عمان جو - كمراقب ومحلل ومتابع سياسي للشأن الروسي وعلاقته بالملفات الدولية وفي صدارتها ماله علاقة مباشرة بإمريكا، أسجل هنا ارتياحي للقاء القمة في (جنيف) رفيع المستوى بين رئيس روسيا الإتحادية فلاديمير بوتين زعيم ووارث مدرسة الأقطاب المتعددة العالمية، وبين رئيس الولايات المتحدة الأمريكية جو بايدن زعيم ووارث مدرسة القطب الواحد بتاريخ 16 حزيران 2021، والأهم هنا هو ملاحظتي بروز سمة (الند للند) على اللقاء الرئاسي الهام هذا، وتميزت سويسرا بإنجاح محطات وجلسات اللقاء على مستوى البروتوكول والترتيب اللوجستي، ولوحظ تغطية زجاج اللقاء بمادة بيضاء مانعة للرؤيا الخارجية ومحصنة أمنيا لمقره الرئاسي ' فيلا LAGRANSH' . ووصول الرئيس الأمريكي قبل يوم إلى جنيف، ووصول الرئيس الروسي إلى هناك مباشرة بنفس يوم اللقاء لم يعط أي مؤشر إضافي ودخل في خاصية ترتيب كل دولة منهما، وبالمناسبة لم يكن لقاء جنيف بين دولتين فقط، وإنما بين قطبين نوويين عملاقين يتربعان على المركز العسكري على مستوى ( الجيش والبحرية رقم 1 ) رغم فروقات ميزانية الدفاع لصالح أمريكا قائدة حلف (الناتو)، (125 مليار ميزانية دفاع روسيا مقابل 750 مليار ميزانية دفاع أمريكا، أي أكثر بـ 16 مرة من روسيا حسب تصريح لوزير دفاعها سيرجي شايغو عام 2019)، وتختلف الأرقام بينهما في المقابل على مستوى الاقتصاد لصالح أمريكا بطبيعة الحال لسيطرتها من وسط قطبها الواحد على أهم محاور دول العالم.
ومجرد مبادرة الرئيس الأمريكي بايدن مصافحة الرئيس الروسي بوتين أمام مدخل فيلا اللقاء الرئاسي ( لاجرانش ) في جنيف، ومد بوتين يده لمقابلة المصافحة الأمريكية بالمثل، وتبادل للإبتسامات والضحكات، تم عبرها إغلاق ملف مقابلة محطة الإذاعة والتلفزيون الأمريكية AMBC news ومقدم اللقاء المتلفز جورج ستيفانوبولس بتاريخ 18أذار2021، ووصف بوتين وقتها من قبل بايدن بـ ( Killer ) أي القاتل بسبب موقفه وبلاده روسيا من قضية المعارض الروسي السياسي المحسوب على أمريكا والغرب اليكسي نافالني، وبسبب إتهام موسكو بالعبث في الانتخابات الرئاسية الأمريكية عامي 2020 2021، وهو الذي أثبتت موسكو من خلاله سرابيته، وأرسل بوتين عبر وزير خارجيته لافروف رسالة للإدارة الأمريكية على شكل كتاب أبيض لتوضيح الأمر عبر ضوابط نهائية بينهما ومن خلال الخط الساخن. واتفاق على إعادة سفيري البلدين روسيا وأمريكا لمباشرة عملهما.
