عمان جو - د. فارس بريزات – رئيس مجلس إدارة نماء للاستشارات الاستراتيجية
ليست هي المرة الأولى التي يصف جلالة الملك عبدالله الثاني نفسه “بالمواطن” الأردني. وليس من باب الصدفة أنني قدمت كلمة “المواطن”على كلمة “الملك”. ولد قبل ستين عاماً مواطناً اردنياً واميراً لملك عظيم، واليوم نبارك للمواطن الملك بعيده الستون متمنين لجلالته العمر المديد بصحة وعافية. ونفخر بأننا وإياك، جلالة الملك، مواطنون في هذا الحمى نبني ما استطعنا لذك سبيلا.
في رسالته أمس أشار، جلالة الملك، لنفسه مرة واحدة بقوله “تحضرني رسالة الهاشميين التي نذرت نفسي من أجلها، جنديا من جنود الجيش العربي،مواطنا أردنيا يؤمن بهذا الوطن، وهي خدمة الأردن الغالي وشعبه العظيم”. أشار اربع مرات “للمواطن” الفرد وثلاثة مرات “للمواطنين” وثمان مرات للشعب وواحدة “للشعبوية”.
ويأتي هذا الوصف وهو يوجه بوضع “إطار رؤية وطنية شاملة عابرة للحكومات يشارك فيها الجميع”. وفي هذا السياق أشار جلالته للبناء مرتين، مؤمنا بضرورة استكمال مسيرة التطوير والبناء التي “تباطأت ولكنها لم تتوقف”. وبناء المستقبل هو واجب جميع المواطنين: الحكام والمحكومين، المدنيين والعسكريين.
تقع مسؤولية الخلل الذي أورده جلالته واصفاً لمسيرتنا أنها “عانت من ضعف في العمل المؤسسي، وتلكؤ في تنفيذ البرامج والخطط، وتمترس بيروقراطي، وانغلاق في وجه التغيير، وتغول للإشاعة، وتغييب للحوار العقلاني الموضوعي”، على عاتق المؤسسات العامة أولاً، ثم نحن المواطنون ثانياً. ولمعالجة هذه التراكمات نحتاج “لتخطيط مؤسسي سليم، ورؤية واضحة”. ونحتاج لأن يُدرك الجميع أن “مفهوم الخدمة العامة يفرض تقديم الحلول وليس وضع العراقيل أمام المواطنين”. حدث هذا، ويحدث هذه الايام، وسيبقى يحدث في المستقبل لأن عدم وضوح الرؤية حول تلازم السلطة والمسؤولية هو المنطقة الرمادية التي يَسبحُ فيها المسؤول في فلكٍ مُصان، وتتمم عليه الأمان بالتحصين منظومة الخدمة المدنية، بأن من دخل “الخدمة العامة” فهو آمن.
عانت هوية الدولة الاقتصادية من التعمية والضبابية والرمادية وسبب هذا كثير من المشاكل. الرؤية الواضحة التي نسعى إليها هي إقتصاد حر تنافسي، بلا احتكارات وحيازات وإقطاعيات، يقوده القطاع الخاص بتنافس حر ينظمه القانون، وتقوم الدولة بدور التمكين للمواطنين في التعليم والصحة والنقل والبيئة بما يكفل إيصال الجميع لمدرج الاقلاع بقدرات متقاربة. ولكي “نستعيد صدارتنا في التعليم” نحتاج لاصلاح جذري للتعليم بحيث يكون اولياء الأمور هم من يقررون كيف تُنفق موازنة وزارة التربية والتعليم وليس “البيروقراطيون المتمترسون”. فالأهل أعرف بمصالح أطفالهم من طبقات الادرايين والمشرفين البيروقراطيين المتمترسين الذين لم تُصِب زيادة اعدادهم ونفقاتهم التعليم المدرسي نفعاً. بل على العكس، بنيته التحتية متهالكة ومعلميه ومعلماته بلا تدريب وتأهيل مستمر، إلا من بادر وغامر ببعض من قوت أطفاله لينال تأهيلاً إضافياً.
