عمان جو- بسام البدارين - مسألتان في الملفين الإقليمي والجيوسياسي برزتا بوضوح على هامش البيان الأردني السعودي المشترك الذي أعقب زيارة مهمة قام بها الأمير محمد بن سلمان إلى عمان أمس الأول، وانتهت بالبيان الختامي بحسابات متقاطعة لا يمكن تجاهلها أو إنكار أهميتها.
تضمن بحث «الوصاية والنووي والإبراهيميات»
المسألة الأولى، تجاوز واضح في صيغة البيان المشترك لأي مخاوف أردنية لها علاقة بالوصاية الهاشمية على أوقاف القدس والمسجد الأقصى تحديداً، حيث نص مباشر يناسب التفاصيل التي تنشدها بالعادة عمان من كل الدول الشقيقة والصديقة والإسلامية تحديداً في الجزء المتعلق بوصايتها الهاشمية، ومبايعة سعودية واضحة الملامح تؤكد على دعم السعودية الشقيقة للوصاية الهاشمية الأردنية على أوقاف القدس والمسجد الأقصى. وهي مسألة كانت عمان تحتاجها بشدة طول الوقت، لا بل كانت تشكل ثغرة يتسرب منها طرف ثالث لافتراض سيناريو هنا أو هناك.
قفزة سياسية
المسألة الثانية، هي تلك المختصة حصراً بالملف النووي الإيراني. ويبدو أن العبارات في بيان القمة الأردنية – السعودية المشتركة هنا تحديداً اختيرت بعناية أيضاً، لأنها لا تشكل مساراً له علاقة بالعلاقات الثنائية، لا بل تشكل مساراً له علاقة بالرؤية المشتركة للملف الإيراني تحديداً، حيث عبارات واضحة يقف فيها الأردن مع المملكة العربية السعودية، أو يقفان معاً في ظل موقع وموقف سياسي يحذر من استرسال إيران في مشروعها النووي، لكن مع عبارة موازية تحاول الربط بين هذا الموقف في المشروع الإيراني، والدعوة إلى خلو منطقة الشرق الأوسط برمتها من الأسلحة النووية، الأمر الذي ينسجم تماماً مع العبارات الكلاسيكية تجاه الملف النووي من جهة الأردن بالعادة. وفي المسألتين قفزة سياسية في العلاقات الأردنية السعودية لا تتجاوز فقط المخاوف المتعلقة بموقف الرياض من الوصاية الهاشمية الأردنية في القدس أو بالمشهد المتعلق بما سمي العام الماضي بالفتنة، لكنها تذهب إلى آفاق مختلفة في بناء جسور الثقة والعلاقات الثنائية، حيث انسجام سياسي بموجب الكتابة الحذرة جداً والتفصيلية للبيان السياسي المشترك ومن الجانبين بمواقف شبه متطابقة إلى حد بعيد وبلهجة تقصدت هذا التطابق، لأن عمان حرصت في المفاوضات والمشاورات المتعلقة بكتابة صيغة البيان الختامي للقمة الأردنية السعودية على وضوح العبارة التي تتحدث عن موقف السعودية من الوصاية الهاشمية.
وعمان حرصت أيضاً، وقد تجاوب السعوديون باندفاع فاجأ حتى بعض المستشارين والمساعدين الأردنيين على صياغة للبيان الختامي مرتبطة بملف الأسلحة النووية في المنطقة، وهي عبارة مناكفة حصرياً لإسرائيل كان وزير الخارجية الأردني أيمن صفدي يستخدمها بالعادة كلما حذر من النووي الإيراني وتأثيره على علاقات الجوار بين الدول العربية وإيران. وظهرت جملة واضحة تشير إلى الصيغة التي كان يعتبرها رئيس الوزراء الأردني الدكتور بشر الخصاونة، بمثابة السطر الأساسي في لغة المصالح والتقارب بين الرياض وعمان، وهي تلك العبارة المتعلقة بالأمن الموحد بين البلدين، فحتى أثناء حالة انكفاء العلاقات السياسية بين عمان والرياض كان الأردن حريصاً طوال الوقت على القول بأن أمن السعودية من أمن الأردن، وهذا يعني الذهاب مجدداً إلى مربع التنسيق الأمني بين البلدين، حيث الغرفة الأمنية تأثرت طوال الأعوام الماضية بوضوح ببعض الخلافات السياسية التي بدأت من ملف اليمن وانتهت بالجزء المتعلق برد السعوديين على تفاعلات ما سمي بالسلام الإبراهيمي. في مسألة الوصاية الهاشمية ثم في مسألة الملف الإيراني مواقف متشابهة تماماً.
