عمان جو. بلال حسن التل سألني صديقي, عن جدوى وجود معارضة خارجية لأي نظام سياسي, وهل يمكن أن يحدث هذا النوع من المعارضة أثراً؟ إجابتي على سؤال صديقي جاءت من واقع حقيقي, وليس من عالم الافتراض, فقد قلت له أن لدينا في الأردن تجارب مع المعارضة الخارجية, يمكنها أن تكون جواباً على سؤالك, ففي منتصف خمسينات القرن الماضي, وفي خضم المد القومي والألق الناصري ذهب مئات السياسين والعسكريين الأردنيين إلى الخارج, وشكلوا معارضة سياسية, ذات وجود حقيقي وليس افتراضي وكان لها أطر, ولم تكن مجرد أفراد يبحثون عن أدوار, وكان من المعارضين رجال وازنين لهم سجل وظيفي نظيف, وامتداد عشائري وجماهيري وحضور اجتماعي على مستوى الوطن, وقد احتضنتهم بعض عواصم المنطقة المؤثرة كالقاهرة, ودمشق وبغداد, حيث دعمت هذه العواصم المعارضة الأردنية الخارجية مادياً وإعلامياً, سواء عبر إعلام هذه الدول أو من خلال إعلامها في بيروت, ومع ذلك ورغم التاريخ الوظيفي والامتداد العشائري والمناطقي, بل والامتداد الحزبي وربما العسكري لبعض رموز المعارضة الأردنية السابقة في الخارج, فإنها لم تستطيع أن تفعل شيئاً إلا انتظار الفرص للعودة إلى وطنها, وفي أول فرصة كانت تلوح لأحدهم كان يعود إلى بلده, حتى إذا ما صدر العفو العام في ستينيات القرن الماضي عادوا جميعاً ولم يعد هناك معارضة أردنية في الخارج. نفس المشهد تكرر بعد محنة أيلول 1970, فقد خرج من الأردن رجال محترمون من أبناء الضفتين, واتخذوا دمشق وبيروت وبغداد والقاهرة مراكز انطلاق لمعارضتهم, لكنهم شيئاً فشيئاً صاروا يسعون إلى العودة إلى الأردن حتى كان لهم ذلك. صحيح أن أفراداً معدودين لم يعودا إلى الأردن من معارضي الخارج في الحالتين, لكن ذلك كان لأسباب شخصية بحته, لكن أحداً لم يعد يسمع بهم, ولم يشعر أحداً انهم تركوا أثراً أو فراغاً في الحياة السياسية الأردنية. اللافت للنظر في موجتي المعارضة الخارجية الأردنية في خمسينات القرن الماضي وسبعينياته, أن جل قادة هاتين الموجتين لم يكتفوا بالعودة إلى الأردن, بل تحولوا إلى جزء من السلطة, نواباً وأعياناً ووزراء ومدراء عامون وعسكريون وقادة أجهزة أمنية, وصاروا من أشرس المدافعين عن الدولة الأردنية ونظامها السياسي, الذي استوعبهم لسببين, الأول الطبيعة المتسامحة لمؤسسة العرش, التي استطاعت أن ترى وتتعامل مع الجانب الإيجابي في تكوين رجالات المعارضة الخارجية, من خلال احترامها لسجلهم الوظيفي وتقديرها لإخلاصهم القومي معتبرة أنهم أخطؤوا في الاجتهاد, مما لا يوجب التعامل معهم معاملة من يدعون المعارضة للمتاجرة والابتزاز, أو بحثاً عن أدوار, والفرق هائل بين الحالتين, أما السبب الثاني فيتعلق بالمعارضين أنفسهم, فقد اكتشف معظمهم أنه أخطأ الاجتهاد, ولأنهم لم يكونوا يتخدون من المعارضة وسيلة للتكسب, فقد رجعوا عن خطئهم واختاروا حضن الوطن على تشويه صورته. Bilal.tall@yahoo.com
