عمان جو-طارق ديلواني - مع دخول فصل الشتاء من كل عام، يبدأ الفقراء وذوو الدخل المحدود في الأردن رحلة البحث عن مصادر للتدفئة بأقل الكلف بعد الارتفاع الكبير لأسعار المحروقات في البلاد للمرة السابعة على مدى سنتين، إذ تستهلك المحروقات نحو نصف النفقات الشهرية للمواطنين، في ظل أوضاع اقتصادية صعبة ومتردية، وبلوغ الفقر والبطالة مستويات قياسية. وتمثل مادة 'الجفت' التي تنتج من مخلفات عصر الزيتون، خلاصاً للفقراء الذين ينشدون الدفء، ومصدر دخل للعاطلين من العمل، كما تسهم بالحفاظ على البيئة من خلال استبدال الحطب بها كوسيلة للتدفئة، ولرخص ثمنها، إذ يباع الطن منها بنحو 70 دولاراً، وهو ما يكفي عائلة طوال فصل الشتاء. وينتج الأردن أكثر من 70 ألف طن من الجفت سنوياً، بخاصة في محافظات الشمال بعائدات تقدر بنحو سبعة ملايين دولار.
وقود من مخلفات الزيتون
وشرح زهير اللفتاوي، صاحب إحدى معاصر الزيتون، طريقة صناعة 'الجفت' فقال، 'بعد عصر الزيتون ومن ثم خلطه وعجنه لمدة 45 دقيقة، ينقل إلى مكبس خاص يعمل بطريقة الطرد المركزي، بحيث يفصل ثلاث مكونات عن بعضها، وهي الماء والزيت وبذرة الزيتون وهي التي تُسمى' الجفت'، الذي يتم التخلص منه من خلال أنابيب تحت الأرض، ليتم تجفيفه بعد ذلك من خلال استخدام النار، ومن ثم يضغط في مكابس على شكل قوالب ليصبح جاهزاً للاستخدام في المدافئ'. ومع وجود نحو 132 معصرة زيتون يتم إنتاج كميات كبيرة من 'الجفت' الذي لا يمكن الحصول عليه إلا في الخريف أو بدايات الشتاء بعد موسم قطف الزيتون وعصره.
النفط كنز الحكومات
وعلى الرغم من الانتقادات الشعبية والبرلمانية لارتفاع أسعار الوقود، ترد الحكومة الأردنية بأن السبب يعود إلى ارتفاع أسعاره عالمياً، إذ يعد الأردن من بين 10 دول ذات أسعار الوقود الأكثر ارتفاعاً عالمياً، والدولة الأولى عربياً، وفق موقع 'Global Petrol Prices' المتخصص بالطاقة.
لكن سبب ارتفاع أسعار الوقود وفق متخصصين في الطاقة، من بينهم عامر الشوبكي، هو 'اعتماد الحكومة الأردنية بشكل أساس وكبير على الإيرادات المتأتية من بيع المشتقات النفطية بأسعار مبالغ فيها، على الرغم من حصولها على منح نفطية بعضها مجانية وأخرى بأسعار تفضيلية، بخاصة من العراق'.
ووفقاً لبيانات رسمية، بلغت إيرادات الحكومة المتحققة من الضرائب المفروضة على المشتقات النفطية العام الماضي حوالى 1.4 مليار دولار. وتفرض الحكومة الأردنية ضريبة ثابتة مقطوعة على المشتقات النفطية منذ عام 2019 بنحو نصف دولار للتر الواحد، سواء ارتفع سعر المحروقات عالمياً أو انخفض، وهو ما يجعلها بعيدة من متناول الفقراء ومحدودي الدخل.
من عبء إلى مصدر للدخل
ويسرد الكاتب أحمد أبو خليل كيف تحول 'الجفت' من عبء على أصحاب المعاصر إلى مصدر للدخل، لا سيما وأن له رائحة غير مستحبة، فكان يوزع على الناس بالمجان في مقابل التخلص منه، لكنه أصبح لاحقاً مصدراً رئيساً للتدفئة فتحول إلى تجارة قائمة بحد ذاتها.
وأوضح أبو خليل أن 'بيع الجفت بدأ منذ 15 عاماً بخمسة دنانير للطن الواحد، ثم ارتفع سعره مع مرور السنوات، وهناك فرق في السعر بين الجفت الجاف وغير الجاف'.
ويقول عاملون إن صناعة الجفت تحتاج إلى شهرين أو ثلاثة أشهر في مقابل دولار ونصف للطن، لكنه يظل عملاً موسمياً ويحتاج إلى رأس مال جيد.