تطابق غير مسبوق
لكن الأهم أن التطابق وصل إلى مستويات غير مسبوقة في لغة البيان الختامي على العديد من القضايا، الأمر الذي يوحي ضمناً بأن المسألة لا تتعلق بتجاوز الخلافات فقط، لكن بالذهاب إلى نطاق استراتيجي أيضاً، وهو أمر لا يمكن عزله بكل الأحوال لا عن سياق الزيارة المهمة التي سيقوم بها الرئيس الأمريكي للمنطقة ولا عن سياق التأسيس لزاوية مشتركة في المصالح الأردنية السعودية في ظل التطورات الحادة التي تشهدها المنطقة أو يمكن أن تشهدها في القريب العاجل، خصوصاً أن زيارة بن سلمان سبقها العديد من الخطوات التقاربية. بين تلك الخطوات التي حرصت عليها عمان، الاستجابة لطلب السعودية إعارتها كمية من القمح والحرص على منح السعوديين من المخزون الأردني بعد حصول خلل في مخزون الشقيق السعودي، وهي خطوات فسرت خلف الستارة والكواليس على أنها تنسجم مع احتكام البلدين في المصالح إلى الجوار الجغرافي، لا بل تنتمي إلى عائلة إدارة الأمور كما كانت تحصل لعقود في الماضي.
وخلافاً لذلك، وافقت وزارة النقل الأردنية على العرض السعودي لإقامة سكة حديد كبيرة سيكون لها تاثير اقتصادي وبنيوي، والأهم سياسي على مستوى الإقليم لاحقاً، وتربط ما بين مدينة العقبة في الجنوب ومدينة عمان وسط المملكة الأردنية الهاشمية. كما صدرت أوراق الترخيص لجامعة طبية كبرى يريد مستثمرون سعوديون إقامتها في الأردن، وكل تلك المشاريع تؤطر تقارباً سياسياً متسارعاً جداً حصل خلال الأيام القليلة الماضية. لكن الأهم بأن النظرة باتت شبه متطابقة إزاء العديد من ملفات المنطقة. والعبارات التي وردت في البيان الختامي للقاء بخصوص القضية الفلسطينية تحديداً، وهو أكثر مفصل يهم الأردنيين، التزمت بكلاسيكيات الماضي أو عادت إليها، لأن تلك الكلاسيكيات في التعاون والتضامن العربي مع حقوق الشعب الفلسطيني كانت طوال الوقت قد تاثرت سلباً، برأي غرفة القرار الأردنية بالسلام الإبراهيمي وبالتطبيع العربي، والخليجي تحديداً، المتسارع الذي وقفت السعودية حتى الآن في مسافة بعيدة عنه، وهو اتجاه اعتبر وسط الأردنيين بمثابة مساس كبير بمصالحهم. العلاقات اليوم أفضل بكثير من ما كانت، والرؤية في المسائل الإقليمية تبدو منسجمة وفي بعض التفاصيل متطابقة، لكن الحدث الإقليمي القادم اقتضى مثل هذا التقارب، وإن كان حتى اللحظة مجهولاً، فالأردن لديه مصالح واحتياجات أساسية مع الشقيق السعودي، والسعودية اليوم تفتح يدها للشقيق الأردني، لكن مثل هذه المصالحات والمصافحات لا بل تبادل العناق والأوسمة والمجاملات لا تعني إلا أن القادم إقليميا كبير وكبير جداً، وإن كان حتى الآن في سياق مجهول وغامض.
