عمان جو- ذوقان عبيدات - لماذا لم يتقدم التعليم لدينا؟
ما الكوابح التي تُوقف انطلاقاته؟
لن أجب، كعادتي، محمِّلًا المسؤولية إلى عدم توافر إرادة سياسيّة، أو إلى تردّد المسؤولين وخوفهم، أو إلى سوء اختيار القيادات التربويّة؛ فهذه أشياءُ بَرَعْنا فيها جميعًا. وقلنا: “القرامي” تعيد إنتاج أصلِها في أحسن الأحوال، ولا يُسمح للبراعم أن تُطعّم لتنتج جديدًا. هذا كله صار معروفًا؛ نحن لسنا جادّين في تطوير التعليم!
هذه كوابحُ توقِفُ حركةَ التعليم، لكن هناك كوابحَ ذكَرها د. إبراهيم بدران في كتابه “انطلاقة التعليم”، تتعلق بثقافة الماضي، وهي جزءٌ ممّا سنتحدث عنه في هذه المقالة.
الكوابح هي ما يفرضه المجتمع على العقل الفردي، فمنذ الولادة تتزاحم أفكار المجتمع في احتلال عقل الطفل. وتزوّده بمجموعة من المعلومات والحقائق التي تحتل عقله، ولا تترك له أيّ مجال للشك.
منذ السنة الأولى يتمّ ضخُّ الحقائق، وبعدها السّلوكات الصحيحة والخاطئة، وبعدها السّلوكات الأخلاقية وغير الأخلاقية، متزامنة مع قِيَم وسلوكات دينية وإيديولوجية تُصمّم العقل بكل حِرفية. فمن الطبيعي أن ينشأ طفلٌ بين أبوين بوذييّن، وأن ينشأ طفلٌ صينيّ كونفوشيّا، وطفلٌ بريطاني كاثولوكيّا أو بروتستانتيّا، وطفلٌ في أسرةٍ مُسلِمة مسلِمًا… وهكذا يرتبط العقل بثقافة المكان، ويصبح الخروجُ عليه أشبَهَ بعمل “سيزيف”، الذي حكمت عليه الآلهة برفع حجَر ضخم إلى أعلى الجبل، وكان كلّما كاد يصل يسقط الحجَر من جديد، وهكذا قضى عُمرَه محاوِلًا رفْعَ الحجَر!!
إن كوابح الفكر عديدة … فالأصالةُ كابِحٌ، والإحساس بالتفوّق كابِحٌ، والثقة المطلَقة كابِحٌ، ومنع النقد والشكّ كابِحٌ، والمعرفة المسبقة بالصحّ والخطأ كابِحٌ، وتراكُم الجهل كابِحٌ!!
قد نتقدّم علميّا، ونُصبح مهندسين وعلماءَ وأطبّاءَ ومحامين ومعلمين ناجحين، ومع ذلك، تبقى تصوّراتُنا الإيديولوجيّة والثقافيّة مرهونةً بالثبات والحقيقة الكاملة وعدم التغيير.
فهل ينجح التعليم ضدّ هذه الكوابِح؟
هل يسمح المجتمع للمناهج أن تقدّمَ مهاراتِ النقد والتحليل والشكّ وفحص المُسَلّمات الحياتية؟ وهل تقبل مدرسة كتابًا يركّز على المنطق والفلسفة وحريّة الفكر؟ وهل تقبَلُ مدرسة معلّمًا يدعو إلى مناقشة الحقائق التي رسَخت في أذهان المجتمع حتى لو كانت أساطيرَ وتراكماتٍ من آلاف السّنين؟ نعم! نعيش -على الرغم من التقدم المدني- عصرَ جهالات، فمنا من يرى أننا عُدنا إلى الجاهليّة الأولى، وهذه الجاهلية يُقصَدُ بها ما قبل الإسلام. ومنا من يرى أننا نعيش حاليّا عصر الجهل، وهذا الجهل يُقصَدُ به أننا نتمسك بخرافات وحقائق دون فحصِها والشكّ فيها. فنحن بين الجاهليّة والجهل، وصوت الجهل والجاهليّة هو صوتٌ واحد؛ هو صوت الثباتِ وعدمِ التغيير، وحشو العقل بالمعلومات التي لم تُفحَصْ!!
سأل أحدُهم: كيف نتحرّرُ من قبضة الجهل؟
أجاب أحدُهم: بل كيف نحرّرُ الجهلَ من قبضتِنا؟!!
وأميل إلى الإجابة: نعم! نحن أسرى الجهل، ونرفض أن نُطلِقه. هذا هو كابِحُ التعليم الأوّل!!.