وتشير تقديرات إلى أن عدد مستخدمي 'الجفت' للتدفئة في الأردن يقدر بنحو 20 في المئة من السكان، مما يعني اتساع دائرة الفقر والعوز.
ضرر بيئي
ويخشى مستخدمو 'الجفت' من ملاحقة وزارة البيئة لهم بحجة الإضرار بالبيئة بسبب الدخان المتصاعد من حرقه طوال فترة الشتاء.
وعلى الرغم من تشكيلها خطراً على الصحة، لا تزال آلاف الأسر الأردنية تعتمد على مادة 'الجفت' في أشهر الشتاء الباردة، بينما تقول مديرية الدفاع المدني إن كثيراً من الأسر الأردنية تلجأ إلى استخدام مدافئ الحطب لغايات التدفئة، الأمر الذي يؤدي إلى وقوع حوادث الاختناق بشكل كبير نتيجة لطبيعة الحطب ومادة الجفت. ويقول خبراء بيئيون إن مخلفات الزيتون إذا لم يتم استغلالها واختلطت بالتربة، فإنها قد تسبب السرطانات وتلوث المياه الجوفية، بينما يتحدث أطباء عن أضرار صحية بالغة يتعرض لها مستخدمو' الجفت'، بسبب الغازات الناتجة من احتراقه، والمسببة لأمراض الجهاز التنفسي مثل التهابات القصبات الهوائية وانتفاخ الرئة.
'انديبنت عربية'
عمان جو-طارق ديلواني - مع دخول فصل الشتاء من كل عام، يبدأ الفقراء وذوو الدخل المحدود في الأردن رحلة البحث عن مصادر للتدفئة بأقل الكلف بعد الارتفاع الكبير لأسعار المحروقات في البلاد للمرة السابعة على مدى سنتين، إذ تستهلك المحروقات نحو نصف النفقات الشهرية للمواطنين، في ظل أوضاع اقتصادية صعبة ومتردية، وبلوغ الفقر والبطالة مستويات قياسية. وتمثل مادة 'الجفت' التي تنتج من مخلفات عصر الزيتون، خلاصاً للفقراء الذين ينشدون الدفء، ومصدر دخل للعاطلين من العمل، كما تسهم بالحفاظ على البيئة من خلال استبدال الحطب بها كوسيلة للتدفئة، ولرخص ثمنها، إذ يباع الطن منها بنحو 70 دولاراً، وهو ما يكفي عائلة طوال فصل الشتاء. وينتج الأردن أكثر من 70 ألف طن من الجفت سنوياً، بخاصة في محافظات الشمال بعائدات تقدر بنحو سبعة ملايين دولار.
وقود من مخلفات الزيتون
وشرح زهير اللفتاوي، صاحب إحدى معاصر الزيتون، طريقة صناعة 'الجفت' فقال، 'بعد عصر الزيتون ومن ثم خلطه وعجنه لمدة 45 دقيقة، ينقل إلى مكبس خاص يعمل بطريقة الطرد المركزي، بحيث يفصل ثلاث مكونات عن بعضها، وهي الماء والزيت وبذرة الزيتون وهي التي تُسمى' الجفت'، الذي يتم التخلص منه من خلال أنابيب تحت الأرض، ليتم تجفيفه بعد ذلك من خلال استخدام النار، ومن ثم يضغط في مكابس على شكل قوالب ليصبح جاهزاً للاستخدام في المدافئ'. ومع وجود نحو 132 معصرة زيتون يتم إنتاج كميات كبيرة من 'الجفت' الذي لا يمكن الحصول عليه إلا في الخريف أو بدايات الشتاء بعد موسم قطف الزيتون وعصره.
النفط كنز الحكومات
وعلى الرغم من الانتقادات الشعبية والبرلمانية لارتفاع أسعار الوقود، ترد الحكومة الأردنية بأن السبب يعود إلى ارتفاع أسعاره عالمياً، إذ يعد الأردن من بين 10 دول ذات أسعار الوقود الأكثر ارتفاعاً عالمياً، والدولة الأولى عربياً، وفق موقع 'Global Petrol Prices' المتخصص بالطاقة.
لكن سبب ارتفاع أسعار الوقود وفق متخصصين في الطاقة، من بينهم عامر الشوبكي، هو 'اعتماد الحكومة الأردنية بشكل أساس وكبير على الإيرادات المتأتية من بيع المشتقات النفطية بأسعار مبالغ فيها، على الرغم من حصولها على منح نفطية بعضها مجانية وأخرى بأسعار تفضيلية، بخاصة من العراق'.
