عمان جو - بسام البدارين
مــســافــة فــاصــلــة سـيـاسـيـا وإعلاميا لكنها ليست متسعة أو واسـعـة بـين تلك المعطيات التي تشير إلــى أن عـمـان استقبلت زيارة خاصة من الرئيس اللبناني الأسبق أمـين الجميل، ستعقبها أخرى بتوقيع الزعيم الدرزي وليد جنبلاط.
وبين تلك القراءات التي تفترض من باب الاستنتاج والتحليل بأن الحــل السياسي الوحيد المتاح الآن والممكن لأزمة الصراع اليمني المعقدة قد يحصل قريبا في قصر الحسينية غرب العاصمة عمان. لا يوجد تصور محدد له علاقة بالأسباب التي تدفع العاصمة الأردنية لاستضافة مشاورات مع شخصيات لبنانية مثل جنبلاط والجميل أو غيرهما لاحقا.
لـكـن الإطـــلالـــة عـلـى المشهد اللبناني وفي الجزء المتعلق ببعض مراكز القوى فيه مفيدة وتخدم الاستراتيجية الأردنــيــة المعلنة بعنوان تسليط الأضواء أكثر على الملف السوري ورفع شعار إعادة إدمــاج سوريا بالنظام الرسمي العربي وهي على الأرجح المسألة التي بحثت خلف الستارة وعلى أرفع المستويات في القمة الأردنية الروسية التي استضافتها موسكو مؤخرا.
الأردن مهتم بالانفتاح أكثر على الداخل اللبناني بدلالة أمر ملكي ثالث سبق زيارة موسكو بإرسال طــائــرة عـسـكـريـة ثـالـثـة تحمل مساعدات إلـى الشعب اللبناني الصديق، وأيـضـا بـدلالـة إظهار مرونة فورية عند وزيــرة الطاقة الأردنية هالة زواتي تتحمس لفكرة تزويد لبنان بالكهرباء الأردنية عبر الأراضي السورية. في نقاش سابق مع «القدس العربي» تحدثت الـوزيـرة زواتـي عن جاهزية ومشروع طموح في هذا الاتجـاه وبحث تقني وفني، لكن الجزء السياسي في تعقيدات المشهد الـسـوري هـو الــذي حال مع الجزء الأمني طبعا دون ضخ الكهرباء إلى لبنان عبر سوريا إلى ان نضجت الظروف لبحث المسألة الآن.
مع عدم وجود صلة أو اتصال من أي نوع بين الأردن وحزب الله اللبناني، وفي ظل تراجع الحاضنة السياسية لتيار المستقبل منذ أكثر من ثلاثة أعــوام لأسباب يعلمها الــســاســة، بـقـي الأردن خــارج الاهـتـمـام والتأثير فـي المعادلة اللبنانية.
تغيير المعادلة
الــيــوم تخطط عـمـان لتغيير المعادلة، فالمشاورات مع أصدقاء محتملين وقـــدامـــى مــن زعـمـاء المعادلة اللبنانية مفيد لا بل يقع على الأرجح ضمن ما يسميه المحلل السياسي والاقتصادي الدكتور انــور الخـفـش بـ«إستعادة دورمستحق للأردن».
بناء على ذلـك وضمن سياق نــقــاش تفصيلي مــع «الــقــدس الـعـربـي» يستعيد الخفش وهو بالمناسبة خبير بالأمريكيات، مبادرة الملك الراحل الحسين بن طـلال قبل سنوات طويلة وهي تـؤسـس لحـالـة مصالحة يمنية احتوت الصراع وبعد إخفاق أو تـراجـع بقية المـــبـــادرات، يتكهن الخـفـش بـــأن قـصـر الحسينية هو المكان الصحيح لكي يجلس اليمنيون مـع بعضهم البعض ويستثمرون في الحكمة والخبرة الأردنية كما يصفها.
قد يبالغ كثيرون في تحديد أو ترسيم أو توظيف الحــراك الـدبـلـومـاسـي الأردنــــي النشط مؤخرا في الإقليم. لكن بالرغم من بعض المبالغات والأسئلة التي تطرحها شخصيات كبيرة حـول ضــرورة الاستفادة مـن هــذا الحـــراك المـهـم على حد تعبير رئيس الوزراء الأسبق طاهر المصري، يمكن ببساطة ملاحظة ان الدبلوماسية الأردنـيـة فقط الآن هي التي تتحرك وفي غالبية الاتجاهات وعلى أساس استعادة القاعدة الدبلوماسية القديمة التي كانت تشير إلى ان القيمة الأعمق للبوصلة الأردنية تتمثل في القدرة بنفس الـوقـت على التحدث مع جميع الأطراف.
