عمان جو - د. مهند العزة
إهانة النائب أسامة العجارمة لمجلس النواب الذي سعى إليه وبذل المال والوقت والجهد ليظفر بمقعد فيه وما تلا ذلك من قرار بتجميد عضويته لمدة سنة مع حرمانه من المخصصات المالية والنقاش الذي ثار حول دستورية القرار وضرورة مراجعة وتعديل النظام الداخلي للمجلس؛ تبدو جميعها مسائل هينة وضمن نطاق أي خلاف وإشكال قد يقع داخل مؤسسة برلمانية، لكن ما كان لافتاً للنظر ومثيراً للذعر هو تداعيات هذه الحادثة وارتداداتها في الشارع وعلى وسائل التواصل الاجتماعي.
فجأةً تحول النائب الذي لم يكن يعرفه كثيرون حتى صدور قرار تجميد عضويته إلى ترند وأيقونة عشائرية تداعت لنصرته وفود التأييد والمبايعة من الشمال والوسط والجنوب تزامناً مع تدشين هاشتاغات ذات طابع إقليمي وعشائري مثل: 'العشائر الأردنية العظيمة... أسامة العجارمة يمثلني... كلنا أسامة العجارمة....'، وواكب ذلك تجمهر في الشارع ومحاولات لإغلاق طرق رئيسية حالت قوات الأمن دون نجاحها، إلى أن تناقلت بعض المواقع خبراً لم تتأكد صحته أن النائب أصدر 'البيان رقم 1' من على سريره في إحدى المستشفيات الخاصة في العاصمة عمان على نسق البيانات التي تصدر عن قيادة الجيش في حالة الحرب أو الانقلاب، وتضمن قراراً بمنع متصرف ناعور من دخول مقر المتصرفية اعتباراً من تاريخ وساعة صدور البيان.
خطاب الاستقواء المفعم بالتهديد والوعيد من قبل مؤيدو النائب واعتلائه منبراً منتشقاً سيفاً وواضعاً مسدساً على جنبه، يأتي ضمن سلسلة مقارعة سيادة القانون بالفتونة والصراخ، الأمر الذي استمرأ كثيرون ممارسته مستحضرين تجارب غيرهم ممن سبقوهم على درب نيل المطالب بتجييش المضارب الذين بكل أسف وأسى خضعت لهم مؤسسات الدولة في مناسبات عدة فنالوا مرادهم تحت وطأة الضغط والتهديد.
العصبية القبلية آفة تنخر في جسد أي دولة تروم الاحتكام إلى الدستور والقانون ومبادئ الحاكمية الرشيدة، وهي سمة متأصلة في العديد من الشعوب التي أبى بعضها التخلي عنها ولم تفلح المدنية والعمران ولا حتى الأديان في طمسها أو التخفيف من أثرها وتأثيرها، إذ دائماً ما يكتب لهذه السمة الغلبة في كل مرة تدخل فيها في نزاع مع القانون ومبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان خصوصاً في الدول التي ليس للدولة المدنية سبيل إليها بسبب تغلغل ثقافة الكهنوت والتمييز والإقصاء في أوساط أفرادها وجماعاتها.
لا يجد عدد من المحسوبين على النخب السياسية والثقافية ممن تظاهروا بالحداثة والتحضر ودرسوا في جامعات أروبا وأمريكا حرجاً من إعلان ردّتهم عن ما آمنوا به أول النهار ليكفروا به في آخره عائدين تائبين آيبين إلى ملتهم الأولى التي تعلي العرف الجائر على الحق والتقاليد البالية على الحكمة والمنطق، فكم من هؤلاء انبرى في عطوات عشائرية مطالباً بتوقيع عقوبة الإعدام والانتقام من القاتل وترحيل أهله من ديارهم ومنعهم من حقهم الدستوري في توكيل محامي له والتلويح باستخدام القوة ضد أجهزة الدولة ومؤسساتها إن لم تنصاع لمطالب تتناقض ومبادئ العدالة الجنائية والالتزامات التي أعلنت الدولة نفسها قبولها بها حينما صادقت على مواثيق واتفاقيات حقوق الإنسان، تماماً كما هو الأمر حينما لم يفز بعض المرشحين بالانتخابات لمرة واحدة بعد أن فازوا بها لدورات متتالية، وكما هو الحال في قضية الساعة الخاصة بالنائب العجارمة، إذ يصبح الترهيب والتهديد والتمرد على الدولة وأجهزتها سيد الموقف؛ ليقلب الجميع ظهر المجنّ 'للديمقراطية' التي أوصلتهم إلى مقاعدهم النيابية ويتبرؤوا من تمثيلهم للأمة ليتمترسوا في دائرتهم العشائرية أو العائلية أو الجهوية الضيقة التي يستهوي خطابها المتعصبين والعنصريين ممن يكرهون القانون كرهاً لَمًَّا ويعشقون التغول عليه عشقاً جَمًَّا.