ووفقاً لبيانات رسمية، بلغت إيرادات الحكومة المتحققة من الضرائب المفروضة على المشتقات النفطية العام الماضي حوالى 1.4 مليار دولار. وتفرض الحكومة الأردنية ضريبة ثابتة مقطوعة على المشتقات النفطية منذ عام 2019 بنحو نصف دولار للتر الواحد، سواء ارتفع سعر المحروقات عالمياً أو انخفض، وهو ما يجعلها بعيدة من متناول الفقراء ومحدودي الدخل.
من عبء إلى مصدر للدخل
ويسرد الكاتب أحمد أبو خليل كيف تحول 'الجفت' من عبء على أصحاب المعاصر إلى مصدر للدخل، لا سيما وأن له رائحة غير مستحبة، فكان يوزع على الناس بالمجان في مقابل التخلص منه، لكنه أصبح لاحقاً مصدراً رئيساً للتدفئة فتحول إلى تجارة قائمة بحد ذاتها.
وأوضح أبو خليل أن 'بيع الجفت بدأ منذ 15 عاماً بخمسة دنانير للطن الواحد، ثم ارتفع سعره مع مرور السنوات، وهناك فرق في السعر بين الجفت الجاف وغير الجاف'.
ويقول عاملون إن صناعة الجفت تحتاج إلى شهرين أو ثلاثة أشهر في مقابل دولار ونصف للطن، لكنه يظل عملاً موسمياً ويحتاج إلى رأس مال جيد.
وتشير تقديرات إلى أن عدد مستخدمي 'الجفت' للتدفئة في الأردن يقدر بنحو 20 في المئة من السكان، مما يعني اتساع دائرة الفقر والعوز.
ضرر بيئي
ويخشى مستخدمو 'الجفت' من ملاحقة وزارة البيئة لهم بحجة الإضرار بالبيئة بسبب الدخان المتصاعد من حرقه طوال فترة الشتاء.
وعلى الرغم من تشكيلها خطراً على الصحة، لا تزال آلاف الأسر الأردنية تعتمد على مادة 'الجفت' في أشهر الشتاء الباردة، بينما تقول مديرية الدفاع المدني إن كثيراً من الأسر الأردنية تلجأ إلى استخدام مدافئ الحطب لغايات التدفئة، الأمر الذي يؤدي إلى وقوع حوادث الاختناق بشكل كبير نتيجة لطبيعة الحطب ومادة الجفت. ويقول خبراء بيئيون إن مخلفات الزيتون إذا لم يتم استغلالها واختلطت بالتربة، فإنها قد تسبب السرطانات وتلوث المياه الجوفية، بينما يتحدث أطباء عن أضرار صحية بالغة يتعرض لها مستخدمو' الجفت'، بسبب الغازات الناتجة من احتراقه، والمسببة لأمراض الجهاز التنفسي مثل التهابات القصبات الهوائية وانتفاخ الرئة.
'انديبنت عربية'
عمان جو-طارق ديلواني - مع دخول فصل الشتاء من كل عام، يبدأ الفقراء وذوو الدخل المحدود في الأردن رحلة البحث عن مصادر للتدفئة بأقل الكلف بعد الارتفاع الكبير لأسعار المحروقات في البلاد للمرة السابعة على مدى سنتين، إذ تستهلك المحروقات نحو نصف النفقات الشهرية للمواطنين، في ظل أوضاع اقتصادية صعبة ومتردية، وبلوغ الفقر والبطالة مستويات قياسية. وتمثل مادة 'الجفت' التي تنتج من مخلفات عصر الزيتون، خلاصاً للفقراء الذين ينشدون الدفء، ومصدر دخل للعاطلين من العمل، كما تسهم بالحفاظ على البيئة من خلال استبدال الحطب بها كوسيلة للتدفئة، ولرخص ثمنها، إذ يباع الطن منها بنحو 70 دولاراً، وهو ما يكفي عائلة طوال فصل الشتاء. وينتج الأردن أكثر من 70 ألف طن من الجفت سنوياً، بخاصة في محافظات الشمال بعائدات تقدر بنحو سبعة ملايين دولار.
