عمان جو - د. مَحْمُود أبُو فَروةَ الرَّجَبي
الجدل والتلاوم فِي الأرْدُن لا ينتهي. الحكومة أحَيَانًا تتهم الشعب بالاتكالية، وطلب المستحيلات، وَالسَّلْبِيَّة، بَيْنَما يتهم جزء مِن الشعب الحكومات بالعجز، والفشل، وتدوير المناصب، وَالسُّكُوت على الفساد، وبيع شركات القطاع العام، والعجز عَنْ تقديم الخدمات اللازمة، ناهيك عَنْ غول البطالة الَّذِي يَتَصاعَدُ يوميًا، وَمَعْهُ حجم المديونية الهائل، ويحق لِكُل عاقل أن يتساءل وَسط المعمعة: أيْنَ الحل؟
فِي الأزمات لا ينفع التلاوم، بَلْ البَحْث عَنْ الـمُشْكِلات، ووضع الحُلُول لَهَا، لَكِن فِي حَالة لَمْ يَسْتَطِع الشعب تحقيق متطلباته الأساسية يُصْبِحُ تحكيم العقل أصعب، والوصول إلَى حُلُول مَقْبولَة مِن الجَمِيع أشبه بالمستحيل، فَمَاذَا بيدنا أن نعمل مِن أجل إنقاذ بلدنا؟
يَجِب الاعتراف أننا فِي الأرْدُن لا نعيش أفْضَل أوقاتنا، وأن نسبة لا بأس بِها مِن الشعب وصلت إلَى قاع الفَقْر، أوْ أقل، كَما أن الطبقة الوسطى تتآكل بِشَكْل متسارع، وَكَثِير مِن المشاريع حزمت حقائبها ورحلت إلَى تركيا، أوْ مِصْر، أوْ غيرها، عدا عَنْ المشاريع المتعثرة، والتحدي الأكبر فِي هَذِهِ الـمَرْحَلَة حسب وَجِهَة نظري هِيَ وقف التدهور، مِن أجل البناء لحالة مِن النمو.
أخبرني الخبير الاقتصادي، وَرَئِيس الديوان الـمَلَكِي الأسبق، ونائب رَئِيس الوزراء الأسبق الدُّكْتور جواد العناني فِي أحَد اللقاءات الصحفية الَّتِي أجريتها مَعْهُ لصالح إحدى الصحف اليومية قبل سَنَوات أن الحل يكمن بالنمو، ففيه تقل البطالة، ويتحرك الاقتصاد، وتندفع الأمُور إلَى الأحسن، لَكِن مِن أيْنَ نأتي بالنمو، وكل الوقائع تدفع إلَى العكس؟
الـمَوْضُوع لا يحتاج إلَى كَثِير مِن التنظير، فالسلبية الَّتِي يَشْعُر بِها الشعب، أوْ جزء مِن الشعب فِي غالب الأحوال، فعندما يقلق الإنْسَان على مستقبله، ويخاف مِن الغد، وتتآكل قدراته الشرائية، ويعجز عَنْ دفع أقساط أبنائه فِي الجَامِعَة، ولا يرضى عَنْ مخرجات تدريس أبنائه فِي الـمَدَارِس الحكومية فيضطر للاستدانة مِن أجل إرسال أبنائه إلَى مدارس خاصة لَعلَّهُ يَحْصُل على تعليم أفْضَل أوْ يلجأ إلَى المستشفيات الخَّاصَّة لعجز المستشفيات الحكومية – حسب وَجِهَة نَظَرَه- عَنْ تلبية احتياجاته، فالمنطق يَقول إن هَذَا المواطن سيتحول إلَى كتلة مِن الغضب وَالسَّلْبِيَّة، لَكِن دعونا نفكر بعقلانية أكثر، فِي ظروف قَدْ تجعل مِن يسمع هَذِهِ الْكَلِمَة يقهقه ضاحكًا.
عِنْدَما تتعرض السفينة إلَى العواصف فَلا بد مِن التوقف عَنْ مهاجمة بعضنا، وأن نبدأ بالبحث عَنْ الحُلُول، وَهَذِهِ الحُلُول قَدْ تبدو لَنَا سهلة، وَلَكِن هُناكَ ظُرُوفاً على أرْض الواقع قَدْ تعيقها.