والخطاب الرئاسي الأمريكي حينها قابله بوتين بأعصاب هادئة، والتمني لبايدن بالصحة حقيقة ومن دون سخرية، وتوقع أن يكون لقاء (جنيف) مثمرا، ووصف بايدن بالخبير السياسي الممكن المراهنة على الحديث معه والوصول لنتائج مرضية للطرفين وعمقهما الدولي، وذكّر بوتين أمريكا عبر إعلامها بما يحدث في داخلها من جرائم، واقتحام للكونغرس الأمريكي، وحوادث مماثلة في أفغانسان ومقتل العددين هناك . ففي نهاية المطاف أمن العالم هو الهدف النهائي، والتعاون وتطويره هو المطلوب، والتصادم هو المرفوض. ومع هذا وذاك لم يوجه الرئيس الأمريكي بايدن دعوة مباشرة للرئيس الروسي بوتين لزيارة البيت الأبيض في واشنطن، ولم يوجه بوتين لبايدن دعوة مباشرة مماثلة لزيارة قصر (الكرملين ) الرئاسي في موسكو، وعلق بوتين على ذلك بأن الوقت لم يأت بعد لمثل هكذا دعوات متبادلة رئاسية عالية الشأن، وبأن المسائل العالقة بين بلديهما من اختصاص الزعامات السياسية في بلديهما فقط. واتفاق على عودة سفيري روسيا وأمريكا إلى واشنطن وموسكو بعد عملية الطرد الدبلوماسي الأخيرة التي بدأتها أمريكا.
واستمر اللقاء المثمر عدة ساعات متتالية بين بوتين وبايدن، ومن الممكن ملاحظة فارق الخبرة السياسية بين روسيا بوجود بوتين المعاصر لمجموعة من رؤساء أمريكا مثل ( جورج بوش الأبن، بيل كلينتون، حسين أوباما، دونالد ترمب، وجو بايدن )، وبحضور سيرجي لافروف عملاق السياسات الدولية، و(يوري أوشاكوف) مساعد بوتين في السياسة الدولية، و(فاليري قيراسيموف) عن وزارة الدفاع الروسية، وبين أمريكا جو بايدن شيخ السياسة الأمريكية وسكرتيرته الصحفية الشابة التي امتدحها بوتين ووصفها بالقديرة والجميلة، ووزير خارجيته الجديد أنتوني بلينكين. وثمة حساسية أمريكية ملاحظة بسبب علاقة روسيا السياسية مع الصين ولتشكيلهما والشرق للحلف الواحد، ولعلاقتها الإستراتيجية مع الغرب الأوروبي أيضا، ومع العرب وباقي دول الشرق الأوسط مثل إيران، رغم علاقة أمريكا الاقتصادية القوية مع الصين، والتي تتفوق على علاقة روسيا معها ذات الوقت، وتبادل تجاري روسي أمريكي وبالعكس دون الطموح المطلوب في الوقت المعاصر بلغ حجمه (18 مليار دولار).
وحسب بروتوكول لقاء ( جنيف) هذا المنعقد من فترة زمنية قصيرة سابقة، فإن مؤتمرا صحفيا رئاسيا مشتركا بين بوتين وبايدن على غرار مؤتمر بوتين - ترمب في قمة هلسينكي عام 2019 لم يعقد، وجرى عقد مؤتمر صحفي لبوتين تحدث فيه وقوفا من خلف منصة عامودية عن ما جال في خاطره أمام الصحافة العالمية هناك ومنها الروسية والأمريكية، وحضور 1200 صحفي وإعلامي دولي إلى ( جنيف )، بينما ترك بايدن يتحدث منفصلا أيضا للصحافة الأمريكية فقط، والسبب بعيد المدى هدف لعدم الاصطدام والمحافظة على الوئام السياسي بدلا من الخصام في مجاله. وتصريح للرئيس بوتين لإعلام بلاده بأن هدفه من البقاء في السلطة لتمكين بلاده ولتقوية مكانتها الدولية، وحول الجهة الدولية التي تبحث عن الاستقرار في العالم تساءل بوتين عن من يخلف النظام السوري في دمشق، وفي ليبيا، وبأن الاختلاف في المواقف بين روسيا وأمريكا أمر طبيعي للوصول لنتائج مفيدة تصب في مصلحة أمن العالم. وحول المسألة الأوكرانية العالقة أكد بوتين ضرورة العودة لإتفاقية ( مينسك ) الضابطة للأزمة الأوكرانية وللعلاقة مع موسكو، ومشاركة ديمتري كوزاك عن ملف (الدونباس) ممثلاً عن القيادة الروسية، وترك بوتين موضوع دخول أوكرانيا في حلف الناتو من دون تعليق وباندهاش.
