عمان جو - رصد
يستعد بعض النواب في إسرائيل لتنظيم اجتماع خاص داخل الكنيست لبحث موضوع استعادة الأردن لأراضيه في الباقورة والغمر، والاحتجاج على رفضه تمديد اتفاقية استئجارهما، رغم أن ذلك يبدو أمرا بديهيا، فيما يتساءل تقرير بحثي عن مستقبل العلاقات الدبلوماسية بين الجانبين.
وذكرت تقارير صحافية أنه تم إغلاق البوابة الصفراء المؤدية إلى جسر فوق النهر الفاصل بين البلدين ويسلكه المزارعون الإسرائيليون للدخول إلى الباقورة. بموازاة ذلك ذكرت تقارير صحافية أخرى (“هآرتس” و”يسرائيل هيوم”، 11/11/2019) أنه في حين سيحظر على الإسرائيليين الدخول إلى الباقورة، سيُسمح لـ31 مزارعاً إسرائيلياً بمواصلة العمل في أراضي الغمر حتى أيار 2020، وذلك وفقاً لاتفاق ضمني بين الأردن وإسرائيل.
ونقلت هذه التقارير عن الناطق بلسان مجلس “عربة الإقليمي” قوله إن الأوامر الصادرة بشأن هذه الأراضي تعتبرها منطقة عسكرية مغلقة غير أن إمكانية وصول المزارعين الإسرائيليين إليها ستظل سارية كما هي.
وسبق أن عقد مستشار رئيس الحكومة الإسرائيلية لشؤون الأمن القومي مئير بن شبات اجتماعاً مع وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي في وقت سابق من هذا الأسبوع لمناقشة قضية المواطنيْن الأردنييْن هبة اللبدي وعبد الرحمن مرعي اللذين احتجزتهما إسرائيل في سجونها، ومسائل أخرى منها مسألة أراضي الباقورة والغمر. وخلال الاجتماع قال الصفدي إنه لن يكون هناك تمديد لعقود هذه الأراضي.
ووفقاً لمصادر أردنية حاول الجانب الإسرائيلي أن يربط بين إمكانية إطلاق الأسيرين المذكوريْن وبين تسوية قضية الباقورة والغمر أو منح تمديد يتمكن خلاله المزارعون الإسرائيليون من الاستمرار في استخدام الأراضي الزراعية. وأشارت المصادر إلى أن الأردن رفض الاقتراح، وحذّر إسرائيل من مغبة الاستمرار في هذا النهج، مؤكداً أنه ستكون له عواقب وخيمة على العلاقات بين الدولتين.
وبموجب ما يؤكد رؤساء السلطات المحلية الإسرائيلية التي يستخدم مزارعوها أراضي الباقورة والغمر، فإن هذا الإجراء سيؤثر على العديد من المزارعين الذين كانوا يعملون في هذه الأراضي منذ 70 عاماً ويشعرون بأن “إسرائيل تخلت عنهم. كما أعرب مسؤولون في إسرائيل عن قلقهم من احتمال أن تكون هذه الخطوة تشير إلى رغبة الأردن في تقليص العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، ورأى بعضهم أنها انعكاس لضغط داخلي مكثف من الرأي العام الأردني الذي لا يزال ينظر إلى إسرائيل إلى حد كبير على أنها عدو. ولكن الأردن قال من ناحيته إنه يمارس حقه القانوني في تقرير عدم تجديد الاتفاق، ونفى أن تؤثر هذه الخطوة على معاهدة السلام المستمرة منذ عقود.
أسباب التوتر
ويوضح تقرير جديد للمركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية “مدار” أن مسألة استعادة الأردن أراضي الباقورة والغمر شكلت مناسبة لتأكيد عدد كبير من التحليلات الإسرائيلية أن العلاقات بين إسرائيل والأردن متوترة منذ الأيام الأولى لمعاهدة السلام عام 1994، والتي جعلت الأردن ثاني دولة عربية تحقق السلام مع إسرائيل بعد مصر. وأشارت هذه التحليلات إلى أن استطلاعات الرأي العام تثبت مراراً وتكراراً أن أغلبية ساحقة من الأردنيين تعارض معاهدة السلام مع إسرائيل. كما أشارت إلى أن أراضي الباقورة تُعرف أيضاً باسم “جزيرة السلام”، وذلك في أعقاب هجوم مسلح وقع في آذار 1997 وقام خلاله جندي أردني بإطلاق النار ضد مجموعة طالبات إسرائيليات خلال رحلة إلى المنطقة.
وطبقا لـ”مدار” لم تكتسب هذه المعاهدة شرعية شعبية في الأردن حتى اليوم، كما تواجه العلاقة بين إسرائيل والأردن تحديات متواصلة، لعلّ أبرزها يتعلق بسياسة إسرائيل إزاء الفلسطينيين في الأراضي المحتلة. ويستذكر أنه فور قيام الأردن في تشرين الأول 2018 بالإعلان عن إلغاء الجزء المتعلق باستئجار إسرائيل أراضٍ أردنية من معاهدة السلام المُبرمة بين الدولتين، قالت رئيسة المعارضة في حينه عضو الكنيست تسيبي ليفني إن هذه الإجراء خطر، وينذر بمزيد من الخطر لمستقبل إسرائيل.