فِي الأرْدُن جهود ملموسة لمكافحة الفساد وترشيق جهاز الدولة وتحسين الأداء، ومحاربة الواسطة الَّتِي أصْبَحَت ثقافة راسخة دمرت كثيرًا مِن المؤسسات، والإنجازات، وَهَذِهِ الجهود فِي مُكافَحة هه الآفات تعد الأساس فِي بناء بيئة جاذبة للاستثمار، وَلَكِن النَّاس، ونتيجة لتجارب سابقة لَمْ تقتنع للآن أن هَذَا الأمر كاف، فمن يتابع وسائل الإعلام يلاحظ أن هُناكَ عمليات تحويل يومية لقضايا مُتَعَلِّقَة بالفساد، وبعضها طال مسؤولين كباراً، ووزراء سابقين، وغيرهم، وَمِن سوء حظ أي حكومة تأتي إلَى الأرْدُن أن هُناكَ ثقافة سادت فِي السنوات الأخيرة جَعَلَت المواطن لا يثق بأي إجراء حكومي، بَلْ تجده يسخر مِنْهُ، ويحوله إلَى مادة للضحك والتندر على منصات التواصل الاجتماعي، وَهُناكَ أخطاء ترتكب مِن بَعْض المسؤولين تجعل مِن يترصد بِهَذِهِ القَرَارَات يَجِد مسوغات قوية يُدَلِّل بِها على كلامه.
الحل برأيي المتواضع أن توضع سياسيات لَهَا عَلاقَة بالتعيينات، والترفيعات، وأن تكون هُناكَ شفافية كَامِلَة بِهَذِهِ التعيينات، وألا يتوقف الأمر على المناصب الدُّنْيا والعليا، بَلْ والوزارات، بِحَيْثُ نعرف لِمَاذَا تعين فلان، ورحل آخر، وأن يعرف النَّاس طَرِيقَة تقييم أي مسؤول، مَع تقديم كشف حساب للرأي العام عمَّا فعله، وأنجزه، ويرافق ذَلِكَ تكثيف جهود مُكافَحَة الفساد – وأنا شخصيًا أشهد أنها تتقدم بِشَكْل مرضٍ نَوعًا مَا -، وأن تنشغل الحُكومَة بتحقيق الإنجازات بدلًا مِن الانجرار وراء الرد على النَّاس.
أعرف أن بَعْض الإجراءات المطلوبة لحل مُشْكِلات الأرْدُن قَدْ تَغْضَب بَعْض النَّاس ممن يُرِيدُونَ منافع خاصة لَهُمْ، أوْ لأقربائهم، أوْ لأبناء مناطقهم، أوْ ممن تتقاطع مصالحهم مَعْهُم، وَلَكن عِنْدَما نصل إلَى وضع الإنْسَان الـمُنَاسِب فِي الـمَكَان الـمُنَاسِب، والاستفادة مِن الطاقات الهائلة، والكفاءات العالية الموجودة فِي الـمُجْتَمَع، وَالَّتِي وَصَلَ بعضهم إلَى دَرَجَة اليأس مِن استثمار طاقاتهم، قَدْ تشكل هَذِهِ الإجراءات انطلاقة مهمة فِي تحسين الظروف.
نعلم جَمِيعًا أن هُناكَ ظُرُوفاً دَاخِلِيَّة وخارجية أوصلتنا إلَى مَا نَحْنُ فِيهِ، وَلَكِن تصليب الجبهة الداخلية، وإشعار المواطن بالعدالة، ودفع الشَّخْصِيات المهنية القوية إلَى الواجهة فِي العَمَل العام قَدْ تساعدنا فِي تخطي الـمَرْحَلَة الَّتِي نعيشها.
لا ندري مَتَى سيحصل ذَلِكَ، ولكننا واثقون أننا سنصل إلَى مستقبل أفْضَل – بإذن الله- يليق ببلدنا، وبشعبنا الطيب، وقيادته.
أكاديمي وإعلامي أردني.