ورشح عن المدير الإعلامي لقصر ( الكرملين ) دميتري بيسكوف قوله بأن هدية بوتين لبايدن في ( جنيف ) كانت عبارة عن مناظر لموسكو، بينما جاءت هدية بايدن لبوتين على شكل نظارة شمسية، والمعنى هنا -على حسب تحليلي- بأن موسكو ترحب بالرئيس بايدن لزيارتها، وبأن بايدن يطلب في المقابل تدقيق النظر في سياسيات أمريكا المحتاجة لتصويبها من قبل موسكو تحديدا باعتبارها القطب العالمي الكبير المعارض لها. ومثل هكذا هدايا رفيعة المستوى تدقق أمنيا من الجهتين بطبيعة الحال.
وملاحظتي الأخيرة هنا هو أن الرئيس الأمريكي بايدن بدى لي بأنه حكيما ومتوازنا وهادئا في مؤتمره الصحفي كما الرئيس بوتين، وأمضى وقت المؤتمر واقفا أيضا، وركز على أهمية الحوار الوجاهي face to face ، وعرج على قضايا حقوق الإنسان ومنها قضية المعارض الروسي (اليكسي نافالني) رغم أنها روسية خالصة، ودعا لعلاقات مستقرة بين أمريكا وروسيا ترتكز على المصالح المشتركة وعلى المصارحة . كما ركز بايدن على أهمية محاربة الإرهاب في أفغانستان، وعلى منع إيران من انتاج قنبلة نووية، وعلى ضبط الوضع في المتجمد الشمالي، والعمل على ضمان سيادة أوكرانيا عبر اتفاقية (مينسك) تماما كما تطالب روسيا، والعمل على إيصال المواد التموينية للمناطق التي تعاني من الجوع في العالم . وتابع بايدن مؤتمر بوتين الصحفي قبل البدء بمؤتمره وهدفه أن يسمع كما يتكلم، وهي صفة للمتحدث الناجح بإمتياز .
وفي الختام هنا شخصيا أتمنى للعلاقلات الروسية - الأمريكية الاستقرار والازدهار لما فيه كل الخير للدولتين العظمتين، ولشعبيهما العظيمين الروسي والأمريكي، ولأمن العالم، وللتنمية الشاملة للبشرية جمعاء .
د.حسام العتوم
عمان جو - كمراقب ومحلل ومتابع سياسي للشأن الروسي وعلاقته بالملفات الدولية وفي صدارتها ماله علاقة مباشرة بإمريكا، أسجل هنا ارتياحي للقاء القمة في (جنيف) رفيع المستوى بين رئيس روسيا الإتحادية فلاديمير بوتين زعيم ووارث مدرسة الأقطاب المتعددة العالمية، وبين رئيس الولايات المتحدة الأمريكية جو بايدن زعيم ووارث مدرسة القطب الواحد بتاريخ 16 حزيران 2021، والأهم هنا هو ملاحظتي بروز سمة (الند للند) على اللقاء الرئاسي الهام هذا، وتميزت سويسرا بإنجاح محطات وجلسات اللقاء على مستوى البروتوكول والترتيب اللوجستي، ولوحظ تغطية زجاج اللقاء بمادة بيضاء مانعة للرؤيا الخارجية ومحصنة أمنيا لمقره الرئاسي ' فيلا LAGRANSH' . ووصول الرئيس الأمريكي قبل يوم إلى جنيف، ووصول الرئيس الروسي إلى هناك مباشرة بنفس يوم اللقاء لم يعط أي مؤشر إضافي ودخل في خاصية ترتيب كل دولة منهما، وبالمناسبة لم يكن لقاء جنيف بين دولتين فقط، وإنما بين قطبين نوويين عملاقين يتربعان على المركز العسكري على مستوى ( الجيش والبحرية رقم 1 ) رغم فروقات ميزانية الدفاع لصالح أمريكا قائدة حلف (الناتو)، (125 مليار ميزانية دفاع روسيا مقابل 750 مليار ميزانية دفاع أمريكا، أي أكثر بـ 16 مرة من روسيا حسب تصريح لوزير دفاعها سيرجي شايغو عام 2019)، وتختلف الأرقام بينهما في المقابل على مستوى الاقتصاد لصالح أمريكا بطبيعة الحال لسيطرتها من وسط قطبها الواحد على أهم محاور دول العالم.