«القدس العربي»
عمان جو- بسام البدارين - مسألتان في الملفين الإقليمي والجيوسياسي برزتا بوضوح على هامش البيان الأردني السعودي المشترك الذي أعقب زيارة مهمة قام بها الأمير محمد بن سلمان إلى عمان أمس الأول، وانتهت بالبيان الختامي بحسابات متقاطعة لا يمكن تجاهلها أو إنكار أهميتها.
تضمن بحث «الوصاية والنووي والإبراهيميات»
المسألة الأولى، تجاوز واضح في صيغة البيان المشترك لأي مخاوف أردنية لها علاقة بالوصاية الهاشمية على أوقاف القدس والمسجد الأقصى تحديداً، حيث نص مباشر يناسب التفاصيل التي تنشدها بالعادة عمان من كل الدول الشقيقة والصديقة والإسلامية تحديداً في الجزء المتعلق بوصايتها الهاشمية، ومبايعة سعودية واضحة الملامح تؤكد على دعم السعودية الشقيقة للوصاية الهاشمية الأردنية على أوقاف القدس والمسجد الأقصى. وهي مسألة كانت عمان تحتاجها بشدة طول الوقت، لا بل كانت تشكل ثغرة يتسرب منها طرف ثالث لافتراض سيناريو هنا أو هناك.
قفزة سياسية
المسألة الثانية، هي تلك المختصة حصراً بالملف النووي الإيراني. ويبدو أن العبارات في بيان القمة الأردنية – السعودية المشتركة هنا تحديداً اختيرت بعناية أيضاً، لأنها لا تشكل مساراً له علاقة بالعلاقات الثنائية، لا بل تشكل مساراً له علاقة بالرؤية المشتركة للملف الإيراني تحديداً، حيث عبارات واضحة يقف فيها الأردن مع المملكة العربية السعودية، أو يقفان معاً في ظل موقع وموقف سياسي يحذر من استرسال إيران في مشروعها النووي، لكن مع عبارة موازية تحاول الربط بين هذا الموقف في المشروع الإيراني، والدعوة إلى خلو منطقة الشرق الأوسط برمتها من الأسلحة النووية، الأمر الذي ينسجم تماماً مع العبارات الكلاسيكية تجاه الملف النووي من جهة الأردن بالعادة. وفي المسألتين قفزة سياسية في العلاقات الأردنية السعودية لا تتجاوز فقط المخاوف المتعلقة بموقف الرياض من الوصاية الهاشمية الأردنية في القدس أو بالمشهد المتعلق بما سمي العام الماضي بالفتنة، لكنها تذهب إلى آفاق مختلفة في بناء جسور الثقة والعلاقات الثنائية، حيث انسجام سياسي بموجب الكتابة الحذرة جداً والتفصيلية للبيان السياسي المشترك ومن الجانبين بمواقف شبه متطابقة إلى حد بعيد وبلهجة تقصدت هذا التطابق، لأن عمان حرصت في المفاوضات والمشاورات المتعلقة بكتابة صيغة البيان الختامي للقمة الأردنية السعودية على وضوح العبارة التي تتحدث عن موقف السعودية من الوصاية الهاشمية.
وعمان حرصت أيضاً، وقد تجاوب السعوديون باندفاع فاجأ حتى بعض المستشارين والمساعدين الأردنيين على صياغة للبيان الختامي مرتبطة بملف الأسلحة النووية في المنطقة، وهي عبارة مناكفة حصرياً لإسرائيل كان وزير الخارجية الأردني أيمن صفدي يستخدمها بالعادة كلما حذر من النووي الإيراني وتأثيره على علاقات الجوار بين الدول العربية وإيران. وظهرت جملة واضحة تشير إلى الصيغة التي كان يعتبرها رئيس الوزراء الأردني الدكتور بشر الخصاونة، بمثابة السطر الأساسي في لغة المصالح والتقارب بين الرياض وعمان، وهي تلك العبارة المتعلقة بالأمن الموحد بين البلدين، فحتى أثناء حالة انكفاء العلاقات السياسية بين عمان والرياض كان الأردن حريصاً طوال الوقت على القول بأن أمن السعودية من أمن الأردن، وهذا يعني الذهاب مجدداً إلى مربع التنسيق الأمني بين البلدين، حيث الغرفة الأمنية تأثرت طوال الأعوام الماضية بوضوح ببعض الخلافات السياسية التي بدأت من ملف اليمن وانتهت بالجزء المتعلق برد السعوديين على تفاعلات ما سمي بالسلام الإبراهيمي. في مسألة الوصاية الهاشمية ثم في مسألة الملف الإيراني مواقف متشابهة تماماً.
