لقد كان سجناً غريباً جداً، سجنٌ اختياري، وماذا أقصد باختياري، سيتم إيضاحه من خلال سياق الحديث اللاحق... هكذا وبدون سابق إنذار وجدت نفسي في سجن، محبوسٌ دون أن أعرف ما هي جريمتي.. والغريب بالموضوع أن مأمور السجن خيّرني في المكان الذي أريد أن أسجن فيه ومع من أريد أن أسجن في نفس الغرفة فاستعرض الأسماء أمامي كي أختار من يعجبني ميوله وفكره وثقافته وشكله! وبالفعل بدأت بالبحث فوجدت أن المساجين يقسّمون إلى فئات متعددة منهم فئة المثقفين والفنانين والمجرمين والمدمنين والتافهين من كلا الجنسين! نعم لقد كان سجناً مكتظاً وكان مأمور السجن لطيفاً جميلاً على غير المألوف لأننا اعتدنا أن يكون السجان قاسِ الملامح ضخم الجثة صعب التفاهم، لكنّ السجّان هنا كان مختلفاً تماماً، وعندما اجتمع بي قال لي: 'إن هذا السجن لا يوجد على أبوابه حُراس وباستطاعتك المغادرة وقتما تريد.' فسألته: 'وإن هربت!' فقالي لي: 'أهرب إن استطعت! ولكنني أنصحك بعدم المحاولة..' وقفت في حيرة لكلامه الذي يحوي تهديداً مبطناً، ودخلت السجن بعد أن اخترت رفقائي في المهجع وقد اخترت فئة المثقفين الذين بدأوا بالحوارات العميقة والثقافية تارة الفلسفة تارة أخرى، والكل كان يلعب دور البطل المثالي الذي لا تصدر عنه الأخطاء، كان زملائي المساجين لا يكفون عن الحوار، شاركت معهم لأيام طوال إلى أن شعرت بالملل من العالم الوردي الذي يحيا به هؤلاء فذهبت إلى السجان وسألته: سيدي هل بإمكاني تبديل (المهجع) الذي أقطن فيه، فقال لي: في سجني أنت لك كامل الحرية للتنقل أينما شئت دونما أخذ موافقتي تنقل حيثما تريد وحيثما أحببت، إحترت مجدداً وانتقلت إلى غرفة الفن والفنانين والمطربين والراقصين والراقصات والممثلين والممثلات وكم كانوا أيضاً يدّعون البطولة في قصصهم فالكل بطلٌ لا يقهر، وفائز لم يُخلق من ينافسه وهذا صوته الأجمل وتلك رقصتها الإبداع وذلك كلماته الأكثر تأثيراً وهكذا... سارعت بالمغادرة لأنني ضجت من عالمهم الذي لم استطع أن أنتمي له.. وانتقلت إلى (مهجع) الرياضيين، فهذا بطل كرة قدم وذلك بطل كاراتيه وتلك جمباز وذلك كرة تنس وبدأنا بالحديث والحوار والمناكفات الرياضية التي بدأت أيضاً ولم تنتهي وأيضاً هنا الكل بطل الأبطال وفارس الفرسان.. مللت من الوضع المثالي الذي يحيا به هؤلاء المساجين، لم يتحدث أحدهم عن سبب سجنه وكان هذا أغرب ما في الموضوع.. ولذلك اخترت أن أجلس في السجن الانفرادي، وبدأت اتأمل ما حصل معي.. وأفكر في ما تبقى من أيام لسجني غير محدود المده.. وقررت الخروج من السجن أو الهروب من السجن وبالفعل خرجت من باب الزنزانه الإنفرادية وسرت بالممرات الطويلة لأجد نفسي في الشارع دون أي مقاومه من رجال الأمن أو الشرطة! رأيت نور الشمس وسرت بالشوارع وكان ذلك أجمل من روايات الأدباء والمفكرين، واستمعت لأغنية شعبية كانت تصدح من مذياع قديم وضع في إحدى المحال الشعبية الملاصقة للسجن فاستمتعت