ومجرد مبادرة الرئيس الأمريكي بايدن مصافحة الرئيس الروسي بوتين أمام مدخل فيلا اللقاء الرئاسي ( لاجرانش ) في جنيف، ومد بوتين يده لمقابلة المصافحة الأمريكية بالمثل، وتبادل للإبتسامات والضحكات، تم عبرها إغلاق ملف مقابلة محطة الإذاعة والتلفزيون الأمريكية AMBC news ومقدم اللقاء المتلفز جورج ستيفانوبولس بتاريخ 18أذار2021، ووصف بوتين وقتها من قبل بايدن بـ ( Killer ) أي القاتل بسبب موقفه وبلاده روسيا من قضية المعارض الروسي السياسي المحسوب على أمريكا والغرب اليكسي نافالني، وبسبب إتهام موسكو بالعبث في الانتخابات الرئاسية الأمريكية عامي 2020 2021، وهو الذي أثبتت موسكو من خلاله سرابيته، وأرسل بوتين عبر وزير خارجيته لافروف رسالة للإدارة الأمريكية على شكل كتاب أبيض لتوضيح الأمر عبر ضوابط نهائية بينهما ومن خلال الخط الساخن. واتفاق على إعادة سفيري البلدين روسيا وأمريكا لمباشرة عملهما.
والخطاب الرئاسي الأمريكي حينها قابله بوتين بأعصاب هادئة، والتمني لبايدن بالصحة حقيقة ومن دون سخرية، وتوقع أن يكون لقاء (جنيف) مثمرا، ووصف بايدن بالخبير السياسي الممكن المراهنة على الحديث معه والوصول لنتائج مرضية للطرفين وعمقهما الدولي، وذكّر بوتين أمريكا عبر إعلامها بما يحدث في داخلها من جرائم، واقتحام للكونغرس الأمريكي، وحوادث مماثلة في أفغانسان ومقتل العددين هناك . ففي نهاية المطاف أمن العالم هو الهدف النهائي، والتعاون وتطويره هو المطلوب، والتصادم هو المرفوض. ومع هذا وذاك لم يوجه الرئيس الأمريكي بايدن دعوة مباشرة للرئيس الروسي بوتين لزيارة البيت الأبيض في واشنطن، ولم يوجه بوتين لبايدن دعوة مباشرة مماثلة لزيارة قصر (الكرملين ) الرئاسي في موسكو، وعلق بوتين على ذلك بأن الوقت لم يأت بعد لمثل هكذا دعوات متبادلة رئاسية عالية الشأن، وبأن المسائل العالقة بين بلديهما من اختصاص الزعامات السياسية في بلديهما فقط. واتفاق على عودة سفيري روسيا وأمريكا إلى واشنطن وموسكو بعد عملية الطرد الدبلوماسي الأخيرة التي بدأتها أمريكا.
