عمان جو - بسام البدارين - وضعت حكومة نفتالي بينت الإسرائيلية، مجدداً، الأردن وخطته في الاشتباك وحتى وصايته على المواقع والأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في القدس المحتلة، أمام اختبار وتحدّ جديد هذه المرة، قوامه المساس المباشر وبرعاية قوات الاحتلال الأمنية، بكل التفاهمات والبروتوكولات المتفق عليها بين السلطات الإسرائيلية، وطاقم الأوقاف الأردني الذي يدير الحرم المقدسي والمسجدين الأقصى والقبلي، والساحات المجاورة لقبة الصخرة.
نفتالي بينت «يضغط» مجدداً على «الوصاية» ويسقط «التهدئة»
مجدداً، الأردن وفيما عاهله الملك عبد الله الثاني في الولايات المتحدة الأمريكية ويبدأ في غضون ساعات زيارة رسمية واجتماعات لها علاقة بما سمّاه وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي التهدئة في القدس، يجد نفسه في مواجهة الاستحقاق الاستيطاني الجديد، حيث حسابات نفتالي بينت في الصمود والبقاء تطلبت تمكين عشرات أو مئات المستوطنين صباح أمس الخميس من تحدي الوصاية الأردنية، وحيث سيناريو التصعيد العسكري أيضاً الذي لوحت به كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، وبصيغة تشير إلى أن الحكومة الإسرائيلية اليمينية مستعدة للانقضاض مجدداً ولا تحفل إلا بحساباتها الداخلية عبر الحقائب التي يحملها المستوطنون، لا بل أشرسهم هذه المرة.
الوضع محرج أردنياً
الوضع أردنياً وسياسياً بهذا المعنى محرج مجدداً؛ فما فعلته حكومة بينت صباح الخميس من تمكين الاقتحامات مجدداً وتدنيس ساحات المسجد الأقصى وبمعاونة قوات الأمن والجيش الإسرائيلي يعني تماماً إلقاء كل المحاذير والاتهامات والملاحظات الأردنية في الرف الاحتياطي. والعمل على تصعيد في مواجهة الأردن سياسياً خلافاً طبعاً لمواجهة أهل القدس والشعب الفلسطيني، خصوصاً أن المرابطين في المسجد الأقصى يمكن القول إنهم وحدهم إلى حد بعيد، فيما رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة كان قد ناصرهم بالاسم وعلناً في مواجهة «المتصهينين». وبالتالي، الإحراج السياسي يزيد ويتراكم خصوصاً في الجزء الذي تنتجه أو تسببه للوصاية الأردنية، حيث إجراءات تمس بالأمر الواقع برعاية الخط المتشدد في اليمين الإسرائيلي، الذي وصفه رئيس الوزراء الأردني الدكتور بشر الخصاونة سابقاً بأنه يمين متصهين ويعمل على تدنيس المواقع المخصصة للمسلمين في الحرم المقدسي.
