عمان جو -منذ روايته الأولى “حمراوي” لفت رمضان الرواشدة أنظار متابعي الرواية العربية بقوة، ورغم أنه انقطع عن الكتابة الروائية، بعد “حمراوي”، “النهر لن يفصلني عنك”، و”أناشيد الرعاة” لانشغاله بالعمل الوظيفي كمسؤول إعلامي، إلا أن عودته القوية مجددا “بروايات “جنوبي”، “المهطوان” تثبت بما لا يدع مجالا للشك موهبته ومكانته كواحد من كتاب الصف الأول للرواية الأردنية. والحقيقة أن الرواية الأردنية حملت الثقافة الأردنية الحديثة، من حيث أنها رافقت نشوء المدينة الأردنية، هذا على اعتبار أننا نوافق جورج لوكاتش في مقولته بأن الرواية هي ملحمة البرجوازية، ووضعتها في المكان اللائق إلى جانب شقيقاتها من الثقافات العربية. وحين يرصد الباحث أو الناقد المسار المتحقق للرواية العربية الحديثة، فإنه يلحظ دون ريب غالب هلسة، مؤنس الرزاز، سميحة خريس، بسمة النسور، هاشم غرايبة، ورمضان الرواشدة، الذي يعد برأيي أحد أهم كتاب النوفيلا، أو الرواية القصيرة العربية الحديثة. وهو يتميز بإخلاصه لتيار الوعي في كتابة الرواية، كذلك بالاقتصاد اللغوي، الذي يشمل حتى عناوين الروايات التي جاءت في معظمها من كلمة واحدة، كذلك بشاعرية اللغة، كما يعتمد تقنيات السرد الحديثة، ويضفي على شخصياته هالة أسطورية، بحيث لا يكون القارئ على يقين إن كانت شخوصا حقيقية واقعية، أو متخيلة. ويمكنني القول بأن رواية رمضان هي رواية البطل الفرد، التي يكون البطل محورها الرئيسي، ولهذا حملت كل رواية اسم بطلها “حمراوي، جنوبي، المهطوان”، وما يفرضه ذلك من تقنية المونولوج الداخلي، كمتلازمة للسرد، لدرجة يمكنني فيها المجازفة إلى حد وصف روايته بالمونودراما الروائية. ويتخلل نصوصه التضمين، بما يشي بثقافة الكاتب العميقة ومتابعته لما يكتبه الآخرون، وبما يشي بموقفه الفكري من الاختلافات في الواقع العربي، كذلك هو حكّاء ممتاز، رغم عدم إنشائية نصوصه، واقتصادها اللغوي- كما أشرنا-، كذلك هو مشبع بالبيئة الأردنية الشعبية، التي تغلف السرد بأجواء وتفاصيل المكان، والعادات والتقاليد وأخلاق الشخصيات، التي لا تكاد تجد فيها ذلك التنميط الذي نجده كثيرا في الروايات التقليدية، ومن يقرأ رمضان الرواشدة بأدوات النقد أو المتابعة التقليدية، لن يدرك كنه نصوصه، ولن يفيه حقه كروائي متفرد بين مجايليه.
