مقتل قاسم سليماني: هل يدير الايراني الخدّ الآخر للأمريكي؟ ... هل اصبحت الطريق مفتوحة أمام الايراني للدخول في دبلوماسية جني المكاسب؟
بات الأميركيون مجتمعون على أن قتل قاسم سليماني في عملية ' الدرون المُسَّيرة البرق الأزرق ' في حدود مطار بغداد الدولي الجمعة 3 يناير / كانون2 2020 ، قائد 'فيلق القدس' التابع للحرس الثوري الإيراني، يعني إزالة خطر داهم بالنسبة إلى الولايات المتحدة وحلفائها، لكن التباين قائم حول المخاطر التي يمكن أن ستتبعها هذه الضربة العسكرية على مصالح الولايات المتحدة المباشرة، أو على الدول الحليفة لها، في ظل صراع ملتهب بين واشنطن وطهران ظلّ على مدى عقود يجري عبر ما يسمى بحروب الوكالة، لكنه الآن تحوّل إلى صراع مباشر بين الطرفين، فما هي التداعيات والتصورات المحتملة خلال الأيام المقبلة؟ وهل استعدّ الامريكي للتصعيد مع الايراني؟
في استعراضنا للتكهنات التي ادلى بها القادة العسكريون الامريكيون حول الرد الإيراني المتوقع على مقتل سليماني فقد عبّر عدد من القادة العسكريين السابقين في الولايات المتحدة وخبراء الاستراتيجية عن اعتقادهم بأن إيران سوف تردّ وتنتقم لمقتله، لكن تقديراتهم تفاوتت حول حجم ونطاق ومكان الرد المتوقع من جانب إيران ... لا يتوقف الإيرانيون عن الحديث عن الرد على اغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني، ويكرر كبار المسؤولين السياسيين الإيرانيين وقادة الحرس الثوري أن الانتقام من الأميركيين حاصل وسيكون شديداً.
لقد تعددت الآراء والتكهنات حول ما يتوقع ان يلجا اليه الايراني للأخذ بثأره من الامريكي سيما وان الامر أصبحت المواجهة مكشوفة بين الطرفين ' الإيراني والامريكي ' وإذا ما تحدثنا عن الحرس الثوري الإيراني، بأن ' فرصة ألا تردّ إيران على قتل سليماني تكون ضربا من الاستحالة '، وفي اعتقادي حتى الإدارة الامريكية وان كانت تكابر في تصغير ردة الفعل الإيرانية والخطوة المقبلة لطهران تجاه الامريكان، و' ما إذا كان ذلك سيشعل النار في الشرق الأوسط '.... من جانب اخر فإن قيام الايرانيين بالإضرار بالمصالح الامريكية على الأرض الامريكية هذا امر مستبعد جدا بفعل الجغرافيا والامكانيات المتواضعة لدى الإيرانيين للوصول الى العمق الأمريكي وهو التحليل الذي يقودنا الى ان الرد الإيراني ' ان حصل ' قد يكون في العراق أو سوريا أو المنطقة، او قد يتعدى الى أفريقيا أو أميركا اللاتينية، وقد يكون في أي مكان آخر في مقدور الإيرانيين الوصول اليه...
لا يخفى على أحد بأنه قد يكون الصراع محتدما لمقتل سليماني بين الأمريكي والإيراني على الأراضي العراقية وان تكون هناك تداعيات عميقة في العراق ودول الإقليم التي تنتشر فيها الجماعات الوكيلة لإيران، والتي كانت ساحة للنفوذ الإيراني والأميركي أيضا (حرب الظل الاقليمية المستمرة بين اميركا وايران ) ، ذلك أن أحد أهداف إيران الرئيسة هو طرد الولايات المتحدة من العراق، في حين أن كثيرا من العراقيين سئموا من النفوذ الإيراني على بلدهم، وهو ما تجسّد جليا خلال التظاهرات التي شهدتها المدن العراقية على مدى أشهر، لكن العراق يريد ألا يكون ساحة للصراع بين إيران وأميركا، وفي نفس الوقت يحافظ على العلاقة مع طهران لمساعدة اقتصاده..