تطابق غير مسبوق
لكن الأهم أن التطابق وصل إلى مستويات غير مسبوقة في لغة البيان الختامي على العديد من القضايا، الأمر الذي يوحي ضمناً بأن المسألة لا تتعلق بتجاوز الخلافات فقط، لكن بالذهاب إلى نطاق استراتيجي أيضاً، وهو أمر لا يمكن عزله بكل الأحوال لا عن سياق الزيارة المهمة التي سيقوم بها الرئيس الأمريكي للمنطقة ولا عن سياق التأسيس لزاوية مشتركة في المصالح الأردنية السعودية في ظل التطورات الحادة التي تشهدها المنطقة أو يمكن أن تشهدها في القريب العاجل، خصوصاً أن زيارة بن سلمان سبقها العديد من الخطوات التقاربية. بين تلك الخطوات التي حرصت عليها عمان، الاستجابة لطلب السعودية إعارتها كمية من القمح والحرص على منح السعوديين من المخزون الأردني بعد حصول خلل في مخزون الشقيق السعودي، وهي خطوات فسرت خلف الستارة والكواليس على أنها تنسجم مع احتكام البلدين في المصالح إلى الجوار الجغرافي، لا بل تنتمي إلى عائلة إدارة الأمور كما كانت تحصل لعقود في الماضي.
وخلافاً لذلك، وافقت وزارة النقل الأردنية على العرض السعودي لإقامة سكة حديد كبيرة سيكون لها تاثير اقتصادي وبنيوي، والأهم سياسي على مستوى الإقليم لاحقاً، وتربط ما بين مدينة العقبة في الجنوب ومدينة عمان وسط المملكة الأردنية الهاشمية. كما صدرت أوراق الترخيص لجامعة طبية كبرى يريد مستثمرون سعوديون إقامتها في الأردن، وكل تلك المشاريع تؤطر تقارباً سياسياً متسارعاً جداً حصل خلال الأيام القليلة الماضية. لكن الأهم بأن النظرة باتت شبه متطابقة إزاء العديد من ملفات المنطقة. والعبارات التي وردت في البيان الختامي للقاء بخصوص القضية الفلسطينية تحديداً، وهو أكثر مفصل يهم الأردنيين، التزمت بكلاسيكيات الماضي أو عادت إليها، لأن تلك الكلاسيكيات في التعاون والتضامن العربي مع حقوق الشعب الفلسطيني كانت طوال الوقت قد تاثرت سلباً، برأي غرفة القرار الأردنية بالسلام الإبراهيمي وبالتطبيع العربي، والخليجي تحديداً، المتسارع الذي وقفت السعودية حتى الآن في مسافة بعيدة عنه، وهو اتجاه اعتبر وسط الأردنيين بمثابة مساس كبير بمصالحهم. العلاقات اليوم أفضل بكثير من ما كانت، والرؤية في المسائل الإقليمية تبدو منسجمة وفي بعض التفاصيل متطابقة، لكن الحدث الإقليمي القادم اقتضى مثل هذا التقارب، وإن كان حتى اللحظة مجهولاً، فالأردن لديه مصالح واحتياجات أساسية مع الشقيق السعودي، والسعودية اليوم تفتح يدها للشقيق الأردني، لكن مثل هذه المصالحات والمصافحات لا بل تبادل العناق والأوسمة والمجاملات لا تعني إلا أن القادم إقليميا كبير وكبير جداً، وإن كان حتى الآن في سياق مجهول وغامض.
