عمان جو - أبرز مشاكل مهنة الصحافة في الأردن، تتعلق ليس بفهمك لدورك، بل بفهم المسؤول لدوره وعلاقته مع الصحافة، وقد مر علينا من ألوان المسؤولين مايشيب له الرأس في هذه البلاد. في الأردن لا أحد من المسؤولين يؤمن بالصحافة، هذه هي الحقيقة التي يتجنب كثيرون قولها، فهو يريدك اما جزءا من فرقة الزفة التي تسير بمعيته، وإلا فأنت متهم على الفور انك تتلقى التعليمات ضده من جهات متنفذة، وربما من رؤساء حكومات سابقين، وقد يتم اتهامك انك تتلقى تمويلا سريا لنقده وتكسير هيبته، واحيانا يقال عن الناقد انه مأجور، وصاحب أجندة شخصية، وله مطامع، فقد يريد موقعا، وقد يكون غاضبا لأنه دون موقع. هذه هي مهزلة كبرى تعبر عن محنة العقل العربي، الذي يرى فيمن حوله مجرد قطيع عليهم ان يتبعوه، والا فهم أعداء وخصوم من الواجب تصفيتهم، ولو بعد حين، هي محنة الفردية والابوية التي تجعل المسؤول يرى نفسه ثلاثة اضعاف حجمه في المرآة، ويظن ان السلطة تفوق كل شيء. الصحافة مهانة بهذه الطريقة، فدورها ليس وظيفيا لصالح جهة محددة، واذا كان يتم تورطيها احيانا في ادوار وظيفية فهذا يؤدي الى دفعها الثمن من سمعتها من جانب الجمهور الذكي الذي يكشفها ويسجل النقاط ضدها، والاعلام هنا دوره معلوماتي يكشف الاسرار، وينشر الاخبار بقيمة عالية، ويمارس الاستقصائية، بمهنية محترفة، ويعبر عن الرأي في جانب المقالات، وفقا لمعايير عليا، لا يجوز انزالها من جانب الكاتب الصحفي الى مستوى الاجندات الشخصية. لكن العقدة تكمن في عدة امور، اولها يراد خفض صوت الصحافة وضجيجها، وثانيها يراد توزيع الاتهامات يمينا ويسارا على من يرفع الصوت عاليا، ولو بأدب، جراء اخطاء المؤسسات، وليس استنادا الى سياسة التبلي من جانب الكاتب الصحفي مثلا، وثالثها، ان السلطة العمياء عموما تفترض ان الكل لا بد ان يتبعها، الصحفي، والنائب، ومختار الحارة، والمرشح لبلدية القمر ايضا. الحكومات في الأردن تستعلي على الاعلام المهني، ولا تتواصل معه عموما وهذا وضع قائم ومتواصل على مدى سنوات طويلة، والصوت المشاكس المزعج يمكن اسكاته اما بالشكوى عليه، او تسليط البعض عليه، وفي حالات اتهامه باتهامات لها بداية وليس لها نهاية، وبدلا من أن يأتي المسؤول ليسأل نفسه عن سبب تعرضه لكل هذه الهجومات في بلد واحد، يفضل ان يرد الكرة على الآخرين، فيتهم الصحفيين، او المحافل السرية بكونها تدير هذه الحملات ضده.