تضاربت العديد من التكهنات حول سخونة الحدث وتداعياته وذهب الكثير من المحللين والاستراتيجيين الى اراء عديدة حول ما تتمخض اليه تداعيات مقتل سليماني، وهنا نعتبر من خلال التصاريح المتضاربة التي يدلي بها الرئيس الأمريكي ' ترامب ' وخاصة تغريدته (tweet) يوم أمس 5 يناير / كانون2 2020 بأن ادارته قد حددت 52 هدفا ايرانيا سوف تكون في مرمى النيران الامريكية، وعلى حد تعبيره سيكون استهدافنا 52 موقعًا إيرانيًا (تمثل الرهائن الأمريكيين الـ 52 الذين احتجزتهم إيران قبل عدة سنوات) ، أزمة رهائن إيران هي أزمة دبلوماسية حدثت بين إيران والولايات المتحدة عندما اقتحمت مجموعة من الطلاب الإسلاميين في إيران السفارة الأمريكية بها دعما للثورة الإيرانية واحتجزوا 52 أميركياً من سكان السفارة كرهائن لمدة 444 يوم من 4 نوفمبر / تشرين1 1979 حتي 20 يناير / كانون2 1981.
We have ... targeted 52 Iranian sites (representing the 52 American hostages taken by Iran many years ago) …Donald Trump
لقد أصبحت الآن واشنطن في مواجهة مباشرة مع طهران بعد أن ظلت الحروب بين الطرفين تتم بالوكالة، بالإشارة الى أن أهمية قاسم سليماني لا تنبع فقط من أنه نجح في جمع حلفاء عديدين لإيران من العراق إلى سوريا ومن لبنان إلى اليمن، ولكن أيضاً ' لأنه لا غنى عنه إيرانيا '، ولهذا برأيي الشخصي لا يستطيع أحد ان يتوقع كيف سيكون الرد الايراني وكيف ينتهي ذلك... وهنا نخشى في حال حصول الرد الإيراني بأن تدفع منطقة الشرق الأوسط ثمن الحرب الأميركية الإيرانية وبالطبع سيكون مسرح عملياتها على الأراضي العربية..
صفوة القول.. مهما كانت السخونة عالية في التصريحات المتبادلة بين الأمريكي والإيراني ووضع الناس ايديها على قوبها في الشرق الأوسط خوفا من ان تشتعل المنطقة لإقدام ايران على عمل ما كرد فعل ثار من الأمريكي، ولكن بالنظر للفرق الهائل في ميزان القوى بين الطرفين وامام القوة الامريكية الجبارة فإنه من المستبعد اندلاع حرب شاملة اقليمية على نطاق واسع ، برغم أن إيران ستسعى لإظهار القوة وليس الضعف، وسيحاول الحرس الثوري أن يقول إنه ما زال قوياً ومتماسكاً وأن قتل سليماني لن يؤثر عليه... وهنا السؤال : هل يدير الايراني الخدّ الآخر للأمريكي؟ ... علينا ان ندرك أيضا فإن رغبة إيران في رد تصعيدي تنذر بردّ أميركي قاسٍ، ومن ثم اتساع نطاق المواجهة في عام الانتخابات الرئاسية الأميركية والتي من شأنها تجعل الرئيس الأمريكي بطلا امام ناخبيه ومن استثمار هذه القضية في حملته الانتخابية وايذاء إيران في مقتل.. في مقابل ما قدمت اليه السؤال الأبرز.. هل اصبحت الطريق مفتوحة أمام الايراني للدخول في دبلوماسية جني المكاسب؟ ... سُحب الشرق الأوسط تنذر بالأمطار الموسمية.. لننتظر!
