من عاصمة الفسيفساء العالمية (مادبا)، حيث أقدم خارطة فسيفسائية في العالم ، و400 لوحة فسيفسائية موزعة على الكنائس، ومعهد الفسيفساء الوحيد المعتمد من منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) لتوثيق المواقع الفسيفسائية والبيزنطية في العالم، يُقبل السائحون من أنحاء العالم للاستمتاع بجمالية الفسيفساء النادرة، بحسب عميد معهد مادبا لفن الفسيفساء والترميم الدكتور أحمد العمايرة. شغف السائح الفرنسي جيل كمبيز لاكتشاف جماليات الفسيفساء، دفعه لزيارة العديد من دول العالم ليعلن أن أجملها في الأردن 'فهي أسطورة فنية يشتم منها عبق الماضي البعيد وتتميز بلمسة ساحرة للعين والخيال قل نظيرها في العالم بأسره' وهو ما يدفعه لشراء لوحات تذكارية منها للأصدقاء والأقارب فهي – كما يقول - خير هدية يحظون بها من عاصمة الفسيفساء في العالم. ويرتفع عدد الزائرين لمدينة مادبا إلى أكثر من 300 ألف سائح في النصف الأول من العام الحالي مقارنة بربع مليون في الفترة نفسها من العام الماضي بحسب وزارة السياحة والآثار. وتنفرد الفسيفساء الأردنية بتأريخها للعديد من الشواهد الاقتصادية والاجتماعية والطبيعية والحضارية وعلى رأسها الدينية، فهي ارشيف تاريخي عابر للعصور، وفقا لأستاذ السياحة والفندقة في الجامعة الأردنية الدكتور ابراهيم بظاظو. ويوثّق كتاب صيانة وحماية الفسيفساء للدكتور بظاظو والدكتور العمايرة وأمجد عوض، تاريخ الفسيفساء في الأردن، فمعظمها يعود إلى الفترة بين القرنين الأول والثامن بعد الميلاد، وتم استخدامها في كثير من المباني لزخرفة الجدران والأرضيات والأسقف، وتم تضمينها ثقافات أسطورية وأخرى عن الحصاد والصيد السمك آنذاك. تحديات الفسيفساءوبالرغم من غنى الأردن بالفسيفساء الأثري، باعتبارها كنزاً وهوية وطنية وإرثاً إنسانياً عالمياً، إلا أن 75 بالمئة منها ما زال مدفونا في العديد من مناطق المملكة، بسبب قلة الوعي بأهميتها، وعدم وجود تنقيبات اثرية، أو مسوحات تستند إلى تقنية الاستشعار عن بعد ونظم المعلومات الجغرافية، بحسب الدكتور بظاظو. ويضيف بظاظو ان الفسيفساء الأردني يتعرض للضياع نتيجة عوامل طبيعية مثل الانجراف والفيضانات، أو عوامل بشرية تتمثل في تدميرها من قبل المهووسين بالبحث عن الدفائن البشرية، إضافة إلى عدم ندرة الكفاءات المتخصصة بترميمها والذين 'لا يتجاوز عددهم ستة يتوزعون على مناطق الشمال والعاصمة ومادبا، وهو عدد غير كافٍ' بحسب خبير فن الفسيفساء وترميمه، وأستاذ معهد الفسيفساء شاهين الشواهين. ويبين الشواهين أن ابرز التحديات التي تواجه صيانة وترميم الفسيفساء كلفتها المرتفعة وحاجتها إلى جهد أكبر، مشيرا الى جهل بعض المواطنين بقيمة تلك الاثار وأهميتها من الناحية السياحية لما لها من مردود مادي. وتحظر المادة التاسعة من قانون الآثار رقم 23 لسنة 2004 إتلاف الآثار أو تخريبها أو تشويهها أو إلحاق أي ضرر بها، بما في ذلك تغيير معالمها أو فصل أي جزء منها أو تحويلها أو الصاق الاعلانات أو اللافتات عليها. بيد أن تعزيز الثقافة المجتمعية أولى