عمان جو - أنهى فريق تابع لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، أمس الثلاثاء، مهمة بدأها يوم الخميس الماضي، بنقل المواد الكيميائية الليبية عبر ميناء مصراتة بواسطة ناقلة دنماركية وبالتعاون مع الجانب الليبي. وقال نائب رئيس حكومة الوفاق الوطني في طرابلس موسى الكوني 'تم نقل كامل مخزون ليبيا من المواد الكيميائية الخاصة بتصنيع الاسلحة الى الخارج'، مضيفاً أانه 'خبر جيد لليبيا، وللسلام في ليبيا، ونحن نشكر الدول التي تعاونت والامم المتحدة'.
من جهته، أوضح مسؤول أمني رفيع المستوى في مدينة مصراتة أن 'الاسلحة الكيميائية الليبية التي ورثت عن النظام السابق شحنت بالكامل الى المانيا يوم السبت على متن سفينة دنماركية من ميناء مصراتة في عملية أمنية خاصة تحت إشراف الامم المتحدة'. بدوره، قال المتحدث الرسمي باسم الهيئة الوطنية الليبية لاتفاقية الأسلحة الكيميائية، العقيد أحمد حسن وليد، لـ'العربي الجديد' إن العمل كان بالتنسيق بيننا وبين المنظمة، لنقل غاز الخردل السام من مخازنه في الجنوب الليبي عبر ميناء مصراتة إلى ألمانيا حيث سيتم تدميره.
وعن أهم المواد المنقولة في هذه الشحنة، أشار وليد إلى أن 'أخطر ما لدى ليبيا هو غاز الإيبريت المشهور باسم غاز الخردل والمصنف بحسب منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في الفئة الأولى كونه غازاً حربياً قتالياً له مفعول خطير في الفتك بالبشر بشكل كامل وخلال وقت قياسي'، موضحاً أن هذا الغاز هو الذي يتم نقله حالياً، ولافتاً إلى أن ليبيا كانت تمتلك سلائف كيميائية مصنفة ضمن الفئة الثانية، أي ضمن خانة الغازات غير الحربية، لكن يجري نقلها أيضاً لأن العناصر التي تتكون منها يمكن أن تستخدم في تصنيع بعض الأسلحة الكيميائية، وفق تأكيده.
وأكد وليد أن نقل هذه المواد يتم في الواقع بموجب اتفاق أبرمته منظمة حظر الأسلحة الكيميائية مع ليبيا في عام 2004، حين انضم هذا البلد إلى اتفاقية حظر هذا النوع من الأسلحة المحظورة عالمياً. وأضاف أن المرحلة الثانية والأخيرة لعملية نقل 850 طناً من تلك المواد المتبقية، ستنتهي في شهر ديسمبر/كانون الأول 2016، لتصبح البلاد بعد ذلك التاريخ خالية نهائياً من أي مادة كيميائية خطيرة.
وتطبيق الاتفاق الموقع في عام 2004 كان بدأ على مراحل. وذكر وليد في هذا الشأن أنه 'بعد سلسلة من الإجراءات السياسية والمفاوضات، بدأت عملية التخلص من الأسلحة الكيميائية الليبية خلال مراحل، كان أولها نهاية عام 2010 حين استهل العمل بما يعرف علمياً بعملية التحييد، وهي نزع الطابع الحربي عن هذه المواد داخل الصهاريج'. لكن العملية توقفت كلياً بسبب الأحداث التي أعقبت الثورة الليبية في فبراير/شباط 2011، وفق قول المسؤول الذي أضاف أن 'العملية استؤنفت في إبريل/نيسان 2013، وبدأت أخطر مراحل عملية تدمير المواد الكيميائية في نوفمبر/تشرين الثاني من العام نفسه. وأوضح أن الأمر كان يتعلق بالتعامل مع القذائف والقنابل المحتوية على مواد كيميائية، مشيراً إلى أن عدم اكتمال مشروع صناعة هذه القنابل سابقاً سهّل عملية إتلافها، عبر تقنية متطورة استخدمها خبراء أجانب تابعون لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، وهي عملية استغرقت حوالي 70 يوماً، وفق تأكيده.