وأضافت ليفني أن المفهوم السياسي – الأمني الذي يتبعه رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو آخذ بالانهيار، وأساساً بسبب السياسة التي ينتهجها ضد الفلسطينيين. وأشارت تحليلات كثيرة إلى أن إسرائيل لم تُفاجأ بالقرار ولا يجب أن تفاجأ، فهي لم تكن فقط تعرف الضغوط الجماهيرية والبرلمانية التي يتعرّض لها الملك عبد الله الثاني، بل أيضاً وصلتها رسائل واضحة وسُئلت عن موقفها لو قرر الملك إلغاء الاتفاق. كما أشارت إلى أن مساعي واشنطن الدبلوماسية التي تدخلت هي أيضاً لثني الملك عن قراره لم تفلح.
وكتب محلل الشؤون العربية في “هآرتس” تسفي برئيل آنذاك قائلاً: “لقد اتضح أن لدى الأردن كثير من الشكاوى على سياسة إسرائيل في المناطق المحتلة وفي القدس. فقد جرى إقصاؤه عن الاهتمام بالحرم القدسي الشريف، على الرغم من التعهدات الواضحة في اتفاق السلام التي تمنحه مكانة خاصة في موضوع القدس والحرم. كما استُبعد الأردن أيضاً عن المفاوضات السياسية مع الفلسطينيين قبل أن تلفظ أنفاسها الأخيرة.
الوطن البديل
وبرأي برئيل، فإن الأردن غاضب على واشنطن بسبب الاقتراح الذي طرحه مستشار الرئيس الأمريكي جاريد كوشنير على الرئيس الفلسطيني محمود عباس بإقامة كونفدرالية مع الأردن، من دون أن يسأل الملك عن رأيه. وأعلنت جمانة غنيمات الناطقة بلسان الحكومة الأردنية في أيلول 2018 بأن “الاقتراح لا يستحق النقاش”، وكان رداً لا يذكر أحد مثيلاً له في حدته حيال الاقتراح الأمريكي.
ولقد رأى الأردن في هذا الاقتراح خطوة خطرة تهدف إلى تحويل المملكة إلى “وطن بديل” للفلسطينيين، أو قناة أخرى للهروب من فكرة حل الدولتين” وهذا ما سبق أن حذر منه بروفيسور آشر ساسر باحث إسرائيلي بارز مختص بالشؤون الأردنية، خلال يوم دراسي نظمه معهد دراسات الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب.
وفيما بعد احتج الأردن بشدة على قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وقف المساعدة لوكالة الأونروا، وهي خطوة من شأنها تأجيج الأجواء وسط نحو مليوني لاجئ فلسطيني يسكنون في المملكة، ويشكلون عبئاً اقتصادياً إضافياً على صندوق الدولة التي تواجه استيعاب نحو مليون ونصف مليون لاجئ من سوريا، وعشرات آلاف اللاجئين من العراق، وديناً عاماً يتجاوز 40 مليار دولار. ويلاحظ الأردن جيداً عدم الاكتراث الذي تظهره إسرائيل حيال مشروع قناة البحرين، على الرغم من الاتفاق الموقع في عام 2015، والذي عند الانتهاء منه يمكن أن يساعد الأردن على التغلب على النقص المزمن في المياه.
وخلص برئيل وغيره من المحللين الإسرائيليين إلى أنه بناء على ذلك، حتى لو كان في إمكان الملك مواجهة انتقادات الجمهور التي تفاقمت ضد تمديد اتفاق الإيجار، فإن إسرائيل والولايات المتحدة لم تزوداه بـ”الذخيرة الكافية” كي يتخذ قراراً مختلفاً. وفي الظروف السياسية والاقتصادية الناشئة في المملكة، ليس فقط من الصعب شرح سبب موافقة الأردن على تأجير أراض يملكها من دون مقابل، بل إن الأوساط الوطنية والدينية تطالب بمعرفة لماذا لا يفرض الأردن سيادته الكاملة على كل أراضيه، وبدلاً من ذلك يُسمح لمزارعي الكيان الإسرائيلي بالاستفادة من الأرض مجاناً.
تيران وصنافير
ويشير “مدار” أيضا لما نبه له المحلل المتخصص في شؤون الشرق الأوسط إيال زيسر، الذي رأى أن الإعلان الأردني ليس مفاجأة كبيرة، وهو لا يشكل برأيه خطوة ذات أهمية استراتيجية بعيدة الأمد، ففي النهاية المقصود هو مناطق يملكها الأردن ويمكن الافتراض بأنها ستعود في يوم من الأيام إلى سيادته، ولا توجد دولة في الشرق الأوسط يمكن أن توافق على التنازل لوقت طويل عن أراض تابعة لسيادتها “وهكذا تصرفت السعودية مثلاً في جزيرتي تيران وصنافير اللتين أجّرتهما لمصر”.
