عمان جو - بقلم الدكتور محمد أبوعمارة
خرج زكي من المنزل بكامل أناقته وبعد أن تعطر بشكل يشبه الاستحمام بالعطر, وقف أمام المرآه ونظر إلى نفسه بكل فخر, وقال: يا الله، يا رب احفظ جمالي وأناقتي، وأمسك غرته ورفعها للخلف بحركة استعراضية منطلقا من المنزل. كان زكي يشعر بأن جميع من في الشارع ينظرون إليه بإعجاب، كل الفتيات والشباب لا بل حتى كبار السن والأطفال، كيف لا وهو قدوة الأطفال ومثلهم الأعلى بالشياكه والأناقة، سار عبر الشارع بكل ثقة يوزع الإبتسامات هنا وهناك، يملئه الشعور بأن كل المشاة بالطريق هم من معجبيه وينتظرون تلك الابتسامه السحرية منه، التي تغير نهارهم وتسبب لهم كل السعادة.
زكي هو حالة خاصة غريبة لشاب يعيش الحالة النرجسية من حب الذات، لكن المشكلة هي أن زكي لم ينجز أي شيء في حياته، فهو فاشل دراسياً ولم يتجاوز الثانوية العامة إلا من المرة الخامسة، وعندها تعاون كل المراقبون والمشرفون والمراسلون وبائع الدكان أمجد وكنترول الباص سميح على مساعدته ليحصل على (50%) فقط ! وبعدها وبعد جهد جهيد قام والده بتسجيله بكليه المجتمع ليدرس التخصص الوحيد الذي أدخله إياه معدله، ومع ذلك لم ينجح أيضاً إلا بعد أن أعاد جميع المواد تقريباً ولعدة مرات، وعند سؤال زكي عن سبب إخفاقه المتكرر بالدراسة فكان يعلق على الموضوع قائلاً: إن طريقة التقويم يشوبها الخلل فكيف نقوم فرد على اختبار كتابي لا يتجاوز الساعتين؟! ولماذا لا تكون هناك نقاط أخرى يقيم عليها الفرد مثل: الانضباط والأناقة والمشاركة والعمل وأشياء كثيرة، فالاختبارات التي نقدمها ما هي إلا طريقة ظالمة وقاسية لتحديد نجاح الفرد من فشله!!
عند سؤاله عن سبب عدم اكتراثه بالحصول على فرصة عمل كان يجيب: بأن الله قد خلق الإنسان على درجات متفاوتة من الوعي وكل يعمل حسب وعيه والشخص الذكي هو من يضع نفسه بالمكان الصحيح وينتظر الفرصة اللائقة، وبالنسبه لي لم تأت تلك الفرصة بعد؟!
وعند سؤاله عن الشيء الذي ينتظره ويبحث عنه: كان يقول: أنتظر مفاجأة! وإذا قلت لكم ما هي كيف ستكون مفاجأة؟! وأين المفاجأة بالموضوع؟
كان زكي فارع الطول ذو بشرة حنطية وشعر أسود داكن و ناعم، وكانت ثقة زكي بنفسه تزداد يوماً بعد يوم والمتأمل به كان يستعجب! فمن أين له بهذه الثقة ومن أين له كل هذا الثبات بالشخصية مع أن كل تجاربه وماضيه وحتى حاضره لا يحمل إنجازاً واحداً!!
أصبح زكي ولفترة طويلة حديث أهل الحي، البعض ألقى اللوم على عائلته وطريقة تنشئته، واصفينها بأنها تربية اتكالية غير منتجة، فيما مدح البعض شخصيته وتمنى أن يتمتع هو بصفاته.
في إحدى الأيام وأثناء مسيره بالشارع، وقفت إحدى جميلات الحي التي يحاول معظم الشباب الحديث معها والتعرف إليها ونادت عليه: زكي، زكي!! رد يا زكي!!
وهنا كانت ردة فعل زكي غريبة جداً حيث أنه لم يكترث لها ولم يجب طلبها، ولم يكن عنده أدنى الفضول لمعرفة لماذا نادت عليه وماذا كانت تريد؟! ولدى سؤاله عن الموضوع أجاب: وماذا يعنيني بإحتياجات هذه الفتاه! ولو أن فتاة اخرى غير حسناء نادت علي لكنت أجبت طلبها. لكن لو أجبت طلب هذه الفتاة لظن الجميع أنني أسعى للتعرف إليها وهو ما لا أبحث عنه!!