بتقدير المصري الـذي سمعته 'القدس العربي' مؤخرا لا بد إلى الانتباه لأهمية الانفتاح والتحدث مع الجميع فعلا ولا بد من الترحيب بمـــبـــادرات الحـــــراك الإقـلـيـمـي المرجعية من دون إسقاط حسابات الاستثمار للصالح الأردنـي العام والـوطـنـي وانعكاس الأمــر على ترتيب أوراق الداخل. مجددا قد لا يتعلق الأمـر فقط باستعادة دور مستحق، فالخفش يتحدث عن خمس سنوات علنية الآن فــي الـسـيـاسـة الأمريكية العامة من الهدوء والتهدئة لكل الصراعات في المنطقة والإقليم.
ويشير إلـى إخفاقات تعرفها المؤسسة الأمـريـكـيـة والمجتمع الدولي لبعض المغامرات العربية التي انتهت باضطراب أو قلاقل، ويتحدث أيضا عن الدور الأردني أمريكيا باعتباره متعلقا بحليف رئيسي وقديم وخبير لكن مع دور جديد هذه المرة وبصورة تقود إلى الاستنتاج بوجود مباركة أمريكية لمنتج القمة الثلاثية بين الأردن والـعـراق ومصر ولـلاتجـاه نحو مجلس تعاون عربي جديد بعد المشهد الأفغاني، قد يضم لاحقا قطر والكويت وسلطنة عمان. تـلـك طبعا مـحـاولـة لتفسير الحراك الدبلوماسي النشط الذي نتج عنه تـقـارب شـديـد مؤخرا في محور عمان-الدوحة والذي ترافق عمليا مع معالجة مظاهر الخلل التي اعـتـرت العلاقة بين الأردن وتركيا أيضا حيث قدمت شروحات تبادلها الطرفان حول نقاط تجاذب أو خلاف واتجهت العلاقة نحو بـرتـوكـول تجـاري جديد ومـحـاولات للتفاهم على مسطرة جديدة أكثر تفاعلا بين البلدين في المجـال الحيوي لملف اللجوء الـسـوري وفقا لمـا أشـار لــه رئــيــس وزراء الأردن بشر الخصاونة عبر الإعــلام التركي مؤخرا.
ترتيب بعض الأوراق
في الوقت نفسه تستمر العلاقة الأردنـيـة الفلسطينية بالتفاعل بحيث تتطور في عمان فكرة ان المملكة قد تكون الصديق الوحيد الحـريـص الآن على مؤسسات ما يسمى بالشرعية الفلسطينية حيث السلطة والرئيس محمود عباس. وحيث تنسيق تفصيلي مع مصر ودور ألمح له الناطق باسم الحكومة صخر دودين في ترتيب بعض أوراق الاتصالات المصرية التركية وعلى أساس المنطق القائل بأن تركيا دولة جارة ومهمة ولا بـد أحيانا مـن الـنـوم معها على فراش دبلوماسي واحد ولو في بعض الليالي. زار وزير الخارجية الأردنــــي أيمــن الـصـفـدي مصر، واستقبلت عمان الرئيس محمود عباس ثم وزير الخارجية القطري وبـعـده وزيــر الخارجية التركي ومسؤول إماراتي رفيع المستوى، كل تلك المشاورات الدبلوماسية والأمنية والسياسية أعقبت زيارة مهمة قام بها الملك عبد الله الثاني إلى واشنطن مؤخرا.
وهــي زيـــارة فـي رأي الخفش دللت على استعادة الأردن لدوره الطبيعي في الماضي ضمن التعاطي والاشـتـبـاك مـع ملفات الإقليم والمنطقة، حيث تطورات الإقليم تشير إلى الهدوء في أكبر مساحة ممكنة والسياسة الأمريكية على الأقـــل خــلال الـسـنـوات الخمس المقبلة ضـد التصعيد والـتـأزيم والصراع العسكري، الأمـر الذي يسمح ضمنيا وفقا لتراث الأردن الدبلوماسي، لعمان بالتحرك وأحـيـانـا الـقـفـز بــين المعطيات الإقليمية بصورة منتجة.
