عمان جو - بسام البدارين - «الإنذار» المبكر يمكن أن يصلح أساساً للتحليل والمتابعة والتعمق عندما يصدر عن خبرة عميقة في الاتجاه السياسي قد يمثلها رئيس الوزراء الأردني الأسبق والناشط دوماً طاهر المصري. خلال تأزيم حراك المعلمين وعلى إفطار تقشفي، حذر المصري رئيس الوزراء السابق الدكتور عمر الرزاز من «تراكم الغضب» في الأنفس ومن ترك أزمة المعلمين تتفاعل عشية انتخابات برلمانية في البلاد ينبغي أن يكون الهدف منها الاحتواء والتوحد. كالعادة، تبرأ الرزاز وقتها من الإطار الرسمي في مسألة المعلمين. لكن تقييماً عابراً للمصري قد يكون أوانه ملائماً للاستذكار سياسياً الآن حين تأمل أن لا تضطر السلطات، جراء التأزيم مع المعلمين والإسلاميين وتراكم الغضب، إلى واحد من خيارين هما القبول بحصة وافرة خلافاً للعادة من المعارضين في برلمان 2020 أو الاضطرار القسري للتدخل بالانتخابات وبالنتيجة تحمل الكلفة. لا أحد عملياً في أوساط صالونات الأردن وأقنية القرار يريد أن يستعرض نصيحة ثمينة من هذا النوع ويفكك ألغازها، لكن الانذار المبكر المشار إليه يصلح أساساً لفهم تلك «الملاكمة الإعلامية» التي تسيطر على الأجواء والمناخ قبل نحو أسبوعين على يوم الاقتراع والانتخاب، وتحديدا بين الحكومة والسلطات والصف الرسمي، وبين الحركة الإسلامية وألوان الرأي الآخر من مرشحي الانتخابات. وعبرت تلك الملاكمة عن نفسها بأكثر من لهجة ولغة وعلى أكثر من صعيد، فالإسلاميون -برسم الاتهام بالتدخل في الانتخابات- وقرينتهم الوحيدة حتى اللحظة هي تلك المتعلقة بالضغط الاجتماعي والعائلي والعشائري على شركاء الكتلة الإسلامية في قوائم الانتخابات، خصوصاً من ممثلي مقاعد الكوتا والأقليات.
مرشحون بارزون
مرشحون بارزون انسحبوا في هذا السياق، لكن أياً منهم لم يعلن تعرضه لضغط رسمي أو تدخل من الأجهزة والسلطات. فوفقاً لما قاله مرشحان مثل منصور مراد وعودة القواس، تدخلت القواعد الانتخابية للمرشحين وطلبت منهما الانسحاب. مشكلة الإسلاميين مثلاً أنهم يرددون الاتهام علناً، لكنهم يمارسون إعفاء شركائهم المنسحبين من المسؤولية ولا يدققون أحياناً بهوية من يختارونهم للشراكة في لعبة الانتخابات. وبالتالي، الحديث عن تهمة من الصعب إثباتها حقاً ما دام المنسحبون من المرشحين يتذرعون بالحجج الاجتماعية والعائلية، وإن كانت بعض الاجتهادات تعتقد بأن كل التيارات المناهضة للإسلاميين في المجتمع أو حتى في الدولة مارست على نحو أو آخر حقاً مشروعاً أو تقبله معادلات الصراع السياسي الانتخابي في اللعبة، حيث ضغوط وانحيازات واصطفافات وحشوات مرنة تتحرك في قوائم عند الإسلاميين أو غيرهم. وحيث خيانات الجملة حصلت، ويتوقع أن تحصل لاحقاً عند لحظة الاقتراع في غالبية القوائم الانتخابية، وصراع خلف الستارة بين المتنافسين تستخدم فيه كل الأسلحة الاجتماعية والسياسية طبعاً. بمعنى آخر، يتحدث الإسلاميون عن تدخلات لا تعارض