدة الامريكية لان الظروف لم تنضج بعد لتقبل هكذا حدث!!
والحقبقة الاولى اني توقعت فوز اوباما بناء على تصور علمي وبحكم اختصاصي الدعائي فقد لاحظت في السنوات التي رافقت ادارة بوش الابن لمدة ثمان سنوات قيام مؤسسة هوليوود الدعائية الخطيرة جدا بانتاج عدد من الافلام والمسلسلات المهمة ومنها حتى الكرتونية وبمشاركة اهم نجومها من الخط الاول تتناول فيه احداث تظهر ان الرئيس الامريكي اسود ومعروف ان ما تنتجه شركات هوليوود غير بعيد عن ما تخطط له مصادر صناعة القرار في امريكا.
اما الحقيقة الثانية فكان مصدرها مشاركتي في احد المؤتمرات عام 2006 في استنبول التي عقدتها احدى اهم مؤسسات تقديم المشورة للبيت الابيض ومن ابرز مفكري هذه المؤسسة هما (هال ساندرس وريتشارد مورفي) وهما الساعدان الايمن والايسر لثعلب السياسة الامريكية هنري كيسنجر وهما من وضع الخطوط العريضة لاتفاقية كامب ديفيد...حضرت المؤتمر ولم يكن في ذهني تصور عن المشاركين لان الصورة التي لازمتني اني دعيت كوني أكاديمي وعالم عراقي عربي ولم يكن وارد في ذهني اني ارى اغلب وجوه العملية السياسية التي فرضها الاحتلال على العراق ...في بداية المؤتمر وكما هو السياق يقدم ريتشارد موفي عرض واف عن طبيعة السياسة الامريكية للمرحلة القادمة وكانت نتائج الانتخابات النصفية لمجلس النواب حينها تشير الى تقدم واضح للديمقرطيين على حساب الجمهوريين وهو امر طبيعي نتيجة الصورة السوداء التي طبعت بها ادارة بوش الابن واحتلال كل من العراق وافغانستان وما تبعهما من تداعيات عالمية خطيرة (فقناعاتي الشخصية ان الديمقراطيين عادة يطفئون النيران التي يوقدوها الجمهوريون في السياسات الخارجية ) وهذا ما كان واضحا فيما حاول توضيحه مورفي في عرضه اما المؤتمر...ولاني اعلم جيدا ان المشاركين من حملة لواء الاحتلال واتباعه سيبدؤون كما دربوهم كلامهم بتحميل النظام الوطني قبل الاحتلال بتبعية كل الجرائم التي ارتكبت والتي لم ترتكب في العالم ولهذا طلبت من ادارة الجلسات ان تمنحني الفرصة للحديث في الجلسة الثانية حيث ينتهي مفعول الحماسة الفارغة والادعاءات الكاذبة لعملاء الاحتلالين الامريكي والايراني فقدمت تصور واضح لما حدث ويحدث في العراق مدعوما بارقام واحصائيات ووثائق (على مدى 45 دقيقة) ثم ختمت مداخلتي بقولي الى متى ستبقى الادارات الامريكية تخبئ راسها مثل النعامة في القش ولا ترى ماذا يحدث في العراق والمنطقة ...الخ وعندما انتهيت لم يفتح اي من العملاء فمه بكلمة واحدة الا ان الجميع فوجئ بطلب ريتشارد مورفي للحديث وهذه المرة الاولى التي يفعلها واذا به يعقب على ملاحظاتي وتحديدا ما يتعلق بانتقادي اللاذع للادارة الامريكية وقال المرحلة القادمة ستشهد تغير في السياسة الامريكية ولن تبقى الادارة تخبئ راسها في كومة القش!!
وتأسيسا على هذا جائني في اليوم التالي شخص اسمه فريد وتبين انه مسؤول الحزب الاسلامي في بريطانيا ومعه د اسامه التكريتي الذي اصبح لاحقا المسؤول الاول عن الحزب الاسلامي ليبلغاني بان ريتشارد مورفي يريد ان يستشيرني بموضوع مهم ولم امانع وفعلا بعد لحظات جاء مورفي (وهو يجيد اللغة العربية واظنه تعلمها فترة وجوده سفير لبلاده في دمشق لمدة ثمان سنوات ولكنه لا يتكلمها الا نادرا) وقال لي (انتم) تعرفون جيدا طبيعة المنطقة وخصوصياتها ولدي سؤال احتاج منك ان تجيبني عليه بدقة فهل لديك مانع او مشكله في ذلك فقلت له لامانع لدي اذا كان الامر في حدود علمي ومعرفتي فقال بشكل مباشر(هل تنصحنا باستخدام القوة العسكرية ضد النظام في ايران؟) فقلت ليس من الفائدة استخدام القوة العسكرية ضد النظام الايراني لان ذلك سيقوي النظام ويجعل الناس يلتفون حوله حتى وان كانوا لايطيقونه ..فسالني ماهو البديل؟ فقلت له هناك دولتان في العالم من السهولة تفتيتهما فقال من هما فسكت ثم اجبته انهما ايران والولايات المتحدة الامريكية فانذهل وبعد لحظات استغراب ودهشة قلت دعنا نتحدث عن ايران فهذه دولة مصطنعة اسهم في قيامها خبث الانكليز لانها تتكون من ست مناطق سكانية عرقية جغرافية دينية طائفية لا علاقة تربط بين منطقة واخرى الا بطش النظام الطائفي العرقي الفارسي ولذا انصحكم ان تستفيدوا من خبرات حليفتكم بريطانيا في سياسات التفريق والتمزيق فبمجرد ان تتاح للشعوب الاذرية والتركمانية والعربية والبلوشية والاكراد فرصة للتحرك فانهم سينقضون على النظام وينهونه بساعات . ..ولم ينطق مورفي بكلمة واحدة كما لم يكرر الموضوع طيلة لقاءاتنا الاخرى ..صحيح ان الامريكيين اختبروا هذا الخيار ووجدوا فيه نجاح كبير الا انهم لم يستمروا في الاعتماد عليه وهذا ما يقودني الى الاستنتاج التالي وهو ان الادارات الامريكية لا تريد تقويض نظام الملالي لانه يخدمها بشكل كبير فهو الفزاعة التي تدفع دول الخليج العربي لفتح خزاناتها بالعملات الصعبة واحتياطياتها النفطية لشراء الأسلحة ولا استرضاء الولايات المتحدة الأمريكية والقبول بعنجهياتها الفارغة وبسبب هذا التوافق الامريكي مع نظام الملالي في ايران اصبحت الاجواء مهيئة لتحويل العلاقات بين بعض الاطراف العربية والكيان الصهيوني من السرية المحفوفة بالمخاطر الى التجرؤ لوضعها في العلن... وهذا ما ظهر واضحا في مجريات مؤتمر وارسو ولذلك لا اتوقع ان تذهب سياسات ترامب الى مديات المواجهه العسكرية مع النظام الايراني والموضوع لن يخرج عن محاولات لاعادة ترتيب الاوراق الامريكية في المنطقة واعادة انتاج المواقف سيما بعد ترتيب التوافقات بين الامريكان والروس في سوريا وتقسيم النفوذ بينهما في المنطقة مع الاخذ بعين الاعتبار مصالح الكيان الصهيوني باعتبارة المستفيد الاكبر من كل ما جرى ويجري في المنطقة والمتضرر الاكبر هم العرب وفي مقدمتهم الفلسطنيين ..اذن القضية لاتخرج عن اطار المواجهات الدعائية وشد الحبل بين الادارة الامريكية وبين نظام الملالي.
التعليقات