بـعـد زيــــارة المـلـك لواشنطن اكتشفت المجسات الأردنـيـة بإن العلاقات مع تركيا قد تتطلب تهدئة أيضا في محيط المتوسط تتجاوز العمل على تأسيس اتصالات بين مصر وتركيا، فكانت القمة الثلاثية بالتوازي مع اليونان وقبرص مما يؤشر على ان الأردن يفكر عمليا أيضا بتقديم خدمة خاصة وفق امكاناته لحالة التهدئة في الملف الليبي لاحقا وفـي الملف المتعلق أيضا بصراعات الغاز والطاقة في المتوسط.
الحــراك الأردنــي الدبلوماسي
النشط كان مثيرا للغاية وينطوي على جرعات مكثفة خصوصا وان عمان توجت تركيزها على انخراط جميع دول المنطقة وزعاماتها في برنامج يدعم حكومة العراق الحالية برئاسة الدكتور مصطفى الكاظمي بلقاء قمة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وهو لقاء يقدر الخبراء بأن له مغزى ودلالة مهمة بعد القمة الثلاثية الشهيرة في بغداد لأنه قد يتجاوز التفاهم عـلـى دعـــم مـنـع تـصـديـر الأزمـــة اللبنانية واستئناف النشاط في غرفة العمليات التنسيقية، وقد يتجاوز أيضا أزمـة درعـا الأمنية بــاتجــاه تـفـاهـمـات مــع موسكو وأنقرة، يبدو الآن أنها تزيد ولها عـلاقـة بمجمل الــرؤيــا الأردنـيـة للملف السوري.
طبيعي القول إن الأردن يتحرك اليوم في فضاء تدعمه الخارجية الأمريكية بالتأييد وبعد مرحلة الرئيس دونالد ترامب التي نتج عنها أزمـــة متراكمة فـي العمق الخليجي وشراكة مضطربة وغير مستقرة مع بعض زعامات ودول المنطقة وبصيغة تفتح الساحة أمـام استعراض الأردن لاعتداله وخـبـرتـه الـتـراكـمـيـة، ولاحـقـا أمــام دور فعال ضمن معطيات الأولويات الأمريكية.
تـلـك مـــؤشـــرات بـرمـتـهـا قد تـؤسـس لاخـتـبـار قـــدرة الأردن على التحرك بـين الألـغـام لكنها تختبر بنفس الوقت القدرة على التكييش السياسي والاستفادة من مجمل هذه المعطيات أما على صعيد استعادة الدور المستحق أو على صعيد التجهيز والاستعداد والجاهزية لـدور آخر في المسار الإقليمي قد يثير من القلق نفس الحجم الــذي يثيره مـن الأسئلة والاحتمالات وأيضا الفرص.
القدس العربي
عمان جو - بسام البدارين
مــســافــة فــاصــلــة سـيـاسـيـا وإعلاميا لكنها ليست متسعة أو واسـعـة بـين تلك المعطيات التي تشير إلــى أن عـمـان استقبلت زيارة خاصة من الرئيس اللبناني الأسبق أمـين الجميل، ستعقبها أخرى بتوقيع الزعيم الدرزي وليد جنبلاط.
وبين تلك القراءات التي تفترض من باب الاستنتاج والتحليل بأن الحــل السياسي الوحيد المتاح الآن والممكن لأزمة الصراع اليمني المعقدة قد يحصل قريبا في قصر الحسينية غرب العاصمة عمان. لا يوجد تصور محدد له علاقة بالأسباب التي تدفع العاصمة الأردنية لاستضافة مشاورات مع شخصيات لبنانية مثل جنبلاط والجميل أو غيرهما لاحقا.
لـكـن الإطـــلالـــة عـلـى المشهد اللبناني وفي الجزء المتعلق ببعض مراكز القوى فيه مفيدة وتخدم الاستراتيجية الأردنــيــة المعلنة بعنوان تسليط الأضواء أكثر على الملف السوري ورفع شعار إعادة إدمــاج سوريا بالنظام الرسمي العربي وهي على الأرجح المسألة التي بحثت خلف الستارة وعلى أرفع المستويات في القمة الأردنية الروسية التي استضافتها موسكو مؤخرا.