وعن أسباب مساهمة ألمانيا والدنمارك بإتمام عمليات تدمير السلاح الكيميائي الليبي، كشف وليد أن خبراء من الدولتين ومن النمسا، كانوا على علاقة بالمشروع الليبي بشكل غير قانوني. وأضاف أنه أقيمت خلال العقد الماضي محاكمات بهذه الدول لمصانع لديها تعامل غير قانوني مع نظام معمر القذافي. في هذا الصدد، ذكر مسؤول ليبي مطلع لـ'العربي الجديد' أن عمليات نقل المواد المتبقية من أنشطة القذافي الكيميائية تمت من مقرات في قاعدة الجفرة العسكرية جنوب غرب البلاد، حيث تم تخزينها. وأضاف أن 'عمليات النقل التي تمت يومي الخميس والسبت الماضيين احتوت على ما بين 350 و400 طن من المواد السامة'. وتابع أن طموح القذافي في الحصول على هذه الأسلحة يرجع إلى منتصف السبعينيات، عندما دخل في صفقات مع النظام الحاكم في باكستان في تلك الآونة، إذ دعم باكستان بملايين الدولارات لإتمام مشروعها النووي مقابل مساعدته على تنفيذ مشروع مماثل. وأضاف المصدر نفسه 'لكن القذافي فشل، وتحول المشروع إلى مجرد مختبر مجهز، في تاجوراء بطرابلس العاصمة، وقد استخدم لاحقاً كمجمع للبحوث الصناعية'، مبيناً أن القذافي بدأ في بداية الثمانينيات بالسعي للحصول على أسلحة كيميائية.
في هذا السياق، أوضح المسؤول الليبي أن القذافي 'حصل من مصر على مواد سامة مثل السيريت والطابون وبدأ محاولات التصنيع بأوائل الثمانينيات، ليبلغ ذروة نشاطه الكيميائي، بتأسيس مصنع الرابطة، غرب طرابلس، والذي شاركت في بنائه شركات فرنسية وإيطالية وسويسرية'. لكن في عام 1990، 'تعرض المصنع لحريق غامض قالت السلطات الليبية إن الاستخبارات الأميركية هي من دبرته، معلنةً أن المصنع هو لتصنيع الأدوية، ومتهمةً بالتالي الولايات المتحدة بالتعدي على مرفق إنساني'، كما قال المصدر.
وكان الرئيس الأميركي الأسبق، جورج بوش الأب، أعلن في عام 1989 أن ليبيا تمتلك مصنعاً لصناعة الأسلحة الكيميائية في مدينة الرابطة، مؤكداً عزم واشنطن على تدميره. بعدها، تداولت صحف غربية معلومات تفيد بأن القذافي نقل مصنعه إلى مرتفعات ترهونة المتاخمة لطرابلس شرقاً. لكن مسؤولاً ليبياً يقول لـ'العربي الجديد' إن 'القذافي نقل منذ ذلك اليوم جزءاً كبيراً من مواده سراً إلى منطقة تويوي في أقصى الجنوب'، من دون أن ينجح في استعادة نشاطه بالحصول على أسلحة كيميائية. وأضاف أن 'القذافي وصل، عبر أعمال غاية في السرية، إلى بدايات تصنيع قنابل مزودة بحشوات كيميائية، لكن العمل لم ينته وتوقف عند حريق مصنع الرابطة، وليبقى ما تبقى من مشروعه عبارة عن مواد خام'، بحسب المصدر.
وفي عام 2002، فتحت النيابة العامة الألمانية ملف قضية 'مصنع الرابطة' الليبي للتحقيق مع ألمانيين اثنين، يعملان في شركة متخصصة بالمجال الكيميائي، بتهمة المشاركة ببناء مرشحات ماء تستخدم في الصناعة الكيميائية في منطقة الرابطة. وقامت النيابة الألمانية بتفتيش مقر شركة ألمانية يعمل فيها الرجلان، وعثرت على وثائق هامة كشفت عن تصدير الشركة مرشحات إلى ليبيا بقيمة 510 آلاف مارك ألماني.
وذكر المسؤول الليبي أن القذافي لم يكن جاداً في وقف أنشطته المرتبطة بحيازة أسلحة غير تقليدية، عندما وقّع على عدة اتفاقيات دولية بهذا الشأن عام 2004. وقد سلم مواد ومعدّات دقيقة ووثائق تتعلق بالبرامج المؤدية إلى امتلاك سلاح نووي وكيميائي، لكن كان يوجد غيرها في الجنوب الليبي. وهو ما تم العثور عليه عندما زارت لجان أممية تلك المنطقة، نهاية عام 2011، لتكتشف وجود موقع لتخزين مادة اليورانيوم، يحوي على 6400 برميل من مادة الكعكة الصفراء على هيئة مسحوق. وقد تم نقلها مع مواد كيميائية أخرى، أهمها الخردل، إلى قاعدة الجفرة في مقرات مغلقة ومحمية بشكل جيد من قبل قوات أجنبية، وفق المسؤول الذي أكد أنها محظورة على المسلحين الليبيين بكافة انتماءاتهم.
