عمان جو - د. حسام العتوم - أقولها دائما، بأن الدفيء السياسي صوبنا هنا في الشرق العربي، يأتينا من المناطق الباردة، وتحديدا من قطب روسيا الاتحادية الذي يمتهن المعارضة وسياسة الند للند، وقيادة عالم الأقطاب المتعددة، في زمن لم يعد فيه القطب الأمريكي الأوروبي الأوحد قادرًا على الاستفراد في قرارات العالم ومنها الساخنة، فتتابع الأحداث والأزمات الدولية أثبت ذلك انطلاقا من القضية الفلسطينية، والتي قابلتها صفقة القرن المكشوفة، ومرورا بالأزمة السورية الدموية على مدى عشر سنوات وأكثر منذ عام 2011، والعراق قبل ذلك في الجوار بعد عام 2003، وإيران وحربها 1980-1988 أيضاً، وزوبعة الربيع العربي الذي استهدف اجتثاث الفساد والديكتاتورية أولا، وهيجان الإرهاب المجرم الذي تصدرته عصابات (داعش) باسم تنظيم القاعدة.
وإلى وسط الحدث السوري المتسلسل في الجوار الأردني شمالاً، اقتربت روسيا سياسياً وعسكرياً عام 2015 عبر مؤتمري جنيف والأستانا، ومن خلال الإسناد العسكري وبواسطة قاعدتي طرطوس وحميميم، وطاردت الإرهاب ببسالة، وقوبلت بفوبيا على شكل رهاب غير مبرر خلط بين دورها القومي والأممي، وبين اتهامها باستهداف المواطنين السوريين المسالمين، والذي هو محظ هراء وتزييف للحقائق على الأرض وحاورت المعارضة رغم انقسامها، ولاننسى هنا الجهد الروسي بداية في سحب السلاح الكيميائي من ترسانة أسلحة الجيش السوري (2015) بعدما كان مهدداً لأمن المنطقة بكاملها، وتمكنت روسيا من الاقتراب من الأردن مبكراً بسبب موقعه الجيوسياسي، وافتتحت معه مكتبا سياسياً وأمنياً مشتركاً، ورعت إلى جانبنا النزوح السوري إلينا، وشكلت منطقة لخفض التصعيد بين شمال الأردن وجنوب سوريا، بهدف الوصول لمرحلة إعادة اللاجيء السوري إلى وطنه طوعاً، وكذلك الأمر على الحدود التركية. وتمكنت من استقطاب أمريكا وزجها في العملية السلمية حول سوريا، رغم تواجدها من دون دعوة وسط الأراضي السورية، وتقاسمت معها الحرب على الإرهاب، لكنها - أي روسيا- كانت أكثر وضوحاً وصرامةً في موقفها المواجه للإرهاب، وحافظت على اتزان النظام السوري في دمشق بقيادة الرئيس بشار الأسد، وساهمت في صياغة الدستور السوري حتى، وأصرت على أولوية صناديق الاقتراع، وقدمتها على مشاريع الغرب العسكرية الإنقلابية.
