عمان جو - ماهر أبو طير - بات واضحا ان كثرة بحاجة إلى وقت أطول مما نتوقع حتى تسترد عافيتها الاقتصادية، هذا إذا استطاعت أن تقف على قدميها، بعد أشهر الحجر المنزلي، وما تركه من ضرر على الكل.
القصة ليست أردنية فقط، إذ أن دولا كثيرة، تعرضت إلى اضرار اقتصادية، لكننا حين نتحدث عن الأردن، نتحدث عن مئات آلاف المؤسسات والمحلات والشركات والتجار والمهنيين من قطاعات مختلفة، تعطلت أعمالهم، من الفترة من منتصف شهر آذار حتى منتصف حزيران، وهناك قطاعات ما تزال مغلقة ومتضررة، من شركات الطيران إلى صالات الأفراح.
أغلبنا يعرف ان أغلب القطاعات تعيش بشكل علني على نظرية تلبيس الطواقي فالتاجر الصغير يأخذ بضاعة بالدين من التاجر الأكبر، والأكبر لديه تسهيلات مصرفية، والتاجر الصغير ينتظر مبيعاته ليدفع جزءا منها، وشهرا من الإيجار، وينفق قليلا على بيته، ولان دورة الطواقي توقفت خلال أشهر الحظر، انكشف الكل ماليا، فلم يدفع أحد التزاماته، ولم يسدد كثيرون ما عليهم، من التزامات مختلفة.
خذوا مثلا بيانات البنك المركزي التي أعلنها أمس، التي أظهرت ان أكثر من ربع مليون شيك تمت إعادتها بسبب عدم كفاية الرصيد، وقيمتها تقترب من المليار دينار أردني، للأشهر الستة الأولى من هذا العام، وهذا يعني ان الرقم بنهاية العام سيكون مرتفعا للغاية مقارنة بأعوام ماضية، خصوصا، في ظل الازمة الاقتصادية، وحالة الكساد، وتجفيف السيولة، وثلاثة أشهر من الستة، كانت البلد مغلقة إلى حد كبير، مما زاد من قيمة الشيكات المرتجعة.
إذا عدنا إلى أرقام العام الماضي 2019 فقد بلغت قيمة الشيكات المرتجعة حتى نهاية كانون الأول من العام 2019 الى مليار وخمسمائة وسبعين مليون دينار تقريبا، على مدى اثني عشر شهرا، من ذلك العام، فيما كانت قيمة الشيكات المرتجعة في 2018 مليارا وسبعمائة مليون دينار، وإذا نظرنا إلى هذه الأرقام المذهلة، قبل جائحة كورونا، فان التوقعات تتحدث عن رقم مذهل مع نهاية هذا العام، مهما بلغت التطمينات وحاولت التقليل من حجم المشكلة.
هذه الازمة، ربما ليست جديدة، لكنها مع كورونا تعمقت حدتها، وهي تعبر عن الازمة في الواقع، أي أزمة عدم القدرة على دفع الالتزامات، بسبب العجز المالي، أو التعطل، أو كثرة الضرائب وكلف الإنتاج، أو حتى الخسارة في النشاط التجاري.
مع ما سبق، أمامنا هذا العام ظاهرة جديدة ترتبط بظاهرة الامتناع عن الدفع، بشكل متعمد وهي ظاهرة باتت تبرز على السطح، بين المؤجرين والمستأجرين، وبين أصحاب المشاريع الاقتصادية، على مستوى البقالة وصولا الى المشاريع الكبرى، تحت عنوان يقول ان لا سيولة متوفرة، وأفعلوا ما تريدون.
برغم الضمانات القانونية حول قيمة الشيك، إلا أن السجون لا تكفي لسجن كل أصحاب الشيكات، ولو افترضنا ان كل من هو مطلوب للتنفيذ القضائي على خلفية قضية مالية، قرر تسليم نفسه، وصحونا على أكثر من ربع مليون أردني مطلوبين في أغلبيتهم على قضايا مالية، يقومون بالتوجه معا لتسليم انفسهم، لما وجدوا أحدا يتسلمهم، فالرقم كبير، ومؤهل للزيادة مع الأشهر المقبلة، وهذا يعني ان ظاهرة المتعثرين، سواء أصحاب الشيكات، او غير المسددين للحقوق التي عليهم، أو حتى من يحتالون وينصبون، ظاهرة آخذة بالازدياد.
