عمان جو- ماهر أبو طير- يحكي لك كبار السن عن حروب عاشوها من حرب 1948 ثم حرب 1967 وغيرهما من حروب وأزمات، مرورا باحتلال العراق للكويت، ثم احتلال العراق، وما جرى في دول الربيع العربي، وهي سبعة عقود من الخوف والدم والقلق والدمار. هؤلاء ذاتهم يعتقدون أن حرب كورونا الناعمة، أشد كلفة، رغم أن تلك الأزمات والحروب دفع ثمنها الملايين، وتشرد أيضا الملايين، وخسروا بيوتهم وحياتهم، فوق التغييرات على الجغرافيا السياسية، وقد رأينا في ذاكرة الأرشيف المصورة والمتلفزة، تسجيلات وصورا مذهلة، فوق الأرقام التي تحصي لك الخسائر، الاقتصادية والسياسية والإنسانية. جيلنا الحالي رأى بنفسه الذي جرى في دول عربية من العراق الى سورية مرورا بلبنان وليبيا واليمن، فوق كلفة الانتفاضة الأولى والثانية في فلسطين، والتسلط على غزة حصرا. الغريب هنا، أن كلفة حرب كورونا كانت أكبر، فهي حرب بلا صواريخ، ولا صوت طائرات، ولا قنابل، حرب ناعمة، صامتة، تفتك بالدول والشعوب بكل هدوء، ومن دون ضجيج. هل هذه المقارنة عادلة، أم جائرة، لا أعرف الإجابة، لأن المشترك بين الحالتين هو الكلفة الإنسانية؛ إذ إن وباء كورونا يهدد مليارات البشر، وتنهار الاقتصادات، ويخسر عشرات الملايين أعمالهم، والذي لا يفقد حياته بسبب كورونا، اذا انتقلت العدوى اليه، يفقدها وهو يظن نفسه على قيد الحياة؛ إذ ماذا نقول عن الذي يخسر عمله مثلا، ويجوع أولاده، أو يغلق مصلحته التجارية، أو لا يستطيع السفر، أو يخاف على ابنه أن يلتقط العدوى كل يوم في المدرسة، أو المدين للبنك، ويصبح غير قادر على سداد ديونه فيحجزون شقته أو سيارته، وبهذا المعنى نصبح أمام أعداد كبيرة جدا، خسرت حياتها، وإن كانت على قيد الحياة؟ في قصة كورونا مدرستان؛ مدرسة تقرأ بواقعية الخطر، والكلفة على المدى القصير والمتوسط والاستراتيجي، ومدرسة تهون من الوباء وتقول إن اللقاح في الطريق، وإن شعوب العالم سوف تنهض مجددا وتعوض الخسائر التي منيت بها، وما بين المدرستين ينقسم الناس، لكن المؤكد أن الخسائر تحققت، والروح المعنوية منخفضة لأن أغلب شعوب العالم، لا تعرف متى نهاية القصة، ولا شكل هذه النهاية، وسط تقديرات تتحدث عن وباء يأكل الأخضر واليابس، على مدى عامين متتالين، إن لم يكن أكثر في بعض التقديرات. هناك فروق جوهرية في المقارنات بين حرب خارجية، وحرب داخلية، أو أزمة مياه، أو حرب عالمية، أو إقليمية، أو فوضى سياسية، أو معركة مع الإرهاب، وكلفة وباء عالمي، فالمشاهد في ظاهرها تختلف عن بعضها بعضا، والكلف متباينة، لكن خطورة الوباء هنا، أنه ممتد في كل العالم، ولا أحد يستطيع وقفه، ولا تجنب ارتداد أوضاع الدول على بعضها بعضا، مهما حاول كثيرون. ربما سيخرج البعض ليقول إن هذه المقاربات بين الأزمات، غير منطقية، لأن الإنسان في زمن كورونا، لا أحد يقصف بيته، ولا أحد يطلق عليه الرصاص، ولا أحد ينزف دمه، وهناك أمن واستقرار في