على الرغم من عدم وجود أي مسوغ أو مبرر يمكن قبوله لاستقواء النائب العجارمة بمؤيديه واستعراض القوة واللجوء للتهديد والوعيد لتغيير قرار اتخذ بناءً على أحكام نظام داخلي وتم التصويت عليه من زملائه وزميلاته عوضاً عن استخدامه لمكنات دستورية وقانونية وحتى إعلامية راقية لتبرير موقفه والدفاع عن نفسه، إلا أن الانجراف التلقائي وراء خطاب الاستعداء للدولة ومؤسساتها يجب أن يستوقف صانعي القرار لأنه يحمل دلالات تشير إلى حالة احتقان غير مسبوقة وانعدام ثقة تام يدفع الناس إلى تأييد أي صوت حتى لو لم يكن محقاً طالما كان يعادي أجهزة الدولة، فتحليل عدد من التعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي تشير إلى أن جانباً لا يستهان به من الذين يبدون تعاطفاً وتأييداً للنائب العجارمة؛ يقومون بذلك ليس لقناعتهم بعدالة قضيته –إن كان هناك قضية- وإنما نكايةً في البرلمان والحكومة.
مهما يكن من أمر، فإن الإصلاح ليس كلمةً تقال ولا يرسمه خطاب أو مقال، فهي مثل عملية زراعة الأعضاء تتطلب جسداً سليماً يقبلها ولا يقاومها ويلفظها إذا ما تراءت له غريبةً وليست جزءً أصيلاً منه، وإذا كان الله يخرج الحي من الميت، فعلينا أن ندرك أننا لسنا آلهة، فأنى للموتى أن يخرجوا لنا تشريعات تحيي الموات في الحياة الحزبية والسياسية والمدنية، فلا أمل يرتجى من أمة آثر أفرادها التهديد والوعيد على الحوار والتجديد، والعصبية والمحاصصة الفئوية على المشاركة والديمقراطية، والبلطجة والتشبيح على المسائلة والتصحيح، لذلك فإن الإصلاح في هذا المناخ المسموم والسياق المأزوم لا يعدو أن يكون مجرد عبث وملهاة، ومن لا يصدق فما عليه سوى النظر في المرآة.
عمان جو - د. مهند العزة
إهانة النائب أسامة العجارمة لمجلس النواب الذي سعى إليه وبذل المال والوقت والجهد ليظفر بمقعد فيه وما تلا ذلك من قرار بتجميد عضويته لمدة سنة مع حرمانه من المخصصات المالية والنقاش الذي ثار حول دستورية القرار وضرورة مراجعة وتعديل النظام الداخلي للمجلس؛ تبدو جميعها مسائل هينة وضمن نطاق أي خلاف وإشكال قد يقع داخل مؤسسة برلمانية، لكن ما كان لافتاً للنظر ومثيراً للذعر هو تداعيات هذه الحادثة وارتداداتها في الشارع وعلى وسائل التواصل الاجتماعي.
فجأةً تحول النائب الذي لم يكن يعرفه كثيرون حتى صدور قرار تجميد عضويته إلى ترند وأيقونة عشائرية تداعت لنصرته وفود التأييد والمبايعة من الشمال والوسط والجنوب تزامناً مع تدشين هاشتاغات ذات طابع إقليمي وعشائري مثل: 'العشائر الأردنية العظيمة... أسامة العجارمة يمثلني... كلنا أسامة العجارمة....'، وواكب ذلك تجمهر في الشارع ومحاولات لإغلاق طرق رئيسية حالت قوات الأمن دون نجاحها، إلى أن تناقلت بعض المواقع خبراً لم تتأكد صحته أن النائب أصدر 'البيان رقم 1' من على سريره في إحدى المستشفيات الخاصة في العاصمة عمان على نسق البيانات التي تصدر عن قيادة الجيش في حالة الحرب أو الانقلاب، وتضمن قراراً بمنع متصرف ناعور من دخول مقر المتصرفية اعتباراً من تاريخ وساعة صدور البيان.