وقود من مخلفات الزيتون
وشرح زهير اللفتاوي، صاحب إحدى معاصر الزيتون، طريقة صناعة 'الجفت' فقال، 'بعد عصر الزيتون ومن ثم خلطه وعجنه لمدة 45 دقيقة، ينقل إلى مكبس خاص يعمل بطريقة الطرد المركزي، بحيث يفصل ثلاث مكونات عن بعضها، وهي الماء والزيت وبذرة الزيتون وهي التي تُسمى' الجفت'، الذي يتم التخلص منه من خلال أنابيب تحت الأرض، ليتم تجفيفه بعد ذلك من خلال استخدام النار، ومن ثم يضغط في مكابس على شكل قوالب ليصبح جاهزاً للاستخدام في المدافئ'. ومع وجود نحو 132 معصرة زيتون يتم إنتاج كميات كبيرة من 'الجفت' الذي لا يمكن الحصول عليه إلا في الخريف أو بدايات الشتاء بعد موسم قطف الزيتون وعصره.
النفط كنز الحكومات
وعلى الرغم من الانتقادات الشعبية والبرلمانية لارتفاع أسعار الوقود، ترد الحكومة الأردنية بأن السبب يعود إلى ارتفاع أسعاره عالمياً، إذ يعد الأردن من بين 10 دول ذات أسعار الوقود الأكثر ارتفاعاً عالمياً، والدولة الأولى عربياً، وفق موقع 'Global Petrol Prices' المتخصص بالطاقة.
لكن سبب ارتفاع أسعار الوقود وفق متخصصين في الطاقة، من بينهم عامر الشوبكي، هو 'اعتماد الحكومة الأردنية بشكل أساس وكبير على الإيرادات المتأتية من بيع المشتقات النفطية بأسعار مبالغ فيها، على الرغم من حصولها على منح نفطية بعضها مجانية وأخرى بأسعار تفضيلية، بخاصة من العراق'.
ووفقاً لبيانات رسمية، بلغت إيرادات الحكومة المتحققة من الضرائب المفروضة على المشتقات النفطية العام الماضي حوالى 1.4 مليار دولار. وتفرض الحكومة الأردنية ضريبة ثابتة مقطوعة على المشتقات النفطية منذ عام 2019 بنحو نصف دولار للتر الواحد، سواء ارتفع سعر المحروقات عالمياً أو انخفض، وهو ما يجعلها بعيدة من متناول الفقراء ومحدودي الدخل.
من عبء إلى مصدر للدخل
ويسرد الكاتب أحمد أبو خليل كيف تحول 'الجفت' من عبء على أصحاب المعاصر إلى مصدر للدخل، لا سيما وأن له رائحة غير مستحبة، فكان يوزع على الناس بالمجان في مقابل التخلص منه، لكنه أصبح لاحقاً مصدراً رئيساً للتدفئة فتحول إلى تجارة قائمة بحد ذاتها.
وأوضح أبو خليل أن 'بيع الجفت بدأ منذ 15 عاماً بخمسة دنانير للطن الواحد، ثم ارتفع سعره مع مرور السنوات، وهناك فرق في السعر بين الجفت الجاف وغير الجاف'.
ويقول عاملون إن صناعة الجفت تحتاج إلى شهرين أو ثلاثة أشهر في مقابل دولار ونصف للطن، لكنه يظل عملاً موسمياً ويحتاج إلى رأس مال جيد.
وتشير تقديرات إلى أن عدد مستخدمي 'الجفت' للتدفئة في الأردن يقدر بنحو 20 في المئة من السكان، مما يعني اتساع دائرة الفقر والعوز.
ضرر بيئي
ويخشى مستخدمو 'الجفت' من ملاحقة وزارة البيئة لهم بحجة الإضرار بالبيئة بسبب الدخان المتصاعد من حرقه طوال فترة الشتاء.
وعلى الرغم من تشكيلها خطراً على الصحة، لا تزال آلاف الأسر الأردنية تعتمد على مادة 'الجفت' في أشهر الشتاء الباردة، بينما تقول مديرية الدفاع المدني إن كثيراً من الأسر الأردنية تلجأ إلى استخدام مدافئ الحطب لغايات التدفئة، الأمر الذي يؤدي إلى وقوع حوادث الاختناق بشكل كبير نتيجة لطبيعة الحطب ومادة الجفت. ويقول خبراء بيئيون إن مخلفات الزيتون إذا لم يتم استغلالها واختلطت بالتربة، فإنها قد تسبب السرطانات وتلوث المياه الجوفية، بينما يتحدث أطباء عن أضرار صحية بالغة يتعرض لها مستخدمو' الجفت'، بسبب الغازات الناتجة من احتراقه، والمسببة لأمراض الجهاز التنفسي مثل التهابات القصبات الهوائية وانتفاخ الرئة.
التعليقات