Mrajaby1971@gmail.com
عمان جو - د. مَحْمُود أبُو فَروةَ الرَّجَبي
الجدل والتلاوم فِي الأرْدُن لا ينتهي. الحكومة أحَيَانًا تتهم الشعب بالاتكالية، وطلب المستحيلات، وَالسَّلْبِيَّة، بَيْنَما يتهم جزء مِن الشعب الحكومات بالعجز، والفشل، وتدوير المناصب، وَالسُّكُوت على الفساد، وبيع شركات القطاع العام، والعجز عَنْ تقديم الخدمات اللازمة، ناهيك عَنْ غول البطالة الَّذِي يَتَصاعَدُ يوميًا، وَمَعْهُ حجم المديونية الهائل، ويحق لِكُل عاقل أن يتساءل وَسط المعمعة: أيْنَ الحل؟
فِي الأزمات لا ينفع التلاوم، بَلْ البَحْث عَنْ الـمُشْكِلات، ووضع الحُلُول لَهَا، لَكِن فِي حَالة لَمْ يَسْتَطِع الشعب تحقيق متطلباته الأساسية يُصْبِحُ تحكيم العقل أصعب، والوصول إلَى حُلُول مَقْبولَة مِن الجَمِيع أشبه بالمستحيل، فَمَاذَا بيدنا أن نعمل مِن أجل إنقاذ بلدنا؟
يَجِب الاعتراف أننا فِي الأرْدُن لا نعيش أفْضَل أوقاتنا، وأن نسبة لا بأس بِها مِن الشعب وصلت إلَى قاع الفَقْر، أوْ أقل، كَما أن الطبقة الوسطى تتآكل بِشَكْل متسارع، وَكَثِير مِن المشاريع حزمت حقائبها ورحلت إلَى تركيا، أوْ مِصْر، أوْ غيرها، عدا عَنْ المشاريع المتعثرة، والتحدي الأكبر فِي هَذِهِ الـمَرْحَلَة حسب وَجِهَة نظري هِيَ وقف التدهور، مِن أجل البناء لحالة مِن النمو.
أخبرني الخبير الاقتصادي، وَرَئِيس الديوان الـمَلَكِي الأسبق، ونائب رَئِيس الوزراء الأسبق الدُّكْتور جواد العناني فِي أحَد اللقاءات الصحفية الَّتِي أجريتها مَعْهُ لصالح إحدى الصحف اليومية قبل سَنَوات أن الحل يكمن بالنمو، ففيه تقل البطالة، ويتحرك الاقتصاد، وتندفع الأمُور إلَى الأحسن، لَكِن مِن أيْنَ نأتي بالنمو، وكل الوقائع تدفع إلَى العكس؟
الـمَوْضُوع لا يحتاج إلَى كَثِير مِن التنظير، فالسلبية الَّتِي يَشْعُر بِها الشعب، أوْ جزء مِن الشعب فِي غالب الأحوال، فعندما يقلق الإنْسَان على مستقبله، ويخاف مِن الغد، وتتآكل قدراته الشرائية، ويعجز عَنْ دفع أقساط أبنائه فِي الجَامِعَة، ولا يرضى عَنْ مخرجات تدريس أبنائه فِي الـمَدَارِس الحكومية فيضطر للاستدانة مِن أجل إرسال أبنائه إلَى مدارس خاصة لَعلَّهُ يَحْصُل على تعليم أفْضَل أوْ يلجأ إلَى المستشفيات الخَّاصَّة لعجز المستشفيات الحكومية – حسب وَجِهَة نَظَرَه- عَنْ تلبية احتياجاته، فالمنطق يَقول إن هَذَا المواطن سيتحول إلَى كتلة مِن الغضب وَالسَّلْبِيَّة، لَكِن دعونا نفكر بعقلانية أكثر، فِي ظروف قَدْ تجعل مِن يسمع هَذِهِ الْكَلِمَة يقهقه ضاحكًا.
عِنْدَما تتعرض السفينة إلَى العواصف فَلا بد مِن التوقف عَنْ مهاجمة بعضنا، وأن نبدأ بالبحث عَنْ الحُلُول، وَهَذِهِ الحُلُول قَدْ تبدو لَنَا سهلة، وَلَكِن هُناكَ ظُرُوفاً على أرْض الواقع قَدْ تعيقها.