عمان جو- ذوقان عبيدات - لماذا لم يتقدم التعليم لدينا؟
ما الكوابح التي تُوقف انطلاقاته؟
لن أجب، كعادتي، محمِّلًا المسؤولية إلى عدم توافر إرادة سياسيّة، أو إلى تردّد المسؤولين وخوفهم، أو إلى سوء اختيار القيادات التربويّة؛ فهذه أشياءُ بَرَعْنا فيها جميعًا. وقلنا: “القرامي” تعيد إنتاج أصلِها في أحسن الأحوال، ولا يُسمح للبراعم أن تُطعّم لتنتج جديدًا. هذا كله صار معروفًا؛ نحن لسنا جادّين في تطوير التعليم!
هذه كوابحُ توقِفُ حركةَ التعليم، لكن هناك كوابحَ ذكَرها د. إبراهيم بدران في كتابه “انطلاقة التعليم”، تتعلق بثقافة الماضي، وهي جزءٌ ممّا سنتحدث عنه في هذه المقالة.
الكوابح هي ما يفرضه المجتمع على العقل الفردي، فمنذ الولادة تتزاحم أفكار المجتمع في احتلال عقل الطفل. وتزوّده بمجموعة من المعلومات والحقائق التي تحتل عقله، ولا تترك له أيّ مجال للشك.
منذ السنة الأولى يتمّ ضخُّ الحقائق، وبعدها السّلوكات الصحيحة والخاطئة، وبعدها السّلوكات الأخلاقية وغير الأخلاقية، متزامنة مع قِيَم وسلوكات دينية وإيديولوجية تُصمّم العقل بكل حِرفية. فمن الطبيعي أن ينشأ طفلٌ بين أبوين بوذييّن، وأن ينشأ طفلٌ صينيّ كونفوشيّا، وطفلٌ بريطاني كاثولوكيّا أو بروتستانتيّا، وطفلٌ في أسرةٍ مُسلِمة مسلِمًا… وهكذا يرتبط العقل بثقافة المكان، ويصبح الخروجُ عليه أشبَهَ بعمل “سيزيف”، الذي حكمت عليه الآلهة برفع حجَر ضخم إلى أعلى الجبل، وكان كلّما كاد يصل يسقط الحجَر من جديد، وهكذا قضى عُمرَه محاوِلًا رفْعَ الحجَر!!
إن كوابح الفكر عديدة … فالأصالةُ كابِحٌ، والإحساس بالتفوّق كابِحٌ، والثقة المطلَقة كابِحٌ، ومنع النقد والشكّ كابِحٌ، والمعرفة المسبقة بالصحّ والخطأ كابِحٌ، وتراكُم الجهل كابِحٌ!!
قد نتقدّم علميّا، ونُصبح مهندسين وعلماءَ وأطبّاءَ ومحامين ومعلمين ناجحين، ومع ذلك، تبقى تصوّراتُنا الإيديولوجيّة والثقافيّة مرهونةً بالثبات والحقيقة الكاملة وعدم التغيير.
فهل ينجح التعليم ضدّ هذه الكوابِح؟
هل يسمح المجتمع للمناهج أن تقدّمَ مهاراتِ النقد والتحليل والشكّ وفحص المُسَلّمات الحياتية؟ وهل تقبل مدرسة كتابًا يركّز على المنطق والفلسفة وحريّة الفكر؟ وهل تقبَلُ مدرسة معلّمًا يدعو إلى مناقشة الحقائق التي رسَخت في أذهان المجتمع حتى لو كانت أساطيرَ وتراكماتٍ من آلاف السّنين؟ نعم! نعيش -على الرغم من التقدم المدني- عصرَ جهالات، فمنا من يرى أننا عُدنا إلى الجاهليّة الأولى، وهذه الجاهلية يُقصَدُ بها ما قبل الإسلام. ومنا من يرى أننا نعيش حاليّا عصر الجهل، وهذا الجهل يُقصَدُ به أننا نتمسك بخرافات وحقائق دون فحصِها والشكّ فيها. فنحن بين الجاهليّة والجهل، وصوت الجهل والجاهليّة هو صوتٌ واحد؛ هو صوت الثباتِ وعدمِ التغيير، وحشو العقل بالمعلومات التي لم تُفحَصْ!!
سأل أحدُهم: كيف نتحرّرُ من قبضة الجهل؟
أجاب أحدُهم: بل كيف نحرّرُ الجهلَ من قبضتِنا؟!!
وأميل إلى الإجابة: نعم! نحن أسرى الجهل، ونرفض أن نُطلِقه. هذا هو كابِحُ التعليم الأوّل!!.