وكشف المسؤول عن أن مبعوثين غربيين قاموا بعدة زيارات إلى سجن الهضبة في طرابلس، للقاء وزير الخارجية بنظام القذافي، عبد العاطي العبيدي، الذي كان احتجزه الثوار في سجنٍ منذ عام 2011، مشيراً ألى أن الحكم ببراءته في يوليو/تموز 2015 وإطلاق سراحه جاء بناء على تعليمات خارجية. والجدير بالذكر، وفق المصدر نفسه، أن 'العبيدي كان مكلفاً من قبل القذافي بالتفاوض مع المجتمع الدولي بملف الأسلحة الكيميائية ويمتلك تفاصيل غاية في الدقة ويقيم منذ إطلاق سراحه بالقاهرة'، ولعب طيلة الفترة الماضية دوراً محورياً في مسار إنهاء ملف القذافي الكيميائي، بحسب تأكيد المسؤول الليبي.
عمان جو - أنهى فريق تابع لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، أمس الثلاثاء، مهمة بدأها يوم الخميس الماضي، بنقل المواد الكيميائية الليبية عبر ميناء مصراتة بواسطة ناقلة دنماركية وبالتعاون مع الجانب الليبي. وقال نائب رئيس حكومة الوفاق الوطني في طرابلس موسى الكوني 'تم نقل كامل مخزون ليبيا من المواد الكيميائية الخاصة بتصنيع الاسلحة الى الخارج'، مضيفاً أانه 'خبر جيد لليبيا، وللسلام في ليبيا، ونحن نشكر الدول التي تعاونت والامم المتحدة'.
من جهته، أوضح مسؤول أمني رفيع المستوى في مدينة مصراتة أن 'الاسلحة الكيميائية الليبية التي ورثت عن النظام السابق شحنت بالكامل الى المانيا يوم السبت على متن سفينة دنماركية من ميناء مصراتة في عملية أمنية خاصة تحت إشراف الامم المتحدة'. بدوره، قال المتحدث الرسمي باسم الهيئة الوطنية الليبية لاتفاقية الأسلحة الكيميائية، العقيد أحمد حسن وليد، لـ'العربي الجديد' إن العمل كان بالتنسيق بيننا وبين المنظمة، لنقل غاز الخردل السام من مخازنه في الجنوب الليبي عبر ميناء مصراتة إلى ألمانيا حيث سيتم تدميره.
وعن أهم المواد المنقولة في هذه الشحنة، أشار وليد إلى أن 'أخطر ما لدى ليبيا هو غاز الإيبريت المشهور باسم غاز الخردل والمصنف بحسب منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في الفئة الأولى كونه غازاً حربياً قتالياً له مفعول خطير في الفتك بالبشر بشكل كامل وخلال وقت قياسي'، موضحاً أن هذا الغاز هو الذي يتم نقله حالياً، ولافتاً إلى أن ليبيا كانت تمتلك سلائف كيميائية مصنفة ضمن الفئة الثانية، أي ضمن خانة الغازات غير الحربية، لكن يجري نقلها أيضاً لأن العناصر التي تتكون منها يمكن أن تستخدم في تصنيع بعض الأسلحة الكيميائية، وفق تأكيده.
وأكد وليد أن نقل هذه المواد يتم في الواقع بموجب اتفاق أبرمته منظمة حظر الأسلحة الكيميائية مع ليبيا في عام 2004، حين انضم هذا البلد إلى اتفاقية حظر هذا النوع من الأسلحة المحظورة عالمياً. وأضاف أن المرحلة الثانية والأخيرة لعملية نقل 850 طناً من تلك المواد المتبقية، ستنتهي في شهر ديسمبر/كانون الأول 2016، لتصبح البلاد بعد ذلك التاريخ خالية نهائياً من أي مادة كيميائية خطيرة.