ليست روسيا وحدها في الميدان السوري المجاور، فهناك إيران وميليشياتها وحزب الله، وصنوف الإرهاب لازالت متغلغلة وسطه في المقابل، وبالقرب من حدودنا الشمالية، وفي الشمال تركيا المشاكسة على حدوده، وما يعنينا هنا في الأردن هو أمننا الوطني، وحصتنا من المياه، والانتعاش الاقتصادي عبر فتح الحدود مع سوريا الشقيقة، وعودة اللاجيء السوري إلى وطنه طوعاً بعد تأمينه ببنية تحتية آمنة وقابلة للحياة، ولكي نتمكن أردنيا من مساعدة لبنان الشقيق ومده بالكهرباء والعون الإنساني المطلوب، والارتقاء بالعلاقات الأردنية - السورية إلى مستوى العلاقة مع العراق الشقيق على مستوى سفير وعلى المستوى الاقتصادي، ولن تتعافى العلاقات بين بلدينا بعدما غررت أمريكا بمنطقتنا خدمةً لإسرائيل، إلا بعد عقد قمة ناجحة دافئة بين جلالة الملك عبد الله الثاني وسيادة الرئيس بشار الأسد، و هو أمر غير مستبعد في القريب العاجل، وستعود العلاقات الأردنية السورية إلى سابق عهدها بدايات عهد جلالته وعهد الرئيس الأسد عام 2000، وكتاب أبيض أردني سوري، وهذه أدلتي:
لقد زار جلالة الملك عبد الله الثاني بعد عودته من واشطن روسيا الاتحادية بتاريخ 23 أغسطس 2021، يرافقه وفد أردني رفيع المستوى، والتقى سيادة الرئيس فلاديمير بوتين في قصر الكرملين الرئاسي في العاصمة موسكو، وأجرى جلالته مباحثات حول الملف السوري بعد تصاعد الصدام العسكري بين الجيش العربي السوري و المعارضة السورية في مدينة درعا، و تم التطرق كما فهمت لكل ماله علاقة أردنية في الشأن السوري وفي مقدمتها أمن الحدود شمالا و في الجنوب السوري، وتواجد المليشيات الإيرانية و عناصر حزب الله، وإمكانية مساعدة لبنان إنسانيا وعلى مستوى تزويده بالكهرباء، خاصة أن روسيا هي ضابط الإيقاع السوري السياسي و الأمني إلى جانب إيران، وسبق لجلالة الملك عبد الله الثاني أن أبرق مباركا انتخاب الرئيس الإيراني الجديد (إبراهيم رئيسي) بتاريخ 19 حزيران 2021، معطياً جلالته إشارة لأهمية تحسين العلاقات الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية الأردنية مع طهران، خاصة ماله علاقة بملف الحدود مع الأردن من زاوية الجنوب السوري والعلاقة مع حزب الله، وانتشار بقايا الإرهاب الداعشي هناك ومخيماتهم العائلية أيضا. والمعروف بأن موقع الأردن يتمتع بحساسية جيوسياسية شديدة، بسبب محاذاته لإسرائيل التي يقيم معها معاهدة سلام منذ عام 1994، وهي الدولة الاحتلالية على شكل كيان لاتقيم علاقات مع سوريا و لا مع ايران و لا حتى مع حزب الله إلا من زاوية وقف إطلاق النار، لكنها حريصة على نشر هلالها الإسرائيلي وسط العرب من دون تكلفة باهضة، مثل العودة لحدود الرابع من حزيران لعام 1967، وتخطط ذات الوقت لمحاصرة الهلال الشيعي الصفوي الإيراني في العمق العربي.