وبرأي زيسر فإن المشكلة ليست في مضمون الخطوة بل في الأسلوب والتوقيت اللذين اختارهما الأردنيون لإعلان تخليهم عن روحية اتفاق السلام وإدارة ظهرهم للشراكة التي نسجها إسحاق رابين والملك حسين. لكنه أضاف: “بالنسبة للأردن ليس هناك ما يثير الدهشة؛ ففي النهاية الجمهور الأردني هو الأكثر عداء لإسرائيل مقارنة بالجماهير العربية في الدول العربية الأُخرى. ويمكن ملاحظة أن الحكم الأردني لا يحاول بتاتاً التصدي لهذه العدائية بسبب ضعفه، وهو يسمح للجمهور في بلده بأن ينفّس غضبه ضد إسرائيل على أمل أن يخفف ذلك من الانتقادات الموجهة ضده”.
المستقبل
ويرى “مدار” أنه استنادا لما تقدّم، فإن العلاقات بين إسرائيل والأردن ذات صلة وثيقة بسياسة إسرائيل في الأراضي المحتلة وسياسة واشنطن إزاء الأردن والفلسطينيين. ولا بُدّ من الإشارة إلى أنه بالإضافة إلى المسائل المتعلقة بخطة السلام الأمريكية المعروفة باسم “صفقة القرن” والوضع في القدس والحرم القدسي الشريف، أعلن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أيضاً نيته ضم منطقة غور الأردن إلى إسرائيل.
لكن في الوقت ذاته يؤكد المحللون الإسرائيليون أنه ليست هناك دولة عربية تعتمد على إسرائيل مثل الأردن، وبالتأكيد في كل ما يتعلق بمصادر الطاقة والمياه وحتى في مسألة الأمن القومي. بالإضافة إلى ذلك، ليست هناك دولة عربية تتعاون مع إسرائيل استراتيجياً مثل الأردن.
وتثني إسرائيل على هذا التعاون وتعتبر أن أهميته بالنسبة إليها يفوق بما لا يقارن أهمية الدونمات التي قام الأردن حالياً باستعادتها في الباقورة والغمر. وهذا ما أكده السفير الإسرائيلي في عمان أمير فيسبرود، الذي أشار قبل عدة أيام إلى أن بلاده وإسرائيل تنسقان جيداً على صعيد المياه والأمن، وأن زيارات الإسرائيليين إلى الأماكن السياحية في جنوب الأردن في ازدياد.
ومعروف أن إسرائيل تزوّد الأردن سنوياً بخمسين مليون متر مكعب من المياه، وبكميات من الغاز، بينما يعمل نحو ألفي أردني في مدينة إيلات، ويزور الأردن أكثر من 100 ألف إسرائيلي سنوياً. غير أن حجم التجارة بين البلدين متواضع، والسياحة في الاتجاه المعاكس ضعيفة، فقد زار 12 ألف أردني فقط إسرائيل خلال عام 2018. كما أن هناك تعاوناً أمنياً واستخباراتياً وثيقاً بين الدولتين.
عمان جو - رصد
يستعد بعض النواب في إسرائيل لتنظيم اجتماع خاص داخل الكنيست لبحث موضوع استعادة الأردن لأراضيه في الباقورة والغمر، والاحتجاج على رفضه تمديد اتفاقية استئجارهما، رغم أن ذلك يبدو أمرا بديهيا، فيما يتساءل تقرير بحثي عن مستقبل العلاقات الدبلوماسية بين الجانبين.
وذكرت تقارير صحافية أنه تم إغلاق البوابة الصفراء المؤدية إلى جسر فوق النهر الفاصل بين البلدين ويسلكه المزارعون الإسرائيليون للدخول إلى الباقورة. بموازاة ذلك ذكرت تقارير صحافية أخرى (“هآرتس” و”يسرائيل هيوم”، 11/11/2019) أنه في حين سيحظر على الإسرائيليين الدخول إلى الباقورة، سيُسمح لـ31 مزارعاً إسرائيلياً بمواصلة العمل في أراضي الغمر حتى أيار 2020، وذلك وفقاً لاتفاق ضمني بين الأردن وإسرائيل.
ونقلت هذه التقارير عن الناطق بلسان مجلس “عربة الإقليمي” قوله إن الأوامر الصادرة بشأن هذه الأراضي تعتبرها منطقة عسكرية مغلقة غير أن إمكانية وصول المزارعين الإسرائيليين إليها ستظل سارية كما هي.
