بقلم: د. امال عبدالله ابوعنزه. استاذ القانون المساعد في الجامعة الاردنية في ظل الظروف التي يعيشها وطننا الحبيب وبهدف مواجهة جائحة فيروس كورونا والتكيف مع تداعيات حالة الطوارئ الصحية الناتجة عنه ، سعت الادارات المختصة بما في ذلك المجلس القضائي ووزارة العدل ووزارة الداخلية بالتعاون مع نقابة المحامين الى اجراء العديد من التعديلات على الإجراءات القضائية، بما يتوافق مع تطبيق قانون الدفاع والذي يخولها اتخاذ إجراءات استثنائية خروجا عن القواعد العامة بحيث يتم تعطيل العمل بالقوانين العادية في حال تعارضها مع قانون الدفاع المعمول به. خاصة ان هذه التعديلات قابلة للتطبيق بشكل مؤقت حتى انتهاء حالة الطوارئ الصحية. وتراعي هذه التعديلات الوصول الى التوازن بين مصلحتين الاولى وهي تحقيق المصلحة العامة في الحفاظ على السلامة العامة وتقليص انتشار المرض قدر الامكان. والثانية السماح باستمرار نشاط المحاكم الضرورية للحفاظ على النظام العام والحفاظ على حقوق أطراف التقاضي وعدم المساس بحقوق الدفاع وحريات الافراد. وان هذه التعديلات التي طرأت والتي ستطرأ على الاجراءات القضائية قد تمس جميع مراحل الدعوى، بد ًءا بالاجراءات المطبقة في مرحلة الاستدلال و التحقيق في الدعاوي الجزائية وخصوصا فيما يتعلق بالتدابير المانعة للحرية السابقة للمحاكمة ،انتقالا الى الاجراءات المتعلقة بمرحلة المحاكمة، واخير الى الاجراءات المطبقة في مراكز الاصلاح والتأهيل. وقد بادرت الادارات المختصة الى اصدار اوامر دفاع تتضمن بعض الاجراءات القضائية الاستثنائية، ولكن مستقبلا قد نكون بحاجة الى اجراء تعديلات اخرى على هذه الاجراءات لضمان تحقيق الاهداف السابقة الذكر والتكيف مع ازمة كورونا خاصة اذا عادت المؤسسات والدوائر الرسمية الى العمل في ظل تطبيق قانون الدفاع. فيما يتعلق بمرحلتي الاستدال والتحقيق اللتان تسبقان مرحلة المحاكمة، فقد نكون بحاجة الى التعديل في الاجراءات بغية الحد بشكل كبير من القبض لدى الشرطة والتوقيف لدى الادعاء العام الا في الحالات الضرورية والاستثنائية مثل الجرائم الخطيرة والسعي الى استبدال الحرمان من الحرية قدر الامكان ببدائل اخرى مثل الاقامة الجبرية واخلاء السبيل بكفالة. اما فيما يخص مرحلة المحاكمة فمن الضرورة العمل على اصدار تعديلات على الاجراءات القضائية التي ستجرى خلال هذه المرحلة بهدف ضمان مواصلة نشاط المحاكم وبنفس الوقت تخفيض النشاطات في المحاكم والدوائر القضائية وصولا الى تخفيف الاختلاط حفاظا على السلامة العامة للمراجعين وللعاملين في هذه الدوائرمن الاصابة بهذا الفيروس. وقد يترجم هذا التخفيض الى اطالة الوقت الاجرائي المتخذ للنظر بالطلبات القضائية واتخاذ الاحكام. فيما اذا اعتبرنا مرض كورونا قوة قاهرة، فان ذلك يستدعي التكيف مع حالة الطوارئ الصحية عن طريق وقف فترات التقادم طيلة فترة تطبيق قانون الدفاع. سواء فيما يتعلق بتقادم الدعوى او تقادم العقوبات نظرا لعدم قدرة الافراد للوصول الى المحاكم لرفع الدعاوي والمطالبة بحقوقهم، وعدم القدرة على اتخاذ الاجراءات اللازمة للقبض على المجرمين المحكومين وتنفيذ العقاب عليهم . وتزيد اهمية هذا التعديل فيما يتعلق بمدد التقادم القصيرة. ولكن يجب ملاحظة أنه على الرغم من تعليق مدد التقادم ، يجب مراعاة الاجراءات والتحقيقات والاعمال التي قد تقطع هذه المدد. واستجابة لذلك فقد صدر امر الدفاع رقم (5) الذي تضمن وقف سريان جميع المدد والمواعيد المنصوص عليها في التشريعات النافذة سواء أكان لاتخاذ أي إجراء من إجراءات التقاضي مدد تقادم أو سقوط أو عدم سماع دعوى. كما تضمن الامر السابق على وقف المدد لدى جميع أنواع المحاكم في المملكة ودوائر النيابة العامة وهيئات التحكيم ودوائر التنفيذ وسلطة الأجور وأي مجلس من مجالس التوفيق والوساطة والتأديب وغيرها ممن يمارس اختصاصات مشابهة لاختصاصات هذه المجالس ولو كانت هذه المدد من المدد التي لا يسري عليهاالوقف.