وزيارة مماثلة لموسكو ولقصر الكرملين الرئاسي قام بها الرئيس السوري بشار الأسد بتاريخ 14 سبتمبر 2021، وكانت كالعادة غير معلنة بسبب تأثر سوريا بحالة عدم الاستقرار التي رافقت مسيرتها طول العشر سنوات الماضية، وتنسيق قوي بين دمشق وموسكو وبالعكس يماثل التنسيق بين عمان و موسكو أيضاً، ويختلف بابتعاده عن الخط الأمريكي، و علاقات استراتيجية دافئة بين سوريا و روسيا وعلى الصعيد الشخصي الرئاسي تماماً كما هو الحال مع الأردن مع جلالة الملك. وتشابهٌ بين الحالة الرئاسية في دمشق وموسكو بين الأسد و بوتين من حيث البقاء في السلطة عبر صناديق الاقتراع و الاستفتاء الشعبي و لمدد زمنية طويلة، و هو ما يشبه الملكورية. وموسكو بوتين حريصة على ترطيب العلاقات السورية الأردنية تحديداً، وعلى مد جسور الثقة التي دمرتها السياسة الأمريكية الشرق أوسطية، و هو الأمر الذي دفع بسوريا لكي تقترب أكثر و بسرعة من الأردن، و زيارة وزير الدفاع السوري - علي أيوب- بتاريخ 19 سمبتمبر 2021 ، ولقاء وزيري الخارجية الأردني أيمن الصفدي والسوري فيصل المقداد بتاريخ 23 سمبتمبر 2021 في نيويورك، على هامش اجتماعات الدورة 76 للجمعية العامة للأمم المتحدة، والدعوة لحل سلمي للأزمة السورية، ولضمان أمن الحدود، وتزويد لبنان بالكهرباء، ولتمرير الغاز المصري من الأراضي السورية، و قدوم وفد سوري حكومي اقتصادي للأردن 28 سمبتمبر الجاري 2021، خير دليل وشاهد عيان على تحسن العلاقات الأردنية السورية، وهو المطلوب. ونريدها أفضل على المستوى الاستراتيجي الدائم وأقوى، ولما لا، ونحن أشقاء وأكثر وجيران ونسيج شامي واحد، وبلاد الشام والقومية العربية تجمعنا، وثورتنا العربية الهاشمية المجيدة الواحدة بكامل تاريخها المشرف في عمق التاريخ المعاصر تحثنا على الترابط والتقارب والوحدة.
عمان جو - د. حسام العتوم - أقولها دائما، بأن الدفيء السياسي صوبنا هنا في الشرق العربي، يأتينا من المناطق الباردة، وتحديدا من قطب روسيا الاتحادية الذي يمتهن المعارضة وسياسة الند للند، وقيادة عالم الأقطاب المتعددة، في زمن لم يعد فيه القطب الأمريكي الأوروبي الأوحد قادرًا على الاستفراد في قرارات العالم ومنها الساخنة، فتتابع الأحداث والأزمات الدولية أثبت ذلك انطلاقا من القضية الفلسطينية، والتي قابلتها صفقة القرن المكشوفة، ومرورا بالأزمة السورية الدموية على مدى عشر سنوات وأكثر منذ عام 2011، والعراق قبل ذلك في الجوار بعد عام 2003، وإيران وحربها 1980-1988 أيضاً، وزوبعة الربيع العربي الذي استهدف اجتثاث الفساد والديكتاتورية أولا، وهيجان الإرهاب المجرم الذي تصدرته عصابات (داعش) باسم تنظيم القاعدة.
وإلى وسط الحدث السوري المتسلسل في الجوار الأردني شمالاً، اقتربت روسيا سياسياً وعسكرياً عام 2015 عبر مؤتمري جنيف والأستانا، ومن خلال الإسناد العسكري وبواسطة قاعدتي طرطوس وحميميم، وطاردت الإرهاب ببسالة، وقوبلت بفوبيا على شكل رهاب غير مبرر خلط بين دورها القومي والأممي، وبين اتهامها باستهداف المواطنين السوريين المسالمين، والذي هو محظ هراء وتزييف للحقائق على الأرض وحاورت المعارضة رغم انقسامها، ولاننسى هنا الجهد الروسي بداية في سحب السلاح الكيميائي من ترسانة أسلحة الجيش السوري (2015) بعدما كان مهدداً لأمن المنطقة بكاملها، وتمكنت روسيا من الاقتراب من الأردن مبكراً بسبب موقعه الجيوسياسي، وافتتحت معه مكتبا سياسياً وأمنياً مشتركاً، ورعت إلى جانبنا النزوح السوري إلينا، وشكلت منطقة لخفض التصعيد بين شمال الأردن وجنوب سوريا، بهدف الوصول لمرحلة إعادة اللاجيء السوري إلى وطنه طوعاً، وكذلك الأمر على الحدود التركية. وتمكنت من استقطاب أمريكا وزجها في العملية السلمية حول سوريا، رغم تواجدها من دون دعوة وسط الأراضي السورية، وتقاسمت معها الحرب على الإرهاب، لكنها - أي روسيا- كانت أكثر وضوحاً وصرامةً في موقفها المواجه للإرهاب، وحافظت على اتزان النظام السوري في دمشق بقيادة الرئيس بشار الأسد، وساهمت في صياغة الدستور السوري حتى، وأصرت على أولوية صناديق الاقتراع، وقدمتها على مشاريع الغرب العسكرية الإنقلابية.