وسبق أن عقد مستشار رئيس الحكومة الإسرائيلية لشؤون الأمن القومي مئير بن شبات اجتماعاً مع وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي في وقت سابق من هذا الأسبوع لمناقشة قضية المواطنيْن الأردنييْن هبة اللبدي وعبد الرحمن مرعي اللذين احتجزتهما إسرائيل في سجونها، ومسائل أخرى منها مسألة أراضي الباقورة والغمر. وخلال الاجتماع قال الصفدي إنه لن يكون هناك تمديد لعقود هذه الأراضي.
ووفقاً لمصادر أردنية حاول الجانب الإسرائيلي أن يربط بين إمكانية إطلاق الأسيرين المذكوريْن وبين تسوية قضية الباقورة والغمر أو منح تمديد يتمكن خلاله المزارعون الإسرائيليون من الاستمرار في استخدام الأراضي الزراعية. وأشارت المصادر إلى أن الأردن رفض الاقتراح، وحذّر إسرائيل من مغبة الاستمرار في هذا النهج، مؤكداً أنه ستكون له عواقب وخيمة على العلاقات بين الدولتين.
وبموجب ما يؤكد رؤساء السلطات المحلية الإسرائيلية التي يستخدم مزارعوها أراضي الباقورة والغمر، فإن هذا الإجراء سيؤثر على العديد من المزارعين الذين كانوا يعملون في هذه الأراضي منذ 70 عاماً ويشعرون بأن “إسرائيل تخلت عنهم. كما أعرب مسؤولون في إسرائيل عن قلقهم من احتمال أن تكون هذه الخطوة تشير إلى رغبة الأردن في تقليص العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، ورأى بعضهم أنها انعكاس لضغط داخلي مكثف من الرأي العام الأردني الذي لا يزال ينظر إلى إسرائيل إلى حد كبير على أنها عدو. ولكن الأردن قال من ناحيته إنه يمارس حقه القانوني في تقرير عدم تجديد الاتفاق، ونفى أن تؤثر هذه الخطوة على معاهدة السلام المستمرة منذ عقود.
أسباب التوتر
ويوضح تقرير جديد للمركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية “مدار” أن مسألة استعادة الأردن أراضي الباقورة والغمر شكلت مناسبة لتأكيد عدد كبير من التحليلات الإسرائيلية أن العلاقات بين إسرائيل والأردن متوترة منذ الأيام الأولى لمعاهدة السلام عام 1994، والتي جعلت الأردن ثاني دولة عربية تحقق السلام مع إسرائيل بعد مصر. وأشارت هذه التحليلات إلى أن استطلاعات الرأي العام تثبت مراراً وتكراراً أن أغلبية ساحقة من الأردنيين تعارض معاهدة السلام مع إسرائيل. كما أشارت إلى أن أراضي الباقورة تُعرف أيضاً باسم “جزيرة السلام”، وذلك في أعقاب هجوم مسلح وقع في آذار 1997 وقام خلاله جندي أردني بإطلاق النار ضد مجموعة طالبات إسرائيليات خلال رحلة إلى المنطقة.
وطبقا لـ”مدار” لم تكتسب هذه المعاهدة شرعية شعبية في الأردن حتى اليوم، كما تواجه العلاقة بين إسرائيل والأردن تحديات متواصلة، لعلّ أبرزها يتعلق بسياسة إسرائيل إزاء الفلسطينيين في الأراضي المحتلة. ويستذكر أنه فور قيام الأردن في تشرين الأول 2018 بالإعلان عن إلغاء الجزء المتعلق باستئجار إسرائيل أراضٍ أردنية من معاهدة السلام المُبرمة بين الدولتين، قالت رئيسة المعارضة في حينه عضو الكنيست تسيبي ليفني إن هذه الإجراء خطر، وينذر بمزيد من الخطر لمستقبل إسرائيل.
وأضافت ليفني أن المفهوم السياسي – الأمني الذي يتبعه رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو آخذ بالانهيار، وأساساً بسبب السياسة التي ينتهجها ضد الفلسطينيين. وأشارت تحليلات كثيرة إلى أن إسرائيل لم تُفاجأ بالقرار ولا يجب أن تفاجأ، فهي لم تكن فقط تعرف الضغوط الجماهيرية والبرلمانية التي يتعرّض لها الملك عبد الله الثاني، بل أيضاً وصلتها رسائل واضحة وسُئلت عن موقفها لو قرر الملك إلغاء الاتفاق. كما أشارت إلى أن مساعي واشنطن الدبلوماسية التي تدخلت هي أيضاً لثني الملك عن قراره لم تفلح.
وكتب محلل الشؤون العربية في “هآرتس” تسفي برئيل آنذاك قائلاً: “لقد اتضح أن لدى الأردن كثير من الشكاوى على سياسة إسرائيل في المناطق المحتلة وفي القدس. فقد جرى إقصاؤه عن الاهتمام بالحرم القدسي الشريف، على الرغم من التعهدات الواضحة في اتفاق السلام التي تمنحه مكانة خاصة في موضوع القدس والحرم. كما استُبعد الأردن أيضاً عن المفاوضات السياسية مع الفلسطينيين قبل أن تلفظ أنفاسها الأخيرة.