وتطبيق الاتفاق الموقع في عام 2004 كان بدأ على مراحل. وذكر وليد في هذا الشأن أنه 'بعد سلسلة من الإجراءات السياسية والمفاوضات، بدأت عملية التخلص من الأسلحة الكيميائية الليبية خلال مراحل، كان أولها نهاية عام 2010 حين استهل العمل بما يعرف علمياً بعملية التحييد، وهي نزع الطابع الحربي عن هذه المواد داخل الصهاريج'. لكن العملية توقفت كلياً بسبب الأحداث التي أعقبت الثورة الليبية في فبراير/شباط 2011، وفق قول المسؤول الذي أضاف أن 'العملية استؤنفت في إبريل/نيسان 2013، وبدأت أخطر مراحل عملية تدمير المواد الكيميائية في نوفمبر/تشرين الثاني من العام نفسه. وأوضح أن الأمر كان يتعلق بالتعامل مع القذائف والقنابل المحتوية على مواد كيميائية، مشيراً إلى أن عدم اكتمال مشروع صناعة هذه القنابل سابقاً سهّل عملية إتلافها، عبر تقنية متطورة استخدمها خبراء أجانب تابعون لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، وهي عملية استغرقت حوالي 70 يوماً، وفق تأكيده.
وعن أسباب مساهمة ألمانيا والدنمارك بإتمام عمليات تدمير السلاح الكيميائي الليبي، كشف وليد أن خبراء من الدولتين ومن النمسا، كانوا على علاقة بالمشروع الليبي بشكل غير قانوني. وأضاف أنه أقيمت خلال العقد الماضي محاكمات بهذه الدول لمصانع لديها تعامل غير قانوني مع نظام معمر القذافي. في هذا الصدد، ذكر مسؤول ليبي مطلع لـ'العربي الجديد' أن عمليات نقل المواد المتبقية من أنشطة القذافي الكيميائية تمت من مقرات في قاعدة الجفرة العسكرية جنوب غرب البلاد، حيث تم تخزينها. وأضاف أن 'عمليات النقل التي تمت يومي الخميس والسبت الماضيين احتوت على ما بين 350 و400 طن من المواد السامة'. وتابع أن طموح القذافي في الحصول على هذه الأسلحة يرجع إلى منتصف السبعينيات، عندما دخل في صفقات مع النظام الحاكم في باكستان في تلك الآونة، إذ دعم باكستان بملايين الدولارات لإتمام مشروعها النووي مقابل مساعدته على تنفيذ مشروع مماثل. وأضاف المصدر نفسه 'لكن القذافي فشل، وتحول المشروع إلى مجرد مختبر مجهز، في تاجوراء بطرابلس العاصمة، وقد استخدم لاحقاً كمجمع للبحوث الصناعية'، مبيناً أن القذافي بدأ في بداية الثمانينيات بالسعي للحصول على أسلحة كيميائية.
في هذا السياق، أوضح المسؤول الليبي أن القذافي 'حصل من مصر على مواد سامة مثل السيريت والطابون وبدأ محاولات التصنيع بأوائل الثمانينيات، ليبلغ ذروة نشاطه الكيميائي، بتأسيس مصنع الرابطة، غرب طرابلس، والذي شاركت في بنائه شركات فرنسية وإيطالية وسويسرية'. لكن في عام 1990، 'تعرض المصنع لحريق غامض قالت السلطات الليبية إن الاستخبارات الأميركية هي من دبرته، معلنةً أن المصنع هو لتصنيع الأدوية، ومتهمةً بالتالي الولايات المتحدة بالتعدي على مرفق إنساني'، كما قال المصدر.
وكان الرئيس الأميركي الأسبق، جورج بوش الأب، أعلن في عام 1989 أن ليبيا تمتلك مصنعاً لصناعة الأسلحة الكيميائية في مدينة الرابطة، مؤكداً عزم واشنطن على تدميره. بعدها، تداولت صحف غربية معلومات تفيد بأن القذافي نقل مصنعه إلى مرتفعات ترهونة المتاخمة لطرابلس شرقاً. لكن مسؤولاً ليبياً يقول لـ'العربي الجديد' إن 'القذافي نقل منذ ذلك اليوم جزءاً كبيراً من مواده سراً إلى منطقة تويوي في أقصى الجنوب'، من دون أن ينجح في استعادة نشاطه بالحصول على أسلحة كيميائية. وأضاف أن 'القذافي وصل، عبر أعمال غاية في السرية، إلى بدايات تصنيع قنابل مزودة بحشوات كيميائية، لكن العمل لم ينته وتوقف عند حريق مصنع الرابطة، وليبقى ما تبقى من مشروعه عبارة عن مواد خام'، بحسب المصدر.