ليست روسيا وحدها في الميدان السوري المجاور، فهناك إيران وميليشياتها وحزب الله، وصنوف الإرهاب لازالت متغلغلة وسطه في المقابل، وبالقرب من حدودنا الشمالية، وفي الشمال تركيا المشاكسة على حدوده، وما يعنينا هنا في الأردن هو أمننا الوطني، وحصتنا من المياه، والانتعاش الاقتصادي عبر فتح الحدود مع سوريا الشقيقة، وعودة اللاجيء السوري إلى وطنه طوعاً بعد تأمينه ببنية تحتية آمنة وقابلة للحياة، ولكي نتمكن أردنيا من مساعدة لبنان الشقيق ومده بالكهرباء والعون الإنساني المطلوب، والارتقاء بالعلاقات الأردنية - السورية إلى مستوى العلاقة مع العراق الشقيق على مستوى سفير وعلى المستوى الاقتصادي، ولن تتعافى العلاقات بين بلدينا بعدما غررت أمريكا بمنطقتنا خدمةً لإسرائيل، إلا بعد عقد قمة ناجحة دافئة بين جلالة الملك عبد الله الثاني وسيادة الرئيس بشار الأسد، و هو أمر غير مستبعد في القريب العاجل، وستعود العلاقات الأردنية السورية إلى سابق عهدها بدايات عهد جلالته وعهد الرئيس الأسد عام 2000، وكتاب أبيض أردني سوري، وهذه أدلتي:
لقد زار جلالة الملك عبد الله الثاني بعد عودته من واشطن روسيا الاتحادية بتاريخ 23 أغسطس 2021، يرافقه وفد أردني رفيع المستوى، والتقى سيادة الرئيس فلاديمير بوتين في قصر الكرملين الرئاسي في العاصمة موسكو، وأجرى جلالته مباحثات حول الملف السوري بعد تصاعد الصدام العسكري بين الجيش العربي السوري و المعارضة السورية في مدينة درعا، و تم التطرق كما فهمت لكل ماله علاقة أردنية في الشأن السوري وفي مقدمتها أمن الحدود شمالا و في الجنوب السوري، وتواجد المليشيات الإيرانية و عناصر حزب الله، وإمكانية مساعدة لبنان إنسانيا وعلى مستوى تزويده بالكهرباء، خاصة أن روسيا هي ضابط الإيقاع السوري السياسي و الأمني إلى جانب إيران، وسبق لجلالة الملك عبد الله الثاني أن أبرق مباركا انتخاب الرئيس الإيراني الجديد (إبراهيم رئيسي) بتاريخ 19 حزيران 2021، معطياً جلالته إشارة لأهمية تحسين العلاقات الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية الأردنية مع طهران، خاصة ماله علاقة بملف الحدود مع الأردن من زاوية الجنوب السوري والعلاقة مع حزب الله، وانتشار بقايا الإرهاب الداعشي هناك ومخيماتهم العائلية أيضا. والمعروف بأن موقع الأردن يتمتع بحساسية جيوسياسية شديدة، بسبب محاذاته لإسرائيل التي يقيم معها معاهدة سلام منذ عام 1994، وهي الدولة الاحتلالية على شكل كيان لاتقيم علاقات مع سوريا و لا مع ايران و لا حتى مع حزب الله إلا من زاوية وقف إطلاق النار، لكنها حريصة على نشر هلالها الإسرائيلي وسط العرب من دون تكلفة باهضة، مثل العودة لحدود الرابع من حزيران لعام 1967، وتخطط ذات الوقت لمحاصرة الهلال الشيعي الصفوي الإيراني في العمق العربي.