هو كاتب جاد إذا وحتى ملتزم، ولكن ليس بالمعنى الضيق للالتزام، فهو يمتع القارئ بحكائيته وغرائبية شخوصه وعوالمها، لكنه يأخذه أيضا من يده لعالم أكثر عمقا وعدالة، وهو منحاز لعامة الناس، فلم نلحظ القصور والفلل في كتاباته، بل أحياء إربد وعمان، الكرك والشوبك، ولم نلحظ الأثرياء، بل أهله وأصدقاءه، كما أننا نلحظ الحركة الدؤوبة في نصوصه، وكأنه يكتب على عجل، ليس بمعنى الاستسهال، ولكن بمعنى الاهتمام بالوقت، وقت القارئ بالطبع، من حيث أنه لا يغرقه في إنشاء لغوي وتفاصيل زائدة. ولم تشذ أبدا أوراق عودة المهطوان عن الشكل والمحتوى العام لروايات الرواشدة، فهي جاءت كنوفيلا أولا، وثانيا وفق تكنيك حداثي، استخدم المذكرات كطريقة لتجاوز التراتب السردي وفق الزمن، بل إنه أتاح لنفسه أن يضفي قدرا من الغرائبية على البطل نفسه، حين تلبسه القرين، وكذلك عبر التداخل والتبادل بمسك زمام السرد بين البطل الراوي والكاتب الراوي، ومن أجل الارتقاء باللغة وتقديم المستوى الثقافي المعرفي، فقد تضمن النص ثلاثة عشر نصا شعريا نثريا، كما أنه احتوى على تضمينات نصية أخرى، منها ما كان نصوصا شعرية لمحمود درويش ونشيد الإنشاد، وكلمات أغان لفيروز وماجدة الرومي، والشيخ أمام وفرقة بلدنا. ورغم أن النص توسع في مساحته الزمنية التي اقتربت من ثلاثة عقود، ما بين ثمانينيات القرن الماضي، وعشرية القرن الحالي الأولى، إلا أن الاقتصاد اللغوي والسردي كان سمة أساسية في نوفيلا المهطوان، كذلك رغم امتداد المساحة من عمان وصويلح والجامعة الأردنية، مرورا براكين والكرك إلى الجفر، ومرورا بشوارع عمان، إلا أن تفاصيل محددة أو واضحة للمكان لم تظهر، وهذا ينسحب أيضا على ملامح الشخصيات. كما أنه استخدم الرسائل عبر رسالتي سلمى لعودة عبر غسان وعبر البريد كأسلوب سردي. أما عن مقولة النص فهي تمثلت بتقديم المفارقة المتمثلة بعمل الأب كجندي درك كان يقوم بضرب السجناء السياسيين، وتعرض الابن عودة للضرب كمسجون سياسي، كذلك أظن بأن هناك إسقاطا مضمونيا لعلاقة عودة بسلمى وإنجابهما نضال، حيث لا يخلو اسم نضال من دلالة، فيما كان الحب الذي جمع عودة بسلمى معادلا لوحدة الضفتين وتعبيرا عن العلاقة الأزلية الحرة والشعبية بينهما. وقد استندت الغرائبية وهي أداة أثيرة عند رمضان وتلخصت في قول عودة بأنه طوال حياته وهو يعيش هذيانا متصلا، فيما كان تقطيع النص عبر 50 مقطعا، معادلا لحيلة كونه مبنيا على أوراق جاءت كمذكرات تكشف فترة من حياة جيل عاش أحلام التقدم والتحرر والديمقرطية، لكنه انتكس وقضى دون تحقيق حلمه البسيط المتمثل في رؤية نتائج تلك الأحلام المجهضة، حيث مات عودة دون أن يرى ابنه بعد أن عاش وحيدا دون حبه الوحيد الذي حصل عليه في حياته، حبه الذي تلازم مع كونه مناضلا كافح من أجل تقدم وطنه.
رجب أبو سرية روائي وناقد فلسطيني
عمان جو -منذ روايته الأولى “حمراوي” لفت رمضان الرواشدة أنظار متابعي الرواية العربية بقوة، ورغم أنه انقطع عن الكتابة الروائية، بعد “حمراوي”، “النهر لن يفصلني عنك”، و”أناشيد الرعاة” لانشغاله بالعمل الوظيفي كمسؤول إعلامي، إلا أن عودته القوية مجددا “بروايات “جنوبي”، “المهطوان” تثبت بما لا يدع مجالا للشك موهبته ومكانته كواحد من كتاب الصف الأول للرواية الأردنية. والحقيقة أن الرواية الأردنية حملت الثقافة الأردنية الحديثة، من حيث أنها رافقت نشوء المدينة الأردنية، هذا على اعتبار أننا نوافق جورج لوكاتش