أكثر من موسيقى الفنانين في المهجع وبدأت بالحديث هنا وهناك مع هذا ومع ذاك، وكان حديثاً عفوياً دون تملق أو كذب أو رياء فالناس هنا عاديون وغير مثاليون يعيشون حياة طبيعية بعيدة عن الكذب والنفاق والمشاعر الكذابه، فالاستمتاع بمباراة رياضية أمتع من مجرد التعليق عليها والاستمتاع بالمناظر الطبيعية أجمل مئة مرة من رسمها أو تصويرها والسعادة النابعة من الداخل ألذ مئة مره من حصاد إعجاب المعجبين والمعجبات كم كنت سعيداً بأنني تحررت من ذلك السجن وأصبحت أعيش حياة عادية جميله بكل تفاصيلها.. صرت أستمتع أكثر بتفاصيل الحياة اليومية، شروق الشمس، بسمه أمي، ضحكات بناتي، بائع الجرائد على الاشارة المرورية، أزمه السير وقت الصباح، الحب المرسوم على عيون الأطفال.. وقررت أن لا أعود لسجني السابق.. لم يكن الأمر سهلاً ولكنني استطعت.. هل عرفتم السجن!! إنه مواقع التواصل الإجتماعي!
*رئيس جمعية الكتاب الالكترونيين الاردنيين
عمان جو - د. محمد أبوعمارة*
لقد كان سجناً غريباً جداً، سجنٌ اختياري، وماذا أقصد باختياري، سيتم إيضاحه من خلال سياق الحديث اللاحق... هكذا وبدون سابق إنذار وجدت نفسي في سجن، محبوسٌ دون أن أعرف ما هي جريمتي.. والغريب بالموضوع أن مأمور السجن خيّرني في المكان الذي أريد أن أسجن فيه ومع من أريد أن أسجن في نفس الغرفة فاستعرض الأسماء أمامي كي أختار من يعجبني ميوله وفكره وثقافته وشكله! وبالفعل بدأت بالبحث فوجدت أن المساجين يقسّمون إلى فئات متعددة منهم فئة المثقفين والفنانين والمجرمين والمدمنين والتافهين من كلا الجنسين! نعم لقد كان سجناً مكتظاً وكان مأمور السجن لطيفاً جميلاً على غير المألوف لأننا اعتدنا أن يكون السجان قاسِ الملامح ضخم الجثة صعب التفاهم، لكنّ السجّان هنا كان مختلفاً تماماً، وعندما اجتمع بي قال لي: 'إن هذا السجن لا يوجد على أبوابه حُراس وباستطاعتك المغادرة وقتما تريد.' فسألته: 'وإن هربت!' فقالي لي: 'أهرب إن استطعت! ولكنني أنصحك بعدم المحاولة..' وقفت في حيرة لكلامه الذي يحوي تهديداً مبطناً، ودخلت السجن بعد أن اخترت رفقائي في المهجع وقد اخترت فئة المثقفين الذين بدأوا بالحوارات العميقة والثقافية تارة الفلسفة تارة أخرى، والكل كان يلعب دور البطل المثالي الذي لا تصدر عنه الأخطاء، كان زملائي المساجين لا يكفون عن الحوار، شاركت معهم لأيام طوال إلى أن شعرت بالملل من العالم الوردي الذي يحيا به هؤلاء فذهبت إلى السجان وسألته: سيدي هل بإمكاني تبديل (المهجع) الذي أقطن فيه، فقال لي: في سجني أنت لك كامل الحرية للتنقل أينما شئت دونما أخذ موافقتي تنقل حيثما تريد وحيثما أحببت، إحترت مجدداً وانتقلت إلى غرفة الفن والفنانين والمطربين والراقصين والراقصات والممثلين والممثلات وكم كانوا أيضاً يدّعون البطولة في قصصهم فالكل بطلٌ لا يقهر، وفائز لم يُخلق من ينافسه وهذا صوته الأجمل وتلك رقصتها الإبداع وذلك كلماته الأكثر