من تفعيل القوانين بحسب الدكتور بظاظو، في وقت كثر فيه الاهتمام الدولي بالمناطق الفسيفسائية وإدارتها بصورة علمية وترميمها وصيانتها وحمايتها في الآونة الأخيرة، بسبب عدة عوامل تهدد هذا الإرث الإنساني الحضاري، مشيرا الى ان المواثيق الدولية لحماية الآثار كميثاق أثينا 1931 وميثاق البندقية 1964 وميثاق بورا 1981وميثاق فلورنسا 1982، أوصت جميعها بذلك ، إضافة إلى توصيات منظمة اليونسكو لحماية المواقع الأثرية والتراثية من الأنشطة البشرية . توثيق الفسيفساء ويؤكد الدكتور بظاظو أهمية استخدام الوسائل التقنية كالاستشعار عن بعد، ونظم المعلومات الجغرافية في عملية توثيق الفسيفساء باعتبارهما موفرين للوقت والجهد والمال وأكثر دقة من الخرائط الورقية البدوية، وتسمح برصد مؤشرات التلوث والتدهور في مناطق انتشار الفسيفساء كافة. وبحسب الشواهين فإن التوثيق يقتصر حاليا على استخدام (الكاميرا الفوتوغرافية) والرسم على البلاستيك بأقلام خاصة، مع إعطاء رمز لكل لون، مشيرا الى بعض المشاكل الموجودة على الفسيفساء كتفكك حجارتها أو تآكلها أو نمو الأعشاب أو الطحالب بينها ووجود فراغات بينها، في حين يدعو بظاظو إلى إعداد أطلس فسيفسائي لكافة أرضيات وجداريات الفسيفساء في الأردن بشكل ورقي والكتروني للمحافظة عليها وإمتها للأجيال القادمة، ووضع الفسيفساء على خارطة السياحة العالمية كمنتج سياحي يستحق إبرازه على المستوى الدولي. وللحفاظ على هذا الموروث العالمي، يؤكد أهمية بناء قاعدة بيانات وطنية لتوثيق كل الأرضيات والجداريات في كافة المواقع الأردنية، وإعادة تأهيل وترميم هذا الموروث الإنساني من خلال توفير الكفاءات القادرة على التعامل مع هذا الإرث، وتأهيل الموارد البشرية. جودة الفسيفساء وأحجارهولأن الفسيفساء علم وفن وحرفة ، يسعى معهد فن الفسيفساء في مأدبا لرفد هذا الموروث بأصحاب الكفاءات المؤهلة في انتاج القطع الفسيفسائية، إذ يتم التدريب والتعليم على الطرق البيزنطية القديمة، التي تتجلى بالشبه الواضح بين قطع الفسيفساء البيزنطية والفسيفساء الأردنية، بحسب الشواهين. وتختلف المدة الزمنية المستغرقة لإنتاج الفسيفساء بحسب الحجم والشكل، فلوحة شجرة مأدبا بقياس 20 سم طولا وعرضا، قد تستغرق وقتا أطول من الإعداد والصب والتجفيف يصل الى نحو أسبوع. خريجات وصانعات الفسيفساءخريجة المعهد هبة الحلايبة تعمل حالياً على مشاريع الدمج في المعهد، وتتمرن بين الفن الحديث بإدخال الفسيفساء في الرسم، وتنصح السيدات بممارسة المهنة لمدخولها الجيد، وتشاطرها الرأي الخريجة سماح سليمان البلاونة بأن الفسيفساء مصدر دخل جيد، مشيرة الى ان 'عشقها الفسيفسائي جعلها تسبر أعماقه وتفكك رموزه ودلالاته، فكل واحدة منها تشكل قصة فريدة من نوعها'. وفي متجر خاص ينصح صانع الفسيفساء مايكل مكرم الله، الذي يعمل في هذا المجال منذ 11 عاماً، بالتأكد من جودة اللوحة الفسيفسائية قبل الشراء، كأن لا تكون مائلة، وان لا تكون هناك فراغات كبيرة بين القطع، وأن تكون المنحنيات والزوايا في اللوحة متناسقة، عدا عن التأكد من متانة