الوطن البديل
وبرأي برئيل، فإن الأردن غاضب على واشنطن بسبب الاقتراح الذي طرحه مستشار الرئيس الأمريكي جاريد كوشنير على الرئيس الفلسطيني محمود عباس بإقامة كونفدرالية مع الأردن، من دون أن يسأل الملك عن رأيه. وأعلنت جمانة غنيمات الناطقة بلسان الحكومة الأردنية في أيلول 2018 بأن “الاقتراح لا يستحق النقاش”، وكان رداً لا يذكر أحد مثيلاً له في حدته حيال الاقتراح الأمريكي.
ولقد رأى الأردن في هذا الاقتراح خطوة خطرة تهدف إلى تحويل المملكة إلى “وطن بديل” للفلسطينيين، أو قناة أخرى للهروب من فكرة حل الدولتين” وهذا ما سبق أن حذر منه بروفيسور آشر ساسر باحث إسرائيلي بارز مختص بالشؤون الأردنية، خلال يوم دراسي نظمه معهد دراسات الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب.
وفيما بعد احتج الأردن بشدة على قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وقف المساعدة لوكالة الأونروا، وهي خطوة من شأنها تأجيج الأجواء وسط نحو مليوني لاجئ فلسطيني يسكنون في المملكة، ويشكلون عبئاً اقتصادياً إضافياً على صندوق الدولة التي تواجه استيعاب نحو مليون ونصف مليون لاجئ من سوريا، وعشرات آلاف اللاجئين من العراق، وديناً عاماً يتجاوز 40 مليار دولار. ويلاحظ الأردن جيداً عدم الاكتراث الذي تظهره إسرائيل حيال مشروع قناة البحرين، على الرغم من الاتفاق الموقع في عام 2015، والذي عند الانتهاء منه يمكن أن يساعد الأردن على التغلب على النقص المزمن في المياه.
وخلص برئيل وغيره من المحللين الإسرائيليين إلى أنه بناء على ذلك، حتى لو كان في إمكان الملك مواجهة انتقادات الجمهور التي تفاقمت ضد تمديد اتفاق الإيجار، فإن إسرائيل والولايات المتحدة لم تزوداه بـ”الذخيرة الكافية” كي يتخذ قراراً مختلفاً. وفي الظروف السياسية والاقتصادية الناشئة في المملكة، ليس فقط من الصعب شرح سبب موافقة الأردن على تأجير أراض يملكها من دون مقابل، بل إن الأوساط الوطنية والدينية تطالب بمعرفة لماذا لا يفرض الأردن سيادته الكاملة على كل أراضيه، وبدلاً من ذلك يُسمح لمزارعي الكيان الإسرائيلي بالاستفادة من الأرض مجاناً.
تيران وصنافير
ويشير “مدار” أيضا لما نبه له المحلل المتخصص في شؤون الشرق الأوسط إيال زيسر، الذي رأى أن الإعلان الأردني ليس مفاجأة كبيرة، وهو لا يشكل برأيه خطوة ذات أهمية استراتيجية بعيدة الأمد، ففي النهاية المقصود هو مناطق يملكها الأردن ويمكن الافتراض بأنها ستعود في يوم من الأيام إلى سيادته، ولا توجد دولة في الشرق الأوسط يمكن أن توافق على التنازل لوقت طويل عن أراض تابعة لسيادتها “وهكذا تصرفت السعودية مثلاً في جزيرتي تيران وصنافير اللتين أجّرتهما لمصر”.
وبرأي زيسر فإن المشكلة ليست في مضمون الخطوة بل في الأسلوب والتوقيت اللذين اختارهما الأردنيون لإعلان تخليهم عن روحية اتفاق السلام وإدارة ظهرهم للشراكة التي نسجها إسحاق رابين والملك حسين. لكنه أضاف: “بالنسبة للأردن ليس هناك ما يثير الدهشة؛ ففي النهاية الجمهور الأردني هو الأكثر عداء لإسرائيل مقارنة بالجماهير العربية في الدول العربية الأُخرى. ويمكن ملاحظة أن الحكم الأردني لا يحاول بتاتاً التصدي لهذه العدائية بسبب ضعفه، وهو يسمح للجمهور في بلده بأن ينفّس غضبه ضد إسرائيل على أمل أن يخفف ذلك من الانتقادات الموجهة ضده”.
المستقبل
ويرى “مدار” أنه استنادا لما تقدّم، فإن العلاقات بين إسرائيل والأردن ذات صلة وثيقة بسياسة إسرائيل في الأراضي المحتلة وسياسة واشنطن إزاء الأردن والفلسطينيين. ولا بُدّ من الإشارة إلى أنه بالإضافة إلى المسائل المتعلقة بخطة السلام الأمريكية المعروفة باسم “صفقة القرن” والوضع في القدس والحرم القدسي الشريف، أعلن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أيضاً نيته ضم منطقة غور الأردن إلى إسرائيل.