المشاهد الفرعية المرتبطة بهذا المشهد، تبدأ بوجود محلات في كل مكان معروضة للبيع، لكن ليس بداعي السفر هذه المرة، فالمطارات مغلقة، وصولا إلى ظاهرة خسارة الوظيفة، مرورا بكل المشاكل التي نعيشها يوميا، والواضح أن لا حلول في الأفق، خصوصا، إذا قررنا فتح ملف ديون الافراد، على مستوى القروض المصرفية للشقق والسيارات وبطاقات الائتمان.
هذه أزمات قديمة، وليست جديدة تماما، لكن الجديد فيها، اننا نذهب إلى زاوية صعبة، يستحيل فيها الحل، فلا السجن هو الحل، ولا ترك من عليهم حقوق طلقاء احرار هو الحل، ولا انتظار معجزة انتعاش اقتصادي هو الحل، بعد ان وصل الجميع الى الحافة.
عشنا حتى رأينا هرم ديون الدولة والأفراد يتورم جدا، والذي لا يريد البعض الاعتراف به، انه لم يعد هناك حل للكل، دولة وافرادا، سواء الاقتراض مجددا لسداد قروض قائمة.
مرحبا بكم في عام 2020 وما يليه.
اقرأ أيضاً :
عمان جو - ماهر أبو طير - بات واضحا ان كثرة بحاجة إلى وقت أطول مما نتوقع حتى تسترد عافيتها الاقتصادية، هذا إذا استطاعت أن تقف على قدميها، بعد أشهر الحجر المنزلي، وما تركه من ضرر على الكل.
القصة ليست أردنية فقط، إذ أن دولا كثيرة، تعرضت إلى اضرار اقتصادية، لكننا حين نتحدث عن الأردن، نتحدث عن مئات آلاف المؤسسات والمحلات والشركات والتجار والمهنيين من قطاعات مختلفة، تعطلت أعمالهم، من الفترة من منتصف شهر آذار حتى منتصف حزيران، وهناك قطاعات ما تزال مغلقة ومتضررة، من شركات الطيران إلى صالات الأفراح.
أغلبنا يعرف ان أغلب القطاعات تعيش بشكل علني على نظرية تلبيس الطواقي فالتاجر الصغير يأخذ بضاعة بالدين من التاجر الأكبر، والأكبر لديه تسهيلات مصرفية، والتاجر الصغير ينتظر مبيعاته ليدفع جزءا منها، وشهرا من الإيجار، وينفق قليلا على بيته، ولان دورة الطواقي توقفت خلال أشهر الحظر، انكشف الكل ماليا، فلم يدفع أحد التزاماته، ولم يسدد كثيرون ما عليهم، من التزامات مختلفة.
خذوا مثلا بيانات البنك المركزي التي أعلنها أمس، التي أظهرت ان أكثر من ربع مليون شيك تمت إعادتها بسبب عدم كفاية الرصيد، وقيمتها تقترب من المليار دينار أردني، للأشهر الستة الأولى من هذا العام، وهذا يعني ان الرقم بنهاية العام سيكون مرتفعا للغاية مقارنة بأعوام ماضية، خصوصا، في ظل الازمة الاقتصادية، وحالة الكساد، وتجفيف السيولة، وثلاثة أشهر من الستة، كانت البلد مغلقة إلى حد كبير، مما زاد من قيمة الشيكات المرتجعة.
إذا عدنا إلى أرقام العام الماضي 2019 فقد بلغت قيمة الشيكات المرتجعة حتى نهاية كانون الأول من العام 2019 الى مليار وخمسمائة وسبعين مليون دينار تقريبا، على مدى اثني عشر شهرا، من ذلك العام، فيما كانت قيمة الشيكات المرتجعة في 2018 مليارا وسبعمائة مليون دينار، وإذا نظرنا إلى هذه الأرقام المذهلة، قبل جائحة كورونا، فان التوقعات تتحدث عن رقم مذهل مع نهاية هذا العام، مهما بلغت التطمينات وحاولت التقليل من حجم المشكلة.