في مقولته بأن الرواية هي ملحمة البرجوازية، ووضعتها في المكان اللائق إلى جانب شقيقاتها من الثقافات العربية. وحين يرصد الباحث أو الناقد المسار المتحقق للرواية العربية الحديثة، فإنه يلحظ دون ريب غالب هلسة، مؤنس الرزاز، سميحة خريس، بسمة النسور، هاشم غرايبة، ورمضان الرواشدة، الذي يعد برأيي أحد أهم كتاب النوفيلا، أو الرواية القصيرة العربية الحديثة. وهو يتميز بإخلاصه لتيار الوعي في كتابة الرواية، كذلك بالاقتصاد اللغوي، الذي يشمل حتى عناوين الروايات التي جاءت في معظمها من كلمة واحدة، كذلك بشاعرية اللغة، كما يعتمد تقنيات السرد الحديثة، ويضفي على شخصياته هالة أسطورية، بحيث لا يكون القارئ على يقين إن كانت شخوصا حقيقية واقعية، أو متخيلة. ويمكنني القول بأن رواية رمضان هي رواية البطل الفرد، التي يكون البطل محورها الرئيسي، ولهذا حملت كل رواية اسم بطلها “حمراوي، جنوبي، المهطوان”، وما يفرضه ذلك من تقنية المونولوج الداخلي، كمتلازمة للسرد، لدرجة يمكنني فيها المجازفة إلى حد وصف روايته بالمونودراما الروائية. ويتخلل نصوصه التضمين، بما يشي بثقافة الكاتب العميقة ومتابعته لما يكتبه الآخرون، وبما يشي بموقفه الفكري من الاختلافات في الواقع العربي، كذلك هو حكّاء ممتاز، رغم عدم إنشائية نصوصه، واقتصادها اللغوي- كما أشرنا-، كذلك هو مشبع بالبيئة الأردنية الشعبية، التي تغلف السرد بأجواء وتفاصيل المكان، والعادات والتقاليد وأخلاق الشخصيات، التي لا تكاد تجد فيها ذلك التنميط الذي نجده كثيرا في الروايات التقليدية، ومن يقرأ رمضان الرواشدة بأدوات النقد أو المتابعة التقليدية، لن يدرك كنه نصوصه، ولن يفيه حقه كروائي متفرد بين مجايليه.
هو كاتب جاد إذا وحتى ملتزم، ولكن ليس بالمعنى الضيق للالتزام، فهو يمتع القارئ بحكائيته وغرائبية شخوصه وعوالمها، لكنه يأخذه أيضا من يده لعالم أكثر عمقا وعدالة، وهو منحاز لعامة الناس، فلم نلحظ القصور والفلل في كتاباته، بل أحياء إربد وعمان، الكرك والشوبك، ولم نلحظ الأثرياء، بل أهله وأصدقاءه، كما أننا نلحظ الحركة الدؤوبة في نصوصه، وكأنه يكتب على عجل، ليس بمعنى الاستسهال، ولكن بمعنى الاهتمام بالوقت، وقت القارئ بالطبع، من حيث أنه لا يغرقه في إنشاء لغوي وتفاصيل زائدة. ولم تشذ أبدا أوراق عودة المهطوان عن الشكل والمحتوى العام لروايات الرواشدة، فهي جاءت كنوفيلا أولا، وثانيا وفق تكنيك حداثي، استخدم المذكرات كطريقة لتجاوز التراتب السردي وفق الزمن، بل إنه أتاح لنفسه أن يضفي قدرا من الغرائبية على البطل نفسه، حين تلبسه القرين، وكذلك عبر التداخل والتبادل بمسك زمام السرد بين البطل الراوي والكاتب الراوي، ومن أجل الارتقاء باللغة وتقديم المستوى الثقافي المعرفي، فقد تضمن النص ثلاثة عشر نصا شعريا نثريا، كما أنه احتوى على تضمينات نصية أخرى، منها ما كان نصوصا شعرية لمحمود درويش ونشيد الإنشاد، وكلمات أغان لفيروز وماجدة الرومي، والشيخ أمام وفرقة بلدنا. ورغم أن النص توسع في مساحته الزمنية التي اقتربت من ثلاثة عقود، ما بين ثمانينيات القرن الماضي، وعشرية القرن الحالي الأولى، إلا أن الاقتصاد اللغوي والسردي كان سمة أساسية في نوفيلا المهطوان، كذلك رغم امتداد المساحة من عمان وصويلح والجامعة الأردنية، مرورا براكين والكرك إلى الجفر، ومرورا بشوارع عمان، إلا أن تفاصيل محددة أو واضحة للمكان لم تظهر، وهذا ينسحب أيضا على ملامح الشخصيات. كما