وفي عام 2002، فتحت النيابة العامة الألمانية ملف قضية 'مصنع الرابطة' الليبي للتحقيق مع ألمانيين اثنين، يعملان في شركة متخصصة بالمجال الكيميائي، بتهمة المشاركة ببناء مرشحات ماء تستخدم في الصناعة الكيميائية في منطقة الرابطة. وقامت النيابة الألمانية بتفتيش مقر شركة ألمانية يعمل فيها الرجلان، وعثرت على وثائق هامة كشفت عن تصدير الشركة مرشحات إلى ليبيا بقيمة 510 آلاف مارك ألماني.
وذكر المسؤول الليبي أن القذافي لم يكن جاداً في وقف أنشطته المرتبطة بحيازة أسلحة غير تقليدية، عندما وقّع على عدة اتفاقيات دولية بهذا الشأن عام 2004. وقد سلم مواد ومعدّات دقيقة ووثائق تتعلق بالبرامج المؤدية إلى امتلاك سلاح نووي وكيميائي، لكن كان يوجد غيرها في الجنوب الليبي. وهو ما تم العثور عليه عندما زارت لجان أممية تلك المنطقة، نهاية عام 2011، لتكتشف وجود موقع لتخزين مادة اليورانيوم، يحوي على 6400 برميل من مادة الكعكة الصفراء على هيئة مسحوق. وقد تم نقلها مع مواد كيميائية أخرى، أهمها الخردل، إلى قاعدة الجفرة في مقرات مغلقة ومحمية بشكل جيد من قبل قوات أجنبية، وفق المسؤول الذي أكد أنها محظورة على المسلحين الليبيين بكافة انتماءاتهم.
وكشف المسؤول عن أن مبعوثين غربيين قاموا بعدة زيارات إلى سجن الهضبة في طرابلس، للقاء وزير الخارجية بنظام القذافي، عبد العاطي العبيدي، الذي كان احتجزه الثوار في سجنٍ منذ عام 2011، مشيراً ألى أن الحكم ببراءته في يوليو/تموز 2015 وإطلاق سراحه جاء بناء على تعليمات خارجية. والجدير بالذكر، وفق المصدر نفسه، أن 'العبيدي كان مكلفاً من قبل القذافي بالتفاوض مع المجتمع الدولي بملف الأسلحة الكيميائية ويمتلك تفاصيل غاية في الدقة ويقيم منذ إطلاق سراحه بالقاهرة'، ولعب طيلة الفترة الماضية دوراً محورياً في مسار إنهاء ملف القذافي الكيميائي، بحسب تأكيد المسؤول الليبي.
عمان جو - أنهى فريق تابع لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، أمس الثلاثاء، مهمة بدأها يوم الخميس الماضي، بنقل المواد الكيميائية الليبية عبر ميناء مصراتة بواسطة ناقلة دنماركية وبالتعاون مع الجانب الليبي. وقال نائب رئيس حكومة الوفاق الوطني في طرابلس موسى الكوني 'تم نقل كامل مخزون ليبيا من المواد الكيميائية الخاصة بتصنيع الاسلحة الى الخارج'، مضيفاً أانه 'خبر جيد لليبيا، وللسلام في ليبيا، ونحن نشكر الدول التي تعاونت والامم المتحدة'.
من جهته، أوضح مسؤول أمني رفيع المستوى في مدينة مصراتة أن 'الاسلحة الكيميائية الليبية التي ورثت عن النظام السابق شحنت بالكامل الى المانيا يوم السبت على متن سفينة دنماركية من ميناء مصراتة في عملية أمنية خاصة تحت إشراف الامم المتحدة'. بدوره، قال المتحدث الرسمي باسم الهيئة الوطنية الليبية لاتفاقية الأسلحة الكيميائية، العقيد أحمد حسن وليد، لـ'العربي الجديد' إن العمل كان بالتنسيق بيننا وبين المنظمة، لنقل غاز الخردل السام من مخازنه في الجنوب الليبي عبر ميناء مصراتة إلى ألمانيا حيث سيتم تدميره.