هذه الازمة، ربما ليست جديدة، لكنها مع كورونا تعمقت حدتها، وهي تعبر عن الازمة في الواقع، أي أزمة عدم القدرة على دفع الالتزامات، بسبب العجز المالي، أو التعطل، أو كثرة الضرائب وكلف الإنتاج، أو حتى الخسارة في النشاط التجاري.
مع ما سبق، أمامنا هذا العام ظاهرة جديدة ترتبط بظاهرة الامتناع عن الدفع، بشكل متعمد وهي ظاهرة باتت تبرز على السطح، بين المؤجرين والمستأجرين، وبين أصحاب المشاريع الاقتصادية، على مستوى البقالة وصولا الى المشاريع الكبرى، تحت عنوان يقول ان لا سيولة متوفرة، وأفعلوا ما تريدون.
برغم الضمانات القانونية حول قيمة الشيك، إلا أن السجون لا تكفي لسجن كل أصحاب الشيكات، ولو افترضنا ان كل من هو مطلوب للتنفيذ القضائي على خلفية قضية مالية، قرر تسليم نفسه، وصحونا على أكثر من ربع مليون أردني مطلوبين في أغلبيتهم على قضايا مالية، يقومون بالتوجه معا لتسليم انفسهم، لما وجدوا أحدا يتسلمهم، فالرقم كبير، ومؤهل للزيادة مع الأشهر المقبلة، وهذا يعني ان ظاهرة المتعثرين، سواء أصحاب الشيكات، او غير المسددين للحقوق التي عليهم، أو حتى من يحتالون وينصبون، ظاهرة آخذة بالازدياد.
المشاهد الفرعية المرتبطة بهذا المشهد، تبدأ بوجود محلات في كل مكان معروضة للبيع، لكن ليس بداعي السفر هذه المرة، فالمطارات مغلقة، وصولا إلى ظاهرة خسارة الوظيفة، مرورا بكل المشاكل التي نعيشها يوميا، والواضح أن لا حلول في الأفق، خصوصا، إذا قررنا فتح ملف ديون الافراد، على مستوى القروض المصرفية للشقق والسيارات وبطاقات الائتمان.
هذه أزمات قديمة، وليست جديدة تماما، لكن الجديد فيها، اننا نذهب إلى زاوية صعبة، يستحيل فيها الحل، فلا السجن هو الحل، ولا ترك من عليهم حقوق طلقاء احرار هو الحل، ولا انتظار معجزة انتعاش اقتصادي هو الحل، بعد ان وصل الجميع الى الحافة.
عشنا حتى رأينا هرم ديون الدولة والأفراد يتورم جدا، والذي لا يريد البعض الاعتراف به، انه لم يعد هناك حل للكل، دولة وافرادا، سواء الاقتراض مجددا لسداد قروض قائمة.
مرحبا بكم في عام 2020 وما يليه.
اقرأ أيضاً :
عمان جو - ماهر أبو طير - بات واضحا ان كثرة بحاجة إلى وقت أطول مما نتوقع حتى تسترد عافيتها الاقتصادية، هذا إذا استطاعت أن تقف على قدميها، بعد أشهر الحجر المنزلي، وما تركه من ضرر على الكل.
القصة ليست أردنية فقط، إذ أن دولا كثيرة، تعرضت إلى اضرار اقتصادية، لكننا حين نتحدث عن الأردن، نتحدث عن مئات آلاف المؤسسات والمحلات والشركات والتجار والمهنيين من قطاعات مختلفة، تعطلت أعمالهم، من الفترة من منتصف شهر آذار حتى منتصف حزيران، وهناك قطاعات ما تزال مغلقة ومتضررة، من شركات الطيران إلى صالات الأفراح.
أغلبنا يعرف ان أغلب القطاعات تعيش بشكل علني على نظرية تلبيس الطواقي فالتاجر الصغير يأخذ بضاعة بالدين من التاجر الأكبر، والأكبر لديه تسهيلات مصرفية، والتاجر الصغير ينتظر مبيعاته ليدفع جزءا منها، وشهرا من الإيجار، وينفق قليلا على بيته، ولان دورة الطواقي توقفت خلال أشهر الحظر، انكشف الكل ماليا، فلم يدفع أحد التزاماته، ولم يسدد كثيرون ما عليهم، من التزامات مختلفة.
