في الذكرى السنوية لوفاة المشير الركن حابس باشا المجالي، ندخل في باب «أبوسطام» على سعته وبهائه وفروسيته واستشرافه، لنطالع صبره وكرامته وشجاعته، ونتصفح شيئاً من سجله الطافح بالمواقف والتضحيات والعطاء.. فهو المخلص الذي ما خان لوطنه أمانة، وقد كتب شجاعته بسبطانات البنادق وجبهات القتال في حروب الجيش العربي الأردني الأبي.. وهذا صدى صوت الشاعر العذب الراحل حبيب الزيودي يمتد ويصعد: إلك كانت يا عذب الطول طلّات.. علامك غبت والدنيا تشارين..!
ونتوقف هنا.. عند الشق السياسي في حياة المشير الركن المجالي، وقد كان نتيجة فعل وممارسة اكثر من التزام بالمعنى السياسي المحدد، وقد كان من ميزاته السياسية انه كان يعي ضرورة الفصل بين الجندي والسياسي، فالجندي برأيه تابع لصاحب القرار السياسي، والجندية سياج الوطن، وتنفذ قرارات القيادة السياسية ولا تشارك فيها، وما يؤكد ذلك تنظيم الضباط الأحرار في بداية الخمسينيات الذي كان يهدف الى إزاحة القيادة الأجنبية البريطانية من الجيش العربي وكان عقبة على حابس المجالي ان يترأس هذا التنظيم وهذا ما ذكره شاهر ابو شحوت واحمد المعايطة.
رفض حابس العرض وقال لهم: «رغم جلال المهمة التي تسعون اليها إلا أننا كجيش ننفذ قرار التعريب حال أن يأمر به جلالة القائد الأعلى للجيش الملك الحسين والحكومة».
ولن ننسى ابدا الغضب النبيل الذي ارتسم في ذات يوم قبل بضع سنين على وجه الباشا حابس، عندما اقترح عليه احدهم ان يدون مذكراته في كتاب، فما كان من الباشا إلا أن أشار بيده الى صدره وقال: مذكرات العسكري تبقى هنا.
ومن مواقف المشير حابس ما ورد في كتاب «بنو تميم في الاردن» من تأليف ثامر التميمي ص 219 أنه كان ضمن وفد كبير على رأسه جلالة -المغفور له بإذن الله- الملك الحسين لزيارة الرئيس جمال عبدالناصر العام 1964 بقصد اتمام «التصافي» بعد انعقاد مؤتمر القمة الاول، وكان الاعتقاد السائد ان الجمهورية العربية المتحدة وراء اغتيال رئيس مجلس الوزراء الشهيد هزاع المجالي.
لقي الوفد ترحيبا حارا من جمال عبدالناصر الذي صرح انه لم يكن يعلم بتدبير الحادث والتفجير في مبنى الرئاسة الا بعد وقوعه. بعد ذلك التحق بالوفد حابس المجالي الذي كان برتبة فريق آنذاك، وكان قد اعتذر من الملك الحسين عن لقاء الرئيس عبدالناصر بسبب اتهام عبدالناصر بأنه وراء اغتيال ابن عمه هزاع المجالي.
وعند مجيء الفريق حابس استقبل بحفاوة ثم استقبله الرئيس عبدالناصر وكرر امامه القول انه لم يكن له علم بتدبير الحادث، فقال حابس «نحن معتادون على أن نقتل (بفتح النون وضم التاء) ونقتل (بضم النون وفتح التاء) واحيانا نقيم فرحا في المآتم.. فكيف اذا قُتل واحد منا في سبيل وطنه؟.. فكان جواب عبدالناصر: أنا أفهم هذا، لا تنسى أنني من تميم.
هؤلاء الكبار الذين بقوا على ما عاهدوا الله عليه، مخلصين اوفياء مؤتمنين، لا يعرفون ابدا المواربة والبحث عن المصالح الضيقة على حساب المصالح الوطنية العليا، ولا يرتبطون مطلقا بأية دول او جهات خارجية، ولا يجرحون وجه الوطن الجميل، لأنهم التصقوا بفلسفة دستور الشرف العسكري التي ترتكز على أسمى المعاني وأفضل وأنبل الغايات والمثل التي تتحلى بها وتطبقها الجندية الحقة من خلال الشعار النابع من الإيمان بالله سبحانه وتعالى، والانتماء للأردن ولقيادته الهاشمية، وتأكيده على صون الدستور، ووضوح المهمة الجليلة الدفاع عن الأردن، ووضع مصلحة الأردن فوق كل إعتبار، والتحلي بالأخلاق والمُثل العسكرية، وأداء الواجبات بكل أمانة وإخلاص وحيادية، والحفاظ على الأسرار حتى بعد التقاعد.