أغلب دول العالم في ظل وجود الوباء، لكن من ناحية فلسفية، لا ترى فرقا، بين الحرب بالرصاص وحرب كورونا الناعمة، لأن الوباء أيضا قد يقصف بيتك اذا خسرت عملك، أو حجز البنك شقتك، والوباء أيضا يطلق الرصاص، على البشر، حين يختبئون في بيوتهم خوفا أو حين يتم عزل مدنهم وكأنهم تحت وطأة غارات طيران لا ترحم صغيرا ولا كبيرا، أو تأتيهم بلاغات الطرد من الوظيفة أو خفض الراتب، مثلما أن الوباء يتسبب أيضا بنزف الدم أمام ضحايا المرض، وأوجاع المرضى، وخسارة الاستقرار الإنساني، ونزف الموارد. هذه مطالعة قابلة للتأكيد والنفي، لكن المؤكد أننا نعيش حربا ناعمة في هذا العالم، لها كلفتها، من دون ضجيج، ومن دون صوت مدافع، لن يوقفها سوى اكتشاف دواء، فيما الواجب قوله هنا، إن حروبا كثيرة شهدها العالم، استطاع الناس بعدها أن ينهضوا خلال وقت قصير، ويعيدوا بناء المهدوم، لكننا لا نعرف في حرب كورونا، متى سينهض العالم، ويسترد أنفاسه؟!
عمان جو- ماهر أبو طير- يحكي لك كبار السن عن حروب عاشوها من حرب 1948 ثم حرب 1967 وغيرهما من حروب وأزمات، مرورا باحتلال العراق للكويت، ثم احتلال العراق، وما جرى في دول الربيع العربي، وهي سبعة عقود من الخوف والدم والقلق والدمار. هؤلاء ذاتهم يعتقدون أن حرب كورونا الناعمة، أشد كلفة، رغم أن تلك الأزمات والحروب دفع ثمنها الملايين، وتشرد أيضا الملايين، وخسروا بيوتهم وحياتهم، فوق التغييرات على الجغرافيا السياسية، وقد رأينا في ذاكرة الأرشيف المصورة والمتلفزة، تسجيلات وصورا مذهلة، فوق الأرقام التي تحصي لك الخسائر، الاقتصادية والسياسية والإنسانية. جيلنا الحالي رأى بنفسه الذي جرى في دول عربية من العراق الى سورية مرورا بلبنان وليبيا واليمن، فوق كلفة الانتفاضة الأولى والثانية في فلسطين، والتسلط على غزة حصرا. الغريب هنا، أن كلفة حرب كورونا كانت أكبر، فهي حرب بلا صواريخ، ولا صوت طائرات، ولا قنابل، حرب ناعمة، صامتة، تفتك بالدول والشعوب بكل هدوء، ومن دون ضجيج. هل هذه المقارنة عادلة، أم جائرة، لا أعرف الإجابة، لأن المشترك بين الحالتين هو الكلفة الإنسانية؛ إذ إن وباء كورونا يهدد مليارات البشر، وتنهار الاقتصادات، ويخسر عشرات الملايين أعمالهم، والذي لا يفقد حياته بسبب كورونا، اذا انتقلت العدوى اليه، يفقدها وهو يظن نفسه على قيد الحياة؛ إذ ماذا نقول عن الذي يخسر عمله مثلا، ويجوع أولاده، أو يغلق مصلحته التجارية، أو لا يستطيع السفر، أو يخاف على ابنه أن يلتقط العدوى كل يوم في المدرسة، أو المدين للبنك، ويصبح غير قادر على سداد ديونه فيحجزون شقته أو سيارته، وبهذا المعنى نصبح أمام أعداد كبيرة جدا، خسرت حياتها، وإن كانت على قيد الحياة؟ في قصة كورونا مدرستان؛ مدرسة تقرأ بواقعية الخطر، والكلفة على المدى القصير والمتوسط والاستراتيجي، ومدرسة تهون من الوباء وتقول إن اللقاح في الطريق، وإن شعوب العالم سوف تنهض مجددا وتعوض الخسائر التي منيت بها، وما بين المدرستين ينقسم الناس، لكن المؤكد أن الخسائر تحققت، والروح المعنوية منخفضة لأن أغلب شعوب العالم، لا تعرف متى نهاية القصة، ولا شكل هذه النهاية، وسط تقديرات تتحدث عن وباء يأكل الأخضر واليابس، على مدى عامين متتالين، إن لم يكن أكثر في بعض التقديرات. هناك فروق جوهرية في المقارنات بين حرب خارجية، وحرب داخلية، أو أزمة مياه، أو حرب عالمية، أو إقليمية، أو فوضى سياسية، أو معركة مع الإرهاب، وكلفة وباء عالمي، فالمشاهد في ظاهرها تختلف عن بعضها بعضا، والكلف متباينة، لكن خطورة الوباء هنا، أنه ممتد في كل العالم، ولا أحد يستطيع وقفه، ولا تجنب ارتداد أوضاع الدول على بعضها بعضا، مهما حاول كثيرون. ربما سيخرج البعض ليقول إن هذه المقاربات بين الأزمات، غير منطقية، لأن الإنسان في زمن كورونا، لا أحد يقصف بيته، ولا أحد يطلق عليه الرصاص، ولا أحد ينزف دمه، وهناك أمن واستقرار في أغلب دول العالم في ظل وجود الوباء، لكن من ناحية فلسفية، لا ترى فرقا، بين الحرب بالرصاص وحرب كورونا الناعمة، لأن الوباء أيضا قد يقصف بيتك اذا خسرت عملك، أو حجز البنك شقتك، والوباء أيضا يطلق الرصاص، على البشر، حين يختبئون في بيوتهم خوفا أو حين يتم عزل مدنهم وكأنهم تحت وطأة غارات طيران لا ترحم صغيرا ولا كبيرا، أو تأتيهم بلاغات الطرد من الوظيفة أو خفض الراتب، مثلما أن الوباء يتسبب أيضا بنزف الدم أمام ضحايا المرض، وأوجاع المرضى، وخسارة الاستقرار الإنساني، ونزف الموارد. هذه مطالعة قابلة للتأكيد والنفي، لكن المؤكد أننا نعيش حربا ناعمة في هذا العالم، لها كلفتها، من دون ضجيج، ومن دون صوت مدافع، لن يوقفها سوى اكتشاف دواء، فيما الواجب قوله هنا، إن حروبا كثيرة شهدها العالم، استطاع الناس بعدها أن ينهضوا خلال وقت قصير، ويعيدوا بناء المهدوم، لكننا لا نعرف في حرب كورونا، متى سينهض العالم، ويسترد أنفاسه؟!
عمان جو- ماهر أبو طير- يحكي لك كبار السن عن حروب عاشوها من حرب 1948 ثم حرب 1967 وغيرهما من حروب وأزمات، مرورا باحتلال العراق للكويت، ثم احتلال العراق، وما جرى في دول الربيع العربي، وهي سبعة عقود من الخوف والدم والقلق والدمار. هؤلاء ذاتهم يعتقدون أن حرب كورونا الناعمة، أشد كلفة، رغم أن تلك الأزمات والحروب دفع ثمنها الملايين، وتشرد أيضا الملايين، وخسروا بيوتهم وحياتهم، فوق التغييرات على الجغرافيا السياسية، وقد رأينا في ذاكرة الأرشيف المصورة والمتلفزة، تسجيلات وصورا مذهلة، فوق الأرقام التي تحصي لك الخسائر، الاقتصادية والسياسية والإنسانية. جيلنا الحالي رأى بنفسه الذي جرى في دول عربية من العراق الى سورية مرورا بلبنان وليبيا واليمن، فوق كلفة الانتفاضة الأولى والثانية في فلسطين، والتسلط على غزة حصرا. الغريب هنا، أن كلفة حرب كورونا كانت أكبر، فهي حرب بلا صواريخ، ولا صوت طائرات، ولا قنابل، حرب ناعمة، صامتة، تفتك