«القدس العربي»
عمان جو- بسام البدارين - مسألتان في الملفين الإقليمي والجيوسياسي برزتا بوضوح على هامش البيان الأردني السعودي المشترك الذي أعقب زيارة مهمة قام بها الأمير محمد بن سلمان إلى عمان أمس الأول، وانتهت بالبيان الختامي بحسابات متقاطعة لا يمكن تجاهلها أو إنكار أهميتها.
تضمن بحث «الوصاية والنووي والإبراهيميات»
المسألة الأولى، تجاوز واضح في صيغة البيان المشترك لأي مخاوف أردنية لها علاقة بالوصاية الهاشمية على أوقاف القدس والمسجد الأقصى تحديداً، حيث نص مباشر يناسب التفاصيل التي تنشدها بالعادة عمان من كل الدول الشقيقة والصديقة والإسلامية تحديداً في الجزء المتعلق بوصايتها الهاشمية، ومبايعة سعودية واضحة الملامح تؤكد على دعم السعودية الشقيقة للوصاية الهاشمية الأردنية على أوقاف القدس والمسجد الأقصى. وهي مسألة كانت عمان تحتاجها بشدة طول الوقت، لا بل كانت تشكل ثغرة يتسرب منها طرف ثالث لافتراض سيناريو هنا أو هناك.
قفزة سياسية
المسألة الثانية، هي تلك المختصة حصراً بالملف النووي الإيراني. ويبدو أن العبارات في بيان القمة الأردنية – السعودية المشتركة هنا تحديداً اختيرت بعناية أيضاً، لأنها لا تشكل مساراً له علاقة بالعلاقات الثنائية، لا بل تشكل مساراً له علاقة بالرؤية المشتركة للملف الإيراني تحديداً، حيث عبارات واضحة يقف فيها الأردن مع المملكة العربية السعودية، أو يقفان معاً في ظل موقع وموقف سياسي يحذر من استرسال إيران في مشروعها النووي، لكن مع عبارة موازية تحاول الربط بين هذا الموقف في المشروع الإيراني، والدعوة إلى خلو منطقة الشرق الأوسط برمتها من الأسلحة النووية، الأمر الذي ينسجم تماماً مع العبارات الكلاسيكية تجاه الملف النووي من جهة الأردن بالعادة. وفي المسألتين قفزة سياسية في العلاقات الأردنية السعودية لا تتجاوز فقط المخاوف المتعلقة بموقف الرياض من الوصاية الهاشمية الأردنية في القدس أو بالمشهد المتعلق بما سمي العام الماضي بالفتنة، لكنها تذهب إلى آفاق مختلفة في بناء جسور الثقة والعلاقات الثنائية، حيث انسجام سياسي بموجب الكتابة الحذرة جداً والتفصيلية للبيان السياسي المشترك ومن الجانبين بمواقف شبه متطابقة إلى حد بعيد وبلهجة تقصدت هذا التطابق، لأن عمان حرصت في المفاوضات والمشاورات المتعلقة بكتابة صيغة البيان الختامي للقمة الأردنية السعودية على وضوح العبارة التي تتحدث عن موقف السعودية من الوصاية الهاشمية.
وعمان حرصت أيضاً، وقد تجاوب السعوديون باندفاع فاجأ حتى بعض المستشارين والمساعدين الأردنيين على صياغة للبيان الختامي مرتبطة بملف الأسلحة النووية في المنطقة، وهي عبارة مناكفة حصرياً لإسرائيل كان وزير الخارجية الأردني أيمن صفدي يستخدمها بالعادة كلما حذر من النووي الإيراني وتأثيره على علاقات الجوار بين الدول العربية وإيران. وظهرت جملة واضحة تشير إلى الصيغة التي كان يعتبرها رئيس الوزراء الأردني الدكتور بشر الخصاونة، بمثابة السطر الأساسي في لغة المصالح والتقارب بين الرياض وعمان، وهي تلك العبارة المتعلقة بالأمن الموحد بين البلدين، فحتى أثناء حالة انكفاء العلاقات السياسية بين عمان والرياض كان الأردن حريصاً طوال الوقت على القول بأن أمن السعودية من أمن الأردن، وهذا يعني الذهاب مجدداً إلى مربع التنسيق الأمني بين البلدين، حيث الغرفة الأمنية تأثرت طوال الأعوام الماضية بوضوح ببعض الخلافات السياسية التي بدأت من ملف اليمن وانتهت بالجزء المتعلق برد السعوديين على تفاعلات ما سمي بالسلام الإبراهيمي. في مسألة الوصاية الهاشمية ثم في مسألة الملف الإيراني مواقف متشابهة تماماً.