واستمر اللقاء المثمر عدة ساعات متتالية بين بوتين وبايدن، ومن الممكن ملاحظة فارق الخبرة السياسية بين روسيا بوجود بوتين المعاصر لمجموعة من رؤساء أمريكا مثل ( جورج بوش الأبن، بيل كلينتون، حسين أوباما، دونالد ترمب، وجو بايدن )، وبحضور سيرجي لافروف عملاق السياسات الدولية، و(يوري أوشاكوف) مساعد بوتين في السياسة الدولية، و(فاليري قيراسيموف) عن وزارة الدفاع الروسية، وبين أمريكا جو بايدن شيخ السياسة الأمريكية وسكرتيرته الصحفية الشابة التي امتدحها بوتين ووصفها بالقديرة والجميلة، ووزير خارجيته الجديد أنتوني بلينكين. وثمة حساسية أمريكية ملاحظة بسبب علاقة روسيا السياسية مع الصين ولتشكيلهما والشرق للحلف الواحد، ولعلاقتها الإستراتيجية مع الغرب الأوروبي أيضا، ومع العرب وباقي دول الشرق الأوسط مثل إيران، رغم علاقة أمريكا الاقتصادية القوية مع الصين، والتي تتفوق على علاقة روسيا معها ذات الوقت، وتبادل تجاري روسي أمريكي وبالعكس دون الطموح المطلوب في الوقت المعاصر بلغ حجمه (18 مليار دولار).
وحسب بروتوكول لقاء ( جنيف) هذا المنعقد من فترة زمنية قصيرة سابقة، فإن مؤتمرا صحفيا رئاسيا مشتركا بين بوتين وبايدن على غرار مؤتمر بوتين - ترمب في قمة هلسينكي عام 2019 لم يعقد، وجرى عقد مؤتمر صحفي لبوتين تحدث فيه وقوفا من خلف منصة عامودية عن ما جال في خاطره أمام الصحافة العالمية هناك ومنها الروسية والأمريكية، وحضور 1200 صحفي وإعلامي دولي إلى ( جنيف )، بينما ترك بايدن يتحدث منفصلا أيضا للصحافة الأمريكية فقط، والسبب بعيد المدى هدف لعدم الاصطدام والمحافظة على الوئام السياسي بدلا من الخصام في مجاله. وتصريح للرئيس بوتين لإعلام بلاده بأن هدفه من البقاء في السلطة لتمكين بلاده ولتقوية مكانتها الدولية، وحول الجهة الدولية التي تبحث عن الاستقرار في العالم تساءل بوتين عن من يخلف النظام السوري في دمشق، وفي ليبيا، وبأن الاختلاف في المواقف بين روسيا وأمريكا أمر طبيعي للوصول لنتائج مفيدة تصب في مصلحة أمن العالم. وحول المسألة الأوكرانية العالقة أكد بوتين ضرورة العودة لإتفاقية ( مينسك ) الضابطة للأزمة الأوكرانية وللعلاقة مع موسكو، ومشاركة ديمتري كوزاك عن ملف (الدونباس) ممثلاً عن القيادة الروسية، وترك بوتين موضوع دخول أوكرانيا في حلف الناتو من دون تعليق وباندهاش.
ورشح عن المدير الإعلامي لقصر ( الكرملين ) دميتري بيسكوف قوله بأن هدية بوتين لبايدن في ( جنيف ) كانت عبارة عن مناظر لموسكو، بينما جاءت هدية بايدن لبوتين على شكل نظارة شمسية، والمعنى هنا -على حسب تحليلي- بأن موسكو ترحب بالرئيس بايدن لزيارتها، وبأن بايدن يطلب في المقابل تدقيق النظر في سياسيات أمريكا المحتاجة لتصويبها من قبل موسكو تحديدا باعتبارها القطب العالمي الكبير المعارض لها. ومثل هكذا هدايا رفيعة المستوى تدقق أمنيا من الجهتين بطبيعة الحال.