لكن في الوقت ذاته يؤكد المحللون الإسرائيليون أنه ليست هناك دولة عربية تعتمد على إسرائيل مثل الأردن، وبالتأكيد في كل ما يتعلق بمصادر الطاقة والمياه وحتى في مسألة الأمن القومي. بالإضافة إلى ذلك، ليست هناك دولة عربية تتعاون مع إسرائيل استراتيجياً مثل الأردن.
وتثني إسرائيل على هذا التعاون وتعتبر أن أهميته بالنسبة إليها يفوق بما لا يقارن أهمية الدونمات التي قام الأردن حالياً باستعادتها في الباقورة والغمر. وهذا ما أكده السفير الإسرائيلي في عمان أمير فيسبرود، الذي أشار قبل عدة أيام إلى أن بلاده وإسرائيل تنسقان جيداً على صعيد المياه والأمن، وأن زيارات الإسرائيليين إلى الأماكن السياحية في جنوب الأردن في ازدياد.
ومعروف أن إسرائيل تزوّد الأردن سنوياً بخمسين مليون متر مكعب من المياه، وبكميات من الغاز، بينما يعمل نحو ألفي أردني في مدينة إيلات، ويزور الأردن أكثر من 100 ألف إسرائيلي سنوياً. غير أن حجم التجارة بين البلدين متواضع، والسياحة في الاتجاه المعاكس ضعيفة، فقد زار 12 ألف أردني فقط إسرائيل خلال عام 2018. كما أن هناك تعاوناً أمنياً واستخباراتياً وثيقاً بين الدولتين.
عمان جو - رصد
يستعد بعض النواب في إسرائيل لتنظيم اجتماع خاص داخل الكنيست لبحث موضوع استعادة الأردن لأراضيه في الباقورة والغمر، والاحتجاج على رفضه تمديد اتفاقية استئجارهما، رغم أن ذلك يبدو أمرا بديهيا، فيما يتساءل تقرير بحثي عن مستقبل العلاقات الدبلوماسية بين الجانبين.
وذكرت تقارير صحافية أنه تم إغلاق البوابة الصفراء المؤدية إلى جسر فوق النهر الفاصل بين البلدين ويسلكه المزارعون الإسرائيليون للدخول إلى الباقورة. بموازاة ذلك ذكرت تقارير صحافية أخرى (“هآرتس” و”يسرائيل هيوم”، 11/11/2019) أنه في حين سيحظر على الإسرائيليين الدخول إلى الباقورة، سيُسمح لـ31 مزارعاً إسرائيلياً بمواصلة العمل في أراضي الغمر حتى أيار 2020، وذلك وفقاً لاتفاق ضمني بين الأردن وإسرائيل.
ونقلت هذه التقارير عن الناطق بلسان مجلس “عربة الإقليمي” قوله إن الأوامر الصادرة بشأن هذه الأراضي تعتبرها منطقة عسكرية مغلقة غير أن إمكانية وصول المزارعين الإسرائيليين إليها ستظل سارية كما هي.
وسبق أن عقد مستشار رئيس الحكومة الإسرائيلية لشؤون الأمن القومي مئير بن شبات اجتماعاً مع وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي في وقت سابق من هذا الأسبوع لمناقشة قضية المواطنيْن الأردنييْن هبة اللبدي وعبد الرحمن مرعي اللذين احتجزتهما إسرائيل في سجونها، ومسائل أخرى منها مسألة أراضي الباقورة والغمر. وخلال الاجتماع قال الصفدي إنه لن يكون هناك تمديد لعقود هذه الأراضي.
ووفقاً لمصادر أردنية حاول الجانب الإسرائيلي أن يربط بين إمكانية إطلاق الأسيرين المذكوريْن وبين تسوية قضية الباقورة والغمر أو منح تمديد يتمكن خلاله المزارعون الإسرائيليون من الاستمرار في استخدام الأراضي الزراعية. وأشارت المصادر إلى أن الأردن رفض الاقتراح، وحذّر إسرائيل من مغبة الاستمرار في هذا النهج، مؤكداً أنه ستكون له عواقب وخيمة على العلاقات بين الدولتين.
وبموجب ما يؤكد رؤساء السلطات المحلية الإسرائيلية التي يستخدم مزارعوها أراضي الباقورة والغمر، فإن هذا الإجراء سيؤثر على العديد من المزارعين الذين كانوا يعملون في هذه الأراضي منذ 70 عاماً ويشعرون بأن “إسرائيل تخلت عنهم. كما أعرب مسؤولون في إسرائيل عن قلقهم من احتمال أن تكون هذه الخطوة تشير إلى رغبة الأردن في تقليص العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل، ورأى بعضهم أنها انعكاس لضغط داخلي مكثف من الرأي العام الأردني الذي لا يزال ينظر إلى إسرائيل إلى حد كبير على أنها عدو. ولكن الأردن قال من ناحيته إنه يمارس حقه القانوني في تقرير عدم تجديد الاتفاق، ونفى أن تؤثر هذه الخطوة على معاهدة السلام المستمرة منذ عقود.