فِي الأرْدُن جهود ملموسة لمكافحة الفساد وترشيق جهاز الدولة وتحسين الأداء، ومحاربة الواسطة الَّتِي أصْبَحَت ثقافة راسخة دمرت كثيرًا مِن المؤسسات، والإنجازات، وَهَذِهِ الجهود فِي مُكافَحة هه الآفات تعد الأساس فِي بناء بيئة جاذبة للاستثمار، وَلَكِن النَّاس، ونتيجة لتجارب سابقة لَمْ تقتنع للآن أن هَذَا الأمر كاف، فمن يتابع وسائل الإعلام يلاحظ أن هُناكَ عمليات تحويل يومية لقضايا مُتَعَلِّقَة بالفساد، وبعضها طال مسؤولين كباراً، ووزراء سابقين، وغيرهم، وَمِن سوء حظ أي حكومة تأتي إلَى الأرْدُن أن هُناكَ ثقافة سادت فِي السنوات الأخيرة جَعَلَت المواطن لا يثق بأي إجراء حكومي، بَلْ تجده يسخر مِنْهُ، ويحوله إلَى مادة للضحك والتندر على منصات التواصل الاجتماعي، وَهُناكَ أخطاء ترتكب مِن بَعْض المسؤولين تجعل مِن يترصد بِهَذِهِ القَرَارَات يَجِد مسوغات قوية يُدَلِّل بِها على كلامه.
الحل برأيي المتواضع أن توضع سياسيات لَهَا عَلاقَة بالتعيينات، والترفيعات، وأن تكون هُناكَ شفافية كَامِلَة بِهَذِهِ التعيينات، وألا يتوقف الأمر على المناصب الدُّنْيا والعليا، بَلْ والوزارات، بِحَيْثُ نعرف لِمَاذَا تعين فلان، ورحل آخر، وأن يعرف النَّاس طَرِيقَة تقييم أي مسؤول، مَع تقديم كشف حساب للرأي العام عمَّا فعله، وأنجزه، ويرافق ذَلِكَ تكثيف جهود مُكافَحَة الفساد – وأنا شخصيًا أشهد أنها تتقدم بِشَكْل مرضٍ نَوعًا مَا -، وأن تنشغل الحُكومَة بتحقيق الإنجازات بدلًا مِن الانجرار وراء الرد على النَّاس.
أعرف أن بَعْض الإجراءات المطلوبة لحل مُشْكِلات الأرْدُن قَدْ تَغْضَب بَعْض النَّاس ممن يُرِيدُونَ منافع خاصة لَهُمْ، أوْ لأقربائهم، أوْ لأبناء مناطقهم، أوْ ممن تتقاطع مصالحهم مَعْهُم، وَلَكن عِنْدَما نصل إلَى وضع الإنْسَان الـمُنَاسِب فِي الـمَكَان الـمُنَاسِب، والاستفادة مِن الطاقات الهائلة، والكفاءات العالية الموجودة فِي الـمُجْتَمَع، وَالَّتِي وَصَلَ بعضهم إلَى دَرَجَة اليأس مِن استثمار طاقاتهم، قَدْ تشكل هَذِهِ الإجراءات انطلاقة مهمة فِي تحسين الظروف.
نعلم جَمِيعًا أن هُناكَ ظُرُوفاً دَاخِلِيَّة وخارجية أوصلتنا إلَى مَا نَحْنُ فِيهِ، وَلَكِن تصليب الجبهة الداخلية، وإشعار المواطن بالعدالة، ودفع الشَّخْصِيات المهنية القوية إلَى الواجهة فِي العَمَل العام قَدْ تساعدنا فِي تخطي الـمَرْحَلَة الَّتِي نعيشها.
لا ندري مَتَى سيحصل ذَلِكَ، ولكننا واثقون أننا سنصل إلَى مستقبل أفْضَل – بإذن الله- يليق ببلدنا، وبشعبنا الطيب، وقيادته.
أكاديمي وإعلامي أردني.