وملاحظتي الأخيرة هنا هو أن الرئيس الأمريكي بايدن بدى لي بأنه حكيما ومتوازنا وهادئا في مؤتمره الصحفي كما الرئيس بوتين، وأمضى وقت المؤتمر واقفا أيضا، وركز على أهمية الحوار الوجاهي face to face ، وعرج على قضايا حقوق الإنسان ومنها قضية المعارض الروسي (اليكسي نافالني) رغم أنها روسية خالصة، ودعا لعلاقات مستقرة بين أمريكا وروسيا ترتكز على المصالح المشتركة وعلى المصارحة . كما ركز بايدن على أهمية محاربة الإرهاب في أفغانستان، وعلى منع إيران من انتاج قنبلة نووية، وعلى ضبط الوضع في المتجمد الشمالي، والعمل على ضمان سيادة أوكرانيا عبر اتفاقية (مينسك) تماما كما تطالب روسيا، والعمل على إيصال المواد التموينية للمناطق التي تعاني من الجوع في العالم . وتابع بايدن مؤتمر بوتين الصحفي قبل البدء بمؤتمره وهدفه أن يسمع كما يتكلم، وهي صفة للمتحدث الناجح بإمتياز .
وفي الختام هنا شخصيا أتمنى للعلاقلات الروسية - الأمريكية الاستقرار والازدهار لما فيه كل الخير للدولتين العظمتين، ولشعبيهما العظيمين الروسي والأمريكي، ولأمن العالم، وللتنمية الشاملة للبشرية جمعاء .
د.حسام العتوم
عمان جو - كمراقب ومحلل ومتابع سياسي للشأن الروسي وعلاقته بالملفات الدولية وفي صدارتها ماله علاقة مباشرة بإمريكا، أسجل هنا ارتياحي للقاء القمة في (جنيف) رفيع المستوى بين رئيس روسيا الإتحادية فلاديمير بوتين زعيم ووارث مدرسة الأقطاب المتعددة العالمية، وبين رئيس الولايات المتحدة الأمريكية جو بايدن زعيم ووارث مدرسة القطب الواحد بتاريخ 16 حزيران 2021، والأهم هنا هو ملاحظتي بروز سمة (الند للند) على اللقاء الرئاسي الهام هذا، وتميزت سويسرا بإنجاح محطات وجلسات اللقاء على مستوى البروتوكول والترتيب اللوجستي، ولوحظ تغطية زجاج اللقاء بمادة بيضاء مانعة للرؤيا الخارجية ومحصنة أمنيا لمقره الرئاسي ' فيلا LAGRANSH' . ووصول الرئيس الأمريكي قبل يوم إلى جنيف، ووصول الرئيس الروسي إلى هناك مباشرة بنفس يوم اللقاء لم يعط أي مؤشر إضافي ودخل في خاصية ترتيب كل دولة منهما، وبالمناسبة لم يكن لقاء جنيف بين دولتين فقط، وإنما بين قطبين نوويين عملاقين يتربعان على المركز العسكري على مستوى ( الجيش والبحرية رقم 1 ) رغم فروقات ميزانية الدفاع لصالح أمريكا قائدة حلف (الناتو)، (125 مليار ميزانية دفاع روسيا مقابل 750 مليار ميزانية دفاع أمريكا، أي أكثر بـ 16 مرة من روسيا حسب تصريح لوزير دفاعها سيرجي شايغو عام 2019)، وتختلف الأرقام بينهما في المقابل على مستوى الاقتصاد لصالح أمريكا بطبيعة الحال لسيطرتها من وسط قطبها الواحد على أهم محاور دول العالم.
