عمان جو. ... مشهد غريب حدث أمامي أمس , وربما يدعو للسخرية والحزن في ذات الوقت ...جدل حاد بين سائق تكسي يبدو أنه شاب في مقتبل العمر , واشترت له العائلة سيارة صغيرة وجديدة , ويعمل ضمن الشركات التي تتبع التطبيقات الذكية , وصبية جميلة في مقتبل العمر أيضا . أنا كنت أمشي في الشارع المحاذي لمنزلي , على أمل أن أحرق مزيدا من الكوليسترول ..وصادفتهم يتجادلون بحدة , ويبدو أن الصبية في نظرتها أحسست أنها تريد الإستنجاد بي وأنا بطبعي (نشمي) ولا أخذل صبية . القصة باختصار أن الصبية معها كلب , وتريد الذهاب إلى (البوليفارد) , والشاب يرفض أن يصعد الكلب معه , قال لي بالحرف الواحد : أن الحيوانات لا تصعد معه في السيارة , بالمقابل الفتاة مصرة أن يصعد كلبها معها وأخبرتني بغضب وألم : (اطلع عمو ئديش كيوت والله ما بأذي) - أنا أوجعتني كلمة عمو بصراحة - ..ولكني مررتها . حاولت تجسير الفجوة بين الأطراف , وحاولت إقناع السائق ..بأنه في النهاية حيوان , وإذا فعلها على الفرش الخاص بالسيارة فهي مجبرة على دفع ثمن الأضرار , ولكن الشاب سائق التكسي عاند الأمر وأخبرني أن السيارة التي يملكها , لم تقطع (2000) كيلوا بعد ...وأنه لا ينقل الكلاب لأن الأمر ليس مرتبطا بالكلب بقدر ارتباطه بالكرامة . الصبية غضبت , ودونت رقم السيارة على هاتفها , واقسمت أن تتصل بالشرطة ..والشاب هو الاخر غضب , وقال لي : ( عمو إنت شاهد ع القصىة بلاش هاي اتروح تبليني ) ...وأنا بطبعي كرهت هذا الوصف وقلت في قلبي : (عمى الدببة ان شالله) ..ولكني جسرت الفجوة بينهم , وأخذت الشاب على انفراد , وأخبرته أن الرزق يحتاج لتضحية وتحمل , وعرضت بعضا من تجاربي في الحياة – طبعا ليس مع الكلاب – ولكن مع أناس يعتقدون في لحظة أن الكلاب مخلوقات رقيقة ويجب أن تحترم , في النهاية اقتنع الشاب بالأمر . الغريب في المشهد أن الكلب بقي صامتا ويراقب صراخهم , ولم يحتد أو يفعل شيئا ..وحين هدأت الصبية وهمت بصعود السيارة , تحول إلى أسد وانطلق نحوي ..وأنا هربت , وهي تمسكه بقوة وتصرخ عليه : (بارني إهدا ..) . في النهاية تمت السيطرة على الكلب , ولكن السيطرة على سائق التكسي باءت بالفشل لأنه حين شاهد شراسة كلبها واندفاعه , عاد لرفض الأمر من جديد ...وشعر بالخوف , وأظن أنه محق في ذلك ... وأنا انسحبت خوفا من الكلب , والصبية ظلت وقفت على الرصيف ودمعها ..على الخد , والبرد كان يجتاحها , فرجفة يديها كانت واضحة . تلك ليست قصة من نسج الخيال ولكنها حادثة حصلت أمامي أمس , واختصرت حياتي كلها فحين دققت في المشهد ..اكتشف أن الحياة تختزل في هذه القصة , فأنا موزع بين دموع النساء التي تقهرني ولا أجرؤ إلا أن انحاز لها , وبين الكلاب التي تنهش لحمي وتطاردني ..وبين رزق يسير وبسيط , يريده هذا الشاب ولكن بكرامة ..ومن دون أن يوصل الكلاب لغايتهم ... بين دموع النساء وتعب الرزق وعواء الكلاب ...تختصر الحياة .