نعم، منظومة التعليم تحتاج تغيير جذري وعاجل وليس على طريقة لجان تطوير القطاع العام المتتالية التي لم تُنجز ولن تُنجز ولا تُقدّم ولا تؤخر لأن إصلاح الذات لا يتم بمقاسات الذات، “مين بده يقول عن زيته عكر؟” الاصلاح الادراي يتطلب وضع وصف وضيفي للوظيفة وليس للشخص الموجود والذي “يجب تدبيره” لأنه “ما أنت عارف يا أخي”. ويجب اتمتتة الحكومة، كل الحكومة، لكي “تصبح سوية الخدمات وعدالتها أقل عرضة للأهواء الشخصية أو الفساد الوظيفي الذي يختبئ في الرزم الورقية المكدسة”. الذي يُعيق التحول للحكومة الالكترونية هو ذاته “المتمترس” المحمي بنظام الخدمة المدنية والذي لا وصف لوظيفته. وهو ذاته الذي “يطفش” المستثمر المحلي والاجنبي، وهو الذي يتقاضى ضعف راتبه مكافآت بلا عمل.
ولكي “ننهض باقتصادنا” فنحن بأمس الحاجة “لزيادة قدرات قطاعنا العام وفاعليته” وهذا يتطلب أولاً تحديد وظائف الحكومة وخدماتها الضرورية وليس الموجودة الآن (مثل الصبة الخضرا). القطاع العام يحوي ضعف حاجته من الموظفين ويزخر بالبطالة المُقنَّعة التي تُعيق الكفاءات وتزيد تكلس أنانيب القطاع العام وتوقف مياهه عن السريان وتخضير وتليين “البيروقراطيات المتمترسة”. هؤلاء يحتاجون إعادة تأهيل وتدريب لوظائف أخرى سواء بالقطاع العام ذاته، أو بالقطاع الخاص. ولكي يحصل هذا، يجب أن “يزدهر القطاع الخاص” من خلال “إزالة” وليس “تخفيف” المعيقات أمامه. لأن التخفيف لن يُغير الحال وسنستمر بفقدان مزيد من المستثمرين للاسواق المجاورة وبطالتنا تتراكم وفقرنا يزداد.
القطاع الخاص يريد أن ينافس بعدالة، ويتطلب هذا تخفيض كلفة الطاقة، وهيكلة القطاع جذرياً، لضمان سريان قوانين السوق والعرض والطلب وإنهاء الاحتكارات وتمكين القطاع الخاص من بناء شبكات نقل وتوزيع للكهرباء ومحطات توليد من الهواء والسماء والشمس والأرض والنووي والهيدروجين وغيره. كلما تأخرنا سبقنا غيرنا وخسرنا وندمنا. هذه الاجراءات هي التي تحلحل الاقتصاد وتُقلِّص فجوة الثقة بين المواطنين والمؤسسات العامة وتقود “لزيادة الفرص على مستوى متكافيء”. لأنها تطلق التنافس الحر بين الأفراد والشركات التي تبدع لكي تبقى وتكبر وتتوسع وتحسن الخدمة وتخفض السعر للمستهلك. هذا التنافس و”يد السوق الخفية” ستردم فجوة التنمية اللامتكافئة وستُمكن خريج مدارس الأطراف من المنافسة مع خريج المدارس الأكثر حظاً وتنميةً ورعايةً والأوسع أفقاً والأفر فرصاً.
وبإزالة العوائق والكمائن المنصوبة للقطاع الخاص وبتركه “يعمل ويمُر” ويُنافس ويُصدر، نُحدث فرص العمل بالصناعة والتكنولوجيا والسياحة بأنواعها والنقل والتعدين وتكنولوجيا الزراعة والريادة والصحة. وبالتشغيل المنتج نحد من الفقر ونخلق الفرص المتكافئة ببداياتها وليس بنهايتها. فالبدايات واجب تمكيني للجميع أما النهايات فهي اجتهادات تَعِزُ بنجاحها وتُعلِّم باخفاقها. وهكذا نلجُ مستقبلاً يبدأ “بالتغيير والتطور واستيعاب الأفكار الجديدة ويحتضن التنوع”.