خذوا مثلا بيانات البنك المركزي التي أعلنها أمس، التي أظهرت ان أكثر من ربع مليون شيك تمت إعادتها بسبب عدم كفاية الرصيد، وقيمتها تقترب من المليار دينار أردني، للأشهر الستة الأولى من هذا العام، وهذا يعني ان الرقم بنهاية العام سيكون مرتفعا للغاية مقارنة بأعوام ماضية، خصوصا، في ظل الازمة الاقتصادية، وحالة الكساد، وتجفيف السيولة، وثلاثة أشهر من الستة، كانت البلد مغلقة إلى حد كبير، مما زاد من قيمة الشيكات المرتجعة.
إذا عدنا إلى أرقام العام الماضي 2019 فقد بلغت قيمة الشيكات المرتجعة حتى نهاية كانون الأول من العام 2019 الى مليار وخمسمائة وسبعين مليون دينار تقريبا، على مدى اثني عشر شهرا، من ذلك العام، فيما كانت قيمة الشيكات المرتجعة في 2018 مليارا وسبعمائة مليون دينار، وإذا نظرنا إلى هذه الأرقام المذهلة، قبل جائحة كورونا، فان التوقعات تتحدث عن رقم مذهل مع نهاية هذا العام، مهما بلغت التطمينات وحاولت التقليل من حجم المشكلة.
هذه الازمة، ربما ليست جديدة، لكنها مع كورونا تعمقت حدتها، وهي تعبر عن الازمة في الواقع، أي أزمة عدم القدرة على دفع الالتزامات، بسبب العجز المالي، أو التعطل، أو كثرة الضرائب وكلف الإنتاج، أو حتى الخسارة في النشاط التجاري.
مع ما سبق، أمامنا هذا العام ظاهرة جديدة ترتبط بظاهرة الامتناع عن الدفع، بشكل متعمد وهي ظاهرة باتت تبرز على السطح، بين المؤجرين والمستأجرين، وبين أصحاب المشاريع الاقتصادية، على مستوى البقالة وصولا الى المشاريع الكبرى، تحت عنوان يقول ان لا سيولة متوفرة، وأفعلوا ما تريدون.
برغم الضمانات القانونية حول قيمة الشيك، إلا أن السجون لا تكفي لسجن كل أصحاب الشيكات، ولو افترضنا ان كل من هو مطلوب للتنفيذ القضائي على خلفية قضية مالية، قرر تسليم نفسه، وصحونا على أكثر من ربع مليون أردني مطلوبين في أغلبيتهم على قضايا مالية، يقومون بالتوجه معا لتسليم انفسهم، لما وجدوا أحدا يتسلمهم، فالرقم كبير، ومؤهل للزيادة مع الأشهر المقبلة، وهذا يعني ان ظاهرة المتعثرين، سواء أصحاب الشيكات، او غير المسددين للحقوق التي عليهم، أو حتى من يحتالون وينصبون، ظاهرة آخذة بالازدياد.
المشاهد الفرعية المرتبطة بهذا المشهد، تبدأ بوجود محلات في كل مكان معروضة للبيع، لكن ليس بداعي السفر هذه المرة، فالمطارات مغلقة، وصولا إلى ظاهرة خسارة الوظيفة، مرورا بكل المشاكل التي نعيشها يوميا، والواضح أن لا حلول في الأفق، خصوصا، إذا قررنا فتح ملف ديون الافراد، على مستوى القروض المصرفية للشقق والسيارات وبطاقات الائتمان.
هذه أزمات قديمة، وليست جديدة تماما، لكن الجديد فيها، اننا نذهب إلى زاوية صعبة، يستحيل فيها الحل، فلا السجن هو الحل، ولا ترك من عليهم حقوق طلقاء احرار هو الحل، ولا انتظار معجزة انتعاش اقتصادي هو الحل، بعد ان وصل الجميع الى الحافة.
عشنا حتى رأينا هرم ديون الدولة والأفراد يتورم جدا، والذي لا يريد البعض الاعتراف به، انه لم يعد هناك حل للكل، دولة وافرادا، سواء الاقتراض مجددا لسداد قروض قائمة.
مرحبا بكم في عام 2020 وما يليه.
اقرأ أيضاً :
التعليقات