القانون، وإن كانت تخدش النزاهة، وقد تندرج في حالة ما تحت سياق العمل المتوقع ما دامت جبهة الشركاء أصلاً هشة وضعيفة، وبيئتهم الاجتماعية والعائلية لا تريدهم برسم الشراكة مع الإخوان المسلمين. لكن ذلك نمط من أنماط التدخل في كل حال، يؤشر على ما سمّته سابقاً «القدس العربي» بهندسة الانتخابات عبر اللعب في القوائم وفي عمق قواعد المقترعين، وهي هندسة متاحة للصف الرسمي ولكبار المرشحين ولكل مكونات الطيف السياسي والاجتماعي أيضاً. بمعنى أخير، لا قرائن وأدلة على تدخل حقيقي وفاعل خارج سياق الشعور بالتدخل والاتهام السياسي الموسمي، وإذا كانت بعض الجهات الرسمية ليست بريئة من ميكانيزم التدخل الناعم حتى لا يحصل ما حذر منه سياسي كبير مبكراً من وزن المصري. السؤال الآن هنا: هل نتجت نمطية التدخل الناعم هذه عن قرار عميق بعدم التدخل المباشر في الاقتراع والصناديق هذه المرة؟ الانطباع كبير، لكن أيضاً بدون أدلة قانونية بأن السلطات تجامل بعض المرشحين، وبأن الحرب على المال السياسي والانتخابي ليست أفقية، وبأن السلطة لا تريد رؤية كتلة صلبة وكبيرة للمعارضة في برلمان المستقبل الوشيك حتى وإن كانت غير جاهزة بعدُ لبرلمان حقيقي يعكس ميزان القوى في التمثيل الشعبي. الانطباع أيضاً موجود عن تمرير مئات الأسماء في سجلات الناخبين، وعن مناقلات في تسجيل المقترعين سمح لبعض المرشحين بها، لكن مجدداً تلك انطباعات تتردد على الألسن هنا وهناك بدون القدرة على إثباتها أو حتى بدون تقديم وثائق تصلح لبناء قضية وشكوى في محكمة.
أسباب جوهرية
وثمة من يعتقد، بالتوازي، بأن عدة أسباب جوهرية وعميقة تدفع باتجاه القناعة بأن أي عبث أو تدخل في الصناديق يوم العاشر من نوفمبر كما حصل في مواسم سابقة، غير وارد وأصبح من الماضي، الأمر الذي يعني تلقائياً وفوراً بأن أي جهات رسمية لها وجهات نظر أو لديها تصور في الأفق الوحيد للتحرك أمامها في هندسة الواقع الانتخابي يكمن فقط في كل مراحل العملية قبل الاقتراع وعبر خلط أوراق مرشحي الحشوات. تصور السلطة أو أي جهة رسمية هنا يحصل على مساحة ماثلة لتصور أي جماعة سياسية أو فرد، والهامش المتاح لهذا النمط من التدخل هو فقط عبر تقنيات مرسومة بدقة قد يكون من بينها حرمان مرشح ما من إمكانية تركيب قائمة أصلاً وتوجيه قواعد اجتماعية هنا أو هناك واللعب بشطرنج حشوات القوائم وتحريك مخاوف الأقليات. هل هذا تدخل وعبث وتزوير؟ طبعاً، الإجابة صعبة ومحرجة، لكن الواضح حتى الآن بأن أي هندسة من أي نوع قد لا تكتمل أهدافها، فالمفاجآت واردة وأفقية. والواضح بإنصاف حتى اللحظة أن هوامش العبث الرسمي تقابلها هوامش ماثلة في الأهلي. والأوضح أن دعوات التشكيك لا يوجد عليها أدلة وقرائن قوية، ولا يوجد قرائن وأدلة قوية على إيمان غرف العمليات البيروقراطية بعدم التدخل أصلاً . وعليه، فالمشهد مرتبك ومربك انتخابياً، وكل شيء يمكن أن يحصل في انتخابات الأردن في عام 2020.