اللوحة وصلابة إطارها، مبيناً أنه كلما كانت الأحجار الفسيفسائية في اللوحة صغيرة ومتراصة بدقة كانت أجمل وأجود وأغلى سعراً. وتنتشر الفسيفساء الأردنية على طول حفرة الانهدام التي استقر بجانبها أعرق الحضارات العالمية، وتجسد كافة الملامح العامة على هذه الأرضيات والجداريات الفسيفسائية من أم قيس شمالاً، ورحابة في المفرق، والأرضيات الفسيفسائية في تلماريات، أحد مواقع الحج المسيحي العالمي المعترف به عالمياً، مروراً بالمغطس معمودية السيد المسيح، ثم إلى مادبا مدينة الفسيفساء العالمية حيث كنيسة الخارطة الفسيفسائية إحدى أهم مواقع الفسيفساء، في الأردن والعالم ، والتي اعتمدتها الأمم المتحدة كأحد الوثائق التاريخية الأثرية في التعرف على الحضارات البشرية. فيما تم إدراج أم الرصاص كأحد أهم المواقع العالمية السياحية لانفرادها بالأرضيات الفسيفسائية التي تمتاز بالإبداع والتكامل. وتتميز الاحجار في منطقة (ضبعة) جنوب الاردن باللون البني والأخضر الفيروزي، أما منطقة الشمال فالأحجار لونها أبيض كلسي وهو أفضلها ويتواجد في عجلون، وفي اربد يميل لونها الى الزهري ، ودير علا يتمازج اللونان الابيض المائل للصفرة والأصفر الكموني . ونظرا لوجود الأحجار الغنية في الاردن فإن تكلفة المواد الخام قليلة، وتتفاوت أسعارها بحسب السماكة من دينارين ونصف الى ثلاثة دنانير للكيلو، ويتم شراء الاحجار من المحاجر وإعادة تصنيعها، بحسب الشواهين، الذي يشير الى أنه يتم العمل على الفسيفساء وفقاً لنسختين: الأثرية وننتج نسخة بنفس جودة القديمة بحجم أصغر أو بنفس الحجم، والحديثة تركز على الصور والكلمات المكتوبة على اللوحة الفسيفسائية. وبين الشواهين أنه يتم العمل على طريقتين في إنتاج الفسيفساء، الاولى يكون العمل مباشراً على الجدران وهو الأقل استخداماً، لأنه بحاجة إلى مهارة وخبرة أعلى، فيما الطريقة الثانية غير مباشرة ، وهي الشائعة لأنها الأسهل وهي الطريقة التي نعمل بها، والمنتشرة في السوق حالياً.
عمان جو -
من عاصمة الفسيفساء العالمية (مادبا)، حيث أقدم خارطة فسيفسائية في العالم ، و400 لوحة فسيفسائية موزعة على الكنائس، ومعهد الفسيفساء الوحيد المعتمد من منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) لتوثيق المواقع الفسيفسائية والبيزنطية في العالم، يُقبل السائحون من أنحاء العالم للاستمتاع بجمالية الفسيفساء النادرة، بحسب عميد معهد مادبا لفن الفسيفساء والترميم الدكتور أحمد العمايرة. شغف السائح الفرنسي جيل كمبيز لاكتشاف جماليات الفسيفساء، دفعه لزيارة العديد من دول العالم ليعلن أن أجملها في الأردن 'فهي أسطورة فنية يشتم منها عبق الماضي البعيد وتتميز بلمسة ساحرة للعين والخيال قل نظيرها في العالم بأسره' وهو ما يدفعه لشراء لوحات تذكارية منها للأصدقاء والأقارب فهي – كما يقول - خير هدية يحظون بها من عاصمة الفسيفساء في العالم. ويرتفع عدد الزائرين لمدينة مادبا إلى أكثر من 300 ألف سائح في النصف الأول من العام الحالي مقارنة بربع مليون في الفترة نفسها من العام الماضي بحسب