عمان جو - د. فارس بريزات – رئيس مجلس إدارة نماء للاستشارات الاستراتيجية
ليست هي المرة الأولى التي يصف جلالة الملك عبدالله الثاني نفسه “بالمواطن” الأردني. وليس من باب الصدفة أنني قدمت كلمة “المواطن”على كلمة “الملك”. ولد قبل ستين عاماً مواطناً اردنياً واميراً لملك عظيم، واليوم نبارك للمواطن الملك بعيده الستون متمنين لجلالته العمر المديد بصحة وعافية. ونفخر بأننا وإياك، جلالة الملك، مواطنون في هذا الحمى نبني ما استطعنا لذك سبيلا.
في رسالته أمس أشار، جلالة الملك، لنفسه مرة واحدة بقوله “تحضرني رسالة الهاشميين التي نذرت نفسي من أجلها، جنديا من جنود الجيش العربي،مواطنا أردنيا يؤمن بهذا الوطن، وهي خدمة الأردن الغالي وشعبه العظيم”. أشار اربع مرات “للمواطن” الفرد وثلاثة مرات “للمواطنين” وثمان مرات للشعب وواحدة “للشعبوية”.
ويأتي هذا الوصف وهو يوجه بوضع “إطار رؤية وطنية شاملة عابرة للحكومات يشارك فيها الجميع”. وفي هذا السياق أشار جلالته للبناء مرتين، مؤمنا بضرورة استكمال مسيرة التطوير والبناء التي “تباطأت ولكنها لم تتوقف”. وبناء المستقبل هو واجب جميع المواطنين: الحكام والمحكومين، المدنيين والعسكريين.
تقع مسؤولية الخلل الذي أورده جلالته واصفاً لمسيرتنا أنها “عانت من ضعف في العمل المؤسسي، وتلكؤ في تنفيذ البرامج والخطط، وتمترس بيروقراطي، وانغلاق في وجه التغيير، وتغول للإشاعة، وتغييب للحوار العقلاني الموضوعي”، على عاتق المؤسسات العامة أولاً، ثم نحن المواطنون ثانياً. ولمعالجة هذه التراكمات نحتاج “لتخطيط مؤسسي سليم، ورؤية واضحة”. ونحتاج لأن يُدرك الجميع أن “مفهوم الخدمة العامة يفرض تقديم الحلول وليس وضع العراقيل أمام المواطنين”. حدث هذا، ويحدث هذه الايام، وسيبقى يحدث في المستقبل لأن عدم وضوح الرؤية حول تلازم السلطة والمسؤولية هو المنطقة الرمادية التي يَسبحُ فيها المسؤول في فلكٍ مُصان، وتتمم عليه الأمان بالتحصين منظومة الخدمة المدنية، بأن من دخل “الخدمة العامة” فهو آمن.
عانت هوية الدولة الاقتصادية من التعمية والضبابية والرمادية وسبب هذا كثير من المشاكل. الرؤية الواضحة التي نسعى إليها هي إقتصاد حر تنافسي، بلا احتكارات وحيازات وإقطاعيات، يقوده القطاع الخاص بتنافس حر ينظمه القانون، وتقوم الدولة بدور التمكين للمواطنين في التعليم والصحة والنقل والبيئة بما يكفل إيصال الجميع لمدرج الاقلاع بقدرات متقاربة. ولكي “نستعيد صدارتنا في التعليم” نحتاج لاصلاح جذري للتعليم بحيث يكون اولياء الأمور هم من يقررون كيف تُنفق موازنة وزارة التربية والتعليم وليس “البيروقراطيون المتمترسون”. فالأهل أعرف بمصالح أطفالهم من طبقات الادرايين والمشرفين البيروقراطيين المتمترسين الذين لم تُصِب زيادة اعدادهم ونفقاتهم التعليم المدرسي نفعاً. بل على العكس، بنيته التحتية متهالكة ومعلميه ومعلماته بلا تدريب وتأهيل مستمر، إلا من بادر وغامر ببعض من قوت أطفاله لينال تأهيلاً إضافياً.