أنه استخدم الرسائل عبر رسالتي سلمى لعودة عبر غسان وعبر البريد كأسلوب سردي. أما عن مقولة النص فهي تمثلت بتقديم المفارقة المتمثلة بعمل الأب كجندي درك كان يقوم بضرب السجناء السياسيين، وتعرض الابن عودة للضرب كمسجون سياسي، كذلك أظن بأن هناك إسقاطا مضمونيا لعلاقة عودة بسلمى وإنجابهما نضال، حيث لا يخلو اسم نضال من دلالة، فيما كان الحب الذي جمع عودة بسلمى معادلا لوحدة الضفتين وتعبيرا عن العلاقة الأزلية الحرة والشعبية بينهما. وقد استندت الغرائبية وهي أداة أثيرة عند رمضان وتلخصت في قول عودة بأنه طوال حياته وهو يعيش هذيانا متصلا، فيما كان تقطيع النص عبر 50 مقطعا، معادلا لحيلة كونه مبنيا على أوراق جاءت كمذكرات تكشف فترة من حياة جيل عاش أحلام التقدم والتحرر والديمقرطية، لكنه انتكس وقضى دون تحقيق حلمه البسيط المتمثل في رؤية نتائج تلك الأحلام المجهضة، حيث مات عودة دون أن يرى ابنه بعد أن عاش وحيدا دون حبه الوحيد الذي حصل عليه في حياته، حبه الذي تلازم مع كونه مناضلا كافح من أجل تقدم وطنه.
رجب أبو سرية روائي وناقد فلسطيني
عمان جو -منذ روايته الأولى “حمراوي” لفت رمضان الرواشدة أنظار متابعي الرواية العربية بقوة، ورغم أنه انقطع عن الكتابة الروائية، بعد “حمراوي”، “النهر لن يفصلني عنك”، و”أناشيد الرعاة” لانشغاله بالعمل الوظيفي كمسؤول إعلامي، إلا أن عودته القوية مجددا “بروايات “جنوبي”، “المهطوان” تثبت بما لا يدع مجالا للشك موهبته ومكانته كواحد من كتاب الصف الأول للرواية الأردنية. والحقيقة أن الرواية الأردنية حملت الثقافة الأردنية الحديثة، من حيث أنها رافقت نشوء المدينة الأردنية، هذا على اعتبار أننا نوافق جورج لوكاتش في مقولته بأن الرواية هي ملحمة البرجوازية، ووضعتها في المكان اللائق إلى جانب شقيقاتها من الثقافات العربية. وحين يرصد الباحث أو الناقد المسار المتحقق للرواية العربية الحديثة، فإنه يلحظ دون ريب غالب هلسة، مؤنس الرزاز، سميحة خريس، بسمة النسور، هاشم غرايبة، ورمضان الرواشدة، الذي يعد برأيي أحد أهم كتاب النوفيلا، أو الرواية القصيرة العربية الحديثة. وهو يتميز بإخلاصه لتيار الوعي في كتابة الرواية، كذلك بالاقتصاد اللغوي، الذي يشمل حتى عناوين الروايات التي جاءت في معظمها من كلمة واحدة، كذلك بشاعرية اللغة، كما يعتمد تقنيات السرد الحديثة، ويضفي على شخصياته هالة أسطورية، بحيث لا يكون القارئ على يقين إن كانت شخوصا حقيقية واقعية، أو متخيلة. ويمكنني القول بأن رواية رمضان هي رواية البطل الفرد، التي يكون البطل محورها الرئيسي، ولهذا حملت كل رواية اسم بطلها “حمراوي، جنوبي، المهطوان”، وما يفرضه ذلك من تقنية المونولوج الداخلي، كمتلازمة للسرد، لدرجة يمكنني فيها المجازفة إلى حد وصف روايته بالمونودراما الروائية. ويتخلل نصوصه التضمين، بما يشي بثقافة الكاتب العميقة ومتابعته لما يكتبه الآخرون، وبما يشي بموقفه الفكري من الاختلافات في الواقع العربي، كذلك هو حكّاء ممتاز، رغم عدم إنشائية نصوصه، واقتصادها اللغوي- كما أشرنا-، كذلك هو مشبع بالبيئة الأردنية الشعبية، التي تغلف السرد بأجواء وتفاصيل المكان، والعادات والتقاليد وأخلاق الشخصيات، التي لا تكاد تجد فيها ذلك التنميط الذي نجده كثيرا في الروايات التقليدية، ومن يقرأ رمضان الرواشدة بأدوات النقد أو المتابعة التقليدية، لن يدرك كنه نصوصه، ولن يفيه حقه كروائي متفرد بين مجايليه.