الأردن مهتم بالانفتاح أكثر على الداخل اللبناني بدلالة أمر ملكي ثالث سبق زيارة موسكو بإرسال طــائــرة عـسـكـريـة ثـالـثـة تحمل مساعدات إلـى الشعب اللبناني الصديق، وأيـضـا بـدلالـة إظهار مرونة فورية عند وزيــرة الطاقة الأردنية هالة زواتي تتحمس لفكرة تزويد لبنان بالكهرباء الأردنية عبر الأراضي السورية. في نقاش سابق مع «القدس العربي» تحدثت الـوزيـرة زواتـي عن جاهزية ومشروع طموح في هذا الاتجـاه وبحث تقني وفني، لكن الجزء السياسي في تعقيدات المشهد الـسـوري هـو الــذي حال مع الجزء الأمني طبعا دون ضخ الكهرباء إلى لبنان عبر سوريا إلى ان نضجت الظروف لبحث المسألة الآن.
مع عدم وجود صلة أو اتصال من أي نوع بين الأردن وحزب الله اللبناني، وفي ظل تراجع الحاضنة السياسية لتيار المستقبل منذ أكثر من ثلاثة أعــوام لأسباب يعلمها الــســاســة، بـقـي الأردن خــارج الاهـتـمـام والتأثير فـي المعادلة اللبنانية.
تغيير المعادلة
الــيــوم تخطط عـمـان لتغيير المعادلة، فالمشاورات مع أصدقاء محتملين وقـــدامـــى مــن زعـمـاء المعادلة اللبنانية مفيد لا بل يقع على الأرجح ضمن ما يسميه المحلل السياسي والاقتصادي الدكتور انــور الخـفـش بـ«إستعادة دورمستحق للأردن».
بناء على ذلـك وضمن سياق نــقــاش تفصيلي مــع «الــقــدس الـعـربـي» يستعيد الخفش وهو بالمناسبة خبير بالأمريكيات، مبادرة الملك الراحل الحسين بن طـلال قبل سنوات طويلة وهي تـؤسـس لحـالـة مصالحة يمنية احتوت الصراع وبعد إخفاق أو تـراجـع بقية المـــبـــادرات، يتكهن الخـفـش بـــأن قـصـر الحسينية هو المكان الصحيح لكي يجلس اليمنيون مـع بعضهم البعض ويستثمرون في الحكمة والخبرة الأردنية كما يصفها.
قد يبالغ كثيرون في تحديد أو ترسيم أو توظيف الحــراك الـدبـلـومـاسـي الأردنــــي النشط مؤخرا في الإقليم. لكن بالرغم من بعض المبالغات والأسئلة التي تطرحها شخصيات كبيرة حـول ضــرورة الاستفادة مـن هــذا الحـــراك المـهـم على حد تعبير رئيس الوزراء الأسبق طاهر المصري، يمكن ببساطة ملاحظة ان الدبلوماسية الأردنـيـة فقط الآن هي التي تتحرك وفي غالبية الاتجاهات وعلى أساس استعادة القاعدة الدبلوماسية القديمة التي كانت تشير إلى ان القيمة الأعمق للبوصلة الأردنية تتمثل في القدرة بنفس الـوقـت على التحدث مع جميع الأطراف.
بتقدير المصري الـذي سمعته 'القدس العربي' مؤخرا لا بد إلى الانتباه لأهمية الانفتاح والتحدث مع الجميع فعلا ولا بد من الترحيب بمـــبـــادرات الحـــــراك الإقـلـيـمـي المرجعية من دون إسقاط حسابات الاستثمار للصالح الأردنـي العام والـوطـنـي وانعكاس الأمــر على ترتيب أوراق الداخل. مجددا قد لا يتعلق الأمـر فقط باستعادة دور مستحق، فالخفش يتحدث عن خمس سنوات علنية الآن فــي الـسـيـاسـة الأمريكية العامة من الهدوء والتهدئة لكل الصراعات في المنطقة والإقليم.