ووفقا لهذا الامر فانه سيتم وقف مدد الطعن بالاحكام دون ان يطبق ذلك على المدد التي انتهت قبل البدء بتطبيق قانون الدفاع. كما سيتم وقف المدد المحددة للقيام باجراءات معينة خلال النظر بالدعاوي القضائية مثل اصدار لوائح الاتهام واحالة القضايا الى المحاكم المختصة و تقديم اللوائح الجوابية وتقديم البينات . بالاضافة الى وقف المدد المفروضة على قضاة الحكم لاصدار احكامهم. كذلك الامربالنسبة للمدد المعطاة للادعاء العام وللمحاكم للبت في طلبات اخلاء السبيل، أو أي طعن آخر في مسائل التوقيف وبدائله كالكفالة والاقامة الجبرية. كما يشمل التعديل وقف مدد العمل بالتدابير الاحترازية و بدائل العقاب كالعقوبات المجتمعية والتدابير البديلة المطبقة على الاحداث . وهذا الوقف في المدد يلبي بلا شك الحاجة إلى المرونة التي تحتاجها المحاكم في الفترة الحالية والفترة القادمة. وقد اوضحت الفقرة الثالثة من امر الدفاع ان بدء سريان تطبيق وقف العمل بالمدد السابقة هو ابتداء من تاريخ العمل بقانون الدفاع اي من 31-1- 0202 . وينتهي العمل بهذا الوقف بالمدد القانونية عندما يقرر رئيس الوزراء اعادة العمل في المؤسسات والدوائر الرسمية العامة. مع التنويه انه -لا سمح الله- قد يصاب الافرادالعاملين بالجهاز القضائي سواء قضاة اواعضاء النيابة العامة او موظفين بالفيروس المنتشر وقد يصعب على بعضهم الخروج نظرا لاوضاعهم الصحية او لالتزاماتهم العائلية ، مما يستدعي العمل بما يلي:بداية، القيام باجراءات حجر الحالات المصابة صحيا. ثم اتخاذ تدابير لإدارة حالات الغياب، لتجنب الشلل في نظام العدالة القضائية ويكون ذلك عن طريق منح المجلس القضائي صلاحيات لرؤساء المحاكم باستبدال القضاة والموظفين الغائبين بقضاة وموظفين اخرين والتزامهم باتمام عمل زملائهم وفي ذلك خروج عن القواعد العامة في تطبيق مبدأ القناعة الوجدانية للقاضي. وفي طبيعة الحال يحل المدعين العامين محل زملائهم وفقا لقاعدة عدم تجزئة النيابة العامة. و قد يستدعي التكيف مع هذه الازمة اللجوء إلى القاضي المنفرد في بعض الحالات التي تشترط وجود هيئة قضائية ثنائية او ثلاثية إذا كان اجتماع الهيئة كاملة مستحيلا، مثل محكمة الاستئناف والتمييز ومحكمة الجنايات. مما يساعد على تجنب حالات الجمود التي قد تنشأ عن غياب العديد من القضاة. إجراءات المحاكمة عن بعد : لمنع تأثر سير العدالة الجنائية من ازمة فيروس كورونا، وبنفس الوقت بهدف احترام قانون الدفاع الذي يفرض حظر تجول جزئي او كلي للحد من انتشار هذا المرض ، فقد يلجأ الى تطبيق إجراءات المحاكمة عن بعد بحيث يتم الاستفادة من التقنيات الحديثة عندما يكون ذلك ممكنا خلال جميع مراحل الدعوى الجزائية، مثل استخدام واعتماد البريد الإلكتروني لغايات التبليغ، وتقديم الطلبات والطعون والمذكرات والمرافعات واللوائح الكترونيا. كما قد تستخدم هذه التقنيات خلال مرحلة التحقيق كتقديم طلبات اخلاء السبيل، واستئناف القرارات المتعلقة بالتوقيف، ورفض اخلاء السبيل، والمطالبة ببدائل التوقيف او تعديلها. وعند تطبيق هذه التقنيات يتم استلام رسالة استقبال تأكيدية من قبل القضاة والموظفين المختصين ويتم معالجتها والرد ايضا عليها الكترونيا على ان تحدد مدة نهائية للرد. ومن أجل تجنب العدوى وتقليل الاحتكاك وبنفس الوقت ضمان استمرارية نشاط المحاكم الجنائية يستبدل المثول الجسدي للاشخاص باستخدام وسائل الاتصال الإلكترونية مثل الفيديو أو الهاتف سواء لعقد الجلسات او اجراء الاستجواب لدى المدعي العام او سؤال المشتكى عليه لدى الشرطة مع مراعاة الخصوصية وسرية التحقيق و حقوق الدفاع وخصوصا وجود المحامين. كما قد يستخدم الفيديو لعقد جلسات النطق بالاحكام مع اعطاء المحكمة صلاحية جعل الجلسات الالكترونية مفتوحة للعامة او سرية. علما ان هذه التقنيات الحديثة قد بدأ تطبيقا في الظروف العادية في حالات محددة في القانون الاردني. التدابير المتخذة لدى مراكز الاصلاح والتأهيل. يتطلب التكيف مع تداعيات ازمة كورونا اتخاذ إجراءات استثنائية على الاجراءات العامة للحد من دخول الاشخاص الى مراكز الاصلاح والتأهيل وتشجيع الخروج منها بهدف تقليص انتشار المرض وحماية الاشخاص العاملين و الموقوفين والمحكومين من العدوى. وقد تتعدى هذه الاجراءات الى المساس بحقوق النزلاء مثل منع الزيارات من قبل الاصدقاء والعائلة خلال فترة الطوارئ الصحية واقتصار الامر على اجراء مكالمات هاتفية معهم. و منع ممارسة الشعائر الدينية التي قد تستدعي الاحتكاك داخل مراكز الاصلاح والتأهيل كصلاة الجماعة . كما قد يلجأ الى تعليق الأنشطة داخل هذه المراكز وتعليق العمل بتدابير التاهيل والدورات التدريبية والتعليمية للنزلاء. ومن الضروري ان تشمل الاجراءات الاستثنائية تطبيق تدابير السلامة العامة والوقاية من المرض داخل هذه المراكز، مثل اجبار العاملين والنزلاء على ارتداء كمامات وقفازات وتوفيرالمواد المعقمة والاهتمام بالنظافة