ألا تلاحظون أننا انتقلنا من مرحلة الثمانينيات حين كان مواطن واحد من جنوب المملكة، او شمالها، يتصل عبر برنامج اذاعي مثل البث المباشر ليشكو من نقص خدمة صحية مثلا، فتقوم الدولة ولا تقعد تجاوبا مع مظلمته، الى مرحلة ميزتها ارتداء كل المسؤولين لقوقعة السلحفاة، تجنبا للاحساس بالضربات، او النقد، او المظالم، فنحن ننتقد ونكتب، وهم لا يحسون ولا يشعرون ولا يتابعون اي قضية تثار في الاعلام الأردني، الا ما ندر من الحالات، وكأن لسان حالهم يقول اكتبوا حتى آخر يوم في حياتكم كما تريدون، ونحن سنواصل طريقتنا كما نشاء، وليس لدينا حل، لأي قضية فردية او جمعية، في مشهد يؤشر على البلادة، وقلة المسؤولية، والتمسحة باللهجة العامية. المشهد اليوم، واضح، وجه الاتهامات لمن ينتقدك، ولا تتغير انت، في مشهد يقول ظاهره ان المسؤول قوي ولا تهزه الرياح العاتية، لكن حقيقة المشهد مؤلمة، فهذا دليل على الافلاس من جهة، والضعف، وعلى العجز وعدم القدرة على الانجاز، وبدلا من الاعتراف بكل هذه المشاكل، تكون اطالة اللسان على الصحافة هي الحل المريح حقا، دون ان يتنبه هؤلاء الى ان الكلمة احيانا سرعان ما تحرق الاخضر واليابس في طريقها، وهذا امر ثبت مرارا. لتصحيح كل هذا لا بد من امرين، اولهما ان يكون هناك انجاز رسمي يستحق ان يروى من جانب الاعلام، بغير التطبيل والمبالغة والتزييف، وثانيهما ان يتخلى المسؤولون عن عقدة الشخصنة، حتى لا يقال لهم انهم ليسوا في اجندة احد، ولا في بال احد، حيث لا نحلم بهم، لكنهم اختاروا بإرادتهم الاحتراق السريع في بلد لا يحتمل اساسا هكذا ادارة لشؤونه العامة.
عمان جو - أبرز مشاكل مهنة الصحافة في الأردن، تتعلق ليس بفهمك لدورك، بل بفهم المسؤول لدوره وعلاقته مع الصحافة، وقد مر علينا من ألوان المسؤولين مايشيب له الرأس في هذه البلاد. في الأردن لا أحد من المسؤولين يؤمن بالصحافة، هذه هي الحقيقة التي يتجنب كثيرون قولها، فهو يريدك اما جزءا من فرقة الزفة التي تسير بمعيته، وإلا فأنت متهم على الفور انك تتلقى التعليمات ضده من جهات متنفذة، وربما من رؤساء حكومات سابقين، وقد يتم اتهامك انك تتلقى تمويلا سريا لنقده وتكسير هيبته، واحيانا يقال عن الناقد انه مأجور، وصاحب أجندة شخصية، وله مطامع، فقد يريد موقعا، وقد يكون غاضبا لأنه دون موقع. هذه هي مهزلة كبرى تعبر عن محنة العقل العربي، الذي يرى فيمن حوله مجرد قطيع عليهم ان يتبعوه، والا فهم أعداء وخصوم من الواجب تصفيتهم، ولو بعد حين، هي محنة الفردية والابوية التي تجعل المسؤول يرى نفسه ثلاثة اضعاف حجمه في المرآة، ويظن ان السلطة تفوق كل شيء. الصحافة مهانة بهذه الطريقة، فدورها ليس وظيفيا لصالح جهة محددة، واذا كان يتم تورطيها احيانا في ادوار وظيفية فهذا يؤدي الى دفعها الثمن من سمعتها من جانب الجمهور الذكي الذي يكشفها ويسجل النقاط ضدها، والاعلام هنا دوره معلوماتي يكشف الاسرار، وينشر الاخبار بقيمة عالية، ويمارس الاستقصائية، بمهنية محترفة، ويعبر عن الرأي في جانب المقالات، وفقا لمعايير عليا، لا يجوز انزالها من جانب الكاتب الصحفي الى مستوى الاجندات الشخصية. لكن العقدة تكمن في عدة امور، اولها يراد خفض صوت الصحافة وضجيجها، وثانيها يراد توزيع الاتهامات يمينا ويسارا على من يرفع الصوت عاليا، ولو بأدب، جراء اخطاء المؤسسات، وليس استنادا الى سياسة التبلي من جانب الكاتب الصحفي مثلا، وثالثها، ان السلطة العمياء عموما تفترض ان الكل لا بد ان يتبعها، الصحفي، والنائب، ومختار الحارة، والمرشح لبلدية القمر ايضا. الحكومات في الأردن تستعلي على الاعلام المهني، ولا تتواصل معه عموما وهذا وضع قائم ومتواصل على مدى سنوات طويلة، والصوت المشاكس المزعج يمكن اسكاته اما بالشكوى عليه، او تسليط البعض عليه، وفي حالات اتهامه باتهامات لها بداية وليس لها نهاية، وبدلا من أن يأتي المسؤول ليسأل نفسه عن سبب تعرضه لكل هذه الهجومات في بلد واحد، يفضل ان يرد الكرة على الآخرين، فيتهم الصحفيين، او المحافل السرية بكونها تدير هذه الحملات ضده.