ومجرد مبادرة الرئيس الأمريكي بايدن مصافحة الرئيس الروسي بوتين أمام مدخل فيلا اللقاء الرئاسي ( لاجرانش ) في جنيف، ومد بوتين يده لمقابلة المصافحة الأمريكية بالمثل، وتبادل للإبتسامات والضحكات، تم عبرها إغلاق ملف مقابلة محطة الإذاعة والتلفزيون الأمريكية AMBC news ومقدم اللقاء المتلفز جورج ستيفانوبولس بتاريخ 18أذار2021، ووصف بوتين وقتها من قبل بايدن بـ ( Killer ) أي القاتل بسبب موقفه وبلاده روسيا من قضية المعارض الروسي السياسي المحسوب على أمريكا والغرب اليكسي نافالني، وبسبب إتهام موسكو بالعبث في الانتخابات الرئاسية الأمريكية عامي 2020 2021، وهو الذي أثبتت موسكو من خلاله سرابيته، وأرسل بوتين عبر وزير خارجيته لافروف رسالة للإدارة الأمريكية على شكل كتاب أبيض لتوضيح الأمر عبر ضوابط نهائية بينهما ومن خلال الخط الساخن. واتفاق على إعادة سفيري البلدين روسيا وأمريكا لمباشرة عملهما.
والخطاب الرئاسي الأمريكي حينها قابله بوتين بأعصاب هادئة، والتمني لبايدن بالصحة حقيقة ومن دون سخرية، وتوقع أن يكون لقاء (جنيف) مثمرا، ووصف بايدن بالخبير السياسي الممكن المراهنة على الحديث معه والوصول لنتائج مرضية للطرفين وعمقهما الدولي، وذكّر بوتين أمريكا عبر إعلامها بما يحدث في داخلها من جرائم، واقتحام للكونغرس الأمريكي، وحوادث مماثلة في أفغانسان ومقتل العددين هناك . ففي نهاية المطاف أمن العالم هو الهدف النهائي، والتعاون وتطويره هو المطلوب، والتصادم هو المرفوض. ومع هذا وذاك لم يوجه الرئيس الأمريكي بايدن دعوة مباشرة للرئيس الروسي بوتين لزيارة البيت الأبيض في واشنطن، ولم يوجه بوتين لبايدن دعوة مباشرة مماثلة لزيارة قصر (الكرملين ) الرئاسي في موسكو، وعلق بوتين على ذلك بأن الوقت لم يأت بعد لمثل هكذا دعوات متبادلة رئاسية عالية الشأن، وبأن المسائل العالقة بين بلديهما من اختصاص الزعامات السياسية في بلديهما فقط. واتفاق على عودة سفيري روسيا وأمريكا إلى واشنطن وموسكو بعد عملية الطرد الدبلوماسي الأخيرة التي بدأتها أمريكا.
واستمر اللقاء المثمر عدة ساعات متتالية بين بوتين وبايدن، ومن الممكن ملاحظة فارق الخبرة السياسية بين روسيا بوجود بوتين المعاصر لمجموعة من رؤساء أمريكا مثل ( جورج بوش الأبن، بيل كلينتون، حسين أوباما، دونالد ترمب، وجو بايدن )، وبحضور سيرجي لافروف عملاق السياسات الدولية، و(يوري أوشاكوف) مساعد بوتين في السياسة الدولية، و(فاليري قيراسيموف) عن وزارة الدفاع الروسية، وبين أمريكا جو بايدن شيخ السياسة الأمريكية وسكرتيرته الصحفية الشابة التي امتدحها بوتين ووصفها بالقديرة والجميلة، ووزير خارجيته الجديد أنتوني بلينكين. وثمة حساسية أمريكية ملاحظة بسبب علاقة روسيا السياسية مع الصين ولتشكيلهما والشرق للحلف الواحد، ولعلاقتها الإستراتيجية مع الغرب الأوروبي أيضا، ومع العرب وباقي دول الشرق الأوسط مثل إيران، رغم علاقة أمريكا الاقتصادية القوية مع الصين، والتي تتفوق على علاقة روسيا معها ذات الوقت، وتبادل تجاري روسي أمريكي وبالعكس دون الطموح المطلوب في الوقت المعاصر بلغ حجمه (18 مليار دولار).