وزارة السياحة والآثار. وتنفرد الفسيفساء الأردنية بتأريخها للعديد من الشواهد الاقتصادية والاجتماعية والطبيعية والحضارية وعلى رأسها الدينية، فهي ارشيف تاريخي عابر للعصور، وفقا لأستاذ السياحة والفندقة في الجامعة الأردنية الدكتور ابراهيم بظاظو. ويوثّق كتاب صيانة وحماية الفسيفساء للدكتور بظاظو والدكتور العمايرة وأمجد عوض، تاريخ الفسيفساء في الأردن، فمعظمها يعود إلى الفترة بين القرنين الأول والثامن بعد الميلاد، وتم استخدامها في كثير من المباني لزخرفة الجدران والأرضيات والأسقف، وتم تضمينها ثقافات أسطورية وأخرى عن الحصاد والصيد السمك آنذاك. تحديات الفسيفساءوبالرغم من غنى الأردن بالفسيفساء الأثري، باعتبارها كنزاً وهوية وطنية وإرثاً إنسانياً عالمياً، إلا أن 75 بالمئة منها ما زال مدفونا في العديد من مناطق المملكة، بسبب قلة الوعي بأهميتها، وعدم وجود تنقيبات اثرية، أو مسوحات تستند إلى تقنية الاستشعار عن بعد ونظم المعلومات الجغرافية، بحسب الدكتور بظاظو. ويضيف بظاظو ان الفسيفساء الأردني يتعرض للضياع نتيجة عوامل طبيعية مثل الانجراف والفيضانات، أو عوامل بشرية تتمثل في تدميرها من قبل المهووسين بالبحث عن الدفائن البشرية، إضافة إلى عدم ندرة الكفاءات المتخصصة بترميمها والذين 'لا يتجاوز عددهم ستة يتوزعون على مناطق الشمال والعاصمة ومادبا، وهو عدد غير كافٍ' بحسب خبير فن الفسيفساء وترميمه، وأستاذ معهد الفسيفساء شاهين الشواهين. ويبين الشواهين أن ابرز التحديات التي تواجه صيانة وترميم الفسيفساء كلفتها المرتفعة وحاجتها إلى جهد أكبر، مشيرا الى جهل بعض المواطنين بقيمة تلك الاثار وأهميتها من الناحية السياحية لما لها من مردود مادي. وتحظر المادة التاسعة من قانون الآثار رقم 23 لسنة 2004 إتلاف الآثار أو تخريبها أو تشويهها أو إلحاق أي ضرر بها، بما في ذلك تغيير معالمها أو فصل أي جزء منها أو تحويلها أو الصاق الاعلانات أو اللافتات عليها. بيد أن تعزيز الثقافة المجتمعية أولى من تفعيل القوانين بحسب الدكتور بظاظو، في وقت كثر فيه الاهتمام الدولي بالمناطق الفسيفسائية وإدارتها بصورة علمية وترميمها وصيانتها وحمايتها في الآونة الأخيرة، بسبب عدة عوامل تهدد هذا الإرث الإنساني الحضاري، مشيرا الى ان المواثيق الدولية لحماية الآثار كميثاق أثينا 1931 وميثاق البندقية 1964 وميثاق بورا 1981وميثاق فلورنسا 1982، أوصت جميعها بذلك ، إضافة إلى توصيات منظمة اليونسكو لحماية المواقع الأثرية والتراثية من الأنشطة البشرية . توثيق الفسيفساء ويؤكد الدكتور بظاظو أهمية استخدام الوسائل التقنية كالاستشعار عن بعد، ونظم المعلومات الجغرافية في عملية توثيق الفسيفساء باعتبارهما موفرين للوقت والجهد والمال وأكثر دقة من الخرائط الورقية البدوية، وتسمح برصد مؤشرات التلوث والتدهور في مناطق انتشار الفسيفساء كافة. وبحسب الشواهين فإن التوثيق يقتصر حاليا على استخدام (الكاميرا الفوتوغرافية) والرسم على البلاستيك بأقلام خاصة، مع إعطاء رمز لكل لون، مشيرا الى بعض المشاكل الموجودة على