إدانة مباشرة لبينت
وقد ألمح وزير شؤون القدس في السلطة الوطنية الفلسطينية إلى أن ما يجري هو ما يتفق مع اللهجة الأردنية عملياً من تحويل المسجد الأقصى إلى ثكنة عسكرية باعتبارها خطوة تؤدي إلى تغيير الوضع القائم. أغلب التقدير أن الإجراءات الإسرائيلية التي عادت بالرغم من كل الحراك الدبلوماسي الأردني والتحذيرات العربية، بما في ذلك التحذيرات الأمريكية، هي رسالة متشددة من حكومة اليمين الإسرائيلي لا تفلح مؤسسات الأذرع العميقة في دولة كيان الاحتلال في ضبطها أو تحجيمها أو بناء أي تصور حقيقي للتهدئة على أساسها. ولذلك دلالة على الإحراج في هذا السياق، يبدو أن الأردن جدد مطالبته إسرائيل بالكف عن الممارسات والانتهاكات بحق المسجد الأقصى، وفقاً لبيان رسمي صدر عن الخارجية الأردنية بعد ظهر الخميس، وهو بيان استخدم اللغة التي تتحدث عن مطالبة إسرائيل في هذا السياق وليس وجود طريقة محددة لمنعها من تلك الممارسات أو لوقف تلك الانتهاكات. وفي بيان الخارجية الأردنية إدانة مباشرة لقرار حكومة نفتالي بينت السماح للمتطرفين باقتحام الحرم القدس والمسجد الأقصى. والناطق باسم الخارجية الأردنية هيثم أبو الفول، قال بأن هذه الأمكنة التي اقتحمها المستوطنون بحماية قوات الشرطة الإسرائيلية هي عبارة عن أماكن خالصة مخصصة للمسلمين، مذكراً بأن زيارة غير المسلمين لها كان ينبغي أن تحصل بتنظيم مع إدارة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى التابعة للأوقاف الأردنية، وبصفتها الجهة القانونية صاحبة الاختصاص الحصري بإدارة جميع شؤون الحرم وتنظيم الدخول إليه. فوق ذلك، طالب ممثل وزارة الخارجية الأردنية، في بيانه، قوة الاحتلال القائمة بالكف عن تلك الممارسات والانتهاكات، واحترام حرمة مواقع العبادة المخصصة للمسلمين، ووقف الإجراءات التي تستهدف تغير الوضع التاريخي والقائم، واحترام سلطة إدارة أوقاف القدس. تعني هذه الصياغة في البيان الأردني بأن إسرائيل لا تحترم السلطة والبروتوكولات التي تمثل طاقم الأوقاف الأردني. ويدل الاستخدام الكلاسيكي لمثل هذه العبارات في بيان الخارجية الأردنية حتى برأي السياسي مروان فاعوري، على حجم هوامش وإمكانية التأثير على أرض الواقع بصورة سلبية، حيث إن الأردن يكرر هذه التحذيرات، لكنه ليس في موقع التأثير فيها أو تغييرها، كما تدل الكثير من البيانات.
حرب على البروتوكولات الفنية
وهو وضع، خلافاً لأنه يتسبب بالإحراج السياسي، فهو يشكل ضغطاً على الاستراتيجية الأردنية التي قررت الاشتباك مع قوات العدو في الأجندة المتعلقة بالمسجد الأقصى والحرم المقدسي، خصوصاً أن اقتحامات المستوطنين لم تعد تقف عند حدود الساحات الخارجية أو المحيطة بجوار الحرم المقدسي، لا بل شوهد المستوطنون الخميس يرفعون العلم الإسرائيلي داخل باحات المسجد الأقصى، الأمر الذي يدل على أن حكومة اليمين الإسرائيلي أعلنت الحرب عملياً على البروتوكولات الفنية المتوافق عليها، والتي تحظى بموافقة وإقرار ودعم وإسناد الدول الكبرى والمجتمع الدولي في الماضي، بمعنى إسقاطها وتقويضها، وهو وضع جديد قد يتطلب تصعيداً أردنياً بلغة مختلفة، حيث تحدث القطب البرلماني خليل عطية، عبر «القدس العربي»، عن مقاربة جدية أكثر تتجاوز تكرار عبارات الماضي وتطالب الحكومة بإجراءات على الأرض تعلن خطوات في الرد الدبلوماسي على الأقل، أقلها إغلاق سفارة الكيان في عمان. لكن مثل هذا التصعيد محسوب الآن بدقة وببيكار ضيق تحت عنوان تدوير الزوايا، الأمر الذي يضع احتمالات الصدام السياسي مع الإسرائيليين في أكثر من مستوى، خصوصاً أن ما حصل الخميس يسقط عملياً وواقعياً بروتوكولات ما تسميه عمان بالتهدئة، التي تم الاتفاق عليها مع إدارة الرئيس الأمريكي، ومع القيادتين المصرية والإماراتية. وعمان في الخلاصة هنا عالقة بين احتمالين؛ الأول تصعيدي ومكلف بعد إسقاط التهدئة وينطوي على مجازفات بالجملة، والثاني السماح للضغوط بتغيير وقائع ستؤثر بالضرورة مستقبلاً سلباً على مقتضيات الوصاية بمسارها التاريخي، وهو ما يعتقد أن عمان حتى الآن لا تريد السماح له بالعبور.