عمان جو- ذوقان عبيدات - لماذا لم يتقدم التعليم لدينا؟
ما الكوابح التي تُوقف انطلاقاته؟
لن أجب، كعادتي، محمِّلًا المسؤولية إلى عدم توافر إرادة سياسيّة، أو إلى تردّد المسؤولين وخوفهم، أو إلى سوء اختيار القيادات التربويّة؛ فهذه أشياءُ بَرَعْنا فيها جميعًا. وقلنا: “القرامي” تعيد إنتاج أصلِها في أحسن الأحوال، ولا يُسمح للبراعم أن تُطعّم لتنتج جديدًا. هذا كله صار معروفًا؛ نحن لسنا جادّين في تطوير التعليم!
هذه كوابحُ توقِفُ حركةَ التعليم، لكن هناك كوابحَ ذكَرها د. إبراهيم بدران في كتابه “انطلاقة التعليم”، تتعلق بثقافة الماضي، وهي جزءٌ ممّا سنتحدث عنه في هذه المقالة.
الكوابح هي ما يفرضه المجتمع على العقل الفردي، فمنذ الولادة تتزاحم أفكار المجتمع في احتلال عقل الطفل. وتزوّده بمجموعة من المعلومات والحقائق التي تحتل عقله، ولا تترك له أيّ مجال للشك.
منذ السنة الأولى يتمّ ضخُّ الحقائق، وبعدها السّلوكات الصحيحة والخاطئة، وبعدها السّلوكات الأخلاقية وغير الأخلاقية، متزامنة مع قِيَم وسلوكات دينية وإيديولوجية تُصمّم العقل بكل حِرفية. فمن الطبيعي أن ينشأ طفلٌ بين أبوين بوذييّن، وأن ينشأ طفلٌ صينيّ كونفوشيّا، وطفلٌ بريطاني كاثولوكيّا أو بروتستانتيّا، وطفلٌ في أسرةٍ مُسلِمة مسلِمًا… وهكذا يرتبط العقل بثقافة المكان، ويصبح الخروجُ عليه أشبَهَ بعمل “سيزيف”، الذي حكمت عليه الآلهة برفع حجَر ضخم إلى أعلى الجبل، وكان كلّما كاد يصل يسقط الحجَر من جديد، وهكذا قضى عُمرَه محاوِلًا رفْعَ الحجَر!!
إن كوابح الفكر عديدة … فالأصالةُ كابِحٌ، والإحساس بالتفوّق كابِحٌ، والثقة المطلَقة كابِحٌ، ومنع النقد والشكّ كابِحٌ، والمعرفة المسبقة بالصحّ والخطأ كابِحٌ، وتراكُم الجهل كابِحٌ!!
قد نتقدّم علميّا، ونُصبح مهندسين وعلماءَ وأطبّاءَ ومحامين ومعلمين ناجحين، ومع ذلك، تبقى تصوّراتُنا الإيديولوجيّة والثقافيّة مرهونةً بالثبات والحقيقة الكاملة وعدم التغيير.
فهل ينجح التعليم ضدّ هذه الكوابِح؟
هل يسمح المجتمع للمناهج أن تقدّمَ مهاراتِ النقد والتحليل والشكّ وفحص المُسَلّمات الحياتية؟ وهل تقبل مدرسة كتابًا يركّز على المنطق والفلسفة وحريّة الفكر؟ وهل تقبَلُ مدرسة معلّمًا يدعو إلى مناقشة الحقائق التي رسَخت في أذهان المجتمع حتى لو كانت أساطيرَ وتراكماتٍ من آلاف السّنين؟ نعم! نعيش -على الرغم من التقدم المدني- عصرَ جهالات، فمنا من يرى أننا عُدنا إلى الجاهليّة الأولى، وهذه الجاهلية يُقصَدُ بها ما قبل الإسلام. ومنا من يرى أننا نعيش حاليّا عصر الجهل، وهذا الجهل يُقصَدُ به أننا نتمسك بخرافات وحقائق دون فحصِها والشكّ فيها. فنحن بين الجاهليّة والجهل، وصوت الجهل والجاهليّة هو صوتٌ واحد؛ هو صوت الثباتِ وعدمِ التغيير، وحشو العقل بالمعلومات التي لم تُفحَصْ!!
سأل أحدُهم: كيف نتحرّرُ من قبضة الجهل؟
أجاب أحدُهم: بل كيف نحرّرُ الجهلَ من قبضتِنا؟!!
وأميل إلى الإجابة: نعم! نحن أسرى الجهل، ونرفض أن نُطلِقه. هذا هو كابِحُ التعليم الأوّل!!.
التعليقات