ويشير إلـى إخفاقات تعرفها المؤسسة الأمـريـكـيـة والمجتمع الدولي لبعض المغامرات العربية التي انتهت باضطراب أو قلاقل، ويتحدث أيضا عن الدور الأردني أمريكيا باعتباره متعلقا بحليف رئيسي وقديم وخبير لكن مع دور جديد هذه المرة وبصورة تقود إلى الاستنتاج بوجود مباركة أمريكية لمنتج القمة الثلاثية بين الأردن والـعـراق ومصر ولـلاتجـاه نحو مجلس تعاون عربي جديد بعد المشهد الأفغاني، قد يضم لاحقا قطر والكويت وسلطنة عمان. تـلـك طبعا مـحـاولـة لتفسير الحراك الدبلوماسي النشط الذي نتج عنه تـقـارب شـديـد مؤخرا في محور عمان-الدوحة والذي ترافق عمليا مع معالجة مظاهر الخلل التي اعـتـرت العلاقة بين الأردن وتركيا أيضا حيث قدمت شروحات تبادلها الطرفان حول نقاط تجاذب أو خلاف واتجهت العلاقة نحو بـرتـوكـول تجـاري جديد ومـحـاولات للتفاهم على مسطرة جديدة أكثر تفاعلا بين البلدين في المجـال الحيوي لملف اللجوء الـسـوري وفقا لمـا أشـار لــه رئــيــس وزراء الأردن بشر الخصاونة عبر الإعــلام التركي مؤخرا.
ترتيب بعض الأوراق
في الوقت نفسه تستمر العلاقة الأردنـيـة الفلسطينية بالتفاعل بحيث تتطور في عمان فكرة ان المملكة قد تكون الصديق الوحيد الحـريـص الآن على مؤسسات ما يسمى بالشرعية الفلسطينية حيث السلطة والرئيس محمود عباس. وحيث تنسيق تفصيلي مع مصر ودور ألمح له الناطق باسم الحكومة صخر دودين في ترتيب بعض أوراق الاتصالات المصرية التركية وعلى أساس المنطق القائل بأن تركيا دولة جارة ومهمة ولا بـد أحيانا مـن الـنـوم معها على فراش دبلوماسي واحد ولو في بعض الليالي. زار وزير الخارجية الأردنــــي أيمــن الـصـفـدي مصر، واستقبلت عمان الرئيس محمود عباس ثم وزير الخارجية القطري وبـعـده وزيــر الخارجية التركي ومسؤول إماراتي رفيع المستوى، كل تلك المشاورات الدبلوماسية والأمنية والسياسية أعقبت زيارة مهمة قام بها الملك عبد الله الثاني إلى واشنطن مؤخرا.
وهــي زيـــارة فـي رأي الخفش دللت على استعادة الأردن لدوره الطبيعي في الماضي ضمن التعاطي والاشـتـبـاك مـع ملفات الإقليم والمنطقة، حيث تطورات الإقليم تشير إلى الهدوء في أكبر مساحة ممكنة والسياسة الأمريكية على الأقـــل خــلال الـسـنـوات الخمس المقبلة ضـد التصعيد والـتـأزيم والصراع العسكري، الأمـر الذي يسمح ضمنيا وفقا لتراث الأردن الدبلوماسي، لعمان بالتحرك وأحـيـانـا الـقـفـز بــين المعطيات الإقليمية بصورة منتجة.
بـعـد زيــــارة المـلـك لواشنطن اكتشفت المجسات الأردنـيـة بإن العلاقات مع تركيا قد تتطلب تهدئة أيضا في محيط المتوسط تتجاوز العمل على تأسيس اتصالات بين مصر وتركيا، فكانت القمة الثلاثية بالتوازي مع اليونان وقبرص مما يؤشر على ان الأردن يفكر عمليا أيضا بتقديم خدمة خاصة وفق امكاناته لحالة التهدئة في الملف الليبي لاحقا وفـي الملف المتعلق أيضا بصراعات الغاز والطاقة في المتوسط.
الحــراك الأردنــي الدبلوماسي
النشط كان مثيرا للغاية وينطوي على جرعات مكثفة خصوصا وان عمان توجت تركيزها على انخراط جميع دول المنطقة وزعاماتها في برنامج يدعم حكومة العراق الحالية برئاسة الدكتور مصطفى الكاظمي بلقاء قمة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وهو لقاء يقدر الخبراء بأن له مغزى ودلالة مهمة بعد القمة الثلاثية الشهيرة في بغداد لأنه قد يتجاوز التفاهم عـلـى دعـــم مـنـع تـصـديـر الأزمـــة اللبنانية واستئناف النشاط في غرفة العمليات التنسيقية، وقد يتجاوز أيضا أزمـة درعـا الأمنية بــاتجــاه تـفـاهـمـات مــع موسكو وأنقرة، يبدو الآن أنها تزيد ولها عـلاقـة بمجمل الــرؤيــا الأردنـيـة للملف السوري.