'القدس العربي'
عمان جو - بسام البدارين - وضعت حكومة نفتالي بينت الإسرائيلية، مجدداً، الأردن وخطته في الاشتباك وحتى وصايته على المواقع والأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في القدس المحتلة، أمام اختبار وتحدّ جديد هذه المرة، قوامه المساس المباشر وبرعاية قوات الاحتلال الأمنية، بكل التفاهمات والبروتوكولات المتفق عليها بين السلطات الإسرائيلية، وطاقم الأوقاف الأردني الذي يدير الحرم المقدسي والمسجدين الأقصى والقبلي، والساحات المجاورة لقبة الصخرة.
نفتالي بينت «يضغط» مجدداً على «الوصاية» ويسقط «التهدئة»
مجدداً، الأردن وفيما عاهله الملك عبد الله الثاني في الولايات المتحدة الأمريكية ويبدأ في غضون ساعات زيارة رسمية واجتماعات لها علاقة بما سمّاه وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي التهدئة في القدس، يجد نفسه في مواجهة الاستحقاق الاستيطاني الجديد، حيث حسابات نفتالي بينت في الصمود والبقاء تطلبت تمكين عشرات أو مئات المستوطنين صباح أمس الخميس من تحدي الوصاية الأردنية، وحيث سيناريو التصعيد العسكري أيضاً الذي لوحت به كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، وبصيغة تشير إلى أن الحكومة الإسرائيلية اليمينية مستعدة للانقضاض مجدداً ولا تحفل إلا بحساباتها الداخلية عبر الحقائب التي يحملها المستوطنون، لا بل أشرسهم هذه المرة.
الوضع محرج أردنياً
الوضع أردنياً وسياسياً بهذا المعنى محرج مجدداً؛ فما فعلته حكومة بينت صباح الخميس من تمكين الاقتحامات مجدداً وتدنيس ساحات المسجد الأقصى وبمعاونة قوات الأمن والجيش الإسرائيلي يعني تماماً إلقاء كل المحاذير والاتهامات والملاحظات الأردنية في الرف الاحتياطي. والعمل على تصعيد في مواجهة الأردن سياسياً خلافاً طبعاً لمواجهة أهل القدس والشعب الفلسطيني، خصوصاً أن المرابطين في المسجد الأقصى يمكن القول إنهم وحدهم إلى حد بعيد، فيما رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة كان قد ناصرهم بالاسم وعلناً في مواجهة «المتصهينين». وبالتالي، الإحراج السياسي يزيد ويتراكم خصوصاً في الجزء الذي تنتجه أو تسببه للوصاية الأردنية، حيث إجراءات تمس بالأمر الواقع برعاية الخط المتشدد في اليمين الإسرائيلي، الذي وصفه رئيس الوزراء الأردني الدكتور بشر الخصاونة سابقاً بأنه يمين متصهين ويعمل على تدنيس المواقع المخصصة للمسلمين في الحرم المقدسي.
إدانة مباشرة لبينت
وقد ألمح وزير شؤون القدس في السلطة الوطنية الفلسطينية إلى أن ما يجري هو ما يتفق مع اللهجة الأردنية عملياً من تحويل المسجد الأقصى إلى ثكنة عسكرية باعتبارها خطوة تؤدي إلى تغيير الوضع القائم. أغلب التقدير أن الإجراءات الإسرائيلية التي عادت بالرغم من كل الحراك الدبلوماسي الأردني والتحذيرات العربية، بما في ذلك التحذيرات الأمريكية، هي رسالة متشددة من حكومة اليمين الإسرائيلي لا تفلح مؤسسات الأذرع العميقة في دولة كيان الاحتلال في ضبطها أو تحجيمها أو بناء أي تصور حقيقي للتهدئة على أساسها. ولذلك دلالة على الإحراج في هذا السياق، يبدو أن الأردن جدد مطالبته إسرائيل بالكف عن الممارسات والانتهاكات بحق المسجد الأقصى، وفقاً لبيان رسمي صدر عن الخارجية الأردنية بعد ظهر