خطاب الاستقواء المفعم بالتهديد والوعيد من قبل مؤيدو النائب واعتلائه منبراً منتشقاً سيفاً وواضعاً مسدساً على جنبه، يأتي ضمن سلسلة مقارعة سيادة القانون بالفتونة والصراخ، الأمر الذي استمرأ كثيرون ممارسته مستحضرين تجارب غيرهم ممن سبقوهم على درب نيل المطالب بتجييش المضارب الذين بكل أسف وأسى خضعت لهم مؤسسات الدولة في مناسبات عدة فنالوا مرادهم تحت وطأة الضغط والتهديد.
العصبية القبلية آفة تنخر في جسد أي دولة تروم الاحتكام إلى الدستور والقانون ومبادئ الحاكمية الرشيدة، وهي سمة متأصلة في العديد من الشعوب التي أبى بعضها التخلي عنها ولم تفلح المدنية والعمران ولا حتى الأديان في طمسها أو التخفيف من أثرها وتأثيرها، إذ دائماً ما يكتب لهذه السمة الغلبة في كل مرة تدخل فيها في نزاع مع القانون ومبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان خصوصاً في الدول التي ليس للدولة المدنية سبيل إليها بسبب تغلغل ثقافة الكهنوت والتمييز والإقصاء في أوساط أفرادها وجماعاتها.
لا يجد عدد من المحسوبين على النخب السياسية والثقافية ممن تظاهروا بالحداثة والتحضر ودرسوا في جامعات أروبا وأمريكا حرجاً من إعلان ردّتهم عن ما آمنوا به أول النهار ليكفروا به في آخره عائدين تائبين آيبين إلى ملتهم الأولى التي تعلي العرف الجائر على الحق والتقاليد البالية على الحكمة والمنطق، فكم من هؤلاء انبرى في عطوات عشائرية مطالباً بتوقيع عقوبة الإعدام والانتقام من القاتل وترحيل أهله من ديارهم ومنعهم من حقهم الدستوري في توكيل محامي له والتلويح باستخدام القوة ضد أجهزة الدولة ومؤسساتها إن لم تنصاع لمطالب تتناقض ومبادئ العدالة الجنائية والالتزامات التي أعلنت الدولة نفسها قبولها بها حينما صادقت على مواثيق واتفاقيات حقوق الإنسان، تماماً كما هو الأمر حينما لم يفز بعض المرشحين بالانتخابات لمرة واحدة بعد أن فازوا بها لدورات متتالية، وكما هو الحال في قضية الساعة الخاصة بالنائب العجارمة، إذ يصبح الترهيب والتهديد والتمرد على الدولة وأجهزتها سيد الموقف؛ ليقلب الجميع ظهر المجنّ 'للديمقراطية' التي أوصلتهم إلى مقاعدهم النيابية ويتبرؤوا من تمثيلهم للأمة ليتمترسوا في دائرتهم العشائرية أو العائلية أو الجهوية الضيقة التي يستهوي خطابها المتعصبين والعنصريين ممن يكرهون القانون كرهاً لَمًَّا ويعشقون التغول عليه عشقاً جَمًَّا.
على الرغم من عدم وجود أي مسوغ أو مبرر يمكن قبوله لاستقواء النائب العجارمة بمؤيديه واستعراض القوة واللجوء للتهديد والوعيد لتغيير قرار اتخذ بناءً على أحكام نظام داخلي وتم التصويت عليه من زملائه وزميلاته عوضاً عن استخدامه لمكنات دستورية وقانونية وحتى إعلامية راقية لتبرير موقفه والدفاع عن نفسه، إلا أن الانجراف التلقائي وراء خطاب الاستعداء للدولة ومؤسساتها يجب أن يستوقف صانعي القرار لأنه يحمل دلالات تشير إلى حالة احتقان غير مسبوقة وانعدام ثقة تام يدفع الناس إلى تأييد أي صوت حتى لو لم يكن محقاً طالما كان يعادي أجهزة الدولة، فتحليل عدد من التعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي تشير إلى أن جانباً لا يستهان به من الذين يبدون تعاطفاً وتأييداً للنائب العجارمة؛ يقومون بذلك ليس لقناعتهم بعدالة قضيته –إن كان هناك قضية- وإنما نكايةً في البرلمان والحكومة.