رحم الله القائد البطل المشير الركن حابس إرفيفان المجالي وأسكنه فسيح جنانه وحمى الله وطننا الغالي آمنا مستقرا في ظل «حبيب الجيش» جلالة القائد الأعلى للقوات المسلحة الأردنية الباسلة الملك عبدالله الثاني «حماه الله» Kreshan35@yahoo.com
عمان جو - محمود كريشان
في الذكرى السنوية لوفاة المشير الركن حابس باشا المجالي، ندخل في باب «أبوسطام» على سعته وبهائه وفروسيته واستشرافه، لنطالع صبره وكرامته وشجاعته، ونتصفح شيئاً من سجله الطافح بالمواقف والتضحيات والعطاء.. فهو المخلص الذي ما خان لوطنه أمانة، وقد كتب شجاعته بسبطانات البنادق وجبهات القتال في حروب الجيش العربي الأردني الأبي.. وهذا صدى صوت الشاعر العذب الراحل حبيب الزيودي يمتد ويصعد: إلك كانت يا عذب الطول طلّات.. علامك غبت والدنيا تشارين..!
ونتوقف هنا.. عند الشق السياسي في حياة المشير الركن المجالي، وقد كان نتيجة فعل وممارسة اكثر من التزام بالمعنى السياسي المحدد، وقد كان من ميزاته السياسية انه كان يعي ضرورة الفصل بين الجندي والسياسي، فالجندي برأيه تابع لصاحب القرار السياسي، والجندية سياج الوطن، وتنفذ قرارات القيادة السياسية ولا تشارك فيها، وما يؤكد ذلك تنظيم الضباط الأحرار في بداية الخمسينيات الذي كان يهدف الى إزاحة القيادة الأجنبية البريطانية من الجيش العربي وكان عقبة على حابس المجالي ان يترأس هذا التنظيم وهذا ما ذكره شاهر ابو شحوت واحمد المعايطة.
رفض حابس العرض وقال لهم: «رغم جلال المهمة التي تسعون اليها إلا أننا كجيش ننفذ قرار التعريب حال أن يأمر به جلالة القائد الأعلى للجيش الملك الحسين والحكومة».
ولن ننسى ابدا الغضب النبيل الذي ارتسم في ذات يوم قبل بضع سنين على وجه الباشا حابس، عندما اقترح عليه احدهم ان يدون مذكراته في كتاب، فما كان من الباشا إلا أن أشار بيده الى صدره وقال: مذكرات العسكري تبقى هنا.
ومن مواقف المشير حابس ما ورد في كتاب «بنو تميم في الاردن» من تأليف ثامر التميمي ص 219 أنه كان ضمن وفد كبير على رأسه جلالة -المغفور له بإذن الله- الملك الحسين لزيارة الرئيس جمال عبدالناصر العام 1964 بقصد اتمام «التصافي» بعد انعقاد مؤتمر القمة الاول، وكان الاعتقاد السائد ان الجمهورية العربية المتحدة وراء اغتيال رئيس مجلس الوزراء الشهيد هزاع المجالي.
لقي الوفد ترحيبا حارا من جمال عبدالناصر الذي صرح انه لم يكن يعلم بتدبير الحادث والتفجير في مبنى الرئاسة الا بعد وقوعه. بعد ذلك التحق بالوفد حابس المجالي الذي كان برتبة فريق آنذاك، وكان قد اعتذر من الملك الحسين عن لقاء الرئيس عبدالناصر بسبب اتهام عبدالناصر بأنه وراء اغتيال ابن عمه هزاع المجالي.
وعند مجيء الفريق حابس استقبل بحفاوة ثم استقبله الرئيس عبدالناصر وكرر امامه القول انه لم يكن له علم بتدبير الحادث، فقال حابس «نحن معتادون على أن نقتل (بفتح النون وضم التاء) ونقتل (بضم النون وفتح التاء) واحيانا نقيم فرحا في المآتم.. فكيف اذا قُتل واحد منا في سبيل وطنه؟.. فكان جواب عبدالناصر: أنا أفهم هذا، لا تنسى أنني من تميم.
هؤلاء الكبار الذين بقوا على ما عاهدوا الله عليه، مخلصين اوفياء مؤتمنين، لا يعرفون ابدا المواربة والبحث عن المصالح الضيقة على حساب المصالح الوطنية العليا، ولا يرتبطون مطلقا بأية دول او جهات خارجية، ولا يجرحون وجه الوطن الجميل، لأنهم التصقوا بفلسفة دستور الشرف العسكري التي ترتكز على أسمى المعاني وأفضل وأنبل الغايات والمثل التي تتحلى بها وتطبقها الجندية الحقة من خلال الشعار النابع من الإيمان بالله سبحانه وتعالى، والانتماء للأردن ولقيادته الهاشمية، وتأكيده على صون الدستور، ووضوح المهمة الجليلة الدفاع عن الأردن، ووضع مصلحة الأردن فوق كل إعتبار، والتحلي بالأخلاق والمُثل العسكرية، وأداء الواجبات بكل أمانة وإخلاص وحيادية، والحفاظ على الأسرار حتى بعد التقاعد.
