عمان جو_احمد حسن الزعبي «الكرافانات»متشابهة مثل أقراص الدواء..بيضاء، متساوية المساحة ، وتفصلها مسافات ثابتة ..أحبال الغسيل تمتد على محيط البيت الحديدي ولا تتجاوزه ..وبعض الوسائد التي طالتها رطوبة الأحلام تتدلى من النوافذ الضيقة لتتبخر على شمس الحقيقة، عجوز تجلس بين بيتين مستعارين كجملة معترضة، تدوّر حبات مسبحتها بين أصابعها تراقب المدى وسماء القرية البعيدة ، وزوبعة تحمل الأكياس الفارغة والورق التالف على اكف الغبار وتمشّط مساحات المكان ..لا شيء يوحي بالبهجة ، الأرض رملية والبيوت بيضاء ، يبدو أن لا ألوان أخرى للخارجين من الوطن..أيها اللاجئ هذه حصّتك من ألوان الطيف!!..سيدة تمشي وخلفها طفل يمسك بطرف الثوب ،تحاول أن توازن بين مشية الصغير وثقل «جالون» الماء المعبأ من مصدر بعيد..كم صعب أن تضبط دنو الخطى وعلو الكتف!! كم صعب أن تمشي بين عبئين!!..
قالها دون مقدّمات وهو نائم على ركبة أمه..»يقول موسى ابن الجيران أن ثمة عيدا هذا الأسبوع»..تبسّمت الأم وهي تصنع بنطالاً من ثوبها العتيق لآخر العنقود...أعاد الصغير السؤال: أصحيح ما قاله موسى؟...هزّت الأم رأسها وهي تحاول أن تقارن بين ساقي البنطال..قالت: «صحيح»!..نهض عن ركبتها..بغضب واستنكار: لمَ لا يمر العيد من المخيم؟؟..ردّت وهي تدخل الإبرة في أول «حجلة»: في كل عيد يمرّ العيد من المخيم...أمسك بيدها ثم عاد يسأل: كيف شكله؟ هل يلبس مثل «الجيش» ؟؟ هل يلبس ثوباً عادياً؟؟ ..هل له لحية مثل جدّي عبد القادر؟؟...أخرجت الأم الإبرة من ضفة القماش الأخرى ورفعتها عالياً بخيطها الأسود ثم قالت: العيد لا يشبه أحدا...
عاد ونام على ركبة أمه.وبدأ يسرد ما يتذكّر..يقول أخي نزار أن العيد في بلدنا كان جميلاً، هناك زوّار ، وحلوى ، وثياب جديدة ،ومسدسات بلاستيك، يعني مسدسات ألعاب لا تقتل، فيها «طُعم» وبعضها بطلقات مطاطية ولها صوت..لكنها لا تؤذي ،تخرج صوتاً كهذا..»طع طع طع طع»...ويقول نزار في العيد كان الكبار - أبي وأعمامي مثلاً - يعطوهم نقوداً يشترون بها شعر البنات وبوظة...صحيح لم لا يمر بائعو شعر البنات في «الزعتري»؟؟ رفعت الأم كتفيها دون ان تجد جواباً..فعاد للسرد: ربما لأنه يضرّ بالأسنان..أو ربما لأنه لم يبق بنات...
ليتني ولدت باكراً لأرى العيد..يعني قبل سنة أو سنتين من اللجوء إلى هنا ، أو ليت العيد كان يصغرني بسنة أو سنتين لأفرد له ألعابي...لم تعد تعلّق الأم على ما يقول الصغير وقد أنجزت نصف السروال القصير بصمتها وتركته يحلم..عاد ونهض عن ركبة أمه وقال: صحيح ماما..ممكن أن يأتي العيد مع شاحنة الأمم المتحدة يجلس فوق أكياس الرز والسكر كما يفعل صديق خالي ياسر؟؟؟...قطعت الأم الخيط بأسنانها ،وربطت خيط الكلام من جديد : نم يا صغيري يأتي العيد!!..أغمض عينيه عنوة وقال: حسناً،لكن إن أغمضت عيني كيف سيراني العيد ..؟؟ آه لو يبني العيد خيمة قربنا»!!...