نعم، منظومة التعليم تحتاج تغيير جذري وعاجل وليس على طريقة لجان تطوير القطاع العام المتتالية التي لم تُنجز ولن تُنجز ولا تُقدّم ولا تؤخر لأن إصلاح الذات لا يتم بمقاسات الذات، “مين بده يقول عن زيته عكر؟” الاصلاح الادراي يتطلب وضع وصف وضيفي للوظيفة وليس للشخص الموجود والذي “يجب تدبيره” لأنه “ما أنت عارف يا أخي”. ويجب اتمتتة الحكومة، كل الحكومة، لكي “تصبح سوية الخدمات وعدالتها أقل عرضة للأهواء الشخصية أو الفساد الوظيفي الذي يختبئ في الرزم الورقية المكدسة”. الذي يُعيق التحول للحكومة الالكترونية هو ذاته “المتمترس” المحمي بنظام الخدمة المدنية والذي لا وصف لوظيفته. وهو ذاته الذي “يطفش” المستثمر المحلي والاجنبي، وهو الذي يتقاضى ضعف راتبه مكافآت بلا عمل.
ولكي “ننهض باقتصادنا” فنحن بأمس الحاجة “لزيادة قدرات قطاعنا العام وفاعليته” وهذا يتطلب أولاً تحديد وظائف الحكومة وخدماتها الضرورية وليس الموجودة الآن (مثل الصبة الخضرا). القطاع العام يحوي ضعف حاجته من الموظفين ويزخر بالبطالة المُقنَّعة التي تُعيق الكفاءات وتزيد تكلس أنانيب القطاع العام وتوقف مياهه عن السريان وتخضير وتليين “البيروقراطيات المتمترسة”. هؤلاء يحتاجون إعادة تأهيل وتدريب لوظائف أخرى سواء بالقطاع العام ذاته، أو بالقطاع الخاص. ولكي يحصل هذا، يجب أن “يزدهر القطاع الخاص” من خلال “إزالة” وليس “تخفيف” المعيقات أمامه. لأن التخفيف لن يُغير الحال وسنستمر بفقدان مزيد من المستثمرين للاسواق المجاورة وبطالتنا تتراكم وفقرنا يزداد.
القطاع الخاص يريد أن ينافس بعدالة، ويتطلب هذا تخفيض كلفة الطاقة، وهيكلة القطاع جذرياً، لضمان سريان قوانين السوق والعرض والطلب وإنهاء الاحتكارات وتمكين القطاع الخاص من بناء شبكات نقل وتوزيع للكهرباء ومحطات توليد من الهواء والسماء والشمس والأرض والنووي والهيدروجين وغيره. كلما تأخرنا سبقنا غيرنا وخسرنا وندمنا. هذه الاجراءات هي التي تحلحل الاقتصاد وتُقلِّص فجوة الثقة بين المواطنين والمؤسسات العامة وتقود “لزيادة الفرص على مستوى متكافيء”. لأنها تطلق التنافس الحر بين الأفراد والشركات التي تبدع لكي تبقى وتكبر وتتوسع وتحسن الخدمة وتخفض السعر للمستهلك. هذا التنافس و”يد السوق الخفية” ستردم فجوة التنمية اللامتكافئة وستُمكن خريج مدارس الأطراف من المنافسة مع خريج المدارس الأكثر حظاً وتنميةً ورعايةً والأوسع أفقاً والأفر فرصاً.
وبإزالة العوائق والكمائن المنصوبة للقطاع الخاص وبتركه “يعمل ويمُر” ويُنافس ويُصدر، نُحدث فرص العمل بالصناعة والتكنولوجيا والسياحة بأنواعها والنقل والتعدين وتكنولوجيا الزراعة والريادة والصحة. وبالتشغيل المنتج نحد من الفقر ونخلق الفرص المتكافئة ببداياتها وليس بنهايتها. فالبدايات واجب تمكيني للجميع أما النهايات فهي اجتهادات تَعِزُ بنجاحها وتُعلِّم باخفاقها. وهكذا نلجُ مستقبلاً يبدأ “بالتغيير والتطور واستيعاب الأفكار الجديدة ويحتضن التنوع”.