هو كاتب جاد إذا وحتى ملتزم، ولكن ليس بالمعنى الضيق للالتزام، فهو يمتع القارئ بحكائيته وغرائبية شخوصه وعوالمها، لكنه يأخذه أيضا من يده لعالم أكثر عمقا وعدالة، وهو منحاز لعامة الناس، فلم نلحظ القصور والفلل في كتاباته، بل أحياء إربد وعمان، الكرك والشوبك، ولم نلحظ الأثرياء، بل أهله وأصدقاءه، كما أننا نلحظ الحركة الدؤوبة في نصوصه، وكأنه يكتب على عجل، ليس بمعنى الاستسهال، ولكن بمعنى الاهتمام بالوقت، وقت القارئ بالطبع، من حيث أنه لا يغرقه في إنشاء لغوي وتفاصيل زائدة. ولم تشذ أبدا أوراق عودة المهطوان عن الشكل والمحتوى العام لروايات الرواشدة، فهي جاءت كنوفيلا أولا، وثانيا وفق تكنيك حداثي، استخدم المذكرات كطريقة لتجاوز التراتب السردي وفق الزمن، بل إنه أتاح لنفسه أن يضفي قدرا من الغرائبية على البطل نفسه، حين تلبسه القرين، وكذلك عبر التداخل والتبادل بمسك زمام السرد بين البطل الراوي والكاتب الراوي، ومن أجل الارتقاء باللغة وتقديم المستوى الثقافي المعرفي، فقد تضمن النص ثلاثة عشر نصا شعريا نثريا، كما أنه احتوى على تضمينات نصية أخرى، منها ما كان نصوصا شعرية لمحمود درويش ونشيد الإنشاد، وكلمات أغان لفيروز وماجدة الرومي، والشيخ أمام وفرقة بلدنا. ورغم أن النص توسع في مساحته الزمنية التي اقتربت من ثلاثة عقود، ما بين ثمانينيات القرن الماضي، وعشرية القرن الحالي الأولى، إلا أن الاقتصاد اللغوي والسردي كان سمة أساسية في نوفيلا المهطوان، كذلك رغم امتداد المساحة من عمان وصويلح والجامعة الأردنية، مرورا براكين والكرك إلى الجفر، ومرورا بشوارع عمان، إلا أن تفاصيل محددة أو واضحة للمكان لم تظهر، وهذا ينسحب أيضا على ملامح الشخصيات. كما أنه استخدم الرسائل عبر رسالتي سلمى لعودة عبر غسان وعبر البريد كأسلوب سردي. أما عن مقولة النص فهي تمثلت بتقديم المفارقة المتمثلة بعمل الأب كجندي درك كان يقوم بضرب السجناء السياسيين، وتعرض الابن عودة للضرب كمسجون سياسي، كذلك أظن بأن هناك إسقاطا مضمونيا لعلاقة عودة بسلمى وإنجابهما نضال، حيث لا يخلو اسم نضال من دلالة، فيما كان الحب الذي جمع عودة بسلمى معادلا لوحدة الضفتين وتعبيرا عن العلاقة الأزلية الحرة والشعبية بينهما. وقد استندت الغرائبية وهي أداة أثيرة عند رمضان وتلخصت في قول عودة بأنه طوال حياته وهو يعيش هذيانا متصلا، فيما كان تقطيع النص عبر 50 مقطعا، معادلا لحيلة كونه مبنيا على أوراق جاءت كمذكرات تكشف فترة من حياة جيل عاش أحلام التقدم والتحرر والديمقرطية، لكنه انتكس وقضى دون تحقيق حلمه البسيط المتمثل في رؤية نتائج تلك الأحلام المجهضة، حيث مات عودة دون أن يرى ابنه بعد أن عاش وحيدا دون حبه الوحيد الذي حصل عليه في حياته، حبه الذي تلازم مع كونه مناضلا كافح من أجل تقدم وطنه.
التعليقات
“المهطوان” للروائي الرواشدة .. المكان وملامح الشخصية الأردنية
التعليقات