الخميس، وهو بيان استخدم اللغة التي تتحدث عن مطالبة إسرائيل في هذا السياق وليس وجود طريقة محددة لمنعها من تلك الممارسات أو لوقف تلك الانتهاكات. وفي بيان الخارجية الأردنية إدانة مباشرة لقرار حكومة نفتالي بينت السماح للمتطرفين باقتحام الحرم القدس والمسجد الأقصى. والناطق باسم الخارجية الأردنية هيثم أبو الفول، قال بأن هذه الأمكنة التي اقتحمها المستوطنون بحماية قوات الشرطة الإسرائيلية هي عبارة عن أماكن خالصة مخصصة للمسلمين، مذكراً بأن زيارة غير المسلمين لها كان ينبغي أن تحصل بتنظيم مع إدارة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى التابعة للأوقاف الأردنية، وبصفتها الجهة القانونية صاحبة الاختصاص الحصري بإدارة جميع شؤون الحرم وتنظيم الدخول إليه. فوق ذلك، طالب ممثل وزارة الخارجية الأردنية، في بيانه، قوة الاحتلال القائمة بالكف عن تلك الممارسات والانتهاكات، واحترام حرمة مواقع العبادة المخصصة للمسلمين، ووقف الإجراءات التي تستهدف تغير الوضع التاريخي والقائم، واحترام سلطة إدارة أوقاف القدس. تعني هذه الصياغة في البيان الأردني بأن إسرائيل لا تحترم السلطة والبروتوكولات التي تمثل طاقم الأوقاف الأردني. ويدل الاستخدام الكلاسيكي لمثل هذه العبارات في بيان الخارجية الأردنية حتى برأي السياسي مروان فاعوري، على حجم هوامش وإمكانية التأثير على أرض الواقع بصورة سلبية، حيث إن الأردن يكرر هذه التحذيرات، لكنه ليس في موقع التأثير فيها أو تغييرها، كما تدل الكثير من البيانات.
حرب على البروتوكولات الفنية
وهو وضع، خلافاً لأنه يتسبب بالإحراج السياسي، فهو يشكل ضغطاً على الاستراتيجية الأردنية التي قررت الاشتباك مع قوات العدو في الأجندة المتعلقة بالمسجد الأقصى والحرم المقدسي، خصوصاً أن اقتحامات المستوطنين لم تعد تقف عند حدود الساحات الخارجية أو المحيطة بجوار الحرم المقدسي، لا بل شوهد المستوطنون الخميس يرفعون العلم الإسرائيلي داخل باحات المسجد الأقصى، الأمر الذي يدل على أن حكومة اليمين الإسرائيلي أعلنت الحرب عملياً على البروتوكولات الفنية المتوافق عليها، والتي تحظى بموافقة وإقرار ودعم وإسناد الدول الكبرى والمجتمع الدولي في الماضي، بمعنى إسقاطها وتقويضها، وهو وضع جديد قد يتطلب تصعيداً أردنياً بلغة مختلفة، حيث تحدث القطب البرلماني خليل عطية، عبر «القدس العربي»، عن مقاربة جدية أكثر تتجاوز تكرار عبارات الماضي وتطالب الحكومة بإجراءات على الأرض تعلن خطوات في الرد الدبلوماسي على الأقل، أقلها إغلاق سفارة الكيان في عمان. لكن مثل هذا التصعيد محسوب الآن بدقة وببيكار ضيق تحت عنوان تدوير الزوايا، الأمر الذي يضع احتمالات الصدام السياسي مع الإسرائيليين في أكثر من مستوى، خصوصاً أن ما حصل الخميس يسقط عملياً وواقعياً بروتوكولات ما تسميه عمان بالتهدئة، التي تم الاتفاق عليها مع إدارة الرئيس الأمريكي، ومع القيادتين المصرية والإماراتية. وعمان في الخلاصة هنا عالقة بين احتمالين؛ الأول تصعيدي ومكلف بعد إسقاط التهدئة وينطوي على مجازفات بالجملة، والثاني السماح للضغوط بتغيير وقائع ستؤثر بالضرورة مستقبلاً سلباً على مقتضيات الوصاية بمسارها التاريخي، وهو ما يعتقد أن عمان حتى الآن لا تريد السماح له بالعبور.