تطابق غير مسبوق
لكن الأهم أن التطابق وصل إلى مستويات غير مسبوقة في لغة البيان الختامي على العديد من القضايا، الأمر الذي يوحي ضمناً بأن المسألة لا تتعلق بتجاوز الخلافات فقط، لكن بالذهاب إلى نطاق استراتيجي أيضاً، وهو أمر لا يمكن عزله بكل الأحوال لا عن سياق الزيارة المهمة التي سيقوم بها الرئيس الأمريكي للمنطقة ولا عن سياق التأسيس لزاوية مشتركة في المصالح الأردنية السعودية في ظل التطورات الحادة التي تشهدها المنطقة أو يمكن أن تشهدها في القريب العاجل، خصوصاً أن زيارة بن سلمان سبقها العديد من الخطوات التقاربية. بين تلك الخطوات التي حرصت عليها عمان، الاستجابة لطلب السعودية إعارتها كمية من القمح والحرص على منح السعوديين من المخزون الأردني بعد حصول خلل في مخزون الشقيق السعودي، وهي خطوات فسرت خلف الستارة والكواليس على أنها تنسجم مع احتكام البلدين في المصالح إلى الجوار الجغرافي، لا بل تنتمي إلى عائلة إدارة الأمور كما كانت تحصل لعقود في الماضي.
وخلافاً لذلك، وافقت وزارة النقل الأردنية على العرض السعودي لإقامة سكة حديد كبيرة سيكون لها تاثير اقتصادي وبنيوي، والأهم سياسي على مستوى الإقليم لاحقاً، وتربط ما بين مدينة العقبة في الجنوب ومدينة عمان وسط المملكة الأردنية الهاشمية. كما صدرت أوراق الترخيص لجامعة طبية كبرى يريد مستثمرون سعوديون إقامتها في الأردن، وكل تلك المشاريع تؤطر تقارباً سياسياً متسارعاً جداً حصل خلال الأيام القليلة الماضية. لكن الأهم بأن النظرة باتت شبه متطابقة إزاء العديد من ملفات المنطقة. والعبارات التي وردت في البيان الختامي للقاء بخصوص القضية الفلسطينية تحديداً، وهو أكثر مفصل يهم الأردنيين، التزمت بكلاسيكيات الماضي أو عادت إليها، لأن تلك الكلاسيكيات في التعاون والتضامن العربي مع حقوق الشعب الفلسطيني كانت طوال الوقت قد تاثرت سلباً، برأي غرفة القرار الأردنية بالسلام الإبراهيمي وبالتطبيع العربي، والخليجي تحديداً، المتسارع الذي وقفت السعودية حتى الآن في مسافة بعيدة عنه، وهو اتجاه اعتبر وسط الأردنيين بمثابة مساس كبير بمصالحهم. العلاقات اليوم أفضل بكثير من ما كانت، والرؤية في المسائل الإقليمية تبدو منسجمة وفي بعض التفاصيل متطابقة، لكن الحدث الإقليمي القادم اقتضى مثل هذا التقارب، وإن كان حتى اللحظة مجهولاً، فالأردن لديه مصالح واحتياجات أساسية مع الشقيق السعودي، والسعودية اليوم تفتح يدها للشقيق الأردني، لكن مثل هذه المصالحات والمصافحات لا بل تبادل العناق والأوسمة والمجاملات لا تعني إلا أن القادم إقليميا كبير وكبير جداً، وإن كان حتى الآن في سياق مجهول وغامض.
«القدس العربي»
التعليقات
البيان السعودي – الأردني بعد استقبال بن سلمان عبارات «اختيرت بدقة» وتعني الكثير سياسياً
التعليقات