عمان جو - بسام البدارين
عملياً وواقعياً وسياسياً – إذا جاز التعبير- يمكن القول إن نشطاء الحركة الإسلامية أو التيار الإسلامي في النقابات المهنية الأردنية استفادوا تماماً من إخفاقهم في معركة منع إدخال الهواتف الخلوية إلى مقر انتخابات نقابة المهندسين أو النقابات المهنية في البلاد. لكن حصل ذلك في إطار صورة درامية وساخرة لتلك الانتخابات التي نظمت الجمعة في فروع بعض المحافظات وبصورة دراماتيكية. قبل إعلان قوائم تحالف الإسلاميين مقاطعة ما تبقى من انتخابات المهندسين، حارب الإسلاميون بشراسة لمنع إدخال الهواتف الخلوية إلى غرف الاقتراع، وحاولوا إجبار الهيئة المنظمة على منع إدخال الهواتف. وكان هدفهم واضحاً ومحدداً مسبقاً، وهو الحيلولة دون تمكين مهندسي القطاع العام في جناحيه المدني والعسكري، من تصوير أوراق الاقتراع لإثبات اتجاهاتهم في التصويت. طبعاً فشل الإسلاميون في هذه المواجهة التكتيكية، لكنهم كسبوا الكثير لاحقاً؛ فقد تم السماح بإدخال الهواتف الخلوية للجميع. وبالتالي، دخل مرشحو وأنصار التيار الإسلامي إلى قاعات التصويت والفرز بهواتفهم الخلوية وتمكنوا من تحقيق سبقٍ، عملياً، بتصوير وتوثيق العديد من الصور والعديد من القاعات وحالات الفوضى التي ترتقي، حسب الصور، إلى مستويات غير لائقة لا بانتخابات ولا بمهندسين. اقتنصت القوائم المناصرة للتيار الإسلامي تلك اللقطات وبثتها فوراً مساء الجمعة بعد انتهاء عملية الاقتراع في فروع نقابة المهندسين في محافظات عدة وعلى منصات التواصل، بمعنى أن التيار الإسلامي كان جاهزاً ويتوقع عملية مضادة لنفوذه وحضوره في انتخابات فروع المهندسين وترصد الأخطاء. والأهم هو تلك الإشارة التي تثبت الجاهزية بتصوير وتوثيق كل تلك الأخطاء والعثرات عبر فيلم فيديو انتشر كالنار في الهشيم عبر منصات تواصل المهندسين وغيرهم؛ لإثبات ما وصفه نشطاء نقابيون، بهندسة انتخابات نقابة المهندسين أيضاً. تلك الصور والتوثيقات في كل حال، يمكن التلاعب بها.
المسؤولية عن الأخطاء
وفي كل الأحوال، لا يمكن تحميل المسؤولية عن الأخطاء، إن حصلت، لنقيب المهندسين الحالي أحمد سمارة الزعبي، الذي امتدح الانتخابات وقال إنها جرت وانتهت في الفروع دون منغصات، فرد عليه الناشط النقابي الإسلامي البارز أحمد أبو غنيمة، بمثل ذلك الفيديو المثير، للتحدث عن المنغصات التي «ينكرها الزميل النقيب». وهو ما حصل أيضاً مع الناشط النقابي البارز أيضاً ميسرة ملص، الذي عبر عن الأسف الشديد لطبيعة تلك الانتخابات، قائلاً إنها لا تليق بالمهندسين ولا بتاريخهم وتسببت بجرح عميق، معرباً عن أسفه أيضاً تجاه الزميل الزعبي الذي اعتبره أو ألمح ميسرة إلى أنه لا يقول الحقيقة. لكن السؤال أين الحقيقة حتى في ظل الصور التي اقتنصها وروجها الإسلاميون لتبرير خسارتهم الواضحة في انتخابات الفروع والخاصة بنقابة ضخمة ومهمة جداً وحضورها نافذ طوال نصف قرن واحتفظ الإسلاميون بالريادة والصدارة فيها لأكثر من 30 عاماً قبل خسارتها في الموسم الماضي. لعبة «الصور والخلويات» كانت أساسية ومثيرة حتى للضحك السياسي، لأن فكرة الإسلاميين أصلاً عن الهواتف الخلوية في غرف الفرز والاقتراع أنها لتصوير أوراق التصويت والاقتراع بجانب الهوية الشخصية، ولإثبات أن المهندسين الذين خضعوا للتوجيه -برأي الإسلاميين بالمناسبة وحصرياً عن بعد- لم يمارسوا حقوقهم في الاقتراع بحرية فردية وحرية مهنية. وهي فكرة تعني ضمنياً بأن الجهات التي يفترض الإسلاميون أو غيرهم أنها رسمية وتدعم مرشحين دون غيرهم وتسعى إلى تقليص فرصة مرشحي قوائم التيار الإسلامي البيضاء، لم يكن لديها ضمانة أكيدة ولو حتى في اتجاه التصويت عند مهندسي القطاع العام، وبالتالي طالبتهم بدليل مصور لضمان تصويتهم. لعبة الصور والخلويات بدت مسلية إلى حد بعيد، لكنها تسجل سابقة سيتم الإشارة إليها بين الحين والآخر طوال الوقت وللأعوام المقبلة في إطار الصراع بين مرشحي التيار المدني، واليساريين، ومرشحي التيار الإسلامي، بصورة غير مسبوقة.