طبيعي القول إن الأردن يتحرك اليوم في فضاء تدعمه الخارجية الأمريكية بالتأييد وبعد مرحلة الرئيس دونالد ترامب التي نتج عنها أزمـــة متراكمة فـي العمق الخليجي وشراكة مضطربة وغير مستقرة مع بعض زعامات ودول المنطقة وبصيغة تفتح الساحة أمـام استعراض الأردن لاعتداله وخـبـرتـه الـتـراكـمـيـة، ولاحـقـا أمــام دور فعال ضمن معطيات الأولويات الأمريكية.
تـلـك مـــؤشـــرات بـرمـتـهـا قد تـؤسـس لاخـتـبـار قـــدرة الأردن على التحرك بـين الألـغـام لكنها تختبر بنفس الوقت القدرة على التكييش السياسي والاستفادة من مجمل هذه المعطيات أما على صعيد استعادة الدور المستحق أو على صعيد التجهيز والاستعداد والجاهزية لـدور آخر في المسار الإقليمي قد يثير من القلق نفس الحجم الــذي يثيره مـن الأسئلة والاحتمالات وأيضا الفرص.
القدس العربي
عمان جو - بسام البدارين
مــســافــة فــاصــلــة سـيـاسـيـا وإعلاميا لكنها ليست متسعة أو واسـعـة بـين تلك المعطيات التي تشير إلــى أن عـمـان استقبلت زيارة خاصة من الرئيس اللبناني الأسبق أمـين الجميل، ستعقبها أخرى بتوقيع الزعيم الدرزي وليد جنبلاط.
وبين تلك القراءات التي تفترض من باب الاستنتاج والتحليل بأن الحــل السياسي الوحيد المتاح الآن والممكن لأزمة الصراع اليمني المعقدة قد يحصل قريبا في قصر الحسينية غرب العاصمة عمان. لا يوجد تصور محدد له علاقة بالأسباب التي تدفع العاصمة الأردنية لاستضافة مشاورات مع شخصيات لبنانية مثل جنبلاط والجميل أو غيرهما لاحقا.
لـكـن الإطـــلالـــة عـلـى المشهد اللبناني وفي الجزء المتعلق ببعض مراكز القوى فيه مفيدة وتخدم الاستراتيجية الأردنــيــة المعلنة بعنوان تسليط الأضواء أكثر على الملف السوري ورفع شعار إعادة إدمــاج سوريا بالنظام الرسمي العربي وهي على الأرجح المسألة التي بحثت خلف الستارة وعلى أرفع المستويات في القمة الأردنية الروسية التي استضافتها موسكو مؤخرا.
الأردن مهتم بالانفتاح أكثر على الداخل اللبناني بدلالة أمر ملكي ثالث سبق زيارة موسكو بإرسال طــائــرة عـسـكـريـة ثـالـثـة تحمل مساعدات إلـى الشعب اللبناني الصديق، وأيـضـا بـدلالـة إظهار مرونة فورية عند وزيــرة الطاقة الأردنية هالة زواتي تتحمس لفكرة تزويد لبنان بالكهرباء الأردنية عبر الأراضي السورية. في نقاش سابق مع «القدس العربي» تحدثت الـوزيـرة زواتـي عن جاهزية ومشروع طموح في هذا الاتجـاه وبحث تقني وفني، لكن الجزء السياسي في تعقيدات المشهد الـسـوري هـو الــذي حال مع الجزء الأمني طبعا دون ضخ الكهرباء إلى لبنان عبر سوريا إلى ان نضجت الظروف لبحث المسألة الآن.
مع عدم وجود صلة أو اتصال من أي نوع بين الأردن وحزب الله اللبناني، وفي ظل تراجع الحاضنة السياسية لتيار المستقبل منذ أكثر من ثلاثة أعــوام لأسباب يعلمها الــســاســة، بـقـي الأردن خــارج الاهـتـمـام والتأثير فـي المعادلة اللبنانية.