العامة للمباني والنظافة الشخصية للنزلاء. وبغية تسهيل المهام ، قد يسمح الأمر بسجن أو نقل الأشخاص المحكوم عليهم أو الأشخاص المحبوسين احتياطياً في مؤسسة عقابية ، دون موافقة مسبقة أو مشورة من السلطات القضائية المختصة. كما يجب اتخاذ الاحتياطات الازمة في تخصيص مؤسسة عقابية تتألف من جناح الحجر الصحي لاستيعاب النزلاء المصابين بقيروس كورونا وتجنب عدوى النزلاء الاصحاء. وقد تشمل التدابير الاستثنائية إلى السعي الى تفريغ السجون والتخفيف من اكتظاظها عن طريق اقرار الإفراج الجماعي عن المعتقلين لمنع انتشار الوباء في السجون مع مراعاة عدم الاضرار باصحاب الحقوق من مشتكين ودائنين. ويكون ذلك بتطبيق اربع طرق رئيسية اولها: تفعيل نظام تعليق تنفيذ العقاب اذا كان المحكوم عليه يتمتع بحسن سيرة وسلوك واذا توافرت الشروط الاخرى لتطبيق ذلك وفق احكام المادة 55 من قانون العقوبات. اما الطريقة الثانية فهي السعي الى اجراء مصالحة وتسوية بين اطراف الدعوى خاصة في الجرائم الجزائية المعلقة على شكوى او على الادعاء بالحق الشخصي وعلى الجرائم التي تسقط فيها دعوى الحق العام تبعا لاسقاط الحق الشخصي وفقا لاحكام المادة 50 من قانون العقوبات الامر الذي يختصرالكثير من الاجراءات القضائية الذي يؤدي بدوره الى التقليل من الاحتكاك والحد من انتشار المرض. اما الطريقة الثالثة فهي السعي الى تبديل العقوبات المانعة للحرية بعقوبات الاصلاح المجتمعية اذا توافرت شروطها وفقا لاحكام المادة 05 و 55 مكررمن قانون العقوبات. واخيرا :تأجيل تنفيذ الاحكام مؤقتا خلال هذه الفترة الاستثنائية والافراج عن المحكومين بحيث يعود وا الى دور الاصلاح والتأهيل لتنفيذ الاحكام عليهم بعد انتهاء هذه الظروف، يُستبعد من ذلك النزلاء المحكومين بجرائم خطيرة. ولكن ما يجب ملاحظته ان هذا الافراج لا يعني العفو عن النزلاء المخلى سبيلهم بل هو تأجيل مؤقت لتنفيذ العقوبة. وقد طبقت هذه الطريقة في الاردن مسبقا عندما اعلنت السلطة القضائية تأجيل حبس 1203 أردني مدين بينهم 13 سيدة من الغارمات، ممن لم تتجاوز ديونهم المحكومين بها عن 32 آلاف دينار أردني، لمدة شهر واحد. كما اعلن وزير الداخلية الأردني عن نية الإفراج عن 502 موقوفا إداريا، بعد دراسة ملفاتهم والتأكد من عدم تشكيلهم لأي خطورة على النظام العام، فيما أعلنت محكمة أمن الدولة والنيابة العامة لدى القضاء العسكري، عزمها الإفراج عن 3222 موقوف لديها على قضايا جنحوية أبرزها تعاطي المواد المخدرة، لغايات تخفيف الاكتظاظ والحد من انتشار فيروس كورونا. نهاية، نتمنى من السلطات والادارات المختصة اليوم تحضير خطة شاملة وكاملة وسريعة للاجراءات القضائية تحمل ضمانات التنفيذ الكاملة من الملك مباشرة، لتكون قادرة على التكيف مع اي حالة طوارئ استثنائية بما في ذلك ازمة فيروس كورونا. داعين الله ان يرفع هذا الوباء عن اردننا الحبيب وعن البشرية جمعاء.
عمان جو.
بقلم: د. امال عبدالله ابوعنزه. استاذ القانون المساعد في الجامعة الاردنية في ظل الظروف التي يعيشها وطننا الحبيب وبهدف مواجهة جائحة فيروس كورونا والتكيف مع تداعيات حالة الطوارئ الصحية الناتجة عنه ، سعت الادارات المختصة بما في ذلك المجلس القضائي ووزارة العدل ووزارة الداخلية بالتعاون مع نقابة المحامين الى اجراء العديد من التعديلات على الإجراءات القضائية، بما يتوافق مع تطبيق قانون الدفاع والذي يخولها اتخاذ إجراءات استثنائية خروجا عن القواعد العامة بحيث يتم تعطيل العمل بالقوانين العادية في حال تعارضها مع قانون الدفاع المعمول به. خاصة ان هذه التعديلات قابلة للتطبيق بشكل مؤقت حتى انتهاء حالة الطوارئ الصحية. وتراعي هذه التعديلات الوصول الى التوازن بين مصلحتين الاولى وهي تحقيق المصلحة العامة في الحفاظ على السلامة العامة وتقليص انتشار المرض قدر الامكان. والثانية السماح باستمرار نشاط المحاكم الضرورية للحفاظ على النظام العام والحفاظ على حقوق أطراف التقاضي وعدم المساس بحقوق الدفاع وحريات الافراد. وان هذه التعديلات التي طرأت والتي ستطرأ على الاجراءات القضائية قد تمس جميع مراحل الدعوى، بد ًءا بالاجراءات المطبقة في مرحلة الاستدلال و التحقيق في الدعاوي الجزائية وخصوصا فيما يتعلق بالتدابير المانعة للحرية السابقة للمحاكمة ،انتقالا الى الاجراءات المتعلقة بمرحلة المحاكمة، واخير الى الاجراءات المطبقة في مراكز الاصلاح والتأهيل. وقد بادرت الادارات