فضائع انتخابية
والأهم أن السلطات التي تدير مواجهة ضد الإسلاميين حسب تقديراتهم وبياناتهم وإفصاحاتهم، لا تبدو واثقة من أن مهندسي القطاع العام يمكن أن يتجاوبوا مع التوجيهات في الانتخابات والاقتراع، لكن النقيب الزعبي ورفاقه يشككون بكل الرواية السلبية التي تحاول اقتناص أخطاء بسيطة في إدارة بعض غرف الاقتراع والمزاودة فيها، والتشكيك بنتائج الانتخابات لأنها تضمنت هزيمة لأنصار التيار الإسلامي. وبصرف النظر عن الزوايا التي التقطت فيها بعض الصور وأشرطة الفيديو الحية، وأيضاً بصرف النظر عن مبالغة الإسلاميين أو غيرهم في تسييس هذه التوثيقات بالصوت والصورة، يمكن القول إن بعضها انطوى على سوابق أو إلى حد ما فضائع انتخابية لها علاقة بالنقابات المهنية، فقد شوهدت مشاجرات، وقيل بأن أحد قادة قوائم الترشيح رفع حذاءه في وجه زملائه. وسمعت هتافات قبلية في أكثر من غرفة اقتراع، ولأول مرة، من مهندسين، كما حصلت مشاحنات وتعطل الفرز، وسمعت شتائم وهتافات تؤشر على الاحتقان أو الهويات الفرعية، كل ذلك حصل في واحدة من أهم وأضخم النقابات المهنية الأردنية. وبشكل يفتح جرحاً من الصعب ضمان ألا ينزف مستقبلاً، حتى وإن كان الهدف هو إقصاء الإسلاميين أو تقليص فرصتهم، أو حتى لو كان الهدف الرد على تحرشاتهم التي أثارت الارتياب فأسقطت تعديلات ترغب فيها الهيئة الإدارية لنقابة المهندسين الشهر الماضي، كما استعرضت قواها باعتداءات على زملاء آخرين عبر زجاجات المياه في أحد الاجتماعات النقابية، كما شرح النقيب الزعبي في حديث سابق لـ«القدس العربي». في كل حال، انتهت انتخابات الفروع وتشكل «بروفة» محتملة ظهرت فيها كل الاحتقانات والتجاذبات، لا بل التباينات الفرعية. وهو أمر بالتأكيد يؤذي سمعة وهيبة نقابة المهندسين، ويؤسس لحالة احتقان قد تعيق أعمال النقابة. لكن في مؤشرات هذه النسخة، أنها تسبق الانتخابات البلدية التي أعلن التيار الإسلامي تعليق مشاركته فيها. وما حصل في انتخابات فروع المهندسين في بعض المحافظات، يثبت بأن المسرح السياسي الداخلي المحلي في طريقه لعودة التجاذب والاستقطاب تحت عنوان التيار الإسلامي في مواجهة ومعركة بطبيعة الحال كان يمكن الاستغناء عنها، سواء من الجهات الرسمية التي تدعمها، أو حتى من الجهات المتشددة أو المتسرعة داخل الحركة الإسلامية.