عمان جو - د. فارس بريزات – رئيس مجلس إدارة نماء للاستشارات الاستراتيجية
ليست هي المرة الأولى التي يصف جلالة الملك عبدالله الثاني نفسه “بالمواطن” الأردني. وليس من باب الصدفة أنني قدمت كلمة “المواطن”على كلمة “الملك”. ولد قبل ستين عاماً مواطناً اردنياً واميراً لملك عظيم، واليوم نبارك للمواطن الملك بعيده الستون متمنين لجلالته العمر المديد بصحة وعافية. ونفخر بأننا وإياك، جلالة الملك، مواطنون في هذا الحمى نبني ما استطعنا لذك سبيلا.
في رسالته أمس أشار، جلالة الملك، لنفسه مرة واحدة بقوله “تحضرني رسالة الهاشميين التي نذرت نفسي من أجلها، جنديا من جنود الجيش العربي،مواطنا أردنيا يؤمن بهذا الوطن، وهي خدمة الأردن الغالي وشعبه العظيم”. أشار اربع مرات “للمواطن” الفرد وثلاثة مرات “للمواطنين” وثمان مرات للشعب وواحدة “للشعبوية”.
ويأتي هذا الوصف وهو يوجه بوضع “إطار رؤية وطنية شاملة عابرة للحكومات يشارك فيها الجميع”. وفي هذا السياق أشار جلالته للبناء مرتين، مؤمنا بضرورة استكمال مسيرة التطوير والبناء التي “تباطأت ولكنها لم تتوقف”. وبناء المستقبل هو واجب جميع المواطنين: الحكام والمحكومين، المدنيين والعسكريين.
تقع مسؤولية الخلل الذي أورده جلالته واصفاً لمسيرتنا أنها “عانت من ضعف في العمل المؤسسي، وتلكؤ في تنفيذ البرامج والخطط، وتمترس بيروقراطي، وانغلاق في وجه التغيير، وتغول للإشاعة، وتغييب للحوار العقلاني الموضوعي”، على عاتق المؤسسات العامة أولاً، ثم نحن المواطنون ثانياً. ولمعالجة هذه التراكمات نحتاج “لتخطيط مؤسسي سليم، ورؤية واضحة”. ونحتاج لأن يُدرك الجميع أن “مفهوم الخدمة العامة يفرض تقديم الحلول وليس وضع العراقيل أمام المواطنين”. حدث هذا، ويحدث هذه الايام، وسيبقى يحدث في المستقبل لأن عدم وضوح الرؤية حول تلازم السلطة والمسؤولية هو المنطقة الرمادية التي يَسبحُ فيها المسؤول في فلكٍ مُصان، وتتمم عليه الأمان بالتحصين منظومة الخدمة المدنية، بأن من دخل “الخدمة العامة” فهو آمن.
عانت هوية الدولة الاقتصادية من التعمية والضبابية والرمادية وسبب هذا كثير من المشاكل. الرؤية الواضحة التي نسعى إليها هي إقتصاد حر تنافسي، بلا احتكارات وحيازات وإقطاعيات، يقوده القطاع الخاص بتنافس حر ينظمه القانون، وتقوم الدولة بدور التمكين للمواطنين في التعليم والصحة والنقل والبيئة بما يكفل إيصال الجميع لمدرج الاقلاع بقدرات متقاربة. ولكي “نستعيد صدارتنا في التعليم” نحتاج لاصلاح جذري للتعليم بحيث يكون اولياء الأمور هم من يقررون كيف تُنفق موازنة وزارة التربية والتعليم وليس “البيروقراطيون المتمترسون”. فالأهل أعرف بمصالح أطفالهم من طبقات الادرايين والمشرفين البيروقراطيين المتمترسين الذين لم تُصِب زيادة اعدادهم ونفقاتهم التعليم المدرسي نفعاً. بل على العكس، بنيته التحتية متهالكة ومعلميه ومعلماته بلا تدريب وتأهيل مستمر، إلا من بادر وغامر ببعض من قوت أطفاله لينال تأهيلاً إضافياً.