نقلا عن الرأي
عبدالهادي راجي المجالي اجبد
عمان جو. ... مشهد غريب حدث أمامي أمس , وربما يدعو للسخرية والحزن في ذات الوقت ...جدل حاد بين سائق تكسي يبدو أنه شاب في مقتبل العمر , واشترت له العائلة سيارة صغيرة وجديدة , ويعمل ضمن الشركات التي تتبع التطبيقات الذكية , وصبية جميلة في مقتبل العمر أيضا . أنا كنت أمشي في الشارع المحاذي لمنزلي , على أمل أن أحرق مزيدا من الكوليسترول ..وصادفتهم يتجادلون بحدة , ويبدو أن الصبية في نظرتها أحسست أنها تريد الإستنجاد بي وأنا بطبعي (نشمي) ولا أخذل صبية . القصة باختصار أن الصبية معها كلب , وتريد الذهاب إلى (البوليفارد) , والشاب يرفض أن يصعد الكلب معه , قال لي بالحرف الواحد : أن الحيوانات لا تصعد معه في السيارة , بالمقابل الفتاة مصرة أن يصعد كلبها معها وأخبرتني بغضب وألم : (اطلع عمو ئديش كيوت والله ما بأذي) - أنا أوجعتني كلمة عمو بصراحة - ..ولكني مررتها . حاولت تجسير الفجوة بين الأطراف , وحاولت إقناع السائق ..بأنه في النهاية حيوان , وإذا فعلها على الفرش الخاص بالسيارة فهي مجبرة على دفع ثمن الأضرار , ولكن الشاب سائق التكسي عاند الأمر وأخبرني أن السيارة التي يملكها , لم تقطع (2000) كيلوا بعد ...وأنه لا ينقل الكلاب لأن الأمر ليس مرتبطا بالكلب بقدر ارتباطه بالكرامة . الصبية غضبت , ودونت رقم السيارة على هاتفها , واقسمت أن تتصل بالشرطة ..والشاب هو الاخر غضب , وقال لي : ( عمو إنت شاهد ع القصىة بلاش هاي اتروح تبليني ) ...وأنا بطبعي كرهت هذا الوصف وقلت في قلبي : (عمى الدببة ان شالله) ..ولكني جسرت الفجوة بينهم , وأخذت الشاب على انفراد , وأخبرته أن الرزق يحتاج لتضحية وتحمل , وعرضت بعضا من تجاربي في الحياة – طبعا ليس مع الكلاب – ولكن مع أناس يعتقدون في لحظة أن الكلاب مخلوقات رقيقة ويجب أن تحترم , في النهاية اقتنع الشاب بالأمر . الغريب في المشهد أن الكلب بقي صامتا ويراقب صراخهم , ولم يحتد أو يفعل شيئا ..وحين هدأت الصبية وهمت بصعود السيارة , تحول إلى أسد وانطلق نحوي ..وأنا هربت , وهي تمسكه بقوة وتصرخ عليه : (بارني إهدا ..) . في النهاية تمت السيطرة على الكلب , ولكن السيطرة على سائق التكسي باءت بالفشل لأنه حين شاهد شراسة كلبها واندفاعه , عاد لرفض الأمر من جديد ...وشعر بالخوف , وأظن أنه محق في ذلك ... وأنا انسحبت خوفا من الكلب , والصبية ظلت وقفت على الرصيف ودمعها ..على الخد , والبرد كان يجتاحها , فرجفة يديها كانت واضحة . تلك ليست قصة من نسج الخيال ولكنها حادثة حصلت أمامي أمس , واختصرت حياتي كلها فحين دققت في المشهد ..اكتشف أن الحياة تختزل في هذه القصة , فأنا موزع بين دموع النساء التي تقهرني ولا أجرؤ إلا أن انحاز لها , وبين الكلاب التي تنهش لحمي وتطاردني ..وبين رزق يسير وبسيط , يريده هذا الشاب ولكن بكرامة ..ومن دون أن يوصل الكلاب لغايتهم ... بين دموع النساء وتعب الرزق وعواء الكلاب ...تختصر الحياة .