'القدس العربي'
عمان جو - بسام البدارين - «الإنذار» المبكر يمكن أن يصلح أساساً للتحليل والمتابعة والتعمق عندما يصدر عن خبرة عميقة في الاتجاه السياسي قد يمثلها رئيس الوزراء الأردني الأسبق والناشط دوماً طاهر المصري. خلال تأزيم حراك المعلمين وعلى إفطار تقشفي، حذر المصري رئيس الوزراء السابق الدكتور عمر الرزاز من «تراكم الغضب» في الأنفس ومن ترك أزمة المعلمين تتفاعل عشية انتخابات برلمانية في البلاد ينبغي أن يكون الهدف منها الاحتواء والتوحد. كالعادة، تبرأ الرزاز وقتها من الإطار الرسمي في مسألة المعلمين. لكن تقييماً عابراً للمصري قد يكون أوانه ملائماً للاستذكار سياسياً الآن حين تأمل أن لا تضطر السلطات، جراء التأزيم مع المعلمين والإسلاميين وتراكم الغضب، إلى واحد من خيارين هما القبول بحصة وافرة خلافاً للعادة من المعارضين في برلمان 2020 أو الاضطرار القسري للتدخل بالانتخابات وبالنتيجة تحمل الكلفة. لا أحد عملياً في أوساط صالونات الأردن وأقنية القرار يريد أن يستعرض نصيحة ثمينة من هذا النوع ويفكك ألغازها، لكن الانذار المبكر المشار إليه يصلح أساساً لفهم تلك «الملاكمة الإعلامية» التي تسيطر على الأجواء والمناخ قبل نحو أسبوعين على يوم الاقتراع والانتخاب، وتحديدا بين الحكومة والسلطات والصف الرسمي، وبين الحركة الإسلامية وألوان الرأي الآخر من مرشحي الانتخابات. وعبرت تلك الملاكمة عن نفسها بأكثر من لهجة ولغة وعلى أكثر من صعيد، فالإسلاميون -برسم الاتهام بالتدخل في الانتخابات- وقرينتهم الوحيدة حتى اللحظة هي تلك المتعلقة بالضغط الاجتماعي والعائلي والعشائري على شركاء الكتلة الإسلامية في قوائم الانتخابات، خصوصاً من ممثلي مقاعد الكوتا والأقليات.
مرشحون بارزون
مرشحون بارزون انسحبوا في هذا السياق، لكن أياً منهم لم يعلن تعرضه لضغط رسمي أو تدخل من الأجهزة والسلطات. فوفقاً لما قاله مرشحان مثل منصور مراد وعودة القواس، تدخلت القواعد الانتخابية للمرشحين وطلبت منهما الانسحاب. مشكلة الإسلاميين مثلاً أنهم يرددون الاتهام علناً، لكنهم يمارسون إعفاء شركائهم المنسحبين من المسؤولية ولا يدققون أحياناً بهوية من يختارونهم للشراكة في لعبة الانتخابات. وبالتالي، الحديث عن تهمة من الصعب إثباتها حقاً ما دام المنسحبون من المرشحين يتذرعون بالحجج الاجتماعية والعائلية، وإن كانت بعض الاجتهادات تعتقد بأن كل التيارات المناهضة للإسلاميين في المجتمع أو حتى في الدولة مارست على نحو أو آخر حقاً مشروعاً أو تقبله معادلات الصراع السياسي الانتخابي في اللعبة، حيث ضغوط وانحيازات واصطفافات وحشوات مرنة تتحرك في قوائم عند الإسلاميين أو غيرهم. وحيث خيانات الجملة حصلت، ويتوقع أن تحصل لاحقاً عند لحظة الاقتراع في غالبية القوائم الانتخابية، وصراع خلف الستارة بين المتنافسين تستخدم فيه كل الأسلحة الاجتماعية والسياسية طبعاً. بمعنى آخر، يتحدث الإسلاميون عن تدخلات لا