الفسيفساء كتفكك حجارتها أو تآكلها أو نمو الأعشاب أو الطحالب بينها ووجود فراغات بينها، في حين يدعو بظاظو إلى إعداد أطلس فسيفسائي لكافة أرضيات وجداريات الفسيفساء في الأردن بشكل ورقي والكتروني للمحافظة عليها وإمتها للأجيال القادمة، ووضع الفسيفساء على خارطة السياحة العالمية كمنتج سياحي يستحق إبرازه على المستوى الدولي. وللحفاظ على هذا الموروث العالمي، يؤكد أهمية بناء قاعدة بيانات وطنية لتوثيق كل الأرضيات والجداريات في كافة المواقع الأردنية، وإعادة تأهيل وترميم هذا الموروث الإنساني من خلال توفير الكفاءات القادرة على التعامل مع هذا الإرث، وتأهيل الموارد البشرية. جودة الفسيفساء وأحجارهولأن الفسيفساء علم وفن وحرفة ، يسعى معهد فن الفسيفساء في مأدبا لرفد هذا الموروث بأصحاب الكفاءات المؤهلة في انتاج القطع الفسيفسائية، إذ يتم التدريب والتعليم على الطرق البيزنطية القديمة، التي تتجلى بالشبه الواضح بين قطع الفسيفساء البيزنطية والفسيفساء الأردنية، بحسب الشواهين. وتختلف المدة الزمنية المستغرقة لإنتاج الفسيفساء بحسب الحجم والشكل، فلوحة شجرة مأدبا بقياس 20 سم طولا وعرضا، قد تستغرق وقتا أطول من الإعداد والصب والتجفيف يصل الى نحو أسبوع. خريجات وصانعات الفسيفساءخريجة المعهد هبة الحلايبة تعمل حالياً على مشاريع الدمج في المعهد، وتتمرن بين الفن الحديث بإدخال الفسيفساء في الرسم، وتنصح السيدات بممارسة المهنة لمدخولها الجيد، وتشاطرها الرأي الخريجة سماح سليمان البلاونة بأن الفسيفساء مصدر دخل جيد، مشيرة الى ان 'عشقها الفسيفسائي جعلها تسبر أعماقه وتفكك رموزه ودلالاته، فكل واحدة منها تشكل قصة فريدة من نوعها'. وفي متجر خاص ينصح صانع الفسيفساء مايكل مكرم الله، الذي يعمل في هذا المجال منذ 11 عاماً، بالتأكد من جودة اللوحة الفسيفسائية قبل الشراء، كأن لا تكون مائلة، وان لا تكون هناك فراغات كبيرة بين القطع، وأن تكون المنحنيات والزوايا في اللوحة متناسقة، عدا عن التأكد من متانة اللوحة وصلابة إطارها، مبيناً أنه كلما كانت الأحجار الفسيفسائية في اللوحة صغيرة ومتراصة بدقة كانت أجمل وأجود وأغلى سعراً. وتنتشر الفسيفساء الأردنية على طول حفرة الانهدام التي استقر بجانبها أعرق الحضارات العالمية، وتجسد كافة الملامح العامة على هذه الأرضيات والجداريات الفسيفسائية من أم قيس شمالاً، ورحابة في المفرق، والأرضيات الفسيفسائية في تلماريات، أحد مواقع الحج المسيحي العالمي المعترف به عالمياً، مروراً بالمغطس معمودية السيد المسيح، ثم إلى مادبا مدينة الفسيفساء العالمية حيث كنيسة الخارطة الفسيفسائية إحدى أهم مواقع الفسيفساء، في الأردن والعالم ، والتي اعتمدتها الأمم المتحدة كأحد الوثائق التاريخية الأثرية في التعرف على الحضارات البشرية. فيما تم إدراج أم الرصاص كأحد أهم المواقع العالمية السياحية لانفرادها بالأرضيات الفسيفسائية التي تمتاز بالإبداع والتكامل. وتتميز الاحجار في منطقة (ضبعة) جنوب الاردن باللون البني والأخضر الفيروزي، أما منطقة الشمال فالأحجار لونها