باحث ومخطط استراتيجي
arajoub21@yahoo.com
عمان جو. احمد عبد الباسط الرجوب
مقتل قاسم سليماني: هل يدير الايراني الخدّ الآخر للأمريكي؟ ... هل اصبحت الطريق مفتوحة أمام الايراني للدخول في دبلوماسية جني المكاسب؟
بات الأميركيون مجتمعون على أن قتل قاسم سليماني في عملية ' الدرون المُسَّيرة البرق الأزرق ' في حدود مطار بغداد الدولي الجمعة 3 يناير / كانون2 2020 ، قائد 'فيلق القدس' التابع للحرس الثوري الإيراني، يعني إزالة خطر داهم بالنسبة إلى الولايات المتحدة وحلفائها، لكن التباين قائم حول المخاطر التي يمكن أن ستتبعها هذه الضربة العسكرية على مصالح الولايات المتحدة المباشرة، أو على الدول الحليفة لها، في ظل صراع ملتهب بين واشنطن وطهران ظلّ على مدى عقود يجري عبر ما يسمى بحروب الوكالة، لكنه الآن تحوّل إلى صراع مباشر بين الطرفين، فما هي التداعيات والتصورات المحتملة خلال الأيام المقبلة؟ وهل استعدّ الامريكي للتصعيد مع الايراني؟
في استعراضنا للتكهنات التي ادلى بها القادة العسكريون الامريكيون حول الرد الإيراني المتوقع على مقتل سليماني فقد عبّر عدد من القادة العسكريين السابقين في الولايات المتحدة وخبراء الاستراتيجية عن اعتقادهم بأن إيران سوف تردّ وتنتقم لمقتله، لكن تقديراتهم تفاوتت حول حجم ونطاق ومكان الرد المتوقع من جانب إيران ... لا يتوقف الإيرانيون عن الحديث عن الرد على اغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني، ويكرر كبار المسؤولين السياسيين الإيرانيين وقادة الحرس الثوري أن الانتقام من الأميركيين حاصل وسيكون شديداً.
لقد تعددت الآراء والتكهنات حول ما يتوقع ان يلجا اليه الايراني للأخذ بثأره من الامريكي سيما وان الامر أصبحت المواجهة مكشوفة بين الطرفين ' الإيراني والامريكي ' وإذا ما تحدثنا عن الحرس الثوري الإيراني، بأن ' فرصة ألا تردّ إيران على قتل سليماني تكون ضربا من الاستحالة '، وفي اعتقادي حتى الإدارة الامريكية وان كانت تكابر في تصغير ردة الفعل الإيرانية والخطوة المقبلة لطهران تجاه الامريكان، و' ما إذا كان ذلك سيشعل النار في الشرق الأوسط '.... من جانب اخر فإن قيام الايرانيين بالإضرار بالمصالح الامريكية على الأرض الامريكية هذا امر مستبعد جدا بفعل الجغرافيا والامكانيات المتواضعة لدى الإيرانيين للوصول الى العمق الأمريكي وهو التحليل الذي يقودنا الى ان الرد الإيراني ' ان حصل ' قد يكون في العراق أو سوريا أو المنطقة، او قد يتعدى الى أفريقيا أو أميركا اللاتينية، وقد يكون في أي مكان آخر في مقدور الإيرانيين الوصول اليه...
لا يخفى على أحد بأنه قد يكون الصراع محتدما لمقتل سليماني بين الأمريكي والإيراني على الأراضي العراقية وان تكون هناك تداعيات عميقة في العراق ودول الإقليم التي تنتشر فيها الجماعات الوكيلة لإيران، والتي كانت ساحة للنفوذ الإيراني والأميركي أيضا (حرب الظل الاقليمية المستمرة بين اميركا وايران ) ، ذلك أن أحد أهداف إيران الرئيسة هو طرد الولايات المتحدة من العراق، في حين أن كثيرا من العراقيين سئموا من النفوذ الإيراني على بلدهم، وهو ما تجسّد جليا خلال التظاهرات التي شهدتها المدن العراقية على مدى أشهر، لكن العراق يريد ألا يكون ساحة للصراع بين إيران وأميركا، وفي نفس الوقت يحافظ على العلاقة مع طهران لمساعدة اقتصاده..