نقلا عن الرأي
عبدالهادي راجي المجالي اجبد
عمان جو. ... مشهد غريب حدث أمامي أمس , وربما يدعو للسخرية والحزن في ذات الوقت ...جدل حاد بين سائق تكسي يبدو أنه شاب في مقتبل العمر , واشترت له العائلة سيارة صغيرة وجديدة , ويعمل ضمن الشركات التي تتبع التطبيقات الذكية , وصبية جميلة في مقتبل العمر أيضا . أنا كنت أمشي في الشارع المحاذي لمنزلي , على أمل أن أحرق مزيدا من الكوليسترول ..وصادفتهم يتجادلون بحدة , ويبدو أن الصبية في نظرتها أحسست أنها تريد الإستنجاد بي وأنا بطبعي (نشمي) ولا أخذل صبية . القصة باختصار أن الصبية معها كلب , وتريد الذهاب إلى (البوليفارد) , والشاب يرفض أن يصعد الكلب معه , قال لي بالحرف الواحد : أن الحيوانات لا تصعد معه في السيارة , بالمقابل الفتاة مصرة أن يصعد كلبها معها وأخبرتني بغضب وألم : (اطلع عمو ئديش كيوت والله ما بأذي) - أنا أوجعتني كلمة عمو بصراحة - ..ولكني مررتها . حاولت تجسير الفجوة بين الأطراف , وحاولت إقناع السائق ..بأنه في النهاية حيوان , وإذا فعلها على الفرش الخاص بالسيارة فهي مجبرة على دفع ثمن الأضرار , ولكن الشاب سائق التكسي عاند الأمر وأخبرني أن السيارة التي يملكها , لم تقطع (2000) كيلوا بعد ...وأنه لا ينقل الكلاب لأن الأمر ليس مرتبطا بالكلب بقدر ارتباطه بالكرامة . الصبية غضبت , ودونت رقم السيارة على هاتفها , واقسمت أن تتصل بالشرطة ..والشاب هو الاخر غضب , وقال لي : ( عمو إنت شاهد ع القصىة بلاش هاي اتروح تبليني ) ...وأنا بطبعي كرهت هذا الوصف وقلت في قلبي : (عمى الدببة ان شالله) ..ولكني جسرت الفجوة بينهم , وأخذت الشاب على انفراد , وأخبرته أن الرزق يحتاج لتضحية وتحمل , وعرضت بعضا من تجاربي في الحياة – طبعا ليس مع الكلاب – ولكن مع أناس يعتقدون في لحظة أن الكلاب مخلوقات رقيقة ويجب أن تحترم , في النهاية اقتنع الشاب بالأمر . الغريب في المشهد أن الكلب بقي صامتا ويراقب صراخهم , ولم يحتد أو يفعل شيئا ..وحين هدأت الصبية وهمت بصعود السيارة , تحول إلى أسد وانطلق نحوي ..وأنا هربت , وهي تمسكه بقوة وتصرخ عليه : (بارني إهدا ..) . في النهاية تمت السيطرة على الكلب , ولكن السيطرة على سائق التكسي باءت بالفشل لأنه حين شاهد شراسة كلبها واندفاعه , عاد لرفض الأمر من جديد ...وشعر بالخوف , وأظن أنه محق في ذلك ... وأنا انسحبت خوفا من الكلب , والصبية ظلت وقفت على الرصيف ودمعها ..على الخد , والبرد كان يجتاحها , فرجفة يديها كانت واضحة . تلك ليست قصة من نسج الخيال ولكنها حادثة حصلت أمامي أمس , واختصرت حياتي كلها فحين دققت في المشهد ..اكتشف أن الحياة تختزل في هذه القصة , فأنا موزع بين دموع النساء التي تقهرني ولا أجرؤ إلا أن انحاز لها , وبين الكلاب التي تنهش لحمي وتطاردني ..وبين رزق يسير وبسيط , يريده هذا الشاب ولكن بكرامة ..ومن دون أن يوصل الكلاب لغايتهم ... بين دموع النساء وتعب الرزق وعواء الكلاب ...تختصر الحياة .
التعليقات