عمان جو. بلال حسن التل سألني صديقي, عن جدوى وجود معارضة خارجية لأي نظام سياسي, وهل يمكن أن يحدث هذا النوع من المعارضة أثراً؟ إجابتي على سؤال صديقي جاءت من واقع حقيقي, وليس من عالم الافتراض, فقد قلت له أن لدينا في الأردن تجارب مع المعارضة الخارجية, يمكنها أن تكون جواباً على سؤالك, ففي منتصف خمسينات القرن الماضي, وفي خضم المد القومي والألق الناصري ذهب مئات السياسين والعسكريين الأردنيين إلى الخارج, وشكلوا معارضة سياسية, ذات وجود حقيقي وليس افتراضي وكان لها أطر, ولم تكن مجرد أفراد يبحثون عن أدوار, وكان من المعارضين رجال وازنين لهم سجل وظيفي نظيف, وامتداد عشائري وجماهيري وحضور اجتماعي على مستوى الوطن, وقد احتضنتهم بعض عواصم المنطقة المؤثرة كالقاهرة, ودمشق وبغداد, حيث دعمت هذه العواصم المعارضة الأردنية الخارجية مادياً وإعلامياً, سواء عبر إعلام هذه الدول أو من خلال إعلامها في بيروت, ومع ذلك ورغم التاريخ الوظيفي والامتداد العشائري والمناطقي, بل والامتداد الحزبي وربما العسكري لبعض رموز المعارضة الأردنية السابقة في الخارج, فإنها لم تستطيع أن تفعل شيئاً إلا انتظار الفرص للعودة إلى وطنها, وفي أول فرصة كانت تلوح لأحدهم كان يعود إلى بلده, حتى إذا ما صدر العفو العام في ستينيات القرن الماضي عادوا جميعاً ولم يعد هناك معارضة أردنية في الخارج. نفس المشهد تكرر بعد محنة أيلول 1970, فقد خرج من الأردن رجال محترمون من أبناء الضفتين, واتخذوا دمشق وبيروت وبغداد والقاهرة مراكز انطلاق لمعارضتهم, لكنهم شيئاً فشيئاً صاروا يسعون إلى العودة إلى الأردن حتى كان لهم ذلك. صحيح أن أفراداً معدودين لم يعودا إلى الأردن من معارضي الخارج في الحالتين, لكن ذلك كان لأسباب شخصية بحته, لكن أحداً لم يعد يسمع بهم, ولم يشعر أحداً انهم تركوا أثراً أو فراغاً في الحياة السياسية الأردنية. اللافت للنظر في موجتي المعارضة الخارجية الأردنية في خمسينات القرن الماضي وسبعينياته, أن جل قادة هاتين الموجتين لم يكتفوا بالعودة إلى الأردن, بل تحولوا إلى جزء من السلطة, نواباً وأعياناً ووزراء ومدراء عامون وعسكريون وقادة أجهزة أمنية, وصاروا من أشرس المدافعين عن الدولة الأردنية ونظامها السياسي, الذي استوعبهم لسببين, الأول الطبيعة المتسامحة لمؤسسة العرش, التي استطاعت أن ترى وتتعامل مع الجانب الإيجابي في تكوين رجالات المعارضة الخارجية, من خلال احترامها لسجلهم الوظيفي وتقديرها لإخلاصهم القومي معتبرة أنهم أخطؤوا في الاجتهاد, مما لا يوجب التعامل معهم معاملة من يدعون المعارضة للمتاجرة والابتزاز, أو بحثاً عن أدوار, والفرق هائل بين الحالتين, أما السبب الثاني فيتعلق بالمعارضين أنفسهم, فقد اكتشف معظمهم أنه أخطأ الاجتهاد, ولأنهم لم يكونوا يتخدون من المعارضة وسيلة للتكسب, فقد رجعوا عن خطئهم واختاروا حضن الوطن على تشويه صورته. Bilal.tall@yahoo.com