تغيير المعادلة
الــيــوم تخطط عـمـان لتغيير المعادلة، فالمشاورات مع أصدقاء محتملين وقـــدامـــى مــن زعـمـاء المعادلة اللبنانية مفيد لا بل يقع على الأرجح ضمن ما يسميه المحلل السياسي والاقتصادي الدكتور انــور الخـفـش بـ«إستعادة دورمستحق للأردن».
بناء على ذلـك وضمن سياق نــقــاش تفصيلي مــع «الــقــدس الـعـربـي» يستعيد الخفش وهو بالمناسبة خبير بالأمريكيات، مبادرة الملك الراحل الحسين بن طـلال قبل سنوات طويلة وهي تـؤسـس لحـالـة مصالحة يمنية احتوت الصراع وبعد إخفاق أو تـراجـع بقية المـــبـــادرات، يتكهن الخـفـش بـــأن قـصـر الحسينية هو المكان الصحيح لكي يجلس اليمنيون مـع بعضهم البعض ويستثمرون في الحكمة والخبرة الأردنية كما يصفها.
قد يبالغ كثيرون في تحديد أو ترسيم أو توظيف الحــراك الـدبـلـومـاسـي الأردنــــي النشط مؤخرا في الإقليم. لكن بالرغم من بعض المبالغات والأسئلة التي تطرحها شخصيات كبيرة حـول ضــرورة الاستفادة مـن هــذا الحـــراك المـهـم على حد تعبير رئيس الوزراء الأسبق طاهر المصري، يمكن ببساطة ملاحظة ان الدبلوماسية الأردنـيـة فقط الآن هي التي تتحرك وفي غالبية الاتجاهات وعلى أساس استعادة القاعدة الدبلوماسية القديمة التي كانت تشير إلى ان القيمة الأعمق للبوصلة الأردنية تتمثل في القدرة بنفس الـوقـت على التحدث مع جميع الأطراف.
بتقدير المصري الـذي سمعته 'القدس العربي' مؤخرا لا بد إلى الانتباه لأهمية الانفتاح والتحدث مع الجميع فعلا ولا بد من الترحيب بمـــبـــادرات الحـــــراك الإقـلـيـمـي المرجعية من دون إسقاط حسابات الاستثمار للصالح الأردنـي العام والـوطـنـي وانعكاس الأمــر على ترتيب أوراق الداخل. مجددا قد لا يتعلق الأمـر فقط باستعادة دور مستحق، فالخفش يتحدث عن خمس سنوات علنية الآن فــي الـسـيـاسـة الأمريكية العامة من الهدوء والتهدئة لكل الصراعات في المنطقة والإقليم.
ويشير إلـى إخفاقات تعرفها المؤسسة الأمـريـكـيـة والمجتمع الدولي لبعض المغامرات العربية التي انتهت باضطراب أو قلاقل، ويتحدث أيضا عن الدور الأردني أمريكيا باعتباره متعلقا بحليف رئيسي وقديم وخبير لكن مع دور جديد هذه المرة وبصورة تقود إلى الاستنتاج بوجود مباركة أمريكية لمنتج القمة الثلاثية بين الأردن والـعـراق ومصر ولـلاتجـاه نحو مجلس تعاون عربي جديد بعد المشهد الأفغاني، قد يضم لاحقا قطر والكويت وسلطنة عمان. تـلـك طبعا مـحـاولـة لتفسير الحراك الدبلوماسي النشط الذي نتج عنه تـقـارب شـديـد مؤخرا في محور عمان-الدوحة والذي ترافق عمليا مع معالجة مظاهر الخلل التي اعـتـرت العلاقة بين الأردن وتركيا أيضا حيث قدمت شروحات تبادلها الطرفان حول نقاط تجاذب أو خلاف واتجهت العلاقة نحو بـرتـوكـول تجـاري جديد ومـحـاولات للتفاهم على مسطرة جديدة أكثر تفاعلا بين البلدين في المجـال الحيوي لملف اللجوء الـسـوري وفقا لمـا أشـار لــه رئــيــس وزراء الأردن بشر الخصاونة عبر الإعــلام التركي مؤخرا.