وعن أهم المواد المنقولة في هذه الشحنة، أشار وليد إلى أن 'أخطر ما لدى ليبيا هو غاز الإيبريت المشهور باسم غاز الخردل والمصنف بحسب منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في الفئة الأولى كونه غازاً حربياً قتالياً له مفعول خطير في الفتك بالبشر بشكل كامل وخلال وقت قياسي'، موضحاً أن هذا الغاز هو الذي يتم نقله حالياً، ولافتاً إلى أن ليبيا كانت تمتلك سلائف كيميائية مصنفة ضمن الفئة الثانية، أي ضمن خانة الغازات غير الحربية، لكن يجري نقلها أيضاً لأن العناصر التي تتكون منها يمكن أن تستخدم في تصنيع بعض الأسلحة الكيميائية، وفق تأكيده.
وأكد وليد أن نقل هذه المواد يتم في الواقع بموجب اتفاق أبرمته منظمة حظر الأسلحة الكيميائية مع ليبيا في عام 2004، حين انضم هذا البلد إلى اتفاقية حظر هذا النوع من الأسلحة المحظورة عالمياً. وأضاف أن المرحلة الثانية والأخيرة لعملية نقل 850 طناً من تلك المواد المتبقية، ستنتهي في شهر ديسمبر/كانون الأول 2016، لتصبح البلاد بعد ذلك التاريخ خالية نهائياً من أي مادة كيميائية خطيرة.
وتطبيق الاتفاق الموقع في عام 2004 كان بدأ على مراحل. وذكر وليد في هذا الشأن أنه 'بعد سلسلة من الإجراءات السياسية والمفاوضات، بدأت عملية التخلص من الأسلحة الكيميائية الليبية خلال مراحل، كان أولها نهاية عام 2010 حين استهل العمل بما يعرف علمياً بعملية التحييد، وهي نزع الطابع الحربي عن هذه المواد داخل الصهاريج'. لكن العملية توقفت كلياً بسبب الأحداث التي أعقبت الثورة الليبية في فبراير/شباط 2011، وفق قول المسؤول الذي أضاف أن 'العملية استؤنفت في إبريل/نيسان 2013، وبدأت أخطر مراحل عملية تدمير المواد الكيميائية في نوفمبر/تشرين الثاني من العام نفسه. وأوضح أن الأمر كان يتعلق بالتعامل مع القذائف والقنابل المحتوية على مواد كيميائية، مشيراً إلى أن عدم اكتمال مشروع صناعة هذه القنابل سابقاً سهّل عملية إتلافها، عبر تقنية متطورة استخدمها خبراء أجانب تابعون لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، وهي عملية استغرقت حوالي 70 يوماً، وفق تأكيده.
وعن أسباب مساهمة ألمانيا والدنمارك بإتمام عمليات تدمير السلاح الكيميائي الليبي، كشف وليد أن خبراء من الدولتين ومن النمسا، كانوا على علاقة بالمشروع الليبي بشكل غير قانوني. وأضاف أنه أقيمت خلال العقد الماضي محاكمات بهذه الدول لمصانع لديها تعامل غير قانوني مع نظام معمر القذافي. في هذا الصدد، ذكر مسؤول ليبي مطلع لـ'العربي الجديد' أن عمليات نقل المواد المتبقية من أنشطة القذافي الكيميائية تمت من مقرات في قاعدة الجفرة العسكرية جنوب غرب البلاد، حيث تم تخزينها. وأضاف أن 'عمليات النقل التي تمت يومي الخميس والسبت الماضيين احتوت على ما بين 350 و400 طن من المواد السامة'. وتابع أن طموح القذافي في الحصول على هذه الأسلحة يرجع إلى منتصف السبعينيات، عندما دخل في صفقات مع النظام الحاكم في باكستان في تلك الآونة، إذ دعم باكستان بملايين الدولارات لإتمام مشروعها النووي مقابل مساعدته على تنفيذ مشروع مماثل. وأضاف المصدر نفسه 'لكن القذافي فشل، وتحول المشروع إلى مجرد مختبر مجهز، في تاجوراء بطرابلس العاصمة، وقد استخدم لاحقاً كمجمع للبحوث الصناعية'، مبيناً أن القذافي بدأ في بداية الثمانينيات بالسعي للحصول على أسلحة كيميائية.