المختصة الى اصدار اوامر دفاع تتضمن بعض الاجراءات القضائية الاستثنائية، ولكن مستقبلا قد نكون بحاجة الى اجراء تعديلات اخرى على هذه الاجراءات لضمان تحقيق الاهداف السابقة الذكر والتكيف مع ازمة كورونا خاصة اذا عادت المؤسسات والدوائر الرسمية الى العمل في ظل تطبيق قانون الدفاع. فيما يتعلق بمرحلتي الاستدال والتحقيق اللتان تسبقان مرحلة المحاكمة، فقد نكون بحاجة الى التعديل في الاجراءات بغية الحد بشكل كبير من القبض لدى الشرطة والتوقيف لدى الادعاء العام الا في الحالات الضرورية والاستثنائية مثل الجرائم الخطيرة والسعي الى استبدال الحرمان من الحرية قدر الامكان ببدائل اخرى مثل الاقامة الجبرية واخلاء السبيل بكفالة. اما فيما يخص مرحلة المحاكمة فمن الضرورة العمل على اصدار تعديلات على الاجراءات القضائية التي ستجرى خلال هذه المرحلة بهدف ضمان مواصلة نشاط المحاكم وبنفس الوقت تخفيض النشاطات في المحاكم والدوائر القضائية وصولا الى تخفيف الاختلاط حفاظا على السلامة العامة للمراجعين وللعاملين في هذه الدوائرمن الاصابة بهذا الفيروس. وقد يترجم هذا التخفيض الى اطالة الوقت الاجرائي المتخذ للنظر بالطلبات القضائية واتخاذ الاحكام. فيما اذا اعتبرنا مرض كورونا قوة قاهرة، فان ذلك يستدعي التكيف مع حالة الطوارئ الصحية عن طريق وقف فترات التقادم طيلة فترة تطبيق قانون الدفاع. سواء فيما يتعلق بتقادم الدعوى او تقادم العقوبات نظرا لعدم قدرة الافراد للوصول الى المحاكم لرفع الدعاوي والمطالبة بحقوقهم، وعدم القدرة على اتخاذ الاجراءات اللازمة للقبض على المجرمين المحكومين وتنفيذ العقاب عليهم . وتزيد اهمية هذا التعديل فيما يتعلق بمدد التقادم القصيرة. ولكن يجب ملاحظة أنه على الرغم من تعليق مدد التقادم ، يجب مراعاة الاجراءات والتحقيقات والاعمال التي قد تقطع هذه المدد. واستجابة لذلك فقد صدر امر الدفاع رقم (5) الذي تضمن وقف سريان جميع المدد والمواعيد المنصوص عليها في التشريعات النافذة سواء أكان لاتخاذ أي إجراء من إجراءات التقاضي مدد تقادم أو سقوط أو عدم سماع دعوى. كما تضمن الامر السابق على وقف المدد لدى جميع أنواع المحاكم في المملكة ودوائر النيابة العامة وهيئات التحكيم ودوائر التنفيذ وسلطة الأجور وأي مجلس من مجالس التوفيق والوساطة والتأديب وغيرها ممن يمارس اختصاصات مشابهة لاختصاصات هذه المجالس ولو كانت هذه المدد من المدد التي لا يسري عليهاالوقف.ووفقا لهذا الامر فانه سيتم وقف مدد الطعن بالاحكام دون ان يطبق ذلك على المدد التي انتهت قبل البدء بتطبيق قانون الدفاع. كما سيتم وقف المدد المحددة للقيام باجراءات معينة خلال النظر بالدعاوي القضائية مثل اصدار لوائح الاتهام واحالة القضايا الى المحاكم المختصة و تقديم اللوائح الجوابية وتقديم البينات . بالاضافة الى وقف المدد المفروضة على قضاة الحكم لاصدار احكامهم. كذلك الامربالنسبة للمدد المعطاة للادعاء العام وللمحاكم للبت في طلبات اخلاء السبيل، أو أي طعن آخر في مسائل التوقيف وبدائله كالكفالة والاقامة الجبرية. كما يشمل التعديل وقف مدد العمل بالتدابير الاحترازية و بدائل العقاب كالعقوبات المجتمعية والتدابير البديلة المطبقة على الاحداث . وهذا الوقف في المدد يلبي بلا شك الحاجة إلى المرونة التي تحتاجها المحاكم في الفترة الحالية والفترة القادمة. وقد اوضحت الفقرة الثالثة من امر الدفاع ان بدء سريان تطبيق وقف العمل بالمدد السابقة هو ابتداء من تاريخ العمل بقانون الدفاع اي من 31-1- 0202 . وينتهي العمل بهذا الوقف بالمدد القانونية عندما يقرر رئيس الوزراء اعادة العمل في المؤسسات والدوائر الرسمية العامة. مع التنويه انه -لا سمح الله- قد يصاب الافرادالعاملين بالجهاز القضائي سواء قضاة اواعضاء النيابة العامة او موظفين بالفيروس المنتشر وقد يصعب على بعضهم الخروج نظرا لاوضاعهم الصحية او لالتزاماتهم العائلية ، مما يستدعي العمل بما يلي:بداية، القيام باجراءات حجر الحالات المصابة صحيا. ثم اتخاذ تدابير لإدارة حالات الغياب، لتجنب الشلل في نظام العدالة القضائية ويكون ذلك عن طريق منح المجلس القضائي صلاحيات لرؤساء المحاكم باستبدال القضاة والموظفين الغائبين بقضاة وموظفين اخرين والتزامهم باتمام عمل زملائهم وفي ذلك خروج عن القواعد العامة في تطبيق مبدأ القناعة الوجدانية للقاضي. وفي طبيعة الحال يحل المدعين العامين محل زملائهم وفقا لقاعدة عدم تجزئة النيابة