أسباب التوتر
ويوضح تقرير جديد للمركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية “مدار” أن مسألة استعادة الأردن أراضي الباقورة والغمر شكلت مناسبة لتأكيد عدد كبير من التحليلات الإسرائيلية أن العلاقات بين إسرائيل والأردن متوترة منذ الأيام الأولى لمعاهدة السلام عام 1994، والتي جعلت الأردن ثاني دولة عربية تحقق السلام مع إسرائيل بعد مصر. وأشارت هذه التحليلات إلى أن استطلاعات الرأي العام تثبت مراراً وتكراراً أن أغلبية ساحقة من الأردنيين تعارض معاهدة السلام مع إسرائيل. كما أشارت إلى أن أراضي الباقورة تُعرف أيضاً باسم “جزيرة السلام”، وذلك في أعقاب هجوم مسلح وقع في آذار 1997 وقام خلاله جندي أردني بإطلاق النار ضد مجموعة طالبات إسرائيليات خلال رحلة إلى المنطقة.
وطبقا لـ”مدار” لم تكتسب هذه المعاهدة شرعية شعبية في الأردن حتى اليوم، كما تواجه العلاقة بين إسرائيل والأردن تحديات متواصلة، لعلّ أبرزها يتعلق بسياسة إسرائيل إزاء الفلسطينيين في الأراضي المحتلة. ويستذكر أنه فور قيام الأردن في تشرين الأول 2018 بالإعلان عن إلغاء الجزء المتعلق باستئجار إسرائيل أراضٍ أردنية من معاهدة السلام المُبرمة بين الدولتين، قالت رئيسة المعارضة في حينه عضو الكنيست تسيبي ليفني إن هذه الإجراء خطر، وينذر بمزيد من الخطر لمستقبل إسرائيل.
وأضافت ليفني أن المفهوم السياسي – الأمني الذي يتبعه رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو آخذ بالانهيار، وأساساً بسبب السياسة التي ينتهجها ضد الفلسطينيين. وأشارت تحليلات كثيرة إلى أن إسرائيل لم تُفاجأ بالقرار ولا يجب أن تفاجأ، فهي لم تكن فقط تعرف الضغوط الجماهيرية والبرلمانية التي يتعرّض لها الملك عبد الله الثاني، بل أيضاً وصلتها رسائل واضحة وسُئلت عن موقفها لو قرر الملك إلغاء الاتفاق. كما أشارت إلى أن مساعي واشنطن الدبلوماسية التي تدخلت هي أيضاً لثني الملك عن قراره لم تفلح.
وكتب محلل الشؤون العربية في “هآرتس” تسفي برئيل آنذاك قائلاً: “لقد اتضح أن لدى الأردن كثير من الشكاوى على سياسة إسرائيل في المناطق المحتلة وفي القدس. فقد جرى إقصاؤه عن الاهتمام بالحرم القدسي الشريف، على الرغم من التعهدات الواضحة في اتفاق السلام التي تمنحه مكانة خاصة في موضوع القدس والحرم. كما استُبعد الأردن أيضاً عن المفاوضات السياسية مع الفلسطينيين قبل أن تلفظ أنفاسها الأخيرة.
الوطن البديل
وبرأي برئيل، فإن الأردن غاضب على واشنطن بسبب الاقتراح الذي طرحه مستشار الرئيس الأمريكي جاريد كوشنير على الرئيس الفلسطيني محمود عباس بإقامة كونفدرالية مع الأردن، من دون أن يسأل الملك عن رأيه. وأعلنت جمانة غنيمات الناطقة بلسان الحكومة الأردنية في أيلول 2018 بأن “الاقتراح لا يستحق النقاش”، وكان رداً لا يذكر أحد مثيلاً له في حدته حيال الاقتراح الأمريكي.
ولقد رأى الأردن في هذا الاقتراح خطوة خطرة تهدف إلى تحويل المملكة إلى “وطن بديل” للفلسطينيين، أو قناة أخرى للهروب من فكرة حل الدولتين” وهذا ما سبق أن حذر منه بروفيسور آشر ساسر باحث إسرائيلي بارز مختص بالشؤون الأردنية، خلال يوم دراسي نظمه معهد دراسات الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب.
وفيما بعد احتج الأردن بشدة على قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وقف المساعدة لوكالة الأونروا، وهي خطوة من شأنها تأجيج الأجواء وسط نحو مليوني لاجئ فلسطيني يسكنون في المملكة، ويشكلون عبئاً اقتصادياً إضافياً على صندوق الدولة التي تواجه استيعاب نحو مليون ونصف مليون لاجئ من سوريا، وعشرات آلاف اللاجئين من العراق، وديناً عاماً يتجاوز 40 مليار دولار. ويلاحظ الأردن جيداً عدم الاكتراث الذي تظهره إسرائيل حيال مشروع قناة البحرين، على الرغم من الاتفاق الموقع في عام 2015، والذي عند الانتهاء منه يمكن أن يساعد الأردن على التغلب على النقص المزمن في المياه.