عمان جو_احمد حسن الزعبي «الكرافانات»متشابهة مثل أقراص الدواء..بيضاء، متساوية المساحة ، وتفصلها مسافات ثابتة ..أحبال الغسيل تمتد على محيط البيت الحديدي ولا تتجاوزه ..وبعض الوسائد التي طالتها رطوبة الأحلام تتدلى من النوافذ الضيقة لتتبخر على شمس الحقيقة، عجوز تجلس بين بيتين مستعارين كجملة معترضة، تدوّر حبات مسبحتها بين أصابعها تراقب المدى وسماء القرية البعيدة ، وزوبعة تحمل الأكياس الفارغة والورق التالف على اكف الغبار وتمشّط مساحات المكان ..لا شيء يوحي بالبهجة ، الأرض رملية والبيوت بيضاء ، يبدو أن لا ألوان أخرى للخارجين من الوطن..أيها اللاجئ هذه حصّتك من ألوان الطيف!!..سيدة تمشي وخلفها طفل يمسك بطرف الثوب ،تحاول أن توازن بين مشية الصغير وثقل «جالون» الماء المعبأ من مصدر بعيد..كم صعب أن تضبط دنو الخطى وعلو الكتف!! كم صعب أن تمشي بين عبئين!!..
قالها دون مقدّمات وهو نائم على ركبة أمه..»يقول موسى ابن الجيران أن ثمة عيدا هذا الأسبوع»..تبسّمت الأم وهي تصنع بنطالاً من ثوبها العتيق لآخر العنقود...أعاد الصغير السؤال: أصحيح ما قاله موسى؟...هزّت الأم رأسها وهي تحاول أن تقارن بين ساقي البنطال..قالت: «صحيح»!..نهض عن ركبتها..بغضب واستنكار: لمَ لا يمر العيد من المخيم؟؟..ردّت وهي تدخل الإبرة في أول «حجلة»: في كل عيد يمرّ العيد من المخيم...أمسك بيدها ثم عاد يسأل: كيف شكله؟ هل يلبس مثل «الجيش» ؟؟ هل يلبس ثوباً عادياً؟؟ ..هل له لحية مثل جدّي عبد القادر؟؟...أخرجت الأم الإبرة من ضفة القماش الأخرى ورفعتها عالياً بخيطها الأسود ثم قالت: العيد لا يشبه أحدا...
عاد ونام على ركبة أمه.وبدأ يسرد ما يتذكّر..يقول أخي نزار أن العيد في بلدنا كان جميلاً، هناك زوّار ، وحلوى ، وثياب جديدة ،ومسدسات بلاستيك، يعني مسدسات ألعاب لا تقتل، فيها «طُعم» وبعضها بطلقات مطاطية ولها صوت..لكنها لا تؤذي ،تخرج صوتاً كهذا..»طع طع طع طع»...ويقول نزار في العيد كان الكبار - أبي وأعمامي مثلاً - يعطوهم نقوداً يشترون بها شعر البنات وبوظة...صحيح لم لا يمر بائعو شعر البنات في «الزعتري»؟؟ رفعت الأم كتفيها دون ان تجد جواباً..فعاد للسرد: ربما لأنه يضرّ بالأسنان..أو ربما لأنه لم يبق بنات...
ليتني ولدت باكراً لأرى العيد..يعني قبل سنة أو سنتين من اللجوء إلى هنا ، أو ليت العيد كان يصغرني بسنة أو سنتين لأفرد له ألعابي...لم تعد تعلّق الأم على ما يقول الصغير وقد أنجزت نصف السروال القصير بصمتها وتركته يحلم..عاد ونهض عن ركبة أمه وقال: صحيح ماما..ممكن أن يأتي العيد مع شاحنة الأمم المتحدة يجلس فوق أكياس الرز والسكر كما يفعل صديق خالي ياسر؟؟؟...قطعت الأم الخيط بأسنانها ،وربطت خيط الكلام من جديد : نم يا صغيري يأتي العيد!!..أغمض عينيه عنوة وقال: حسناً،لكن إن أغمضت عيني كيف سيراني العيد ..؟؟ آه لو يبني العيد خيمة قربنا»!!...