تضاربت العديد من التكهنات حول سخونة الحدث وتداعياته وذهب الكثير من المحللين والاستراتيجيين الى اراء عديدة حول ما تتمخض اليه تداعيات مقتل سليماني، وهنا نعتبر من خلال التصاريح المتضاربة التي يدلي بها الرئيس الأمريكي ' ترامب ' وخاصة تغريدته (tweet) يوم أمس 5 يناير / كانون2 2020 بأن ادارته قد حددت 52 هدفا ايرانيا سوف تكون في مرمى النيران الامريكية، وعلى حد تعبيره سيكون استهدافنا 52 موقعًا إيرانيًا (تمثل الرهائن الأمريكيين الـ 52 الذين احتجزتهم إيران قبل عدة سنوات) ، أزمة رهائن إيران هي أزمة دبلوماسية حدثت بين إيران والولايات المتحدة عندما اقتحمت مجموعة من الطلاب الإسلاميين في إيران السفارة الأمريكية بها دعما للثورة الإيرانية واحتجزوا 52 أميركياً من سكان السفارة كرهائن لمدة 444 يوم من 4 نوفمبر / تشرين1 1979 حتي 20 يناير / كانون2 1981.
We have ... targeted 52 Iranian sites (representing the 52 American hostages taken by Iran many years ago) …Donald Trump
لقد أصبحت الآن واشنطن في مواجهة مباشرة مع طهران بعد أن ظلت الحروب بين الطرفين تتم بالوكالة، بالإشارة الى أن أهمية قاسم سليماني لا تنبع فقط من أنه نجح في جمع حلفاء عديدين لإيران من العراق إلى سوريا ومن لبنان إلى اليمن، ولكن أيضاً ' لأنه لا غنى عنه إيرانيا '، ولهذا برأيي الشخصي لا يستطيع أحد ان يتوقع كيف سيكون الرد الايراني وكيف ينتهي ذلك... وهنا نخشى في حال حصول الرد الإيراني بأن تدفع منطقة الشرق الأوسط ثمن الحرب الأميركية الإيرانية وبالطبع سيكون مسرح عملياتها على الأراضي العربية..
صفوة القول.. مهما كانت السخونة عالية في التصريحات المتبادلة بين الأمريكي والإيراني ووضع الناس ايديها على قوبها في الشرق الأوسط خوفا من ان تشتعل المنطقة لإقدام ايران على عمل ما كرد فعل ثار من الأمريكي، ولكن بالنظر للفرق الهائل في ميزان القوى بين الطرفين وامام القوة الامريكية الجبارة فإنه من المستبعد اندلاع حرب شاملة اقليمية على نطاق واسع ، برغم أن إيران ستسعى لإظهار القوة وليس الضعف، وسيحاول الحرس الثوري أن يقول إنه ما زال قوياً ومتماسكاً وأن قتل سليماني لن يؤثر عليه... وهنا السؤال : هل يدير الايراني الخدّ الآخر للأمريكي؟ ... علينا ان ندرك أيضا فإن رغبة إيران في رد تصعيدي تنذر بردّ أميركي قاسٍ، ومن ثم اتساع نطاق المواجهة في عام الانتخابات الرئاسية الأميركية والتي من شأنها تجعل الرئيس الأمريكي بطلا امام ناخبيه ومن استثمار هذه القضية في حملته الانتخابية وايذاء إيران في مقتل.. في مقابل ما قدمت اليه السؤال الأبرز.. هل اصبحت الطريق مفتوحة أمام الايراني للدخول في دبلوماسية جني المكاسب؟ ... سُحب الشرق الأوسط تنذر بالأمطار الموسمية.. لننتظر!