Mrajaby1971@gmail.com
عمان جو - د. مَحْمُود أبُو فَروةَ الرَّجَبي
الجدل والتلاوم فِي الأرْدُن لا ينتهي. الحكومة أحَيَانًا تتهم الشعب بالاتكالية، وطلب المستحيلات، وَالسَّلْبِيَّة، بَيْنَما يتهم جزء مِن الشعب الحكومات بالعجز، والفشل، وتدوير المناصب، وَالسُّكُوت على الفساد، وبيع شركات القطاع العام، والعجز عَنْ تقديم الخدمات اللازمة، ناهيك عَنْ غول البطالة الَّذِي يَتَصاعَدُ يوميًا، وَمَعْهُ حجم المديونية الهائل، ويحق لِكُل عاقل أن يتساءل وَسط المعمعة: أيْنَ الحل؟
فِي الأزمات لا ينفع التلاوم، بَلْ البَحْث عَنْ الـمُشْكِلات، ووضع الحُلُول لَهَا، لَكِن فِي حَالة لَمْ يَسْتَطِع الشعب تحقيق متطلباته الأساسية يُصْبِحُ تحكيم العقل أصعب، والوصول إلَى حُلُول مَقْبولَة مِن الجَمِيع أشبه بالمستحيل، فَمَاذَا بيدنا أن نعمل مِن أجل إنقاذ بلدنا؟
يَجِب الاعتراف أننا فِي الأرْدُن لا نعيش أفْضَل أوقاتنا، وأن نسبة لا بأس بِها مِن الشعب وصلت إلَى قاع الفَقْر، أوْ أقل، كَما أن الطبقة الوسطى تتآكل بِشَكْل متسارع، وَكَثِير مِن المشاريع حزمت حقائبها ورحلت إلَى تركيا، أوْ مِصْر، أوْ غيرها، عدا عَنْ المشاريع المتعثرة، والتحدي الأكبر فِي هَذِهِ الـمَرْحَلَة حسب وَجِهَة نظري هِيَ وقف التدهور، مِن أجل البناء لحالة مِن النمو.
أخبرني الخبير الاقتصادي، وَرَئِيس الديوان الـمَلَكِي الأسبق، ونائب رَئِيس الوزراء الأسبق الدُّكْتور جواد العناني فِي أحَد اللقاءات الصحفية الَّتِي أجريتها مَعْهُ لصالح إحدى الصحف اليومية قبل سَنَوات أن الحل يكمن بالنمو، ففيه تقل البطالة، ويتحرك الاقتصاد، وتندفع الأمُور إلَى الأحسن، لَكِن مِن أيْنَ نأتي بالنمو، وكل الوقائع تدفع إلَى العكس؟
الـمَوْضُوع لا يحتاج إلَى كَثِير مِن التنظير، فالسلبية الَّتِي يَشْعُر بِها الشعب، أوْ جزء مِن الشعب فِي غالب الأحوال، فعندما يقلق الإنْسَان على مستقبله، ويخاف مِن الغد، وتتآكل قدراته الشرائية، ويعجز عَنْ دفع أقساط أبنائه فِي الجَامِعَة، ولا يرضى عَنْ مخرجات تدريس أبنائه فِي الـمَدَارِس الحكومية فيضطر للاستدانة مِن أجل إرسال أبنائه إلَى مدارس خاصة لَعلَّهُ يَحْصُل على تعليم أفْضَل أوْ يلجأ إلَى المستشفيات الخَّاصَّة لعجز المستشفيات الحكومية – حسب وَجِهَة نَظَرَه- عَنْ تلبية احتياجاته، فالمنطق يَقول إن هَذَا المواطن سيتحول إلَى كتلة مِن الغضب وَالسَّلْبِيَّة، لَكِن دعونا نفكر بعقلانية أكثر، فِي ظروف قَدْ تجعل مِن يسمع هَذِهِ الْكَلِمَة يقهقه ضاحكًا.
عِنْدَما تتعرض السفينة إلَى العواصف فَلا بد مِن التوقف عَنْ مهاجمة بعضنا، وأن نبدأ بالبحث عَنْ الحُلُول، وَهَذِهِ الحُلُول قَدْ تبدو لَنَا سهلة، وَلَكِن هُناكَ ظُرُوفاً على أرْض الواقع قَدْ تعيقها.