رحم الله القائد البطل المشير الركن حابس إرفيفان المجالي وأسكنه فسيح جنانه وحمى الله وطننا الغالي آمنا مستقرا في ظل «حبيب الجيش» جلالة القائد الأعلى للقوات المسلحة الأردنية الباسلة الملك عبدالله الثاني «حماه الله» Kreshan35@yahoo.com
عمان جو - محمود كريشان
في الذكرى السنوية لوفاة المشير الركن حابس باشا المجالي، ندخل في باب «أبوسطام» على سعته وبهائه وفروسيته واستشرافه، لنطالع صبره وكرامته وشجاعته، ونتصفح شيئاً من سجله الطافح بالمواقف والتضحيات والعطاء.. فهو المخلص الذي ما خان لوطنه أمانة، وقد كتب شجاعته بسبطانات البنادق وجبهات القتال في حروب الجيش العربي الأردني الأبي.. وهذا صدى صوت الشاعر العذب الراحل حبيب الزيودي يمتد ويصعد: إلك كانت يا عذب الطول طلّات.. علامك غبت والدنيا تشارين..!
ونتوقف هنا.. عند الشق السياسي في حياة المشير الركن المجالي، وقد كان نتيجة فعل وممارسة اكثر من التزام بالمعنى السياسي المحدد، وقد كان من ميزاته السياسية انه كان يعي ضرورة الفصل بين الجندي والسياسي، فالجندي برأيه تابع لصاحب القرار السياسي، والجندية سياج الوطن، وتنفذ قرارات القيادة السياسية ولا تشارك فيها، وما يؤكد ذلك تنظيم الضباط الأحرار في بداية الخمسينيات الذي كان يهدف الى إزاحة القيادة الأجنبية البريطانية من الجيش العربي وكان عقبة على حابس المجالي ان يترأس هذا التنظيم وهذا ما ذكره شاهر ابو شحوت واحمد المعايطة.
رفض حابس العرض وقال لهم: «رغم جلال المهمة التي تسعون اليها إلا أننا كجيش ننفذ قرار التعريب حال أن يأمر به جلالة القائد الأعلى للجيش الملك الحسين والحكومة».
ولن ننسى ابدا الغضب النبيل الذي ارتسم في ذات يوم قبل بضع سنين على وجه الباشا حابس، عندما اقترح عليه احدهم ان يدون مذكراته في كتاب، فما كان من الباشا إلا أن أشار بيده الى صدره وقال: مذكرات العسكري تبقى هنا.
ومن مواقف المشير حابس ما ورد في كتاب «بنو تميم في الاردن» من تأليف ثامر التميمي ص 219 أنه كان ضمن وفد كبير على رأسه جلالة -المغفور له بإذن الله- الملك الحسين لزيارة الرئيس جمال عبدالناصر العام 1964 بقصد اتمام «التصافي» بعد انعقاد مؤتمر القمة الاول، وكان الاعتقاد السائد ان الجمهورية العربية المتحدة وراء اغتيال رئيس مجلس الوزراء الشهيد هزاع المجالي.
لقي الوفد ترحيبا حارا من جمال عبدالناصر الذي صرح انه لم يكن يعلم بتدبير الحادث والتفجير في مبنى الرئاسة الا بعد وقوعه. بعد ذلك التحق بالوفد حابس المجالي الذي كان برتبة فريق آنذاك، وكان قد اعتذر من الملك الحسين عن لقاء الرئيس عبدالناصر بسبب اتهام عبدالناصر بأنه وراء اغتيال ابن عمه هزاع المجالي.
وعند مجيء الفريق حابس استقبل بحفاوة ثم استقبله الرئيس عبدالناصر وكرر امامه القول انه لم يكن له علم بتدبير الحادث، فقال حابس «نحن معتادون على أن نقتل (بفتح النون وضم التاء) ونقتل (بضم النون وفتح التاء) واحيانا نقيم فرحا في المآتم.. فكيف اذا قُتل واحد منا في سبيل وطنه؟.. فكان جواب عبدالناصر: أنا أفهم هذا، لا تنسى أنني من تميم.
هؤلاء الكبار الذين بقوا على ما عاهدوا الله عليه، مخلصين اوفياء مؤتمنين، لا يعرفون ابدا المواربة والبحث عن المصالح الضيقة على حساب المصالح الوطنية العليا، ولا يرتبطون مطلقا بأية دول او جهات خارجية، ولا يجرحون وجه الوطن الجميل، لأنهم التصقوا بفلسفة دستور الشرف العسكري التي ترتكز على أسمى المعاني وأفضل وأنبل الغايات والمثل التي تتحلى بها وتطبقها الجندية الحقة من خلال الشعار النابع من الإيمان بالله سبحانه وتعالى، والانتماء للأردن ولقيادته الهاشمية، وتأكيده على صون الدستور، ووضوح المهمة الجليلة الدفاع عن الأردن، ووضع مصلحة الأردن فوق كل إعتبار، والتحلي بالأخلاق والمُثل العسكرية، وأداء الواجبات بكل أمانة وإخلاص وحيادية، والحفاظ على الأسرار حتى بعد التقاعد.
رحم الله القائد البطل المشير الركن حابس إرفيفان المجالي وأسكنه فسيح جنانه وحمى الله وطننا الغالي آمنا مستقرا في ظل «حبيب الجيش» جلالة القائد الأعلى للقوات المسلحة الأردنية الباسلة الملك عبدالله الثاني «حماه الله» Kreshan35@yahoo.com
التعليقات