نعم، منظومة التعليم تحتاج تغيير جذري وعاجل وليس على طريقة لجان تطوير القطاع العام المتتالية التي لم تُنجز ولن تُنجز ولا تُقدّم ولا تؤخر لأن إصلاح الذات لا يتم بمقاسات الذات، “مين بده يقول عن زيته عكر؟” الاصلاح الادراي يتطلب وضع وصف وضيفي للوظيفة وليس للشخص الموجود والذي “يجب تدبيره” لأنه “ما أنت عارف يا أخي”. ويجب اتمتتة الحكومة، كل الحكومة، لكي “تصبح سوية الخدمات وعدالتها أقل عرضة للأهواء الشخصية أو الفساد الوظيفي الذي يختبئ في الرزم الورقية المكدسة”. الذي يُعيق التحول للحكومة الالكترونية هو ذاته “المتمترس” المحمي بنظام الخدمة المدنية والذي لا وصف لوظيفته. وهو ذاته الذي “يطفش” المستثمر المحلي والاجنبي، وهو الذي يتقاضى ضعف راتبه مكافآت بلا عمل.
ولكي “ننهض باقتصادنا” فنحن بأمس الحاجة “لزيادة قدرات قطاعنا العام وفاعليته” وهذا يتطلب أولاً تحديد وظائف الحكومة وخدماتها الضرورية وليس الموجودة الآن (مثل الصبة الخضرا). القطاع العام يحوي ضعف حاجته من الموظفين ويزخر بالبطالة المُقنَّعة التي تُعيق الكفاءات وتزيد تكلس أنانيب القطاع العام وتوقف مياهه عن السريان وتخضير وتليين “البيروقراطيات المتمترسة”. هؤلاء يحتاجون إعادة تأهيل وتدريب لوظائف أخرى سواء بالقطاع العام ذاته، أو بالقطاع الخاص. ولكي يحصل هذا، يجب أن “يزدهر القطاع الخاص” من خلال “إزالة” وليس “تخفيف” المعيقات أمامه. لأن التخفيف لن يُغير الحال وسنستمر بفقدان مزيد من المستثمرين للاسواق المجاورة وبطالتنا تتراكم وفقرنا يزداد.
القطاع الخاص يريد أن ينافس بعدالة، ويتطلب هذا تخفيض كلفة الطاقة، وهيكلة القطاع جذرياً، لضمان سريان قوانين السوق والعرض والطلب وإنهاء الاحتكارات وتمكين القطاع الخاص من بناء شبكات نقل وتوزيع للكهرباء ومحطات توليد من الهواء والسماء والشمس والأرض والنووي والهيدروجين وغيره. كلما تأخرنا سبقنا غيرنا وخسرنا وندمنا. هذه الاجراءات هي التي تحلحل الاقتصاد وتُقلِّص فجوة الثقة بين المواطنين والمؤسسات العامة وتقود “لزيادة الفرص على مستوى متكافيء”. لأنها تطلق التنافس الحر بين الأفراد والشركات التي تبدع لكي تبقى وتكبر وتتوسع وتحسن الخدمة وتخفض السعر للمستهلك. هذا التنافس و”يد السوق الخفية” ستردم فجوة التنمية اللامتكافئة وستُمكن خريج مدارس الأطراف من المنافسة مع خريج المدارس الأكثر حظاً وتنميةً ورعايةً والأوسع أفقاً والأفر فرصاً.
وبإزالة العوائق والكمائن المنصوبة للقطاع الخاص وبتركه “يعمل ويمُر” ويُنافس ويُصدر، نُحدث فرص العمل بالصناعة والتكنولوجيا والسياحة بأنواعها والنقل والتعدين وتكنولوجيا الزراعة والريادة والصحة. وبالتشغيل المنتج نحد من الفقر ونخلق الفرص المتكافئة ببداياتها وليس بنهايتها. فالبدايات واجب تمكيني للجميع أما النهايات فهي اجتهادات تَعِزُ بنجاحها وتُعلِّم باخفاقها. وهكذا نلجُ مستقبلاً يبدأ “بالتغيير والتطور واستيعاب الأفكار الجديدة ويحتضن التنوع”.
التعليقات