فِي الأرْدُن جهود ملموسة لمكافحة الفساد وترشيق جهاز الدولة وتحسين الأداء، ومحاربة الواسطة الَّتِي أصْبَحَت ثقافة راسخة دمرت كثيرًا مِن المؤسسات، والإنجازات، وَهَذِهِ الجهود فِي مُكافَحة هه الآفات تعد الأساس فِي بناء بيئة جاذبة للاستثمار، وَلَكِن النَّاس، ونتيجة لتجارب سابقة لَمْ تقتنع للآن أن هَذَا الأمر كاف، فمن يتابع وسائل الإعلام يلاحظ أن هُناكَ عمليات تحويل يومية لقضايا مُتَعَلِّقَة بالفساد، وبعضها طال مسؤولين كباراً، ووزراء سابقين، وغيرهم، وَمِن سوء حظ أي حكومة تأتي إلَى الأرْدُن أن هُناكَ ثقافة سادت فِي السنوات الأخيرة جَعَلَت المواطن لا يثق بأي إجراء حكومي، بَلْ تجده يسخر مِنْهُ، ويحوله إلَى مادة للضحك والتندر على منصات التواصل الاجتماعي، وَهُناكَ أخطاء ترتكب مِن بَعْض المسؤولين تجعل مِن يترصد بِهَذِهِ القَرَارَات يَجِد مسوغات قوية يُدَلِّل بِها على كلامه.
الحل برأيي المتواضع أن توضع سياسيات لَهَا عَلاقَة بالتعيينات، والترفيعات، وأن تكون هُناكَ شفافية كَامِلَة بِهَذِهِ التعيينات، وألا يتوقف الأمر على المناصب الدُّنْيا والعليا، بَلْ والوزارات، بِحَيْثُ نعرف لِمَاذَا تعين فلان، ورحل آخر، وأن يعرف النَّاس طَرِيقَة تقييم أي مسؤول، مَع تقديم كشف حساب للرأي العام عمَّا فعله، وأنجزه، ويرافق ذَلِكَ تكثيف جهود مُكافَحَة الفساد – وأنا شخصيًا أشهد أنها تتقدم بِشَكْل مرضٍ نَوعًا مَا -، وأن تنشغل الحُكومَة بتحقيق الإنجازات بدلًا مِن الانجرار وراء الرد على النَّاس.
أعرف أن بَعْض الإجراءات المطلوبة لحل مُشْكِلات الأرْدُن قَدْ تَغْضَب بَعْض النَّاس ممن يُرِيدُونَ منافع خاصة لَهُمْ، أوْ لأقربائهم، أوْ لأبناء مناطقهم، أوْ ممن تتقاطع مصالحهم مَعْهُم، وَلَكن عِنْدَما نصل إلَى وضع الإنْسَان الـمُنَاسِب فِي الـمَكَان الـمُنَاسِب، والاستفادة مِن الطاقات الهائلة، والكفاءات العالية الموجودة فِي الـمُجْتَمَع، وَالَّتِي وَصَلَ بعضهم إلَى دَرَجَة اليأس مِن استثمار طاقاتهم، قَدْ تشكل هَذِهِ الإجراءات انطلاقة مهمة فِي تحسين الظروف.
نعلم جَمِيعًا أن هُناكَ ظُرُوفاً دَاخِلِيَّة وخارجية أوصلتنا إلَى مَا نَحْنُ فِيهِ، وَلَكِن تصليب الجبهة الداخلية، وإشعار المواطن بالعدالة، ودفع الشَّخْصِيات المهنية القوية إلَى الواجهة فِي العَمَل العام قَدْ تساعدنا فِي تخطي الـمَرْحَلَة الَّتِي نعيشها.
لا ندري مَتَى سيحصل ذَلِكَ، ولكننا واثقون أننا سنصل إلَى مستقبل أفْضَل – بإذن الله- يليق ببلدنا، وبشعبنا الطيب، وقيادته.
أكاديمي وإعلامي أردني.
Mrajaby1971@gmail.com
 
التعليقات