في هذا السياق، أوضح المسؤول الليبي أن القذافي 'حصل من مصر على مواد سامة مثل السيريت والطابون وبدأ محاولات التصنيع بأوائل الثمانينيات، ليبلغ ذروة نشاطه الكيميائي، بتأسيس مصنع الرابطة، غرب طرابلس، والذي شاركت في بنائه شركات فرنسية وإيطالية وسويسرية'. لكن في عام 1990، 'تعرض المصنع لحريق غامض قالت السلطات الليبية إن الاستخبارات الأميركية هي من دبرته، معلنةً أن المصنع هو لتصنيع الأدوية، ومتهمةً بالتالي الولايات المتحدة بالتعدي على مرفق إنساني'، كما قال المصدر.
وكان الرئيس الأميركي الأسبق، جورج بوش الأب، أعلن في عام 1989 أن ليبيا تمتلك مصنعاً لصناعة الأسلحة الكيميائية في مدينة الرابطة، مؤكداً عزم واشنطن على تدميره. بعدها، تداولت صحف غربية معلومات تفيد بأن القذافي نقل مصنعه إلى مرتفعات ترهونة المتاخمة لطرابلس شرقاً. لكن مسؤولاً ليبياً يقول لـ'العربي الجديد' إن 'القذافي نقل منذ ذلك اليوم جزءاً كبيراً من مواده سراً إلى منطقة تويوي في أقصى الجنوب'، من دون أن ينجح في استعادة نشاطه بالحصول على أسلحة كيميائية. وأضاف أن 'القذافي وصل، عبر أعمال غاية في السرية، إلى بدايات تصنيع قنابل مزودة بحشوات كيميائية، لكن العمل لم ينته وتوقف عند حريق مصنع الرابطة، وليبقى ما تبقى من مشروعه عبارة عن مواد خام'، بحسب المصدر.
وفي عام 2002، فتحت النيابة العامة الألمانية ملف قضية 'مصنع الرابطة' الليبي للتحقيق مع ألمانيين اثنين، يعملان في شركة متخصصة بالمجال الكيميائي، بتهمة المشاركة ببناء مرشحات ماء تستخدم في الصناعة الكيميائية في منطقة الرابطة. وقامت النيابة الألمانية بتفتيش مقر شركة ألمانية يعمل فيها الرجلان، وعثرت على وثائق هامة كشفت عن تصدير الشركة مرشحات إلى ليبيا بقيمة 510 آلاف مارك ألماني.
وذكر المسؤول الليبي أن القذافي لم يكن جاداً في وقف أنشطته المرتبطة بحيازة أسلحة غير تقليدية، عندما وقّع على عدة اتفاقيات دولية بهذا الشأن عام 2004. وقد سلم مواد ومعدّات دقيقة ووثائق تتعلق بالبرامج المؤدية إلى امتلاك سلاح نووي وكيميائي، لكن كان يوجد غيرها في الجنوب الليبي. وهو ما تم العثور عليه عندما زارت لجان أممية تلك المنطقة، نهاية عام 2011، لتكتشف وجود موقع لتخزين مادة اليورانيوم، يحوي على 6400 برميل من مادة الكعكة الصفراء على هيئة مسحوق. وقد تم نقلها مع مواد كيميائية أخرى، أهمها الخردل، إلى قاعدة الجفرة في مقرات مغلقة ومحمية بشكل جيد من قبل قوات أجنبية، وفق المسؤول الذي أكد أنها محظورة على المسلحين الليبيين بكافة انتماءاتهم.
وكشف المسؤول عن أن مبعوثين غربيين قاموا بعدة زيارات إلى سجن الهضبة في طرابلس، للقاء وزير الخارجية بنظام القذافي، عبد العاطي العبيدي، الذي كان احتجزه الثوار في سجنٍ منذ عام 2011، مشيراً ألى أن الحكم ببراءته في يوليو/تموز 2015 وإطلاق سراحه جاء بناء على تعليمات خارجية. والجدير بالذكر، وفق المصدر نفسه، أن 'العبيدي كان مكلفاً من قبل القذافي بالتفاوض مع المجتمع الدولي بملف الأسلحة الكيميائية ويمتلك تفاصيل غاية في الدقة ويقيم منذ إطلاق سراحه بالقاهرة'، ولعب طيلة الفترة الماضية دوراً محورياً في مسار إنهاء ملف القذافي الكيميائي، بحسب تأكيد المسؤول الليبي.
التعليقات
رحلة الأسلحة الكيميائية الليبية من القذافي إلى ألمانيا
التعليقات