عمان جو - بسام البدارين
عملياً وواقعياً وسياسياً – إذا جاز التعبير- يمكن القول إن نشطاء الحركة الإسلامية أو التيار الإسلامي في النقابات المهنية الأردنية استفادوا تماماً من إخفاقهم في معركة منع إدخال الهواتف الخلوية إلى مقر انتخابات نقابة المهندسين أو النقابات المهنية في البلاد. لكن حصل ذلك في إطار صورة درامية وساخرة لتلك الانتخابات التي نظمت الجمعة في فروع بعض المحافظات وبصورة دراماتيكية. قبل إعلان قوائم تحالف الإسلاميين مقاطعة ما تبقى من انتخابات المهندسين، حارب الإسلاميون بشراسة لمنع إدخال الهواتف الخلوية إلى غرف الاقتراع، وحاولوا إجبار الهيئة المنظمة على منع إدخال الهواتف. وكان هدفهم واضحاً ومحدداً مسبقاً، وهو الحيلولة دون تمكين مهندسي القطاع العام في جناحيه المدني والعسكري، من تصوير أوراق الاقتراع لإثبات اتجاهاتهم في التصويت. طبعاً فشل الإسلاميون في هذه المواجهة التكتيكية، لكنهم كسبوا الكثير لاحقاً؛ فقد تم السماح بإدخال الهواتف الخلوية للجميع. وبالتالي، دخل مرشحو وأنصار التيار الإسلامي إلى قاعات التصويت والفرز بهواتفهم الخلوية وتمكنوا من تحقيق سبقٍ، عملياً، بتصوير وتوثيق العديد من الصور والعديد من القاعات وحالات الفوضى التي ترتقي، حسب الصور، إلى مستويات غير لائقة لا بانتخابات ولا بمهندسين. اقتنصت القوائم المناصرة للتيار الإسلامي تلك اللقطات وبثتها فوراً مساء الجمعة بعد انتهاء عملية الاقتراع في فروع نقابة المهندسين في محافظات عدة وعلى منصات التواصل، بمعنى أن التيار الإسلامي كان جاهزاً ويتوقع عملية مضادة لنفوذه وحضوره في انتخابات فروع المهندسين وترصد الأخطاء. والأهم هو تلك الإشارة التي تثبت الجاهزية بتصوير وتوثيق كل تلك الأخطاء والعثرات عبر فيلم فيديو انتشر كالنار في الهشيم عبر منصات تواصل المهندسين وغيرهم؛ لإثبات ما وصفه نشطاء نقابيون، بهندسة انتخابات نقابة المهندسين أيضاً. تلك الصور والتوثيقات في كل حال، يمكن التلاعب بها.
المسؤولية عن الأخطاء
وفي كل الأحوال، لا يمكن تحميل المسؤولية عن الأخطاء، إن حصلت، لنقيب المهندسين الحالي أحمد سمارة الزعبي، الذي امتدح الانتخابات وقال إنها جرت وانتهت في الفروع دون منغصات، فرد عليه الناشط النقابي الإسلامي البارز أحمد أبو غنيمة، بمثل ذلك الفيديو المثير، للتحدث عن المنغصات التي «ينكرها الزميل النقيب». وهو ما حصل أيضاً مع الناشط النقابي البارز أيضاً ميسرة ملص، الذي عبر عن الأسف الشديد لطبيعة تلك الانتخابات، قائلاً إنها لا تليق بالمهندسين ولا بتاريخهم وتسببت بجرح عميق، معرباً عن أسفه أيضاً تجاه الزميل الزعبي الذي اعتبره أو ألمح ميسرة إلى أنه لا يقول الحقيقة. لكن السؤال أين الحقيقة حتى في ظل الصور التي اقتنصها وروجها الإسلاميون لتبرير خسارتهم الواضحة في انتخابات الفروع والخاصة بنقابة ضخمة ومهمة جداً وحضورها نافذ طوال نصف قرن واحتفظ الإسلاميون بالريادة والصدارة فيها لأكثر من 30 عاماً قبل خسارتها في الموسم الماضي. لعبة «الصور والخلويات» كانت أساسية ومثيرة حتى للضحك السياسي، لأن فكرة الإسلاميين أصلاً عن الهواتف الخلوية في غرف الفرز والاقتراع أنها لتصوير أوراق التصويت والاقتراع بجانب الهوية الشخصية، ولإثبات أن المهندسين الذين خضعوا للتوجيه -برأي الإسلاميين بالمناسبة وحصرياً عن بعد- لم يمارسوا حقوقهم في الاقتراع بحرية فردية وحرية مهنية. وهي فكرة تعني ضمنياً بأن الجهات التي يفترض الإسلاميون أو غيرهم أنها رسمية وتدعم مرشحين دون غيرهم وتسعى إلى تقليص فرصة مرشحي قوائم التيار الإسلامي البيضاء، لم يكن لديها ضمانة أكيدة ولو حتى في اتجاه التصويت عند مهندسي القطاع العام، وبالتالي طالبتهم بدليل مصور لضمان تصويتهم. لعبة الصور والخلويات بدت مسلية إلى حد بعيد، لكنها تسجل سابقة سيتم الإشارة إليها بين الحين والآخر طوال الوقت وللأعوام المقبلة في إطار الصراع بين مرشحي التيار المدني، واليساريين، ومرشحي التيار الإسلامي، بصورة غير مسبوقة.