وعندما كرر أحدهم سؤاله عن سبب أناقه؟
فكان يجيب أن الاناقة والوسامه من وجهة نظري ذات زاويتين: احداهما سببها الله عز وجل لأنه هو من يحدد الشكل ولون البشرة والطول وغيرها من التفاصيل، أما الأناقة فهي شيء خاص بالفرد فأنا أتأنق لأجل زكي لأنني أحب أن أرى نفسي جميلاً فقط ليس إلا،
- أو لا تتألق ليقال عنك من البنات أنك كذلك؟!
آخر همي البنات والشباب وآراء الآخرين !
كانت مصاريف زكي التي يأخذها من الراتب التقاعدي لوالده بعد أن توفي تكفيه، لأنه لا يوصف بالمبذر ولابالمقتر. ومع مرور الأيام حاول الكثير من الشباب تقليده وقص نفس قصة شعره ومحاولة ارتداء نفس ألوان ملابسه، فعندما كنت تدخل الحي الذي يسكنه زكي أصبح من الصعب أن تميز من هو زكي الأصلي ومن هم المقلدون!!
لأن زكي انتقل من مرحلة الفكرة إلى مرحلة الظاهرة، وأنا شخصياً وأنا أنتقل من مدينة لأخرى أقابل العديدين ممن يجوز أن نطلق عليهم اسم زكي، شباب أنيق جميل مفتول العضلات مبدع في هذا الجانب واثق من نفسه ولكنه وللأسف لم ينجز شيئاً على أرض الواقع ولم ينجح في معظم المهمات التي أوكلت إليه ومع ذلك تزداد ثقته بنفسه يومياً!!!
وأصبحت ظاهرة زكي تتفاقم يومًا بعد يوم!!
* رئيس جمعية الكتاب الالكترونيين الأردنيين
عمان جو - بقلم الدكتور محمد أبوعمارة
خرج زكي من المنزل بكامل أناقته وبعد أن تعطر بشكل يشبه الاستحمام بالعطر, وقف أمام المرآه ونظر إلى نفسه بكل فخر, وقال: يا الله، يا رب احفظ جمالي وأناقتي، وأمسك غرته ورفعها للخلف بحركة استعراضية منطلقا من المنزل. كان زكي يشعر بأن جميع من في الشارع ينظرون إليه بإعجاب، كل الفتيات والشباب لا بل حتى كبار السن والأطفال، كيف لا وهو قدوة الأطفال ومثلهم الأعلى بالشياكه والأناقة، سار عبر الشارع بكل ثقة يوزع الإبتسامات هنا وهناك، يملئه الشعور بأن كل المشاة بالطريق هم من معجبيه وينتظرون تلك الابتسامه السحرية منه، التي تغير نهارهم وتسبب لهم كل السعادة.
زكي هو حالة خاصة غريبة لشاب يعيش الحالة النرجسية من حب الذات، لكن المشكلة هي أن زكي لم ينجز أي شيء في حياته، فهو فاشل دراسياً ولم يتجاوز الثانوية العامة إلا من المرة الخامسة، وعندها تعاون كل المراقبون والمشرفون والمراسلون وبائع الدكان أمجد وكنترول الباص سميح على مساعدته ليحصل على (50%) فقط ! وبعدها وبعد جهد جهيد قام والده بتسجيله بكليه المجتمع ليدرس التخصص الوحيد الذي أدخله إياه معدله، ومع ذلك لم ينجح أيضاً إلا بعد أن أعاد جميع المواد تقريباً ولعدة مرات، وعند سؤال زكي عن سبب إخفاقه المتكرر بالدراسة فكان يعلق على الموضوع قائلاً: إن طريقة التقويم يشوبها الخلل فكيف نقوم فرد على اختبار كتابي لا يتجاوز الساعتين؟! ولماذا لا تكون هناك نقاط أخرى يقيم عليها الفرد مثل: الانضباط والأناقة والمشاركة والعمل وأشياء كثيرة، فالاختبارات التي نقدمها ما هي إلا طريقة ظالمة وقاسية لتحديد نجاح الفرد من فشله!!
عند سؤاله عن سبب عدم اكتراثه بالحصول على فرصة عمل كان يجيب: بأن الله قد خلق الإنسان على درجات متفاوتة من الوعي وكل يعمل حسب وعيه والشخص الذكي هو من يضع نفسه بالمكان الصحيح وينتظر الفرصة اللائقة، وبالنسبه لي لم تأت تلك الفرصة بعد؟!
وعند سؤاله عن الشيء الذي ينتظره ويبحث عنه: كان يقول: أنتظر مفاجأة! وإذا قلت لكم ما هي كيف ستكون مفاجأة؟! وأين المفاجأة بالموضوع؟
كان زكي فارع الطول ذو بشرة حنطية وشعر أسود داكن و ناعم، وكانت ثقة زكي بنفسه تزداد يوماً بعد يوم والمتأمل به كان يستعجب! فمن أين له بهذه الثقة ومن أين له كل هذا الثبات بالشخصية مع أن كل تجاربه وماضيه وحتى حاضره لا يحمل إنجازاً واحداً!!