ألا تلاحظون أننا انتقلنا من مرحلة الثمانينيات حين كان مواطن واحد من جنوب المملكة، او شمالها، يتصل عبر برنامج اذاعي مثل البث المباشر ليشكو من نقص خدمة صحية مثلا، فتقوم الدولة ولا تقعد تجاوبا مع مظلمته، الى مرحلة ميزتها ارتداء كل المسؤولين لقوقعة السلحفاة، تجنبا للاحساس بالضربات، او النقد، او المظالم، فنحن ننتقد ونكتب، وهم لا يحسون ولا يشعرون ولا يتابعون اي قضية تثار في الاعلام الأردني، الا ما ندر من الحالات، وكأن لسان حالهم يقول اكتبوا حتى آخر يوم في حياتكم كما تريدون، ونحن سنواصل طريقتنا كما نشاء، وليس لدينا حل، لأي قضية فردية او جمعية، في مشهد يؤشر على البلادة، وقلة المسؤولية، والتمسحة باللهجة العامية. المشهد اليوم، واضح، وجه الاتهامات لمن ينتقدك، ولا تتغير انت، في مشهد يقول ظاهره ان المسؤول قوي ولا تهزه الرياح العاتية، لكن حقيقة المشهد مؤلمة، فهذا دليل على الافلاس من جهة، والضعف، وعلى العجز وعدم القدرة على الانجاز، وبدلا من الاعتراف بكل هذه المشاكل، تكون اطالة اللسان على الصحافة هي الحل المريح حقا، دون ان يتنبه هؤلاء الى ان الكلمة احيانا سرعان ما تحرق الاخضر واليابس في طريقها، وهذا امر ثبت مرارا. لتصحيح كل هذا لا بد من امرين، اولهما ان يكون هناك انجاز رسمي يستحق ان يروى من جانب الاعلام، بغير التطبيل والمبالغة والتزييف، وثانيهما ان يتخلى المسؤولون عن عقدة الشخصنة، حتى لا يقال لهم انهم ليسوا في اجندة احد، ولا في بال احد، حيث لا نحلم بهم، لكنهم اختاروا بإرادتهم الاحتراق السريع في بلد لا يحتمل اساسا هكذا ادارة لشؤونه العامة.
عمان جو - أبرز مشاكل مهنة الصحافة في الأردن، تتعلق ليس بفهمك لدورك، بل بفهم المسؤول لدوره وعلاقته مع الصحافة، وقد مر علينا من ألوان المسؤولين مايشيب له الرأس في هذه البلاد. في الأردن لا أحد من المسؤولين يؤمن بالصحافة، هذه هي الحقيقة التي يتجنب كثيرون قولها، فهو يريدك اما جزءا من فرقة الزفة التي تسير بمعيته، وإلا فأنت متهم على الفور انك تتلقى التعليمات ضده من جهات متنفذة، وربما من رؤساء حكومات سابقين، وقد يتم اتهامك انك تتلقى تمويلا سريا لنقده وتكسير هيبته، واحيانا يقال عن الناقد انه مأجور، وصاحب أجندة شخصية، وله مطامع، فقد يريد موقعا، وقد يكون غاضبا لأنه دون موقع. هذه هي مهزلة كبرى تعبر عن محنة العقل العربي، الذي يرى فيمن حوله مجرد قطيع عليهم ان يتبعوه، والا فهم أعداء وخصوم من الواجب تصفيتهم، ولو بعد حين، هي محنة الفردية والابوية التي تجعل المسؤول يرى نفسه ثلاثة اضعاف حجمه في المرآة، ويظن ان السلطة تفوق كل شيء. الصحافة مهانة بهذه الطريقة، فدورها ليس وظيفيا لصالح جهة محددة، واذا كان يتم تورطيها احيانا في ادوار وظيفية فهذا يؤدي الى دفعها الثمن من سمعتها من جانب الجمهور الذكي الذي يكشفها