فضائع انتخابية
والأهم أن السلطات التي تدير مواجهة ضد الإسلاميين حسب تقديراتهم وبياناتهم وإفصاحاتهم، لا تبدو واثقة من أن مهندسي القطاع العام يمكن أن يتجاوبوا مع التوجيهات في الانتخابات والاقتراع، لكن النقيب الزعبي ورفاقه يشككون بكل الرواية السلبية التي تحاول اقتناص أخطاء بسيطة في إدارة بعض غرف الاقتراع والمزاودة فيها، والتشكيك بنتائج الانتخابات لأنها تضمنت هزيمة لأنصار التيار الإسلامي. وبصرف النظر عن الزوايا التي التقطت فيها بعض الصور وأشرطة الفيديو الحية، وأيضاً بصرف النظر عن مبالغة الإسلاميين أو غيرهم في تسييس هذه التوثيقات بالصوت والصورة، يمكن القول إن بعضها انطوى على سوابق أو إلى حد ما فضائع انتخابية لها علاقة بالنقابات المهنية، فقد شوهدت مشاجرات، وقيل بأن أحد قادة قوائم الترشيح رفع حذاءه في وجه زملائه. وسمعت هتافات قبلية في أكثر من غرفة اقتراع، ولأول مرة، من مهندسين، كما حصلت مشاحنات وتعطل الفرز، وسمعت شتائم وهتافات تؤشر على الاحتقان أو الهويات الفرعية، كل ذلك حصل في واحدة من أهم وأضخم النقابات المهنية الأردنية. وبشكل يفتح جرحاً من الصعب ضمان ألا ينزف مستقبلاً، حتى وإن كان الهدف هو إقصاء الإسلاميين أو تقليص فرصتهم، أو حتى لو كان الهدف الرد على تحرشاتهم التي أثارت الارتياب فأسقطت تعديلات ترغب فيها الهيئة الإدارية لنقابة المهندسين الشهر الماضي، كما استعرضت قواها باعتداءات على زملاء آخرين عبر زجاجات المياه في أحد الاجتماعات النقابية، كما شرح النقيب الزعبي في حديث سابق لـ«القدس العربي». في كل حال، انتهت انتخابات الفروع وتشكل «بروفة» محتملة ظهرت فيها كل الاحتقانات والتجاذبات، لا بل التباينات الفرعية. وهو أمر بالتأكيد يؤذي سمعة وهيبة نقابة المهندسين، ويؤسس لحالة احتقان قد تعيق أعمال النقابة. لكن في مؤشرات هذه النسخة، أنها تسبق الانتخابات البلدية التي أعلن التيار الإسلامي تعليق مشاركته فيها. وما حصل في انتخابات فروع المهندسين في بعض المحافظات، يثبت بأن المسرح السياسي الداخلي المحلي في طريقه لعودة التجاذب والاستقطاب تحت عنوان التيار الإسلامي في مواجهة ومعركة بطبيعة الحال كان يمكن الاستغناء عنها، سواء من الجهات الرسمية التي تدعمها، أو حتى من الجهات المتشددة أو المتسرعة داخل الحركة الإسلامية.