العامة. و قد يستدعي التكيف مع هذه الازمة اللجوء إلى القاضي المنفرد في بعض الحالات التي تشترط وجود هيئة قضائية ثنائية او ثلاثية إذا كان اجتماع الهيئة كاملة مستحيلا، مثل محكمة الاستئناف والتمييز ومحكمة الجنايات. مما يساعد على تجنب حالات الجمود التي قد تنشأ عن غياب العديد من القضاة. إجراءات المحاكمة عن بعد : لمنع تأثر سير العدالة الجنائية من ازمة فيروس كورونا، وبنفس الوقت بهدف احترام قانون الدفاع الذي يفرض حظر تجول جزئي او كلي للحد من انتشار هذا المرض ، فقد يلجأ الى تطبيق إجراءات المحاكمة عن بعد بحيث يتم الاستفادة من التقنيات الحديثة عندما يكون ذلك ممكنا خلال جميع مراحل الدعوى الجزائية، مثل استخدام واعتماد البريد الإلكتروني لغايات التبليغ، وتقديم الطلبات والطعون والمذكرات والمرافعات واللوائح الكترونيا. كما قد تستخدم هذه التقنيات خلال مرحلة التحقيق كتقديم طلبات اخلاء السبيل، واستئناف القرارات المتعلقة بالتوقيف، ورفض اخلاء السبيل، والمطالبة ببدائل التوقيف او تعديلها. وعند تطبيق هذه التقنيات يتم استلام رسالة استقبال تأكيدية من قبل القضاة والموظفين المختصين ويتم معالجتها والرد ايضا عليها الكترونيا على ان تحدد مدة نهائية للرد. ومن أجل تجنب العدوى وتقليل الاحتكاك وبنفس الوقت ضمان استمرارية نشاط المحاكم الجنائية يستبدل المثول الجسدي للاشخاص باستخدام وسائل الاتصال الإلكترونية مثل الفيديو أو الهاتف سواء لعقد الجلسات او اجراء الاستجواب لدى المدعي العام او سؤال المشتكى عليه لدى الشرطة مع مراعاة الخصوصية وسرية التحقيق و حقوق الدفاع وخصوصا وجود المحامين. كما قد يستخدم الفيديو لعقد جلسات النطق بالاحكام مع اعطاء المحكمة صلاحية جعل الجلسات الالكترونية مفتوحة للعامة او سرية. علما ان هذه التقنيات الحديثة قد بدأ تطبيقا في الظروف العادية في حالات محددة في القانون الاردني. التدابير المتخذة لدى مراكز الاصلاح والتأهيل. يتطلب التكيف مع تداعيات ازمة كورونا اتخاذ إجراءات استثنائية على الاجراءات العامة للحد من دخول الاشخاص الى مراكز الاصلاح والتأهيل وتشجيع الخروج منها بهدف تقليص انتشار المرض وحماية الاشخاص العاملين و الموقوفين والمحكومين من العدوى. وقد تتعدى هذه الاجراءات الى المساس بحقوق النزلاء مثل منع الزيارات من قبل الاصدقاء والعائلة خلال فترة الطوارئ الصحية واقتصار الامر على اجراء مكالمات هاتفية معهم. و منع ممارسة الشعائر الدينية التي قد تستدعي الاحتكاك داخل مراكز الاصلاح والتأهيل كصلاة الجماعة . كما قد يلجأ الى تعليق الأنشطة داخل هذه المراكز وتعليق العمل بتدابير التاهيل والدورات التدريبية والتعليمية للنزلاء. ومن الضروري ان تشمل الاجراءات الاستثنائية تطبيق تدابير السلامة العامة والوقاية من المرض داخل هذه المراكز، مثل اجبار العاملين والنزلاء على ارتداء كمامات وقفازات وتوفيرالمواد المعقمة والاهتمام بالنظافة العامة للمباني والنظافة الشخصية للنزلاء. وبغية تسهيل المهام ، قد يسمح الأمر بسجن أو نقل الأشخاص المحكوم عليهم أو الأشخاص المحبوسين احتياطياً في مؤسسة عقابية ، دون موافقة مسبقة أو مشورة من السلطات القضائية المختصة. كما يجب اتخاذ الاحتياطات الازمة في تخصيص مؤسسة عقابية تتألف من جناح الحجر الصحي لاستيعاب النزلاء المصابين بقيروس كورونا وتجنب عدوى النزلاء الاصحاء. وقد تشمل التدابير الاستثنائية إلى السعي الى تفريغ السجون والتخفيف من اكتظاظها عن طريق اقرار الإفراج الجماعي عن المعتقلين لمنع انتشار الوباء في السجون مع مراعاة عدم الاضرار باصحاب الحقوق من مشتكين ودائنين. ويكون ذلك بتطبيق اربع طرق رئيسية اولها: تفعيل نظام تعليق تنفيذ العقاب اذا كان المحكوم عليه يتمتع بحسن سيرة وسلوك واذا توافرت الشروط الاخرى لتطبيق ذلك وفق احكام المادة 55 من قانون العقوبات. اما الطريقة الثانية فهي السعي الى اجراء مصالحة وتسوية بين اطراف الدعوى خاصة في الجرائم الجزائية المعلقة على شكوى او على الادعاء بالحق الشخصي وعلى الجرائم التي تسقط فيها دعوى الحق العام تبعا لاسقاط الحق الشخصي وفقا لاحكام المادة 50 من قانون العقوبات الامر الذي يختصرالكثير من الاجراءات القضائية الذي يؤدي بدوره الى التقليل من الاحتكاك والحد من انتشار المرض. اما الطريقة الثالثة فهي السعي الى تبديل العقوبات المانعة للحرية بعقوبات الاصلاح المجتمعية اذا توافرت شروطها وفقا لاحكام المادة 05 