'القدس العربي'
عمان جو - بسام البدارين - وضعت حكومة نفتالي بينت الإسرائيلية، مجدداً، الأردن وخطته في الاشتباك وحتى وصايته على المواقع والأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في القدس المحتلة، أمام اختبار وتحدّ جديد هذه المرة، قوامه المساس المباشر وبرعاية قوات الاحتلال الأمنية، بكل التفاهمات والبروتوكولات المتفق عليها بين السلطات الإسرائيلية، وطاقم الأوقاف الأردني الذي يدير الحرم المقدسي والمسجدين الأقصى والقبلي، والساحات المجاورة لقبة الصخرة.
نفتالي بينت «يضغط» مجدداً على «الوصاية» ويسقط «التهدئة»
مجدداً، الأردن وفيما عاهله الملك عبد الله الثاني في الولايات المتحدة الأمريكية ويبدأ في غضون ساعات زيارة رسمية واجتماعات لها علاقة بما سمّاه وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي التهدئة في القدس، يجد نفسه في مواجهة الاستحقاق الاستيطاني الجديد، حيث حسابات نفتالي بينت في الصمود والبقاء تطلبت تمكين عشرات أو مئات المستوطنين صباح أمس الخميس من تحدي الوصاية الأردنية، وحيث سيناريو التصعيد العسكري أيضاً الذي لوحت به كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، وبصيغة تشير إلى أن الحكومة الإسرائيلية اليمينية مستعدة للانقضاض مجدداً ولا تحفل إلا بحساباتها الداخلية عبر الحقائب التي يحملها المستوطنون، لا بل أشرسهم هذه المرة.
الوضع محرج أردنياً
الوضع أردنياً وسياسياً بهذا المعنى محرج مجدداً؛ فما فعلته حكومة بينت صباح الخميس من تمكين الاقتحامات مجدداً وتدنيس ساحات المسجد الأقصى وبمعاونة قوات الأمن والجيش الإسرائيلي يعني تماماً إلقاء كل المحاذير والاتهامات والملاحظات الأردنية في الرف الاحتياطي. والعمل على تصعيد في مواجهة الأردن سياسياً خلافاً طبعاً لمواجهة أهل القدس والشعب الفلسطيني، خصوصاً أن المرابطين في المسجد الأقصى يمكن القول إنهم وحدهم إلى حد بعيد، فيما رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة كان قد ناصرهم بالاسم وعلناً في مواجهة «المتصهينين». وبالتالي، الإحراج السياسي يزيد ويتراكم خصوصاً في الجزء الذي تنتجه أو تسببه للوصاية الأردنية، حيث إجراءات تمس بالأمر الواقع برعاية الخط المتشدد في اليمين الإسرائيلي، الذي وصفه رئيس الوزراء الأردني الدكتور بشر الخصاونة سابقاً بأنه يمين متصهين ويعمل على تدنيس المواقع المخصصة للمسلمين في الحرم المقدسي.
إدانة مباشرة لبينت
وقد ألمح وزير شؤون القدس في السلطة الوطنية الفلسطينية إلى أن ما يجري هو ما يتفق مع اللهجة الأردنية عملياً من تحويل المسجد الأقصى إلى ثكنة عسكرية باعتبارها خطوة تؤدي إلى تغيير الوضع القائم. أغلب التقدير أن الإجراءات الإسرائيلية التي عادت بالرغم من كل الحراك الدبلوماسي الأردني والتحذيرات العربية، بما في ذلك التحذيرات الأمريكية، هي رسالة متشددة من حكومة اليمين الإسرائيلي لا تفلح مؤسسات الأذرع العميقة في دولة كيان الاحتلال في ضبطها أو تحجيمها أو بناء أي تصور حقيقي للتهدئة على أساسها. ولذلك دلالة على الإحراج في هذا السياق، يبدو أن الأردن جدد مطالبته إسرائيل بالكف عن الممارسات والانتهاكات بحق المسجد الأقصى، وفقاً لبيان رسمي صدر عن الخارجية الأردنية