عمان جو - بسام البدارين
عملياً وواقعياً وسياسياً – إذا جاز التعبير- يمكن القول إن نشطاء الحركة الإسلامية أو التيار الإسلامي في النقابات المهنية الأردنية استفادوا تماماً من إخفاقهم في معركة منع إدخال الهواتف الخلوية إلى مقر انتخابات نقابة المهندسين أو النقابات المهنية في البلاد. لكن حصل ذلك في إطار صورة درامية وساخرة لتلك الانتخابات التي نظمت الجمعة في فروع بعض المحافظات وبصورة دراماتيكية. قبل إعلان قوائم تحالف الإسلاميين مقاطعة ما تبقى من انتخابات المهندسين، حارب الإسلاميون بشراسة لمنع إدخال الهواتف الخلوية إلى غرف الاقتراع، وحاولوا إجبار الهيئة المنظمة على منع إدخال الهواتف. وكان هدفهم واضحاً ومحدداً مسبقاً، وهو الحيلولة دون تمكين مهندسي القطاع العام في جناحيه المدني والعسكري، من تصوير أوراق الاقتراع لإثبات اتجاهاتهم في التصويت. طبعاً فشل الإسلاميون في هذه المواجهة التكتيكية، لكنهم كسبوا الكثير لاحقاً؛ فقد تم السماح بإدخال الهواتف الخلوية للجميع. وبالتالي، دخل مرشحو وأنصار التيار الإسلامي إلى قاعات التصويت والفرز بهواتفهم الخلوية وتمكنوا من تحقيق سبقٍ، عملياً، بتصوير وتوثيق العديد من الصور والعديد من القاعات وحالات الفوضى التي ترتقي، حسب الصور، إلى مستويات غير لائقة لا بانتخابات ولا بمهندسين. اقتنصت القوائم المناصرة للتيار الإسلامي تلك اللقطات وبثتها فوراً مساء الجمعة بعد انتهاء عملية الاقتراع في فروع نقابة المهندسين في محافظات عدة وعلى منصات التواصل، بمعنى أن التيار الإسلامي كان جاهزاً ويتوقع عملية مضادة لنفوذه وحضوره في انتخابات فروع المهندسين وترصد الأخطاء. والأهم هو تلك الإشارة التي تثبت الجاهزية بتصوير وتوثيق كل تلك الأخطاء والعثرات عبر فيلم فيديو انتشر كالنار في الهشيم عبر منصات تواصل المهندسين وغيرهم؛ لإثبات ما وصفه نشطاء نقابيون، بهندسة انتخابات نقابة المهندسين أيضاً. تلك الصور والتوثيقات في كل حال، يمكن التلاعب بها.
المسؤولية عن الأخطاء
وفي كل الأحوال، لا يمكن تحميل المسؤولية عن الأخطاء، إن حصلت، لنقيب المهندسين الحالي أحمد سمارة الزعبي، الذي امتدح الانتخابات وقال إنها جرت وانتهت في الفروع دون منغصات، فرد عليه الناشط النقابي الإسلامي البارز أحمد أبو غنيمة، بمثل ذلك الفيديو المثير، للتحدث عن المنغصات التي «ينكرها الزميل النقيب». وهو ما حصل أيضاً مع الناشط النقابي البارز أيضاً ميسرة ملص، الذي عبر عن الأسف الشديد لطبيعة تلك الانتخابات، قائلاً إنها لا تليق بالمهندسين ولا بتاريخهم وتسببت بجرح عميق، معرباً عن أسفه أيضاً تجاه الزميل الزعبي الذي اعتبره أو ألمح ميسرة إلى أنه لا يقول الحقيقة. لكن السؤال أين الحقيقة حتى في ظل الصور التي اقتنصها وروجها الإسلاميون لتبرير خسارتهم الواضحة في انتخابات الفروع والخاصة بنقابة ضخمة ومهمة جداً وحضورها نافذ طوال نصف قرن واحتفظ الإسلاميون بالريادة والصدارة فيها لأكثر من 30 عاماً قبل خسارتها في الموسم الماضي. لعبة «الصور والخلويات» كانت أساسية ومثيرة حتى للضحك السياسي، لأن فكرة الإسلاميين أصلاً عن الهواتف الخلوية في غرف الفرز والاقتراع أنها لتصوير أوراق التصويت والاقتراع بجانب الهوية الشخصية، ولإثبات أن المهندسين الذين خضعوا للتوجيه -برأي الإسلاميين بالمناسبة وحصرياً عن بعد- لم يمارسوا حقوقهم في الاقتراع بحرية فردية وحرية مهنية. وهي فكرة تعني ضمنياً بأن الجهات التي يفترض الإسلاميون أو غيرهم أنها رسمية وتدعم مرشحين دون غيرهم وتسعى إلى تقليص فرصة مرشحي قوائم التيار الإسلامي البيضاء، لم يكن لديها ضمانة أكيدة ولو حتى في اتجاه التصويت عند مهندسي القطاع العام، وبالتالي طالبتهم بدليل مصور لضمان تصويتهم. لعبة الصور والخلويات بدت مسلية إلى حد بعيد، لكنها تسجل سابقة سيتم الإشارة إليها بين الحين والآخر طوال الوقت وللأعوام المقبلة في إطار الصراع بين مرشحي التيار المدني، واليساريين، ومرشحي التيار الإسلامي، بصورة غير مسبوقة.