أبيض كلسي وهو أفضلها ويتواجد في عجلون، وفي اربد يميل لونها الى الزهري ، ودير علا يتمازج اللونان الابيض المائل للصفرة والأصفر الكموني . ونظرا لوجود الأحجار الغنية في الاردن فإن تكلفة المواد الخام قليلة، وتتفاوت أسعارها بحسب السماكة من دينارين ونصف الى ثلاثة دنانير للكيلو، ويتم شراء الاحجار من المحاجر وإعادة تصنيعها، بحسب الشواهين، الذي يشير الى أنه يتم العمل على الفسيفساء وفقاً لنسختين: الأثرية وننتج نسخة بنفس جودة القديمة بحجم أصغر أو بنفس الحجم، والحديثة تركز على الصور والكلمات المكتوبة على اللوحة الفسيفسائية. وبين الشواهين أنه يتم العمل على طريقتين في إنتاج الفسيفساء، الاولى يكون العمل مباشراً على الجدران وهو الأقل استخداماً، لأنه بحاجة إلى مهارة وخبرة أعلى، فيما الطريقة الثانية غير مباشرة ، وهي الشائعة لأنها الأسهل وهي الطريقة التي نعمل بها، والمنتشرة في السوق حالياً.
عمان جو -
من عاصمة الفسيفساء العالمية (مادبا)، حيث أقدم خارطة فسيفسائية في العالم ، و400 لوحة فسيفسائية موزعة على الكنائس، ومعهد الفسيفساء الوحيد المعتمد من منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم (اليونسكو) لتوثيق المواقع الفسيفسائية والبيزنطية في العالم، يُقبل السائحون من أنحاء العالم للاستمتاع بجمالية الفسيفساء النادرة، بحسب عميد معهد مادبا لفن الفسيفساء والترميم الدكتور أحمد العمايرة. شغف السائح الفرنسي جيل كمبيز لاكتشاف جماليات الفسيفساء، دفعه لزيارة العديد من دول العالم ليعلن أن أجملها في الأردن 'فهي أسطورة فنية يشتم منها عبق الماضي البعيد وتتميز بلمسة ساحرة للعين والخيال قل نظيرها في العالم بأسره' وهو ما يدفعه لشراء لوحات تذكارية منها للأصدقاء والأقارب فهي – كما يقول - خير هدية يحظون بها من عاصمة الفسيفساء في العالم. ويرتفع عدد الزائرين لمدينة مادبا إلى أكثر من 300 ألف سائح في النصف الأول من العام الحالي مقارنة بربع مليون في الفترة نفسها من العام الماضي بحسب وزارة السياحة والآثار. وتنفرد الفسيفساء الأردنية بتأريخها للعديد من الشواهد الاقتصادية والاجتماعية والطبيعية والحضارية وعلى رأسها الدينية، فهي ارشيف تاريخي عابر للعصور، وفقا لأستاذ السياحة والفندقة في الجامعة الأردنية الدكتور ابراهيم بظاظو. ويوثّق كتاب صيانة وحماية الفسيفساء للدكتور بظاظو والدكتور العمايرة وأمجد عوض، تاريخ الفسيفساء في الأردن، فمعظمها يعود إلى الفترة بين القرنين الأول والثامن بعد الميلاد، وتم استخدامها في كثير من المباني لزخرفة الجدران والأرضيات والأسقف، وتم تضمينها ثقافات أسطورية وأخرى عن الحصاد والصيد السمك آنذاك. تحديات الفسيفساءوبالرغم من غنى الأردن بالفسيفساء الأثري، باعتبارها كنزاً وهوية وطنية وإرثاً إنسانياً عالمياً، إلا أن 75 بالمئة منها ما زال مدفونا في العديد من مناطق المملكة، بسبب قلة الوعي بأهميتها، وعدم وجود تنقيبات اثرية، أو مسوحات تستند إلى تقنية الاستشعار عن بعد ونظم المعلومات الجغرافية، بحسب الدكتور بظاظو. ويضيف