مهما يكن من أمر، فإن الإصلاح ليس كلمةً تقال ولا يرسمه خطاب أو مقال، فهي مثل عملية زراعة الأعضاء تتطلب جسداً سليماً يقبلها ولا يقاومها ويلفظها إذا ما تراءت له غريبةً وليست جزءً أصيلاً منه، وإذا كان الله يخرج الحي من الميت، فعلينا أن ندرك أننا لسنا آلهة، فأنى للموتى أن يخرجوا لنا تشريعات تحيي الموات في الحياة الحزبية والسياسية والمدنية، فلا أمل يرتجى من أمة آثر أفرادها التهديد والوعيد على الحوار والتجديد، والعصبية والمحاصصة الفئوية على المشاركة والديمقراطية، والبلطجة والتشبيح على المسائلة والتصحيح، لذلك فإن الإصلاح في هذا المناخ المسموم والسياق المأزوم لا يعدو أن يكون مجرد عبث وملهاة، ومن لا يصدق فما عليه سوى النظر في المرآة.
عمان جو - د. مهند العزة
إهانة النائب أسامة العجارمة لمجلس النواب الذي سعى إليه وبذل المال والوقت والجهد ليظفر بمقعد فيه وما تلا ذلك من قرار بتجميد عضويته لمدة سنة مع حرمانه من المخصصات المالية والنقاش الذي ثار حول دستورية القرار وضرورة مراجعة وتعديل النظام الداخلي للمجلس؛ تبدو جميعها مسائل هينة وضمن نطاق أي خلاف وإشكال قد يقع داخل مؤسسة برلمانية، لكن ما كان لافتاً للنظر ومثيراً للذعر هو تداعيات هذه الحادثة وارتداداتها في الشارع وعلى وسائل التواصل الاجتماعي.
فجأةً تحول النائب الذي لم يكن يعرفه كثيرون حتى صدور قرار تجميد عضويته إلى ترند وأيقونة عشائرية تداعت لنصرته وفود التأييد والمبايعة من الشمال والوسط والجنوب تزامناً مع تدشين هاشتاغات ذات طابع إقليمي وعشائري مثل: 'العشائر الأردنية العظيمة... أسامة العجارمة يمثلني... كلنا أسامة العجارمة....'، وواكب ذلك تجمهر في الشارع ومحاولات لإغلاق طرق رئيسية حالت قوات الأمن دون نجاحها، إلى أن تناقلت بعض المواقع خبراً لم تتأكد صحته أن النائب أصدر 'البيان رقم 1' من على سريره في إحدى المستشفيات الخاصة في العاصمة عمان على نسق البيانات التي تصدر عن قيادة الجيش في حالة الحرب أو الانقلاب، وتضمن قراراً بمنع متصرف ناعور من دخول مقر المتصرفية اعتباراً من تاريخ وساعة صدور البيان.
خطاب الاستقواء المفعم بالتهديد والوعيد من قبل مؤيدو النائب واعتلائه منبراً منتشقاً سيفاً وواضعاً مسدساً على جنبه، يأتي ضمن سلسلة مقارعة سيادة القانون بالفتونة والصراخ، الأمر الذي استمرأ كثيرون ممارسته مستحضرين تجارب غيرهم ممن سبقوهم على درب نيل المطالب بتجييش المضارب الذين بكل أسف وأسى خضعت لهم مؤسسات الدولة في مناسبات عدة فنالوا مرادهم تحت وطأة الضغط والتهديد.
العصبية القبلية آفة تنخر في جسد أي دولة تروم الاحتكام إلى الدستور والقانون ومبادئ الحاكمية الرشيدة، وهي سمة متأصلة في العديد من الشعوب التي أبى بعضها التخلي عنها ولم تفلح المدنية والعمران ولا حتى الأديان في طمسها أو التخفيف من أثرها وتأثيرها، إذ دائماً ما يكتب لهذه السمة الغلبة في كل مرة تدخل فيها في نزاع مع القانون ومبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان خصوصاً في الدول التي ليس للدولة المدنية سبيل إليها بسبب تغلغل ثقافة الكهنوت والتمييز والإقصاء في أوساط أفرادها وجماعاتها.