أصبح زكي ولفترة طويلة حديث أهل الحي، البعض ألقى اللوم على عائلته وطريقة تنشئته، واصفينها بأنها تربية اتكالية غير منتجة، فيما مدح البعض شخصيته وتمنى أن يتمتع هو بصفاته.
في إحدى الأيام وأثناء مسيره بالشارع، وقفت إحدى جميلات الحي التي يحاول معظم الشباب الحديث معها والتعرف إليها ونادت عليه: زكي، زكي!! رد يا زكي!!
وهنا كانت ردة فعل زكي غريبة جداً حيث أنه لم يكترث لها ولم يجب طلبها، ولم يكن عنده أدنى الفضول لمعرفة لماذا نادت عليه وماذا كانت تريد؟! ولدى سؤاله عن الموضوع أجاب: وماذا يعنيني بإحتياجات هذه الفتاه! ولو أن فتاة اخرى غير حسناء نادت علي لكنت أجبت طلبها. لكن لو أجبت طلب هذه الفتاة لظن الجميع أنني أسعى للتعرف إليها وهو ما لا أبحث عنه!!
وعندما كرر أحدهم سؤاله عن سبب أناقه؟
فكان يجيب أن الاناقة والوسامه من وجهة نظري ذات زاويتين: احداهما سببها الله عز وجل لأنه هو من يحدد الشكل ولون البشرة والطول وغيرها من التفاصيل، أما الأناقة فهي شيء خاص بالفرد فأنا أتأنق لأجل زكي لأنني أحب أن أرى نفسي جميلاً فقط ليس إلا،
- أو لا تتألق ليقال عنك من البنات أنك كذلك؟!
آخر همي البنات والشباب وآراء الآخرين !
كانت مصاريف زكي التي يأخذها من الراتب التقاعدي لوالده بعد أن توفي تكفيه، لأنه لا يوصف بالمبذر ولابالمقتر. ومع مرور الأيام حاول الكثير من الشباب تقليده وقص نفس قصة شعره ومحاولة ارتداء نفس ألوان ملابسه، فعندما كنت تدخل الحي الذي يسكنه زكي أصبح من الصعب أن تميز من هو زكي الأصلي ومن هم المقلدون!!
لأن زكي انتقل من مرحلة الفكرة إلى مرحلة الظاهرة، وأنا شخصياً وأنا أنتقل من مدينة لأخرى أقابل العديدين ممن يجوز أن نطلق عليهم اسم زكي، شباب أنيق جميل مفتول العضلات مبدع في هذا الجانب واثق من نفسه ولكنه وللأسف لم ينجز شيئاً على أرض الواقع ولم ينجح في معظم المهمات التي أوكلت إليه ومع ذلك تزداد ثقته بنفسه يومياً!!!
وأصبحت ظاهرة زكي تتفاقم يومًا بعد يوم!!
* رئيس جمعية الكتاب الالكترونيين الأردنيين
عمان جو - بقلم الدكتور محمد أبوعمارة
خرج زكي من المنزل بكامل أناقته وبعد أن تعطر بشكل يشبه الاستحمام بالعطر, وقف أمام المرآه ونظر إلى نفسه بكل فخر, وقال: يا الله، يا رب احفظ جمالي وأناقتي، وأمسك غرته ورفعها للخلف بحركة استعراضية منطلقا من المنزل. كان زكي يشعر بأن جميع من في الشارع ينظرون إليه بإعجاب، كل الفتيات والشباب لا بل حتى كبار السن والأطفال، كيف لا وهو قدوة الأطفال ومثلهم الأعلى بالشياكه والأناقة، سار عبر الشارع بكل ثقة يوزع الإبتسامات هنا وهناك، يملئه الشعور بأن كل المشاة بالطريق هم من معجبيه وينتظرون تلك الابتسامه السحرية منه، التي تغير نهارهم وتسبب لهم كل السعادة.