بالدول والشعوب بكل هدوء، ومن دون ضجيج. هل هذه المقارنة عادلة، أم جائرة، لا أعرف الإجابة، لأن المشترك بين الحالتين هو الكلفة الإنسانية؛ إذ إن وباء كورونا يهدد مليارات البشر، وتنهار الاقتصادات، ويخسر عشرات الملايين أعمالهم، والذي لا يفقد حياته بسبب كورونا، اذا انتقلت العدوى اليه، يفقدها وهو يظن نفسه على قيد الحياة؛ إذ ماذا نقول عن الذي يخسر عمله مثلا، ويجوع أولاده، أو يغلق مصلحته التجارية، أو لا يستطيع السفر، أو يخاف على ابنه أن يلتقط العدوى كل يوم في المدرسة، أو المدين للبنك، ويصبح غير قادر على سداد ديونه فيحجزون شقته أو سيارته، وبهذا المعنى نصبح أمام أعداد كبيرة جدا، خسرت حياتها، وإن كانت على قيد الحياة؟ في قصة كورونا مدرستان؛ مدرسة تقرأ بواقعية الخطر، والكلفة على المدى القصير والمتوسط والاستراتيجي، ومدرسة تهون من الوباء وتقول إن اللقاح في الطريق، وإن شعوب العالم سوف تنهض مجددا وتعوض الخسائر التي منيت بها، وما بين المدرستين ينقسم الناس، لكن المؤكد أن الخسائر تحققت، والروح المعنوية منخفضة لأن أغلب شعوب العالم، لا تعرف متى نهاية القصة، ولا شكل هذه النهاية، وسط تقديرات تتحدث عن وباء يأكل الأخضر واليابس، على مدى عامين متتالين، إن لم يكن أكثر في بعض التقديرات. هناك فروق جوهرية في المقارنات بين حرب خارجية، وحرب داخلية، أو أزمة مياه، أو حرب عالمية، أو إقليمية، أو فوضى سياسية، أو معركة مع الإرهاب، وكلفة وباء عالمي، فالمشاهد في ظاهرها تختلف عن بعضها بعضا، والكلف متباينة، لكن خطورة الوباء هنا، أنه ممتد في كل العالم، ولا أحد يستطيع وقفه، ولا تجنب ارتداد أوضاع الدول على بعضها بعضا، مهما حاول كثيرون. ربما سيخرج البعض ليقول إن هذه المقاربات بين الأزمات، غير منطقية، لأن الإنسان في زمن كورونا، لا أحد يقصف بيته، ولا أحد يطلق عليه الرصاص، ولا أحد ينزف دمه، وهناك أمن واستقرار في أغلب دول العالم في ظل وجود الوباء، لكن من ناحية فلسفية، لا ترى فرقا، بين الحرب بالرصاص وحرب كورونا الناعمة، لأن الوباء أيضا قد يقصف بيتك اذا خسرت عملك، أو حجز البنك شقتك، والوباء أيضا يطلق الرصاص، على البشر، حين يختبئون في بيوتهم خوفا أو حين يتم عزل مدنهم وكأنهم تحت وطأة غارات طيران لا ترحم صغيرا ولا كبيرا، أو تأتيهم بلاغات الطرد من الوظيفة أو خفض الراتب، مثلما أن الوباء يتسبب أيضا بنزف الدم أمام ضحايا المرض، وأوجاع المرضى، وخسارة الاستقرار الإنساني، ونزف الموارد. هذه مطالعة قابلة للتأكيد والنفي، لكن المؤكد أننا نعيش حربا ناعمة في هذا العالم، لها كلفتها، من دون ضجيج، ومن دون صوت مدافع، لن يوقفها سوى اكتشاف دواء، فيما الواجب قوله هنا، إن حروبا كثيرة شهدها العالم، استطاع الناس بعدها أن ينهضوا خلال وقت قصير، ويعيدوا بناء المهدوم، لكننا لا نعرف في حرب كورونا، متى سينهض العالم، ويسترد أنفاسه؟!
التعليقات