بظاظو ان الفسيفساء الأردني يتعرض للضياع نتيجة عوامل طبيعية مثل الانجراف والفيضانات، أو عوامل بشرية تتمثل في تدميرها من قبل المهووسين بالبحث عن الدفائن البشرية، إضافة إلى عدم ندرة الكفاءات المتخصصة بترميمها والذين 'لا يتجاوز عددهم ستة يتوزعون على مناطق الشمال والعاصمة ومادبا، وهو عدد غير كافٍ' بحسب خبير فن الفسيفساء وترميمه، وأستاذ معهد الفسيفساء شاهين الشواهين. ويبين الشواهين أن ابرز التحديات التي تواجه صيانة وترميم الفسيفساء كلفتها المرتفعة وحاجتها إلى جهد أكبر، مشيرا الى جهل بعض المواطنين بقيمة تلك الاثار وأهميتها من الناحية السياحية لما لها من مردود مادي. وتحظر المادة التاسعة من قانون الآثار رقم 23 لسنة 2004 إتلاف الآثار أو تخريبها أو تشويهها أو إلحاق أي ضرر بها، بما في ذلك تغيير معالمها أو فصل أي جزء منها أو تحويلها أو الصاق الاعلانات أو اللافتات عليها. بيد أن تعزيز الثقافة المجتمعية أولى من تفعيل القوانين بحسب الدكتور بظاظو، في وقت كثر فيه الاهتمام الدولي بالمناطق الفسيفسائية وإدارتها بصورة علمية وترميمها وصيانتها وحمايتها في الآونة الأخيرة، بسبب عدة عوامل تهدد هذا الإرث الإنساني الحضاري، مشيرا الى ان المواثيق الدولية لحماية الآثار كميثاق أثينا 1931 وميثاق البندقية 1964 وميثاق بورا 1981وميثاق فلورنسا 1982، أوصت جميعها بذلك ، إضافة إلى توصيات منظمة اليونسكو لحماية المواقع الأثرية والتراثية من الأنشطة البشرية . توثيق الفسيفساء ويؤكد الدكتور بظاظو أهمية استخدام الوسائل التقنية كالاستشعار عن بعد، ونظم المعلومات الجغرافية في عملية توثيق الفسيفساء باعتبارهما موفرين للوقت والجهد والمال وأكثر دقة من الخرائط الورقية البدوية، وتسمح برصد مؤشرات التلوث والتدهور في مناطق انتشار الفسيفساء كافة. وبحسب الشواهين فإن التوثيق يقتصر حاليا على استخدام (الكاميرا الفوتوغرافية) والرسم على البلاستيك بأقلام خاصة، مع إعطاء رمز لكل لون، مشيرا الى بعض المشاكل الموجودة على الفسيفساء كتفكك حجارتها أو تآكلها أو نمو الأعشاب أو الطحالب بينها ووجود فراغات بينها، في حين يدعو بظاظو إلى إعداد أطلس فسيفسائي لكافة أرضيات وجداريات الفسيفساء في الأردن بشكل ورقي والكتروني للمحافظة عليها وإمتها للأجيال القادمة، ووضع الفسيفساء على خارطة السياحة العالمية كمنتج سياحي يستحق إبرازه على المستوى الدولي. وللحفاظ على هذا الموروث العالمي، يؤكد أهمية بناء قاعدة بيانات وطنية لتوثيق كل الأرضيات والجداريات في كافة المواقع الأردنية، وإعادة تأهيل وترميم هذا الموروث الإنساني من خلال توفير الكفاءات القادرة على التعامل مع هذا الإرث، وتأهيل الموارد البشرية. جودة الفسيفساء وأحجارهولأن الفسيفساء علم وفن وحرفة ، يسعى معهد فن الفسيفساء في مأدبا لرفد هذا الموروث بأصحاب الكفاءات المؤهلة في انتاج القطع الفسيفسائية، إذ يتم التدريب والتعليم على الطرق البيزنطية القديمة، التي تتجلى بالشبه الواضح بين قطع الفسيفساء البيزنطية والفسيفساء الأردنية، بحسب الشواهين. وتختلف