تعارض القانون، وإن كانت تخدش النزاهة، وقد تندرج في حالة ما تحت سياق العمل المتوقع ما دامت جبهة الشركاء أصلاً هشة وضعيفة، وبيئتهم الاجتماعية والعائلية لا تريدهم برسم الشراكة مع الإخوان المسلمين. لكن ذلك نمط من أنماط التدخل في كل حال، يؤشر على ما سمّته سابقاً «القدس العربي» بهندسة الانتخابات عبر اللعب في القوائم وفي عمق قواعد المقترعين، وهي هندسة متاحة للصف الرسمي ولكبار المرشحين ولكل مكونات الطيف السياسي والاجتماعي أيضاً. بمعنى أخير، لا قرائن وأدلة على تدخل حقيقي وفاعل خارج سياق الشعور بالتدخل والاتهام السياسي الموسمي، وإذا كانت بعض الجهات الرسمية ليست بريئة من ميكانيزم التدخل الناعم حتى لا يحصل ما حذر منه سياسي كبير مبكراً من وزن المصري. السؤال الآن هنا: هل نتجت نمطية التدخل الناعم هذه عن قرار عميق بعدم التدخل المباشر في الاقتراع والصناديق هذه المرة؟ الانطباع كبير، لكن أيضاً بدون أدلة قانونية بأن السلطات تجامل بعض المرشحين، وبأن الحرب على المال السياسي والانتخابي ليست أفقية، وبأن السلطة لا تريد رؤية كتلة صلبة وكبيرة للمعارضة في برلمان المستقبل الوشيك حتى وإن كانت غير جاهزة بعدُ لبرلمان حقيقي يعكس ميزان القوى في التمثيل الشعبي. الانطباع أيضاً موجود عن تمرير مئات الأسماء في سجلات الناخبين، وعن مناقلات في تسجيل المقترعين سمح لبعض المرشحين بها، لكن مجدداً تلك انطباعات تتردد على الألسن هنا وهناك بدون القدرة على إثباتها أو حتى بدون تقديم وثائق تصلح لبناء قضية وشكوى في محكمة.
أسباب جوهرية
وثمة من يعتقد، بالتوازي، بأن عدة أسباب جوهرية وعميقة تدفع باتجاه القناعة بأن أي عبث أو تدخل في الصناديق يوم العاشر من نوفمبر كما حصل في مواسم سابقة، غير وارد وأصبح من الماضي، الأمر الذي يعني تلقائياً وفوراً بأن أي جهات رسمية لها وجهات نظر أو لديها تصور في الأفق الوحيد للتحرك أمامها في هندسة الواقع الانتخابي يكمن فقط في كل مراحل العملية قبل الاقتراع وعبر خلط أوراق مرشحي الحشوات. تصور السلطة أو أي جهة رسمية هنا يحصل على مساحة ماثلة لتصور أي جماعة سياسية أو فرد، والهامش المتاح لهذا النمط من التدخل هو فقط عبر تقنيات مرسومة بدقة قد يكون من بينها حرمان مرشح ما من إمكانية تركيب قائمة أصلاً وتوجيه قواعد اجتماعية هنا أو هناك واللعب بشطرنج حشوات القوائم وتحريك مخاوف الأقليات. هل هذا تدخل وعبث وتزوير؟ طبعاً، الإجابة صعبة ومحرجة، لكن الواضح حتى الآن بأن أي هندسة من أي نوع قد لا تكتمل أهدافها، فالمفاجآت واردة وأفقية. والواضح بإنصاف حتى اللحظة أن هوامش العبث الرسمي تقابلها هوامش ماثلة في الأهلي. والأوضح أن دعوات التشكيك لا يوجد عليها أدلة وقرائن قوية، ولا يوجد قرائن وأدلة قوية على إيمان غرف العمليات البيروقراطية بعدم التدخل أصلاً . وعليه، فالمشهد مرتبك ومربك انتخابياً، وكل شيء يمكن أن يحصل في انتخابات الأردن في عام 2020.