زكي هو حالة خاصة غريبة لشاب يعيش الحالة النرجسية من حب الذات، لكن المشكلة هي أن زكي لم ينجز أي شيء في حياته، فهو فاشل دراسياً ولم يتجاوز الثانوية العامة إلا من المرة الخامسة، وعندها تعاون كل المراقبون والمشرفون والمراسلون وبائع الدكان أمجد وكنترول الباص سميح على مساعدته ليحصل على (50%) فقط ! وبعدها وبعد جهد جهيد قام والده بتسجيله بكليه المجتمع ليدرس التخصص الوحيد الذي أدخله إياه معدله، ومع ذلك لم ينجح أيضاً إلا بعد أن أعاد جميع المواد تقريباً ولعدة مرات، وعند سؤال زكي عن سبب إخفاقه المتكرر بالدراسة فكان يعلق على الموضوع قائلاً: إن طريقة التقويم يشوبها الخلل فكيف نقوم فرد على اختبار كتابي لا يتجاوز الساعتين؟! ولماذا لا تكون هناك نقاط أخرى يقيم عليها الفرد مثل: الانضباط والأناقة والمشاركة والعمل وأشياء كثيرة، فالاختبارات التي نقدمها ما هي إلا طريقة ظالمة وقاسية لتحديد نجاح الفرد من فشله!!
عند سؤاله عن سبب عدم اكتراثه بالحصول على فرصة عمل كان يجيب: بأن الله قد خلق الإنسان على درجات متفاوتة من الوعي وكل يعمل حسب وعيه والشخص الذكي هو من يضع نفسه بالمكان الصحيح وينتظر الفرصة اللائقة، وبالنسبه لي لم تأت تلك الفرصة بعد؟!
وعند سؤاله عن الشيء الذي ينتظره ويبحث عنه: كان يقول: أنتظر مفاجأة! وإذا قلت لكم ما هي كيف ستكون مفاجأة؟! وأين المفاجأة بالموضوع؟
كان زكي فارع الطول ذو بشرة حنطية وشعر أسود داكن و ناعم، وكانت ثقة زكي بنفسه تزداد يوماً بعد يوم والمتأمل به كان يستعجب! فمن أين له بهذه الثقة ومن أين له كل هذا الثبات بالشخصية مع أن كل تجاربه وماضيه وحتى حاضره لا يحمل إنجازاً واحداً!!
أصبح زكي ولفترة طويلة حديث أهل الحي، البعض ألقى اللوم على عائلته وطريقة تنشئته، واصفينها بأنها تربية اتكالية غير منتجة، فيما مدح البعض شخصيته وتمنى أن يتمتع هو بصفاته.
في إحدى الأيام وأثناء مسيره بالشارع، وقفت إحدى جميلات الحي التي يحاول معظم الشباب الحديث معها والتعرف إليها ونادت عليه: زكي، زكي!! رد يا زكي!!
وهنا كانت ردة فعل زكي غريبة جداً حيث أنه لم يكترث لها ولم يجب طلبها، ولم يكن عنده أدنى الفضول لمعرفة لماذا نادت عليه وماذا كانت تريد؟! ولدى سؤاله عن الموضوع أجاب: وماذا يعنيني بإحتياجات هذه الفتاه! ولو أن فتاة اخرى غير حسناء نادت علي لكنت أجبت طلبها. لكن لو أجبت طلب هذه الفتاة لظن الجميع أنني أسعى للتعرف إليها وهو ما لا أبحث عنه!!
وعندما كرر أحدهم سؤاله عن سبب أناقه؟
فكان يجيب أن الاناقة والوسامه من وجهة نظري ذات زاويتين: احداهما سببها الله عز وجل لأنه هو من يحدد الشكل ولون البشرة والطول وغيرها من التفاصيل، أما الأناقة فهي شيء خاص بالفرد فأنا أتأنق لأجل زكي لأنني أحب أن أرى نفسي جميلاً فقط ليس إلا،
- أو لا تتألق ليقال عنك من البنات أنك كذلك؟!
آخر همي البنات والشباب وآراء الآخرين !
كانت مصاريف زكي التي يأخذها من الراتب التقاعدي لوالده بعد أن توفي تكفيه، لأنه لا يوصف بالمبذر ولابالمقتر. ومع مرور الأيام حاول الكثير من الشباب تقليده وقص نفس قصة شعره ومحاولة ارتداء نفس ألوان ملابسه، فعندما كنت تدخل الحي الذي يسكنه زكي أصبح من الصعب أن تميز من هو زكي الأصلي ومن هم المقلدون!!
لأن زكي انتقل من مرحلة الفكرة إلى مرحلة الظاهرة، وأنا شخصياً وأنا أنتقل من مدينة لأخرى أقابل العديدين ممن يجوز أن نطلق عليهم اسم زكي، شباب أنيق جميل مفتول العضلات مبدع في هذا الجانب واثق من نفسه ولكنه وللأسف لم ينجز شيئاً على أرض الواقع ولم ينجح في معظم المهمات التي أوكلت إليه ومع ذلك تزداد ثقته بنفسه يومياً!!!
وأصبحت ظاهرة زكي تتفاقم يومًا بعد يوم!!
* رئيس جمعية الكتاب الالكترونيين الأردنيين
التعليقات