المدة الزمنية المستغرقة لإنتاج الفسيفساء بحسب الحجم والشكل، فلوحة شجرة مأدبا بقياس 20 سم طولا وعرضا، قد تستغرق وقتا أطول من الإعداد والصب والتجفيف يصل الى نحو أسبوع. خريجات وصانعات الفسيفساءخريجة المعهد هبة الحلايبة تعمل حالياً على مشاريع الدمج في المعهد، وتتمرن بين الفن الحديث بإدخال الفسيفساء في الرسم، وتنصح السيدات بممارسة المهنة لمدخولها الجيد، وتشاطرها الرأي الخريجة سماح سليمان البلاونة بأن الفسيفساء مصدر دخل جيد، مشيرة الى ان 'عشقها الفسيفسائي جعلها تسبر أعماقه وتفكك رموزه ودلالاته، فكل واحدة منها تشكل قصة فريدة من نوعها'. وفي متجر خاص ينصح صانع الفسيفساء مايكل مكرم الله، الذي يعمل في هذا المجال منذ 11 عاماً، بالتأكد من جودة اللوحة الفسيفسائية قبل الشراء، كأن لا تكون مائلة، وان لا تكون هناك فراغات كبيرة بين القطع، وأن تكون المنحنيات والزوايا في اللوحة متناسقة، عدا عن التأكد من متانة اللوحة وصلابة إطارها، مبيناً أنه كلما كانت الأحجار الفسيفسائية في اللوحة صغيرة ومتراصة بدقة كانت أجمل وأجود وأغلى سعراً. وتنتشر الفسيفساء الأردنية على طول حفرة الانهدام التي استقر بجانبها أعرق الحضارات العالمية، وتجسد كافة الملامح العامة على هذه الأرضيات والجداريات الفسيفسائية من أم قيس شمالاً، ورحابة في المفرق، والأرضيات الفسيفسائية في تلماريات، أحد مواقع الحج المسيحي العالمي المعترف به عالمياً، مروراً بالمغطس معمودية السيد المسيح، ثم إلى مادبا مدينة الفسيفساء العالمية حيث كنيسة الخارطة الفسيفسائية إحدى أهم مواقع الفسيفساء، في الأردن والعالم ، والتي اعتمدتها الأمم المتحدة كأحد الوثائق التاريخية الأثرية في التعرف على الحضارات البشرية. فيما تم إدراج أم الرصاص كأحد أهم المواقع العالمية السياحية لانفرادها بالأرضيات الفسيفسائية التي تمتاز بالإبداع والتكامل. وتتميز الاحجار في منطقة (ضبعة) جنوب الاردن باللون البني والأخضر الفيروزي، أما منطقة الشمال فالأحجار لونها أبيض كلسي وهو أفضلها ويتواجد في عجلون، وفي اربد يميل لونها الى الزهري ، ودير علا يتمازج اللونان الابيض المائل للصفرة والأصفر الكموني . ونظرا لوجود الأحجار الغنية في الاردن فإن تكلفة المواد الخام قليلة، وتتفاوت أسعارها بحسب السماكة من دينارين ونصف الى ثلاثة دنانير للكيلو، ويتم شراء الاحجار من المحاجر وإعادة تصنيعها، بحسب الشواهين، الذي يشير الى أنه يتم العمل على الفسيفساء وفقاً لنسختين: الأثرية وننتج نسخة بنفس جودة القديمة بحجم أصغر أو بنفس الحجم، والحديثة تركز على الصور والكلمات المكتوبة على اللوحة الفسيفسائية. وبين الشواهين أنه يتم العمل على طريقتين في إنتاج الفسيفساء، الاولى يكون العمل مباشراً على الجدران وهو الأقل استخداماً، لأنه بحاجة إلى مهارة وخبرة أعلى، فيما الطريقة الثانية غير مباشرة ، وهي الشائعة لأنها الأسهل وهي الطريقة التي نعمل بها، والمنتشرة في السوق حالياً.
التعليقات
الفسيفساء الأردنية .. كنز تاريخي وأرشيف حضاري 75 % منه مدفون
التعليقات