ويسجل النقاط ضدها، والاعلام هنا دوره معلوماتي يكشف الاسرار، وينشر الاخبار بقيمة عالية، ويمارس الاستقصائية، بمهنية محترفة، ويعبر عن الرأي في جانب المقالات، وفقا لمعايير عليا، لا يجوز انزالها من جانب الكاتب الصحفي الى مستوى الاجندات الشخصية. لكن العقدة تكمن في عدة امور، اولها يراد خفض صوت الصحافة وضجيجها، وثانيها يراد توزيع الاتهامات يمينا ويسارا على من يرفع الصوت عاليا، ولو بأدب، جراء اخطاء المؤسسات، وليس استنادا الى سياسة التبلي من جانب الكاتب الصحفي مثلا، وثالثها، ان السلطة العمياء عموما تفترض ان الكل لا بد ان يتبعها، الصحفي، والنائب، ومختار الحارة، والمرشح لبلدية القمر ايضا. الحكومات في الأردن تستعلي على الاعلام المهني، ولا تتواصل معه عموما وهذا وضع قائم ومتواصل على مدى سنوات طويلة، والصوت المشاكس المزعج يمكن اسكاته اما بالشكوى عليه، او تسليط البعض عليه، وفي حالات اتهامه باتهامات لها بداية وليس لها نهاية، وبدلا من أن يأتي المسؤول ليسأل نفسه عن سبب تعرضه لكل هذه الهجومات في بلد واحد، يفضل ان يرد الكرة على الآخرين، فيتهم الصحفيين، او المحافل السرية بكونها تدير هذه الحملات ضده.
ألا تلاحظون أننا انتقلنا من مرحلة الثمانينيات حين كان مواطن واحد من جنوب المملكة، او شمالها، يتصل عبر برنامج اذاعي مثل البث المباشر ليشكو من نقص خدمة صحية مثلا، فتقوم الدولة ولا تقعد تجاوبا مع مظلمته، الى مرحلة ميزتها ارتداء كل المسؤولين لقوقعة السلحفاة، تجنبا للاحساس بالضربات، او النقد، او المظالم، فنحن ننتقد ونكتب، وهم لا يحسون ولا يشعرون ولا يتابعون اي قضية تثار في الاعلام الأردني، الا ما ندر من الحالات، وكأن لسان حالهم يقول اكتبوا حتى آخر يوم في حياتكم كما تريدون، ونحن سنواصل طريقتنا كما نشاء، وليس لدينا حل، لأي قضية فردية او جمعية، في مشهد يؤشر على البلادة، وقلة المسؤولية، والتمسحة باللهجة العامية. المشهد اليوم، واضح، وجه الاتهامات لمن ينتقدك، ولا تتغير انت، في مشهد يقول ظاهره ان المسؤول قوي ولا تهزه الرياح العاتية، لكن حقيقة المشهد مؤلمة، فهذا دليل على الافلاس من جهة، والضعف، وعلى العجز وعدم القدرة على الانجاز، وبدلا من الاعتراف بكل هذه المشاكل، تكون اطالة اللسان على الصحافة هي الحل المريح حقا، دون ان يتنبه هؤلاء الى ان الكلمة احيانا سرعان ما تحرق الاخضر واليابس في طريقها، وهذا امر ثبت مرارا. لتصحيح كل هذا لا بد من امرين، اولهما ان يكون هناك انجاز رسمي يستحق ان يروى من جانب الاعلام، بغير التطبيل والمبالغة والتزييف، وثانيهما ان يتخلى المسؤولون عن عقدة الشخصنة، حتى لا يقال لهم انهم ليسوا في اجندة احد، ولا في بال احد، حيث لا نحلم بهم، لكنهم اختاروا بإرادتهم الاحتراق السريع في بلد لا يحتمل اساسا هكذا ادارة لشؤونه العامة.
التعليقات