وزيارة مماثلة لموسكو ولقصر الكرملين الرئاسي قام بها الرئيس السوري بشار الأسد بتاريخ 14 سبتمبر 2021، وكانت كالعادة غير معلنة بسبب تأثر سوريا بحالة عدم الاستقرار التي رافقت مسيرتها طول العشر سنوات الماضية، وتنسيق قوي بين دمشق وموسكو وبالعكس يماثل التنسيق بين عمان و موسكو أيضاً، ويختلف بابتعاده عن الخط الأمريكي، و علاقات استراتيجية دافئة بين سوريا و روسيا وعلى الصعيد الشخصي الرئاسي تماماً كما هو الحال مع الأردن مع جلالة الملك. وتشابهٌ بين الحالة الرئاسية في دمشق وموسكو بين الأسد و بوتين من حيث البقاء في السلطة عبر صناديق الاقتراع و الاستفتاء الشعبي و لمدد زمنية طويلة، و هو ما يشبه الملكورية. وموسكو بوتين حريصة على ترطيب العلاقات السورية الأردنية تحديداً، وعلى مد جسور الثقة التي دمرتها السياسة الأمريكية الشرق أوسطية، و هو الأمر الذي دفع بسوريا لكي تقترب أكثر و بسرعة من الأردن، و زيارة وزير الدفاع السوري - علي أيوب- بتاريخ 19 سمبتمبر 2021 ، ولقاء وزيري الخارجية الأردني أيمن الصفدي والسوري فيصل المقداد بتاريخ 23 سمبتمبر 2021 في نيويورك، على هامش اجتماعات الدورة 76 للجمعية العامة للأمم المتحدة، والدعوة لحل سلمي للأزمة السورية، ولضمان أمن الحدود، وتزويد لبنان بالكهرباء، ولتمرير الغاز المصري من الأراضي السورية، و قدوم وفد سوري حكومي اقتصادي للأردن 28 سمبتمبر الجاري 2021، خير دليل وشاهد عيان على تحسن العلاقات الأردنية السورية، وهو المطلوب. ونريدها أفضل على المستوى الاستراتيجي الدائم وأقوى، ولما لا، ونحن أشقاء وأكثر وجيران ونسيج شامي واحد، وبلاد الشام والقومية العربية تجمعنا، وثورتنا العربية الهاشمية المجيدة الواحدة بكامل تاريخها المشرف في عمق التاريخ المعاصر تحثنا على الترابط والتقارب والوحدة.
عمان جو - د. حسام العتوم - أقولها دائما، بأن الدفيء السياسي صوبنا هنا في الشرق العربي، يأتينا من المناطق الباردة، وتحديدا من قطب روسيا الاتحادية الذي يمتهن المعارضة وسياسة الند للند، وقيادة عالم الأقطاب المتعددة، في زمن لم يعد فيه القطب الأمريكي الأوروبي الأوحد قادرًا على الاستفراد في قرارات العالم ومنها الساخنة، فتتابع الأحداث والأزمات الدولية أثبت ذلك انطلاقا من القضية الفلسطينية، والتي قابلتها صفقة القرن المكشوفة، ومرورا بالأزمة السورية الدموية على مدى عشر سنوات وأكثر منذ عام 2011، والعراق قبل ذلك في الجوار بعد عام 2003، وإيران وحربها 1980-1988 أيضاً، وزوبعة الربيع العربي الذي استهدف اجتثاث الفساد والديكتاتورية أولا، وهيجان الإرهاب المجرم الذي تصدرته عصابات (داعش) باسم تنظيم القاعدة.