وخلص برئيل وغيره من المحللين الإسرائيليين إلى أنه بناء على ذلك، حتى لو كان في إمكان الملك مواجهة انتقادات الجمهور التي تفاقمت ضد تمديد اتفاق الإيجار، فإن إسرائيل والولايات المتحدة لم تزوداه بـ”الذخيرة الكافية” كي يتخذ قراراً مختلفاً. وفي الظروف السياسية والاقتصادية الناشئة في المملكة، ليس فقط من الصعب شرح سبب موافقة الأردن على تأجير أراض يملكها من دون مقابل، بل إن الأوساط الوطنية والدينية تطالب بمعرفة لماذا لا يفرض الأردن سيادته الكاملة على كل أراضيه، وبدلاً من ذلك يُسمح لمزارعي الكيان الإسرائيلي بالاستفادة من الأرض مجاناً.
تيران وصنافير
ويشير “مدار” أيضا لما نبه له المحلل المتخصص في شؤون الشرق الأوسط إيال زيسر، الذي رأى أن الإعلان الأردني ليس مفاجأة كبيرة، وهو لا يشكل برأيه خطوة ذات أهمية استراتيجية بعيدة الأمد، ففي النهاية المقصود هو مناطق يملكها الأردن ويمكن الافتراض بأنها ستعود في يوم من الأيام إلى سيادته، ولا توجد دولة في الشرق الأوسط يمكن أن توافق على التنازل لوقت طويل عن أراض تابعة لسيادتها “وهكذا تصرفت السعودية مثلاً في جزيرتي تيران وصنافير اللتين أجّرتهما لمصر”.
وبرأي زيسر فإن المشكلة ليست في مضمون الخطوة بل في الأسلوب والتوقيت اللذين اختارهما الأردنيون لإعلان تخليهم عن روحية اتفاق السلام وإدارة ظهرهم للشراكة التي نسجها إسحاق رابين والملك حسين. لكنه أضاف: “بالنسبة للأردن ليس هناك ما يثير الدهشة؛ ففي النهاية الجمهور الأردني هو الأكثر عداء لإسرائيل مقارنة بالجماهير العربية في الدول العربية الأُخرى. ويمكن ملاحظة أن الحكم الأردني لا يحاول بتاتاً التصدي لهذه العدائية بسبب ضعفه، وهو يسمح للجمهور في بلده بأن ينفّس غضبه ضد إسرائيل على أمل أن يخفف ذلك من الانتقادات الموجهة ضده”.
المستقبل
ويرى “مدار” أنه استنادا لما تقدّم، فإن العلاقات بين إسرائيل والأردن ذات صلة وثيقة بسياسة إسرائيل في الأراضي المحتلة وسياسة واشنطن إزاء الأردن والفلسطينيين. ولا بُدّ من الإشارة إلى أنه بالإضافة إلى المسائل المتعلقة بخطة السلام الأمريكية المعروفة باسم “صفقة القرن” والوضع في القدس والحرم القدسي الشريف، أعلن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أيضاً نيته ضم منطقة غور الأردن إلى إسرائيل.
لكن في الوقت ذاته يؤكد المحللون الإسرائيليون أنه ليست هناك دولة عربية تعتمد على إسرائيل مثل الأردن، وبالتأكيد في كل ما يتعلق بمصادر الطاقة والمياه وحتى في مسألة الأمن القومي. بالإضافة إلى ذلك، ليست هناك دولة عربية تتعاون مع إسرائيل استراتيجياً مثل الأردن.
وتثني إسرائيل على هذا التعاون وتعتبر أن أهميته بالنسبة إليها يفوق بما لا يقارن أهمية الدونمات التي قام الأردن حالياً باستعادتها في الباقورة والغمر. وهذا ما أكده السفير الإسرائيلي في عمان أمير فيسبرود، الذي أشار قبل عدة أيام إلى أن بلاده وإسرائيل تنسقان جيداً على صعيد المياه والأمن، وأن زيارات الإسرائيليين إلى الأماكن السياحية في جنوب الأردن في ازدياد.
ومعروف أن إسرائيل تزوّد الأردن سنوياً بخمسين مليون متر مكعب من المياه، وبكميات من الغاز، بينما يعمل نحو ألفي أردني في مدينة إيلات، ويزور الأردن أكثر من 100 ألف إسرائيلي سنوياً. غير أن حجم التجارة بين البلدين متواضع، والسياحة في الاتجاه المعاكس ضعيفة، فقد زار 12 ألف أردني فقط إسرائيل خلال عام 2018. كما أن هناك تعاوناً أمنياً واستخباراتياً وثيقاً بين الدولتين.
التعليقات