و 55 مكررمن قانون العقوبات. واخيرا :تأجيل تنفيذ الاحكام مؤقتا خلال هذه الفترة الاستثنائية والافراج عن المحكومين بحيث يعود وا الى دور الاصلاح والتأهيل لتنفيذ الاحكام عليهم بعد انتهاء هذه الظروف، يُستبعد من ذلك النزلاء المحكومين بجرائم خطيرة. ولكن ما يجب ملاحظته ان هذا الافراج لا يعني العفو عن النزلاء المخلى سبيلهم بل هو تأجيل مؤقت لتنفيذ العقوبة. وقد طبقت هذه الطريقة في الاردن مسبقا عندما اعلنت السلطة القضائية تأجيل حبس 1203 أردني مدين بينهم 13 سيدة من الغارمات، ممن لم تتجاوز ديونهم المحكومين بها عن 32 آلاف دينار أردني، لمدة شهر واحد. كما اعلن وزير الداخلية الأردني عن نية الإفراج عن 502 موقوفا إداريا، بعد دراسة ملفاتهم والتأكد من عدم تشكيلهم لأي خطورة على النظام العام، فيما أعلنت محكمة أمن الدولة والنيابة العامة لدى القضاء العسكري، عزمها الإفراج عن 3222 موقوف لديها على قضايا جنحوية أبرزها تعاطي المواد المخدرة، لغايات تخفيف الاكتظاظ والحد من انتشار فيروس كورونا. نهاية، نتمنى من السلطات والادارات المختصة اليوم تحضير خطة شاملة وكاملة وسريعة للاجراءات القضائية تحمل ضمانات التنفيذ الكاملة من الملك مباشرة، لتكون قادرة على التكيف مع اي حالة طوارئ استثنائية بما في ذلك ازمة فيروس كورونا. داعين الله ان يرفع هذا الوباء عن اردننا الحبيب وعن البشرية جمعاء.
عمان جو.
بقلم: د. امال عبدالله ابوعنزه. استاذ القانون المساعد في الجامعة الاردنية في ظل الظروف التي يعيشها وطننا الحبيب وبهدف مواجهة جائحة فيروس كورونا والتكيف مع تداعيات حالة الطوارئ الصحية الناتجة عنه ، سعت الادارات المختصة بما في ذلك المجلس القضائي ووزارة العدل ووزارة الداخلية بالتعاون مع نقابة المحامين الى اجراء العديد من التعديلات على الإجراءات القضائية، بما يتوافق مع تطبيق قانون الدفاع والذي يخولها اتخاذ إجراءات استثنائية خروجا عن القواعد العامة بحيث يتم تعطيل العمل بالقوانين العادية في حال تعارضها مع قانون الدفاع المعمول به. خاصة ان هذه التعديلات قابلة للتطبيق بشكل مؤقت حتى انتهاء حالة الطوارئ الصحية. وتراعي هذه التعديلات الوصول الى التوازن بين مصلحتين الاولى وهي تحقيق المصلحة العامة في الحفاظ على السلامة العامة وتقليص انتشار المرض قدر الامكان. والثانية السماح باستمرار نشاط المحاكم الضرورية للحفاظ على النظام العام والحفاظ على حقوق أطراف التقاضي وعدم المساس بحقوق الدفاع وحريات الافراد. وان هذه التعديلات التي طرأت والتي ستطرأ على الاجراءات القضائية قد تمس جميع مراحل الدعوى، بد ًءا بالاجراءات المطبقة في مرحلة الاستدلال و التحقيق في الدعاوي الجزائية وخصوصا فيما يتعلق بالتدابير المانعة للحرية السابقة للمحاكمة ،انتقالا الى الاجراءات المتعلقة بمرحلة المحاكمة، واخير الى الاجراءات المطبقة في مراكز الاصلاح والتأهيل. وقد بادرت الادارات المختصة الى اصدار اوامر دفاع تتضمن بعض الاجراءات القضائية الاستثنائية، ولكن مستقبلا قد نكون بحاجة الى اجراء تعديلات اخرى على هذه الاجراءات لضمان تحقيق الاهداف السابقة الذكر والتكيف مع ازمة كورونا خاصة اذا عادت المؤسسات والدوائر الرسمية الى العمل في ظل تطبيق قانون الدفاع. فيما يتعلق بمرحلتي الاستدال والتحقيق اللتان تسبقان مرحلة المحاكمة، فقد نكون بحاجة الى التعديل في الاجراءات بغية الحد بشكل كبير من القبض لدى الشرطة والتوقيف لدى الادعاء العام الا في الحالات الضرورية والاستثنائية مثل الجرائم الخطيرة والسعي الى استبدال الحرمان من الحرية قدر الامكان ببدائل اخرى مثل الاقامة الجبرية واخلاء السبيل بكفالة. اما فيما يخص مرحلة المحاكمة فمن الضرورة العمل على اصدار تعديلات على الاجراءات القضائية التي ستجرى خلال هذه المرحلة بهدف ضمان مواصلة نشاط المحاكم وبنفس الوقت تخفيض النشاطات في المحاكم والدوائر القضائية وصولا الى تخفيف الاختلاط حفاظا على السلامة العامة للمراجعين وللعاملين في هذه الدوائرمن الاصابة بهذا الفيروس. وقد يترجم هذا التخفيض الى اطالة الوقت الاجرائي المتخذ للنظر بالطلبات القضائية واتخاذ الاحكام. فيما اذا اعتبرنا مرض كورونا قوة قاهرة، فان ذلك يستدعي التكيف مع حالة الطوارئ الصحية عن طريق وقف فترات التقادم طيلة فترة تطبيق قانون الدفاع. سواء فيما يتعلق بتقادم الدعوى او تقادم العقوبات نظرا لعدم قدرة الافراد للوصول الى المحاكم لرفع الدعاوي