ترتيب بعض الأوراق
في الوقت نفسه تستمر العلاقة الأردنـيـة الفلسطينية بالتفاعل بحيث تتطور في عمان فكرة ان المملكة قد تكون الصديق الوحيد الحـريـص الآن على مؤسسات ما يسمى بالشرعية الفلسطينية حيث السلطة والرئيس محمود عباس. وحيث تنسيق تفصيلي مع مصر ودور ألمح له الناطق باسم الحكومة صخر دودين في ترتيب بعض أوراق الاتصالات المصرية التركية وعلى أساس المنطق القائل بأن تركيا دولة جارة ومهمة ولا بـد أحيانا مـن الـنـوم معها على فراش دبلوماسي واحد ولو في بعض الليالي. زار وزير الخارجية الأردنــــي أيمــن الـصـفـدي مصر، واستقبلت عمان الرئيس محمود عباس ثم وزير الخارجية القطري وبـعـده وزيــر الخارجية التركي ومسؤول إماراتي رفيع المستوى، كل تلك المشاورات الدبلوماسية والأمنية والسياسية أعقبت زيارة مهمة قام بها الملك عبد الله الثاني إلى واشنطن مؤخرا.
وهــي زيـــارة فـي رأي الخفش دللت على استعادة الأردن لدوره الطبيعي في الماضي ضمن التعاطي والاشـتـبـاك مـع ملفات الإقليم والمنطقة، حيث تطورات الإقليم تشير إلى الهدوء في أكبر مساحة ممكنة والسياسة الأمريكية على الأقـــل خــلال الـسـنـوات الخمس المقبلة ضـد التصعيد والـتـأزيم والصراع العسكري، الأمـر الذي يسمح ضمنيا وفقا لتراث الأردن الدبلوماسي، لعمان بالتحرك وأحـيـانـا الـقـفـز بــين المعطيات الإقليمية بصورة منتجة.
بـعـد زيــــارة المـلـك لواشنطن اكتشفت المجسات الأردنـيـة بإن العلاقات مع تركيا قد تتطلب تهدئة أيضا في محيط المتوسط تتجاوز العمل على تأسيس اتصالات بين مصر وتركيا، فكانت القمة الثلاثية بالتوازي مع اليونان وقبرص مما يؤشر على ان الأردن يفكر عمليا أيضا بتقديم خدمة خاصة وفق امكاناته لحالة التهدئة في الملف الليبي لاحقا وفـي الملف المتعلق أيضا بصراعات الغاز والطاقة في المتوسط.
الحــراك الأردنــي الدبلوماسي
النشط كان مثيرا للغاية وينطوي على جرعات مكثفة خصوصا وان عمان توجت تركيزها على انخراط جميع دول المنطقة وزعاماتها في برنامج يدعم حكومة العراق الحالية برئاسة الدكتور مصطفى الكاظمي بلقاء قمة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وهو لقاء يقدر الخبراء بأن له مغزى ودلالة مهمة بعد القمة الثلاثية الشهيرة في بغداد لأنه قد يتجاوز التفاهم عـلـى دعـــم مـنـع تـصـديـر الأزمـــة اللبنانية واستئناف النشاط في غرفة العمليات التنسيقية، وقد يتجاوز أيضا أزمـة درعـا الأمنية بــاتجــاه تـفـاهـمـات مــع موسكو وأنقرة، يبدو الآن أنها تزيد ولها عـلاقـة بمجمل الــرؤيــا الأردنـيـة للملف السوري.
طبيعي القول إن الأردن يتحرك اليوم في فضاء تدعمه الخارجية الأمريكية بالتأييد وبعد مرحلة الرئيس دونالد ترامب التي نتج عنها أزمـــة متراكمة فـي العمق الخليجي وشراكة مضطربة وغير مستقرة مع بعض زعامات ودول المنطقة وبصيغة تفتح الساحة أمـام استعراض الأردن لاعتداله وخـبـرتـه الـتـراكـمـيـة، ولاحـقـا أمــام دور فعال ضمن معطيات الأولويات الأمريكية.
تـلـك مـــؤشـــرات بـرمـتـهـا قد تـؤسـس لاخـتـبـار قـــدرة الأردن على التحرك بـين الألـغـام لكنها تختبر بنفس الوقت القدرة على التكييش السياسي والاستفادة من مجمل هذه المعطيات أما على صعيد استعادة الدور المستحق أو على صعيد التجهيز والاستعداد والجاهزية لـدور آخر في المسار الإقليمي قد يثير من القلق نفس الحجم الــذي يثيره مـن الأسئلة والاحتمالات وأيضا الفرص.
القدس العربي
التعليقات