لا يجد عدد من المحسوبين على النخب السياسية والثقافية ممن تظاهروا بالحداثة والتحضر ودرسوا في جامعات أروبا وأمريكا حرجاً من إعلان ردّتهم عن ما آمنوا به أول النهار ليكفروا به في آخره عائدين تائبين آيبين إلى ملتهم الأولى التي تعلي العرف الجائر على الحق والتقاليد البالية على الحكمة والمنطق، فكم من هؤلاء انبرى في عطوات عشائرية مطالباً بتوقيع عقوبة الإعدام والانتقام من القاتل وترحيل أهله من ديارهم ومنعهم من حقهم الدستوري في توكيل محامي له والتلويح باستخدام القوة ضد أجهزة الدولة ومؤسساتها إن لم تنصاع لمطالب تتناقض ومبادئ العدالة الجنائية والالتزامات التي أعلنت الدولة نفسها قبولها بها حينما صادقت على مواثيق واتفاقيات حقوق الإنسان، تماماً كما هو الأمر حينما لم يفز بعض المرشحين بالانتخابات لمرة واحدة بعد أن فازوا بها لدورات متتالية، وكما هو الحال في قضية الساعة الخاصة بالنائب العجارمة، إذ يصبح الترهيب والتهديد والتمرد على الدولة وأجهزتها سيد الموقف؛ ليقلب الجميع ظهر المجنّ 'للديمقراطية' التي أوصلتهم إلى مقاعدهم النيابية ويتبرؤوا من تمثيلهم للأمة ليتمترسوا في دائرتهم العشائرية أو العائلية أو الجهوية الضيقة التي يستهوي خطابها المتعصبين والعنصريين ممن يكرهون القانون كرهاً لَمًَّا ويعشقون التغول عليه عشقاً جَمًَّا.
على الرغم من عدم وجود أي مسوغ أو مبرر يمكن قبوله لاستقواء النائب العجارمة بمؤيديه واستعراض القوة واللجوء للتهديد والوعيد لتغيير قرار اتخذ بناءً على أحكام نظام داخلي وتم التصويت عليه من زملائه وزميلاته عوضاً عن استخدامه لمكنات دستورية وقانونية وحتى إعلامية راقية لتبرير موقفه والدفاع عن نفسه، إلا أن الانجراف التلقائي وراء خطاب الاستعداء للدولة ومؤسساتها يجب أن يستوقف صانعي القرار لأنه يحمل دلالات تشير إلى حالة احتقان غير مسبوقة وانعدام ثقة تام يدفع الناس إلى تأييد أي صوت حتى لو لم يكن محقاً طالما كان يعادي أجهزة الدولة، فتحليل عدد من التعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي تشير إلى أن جانباً لا يستهان به من الذين يبدون تعاطفاً وتأييداً للنائب العجارمة؛ يقومون بذلك ليس لقناعتهم بعدالة قضيته –إن كان هناك قضية- وإنما نكايةً في البرلمان والحكومة.
مهما يكن من أمر، فإن الإصلاح ليس كلمةً تقال ولا يرسمه خطاب أو مقال، فهي مثل عملية زراعة الأعضاء تتطلب جسداً سليماً يقبلها ولا يقاومها ويلفظها إذا ما تراءت له غريبةً وليست جزءً أصيلاً منه، وإذا كان الله يخرج الحي من الميت، فعلينا أن ندرك أننا لسنا آلهة، فأنى للموتى أن يخرجوا لنا تشريعات تحيي الموات في الحياة الحزبية والسياسية والمدنية، فلا أمل يرتجى من أمة آثر أفرادها التهديد والوعيد على الحوار والتجديد، والعصبية والمحاصصة الفئوية على المشاركة والديمقراطية، والبلطجة والتشبيح على المسائلة والتصحيح، لذلك فإن الإصلاح في هذا المناخ المسموم والسياق المأزوم لا يعدو أن يكون مجرد عبث وملهاة، ومن لا يصدق فما عليه سوى النظر في المرآة.
التعليقات