والمطالبة بحقوقهم، وعدم القدرة على اتخاذ الاجراءات اللازمة للقبض على المجرمين المحكومين وتنفيذ العقاب عليهم . وتزيد اهمية هذا التعديل فيما يتعلق بمدد التقادم القصيرة. ولكن يجب ملاحظة أنه على الرغم من تعليق مدد التقادم ، يجب مراعاة الاجراءات والتحقيقات والاعمال التي قد تقطع هذه المدد. واستجابة لذلك فقد صدر امر الدفاع رقم (5) الذي تضمن وقف سريان جميع المدد والمواعيد المنصوص عليها في التشريعات النافذة سواء أكان لاتخاذ أي إجراء من إجراءات التقاضي مدد تقادم أو سقوط أو عدم سماع دعوى. كما تضمن الامر السابق على وقف المدد لدى جميع أنواع المحاكم في المملكة ودوائر النيابة العامة وهيئات التحكيم ودوائر التنفيذ وسلطة الأجور وأي مجلس من مجالس التوفيق والوساطة والتأديب وغيرها ممن يمارس اختصاصات مشابهة لاختصاصات هذه المجالس ولو كانت هذه المدد من المدد التي لا يسري عليهاالوقف.ووفقا لهذا الامر فانه سيتم وقف مدد الطعن بالاحكام دون ان يطبق ذلك على المدد التي انتهت قبل البدء بتطبيق قانون الدفاع. كما سيتم وقف المدد المحددة للقيام باجراءات معينة خلال النظر بالدعاوي القضائية مثل اصدار لوائح الاتهام واحالة القضايا الى المحاكم المختصة و تقديم اللوائح الجوابية وتقديم البينات . بالاضافة الى وقف المدد المفروضة على قضاة الحكم لاصدار احكامهم. كذلك الامربالنسبة للمدد المعطاة للادعاء العام وللمحاكم للبت في طلبات اخلاء السبيل، أو أي طعن آخر في مسائل التوقيف وبدائله كالكفالة والاقامة الجبرية. كما يشمل التعديل وقف مدد العمل بالتدابير الاحترازية و بدائل العقاب كالعقوبات المجتمعية والتدابير البديلة المطبقة على الاحداث . وهذا الوقف في المدد يلبي بلا شك الحاجة إلى المرونة التي تحتاجها المحاكم في الفترة الحالية والفترة القادمة. وقد اوضحت الفقرة الثالثة من امر الدفاع ان بدء سريان تطبيق وقف العمل بالمدد السابقة هو ابتداء من تاريخ العمل بقانون الدفاع اي من 31-1- 0202 . وينتهي العمل بهذا الوقف بالمدد القانونية عندما يقرر رئيس الوزراء اعادة العمل في المؤسسات والدوائر الرسمية العامة. مع التنويه انه -لا سمح الله- قد يصاب الافرادالعاملين بالجهاز القضائي سواء قضاة اواعضاء النيابة العامة او موظفين بالفيروس المنتشر وقد يصعب على بعضهم الخروج نظرا لاوضاعهم الصحية او لالتزاماتهم العائلية ، مما يستدعي العمل بما يلي:بداية، القيام باجراءات حجر الحالات المصابة صحيا. ثم اتخاذ تدابير لإدارة حالات الغياب، لتجنب الشلل في نظام العدالة القضائية ويكون ذلك عن طريق منح المجلس القضائي صلاحيات لرؤساء المحاكم باستبدال القضاة والموظفين الغائبين بقضاة وموظفين اخرين والتزامهم باتمام عمل زملائهم وفي ذلك خروج عن القواعد العامة في تطبيق مبدأ القناعة الوجدانية للقاضي. وفي طبيعة الحال يحل المدعين العامين محل زملائهم وفقا لقاعدة عدم تجزئة النيابة العامة. و قد يستدعي التكيف مع هذه الازمة اللجوء إلى القاضي المنفرد في بعض الحالات التي تشترط وجود هيئة قضائية ثنائية او ثلاثية إذا كان اجتماع الهيئة كاملة مستحيلا، مثل محكمة الاستئناف والتمييز ومحكمة الجنايات. مما يساعد على تجنب حالات الجمود التي قد تنشأ عن غياب العديد من القضاة. إجراءات المحاكمة عن بعد : لمنع تأثر سير العدالة الجنائية من ازمة فيروس كورونا، وبنفس الوقت بهدف احترام قانون الدفاع الذي يفرض حظر تجول جزئي او كلي للحد من انتشار هذا المرض ، فقد يلجأ الى تطبيق إجراءات المحاكمة عن بعد بحيث يتم الاستفادة من التقنيات الحديثة عندما يكون ذلك ممكنا خلال جميع مراحل الدعوى الجزائية، مثل استخدام واعتماد البريد الإلكتروني لغايات التبليغ، وتقديم الطلبات والطعون والمذكرات والمرافعات واللوائح الكترونيا. كما قد تستخدم هذه التقنيات خلال مرحلة التحقيق كتقديم طلبات اخلاء السبيل، واستئناف القرارات المتعلقة بالتوقيف، ورفض اخلاء السبيل، والمطالبة ببدائل التوقيف او تعديلها. وعند تطبيق هذه التقنيات يتم استلام رسالة استقبال تأكيدية من قبل القضاة والموظفين المختصين ويتم معالجتها والرد ايضا عليها الكترونيا على ان تحدد مدة نهائية للرد. ومن أجل تجنب العدوى وتقليل الاحتكاك وبنفس الوقت ضمان استمرارية نشاط المحاكم الجنائية يستبدل المثول الجسدي للاشخاص باستخدام وسائل الاتصال الإلكترونية مثل الفيديو أو الهاتف سواء لعقد الجلسات او اجراء الاستجواب لدى المدعي