باحث ومخطط استراتيجي
arajoub21@yahoo.com
عمان جو. احمد عبد الباسط الرجوب
مقتل قاسم سليماني: هل يدير الايراني الخدّ الآخر للأمريكي؟ ... هل اصبحت الطريق مفتوحة أمام الايراني للدخول في دبلوماسية جني المكاسب؟
بات الأميركيون مجتمعون على أن قتل قاسم سليماني في عملية ' الدرون المُسَّيرة البرق الأزرق ' في حدود مطار بغداد الدولي الجمعة 3 يناير / كانون2 2020 ، قائد 'فيلق القدس' التابع للحرس الثوري الإيراني، يعني إزالة خطر داهم بالنسبة إلى الولايات المتحدة وحلفائها، لكن التباين قائم حول المخاطر التي يمكن أن ستتبعها هذه الضربة العسكرية على مصالح الولايات المتحدة المباشرة، أو على الدول الحليفة لها، في ظل صراع ملتهب بين واشنطن وطهران ظلّ على مدى عقود يجري عبر ما يسمى بحروب الوكالة، لكنه الآن تحوّل إلى صراع مباشر بين الطرفين، فما هي التداعيات والتصورات المحتملة خلال الأيام المقبلة؟ وهل استعدّ الامريكي للتصعيد مع الايراني؟
في استعراضنا للتكهنات التي ادلى بها القادة العسكريون الامريكيون حول الرد الإيراني المتوقع على مقتل سليماني فقد عبّر عدد من القادة العسكريين السابقين في الولايات المتحدة وخبراء الاستراتيجية عن اعتقادهم بأن إيران سوف تردّ وتنتقم لمقتله، لكن تقديراتهم تفاوتت حول حجم ونطاق ومكان الرد المتوقع من جانب إيران ... لا يتوقف الإيرانيون عن الحديث عن الرد على اغتيال قائد فيلق القدس قاسم سليماني، ويكرر كبار المسؤولين السياسيين الإيرانيين وقادة الحرس الثوري أن الانتقام من الأميركيين حاصل وسيكون شديداً.
لقد تعددت الآراء والتكهنات حول ما يتوقع ان يلجا اليه الايراني للأخذ بثأره من الامريكي سيما وان الامر أصبحت المواجهة مكشوفة بين الطرفين ' الإيراني والامريكي ' وإذا ما تحدثنا عن الحرس الثوري الإيراني، بأن ' فرصة ألا تردّ إيران على قتل سليماني تكون ضربا من الاستحالة '، وفي اعتقادي حتى الإدارة الامريكية وان كانت تكابر في تصغير ردة الفعل الإيرانية والخطوة المقبلة لطهران تجاه الامريكان، و' ما إذا كان ذلك سيشعل النار في الشرق الأوسط '.... من جانب اخر فإن قيام الايرانيين بالإضرار بالمصالح الامريكية على الأرض الامريكية هذا امر مستبعد جدا بفعل الجغرافيا والامكانيات المتواضعة لدى الإيرانيين للوصول الى العمق الأمريكي وهو التحليل الذي يقودنا الى ان الرد الإيراني ' ان حصل ' قد يكون في العراق أو سوريا أو المنطقة، او قد يتعدى الى أفريقيا أو أميركا اللاتينية، وقد يكون في أي مكان آخر في مقدور الإيرانيين الوصول اليه...
لا يخفى على أحد بأنه قد يكون الصراع محتدما لمقتل سليماني بين الأمريكي والإيراني على الأراضي العراقية وان تكون هناك تداعيات عميقة في العراق ودول الإقليم التي تنتشر فيها الجماعات الوكيلة لإيران، والتي كانت ساحة للنفوذ الإيراني والأميركي أيضا (حرب الظل الاقليمية المستمرة بين اميركا وايران ) ، ذلك أن أحد أهداف إيران الرئيسة هو طرد الولايات المتحدة من العراق، في حين أن كثيرا من العراقيين سئموا من النفوذ الإيراني على بلدهم، وهو ما تجسّد جليا خلال التظاهرات التي شهدتها المدن العراقية على مدى أشهر، لكن العراق يريد ألا يكون ساحة للصراع بين إيران وأميركا، وفي نفس الوقت يحافظ على العلاقة مع طهران لمساعدة اقتصاده..