وإلى وسط الحدث السوري المتسلسل في الجوار الأردني شمالاً، اقتربت روسيا سياسياً وعسكرياً عام 2015 عبر مؤتمري جنيف والأستانا، ومن خلال الإسناد العسكري وبواسطة قاعدتي طرطوس وحميميم، وطاردت الإرهاب ببسالة، وقوبلت بفوبيا على شكل رهاب غير مبرر خلط بين دورها القومي والأممي، وبين اتهامها باستهداف المواطنين السوريين المسالمين، والذي هو محظ هراء وتزييف للحقائق على الأرض وحاورت المعارضة رغم انقسامها، ولاننسى هنا الجهد الروسي بداية في سحب السلاح الكيميائي من ترسانة أسلحة الجيش السوري (2015) بعدما كان مهدداً لأمن المنطقة بكاملها، وتمكنت روسيا من الاقتراب من الأردن مبكراً بسبب موقعه الجيوسياسي، وافتتحت معه مكتبا سياسياً وأمنياً مشتركاً، ورعت إلى جانبنا النزوح السوري إلينا، وشكلت منطقة لخفض التصعيد بين شمال الأردن وجنوب سوريا، بهدف الوصول لمرحلة إعادة اللاجيء السوري إلى وطنه طوعاً، وكذلك الأمر على الحدود التركية. وتمكنت من استقطاب أمريكا وزجها في العملية السلمية حول سوريا، رغم تواجدها من دون دعوة وسط الأراضي السورية، وتقاسمت معها الحرب على الإرهاب، لكنها - أي روسيا- كانت أكثر وضوحاً وصرامةً في موقفها المواجه للإرهاب، وحافظت على اتزان النظام السوري في دمشق بقيادة الرئيس بشار الأسد، وساهمت في صياغة الدستور السوري حتى، وأصرت على أولوية صناديق الاقتراع، وقدمتها على مشاريع الغرب العسكرية الإنقلابية.
ليست روسيا وحدها في الميدان السوري المجاور، فهناك إيران وميليشياتها وحزب الله، وصنوف الإرهاب لازالت متغلغلة وسطه في المقابل، وبالقرب من حدودنا الشمالية، وفي الشمال تركيا المشاكسة على حدوده، وما يعنينا هنا في الأردن هو أمننا الوطني، وحصتنا من المياه، والانتعاش الاقتصادي عبر فتح الحدود مع سوريا الشقيقة، وعودة اللاجيء السوري إلى وطنه طوعاً بعد تأمينه ببنية تحتية آمنة وقابلة للحياة، ولكي نتمكن أردنيا من مساعدة لبنان الشقيق ومده بالكهرباء والعون الإنساني المطلوب، والارتقاء بالعلاقات الأردنية - السورية إلى مستوى العلاقة مع العراق الشقيق على مستوى سفير وعلى المستوى الاقتصادي، ولن تتعافى العلاقات بين بلدينا بعدما غررت أمريكا بمنطقتنا خدمةً لإسرائيل، إلا بعد عقد قمة ناجحة دافئة بين جلالة الملك عبد الله الثاني وسيادة الرئيس بشار الأسد، و هو أمر غير مستبعد في القريب العاجل، وستعود العلاقات الأردنية السورية إلى سابق عهدها بدايات عهد جلالته وعهد الرئيس الأسد عام 2000، وكتاب أبيض أردني سوري، وهذه أدلتي:
لقد زار جلالة الملك عبد الله الثاني بعد عودته من واشطن روسيا الاتحادية بتاريخ 23 أغسطس 2021، يرافقه وفد أردني رفيع المستوى، والتقى سيادة الرئيس فلاديمير بوتين في قصر الكرملين الرئاسي في العاصمة موسكو، وأجرى جلالته مباحثات حول الملف السوري بعد تصاعد الصدام العسكري بين الجيش العربي السوري و المعارضة السورية في مدينة درعا، و تم التطرق كما فهمت لكل ماله علاقة أردنية في الشأن السوري وفي مقدمتها أمن الحدود