عمان جو_احمد حسن الزعبي «الكرافانات»متشابهة مثل أقراص الدواء..بيضاء، متساوية المساحة ، وتفصلها مسافات ثابتة ..أحبال الغسيل تمتد على محيط البيت الحديدي ولا تتجاوزه ..وبعض الوسائد التي طالتها رطوبة الأحلام تتدلى من النوافذ الضيقة لتتبخر على شمس الحقيقة، عجوز تجلس بين بيتين مستعارين كجملة معترضة، تدوّر حبات مسبحتها بين أصابعها تراقب المدى وسماء القرية البعيدة ، وزوبعة تحمل الأكياس الفارغة والورق التالف على اكف الغبار وتمشّط مساحات المكان ..لا شيء يوحي بالبهجة ، الأرض رملية والبيوت بيضاء ، يبدو أن لا ألوان أخرى للخارجين من الوطن..أيها اللاجئ هذه حصّتك من ألوان الطيف!!..سيدة تمشي وخلفها طفل يمسك بطرف الثوب ،تحاول أن توازن بين مشية الصغير وثقل «جالون» الماء المعبأ من مصدر بعيد..كم صعب أن تضبط دنو الخطى وعلو الكتف!! كم صعب أن تمشي بين عبئين!!..
قالها دون مقدّمات وهو نائم على ركبة أمه..»يقول موسى ابن الجيران أن ثمة عيدا هذا الأسبوع»..تبسّمت الأم وهي تصنع بنطالاً من ثوبها العتيق لآخر العنقود...أعاد الصغير السؤال: أصحيح ما قاله موسى؟...هزّت الأم رأسها وهي تحاول أن تقارن بين ساقي البنطال..قالت: «صحيح»!..نهض عن ركبتها..بغضب واستنكار: لمَ لا يمر العيد من المخيم؟؟..ردّت وهي تدخل الإبرة في أول «حجلة»: في كل عيد يمرّ العيد من المخيم...أمسك بيدها ثم عاد يسأل: كيف شكله؟ هل يلبس مثل «الجيش» ؟؟ هل يلبس ثوباً عادياً؟؟ ..هل له لحية مثل جدّي عبد القادر؟؟...أخرجت الأم الإبرة من ضفة القماش الأخرى ورفعتها عالياً بخيطها الأسود ثم قالت: العيد لا يشبه أحدا...
عاد ونام على ركبة أمه.وبدأ يسرد ما يتذكّر..يقول أخي نزار أن العيد في بلدنا كان جميلاً، هناك زوّار ، وحلوى ، وثياب جديدة ،ومسدسات بلاستيك، يعني مسدسات ألعاب لا تقتل، فيها «طُعم» وبعضها بطلقات مطاطية ولها صوت..لكنها لا تؤذي ،تخرج صوتاً كهذا..»طع طع طع طع»...ويقول نزار في العيد كان الكبار - أبي وأعمامي مثلاً - يعطوهم نقوداً يشترون بها شعر البنات وبوظة...صحيح لم لا يمر بائعو شعر البنات في «الزعتري»؟؟ رفعت الأم كتفيها دون ان تجد جواباً..فعاد للسرد: ربما لأنه يضرّ بالأسنان..أو ربما لأنه لم يبق بنات...
ليتني ولدت باكراً لأرى العيد..يعني قبل سنة أو سنتين من اللجوء إلى هنا ، أو ليت العيد كان يصغرني بسنة أو سنتين لأفرد له ألعابي...لم تعد تعلّق الأم على ما يقول الصغير وقد أنجزت نصف السروال القصير بصمتها وتركته يحلم..عاد ونهض عن ركبة أمه وقال: صحيح ماما..ممكن أن يأتي العيد مع شاحنة الأمم المتحدة يجلس فوق أكياس الرز والسكر كما يفعل صديق خالي ياسر؟؟؟...قطعت الأم الخيط بأسنانها ،وربطت خيط الكلام من جديد : نم يا صغيري يأتي العيد!!..أغمض عينيه عنوة وقال: حسناً،لكن إن أغمضت عيني كيف سيراني العيد ..؟؟ آه لو يبني العيد خيمة قربنا»!!...
التعليقات