العام او سؤال المشتكى عليه لدى الشرطة مع مراعاة الخصوصية وسرية التحقيق و حقوق الدفاع وخصوصا وجود المحامين. كما قد يستخدم الفيديو لعقد جلسات النطق بالاحكام مع اعطاء المحكمة صلاحية جعل الجلسات الالكترونية مفتوحة للعامة او سرية. علما ان هذه التقنيات الحديثة قد بدأ تطبيقا في الظروف العادية في حالات محددة في القانون الاردني. التدابير المتخذة لدى مراكز الاصلاح والتأهيل. يتطلب التكيف مع تداعيات ازمة كورونا اتخاذ إجراءات استثنائية على الاجراءات العامة للحد من دخول الاشخاص الى مراكز الاصلاح والتأهيل وتشجيع الخروج منها بهدف تقليص انتشار المرض وحماية الاشخاص العاملين و الموقوفين والمحكومين من العدوى. وقد تتعدى هذه الاجراءات الى المساس بحقوق النزلاء مثل منع الزيارات من قبل الاصدقاء والعائلة خلال فترة الطوارئ الصحية واقتصار الامر على اجراء مكالمات هاتفية معهم. و منع ممارسة الشعائر الدينية التي قد تستدعي الاحتكاك داخل مراكز الاصلاح والتأهيل كصلاة الجماعة . كما قد يلجأ الى تعليق الأنشطة داخل هذه المراكز وتعليق العمل بتدابير التاهيل والدورات التدريبية والتعليمية للنزلاء. ومن الضروري ان تشمل الاجراءات الاستثنائية تطبيق تدابير السلامة العامة والوقاية من المرض داخل هذه المراكز، مثل اجبار العاملين والنزلاء على ارتداء كمامات وقفازات وتوفيرالمواد المعقمة والاهتمام بالنظافة العامة للمباني والنظافة الشخصية للنزلاء. وبغية تسهيل المهام ، قد يسمح الأمر بسجن أو نقل الأشخاص المحكوم عليهم أو الأشخاص المحبوسين احتياطياً في مؤسسة عقابية ، دون موافقة مسبقة أو مشورة من السلطات القضائية المختصة. كما يجب اتخاذ الاحتياطات الازمة في تخصيص مؤسسة عقابية تتألف من جناح الحجر الصحي لاستيعاب النزلاء المصابين بقيروس كورونا وتجنب عدوى النزلاء الاصحاء. وقد تشمل التدابير الاستثنائية إلى السعي الى تفريغ السجون والتخفيف من اكتظاظها عن طريق اقرار الإفراج الجماعي عن المعتقلين لمنع انتشار الوباء في السجون مع مراعاة عدم الاضرار باصحاب الحقوق من مشتكين ودائنين. ويكون ذلك بتطبيق اربع طرق رئيسية اولها: تفعيل نظام تعليق تنفيذ العقاب اذا كان المحكوم عليه يتمتع بحسن سيرة وسلوك واذا توافرت الشروط الاخرى لتطبيق ذلك وفق احكام المادة 55 من قانون العقوبات. اما الطريقة الثانية فهي السعي الى اجراء مصالحة وتسوية بين اطراف الدعوى خاصة في الجرائم الجزائية المعلقة على شكوى او على الادعاء بالحق الشخصي وعلى الجرائم التي تسقط فيها دعوى الحق العام تبعا لاسقاط الحق الشخصي وفقا لاحكام المادة 50 من قانون العقوبات الامر الذي يختصرالكثير من الاجراءات القضائية الذي يؤدي بدوره الى التقليل من الاحتكاك والحد من انتشار المرض. اما الطريقة الثالثة فهي السعي الى تبديل العقوبات المانعة للحرية بعقوبات الاصلاح المجتمعية اذا توافرت شروطها وفقا لاحكام المادة 05 و 55 مكررمن قانون العقوبات. واخيرا :تأجيل تنفيذ الاحكام مؤقتا خلال هذه الفترة الاستثنائية والافراج عن المحكومين بحيث يعود وا الى دور الاصلاح والتأهيل لتنفيذ الاحكام عليهم بعد انتهاء هذه الظروف، يُستبعد من ذلك النزلاء المحكومين بجرائم خطيرة. ولكن ما يجب ملاحظته ان هذا الافراج لا يعني العفو عن النزلاء المخلى سبيلهم بل هو تأجيل مؤقت لتنفيذ العقوبة. وقد طبقت هذه الطريقة في الاردن مسبقا عندما اعلنت السلطة القضائية تأجيل حبس 1203 أردني مدين بينهم 13 سيدة من الغارمات، ممن لم تتجاوز ديونهم المحكومين بها عن 32 آلاف دينار أردني، لمدة شهر واحد. كما اعلن وزير الداخلية الأردني عن نية الإفراج عن 502 موقوفا إداريا، بعد دراسة ملفاتهم والتأكد من عدم تشكيلهم لأي خطورة على النظام العام، فيما أعلنت محكمة أمن الدولة والنيابة العامة لدى القضاء العسكري، عزمها الإفراج عن 3222 موقوف لديها على قضايا جنحوية أبرزها تعاطي المواد المخدرة، لغايات تخفيف الاكتظاظ والحد من انتشار فيروس كورونا. نهاية، نتمنى من السلطات والادارات المختصة اليوم تحضير خطة شاملة وكاملة وسريعة للاجراءات القضائية تحمل ضمانات التنفيذ الكاملة من الملك مباشرة، لتكون قادرة على التكيف مع اي حالة طوارئ استثنائية بما في ذلك ازمة فيروس كورونا. داعين الله ان يرفع هذا الوباء عن اردننا الحبيب وعن البشرية جمعاء.
التعليقات
اجراءات قضائية استثنائية لمواجهة ازمة كورونا، بين الحاضر والمستقبل
التعليقات