تضاربت العديد من التكهنات حول سخونة الحدث وتداعياته وذهب الكثير من المحللين والاستراتيجيين الى اراء عديدة حول ما تتمخض اليه تداعيات مقتل سليماني، وهنا نعتبر من خلال التصاريح المتضاربة التي يدلي بها الرئيس الأمريكي ' ترامب ' وخاصة تغريدته (tweet) يوم أمس 5 يناير / كانون2 2020 بأن ادارته قد حددت 52 هدفا ايرانيا سوف تكون في مرمى النيران الامريكية، وعلى حد تعبيره سيكون استهدافنا 52 موقعًا إيرانيًا (تمثل الرهائن الأمريكيين الـ 52 الذين احتجزتهم إيران قبل عدة سنوات) ، أزمة رهائن إيران هي أزمة دبلوماسية حدثت بين إيران والولايات المتحدة عندما اقتحمت مجموعة من الطلاب الإسلاميين في إيران السفارة الأمريكية بها دعما للثورة الإيرانية واحتجزوا 52 أميركياً من سكان السفارة كرهائن لمدة 444 يوم من 4 نوفمبر / تشرين1 1979 حتي 20 يناير / كانون2 1981.
We have ... targeted 52 Iranian sites (representing the 52 American hostages taken by Iran many years ago) …Donald Trump
لقد أصبحت الآن واشنطن في مواجهة مباشرة مع طهران بعد أن ظلت الحروب بين الطرفين تتم بالوكالة، بالإشارة الى أن أهمية قاسم سليماني لا تنبع فقط من أنه نجح في جمع حلفاء عديدين لإيران من العراق إلى سوريا ومن لبنان إلى اليمن، ولكن أيضاً ' لأنه لا غنى عنه إيرانيا '، ولهذا برأيي الشخصي لا يستطيع أحد ان يتوقع كيف سيكون الرد الايراني وكيف ينتهي ذلك... وهنا نخشى في حال حصول الرد الإيراني بأن تدفع منطقة الشرق الأوسط ثمن الحرب الأميركية الإيرانية وبالطبع سيكون مسرح عملياتها على الأراضي العربية..
صفوة القول.. مهما كانت السخونة عالية في التصريحات المتبادلة بين الأمريكي والإيراني ووضع الناس ايديها على قوبها في الشرق الأوسط خوفا من ان تشتعل المنطقة لإقدام ايران على عمل ما كرد فعل ثار من الأمريكي، ولكن بالنظر للفرق الهائل في ميزان القوى بين الطرفين وامام القوة الامريكية الجبارة فإنه من المستبعد اندلاع حرب شاملة اقليمية على نطاق واسع ، برغم أن إيران ستسعى لإظهار القوة وليس الضعف، وسيحاول الحرس الثوري أن يقول إنه ما زال قوياً ومتماسكاً وأن قتل سليماني لن يؤثر عليه... وهنا السؤال : هل يدير الايراني الخدّ الآخر للأمريكي؟ ... علينا ان ندرك أيضا فإن رغبة إيران في رد تصعيدي تنذر بردّ أميركي قاسٍ، ومن ثم اتساع نطاق المواجهة في عام الانتخابات الرئاسية الأميركية والتي من شأنها تجعل الرئيس الأمريكي بطلا امام ناخبيه ومن استثمار هذه القضية في حملته الانتخابية وايذاء إيران في مقتل.. في مقابل ما قدمت اليه السؤال الأبرز.. هل اصبحت الطريق مفتوحة أمام الايراني للدخول في دبلوماسية جني المكاسب؟ ... سُحب الشرق الأوسط تنذر بالأمطار الموسمية.. لننتظر!
باحث ومخطط استراتيجي
arajoub21@yahoo.com
التعليقات
مقتل قاسم سليماني: هل يدير الايراني الخدّ الآخر للأمريكي؟ ..
التعليقات