وحسب بروتوكول لقاء ( جنيف) هذا المنعقد من فترة زمنية قصيرة سابقة، فإن مؤتمرا صحفيا رئاسيا مشتركا بين بوتين وبايدن على غرار مؤتمر بوتين - ترمب في قمة هلسينكي عام 2019 لم يعقد، وجرى عقد مؤتمر صحفي لبوتين تحدث فيه وقوفا من خلف منصة عامودية عن ما جال في خاطره أمام الصحافة العالمية هناك ومنها الروسية والأمريكية، وحضور 1200 صحفي وإعلامي دولي إلى ( جنيف )، بينما ترك بايدن يتحدث منفصلا أيضا للصحافة الأمريكية فقط، والسبب بعيد المدى هدف لعدم الاصطدام والمحافظة على الوئام السياسي بدلا من الخصام في مجاله. وتصريح للرئيس بوتين لإعلام بلاده بأن هدفه من البقاء في السلطة لتمكين بلاده ولتقوية مكانتها الدولية، وحول الجهة الدولية التي تبحث عن الاستقرار في العالم تساءل بوتين عن من يخلف النظام السوري في دمشق، وفي ليبيا، وبأن الاختلاف في المواقف بين روسيا وأمريكا أمر طبيعي للوصول لنتائج مفيدة تصب في مصلحة أمن العالم. وحول المسألة الأوكرانية العالقة أكد بوتين ضرورة العودة لإتفاقية ( مينسك ) الضابطة للأزمة الأوكرانية وللعلاقة مع موسكو، ومشاركة ديمتري كوزاك عن ملف (الدونباس) ممثلاً عن القيادة الروسية، وترك بوتين موضوع دخول أوكرانيا في حلف الناتو من دون تعليق وباندهاش.
ورشح عن المدير الإعلامي لقصر ( الكرملين ) دميتري بيسكوف قوله بأن هدية بوتين لبايدن في ( جنيف ) كانت عبارة عن مناظر لموسكو، بينما جاءت هدية بايدن لبوتين على شكل نظارة شمسية، والمعنى هنا -على حسب تحليلي- بأن موسكو ترحب بالرئيس بايدن لزيارتها، وبأن بايدن يطلب في المقابل تدقيق النظر في سياسيات أمريكا المحتاجة لتصويبها من قبل موسكو تحديدا باعتبارها القطب العالمي الكبير المعارض لها. ومثل هكذا هدايا رفيعة المستوى تدقق أمنيا من الجهتين بطبيعة الحال.
وملاحظتي الأخيرة هنا هو أن الرئيس الأمريكي بايدن بدى لي بأنه حكيما ومتوازنا وهادئا في مؤتمره الصحفي كما الرئيس بوتين، وأمضى وقت المؤتمر واقفا أيضا، وركز على أهمية الحوار الوجاهي face to face ، وعرج على قضايا حقوق الإنسان ومنها قضية المعارض الروسي (اليكسي نافالني) رغم أنها روسية خالصة، ودعا لعلاقات مستقرة بين أمريكا وروسيا ترتكز على المصالح المشتركة وعلى المصارحة . كما ركز بايدن على أهمية محاربة الإرهاب في أفغانستان، وعلى منع إيران من انتاج قنبلة نووية، وعلى ضبط الوضع في المتجمد الشمالي، والعمل على ضمان سيادة أوكرانيا عبر اتفاقية (مينسك) تماما كما تطالب روسيا، والعمل على إيصال المواد التموينية للمناطق التي تعاني من الجوع في العالم . وتابع بايدن مؤتمر بوتين الصحفي قبل البدء بمؤتمره وهدفه أن يسمع كما يتكلم، وهي صفة للمتحدث الناجح بإمتياز .
وفي الختام هنا شخصيا أتمنى للعلاقلات الروسية - الأمريكية الاستقرار والازدهار لما فيه كل الخير للدولتين العظمتين، ولشعبيهما العظيمين الروسي والأمريكي، ولأمن العالم، وللتنمية الشاملة للبشرية جمعاء .
التعليقات