فضائع انتخابية
والأهم أن السلطات التي تدير مواجهة ضد الإسلاميين حسب تقديراتهم وبياناتهم وإفصاحاتهم، لا تبدو واثقة من أن مهندسي القطاع العام يمكن أن يتجاوبوا مع التوجيهات في الانتخابات والاقتراع، لكن النقيب الزعبي ورفاقه يشككون بكل الرواية السلبية التي تحاول اقتناص أخطاء بسيطة في إدارة بعض غرف الاقتراع والمزاودة فيها، والتشكيك بنتائج الانتخابات لأنها تضمنت هزيمة لأنصار التيار الإسلامي. وبصرف النظر عن الزوايا التي التقطت فيها بعض الصور وأشرطة الفيديو الحية، وأيضاً بصرف النظر عن مبالغة الإسلاميين أو غيرهم في تسييس هذه التوثيقات بالصوت والصورة، يمكن القول إن بعضها انطوى على سوابق أو إلى حد ما فضائع انتخابية لها علاقة بالنقابات المهنية، فقد شوهدت مشاجرات، وقيل بأن أحد قادة قوائم الترشيح رفع حذاءه في وجه زملائه. وسمعت هتافات قبلية في أكثر من غرفة اقتراع، ولأول مرة، من مهندسين، كما حصلت مشاحنات وتعطل الفرز، وسمعت شتائم وهتافات تؤشر على الاحتقان أو الهويات الفرعية، كل ذلك حصل في واحدة من أهم وأضخم النقابات المهنية الأردنية. وبشكل يفتح جرحاً من الصعب ضمان ألا ينزف مستقبلاً، حتى وإن كان الهدف هو إقصاء الإسلاميين أو تقليص فرصتهم، أو حتى لو كان الهدف الرد على تحرشاتهم التي أثارت الارتياب فأسقطت تعديلات ترغب فيها الهيئة الإدارية لنقابة المهندسين الشهر الماضي، كما استعرضت قواها باعتداءات على زملاء آخرين عبر زجاجات المياه في أحد الاجتماعات النقابية، كما شرح النقيب الزعبي في حديث سابق لـ«القدس العربي». في كل حال، انتهت انتخابات الفروع وتشكل «بروفة» محتملة ظهرت فيها كل الاحتقانات والتجاذبات، لا بل التباينات الفرعية. وهو أمر بالتأكيد يؤذي سمعة وهيبة نقابة المهندسين، ويؤسس لحالة احتقان قد تعيق أعمال النقابة. لكن في مؤشرات هذه النسخة، أنها تسبق الانتخابات البلدية التي أعلن التيار الإسلامي تعليق مشاركته فيها. وما حصل في انتخابات فروع المهندسين في بعض المحافظات، يثبت بأن المسرح السياسي الداخلي المحلي في طريقه لعودة التجاذب والاستقطاب تحت عنوان التيار الإسلامي في مواجهة ومعركة بطبيعة الحال كان يمكن الاستغناء عنها، سواء من الجهات الرسمية التي تدعمها، أو حتى من الجهات المتشددة أو المتسرعة داخل الحركة الإسلامية.
التعليقات