عمان جو. بلال حسن التل سألني صديقي, عن جدوى وجود معارضة خارجية لأي نظام سياسي, وهل يمكن أن يحدث هذا النوع من المعارضة أثراً؟ إجابتي على سؤال صديقي جاءت من واقع حقيقي, وليس من عالم الافتراض, فقد قلت له أن لدينا في الأردن تجارب مع المعارضة الخارجية, يمكنها أن تكون جواباً على سؤالك, ففي منتصف خمسينات القرن الماضي, وفي خضم المد القومي والألق الناصري ذهب مئات السياسين والعسكريين الأردنيين إلى الخارج, وشكلوا معارضة سياسية, ذات وجود حقيقي وليس افتراضي وكان لها أطر, ولم تكن مجرد أفراد يبحثون عن أدوار, وكان من المعارضين رجال وازنين لهم سجل وظيفي نظيف, وامتداد عشائري وجماهيري وحضور اجتماعي على مستوى الوطن, وقد احتضنتهم بعض عواصم المنطقة المؤثرة كالقاهرة, ودمشق وبغداد, حيث دعمت هذه العواصم المعارضة الأردنية الخارجية مادياً وإعلامياً, سواء عبر إعلام هذه الدول أو من خلال إعلامها في بيروت, ومع ذلك ورغم التاريخ الوظيفي والامتداد العشائري والمناطقي, بل والامتداد الحزبي وربما العسكري لبعض رموز المعارضة الأردنية السابقة في الخارج, فإنها لم تستطيع أن تفعل شيئاً إلا انتظار الفرص للعودة إلى وطنها, وفي أول فرصة كانت تلوح لأحدهم كان يعود إلى بلده, حتى إذا ما صدر العفو العام في ستينيات القرن الماضي عادوا جميعاً ولم يعد هناك معارضة أردنية في الخارج. نفس المشهد تكرر بعد محنة أيلول 1970, فقد خرج من الأردن رجال محترمون من أبناء الضفتين, واتخذوا دمشق وبيروت وبغداد والقاهرة مراكز انطلاق لمعارضتهم, لكنهم شيئاً فشيئاً صاروا يسعون إلى العودة إلى الأردن حتى كان لهم ذلك. صحيح أن أفراداً معدودين لم يعودا إلى الأردن من معارضي الخارج في الحالتين, لكن ذلك كان لأسباب شخصية بحته, لكن أحداً لم يعد يسمع بهم, ولم يشعر أحداً انهم تركوا أثراً أو فراغاً في الحياة السياسية الأردنية. اللافت للنظر في موجتي المعارضة الخارجية الأردنية في خمسينات القرن الماضي وسبعينياته, أن جل قادة هاتين الموجتين لم يكتفوا بالعودة إلى الأردن, بل تحولوا إلى جزء من السلطة, نواباً وأعياناً ووزراء ومدراء عامون وعسكريون وقادة أجهزة أمنية, وصاروا من أشرس المدافعين عن الدولة الأردنية ونظامها السياسي, الذي استوعبهم لسببين, الأول الطبيعة المتسامحة لمؤسسة العرش, التي استطاعت أن ترى وتتعامل مع الجانب الإيجابي في تكوين رجالات المعارضة الخارجية, من خلال احترامها لسجلهم الوظيفي وتقديرها لإخلاصهم القومي معتبرة أنهم أخطؤوا في الاجتهاد, مما لا يوجب التعامل معهم معاملة من يدعون المعارضة للمتاجرة والابتزاز, أو بحثاً عن أدوار, والفرق هائل بين الحالتين, أما السبب الثاني فيتعلق بالمعارضين أنفسهم, فقد اكتشف معظمهم أنه أخطأ الاجتهاد, ولأنهم لم يكونوا يتخدون من المعارضة وسيلة للتكسب, فقد رجعوا عن خطئهم واختاروا حضن الوطن على تشويه صورته. Bilal.tall@yahoo.com
التعليقات