'القدس العربي'
عمان جو - بسام البدارين - «الإنذار» المبكر يمكن أن يصلح أساساً للتحليل والمتابعة والتعمق عندما يصدر عن خبرة عميقة في الاتجاه السياسي قد يمثلها رئيس الوزراء الأردني الأسبق والناشط دوماً طاهر المصري. خلال تأزيم حراك المعلمين وعلى إفطار تقشفي، حذر المصري رئيس الوزراء السابق الدكتور عمر الرزاز من «تراكم الغضب» في الأنفس ومن ترك أزمة المعلمين تتفاعل عشية انتخابات برلمانية في البلاد ينبغي أن يكون الهدف منها الاحتواء والتوحد. كالعادة، تبرأ الرزاز وقتها من الإطار الرسمي في مسألة المعلمين. لكن تقييماً عابراً للمصري قد يكون أوانه ملائماً للاستذكار سياسياً الآن حين تأمل أن لا تضطر السلطات، جراء التأزيم مع المعلمين والإسلاميين وتراكم الغضب، إلى واحد من خيارين هما القبول بحصة وافرة خلافاً للعادة من المعارضين في برلمان 2020 أو الاضطرار القسري للتدخل بالانتخابات وبالنتيجة تحمل الكلفة. لا أحد عملياً في أوساط صالونات الأردن وأقنية القرار يريد أن يستعرض نصيحة ثمينة من هذا النوع ويفكك ألغازها، لكن الانذار المبكر المشار إليه يصلح أساساً لفهم تلك «الملاكمة الإعلامية» التي تسيطر على الأجواء والمناخ قبل نحو أسبوعين على يوم الاقتراع والانتخاب، وتحديدا بين الحكومة والسلطات والصف الرسمي، وبين الحركة الإسلامية وألوان الرأي الآخر من مرشحي الانتخابات. وعبرت تلك الملاكمة عن نفسها بأكثر من لهجة ولغة وعلى أكثر من صعيد، فالإسلاميون -برسم الاتهام بالتدخل في الانتخابات- وقرينتهم الوحيدة حتى اللحظة هي تلك المتعلقة بالضغط الاجتماعي والعائلي والعشائري على شركاء الكتلة الإسلامية في قوائم الانتخابات، خصوصاً من ممثلي مقاعد الكوتا والأقليات.
مرشحون بارزون
مرشحون بارزون انسحبوا في هذا السياق، لكن أياً منهم لم يعلن تعرضه لضغط رسمي أو تدخل من الأجهزة والسلطات. فوفقاً لما قاله مرشحان مثل منصور مراد وعودة القواس، تدخلت القواعد الانتخابية للمرشحين وطلبت منهما الانسحاب. مشكلة الإسلاميين مثلاً أنهم يرددون الاتهام علناً، لكنهم يمارسون إعفاء شركائهم المنسحبين من المسؤولية ولا يدققون أحياناً بهوية من يختارونهم للشراكة في لعبة الانتخابات. وبالتالي، الحديث عن تهمة من الصعب إثباتها حقاً ما دام المنسحبون من المرشحين يتذرعون بالحجج الاجتماعية والعائلية، وإن كانت بعض الاجتهادات تعتقد بأن كل التيارات المناهضة للإسلاميين في المجتمع أو حتى في الدولة مارست على نحو أو آخر حقاً مشروعاً أو تقبله معادلات الصراع السياسي الانتخابي في اللعبة، حيث ضغوط وانحيازات واصطفافات وحشوات مرنة تتحرك في قوائم عند الإسلاميين أو غيرهم. وحيث خيانات الجملة حصلت، ويتوقع أن تحصل لاحقاً عند لحظة الاقتراع في غالبية القوائم الانتخابية، وصراع خلف الستارة بين المتنافسين تستخدم فيه كل الأسلحة الاجتماعية والسياسية طبعاً. بمعنى آخر، يتحدث الإسلاميون عن تدخلات لا تعارض