شمالا و في الجنوب السوري، وتواجد المليشيات الإيرانية و عناصر حزب الله، وإمكانية مساعدة لبنان إنسانيا وعلى مستوى تزويده بالكهرباء، خاصة أن روسيا هي ضابط الإيقاع السوري السياسي و الأمني إلى جانب إيران، وسبق لجلالة الملك عبد الله الثاني أن أبرق مباركا انتخاب الرئيس الإيراني الجديد (إبراهيم رئيسي) بتاريخ 19 حزيران 2021، معطياً جلالته إشارة لأهمية تحسين العلاقات الدبلوماسية والسياسية والاقتصادية الأردنية مع طهران، خاصة ماله علاقة بملف الحدود مع الأردن من زاوية الجنوب السوري والعلاقة مع حزب الله، وانتشار بقايا الإرهاب الداعشي هناك ومخيماتهم العائلية أيضا. والمعروف بأن موقع الأردن يتمتع بحساسية جيوسياسية شديدة، بسبب محاذاته لإسرائيل التي يقيم معها معاهدة سلام منذ عام 1994، وهي الدولة الاحتلالية على شكل كيان لاتقيم علاقات مع سوريا و لا مع ايران و لا حتى مع حزب الله إلا من زاوية وقف إطلاق النار، لكنها حريصة على نشر هلالها الإسرائيلي وسط العرب من دون تكلفة باهضة، مثل العودة لحدود الرابع من حزيران لعام 1967، وتخطط ذات الوقت لمحاصرة الهلال الشيعي الصفوي الإيراني في العمق العربي.
وزيارة مماثلة لموسكو ولقصر الكرملين الرئاسي قام بها الرئيس السوري بشار الأسد بتاريخ 14 سبتمبر 2021، وكانت كالعادة غير معلنة بسبب تأثر سوريا بحالة عدم الاستقرار التي رافقت مسيرتها طول العشر سنوات الماضية، وتنسيق قوي بين دمشق وموسكو وبالعكس يماثل التنسيق بين عمان و موسكو أيضاً، ويختلف بابتعاده عن الخط الأمريكي، و علاقات استراتيجية دافئة بين سوريا و روسيا وعلى الصعيد الشخصي الرئاسي تماماً كما هو الحال مع الأردن مع جلالة الملك. وتشابهٌ بين الحالة الرئاسية في دمشق وموسكو بين الأسد و بوتين من حيث البقاء في السلطة عبر صناديق الاقتراع و الاستفتاء الشعبي و لمدد زمنية طويلة، و هو ما يشبه الملكورية. وموسكو بوتين حريصة على ترطيب العلاقات السورية الأردنية تحديداً، وعلى مد جسور الثقة التي دمرتها السياسة الأمريكية الشرق أوسطية، و هو الأمر الذي دفع بسوريا لكي تقترب أكثر و بسرعة من الأردن، و زيارة وزير الدفاع السوري - علي أيوب- بتاريخ 19 سمبتمبر 2021 ، ولقاء وزيري الخارجية الأردني أيمن الصفدي والسوري فيصل المقداد بتاريخ 23 سمبتمبر 2021 في نيويورك، على هامش اجتماعات الدورة 76 للجمعية العامة للأمم المتحدة، والدعوة لحل سلمي للأزمة السورية، ولضمان أمن الحدود، وتزويد لبنان بالكهرباء، ولتمرير الغاز المصري من الأراضي السورية، و قدوم وفد سوري حكومي اقتصادي للأردن 28 سمبتمبر الجاري 2021، خير دليل وشاهد عيان على تحسن العلاقات الأردنية السورية، وهو المطلوب. ونريدها أفضل على المستوى الاستراتيجي الدائم وأقوى، ولما لا، ونحن أشقاء وأكثر وجيران ونسيج شامي واحد، وبلاد الشام والقومية العربية تجمعنا، وثورتنا العربية الهاشمية المجيدة الواحدة بكامل تاريخها المشرف في عمق التاريخ المعاصر تحثنا على الترابط والتقارب والوحدة.
التعليقات