تأثيراً وهكذا... سارعت بالمغادرة لأنني ضجت من عالمهم الذي لم استطع أن أنتمي له.. وانتقلت إلى (مهجع) الرياضيين، فهذا بطل كرة قدم وذلك بطل كاراتيه وتلك جمباز وذلك كرة تنس وبدأنا بالحديث والحوار والمناكفات الرياضية التي بدأت أيضاً ولم تنتهي وأيضاً هنا الكل بطل الأبطال وفارس الفرسان.. مللت من الوضع المثالي الذي يحيا به هؤلاء المساجين، لم يتحدث أحدهم عن سبب سجنه وكان هذا أغرب ما في الموضوع.. ولذلك اخترت أن أجلس في السجن الانفرادي، وبدأت اتأمل ما حصل معي.. وأفكر في ما تبقى من أيام لسجني غير محدود المده.. وقررت الخروج من السجن أو الهروب من السجن وبالفعل خرجت من باب الزنزانه الإنفرادية وسرت بالممرات الطويلة لأجد نفسي في الشارع دون أي مقاومه من رجال الأمن أو الشرطة! رأيت نور الشمس وسرت بالشوارع وكان ذلك أجمل من روايات الأدباء والمفكرين، واستمعت لأغنية شعبية كانت تصدح من مذياع قديم وضع في إحدى المحال الشعبية الملاصقة للسجن فاستمتعت أكثر من موسيقى الفنانين في المهجع وبدأت بالحديث هنا وهناك مع هذا ومع ذاك، وكان حديثاً عفوياً دون تملق أو كذب أو رياء فالناس هنا عاديون وغير مثاليون يعيشون حياة طبيعية بعيدة عن الكذب والنفاق والمشاعر الكذابه، فالاستمتاع بمباراة رياضية أمتع من مجرد التعليق عليها والاستمتاع بالمناظر الطبيعية أجمل مئة مرة من رسمها أو تصويرها والسعادة النابعة من الداخل ألذ مئة مره من حصاد إعجاب المعجبين والمعجبات كم كنت سعيداً بأنني تحررت من ذلك السجن وأصبحت أعيش حياة عادية جميله بكل تفاصيلها.. صرت أستمتع أكثر بتفاصيل الحياة اليومية، شروق الشمس، بسمه أمي، ضحكات بناتي، بائع الجرائد على الاشارة المرورية، أزمه السير وقت الصباح، الحب المرسوم على عيون الأطفال.. وقررت أن لا أعود لسجني السابق.. لم يكن الأمر سهلاً ولكنني استطعت.. هل عرفتم السجن!! إنه مواقع التواصل الإجتماعي!
*رئيس جمعية الكتاب الالكترونيين الاردنيين
عمان جو - د. محمد أبوعمارة*
لقد كان سجناً غريباً جداً، سجنٌ اختياري، وماذا أقصد باختياري، سيتم إيضاحه من خلال سياق الحديث اللاحق... هكذا وبدون سابق إنذار وجدت نفسي في سجن، محبوسٌ دون أن أعرف ما هي جريمتي.. والغريب بالموضوع أن مأمور السجن خيّرني في المكان الذي أريد أن أسجن فيه ومع من أريد أن أسجن في نفس الغرفة فاستعرض الأسماء أمامي كي أختار من يعجبني ميوله وفكره وثقافته وشكله! وبالفعل بدأت بالبحث فوجدت أن المساجين يقسّمون إلى فئات متعددة منهم فئة المثقفين والفنانين والمجرمين والمدمنين والتافهين من كلا الجنسين! نعم لقد كان سجناً مكتظاً وكان مأمور السجن لطيفاً جميلاً على غير المألوف لأننا اعتدنا أن يكون السجان قاسِ الملامح ضخم الجثة صعب التفاهم، لكنّ السجّان هنا كان مختلفاً تماماً، وعندما اجتمع بي قال لي: 'إن هذا السجن لا يوجد على أبوابه حُراس وباستطاعتك المغادرة وقتما تريد.' فسألته: 'وإن