بعد ظهر الخميس، وهو بيان استخدم اللغة التي تتحدث عن مطالبة إسرائيل في هذا السياق وليس وجود طريقة محددة لمنعها من تلك الممارسات أو لوقف تلك الانتهاكات. وفي بيان الخارجية الأردنية إدانة مباشرة لقرار حكومة نفتالي بينت السماح للمتطرفين باقتحام الحرم القدس والمسجد الأقصى. والناطق باسم الخارجية الأردنية هيثم أبو الفول، قال بأن هذه الأمكنة التي اقتحمها المستوطنون بحماية قوات الشرطة الإسرائيلية هي عبارة عن أماكن خالصة مخصصة للمسلمين، مذكراً بأن زيارة غير المسلمين لها كان ينبغي أن تحصل بتنظيم مع إدارة أوقاف القدس وشؤون المسجد الأقصى التابعة للأوقاف الأردنية، وبصفتها الجهة القانونية صاحبة الاختصاص الحصري بإدارة جميع شؤون الحرم وتنظيم الدخول إليه. فوق ذلك، طالب ممثل وزارة الخارجية الأردنية، في بيانه، قوة الاحتلال القائمة بالكف عن تلك الممارسات والانتهاكات، واحترام حرمة مواقع العبادة المخصصة للمسلمين، ووقف الإجراءات التي تستهدف تغير الوضع التاريخي والقائم، واحترام سلطة إدارة أوقاف القدس. تعني هذه الصياغة في البيان الأردني بأن إسرائيل لا تحترم السلطة والبروتوكولات التي تمثل طاقم الأوقاف الأردني. ويدل الاستخدام الكلاسيكي لمثل هذه العبارات في بيان الخارجية الأردنية حتى برأي السياسي مروان فاعوري، على حجم هوامش وإمكانية التأثير على أرض الواقع بصورة سلبية، حيث إن الأردن يكرر هذه التحذيرات، لكنه ليس في موقع التأثير فيها أو تغييرها، كما تدل الكثير من البيانات.
حرب على البروتوكولات الفنية
وهو وضع، خلافاً لأنه يتسبب بالإحراج السياسي، فهو يشكل ضغطاً على الاستراتيجية الأردنية التي قررت الاشتباك مع قوات العدو في الأجندة المتعلقة بالمسجد الأقصى والحرم المقدسي، خصوصاً أن اقتحامات المستوطنين لم تعد تقف عند حدود الساحات الخارجية أو المحيطة بجوار الحرم المقدسي، لا بل شوهد المستوطنون الخميس يرفعون العلم الإسرائيلي داخل باحات المسجد الأقصى، الأمر الذي يدل على أن حكومة اليمين الإسرائيلي أعلنت الحرب عملياً على البروتوكولات الفنية المتوافق عليها، والتي تحظى بموافقة وإقرار ودعم وإسناد الدول الكبرى والمجتمع الدولي في الماضي، بمعنى إسقاطها وتقويضها، وهو وضع جديد قد يتطلب تصعيداً أردنياً بلغة مختلفة، حيث تحدث القطب البرلماني خليل عطية، عبر «القدس العربي»، عن مقاربة جدية أكثر تتجاوز تكرار عبارات الماضي وتطالب الحكومة بإجراءات على الأرض تعلن خطوات في الرد الدبلوماسي على الأقل، أقلها إغلاق سفارة الكيان في عمان. لكن مثل هذا التصعيد محسوب الآن بدقة وببيكار ضيق تحت عنوان تدوير الزوايا، الأمر الذي يضع احتمالات الصدام السياسي مع الإسرائيليين في أكثر من مستوى، خصوصاً أن ما حصل الخميس يسقط عملياً وواقعياً بروتوكولات ما تسميه عمان بالتهدئة، التي تم الاتفاق عليها مع إدارة الرئيس الأمريكي، ومع القيادتين المصرية والإماراتية. وعمان في الخلاصة هنا عالقة بين احتمالين؛ الأول تصعيدي ومكلف بعد إسقاط التهدئة وينطوي على مجازفات بالجملة، والثاني السماح للضغوط بتغيير وقائع ستؤثر بالضرورة مستقبلاً سلباً على مقتضيات الوصاية بمسارها التاريخي، وهو ما يعتقد أن عمان حتى الآن لا تريد السماح له بالعبور.
التعليقات