القانون، وإن كانت تخدش النزاهة، وقد تندرج في حالة ما تحت سياق العمل المتوقع ما دامت جبهة الشركاء أصلاً هشة وضعيفة، وبيئتهم الاجتماعية والعائلية لا تريدهم برسم الشراكة مع الإخوان المسلمين. لكن ذلك نمط من أنماط التدخل في كل حال، يؤشر على ما سمّته سابقاً «القدس العربي» بهندسة الانتخابات عبر اللعب في القوائم وفي عمق قواعد المقترعين، وهي هندسة متاحة للصف الرسمي ولكبار المرشحين ولكل مكونات الطيف السياسي والاجتماعي أيضاً. بمعنى أخير، لا قرائن وأدلة على تدخل حقيقي وفاعل خارج سياق الشعور بالتدخل والاتهام السياسي الموسمي، وإذا كانت بعض الجهات الرسمية ليست بريئة من ميكانيزم التدخل الناعم حتى لا يحصل ما حذر منه سياسي كبير مبكراً من وزن المصري. السؤال الآن هنا: هل نتجت نمطية التدخل الناعم هذه عن قرار عميق بعدم التدخل المباشر في الاقتراع والصناديق هذه المرة؟ الانطباع كبير، لكن أيضاً بدون أدلة قانونية بأن السلطات تجامل بعض المرشحين، وبأن الحرب على المال السياسي والانتخابي ليست أفقية، وبأن السلطة لا تريد رؤية كتلة صلبة وكبيرة للمعارضة في برلمان المستقبل الوشيك حتى وإن كانت غير جاهزة بعدُ لبرلمان حقيقي يعكس ميزان القوى في التمثيل الشعبي. الانطباع أيضاً موجود عن تمرير مئات الأسماء في سجلات الناخبين، وعن مناقلات في تسجيل المقترعين سمح لبعض المرشحين بها، لكن مجدداً تلك انطباعات تتردد على الألسن هنا وهناك بدون القدرة على إثباتها أو حتى بدون تقديم وثائق تصلح لبناء قضية وشكوى في محكمة.
أسباب جوهرية
وثمة من يعتقد، بالتوازي، بأن عدة أسباب جوهرية وعميقة تدفع باتجاه القناعة بأن أي عبث أو تدخل في الصناديق يوم العاشر من نوفمبر كما حصل في مواسم سابقة، غير وارد وأصبح من الماضي، الأمر الذي يعني تلقائياً وفوراً بأن أي جهات رسمية لها وجهات نظر أو لديها تصور في الأفق الوحيد للتحرك أمامها في هندسة الواقع الانتخابي يكمن فقط في كل مراحل العملية قبل الاقتراع وعبر خلط أوراق مرشحي الحشوات. تصور السلطة أو أي جهة رسمية هنا يحصل على مساحة ماثلة لتصور أي جماعة سياسية أو فرد، والهامش المتاح لهذا النمط من التدخل هو فقط عبر تقنيات مرسومة بدقة قد يكون من بينها حرمان مرشح ما من إمكانية تركيب قائمة أصلاً وتوجيه قواعد اجتماعية هنا أو هناك واللعب بشطرنج حشوات القوائم وتحريك مخاوف الأقليات. هل هذا تدخل وعبث وتزوير؟ طبعاً، الإجابة صعبة ومحرجة، لكن الواضح حتى الآن بأن أي هندسة من أي نوع قد لا تكتمل أهدافها، فالمفاجآت واردة وأفقية. والواضح بإنصاف حتى اللحظة أن هوامش العبث الرسمي تقابلها هوامش ماثلة في الأهلي. والأوضح أن دعوات التشكيك لا يوجد عليها أدلة وقرائن قوية، ولا يوجد قرائن وأدلة قوية على إيمان غرف العمليات البيروقراطية بعدم التدخل أصلاً . وعليه، فالمشهد مرتبك ومربك انتخابياً، وكل شيء يمكن أن يحصل في انتخابات الأردن في عام 2020.
التعليقات