هربت!' فقالي لي: 'أهرب إن استطعت! ولكنني أنصحك بعدم المحاولة..' وقفت في حيرة لكلامه الذي يحوي تهديداً مبطناً، ودخلت السجن بعد أن اخترت رفقائي في المهجع وقد اخترت فئة المثقفين الذين بدأوا بالحوارات العميقة والثقافية تارة الفلسفة تارة أخرى، والكل كان يلعب دور البطل المثالي الذي لا تصدر عنه الأخطاء، كان زملائي المساجين لا يكفون عن الحوار، شاركت معهم لأيام طوال إلى أن شعرت بالملل من العالم الوردي الذي يحيا به هؤلاء فذهبت إلى السجان وسألته: سيدي هل بإمكاني تبديل (المهجع) الذي أقطن فيه، فقال لي: في سجني أنت لك كامل الحرية للتنقل أينما شئت دونما أخذ موافقتي تنقل حيثما تريد وحيثما أحببت، إحترت مجدداً وانتقلت إلى غرفة الفن والفنانين والمطربين والراقصين والراقصات والممثلين والممثلات وكم كانوا أيضاً يدّعون البطولة في قصصهم فالكل بطلٌ لا يقهر، وفائز لم يُخلق من ينافسه وهذا صوته الأجمل وتلك رقصتها الإبداع وذلك كلماته الأكثر تأثيراً وهكذا... سارعت بالمغادرة لأنني ضجت من عالمهم الذي لم استطع أن أنتمي له.. وانتقلت إلى (مهجع) الرياضيين، فهذا بطل كرة قدم وذلك بطل كاراتيه وتلك جمباز وذلك كرة تنس وبدأنا بالحديث والحوار والمناكفات الرياضية التي بدأت أيضاً ولم تنتهي وأيضاً هنا الكل بطل الأبطال وفارس الفرسان.. مللت من الوضع المثالي الذي يحيا به هؤلاء المساجين، لم يتحدث أحدهم عن سبب سجنه وكان هذا أغرب ما في الموضوع.. ولذلك اخترت أن أجلس في السجن الانفرادي، وبدأت اتأمل ما حصل معي.. وأفكر في ما تبقى من أيام لسجني غير محدود المده.. وقررت الخروج من السجن أو الهروب من السجن وبالفعل خرجت من باب الزنزانه الإنفرادية وسرت بالممرات الطويلة لأجد نفسي في الشارع دون أي مقاومه من رجال الأمن أو الشرطة! رأيت نور الشمس وسرت بالشوارع وكان ذلك أجمل من روايات الأدباء والمفكرين، واستمعت لأغنية شعبية كانت تصدح من مذياع قديم وضع في إحدى المحال الشعبية الملاصقة للسجن فاستمتعت أكثر من موسيقى الفنانين في المهجع وبدأت بالحديث هنا وهناك مع هذا ومع ذاك، وكان حديثاً عفوياً دون تملق أو كذب أو رياء فالناس هنا عاديون وغير مثاليون يعيشون حياة طبيعية بعيدة عن الكذب والنفاق والمشاعر الكذابه، فالاستمتاع بمباراة رياضية أمتع من مجرد التعليق عليها والاستمتاع بالمناظر الطبيعية أجمل مئة مرة من رسمها أو تصويرها والسعادة النابعة من الداخل ألذ مئة مره من حصاد إعجاب المعجبين والمعجبات كم كنت سعيداً بأنني تحررت من ذلك السجن وأصبحت أعيش حياة عادية جميله بكل تفاصيلها.. صرت أستمتع أكثر بتفاصيل الحياة اليومية، شروق الشمس، بسمه أمي، ضحكات بناتي، بائع الجرائد على الاشارة المرورية، أزمه السير وقت الصباح، الحب المرسوم على عيون الأطفال.. وقررت أن لا أعود لسجني السابق.. لم يكن الأمر سهلاً ولكنني استطعت.. هل عرفتم السجن!! إنه مواقع التواصل الإجتماعي!
التعليقات